٤٢

سورة الشورى

سورة حم عسق ، مكية ، عددها خمسون وثلاث آيات كوفى

١

حم

٢

عسق [ آية ٢ ] في أمر العذاب يا محمد ، فيها تقديم ، إليك وإلى الأنبياء من قبلك .

٣

الشورى : ٣ كذلك يوحي إليك . . . . .

فمن ثم قال : كذلك يوحي إليك يا محمد وإلى الذين من قبلك من الأنبياء أنه نازل بقومهم إذا كذبوا الرسل ، ثم عظم نفسه ، فقال له : يا محمد ، إنما ذلك بوحي اللّه العزيز في ملكه الحكيم [ آية : ٣ ] في أمره .

٤

الشورى : ٤ له ما في . . . . .

 له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي ، يعني الرفيع فوق خلقه العظيم

[ آية : ٤ ] ، فلا أكبر منه .

٥

الشورى : ٥ تكاد السماوات يتفطرن . . . . .

 تكاد السموات يتعطرون من فوقهن ، يعني يتشققن من عظمة الرب الذي هو

فوقهن ، ثم قال : والملئكة يسبحون بحمد ربهم ، يعني يصلون بأمر بهم ،

 ويستغفرون لمن في الأرض ، ثم بين في حم المؤمن ، أي الملائكة هم ، فقال :

 الذين يحملون العرش ومن حوله ، ثم بين لمن يستغفرون ، فقال : ويستغفرون

للذين آمنوا [ غافر : ٧ ] ، يعني المؤمنين ، فصارت هذه الآية منسوخة ، نسختها الآية

التي في حم المؤمن ، ثم قال : ألا إن اللّه هو الغفور  لذنوبهم الرحيم [ آية : ٥ ]

بهم .

٦

الشورى : ٦ والذين اتخذوا من . . . . .

قوله : والذين اتخذوا من دونه أولياء ، يعبدونها من دون اللّه اللّه حفيظٌ

عليهم ، يعني رقيب عليهم وما أنت عليهم يا محمد بوكيلٍ [ آية : ٦ ] ، يعني

بمسيطر .

٧

الشورى : ٧ وكذلك أوحينا إليك . . . . .

 وكذلك أوحينا إليك قرءاناً عربياً ليفقهوا ما فيه لتنذر ، يعني ولكني تنذر

بالقرآن يا محمد أم القرى ، وهي مكة ، وإنما سميت أم القرى ؛ لأن الأرض كلها

دحيت من تحت الكعبة ، قال : و لتنذر يا محمد بالقرآن ومن حولها ، يعني

حول مكة من القرى ، يعني قرى الأرض كلها و  لكي وتنذر  بالقرآن يوم

الجمع ، يعني جمع أهل السموات ، وجمع أهل الأرض لا ريب فيه ، يعني لا شك

فيه في البعث أنه كائن ، ثم بعد الجمع يتفرقون فريقٌ في الجنة وفريقٌ في السعير [ آية :

٧ ] ، يعني الوقود ، ثم لا يجتمعون أبداً .

٨

الشورى : ٨ ولو شاء اللّه . . . . .

قال : ولو شاء اللّه لجعلهم ، يعني كفار مكة أمة واحدةً ، يعني على ملة

الإسلام وحدها ولكن يدخل من يشاء في رحمته ، يعني في دينه الإسلام ،

 والظالمون ، يعني مشركي مكة ما لهم من وليٍ ، يعني من قريب ينفعهم في

الآخرة ولا نصيرٍ [ آية : ٨ ] ، يعني ولا مانع يمنعهم من العذاب ، عذاب النار .

٩

الشورى : ٩ أم اتخذوا من . . . . .

قوله : أم اتخذوا من دونه  من الملائكة أؤلياء ، يعني آلهة ، وهم خزاعة وغيرهم

يعبدونها فاللّه هو الولي ، يعني الرب وهو يحى الموتى في الآخرة وهو على

كل شئٍ من البعث وغيره قدير [ آية : ٩ ] .

