٣٤

سورة سبأ

مكية عددها أربع وخمسون آية كوفية

١

سبأ : ١ الحمد للّه الذي . . . . .

 الحمد للّه وذلك أن كفار مكة لما كفروا بالبعث ، حمد الرب نفسه ، قال عز وجل الحمد للّه الذي له ما في السماوات وما في الأرض من الخلق وله الحمد في الآخرة يعني يحمده أولياؤه في الآخرة إذا دخلوا الجنة ، ف  الحمد للّه الذي صدقنا وعده [ الزمر : ٧٤ ] ، و الحمد للّه الذي هدانا لهذا [ الأعراف : ٤٣ ] ، وهو الحكيم حكم البعث الخبير [ آية : ١ ] به .

٢

سبأ : ٢ يعلم ما يلج . . . . .

 يعلم ما يلج في الأرض من المطر وما يخرج منها من النبات وما ينزل من السماء من المطر وما يعرج فيها يعني وما يصعد في السماء من الملائكة وهو الرحيم حين لا يعجل عليهم بالعذاب الغفور [ آية : ٢ ] .

٣

سبأ : ٣ وقال الذين كفروا . . . . .

 وقال الذين كفروا أبو سفيان لكفار مكة واللات والعزى لا تأتينا الساعة أبداً ، فلما حلف أبو سفيان بالأصنام حلف النبي صلى اللّه عليه وسلم باللّه عز وجل ، فقال اللّه عز وجل :

 قل يا محمد بلى وربي لتأتينكم الساعة علم الغيب غيب الساعة لا يعزب عنه من مثقال ذرة وزن أصغر النمل في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أقل من ذلك المثقال ولا أكبر منه ولا أعظم من المثقال إلا في كتب مبينٍ [ آية : ٣ ] إلا هو بين في اللوح المحفوظ .

٤

سبأ : ٤ ليجزي الذين آمنوا . . . . .

 ليجزي لكي يجزى في الساعة الذين ءامنوا صدقوا وعملوا

الصلحت بالقسط بالعدل أولئك لهم مغفرة لذنوبهم ورزق كريم

[ آية : ٤ ] حسناً في الجنة .

٥

سبأ : ٥ والذين سعوا في . . . . .

ثم ذكر كفار مكة ، فقال عز وجل : والذين سعو عملوا في ءايتنا يعني القرآن معجزين مثبطين الناس عن الإيمان بالقرآن مثلها في الحج أولئك لهم عذاب من رجز أليم [ آية : ٥ ] نظيرها في الجاثية .

٦

سبأ : ٦ ويرى الذين أوتوا . . . . .

 ويري ويعلم الذين أوتوا العلم باللّه عز وجل ، يعني مؤمني أهل الكتاب

وهي قراءة ابن مسعود ، ويعلم الذين أوتوا الحكمة من قبل الذي أنزل إليك

يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم  من ربك هو الحق يعني القرآن ويهدي إلى صرطٍ ويدعو إلى

دين العزيز في ملكه الحميد [ آية : ٦ ] في خلقه .

٧

سبأ : ٧ وقال الذين كفروا . . . . .

 وقال الذين كفروا بالبعث أبو سفيان ، قال لكفار مكة : هل ندلكم ألا

ندلكم على رجل يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم  ينبئكم يخبركم أنكم إذا مزقتم كل ممزق

يخبركم أنكم إذا تفرقتم في الأرض وذهبت اللحوم والعظام ، وكنتم تراباً إنكم لفي خلق جديد [ آية : ٧ ] يعني البعث بعد الموت .

٨

سبأ : ٨ أفترى على اللّه . . . . .

ثم قال أبو سفيان : افترى محمد صلى اللّه عليه وسلم  على اللّه كذبا حين يزعم أنا نبعث بعد

الموت أم به جنة يقول : أم بمحمد جنون ، فرد اللّه عز وجل عليهم ، فقال : بل الذين لا يؤمنون بالآخرة لا يصدقون بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال هم أكذب وأشد

فرية من محمد صلى اللّه عليه وسلم حين كذبوا بالبعث ، ثم قال جل وعز : هم في العذاب في الآخرة

 والضلل البعيد [ آية : ٨ ] الشقاء الطويل ، نظيرها في آخر اقتربت الساعة .