١٠

الشورى : ١٠ وما اختلفتم فيه . . . . .

قوله : وما اختلفتم فيه من شئٍ فحكمه إلى اللّه ، وذلك أن أهل مكة كفر بعضهم

بالقرآن ، وآمن بعضهم ، فقال اللّه تعالى : إن الذي اختلفتم فيه ، فإني أرد قضاءه إلى ، وأنا

أحكم فيه ، ثم دل على نفسه بصنعه ، فقال : ذلكم اللّه ، الذي يحيى الموتى ، ويميت

الأحياء ، هو أحياكم ، وهو اللّه ربي عليه توكلت ، يعني به أثق وإليه أنيب

[ آية : ١٠ ] ، يقول : إليه أرجع .

١١

الشورى : ١١ فاطر السماوات والأرض . . . . .

قوله : فاطر السماوات والأرض ، يعني خالق السموات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ، يقول : جعل بعضكم من بعض أزواجاً ، بعني الحلائل لتسكنوا إليهن ،

 ومن الأنعام أزوجاً ، يعني ذكوراً وإناثاً يذرؤكم فيه ، يقول : يعيشكم فيه

فيما جعل من الذكور والإناث من الأنعام ، ثم عظم نفسه ، فقال : ليس كمثله

شئٌ في القدرة وهو السميع لقول كفار مكة البصير [ آية : ١١ ] بما

خلق .

١٢

الشورى : ١٢ له مقاليد السماوات . . . . .

 له مقاليد السماوات ، يعني مفاتيح بلغة النبط مقاليد السماوات ، المطر ،

 والأرض ، يعني النبات يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ، يقول : يوسع الرزق على

من يشاء من عباده ويقتر على من يشاء إنه بكل شئٍ من البسط والقتر ،

 عليم [ آية : ١٢ ] .

١٣

الشورى : ١٣ شرع لكم من . . . . .

قوله شرع لكم من الدين ، يقول : بين لكم ، ويقال : سن لكم آثار الإسلام ،

والمن هاهنا صلة ، ك ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك ، فيه تقديم وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ، يعني التوحيد ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ، يقول : عظم على مشركي مكة ما تدعوهم إليه يا محمد ؛ لقولهم :

 أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشئٌ عجابٌ [ ص : ٥ ] ، يعني التوحيد ، ثم

اختص أولياءه ، فقال : اللّه يجتبي إليه ، يقول : يستخلص لدينه من يشاء و هو

 ويهدى إليه إلى دينه من ينيب [ آية : ١٣ ] ، يعني من يراجع التوبة .

١٤

الشورى : ١٤ وما تفرقوا إلا . . . . .

ثم قال : وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم ، يعني البيان بغيا بينهم ولولا كلمة سبقت من ربك ، ولولا كلمة الفصل التي سبقت من ربك في الأخرة يا محمد

في تأخير العذاب عنهم إلى أجل مسمى ، يعني به القيامة لقضي بينهم ، بين

من آمن وبين من كفر ، ولولا ذلك لنزل بهم العذاب في الدنيا ، حين كذبوا واختلفوا ،

ثم قال : وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم قوم نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ،

أورثوا الكتاب من بعدهم ، اليهود ، والنصارى من بعد أنبيائهم لفي شك منه ،

يعني من الكتاب الذي عندهم مريب [ آية : ١٤ ] .

١٥

الشورى : ١٥ فلذلك فادع واستقم . . . . .

قوله : فلذلك فادع يعني إلى التوحيد ، يقول اللّه لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : ادع أهل الكتاب

إلى معرفة ربك ، إلى هذا التوحيد واستقم ، يقول : وامض كما أمرت

بالتوحيد ، كقوله في الزمر : فاعبد اللّه [ الزمر : ٢ ] ولا تتبع أهواءهم في ترك

الدعاء ، وذلك حين دعاه أهل الكتاب إلى دينهم .

ثم قال : وقل لأهل الكتاب : ءامنت ، يقول : صدقت بما أنزل اللّه من كتاب ، يعني القرآن ، والتوراة ، والإنجيل ، والزبور وأمرت لأعدل بينكم ، بين

أهل الكتاب في القول ، يقول : أعدل بما آتاني اللّه في كتابه ، والعدل أنه دعاهم إلى دينه ،

قوله : اللّه ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكن أعمالكم ، يقول : لنا ديننا الذي نحن عليه ،

ولكن دينكم الذي أنتم عليه لا حجة ، يقول : لا خصومة بيننا وبينكم في

الدين ، يعني أهل الكتاب ، نسختها آية القتال في براءة اللّه يجمع بيننا ، في

الآخرة ، فيجازينا بأعمالنا ، ويجازيكم وإليه المصير [ آية : ١٥ ] .

١٦

الشورى : ١٦ والذين يحاجون في . . . . .

 والذين يحاجون ، يعني يخاصمون في اللّه ، فهم اليهود ، قدموا على النبي

 صلى اللّه عليه وسلم بمكة ، فقالوا للمسلمين : ديننا أفضل من دينكم ، ونبينا أفضل من نبيكم ، يقول : من بعد ما استجيب له ، يعني للّه في الإيمان حجتهم داحضة ، يقول : خصومتهم باطلة

حين زعموا أن يدنهم أفضل من دين الإسلام عند ربهم وعليه غضبٌ من اللّه ،

 ولهم عذاب شديد [ آية : ١٦ ] .

١٧

الشورى : ١٧ اللّه الذي أنزل . . . . .

 اللّه الذي أنزل الكتاب بالحق ، يقول : لم ينزله باطلاً لغير شئ والميزان ،

يعني العدل وما يدريك يا محمد لعل الساعة قريب [ آية : ١٧ ] ، وذلك أن

النبي صلى اللّه عليه وسلم ذكر الساعة وعنده أبو فاطمة بن البحتري ، وفرقد بن ثمامة ، وصفوان بن أمية ،

فقالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : متى تكون الساعة ؟ تكذيباً بها ، فقال اللّه تعالى : وما يدريك لعل الساعة ، يعني القيامة قريب .

١٨

الشورى : ١٨ يستعجل بها الذين . . . . .

 يستعجل بها بالساعة الذين لا يؤمنون بها ، يعني لا يصدقون بها ، هؤلاء

الثلاثة نفر ، أنها كائنة ؛ لأنهم لا يخافون ما فيها والذين ءامنوا مشفقون منها ، يعني

بلال وأصحابه ، صدقوا النبي صلى اللّه عليه وسلم بها ، يعني بالساعة ؛ لأنهم لا يدرون على ما يهجمون

منها ويعلمون أنها الحق الساعة أنها كائنة ، ثم ذكر الذين لا يؤمنون بالساعة ،

فقال : ألا إن الذين يمارون في الساعة ، يعني هؤلاء الثلاثة ، يعني يشكون في

القيامة لفي ضلال بعيد [ آية : ١٨ ] ، يعني طويل .

١٩

الشورى : ١٩ اللّه لطيف بعباده . . . . .

 اللّه لطيف بعباده ، البر منهم والفاجر ، لا يهلكهم جوعاً حين قال : إنا

كاشفوا العذاب قليلاً [ الدخان : ١٥ ] يرزق من يشاء وهو القوي في هلاكهم

ببدر العزيز [ آية : ١٩ ] في نقمته منهم .

٢٠

الشورى : ٢٠ من كان يريد . . . . .