٩

سبأ : ٩ أفلم يروا إلى . . . . .

ثم خوفهم ، فقال جل وعز : أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم ثم بين ما هو ،

فقال جل وعز : من السماء والأرض إن نشأ نخسف بهم الأرض فتبتلهم أو نسقط عليهم كسفا من السماء يعني جانباً من السماء فنهلكهم بها إن في ذلك لآية

يعني عبرة لكل عبد منيب [ آية : ٩ ] مخلص بالتوحيد .

١٠

سبأ : ١٠ ولقد آتينا داود . . . . .

 ولقد ءاتينا داود أعطينا داود منا فضلا النبوة كقوله عز وجل للنبي صلى اللّه عليه وسلم

في سورة النساء : وكان فضل اللّه عليك عظيما [ النساء : ١١٣ ] ، يعني النبوة

والكتاب ، فذلك قوله عز وجل ولقد ءاتينا داود منا فضلاً النبوة والزبور وما سخر له من الجبل والطير والحديد ثم بين ما أعطاه ، فقال عز وجل : ياجبال أوبى

معه سبحي معه مع داود ، عليه السلام ، يقول : اذكري الرب مع داود ، وهو التسبيح ،

ثم قال عز وجل : و سخرنا له والطير وألنا له الحديد [ آية : ١٠ ] فكان داود ،

عليه السلام ، يضفر الحديد ضفر العجين من غير نار ، فيتخذها دروعاً طوالاً .

١١

سبأ : ١١ أن اعمل سابغات . . . . .

فذلك قوله عز وجل : أن اعمل سابغات الدروع الطوال ، وكانت الدروع قبل

داود إنما هي صفائح الحديد مضروبة ، فكان داود ، عليه السلام ، يشد الدروع بمسامير ما

يقرعها بحديد ولا يدخلها النار ، فيقرع من الدروع في بعض النهار ، وبعض الليل ، بيده

ثمن ألف درهم ، قال لداود : وقدر في السرد يقول : قدر المسامير في الخلق ولا تعظم

المسامير فتنقصم ولا تضفر المسامير فتسلس ، ثم قال اللّه عز وجل لآل داود : وأعملوا

صلحاً يعني قولوا الحمد للّه إني بما تعملون بصير [ آية : ١١ ] .

ثم ذكر ابنه سليمان ، عليهما السلام ، وما أعطاه اللّه عز وجل من الخير والكرامة ،

١٢

سبأ : ١٢ ولسليمان الريح غدوها . . . . .

فقال عز وجل : و سخرنا ولسليمن الريح غدوها شهرٌ يعني مسيرة شهر

فتحملهم الريح من بيت المقدس إلى أصطخر وتروح بهما ذا بلستان ورواحها شهر

يعني مسيرة فتحملهم إلى بيت المقدس لا تحول طيراً من فوقهم ولا ورقة من تحتهم ولا

تثير تراباً ، ثم قال جل وعز : وأرسلنا له عين القطر يعني أخرجنا لسليمان عين الصفر

ثلاثة أيام تجي مجرى الماء بأرض اليمن ومن الجن من يعمل وسخرنا لسليمان من

الجن من يعمل بين يديه بين يدي سليمان بإذن ربه يعني رب سليمان عز

وجل ومن يزغ منهم ومن يعدل منهم عن أمرنا عن أمر سليمان ، عليه السلام ،

 نذقه من عذاب السعير [ آية : ١٢ ] الوقود في الدنيا كان ملك بيده سوط من نار

من يزغ عن أمر سليمان ضربه بسوط من نار فذلك عذاب السعير .

١٣

سبأ : ١٣ يعملون له ما . . . . .

 يعملون له ما يشاء يعني الجن لسليمان من محاريب المساجد وتمثيل

من نحاس ورخام من الأرض المقدسة وأصطخر من غير أن يعبدها أحد ، ثم قال جل

وعز : وجفان كالجواب وقصاع في العظم كحياض الإبل بأرض اليمن من العظم

يجلس على كل قصعة واحد ألف رجل يأكلون منها بين يدي سليمان وقدور

عظام لها قوائم لا تتحرك راسيات ثابتات نتخذ من الجبال والقدور وعين الصفر

بأرض اليمن ، وكان ملك سليمان ما بين مصر وكابل ، ثم قال جل وعز : اعملوا ءال

داود شكراً بما أعطيتهم من الخير ، يقول الرب عز وجل : وقليل من عبادي الشكور

[ آية : ١٣ ] .