 من كان يريد بعمله الحسن حرث الآخرة ، يقول : من كان من الأبرار

يريد بعمله الحسن ثواب الآخرة نزد له في حرثه ، يعني بلالاً وأصحابه حتى

يضاعف له في حرثه ، يقول : في عمله ومن كان من الفجار يريد بعمله

 حرث الدنيا ، يعني ثواب الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة ، يعني الجنة لهؤلاء

الثلاثة من نصيب [ آية : ٢٠ ] ، يعني من حظ ، ثم نسختها : من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد [ الإسراء : ١٨ ] .

٢١

الشورى : ٢١ أم لهم شركاء . . . . .

قوله : أم لهم شركؤا شرعوا ، يقول : سنوا لهم من الدين ما لم يأذن به اللّه ، يعني كفار مكة ، يقول : ألهم آلهة يبينوا لهم من الدين ما لم يأذن به اللّه ، ثم قال :

 ولولا كلمة الفصل التي سبقت من اللّه في الآخرة أنه معذبهم ، يقول : لولا ذلك

الأجل لقضي بينهم ، يقول : لنزل بهم العذاب في الدنيا وإن الظالمين ،

يعني المشركين لهم عذاب أليم [ آية : ٢١ ] ، يعني وجيع .

٢٢

الشورى : ٢٢ ترى الظالمين مشفقين . . . . .

ثم أخبر بمستقر المؤمنين والكافرين في الآخرة ، فقال : ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا من الشرك وهو واقع بهم ، يعني العذاب ، في التقديم ، ثم قال :

 والذين ءامنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات ، يعني بساتين الجنة لهم

ما يشاءون عند ربهم ذلك الذي ذكر من الجنة هو الفضل الكبير [ آية : ٢٢ ] .

٢٣

الشورى : ٢٣ ذلك الذي يبشر . . . . .

ثم قال : ذلك الذي ، ذكر من الجنة يبشر اللّه عباده الذين ءامنوا ، يعني صدقوا ،

 وعملوا الصالحات ، من الأعمال قل لا أسئلكم عليه أجراً ، يعني على الإيمان جزاء ،

 إلا المودة في القربى ، يقول : إلا أن تصلوا قرابتي ، وتتبعوني ، وتكفوا عني الأذى ، ثم

نسختها : قل ما سألتكم من أجر فهو لكم [ سبأ : ٤٧ ] ،

قوله : ومن يقترف حسنة ، يقول : ومن يكتسب حسنة واحدة نزد له فيها حسنا ، يقول : نضاعف له

الحسنة الواحدة ، عشراً فصاعداً إن اللّه غفور ، لذنوب هؤلاء شكور [ آية :

٢٣ ] ، لمحاسنهم القليلة ، حين يضاعف الواحدة عشراً فصاعداً .

٢٤

الشورى : ٢٤ أم يقولون افترى . . . . .

قوله : أم يقولون كفار مكة إن محمداً افترى على اللّه كذبا ، حين زعم أن

القرآن من عند اللّه ، فشق على النبي صلى اللّه عليه وسلم تكذيبهم إياه ، يقول اللّه تعالى : فإن يشاء اللّه

يختم على قلبك ، يقول : يربط على قلبك ، فلا يدخل في قلبك المشقة من قولهم بأن

محمداً كذاب مفتر ويمح اللّه إن شاء الباطل الذي يقولون أنك كذاب مفتر ،

من قلبك ويحق اللّه الحق ، وهو الإسلام بكلماته ، يعني القرآن الذي

أنزل عليه إنه عليم بذات الصدور [ آية : ٢٤ ] ، يعني القلوب ، يعلم ما في قلب

محمد صلى اللّه عليه وسلم من الحزن من قولهم بتكذيبهم إياه .

٢٥

الشورى : ٢٥ وهو الذي يقبل . . . . .

قوله : وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ، يقول : ويتجاوز عن

الشرك الذي تابوا ويعلم ما تفعلون [ آية : ٢٥ ] من خير أو شر .

٢٦

الشورى : ٢٦ ويستجيب الذين آمنوا . . . . .

 ويستجيب الذين ءامنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون من أهل مكة ،

 لهم عذاب شديد [ آية : ٢٦ ] ، لا يفتر عنهم .

٢٧

الشورى : ٢٧ ولو بسط اللّه . . . . .

قوله : ولو بسط اللّه الرزق ، يعني ولو وسع اللّه الرزق لعباده ، في ساعة

واحدة لبغوا يعني لعصوا في الأرض ، فيها تقديم ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير [ آية : ٢٧ ] بهم .

الشورى : ٢٨ وهو الذي ينزل . . . . .

 وهو الذي ينزل الغيث ، يعني المطر الذي حبس عنهم بمكة سبع سنين من بعد ما قنطوا ، يعني من بعد الإياسة وينشر رحمته ، يعني نعمته ببسط المطر وهو الولي ، ولي المؤمنين الحميد [ آية : ٢٨ ] عند خلقه في نزول الغيث عليهم .

٢٩

الشورى : ٢٩ ومن آياته خلق . . . . .

 ومن ءاياته ، أن تعرفوا توحيد الرب وصنعه ، وإن لم تروه خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة ، يعني الملائكة في السموات والخلائق في الأرض ،

 وهو على جمعهم في الآخرة إذا يشاء قدير [ آية : ٢٩ ] .

٣٠

الشورى : ٣٠ وما أصابكم من . . . . .

قوله : وما أصابكم من مصيبة ، يعني المؤمنين من بلاء الدنيا وعقوبة من

اختلاج عرق ، أو خدش عود ، أو نكبة حجر ، أو عثرة قدم ، فصاعداً إلا بذئب ، فذلك

قوله : وما أصابكم من مصيبة  فيما كسبت أيديكم من المعاصي ويعفوا

عن كثيرٍ [ آية : ٣٠ ] ، يعني ويتجاوز عن كثير من الذنوب ، فلا يعاقب بها في الدنيا .

حدثنا عبد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : قال أبو صالح :

بلغنا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال : ما

عفا اللّه عنه فهو أكثر ، وقال : بلغني أنه قال ، يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم : ما عفا اللّه عنه ، فلم

يعاقب به في الآخرة ، ثم تلا هذه الآية : من يعمل سوءا يجز به [ النساء : ١٢٣ ] ،

قال : هاتان الآيتان في الدنيا للمؤمنين .

٣١

الشورى : ٣١ وما أنتم بمعجزين . . . . .

قوله تعالى : وما أنتم بمعجزين ، يعني بسابقي اللّه هرباً في الأرض بأعمالكم

الخبيثة حتى يجزيكم بها وما لكم من دون اللّه من ولي ، يعني قريب ينفعكم ولا نصير [ آية : ٣١ ] ، يقول : ولا مانع يمنعكم من اللّه جل وعز .

٣٢

الشورى : ٣٢ ومن آياته الجوار . . . . .

 ومن ءاياته ، أن تعرفوا توحيده بصنعه ، وإن لم تروه الجوار في البحر كالأعلام

[ آية : ٣٢ ] ، يعني السفن تجري في البحر بالرياح كالأعلام ، شبه السفن في البحر

كالجبال في البر .

٣٣

الشورى : ٣٣ إن يشأ يسكن . . . . .

وقال : إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره قائمات على ظهر الماء ، فلا

تجري إن في ذلك الذي ترون ، يعني السفن إذا جرين وإذا ركدن لآيات ،

يعني لعبرة لكل صبار ، يقول : كل صبور على أمر اللّه شكور [ آية : ٣٣ ] للّه

تعالى في هذه النعمة .

٣٤

الشورى : ٣٤ أو يوبقهن بما . . . . .

ثم قال : أو يوبقهن ، يقول : وإن يشأ يهلكهن ، يعني السفن بما كسبوا ،

يعني بما عملوا من الشرك ويعف ، يعني يتجاوز عن كثير [ آية : ٣٤ ] ، من

الذنوب ، فينجيهم من الغرق والهلكة .