١٤

سبأ : ١٤ فلما قضينا عليه . . . . .

 فلما قضينا عليه على سليمان الموت وذلك أن سليمان ، عليه السلام ،

كان دخل في السن وهو في بيت المقدس ما دلهم ما دل الجن على موته على

موت سليمان إلا دابة الأرض يعني الأرضة ، وذلك أن الجن كانوا يخبرون الإنس

أنهم يعملون الغيب الذي يكون في غد فابتلوا بموت سليمان ببت المقدس ، وكان داود

أسس بيت المقدس موضع فسطاط موسى ، عليه السلام ، فمات قبل أن يبنى فبناه سليمان

بالصخر والقار ، فلما حضره الموت قال لأهله : لا تخبروا الجن بموتى حتى يفرغوا من بناء

بيت المقدس ، وكان قد بقي منه عمل سنة ، فلما حضره الموت ، وهو متكئ على عصاه ،

وقد أوصى أن يكتم موته ، وقال : لا تبكوا على سنة لئلا يتفرق الجن عن بناء بيت

المقدس ، ففعلوا ، فلما بنوا سنة وفرغوا من بنائه سلط اللّه عز وجل عليه الأرضة عند رأس

الحول على أسفل عصاه ، فأكلته ، فذلك

قوله : تأكل منسأته أسفل العصا فخر

عند ذلك سليمان ميتاً ، فرأته الجن ، فتفرقت ، فذلك قوله عز وجل : فلما خر

سليمان تبينت الجن يعني تبينت الإنس ان لو كانوا الجن  يعلمون الغيب

يعني غيب موت سليمان ما لبثوا  حولا في العذاب المهين [ آية : ١٤ ] والشقاء

والنصب في بيت المقدس ، وإنما سموا الجن لأنهم استخفوا من الإنس ، فلم يروهم .

١٥

سبأ : ١٥ لقد كان لسبإ . . . . .

 لقد كان لسبأ وهو زجل بن يشخب بن يعرب بن قحطان في مسكنهم

ءايةٌ  ثم قال جنتان  أحدهم عن يمينٍ  الوادي و الأخرى عن وشمالٍ الوادي ، واسم الوادي العرم ، يقول اللّه عز وجل لأهل تلك الجنتين : كلوا

من رزق ربكم الذي في الجنتين واشكروا له للّه فيما رزقكم ، ثم قال : أرض سبأ

 بلدةٌ طيبةٌ بأنها خرجت ثمارها و ربكم إن شكرتم فيما رزقكم ورب

غفورٌ [ آية : ١٥ ] للذنوب كانت المرأة تحمل مكتلاً على رأسها ، فتدخل البستان

فيمتلئ مكتلها من ألوان الفاكهة والثمار من غير أن تمس شيئاً بيدها ، وكان أهل سبأ إذا

أمطروا يأتيهم السيل من مسيرة أيام كثيرة إلى العرم ، فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين

بالصخر والقار ، فاستد زماناً ، وارتفع الماء على حافتي الوادي ، فصار فيهما ألوان الفاكهة

والأعناب فعصوا ربهم ، فلم يشكروه ، فذلك قوله عز وجل :

١٦

سبأ : ١٦ فأعرضوا فأرسلنا عليهم . . . . .

 فأعرضوا عن الحق

 فأرسلنا عليهم سيل العرم والسيل هو الماء ، والعرم اسم الوادي سلط اللّه عز وجل

الفارة على البناء الذي بنو ، وتسمى الخلد ، فنقبت الردم ما بين الجبلين ، فخرج الماء

ويبست جناتهم ، وأبدلهم اللّه عز وجل مكان الفاكهة والأعناب وبدلنهم بجنتيهم جنتين

ذواتي أكلٍ خمطٍ وهو الأراك وأثلٍ يعني شجرة تسمى الطرفاء يتخذون منها

الأقداح النضار وشيءٍ من سدرٍ قليلٍ [ آية : ١٦ ] وثمره السدر النبق .