٣٥

الشورى : ٣٥ ويعلم الذين يجادلون . . . . .

قال : ويعلم الذين يجادلون في ءاياتنا ما لهم من محيصٍ [ آية : ٣٥ ] ، قال : ويعني من

فرار .

٣٦

الشورى : ٣٦ فما أوتيتم من . . . . .

 فما أوتيتم من شئٍ فمتاع الحياة الدنيا ، تتمتعون بها قليلاً وما عند اللّه خير مما

أوتيتم في الدنيا وأبقى وأدام للذين ءامنوا و على ربهم يتوكلون [ آية : ٣٦ ] ، يعني

وبربهم يثقون .

٣٧

الشورى : ٣٧ والذين يجتنبون كبائر . . . . .

فقال : والذين يجتنبون كبئر الإثم ، يقول : كل ذنب يختم بنار ،

 والفواحش ، ما يقام فيه الحد في الدنيا وإذا ما غضبوا هم يغفرون [ آية : ٣٧ ] ،

يعني يتجاوزون عن ظلمهم ، فيكظمون الغيظ ويعفون ، نزلت في عمر بن الخطاب بن

نفيل بن عبد العزى بن فرط بن رازح بن عدي بن لؤي حين شتم بمكة ، فذلك

قوله :

 قل للذين آمنوا يغفروا ، يعني يتجاوزوا عن الذين لا يرجون أيام اللّه

[ الجاثية : ١٣ ] .

٣٨

الشورى : ٣٨ والذين استجابوا لربهم . . . . .

وقال : والذين استجابوا لربهم ، في الإيمان وأقاموا الصلاة ، يقول : وأتموا

الصلوات الخمس ، نزلت في الأنصار ، داوموا عليها وأمرهم شورى بينهم ، قال : كانت

قبل الإسلام ، وقبل قدوم النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة ، إذا كان بينهم أمر ، أو أرادوا أمراً ، اجتمعوا فتشاوروا بينهم ، فأخذوا به ، فأثنى اللّه عليهم خيراً ، ثم قال : ومما رزقناهم من

الأموال ينفقون [ آية : ٣٨ ] في طاعة اللّه .

٣٩

الشورى : ٣٩ والذين إذا أصابهم . . . . .

قال : والذين إذا أصابهم البغي ، يعني الظلم هم ينتصرون [ آية : ٣٩ ] ، يعني

المجروح ينتصر من الظالم ، فيقتص منه .

٤٠

الشورى : ٤٠ وجزاء سيئة سيئة . . . . .

 وجزؤا سيئةٍ سيئةٌ مثلها ، أن يقتص منه المجروح كما أساء إليه ، ولا يزيد شيئاً ،

 فمن عفا ، يعني فمن ترك الجارح ولم يقتص وأصلح العمل كان العفو من

الأعمال الصالحة فأجره على اللّه ، قال : جزاؤه على اللّه إنه لا يحب الظالمين

[ آية : ٤٠ ] ، يعني من بدأ بالظلم والجراءة .

٤١

الشورى : ٤١ ولمن انتصر بعد . . . . .

ثم قال : ولمن انتصر بعد ظلمه ، يقول : إذا انتصر المجروح ، فاتص من الجارح ،

 فأؤلئك ما عليهم ، يعني على الجارح من سبيل [ آية : ٤١ ] ، يعني العدوان ، حين

انتصر من الجارح .

٤٢

الشورى : ٤٢ إنما السبيل على . . . . .

 إنما السبيل ، يعني العدوان على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق ،

يقول : يعملون فيها بالمعاصي أؤلئك لهم عذابٌ أليمٌ [ آية : ٤٢ ] ، يعني وجيع .

٤٣

الشورى : ٤٣ ولمن صبر وغفر . . . . .