١٧

سبأ : ١٧ ذلك جزيناهم بما . . . . .

 ذلك الهلاك جزينهم بما كفروا كافأناهم بكفرهم وهل نجري إلا

الكفور [ آية : ١٧ ] وهل يكافأ بعمله السيئ إلا الكفور للّه عز وجل في نعمه .

١٨

سبأ : ١٨ وجعلنا بينهم وبين . . . . .

ثم : وجعلنا بينهم بين أهل سبأ وبين القرى قرى الأرض المقدسة الأردن

وفلسطين التي بركنا فيها بالشجر والماء قرى ظهرةً متواصلة وكان

متجرهم من أرض اليمن إلى أرض الشام على كل ميل قرية وسوق ، لا يحلون عنده حتى

يرجعوا إلى اليمين من الشام ، فذلك قوله عز وجل : وقدرنا فيها السير للمبيت

والمقيل من قرية إلى قرية سيروا فيها ليالى وأياماً ءامنين [ آية : ١٨ ] من الجوع

والعطش والسباع ، فلم يشكروا ربهم وسالوا ربهم أن تكون القرى والمنازل بعضها أبعد

من بعض .

١٩

سبأ : ١٩ فقالوا ربنا باعد . . . . .

 فقالوا ربنا بعد بين أسفارنا وظلموا أنفسهم فجعلنهم أحاديث للناس ومزقنهم كل

ممزقٍ يقول اللّه عز وجل وفرقناهم في كل وجه ، فلما خرجوا من أرض سبأ ، ساروا ،

فأما الأزد فنزلوا البحرين وعمان ، وأما خزاعة فنزلوا مكة ، وأما الأنصار وهم الأوس

والخزرج ، فنزلوا المدينة ، وأما غسان فنزلوا بالشام ، فهذا تمزقهم ، فذلك قوله عز وجل :

كل ممزق و جعلناهم أحاديث إن في ذلك لأيتٍ يعني في هلاك جنتيهم

وتفريقهم عبرة لكل صبار شكور [ آية : ١٩ ] يعني المؤمن من هذه الأمة صبور على

البلاء إذا ابتلى أهل سبأ ، ثم قال : شكور للّه عز وجل في نعمه .

٢٠

سبأ : ٢٠ ولقد صدق عليهم . . . . .

 ولقد صدق عليهم إبليس ظنه وذلك أن إبليس خلق من نار السموم ، وخلق آدم

من طين ، ثم قال إبليس : إن النار ستغلب الطين ، فقال : قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين إلا عبادك الآية ، فمن ثم صدق بقول اللّه عز وجل : فاتبعوه ثم

استثنى عباده المخلصين ، فقال جل وعز : إلا فريقا طائفة من المؤمنين [ آية :

٢٠ ] لم يتبعوه في الشرك ، وهم الذين قال اللّه : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان [ الحجر : ٤٢ ] .

٢١

سبأ : ٢١ وما كان له . . . . .

ثم قال : وما كان له لإبليس عليهم من سلطان من ملك أن يضلهم عن

الهدى إلا لنعلم لنرى من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك ليبين المؤمن من

الكافر وربك على كل شيءٍ من الإيمان والشك حفيظ [ آية : ٢١ ] رقيب .

٢٢

سبأ : ٢٢ قل ادعوا الذين . . . . .

 قل لكفار مكة ادعوا الذين زعمتم من دون اللّه أنهم آلهة ، يعني الملائكة

الذين عبدتموهم ، فليكشفوا الضر الذي نزل بكم من الجوع من السنين السبع ، نظيرها في

بني إسرائيل ، فأخبر اللّه عز وجل عن الملائكة أنهم لا يملكون لا يقدرون على

 مثقال ذرة يعني أصغر وزن النمل في السماوات في خلق السماوات ولا في الأرض فكيف يملكون كشف الضر عنكم وما لهم فيهما في خلق السماوات

والأرض من شرك يعني الملائكة وما له منهم من الملائكة من ظهير [ آية :

٢٢ ] يعني عوناً على شئ .

٢٣

سبأ : ٢٣ ولا تنفع الشفاعة . . . . .

ثم ذكر الملائكة الذين رجوا منافعهم ، فقال جل وعز : ولا تنفع الشفعة شفاعة

الملائكة عنده لأحد إلا لمن أذن له أن يشفع من أهل التوحيد ، ثم أخبر

عن خوف الملائكة أنهم إذا سمعوا الوحي خروا سجداً من مخافة الساعة ، فكيف يعبدون

من هذه منزلته ؟ فهلا يعبدون من تخافه الملائكة ؟ قال : حتى إذا فزع عن قلوبهم  وذلك

أن أهل السماوات من الملائكة لم يكونوا سمعوا صوت الوحي ما بين زمن عيسى ومحمد

 صلى اللّه عليه وسلم ، وكان بينهما قريب من ست مائة عام ، فلما نزل الوحي على محمد صلى اللّه عليه وسلم سمعوا

صوت الوحي ، كوقع الحديد على الصفا ، فخروا سجداً مخافة القيامة ، إذا هبط جبريل

على أهل كل سماء ، فأخبرهم أنه الوحي ، فذلك قوله عز وجل : حتى إذا فزع عن قلوبهم تجلى الفزع عن قلوبهم قاموا من السجود قالوا فتسأل الملائكة بعضها

بعضاً ماذا قال جبريل عن ربكم قالوا الحق يعني الوحي وهو العلي الرفيع

 الكبير [ آية : ٢٣ ] العظيم فلا أعظم منه

٢٤

سبأ : ٢٤ قل من يرزقكم . . . . .

 قل لكفار مكة الذين يعبدون الملائكة من يرزقكم من السموت يعني

المطر والأرض يعني النبات فردوا في سورة يونس ،   اللّه [ يونس : ٣١ ] ،

يرزقنا إضمار ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : قل اللّه يرزقكم ، ثم انقطع الكلام ، وأما

قوله :

 وإنا أو إياكم لعلي هدىً أو في ضللٍ مبينٍ [ آية : ٢٤ ] قال كفار مكة للنبي صلى اللّه عليه وسلم :

تعالوا ننظر في معايشنا من أفضل دنيا نحن أم أنتم يا أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم ؟ إنكم لعلى

ضلالة ، فرد عليهم النبي صلى اللّه عليه وسلم : ما نحن وأنتم على أمر واحد إن أحد الفريقين لعلى هدى ،

يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم نفسه وأصحابه ، أو في ضلال مبين يعني كفار مكة الألف هاهنا صلة ،

مثل قوله عز وجل : ولا تطع منهم آثما أو كفورا .

٢٥

سبأ : ٢٥ قل لا تسألون . . . . .

 قل لا تسئلون عما أجرمنا ولا نسئل عما تعملون [ آية : ٢٥ ]

٢٦

سبأ : ٢٦ قل يجمع بيننا . . . . .

 قل يا محمد

لكفار مكة يجمع بيننا ربنا في الآخرة وأنتم ثم يفتح يقضي بيننا بالحق

بالعدل وهو الفتاح القضاء العليم [ آية : ٢٦ ] بما يقضى .

٢٧

سبأ : ٢٧ قل أروني الذين . . . . .

 قل لكفار مكة : أروني الذين ألحقتم به يعني باللّه عز وجل

 شركاء من الملائكة هل خلقوا شيئاً يقول اللّه عز وجل : كلا ما خلقوا شيئاً ،

ثم استأنف بل هو اللّه الذي خلق الأشياء كلها العزيز الحكيم [ آية : ٢٧ ]

العزيز في ملكه الحكيم في أمره . نظيرها في الأحقاف .

٢٨

سبأ : ٢٨ وما أرسلناك إلا . . . . .

 وما أرسلنك يعني يا محمد إلا كافة للناس عامة للناس بشيرا

بالجنة لمن أجابه ونذيرا من النار ولكن أكثر الناس يعني أهل مكة لا يعلمون [ آية : ٢٨ ] .

٢٩

سبأ : ٢٩ ويقولون متى هذا . . . . .

 ويقولون متى هذا الوعد الذي تعدنا يا محمد إن كنتم صادقين [ آية :

٢٩ ] إن كنت صادقاً بأن العذاب نازل بنا في الدنيا

٣٠

سبأ : ٣٠ قل لكم ميعاد . . . . .