ثم بين أن الصبر والتجاوز أحب إلى اللّه ، وأنفع لهم من غيره ، ثم رجع إلى المجروح ،

فقال : ولمن صبر ولم يقتص وغفر وتجاوز ، ف ان ذلك الصبر والتجاوز لمن عزم الأمور [ آية : ٤٣ ] ، يقول : من حق الأمور التي أمر اللّه عز وجل بها .

٤٤

الشورى : ٤٤ ومن يضلل اللّه . . . . .

قوله تعالى : ومن يضلل اللّه عن الهدى فما له من ولي ، يقول : ومن يضلل اللّه

عن الهدى ، فما له من قريب يهديه إلى دينه من بعده ، مثلها في الجاثية ، قال :

 وترى الظالمين ، يعني المشركين لما رأوا العذاب في الآخرة يقولون هل إلى مرد من سبيل [ آية : ٤٤ ] ، يقول : هل إلى الرجعة إلى الدنيا من سبيل .

٤٥

الشورى : ٤٥ وتراهم يعرضون عليها . . . . .

 وتراهم يعرضون عليها ، يعني على النار واقفين عليها خاشعين ، يعني

خاضعين من الذل الذي نزل بهم ينظرون من طرف خفي ، يعني يستخفون

بالنظر إليها يسارقون النظر وقال الذين ءامنوا ، يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم وحده ، وقالها في

الزمر إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم ، يعني غبنوا أنفسهم ، فصاروا إلى النار ،

 و خسروا وأهليهم يوم القيامة ، يقول : وغبنوا أهليهم في الجنة ، فصاروا

لغيرهم ، ولو دخلوا الجنة أصابوا الأهل ، فلما دخلوا النار حرموا فصار ما في الجنة

والأهلين لغيرهم ألا إن الظالمين ، يعني المشركين في عذاب مقيم [ آية :

٤٥ ] ، يعني دائم لا يزول عنهم ، مثلها في الروم .

٤٦

الشورى : ٤٦ وما كان لهم . . . . .

 وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون اللّه ، يقول : وما كان لهم من أقرباء

يمنعونهم من اللّه ومن يضلل اللّه عن الهدى فما له من سبيل [ آية : ٤٦ ] إلى

الهدى .

٤٧

الشورى : ٤٧ استجيبوا لربكم من . . . . .

قوله : استجيبوا لربكم بالإيمان ، يعني التوحيد من قبل أن يأتي يوم لا مرد له ،

يعني لا رجعة لهم ، إذا جاء يوم القيامة لا يقدر أحد على دفعه من اللّه ، ثم أخبر

عنهم يومئذٍ ، فقال : ما لكم من ملجأ يومئذ ، يعني حرزاً يحرزكم من العذاب وما لكم من نكير [ آية : ٤٧ ] من العذاب .

٤٨

الشورى : ٤٨ فإن أعرضوا فما . . . . .

 فإن أعرضوا عن الهدى فما أرسلناك عليهم حفيظا ، يعني رقيباً إن عليك

إلا البالغ يا محمد وإنا إذا أذقنا الإنسان ، يقول : إذا مسسنا ، وفي قراءة ابن

مسعود : وإنا إذا أذقنا الناس منه رحمة فرحوا بها ، يعني المطر منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة ، يعني كفار مكة ، يعني قحط في المطر بما قدمت أيديهم من

الكفر فإن الإنسن كفورٌ [ آية : ٤٨ ] ، فيها تقديم ، لنعم ربه في كشف الضر عنه ،

يعني الجوع وقحط المطر ، نظيرها في الروم .

٤٩

الشورى : ٤٩ للّه ملك السماوات . . . . .

ثم عظم نفسه ، فقال : للّه ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء في الرحم ،

 يهب لمن يشاء إنثاً ، يعني البنات ويهب لمن يشاء الذكور [ آية : ٤٩ ] ، يعني

البنين ، ليس فيهم أنثى .

٥٠

الشورى : ٥٠ أو يزوجهم ذكرانا . . . . .