 قل لكم ميعاد ميقات في

العذاب يومٍ لا تستئخرون عنه عن المعياد ساعة ولا تستقدمون [ آية : ٣٠ ] يعني لا

تتباعدون عنه ولا تتقدمون .

٣١

سبأ : ٣١ وقال الذين كفروا . . . . .

 وقال الذين كفروا يعني الأسود بن عبد يغوث ، وثعلب وهما أخوان ابنا

الحارث بن السباق من بني عبد الدار بن قصي لن نؤمن لك لا نصدق بهذا

القرءان ولا بالذي بين يديه من الكتب التي نزلت قبل القرآن ، بين يديه التوراة والإنجيل

والزبور ولو ترى يا محمد إذ الظلمون يعني مشركي مكة موقوفون عند ربهم في الآخرة يرجع يرد بعضهم إلى بعض القول ثم أخبر عن

قولهم : يقول الذين استضعفوا وهم الأتباع للذين استكبروا الذين تكبروا عن

الإيمان ، وهم القادة في الكفر لولا أنتم لكنا مؤمنين [ آية : ٣١ ] لولا أنتم معشر

الكبراء لكنا مؤمنين يعني مصدقين بتوحيد اللّه عز وجل .

٣٢

سبأ : ٣٢ قال الذين استكبروا . . . . .

فردت القادة وهم الكبراء على الضعفاء وهم الأتباع : قال الذين استكبروا للذين

استضعفوا أنحن صددنكم عن الهدى يعني أنحن منعناكم عن الإيمان بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين [ آية : ٣٢ ] .

٣٣

سبأ : ٣٣ وقال الذين استضعفوا . . . . .

فردت الضعفاء على الكبراء ، فقالوا وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر

اليل والنهار بل قولهم كذب بالليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه بتوحيد اللّه

عز وجل ونجعل له أندادا يعني وتأمرونا أن نجعل له شريكاً وأسروا الندامة في

أنفسهم لما رأوا العذاب حين عاينوا العذاب في الآخرة وجعلنا الأغلل في أعناق

الذين كفروا وذلك أن اللّه عز وجل يأمر خزانة جهنم أن يجعلوا الأغلال في أعناق

الذين كفروا بتوحيد اللّه عز وجل ، وقالت لهم الخزنة : هل يجزون في الآخرة إلا ما كانوا يعملون [ آية : ٣٣ ] من الكفر في الدنيا .

تفسير سبأ من الآية ٢٤ إلى الآية ٢٩ .

٣٤

سبأ : ٣٤ وما أرسلنا في . . . . .

 وما أرسلنا في قرية من نذير من رسول إلا قال مترفوها أعنياؤها وجبابرتها

للرسل إنا بما أرسلتم به بالتوحيد كفرون [ آية : ٣٤ ] .

٣٥

سبأ : ٣٥ وقالوا نحن أكثر . . . . .

 وقالوا أيضاً لفقراء المسلمين أهؤلاء خير منا أم هم أولى باللّه منا نحن أكثر

أموالاً وأولداً وما نحن بمعذبين [ آية : ٣٥ ] .

٣٦

سبأ : ٣٦ قل إن ربي . . . . .

يقول اللّه عز وجل : قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وقتر على من يشاء

 ولكن أكثر الناس كفار مكة لا يعلمون [ آية : ٣٦ ] أن البسط والقتر بيد اللّه عز

وجل .

٣٧

سبأ : ٣٧ وما أموالكم ولا . . . . .

 وما أموالكم ولا أولدكم بالتي تقربكم عندنا زلفى يعني قرابة إلا من ءامن صدق

باللّه وعمل صلحاً فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا من الخير نجزي بالحسنة الواحدة

عشرة فصاعدا ، ثم قال عز وجل : وهم في الغرفات غرف الجنة ءامنون [ آية :

٣٧ ] من الموت .

٣٨

سبأ : ٣٨ والذين يسعون في . . . . .

 والذين يسعون في ءايتنا معجزين يقول : عملوا بالتكذيب بالقرآن مثبطين عن

الإيمان بالقرآن أولئك في العذاب محضرون [ آية : ٣٨ ] النار .

٣٩

سبأ : ٣٩ قل إن ربي . . . . .

 قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء يوسع الرزق على من يشاء من عباده ويقدر له ويقتر وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه يقول اللّه عز وجل أخلفه لكم

وأعطاكموه وهو خير الرزقين [ آية : ٣٩ ] مثل قوله عز وجل : وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه [ الحديد : ٧ ] .

٤٠

سبأ : ٤٠ ويوم يحشرهم جميعا . . . . .

 ويوم يحشرهم جميعا الملائكة ومن عبدها ، يعني يجمعهم جميعاً في الآخرة ثم يقول

للملئكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون [ آية : ٤٠ ] يعني عن أمركم عبدوكم فنزهت

الملائكة ربها عز وجل عن الشرك .

٤١

سبأ : ٤١ قالوا سبحانك أنت . . . . .

ف قالوا سبحنك أنت ولينا من دونهم ونحن منهم براء إضمار ما أمرنا بعبادتنا

 بل كانوا يعبدون الجن بل أطاعوا الشيطان في عبادتهم أكثرهم بهم مؤمنون

[ آية : ٤١ ] مصدقين بالشيطان .

٤٢

سبأ : ٤٢ فاليوم لا يملك . . . . .

 فاليوم في الآخرة لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا لا تقدر الملائكة على

أن تسوق إلى من عبدها نفعاً ، ولا تقدر على أن تدفع عنهم سوءاً ونقول للذين ظلموا

يأمر اللّه الخزنة أن تقول للمشركين من أهل مكة : ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون [ آية : ٤٢ ] .

٤٣

سبأ : ٤٣ وإذا تتلى عليهم . . . . .

 وإذا تتلى عليهم ءايتنا وإذا قرئ عليهم القرآن بينت ما فيه من الأمر والنهي

 قالوا ما هذا إلا رجل يعنون النبي صلى اللّه عليه وسلم  يريد أن يصدكم عما كان يعبد ءاباؤكم وقالوا ما

هذا القرآن إلا إفك كذب مفتري افتراه محمد صلى اللّه عليه وسلم من تلقاء نفسه وقال الذين كفروا من أهل مكة للحق لما جاءهم يعنون القرآن حين جاءهم إن هذا القرآن إلا سحر مبين [ آية : ٤٣ ] .

٤٤

سبأ : ٤٤ وما آتيناهم من . . . . .

 وما ءاتينهم يعني وما أعطيناهم من كتب يدرسونها يعني يقرؤونها بأن مع

اللّه شريكاً نظيرها في الزخرف : أم آتيناهم كتابا [ الزخرف : ٢١ ] ، ونظيرها في

الملائكة [ فاطر : ٣٢ ] وما أرسلنا إليهم يعني أهل مكة قبلك من نذير [ آية :

٤٤ ] يا محمد من رسول لم ينزل كتاب ، ولا رسول قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم إ لى العرب .

٤٥

سبأ : ٤٥ وكذب الذين من . . . . .

ثم قال جل وعز : وكذب الذين من قبلهم يعني الأمم الخالية كذبوا رسلهم قبل

كفار مكة وما بلغوا معشار ما ءاتينهم وما بلغ الكفار مكة ، عشر الذي أعطينا الأمم

الخالية من الأموال والعدة والعمر والقوة فكذبوا رسلي فأهلكناهم بالعذاب في الدنيا

حين كذبوا الرسل فكيف كان نكير [ آية : ٤٥ ] تغييرى الشر فاحذروا ، يا أهل مكة

مثل عذاب الأمم الخالية .

٤٦

سبأ : ٤٦ قل إنما أعظكم . . . . .

 قل لكفار مكة إنما أعظكم بواحدة بكلمة واحدة كلمة الإخلاص

 أن تقوموا للّه الحق مثنى وفردى ثم تتفكروا ما بصاحبكم من جنةٍ ألا يتفكر

الرجل وحده ومع صاحبه فيعلم ويتفكر في خلق السماوات والأرض وما بينهما أن اللّه

جل وعز خلق هذه الأشياء وحده وأن محمداً لصادق وما به جنون ان هو يعني

النبي صلى اللّه عليه وسلم  إلا نذير لكم مبين ، يعني بينا بين يدي عذاب شديد [ آية : ٤٦ ] في

الآخرة .

٤٧

سبأ : ٤٧ قل ما سألتكم . . . . .