 أو يزوجهم ، يقو ل : وإن يشأ نصفهم ذكرانا وإناثا ، يعني يولد له مرة بنين

وبنات ، ذكوراً وإناثاً ، فنجعلهم له ويجعل من يشاء عقيما ، لا يولد له إنه عليم بخلقه قدير [ آية : ٥٠ ] في أمر الولد والعقم وغيره .

٥١

الشورى : ٥١ وما كان لبشر . . . . .

قوله : وما كان لبشر أن يكلمه اللّه إلا وحيا ، وذلك أن اليهود قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم :

ألا تكلم اللّه وتنظر إليه إن كنت صادقاً ، كما كلمه موسى ونظر إليه ، فإنا لن

نؤمن لك

حتى يعمل اللّه ذلك بك ، فقال اللّه لهم : لم أفعل ذلك بموسى ، وأنزل اللّه تعالى : وما كان لبشر أن يكلمه اللّه ، يقول : ليس لنبي من الأنبياء أن يكلمه اللّه إلا وحيا ،

فيسمع الصوت فيفقه أو - حط من ورائ حجابٍ ، كما كان بينه وبين موسى أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ، يقول : أو يأتيه مني بوحي ، يقول : أو يأمره فيوحى ما يشاء إنه علي ، يعني رفيع فوق خلقه حكيم [ آية : ٥١ ] في أمره .

فقالوا للنبي : من أول المرسلين ؟ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم :

أول المرسلين آدم ، عليه السلام ،

ف  كم المرسلين ؟ قال : ثلاثمائة وخمسة عشر جماء الغفير ، ومن الأنبياء من يسمع

الصوت فيفقه ، ومن الأنبياء من يوحى إليه في المنام ، وإن جبريل ليأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم كما

يأتي الرجل صاحبه في ثياب البياض مكفوفة بالدر والياقوت ، ورخلاه مغموستان في

الخضرة .

٥٢

الشورى : ٥٢ وكذلك أوحينا إليك . . . . .

قوله تعالى : وكذلك ، يعني وهكذا أوحينا إليك روحا من أمرنا ، يعني الوحي

بأمرنا ، كما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك حين ذكر الأنبياء من قبله ، فقال : وما كان لبشر أن يكلمه اللّه إلا وحيا ، إلى آخر الآية .

قوله : ما كنت تدري ما الكتب يا محمد قبل الوحي ، ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه ، يعني القرآن نورا ، يعني ضياء من العمى تهدى به ، يعني

بالقرآن من الضلالة إلى الهدى من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم

[ آية : ٥٢ ] ، يعني إنك لتدعو إلى دين مستقيم ، يعني الإسلام .

٥٣

الشورى : ٥٣ صراط اللّه الذي . . . . .

 صراط اللّه ، يقول : دين اللّه الذي له ما في السماوات وما في الأرض ، خلقه

وعبيده ، وفي قبضته ألا إلى اللّه تصير الأمور [ آية : ٥٣ ] ، يعني أمور الخلائق في

الآخرة تصير إليه ، فيجزئهم بأعمالهم ، واللّه غفور لذنوب العباد ، رحيم بهم .

قال مقاتل :

سيد الملائكة إسرافيل ، وهو صاحب الصور ، وسيد الأنبياء محمد صلى اللّه عليه وسلم ،

وسيد الشهداء هابيل بن آدم ، وسيد المؤذنين بلال بن رباح ، وسيد الشهور شهر

رمضان ، وسيد الأيام يوم الجمعة ، وسيد السباع الأسد ، وسيد الطير النسر ، وسيد الأنعام

الثور ، وسيد الوحش الأيل ، وسيد البلاد مكة ، وسيد البقاع بكة ، وسيد البيوت الكعبة ،

وسيد البحور بحر موسى ، وسيد الجبال طور سيناء ، وسيد المجالس ما استقبل به القبلة ،

وسيد الصلاة صلاة المغرب .

﴿ ٠