 قل ما سألتكم من أجر فهو لكم وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم سأل كفار مكة ألا يؤذوه

حتى يبلغ عن اللّه عز وجل الرسالة ، فقال بعضهم لبعض ، ما سألكم شططاً كفوا عنه ،

فسمعوا النبي صلى اللّه عليه وسلم يوماً يذكر اللات والعزى في القرآن ، ف  ما ينتهى هذا الرجل عن

عيب آلهتنا سألنا ألا نؤذيه فقد فعلنا ، وسألناه ألا يؤذينا في آلهتنا فلم يفعل ، فأكثروا في

ذلك ، فأنزل اللّه عز وجل : قل ما سألتكم ومن أجرٍ جعل فهو لكم إن أجري ما

جزائي إلا على اللّه وهو على كل شيءٍ شهيدٌ [ آية : ٤٧ ] بأني نذير وما بي من جنون .

٤٨

سبأ : ٤٨ قل إن ربي . . . . .

 قل إن ربي يقذف بالحق يتكلم بالوحي علم الغيوب [ آية : ٤٨ ] عالم كل

غيب ، وإذا قال جل وعز عالم الغيب فهو غيب واحد

٤٩

سبأ : ٤٩ قل جاء الحق . . . . .

 قل جاء الحق الإسلام وما يبدئ الباطل وما يعيد [ آية : ٤٩ ] يقول : ما يبدئ الشيطان الخلق فيخلقهم وما يعيد

خلقهم في الآخرة فيبعثهم بعد الموت واللّه جل وعز يفعل ذلك .

٥٠

سبأ : ٥٠ قل إن ضللت . . . . .

 قل إن ضللت وذلك أن كفار مكة ، قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : لقد ضللت حين تركت دين

آبائك فإنما أضل على نفسي إنما ضلالتي على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي من القرآن إنه سميع الدعاء قريب [ آية : ٥٠ ] الإجابة .

٥١

سبأ : ٥١ ولو ترى إذ . . . . .

 ولو ترى إذ فرغوا فلا فوت يقول : إذا فزعوا عند معاينة العذاب ، نزلت في

السفياني ، وذلك أن السفياني يبعث ثلاثين ألف رجل من الشام مقاتلة إلى الحجاز عليهم

رجل اسمه بحير بن بجيلة ، فإذا انتهوا إلى البيداء خسف بهم ، فلا ينجو منهم أحد غير

رجل من جهينة اسمه ناجية يفلت وحده ، مقلوب وجهه وراء ظهره ، يرجع القهقري ،

فيخبر الناس بما لقى أصحابه . قال : وأخذوا من مكان قريب [ آية : ٥١ ] من تحت

أرجلهم .

٥٢

سبأ : ٥٢ وقالوا آمنا به . . . . .

 وقالوا ءامنا به حين رأوا العذاب يقول اللّه تعالى : وأنى لهم التناوش التوبة

عند معاينة العذاب من مكان بعيد [ آية : ٥٢ ] الرجعة إلى التوبة بعيد منهم لأنه لا

يقبل منهم .

٥٣

سبأ : ٥٣ وقد كفروا به . . . . .

 وقد كفروا به بالقرآن من قبل نزول العذاب حين بعث اللّه عز وجل

محمداً صلى اللّه عليه وسلم  ويقذفون بالغيب يقول : ويتكلمون بالإيمان من مكان بعيد [ آية :

٥٣ ] يقول : التوبة تباعد منهم ، فلا يقبل منهم وقد غيب عنهم الإيمان عند نزول

العذاب ، فلم يقدروا عليه عند نزول العذاب بهم في الدنيا

٥٤

سبأ : ٥٤ وحيل بينهم وبين . . . . .

 وحيل بينهم وبين ما يشتهون

من أن تقبل التوبة منهم عند العذاب كما فعل بأشياعهم من قبل يقول : كما عذب

أوائلهم من الأمم الخالية من قبل هؤلاء إنهم كانوا في شك من العذاب بأنه غير نازل

بهم في الدنيا مريب [ آية : ٥٤ ] يعني بمريب أنهم لا يعرفون شكهم ، ويقال : كان

هذا العذاب بالسيف يوم بدر ، و  آمنا به ، يعني بالقرآن .

﴿ ٠