٤٦ سورة الأحقافمكية عددها خمس وثلاثون آية كوفي ١حم ٢تنزيل الكتاب من . . . . . تنزيل الكتاب يقول قضاء نزول الكتاب يعني القرآن من اللّه العزيز في ملكه الحكيم [ آية : ٢ ] في أمره . ٣الأحقاف : ٣ ما خلقنا السماوات . . . . . ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما يعني الشمس والقمر والنجوم والسحاب والرياح إلا بالحق ٦ لم أخلقهما باطلاً لغير شئ خلقتهما لأمر هو كائن ، ثم قال : وأجلٍ مسمىًّ يقول خلقتهم لأجل مسمى ينتهي إليه ، يعني يوم القيامة ، فهو الأجل المسمى . ثم قال : والذين كفروا من أهل مكة عما أنذروا في القرآن من العذاب معرضون [ آية : ٣ ] فلا يتفكرون . ٤الأحقاف : ٤ قل أرأيتم ما . . . . . قل يا محمد لأهل مكة أرءيتم ما تدعون يعني تعبدون من دون اللّه من الآلهة ، يعني الملائكة أروني ماذا خلقوا من الأرض يعني الأرض كخلق اللّه إن كانوا آلهة ، ثم قال : أم لهم يقول : ألهم شركٌ مع اللّه في ملك السموات ك قوله : ما لهم فيهما من شرك [ سبأ : ٢٢ ] ائتوني بكتابٍ من قبل هذا أو أثرةٍ من علمٍ يقول : أو رواية ′ تعلمونها ′ من الأنبياء قبل هذا القرآن بأن له شريكاً إن كنتم صادقين [ آية : ٤ ] يعني اللات والعزى ومناة بأنهن له شركاء . ٥الأحقاف : ٥ ومن أضل ممن . . . . . ومن أضل ممن يدعوا يقول : فلا أحد أضل ممن يعبد من دون اللّه من الآلهة من لا يستجيب له أبداً إذا دعاء يقول : لا تجيبهم الآلهة يعني الأصنام بشئ أبداً إلى يوم القيامة .ثم قال : وهم عن دعائهم غافلون [ آية : ٥ ] يعني الآلهة غافلون عن من يعبدها ، فأخبر اللّه عنها في الدنيا . ٦الأحقاف : ٦ وإذا حشر الناس . . . . . ثم أخبر في الآخرة ، فقال : وإذا حشر الناس في الآخرة يقول : إذا جمع الناس في الآخرة كانوا لهم أعداء يقول كانت الآلهة أعداء لمن يعبدها وكانوا بعبادتهم كافرين [ آية : ٦ ] يقول : تبرأت الآلهة من عبادتهم إياها ، فذلك قوله : فكفى باللّه شهيدا إلى قوله : لغافلين في يونس [ الآية ٢٩ ] . ٧الأحقاف : ٧ وإذا تتلى عليهم . . . . . قوله : وإذا تتلى عليهم ءاياتنا يعني القرآن بينات يقول : بيان الحلال والحرام قال الذين كفروا من أهل مكة للحق لما جاءهم هذا سخرٌ مبينٌ [ آية : ٧ ] . يقول : القرآن حين جاءهم هذا سحر مبين . ٨الأحقاف : ٨ أم يقولون افتراه . . . . . أم يقولون افتراه وذلك أن كفار مكة قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : ما هذا القرآن إلا شئ ابتدعته من تلقاء نفسك ؟ أيعجز اللّه أن يبعث نبياً غيرك ؟ وأنت أحقرنا وأصغرنا وأضعفنا ركناً وأقلنا حيلة ، أو يرسل ملكاً ، إن هذا الذي جئت به لأمر عظيم ، فقال اللّه عز وجل لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : قل لهم : يا محمد إن افتريناه من تلقاء نفسي فلا تملكون لي من اللّه شيئا يقول : لا تقدرون أن تردوني من عذابه هو أعلم بما تفيضون فيه يقول : اللّه أعلم بما تقولون في القرآن كفى به شهيدا يقول : فلا شاهد أفضل من اللّه بيني وبينكم بأن القرآن جاء من اللّه وهو الغفور في تأخير العذاب عنهم الرحيم [ آية : ٨ ] حين لا يعجل عليهم بالعقوبة . وأنزل في قوله كفار مكة أما وجد اللّه رسولاً غيرك . ٩الأحقاف : ٩ قل ما كنت . . . . . قوله تعالى : قل لهم يا محمد : ما كنت بدعاً من الرسل فقال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم : ما أنا بأول رسول بعث ، قد بعث قبلي رسل كثير وما أدري ما يفعل بي ولا بكم أيرحمني وإياكم ، أو يعذبني وإياكم إن أتبع يقول : ما أتبع إلا ما يوحي إلى من القرآن ، يقول : إذا أمرأت بأمر فعلته ، ولا أبتدع ما لم أمر به وما أنا إلا نذيرٌ مبينٌ [ آية : ٩ ] ، يعني نذير بين هي منسوخة نسختها : إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً إلى آخر الآيات . ١٠الأحقاف : ١٠ قل أرأيتم إن . . . . . قل أرءيتم إن كان من عند اللّه وكفرتم به وذلك أن خمسين رجلاً من اليهود أتوا النبي صلى اللّه عليه وسلم وعنده عبد اللّه بن سلام ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لليهود : ′ ألستم تعلمون أن عبد اللّه بن سلام سيدكم وأعلمكم ؟ ′ بلى ومنه نقتبس ، وإنا لا نؤمن بك حتى يتبعك عبد اللّه بن سلام ، وعبد اللّه بن سلام يسمع ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ أرأيتم إن اتبعني عبد اللّه بن سلام وآمن بي أفتؤمنون بي ؟ ′ فقال بعضهم : نعم ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ فمن أعلمكم بعد عبد اللّه بن سلام ′ ، فأتاه ، فقال : ′ أنت أعلم اليهود ′ ، فقال عبد اللّه : أعلم مني ، قال : ′ فمن أعلم اليهود بعد عبد اللّه ؟ ′ فسكت ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ أنت أعلم اليهود بعد عبد اللّه ′ ، قال : كذلك يزعمون ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : فإني أدعوكم إلى اللّه وإلى عبادته ودينه ′ ، لن نتبعك وندع دين موسى ، فخرج عبد اللّه بن سلام من الستر ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ هذا عبد اللّه قد آمن بي ′ ، فجادلهم عبد اللّه بن سلام ملياً ، فجعل يخبرهم بعث النبي صلى اللّه عليه وسلم وصفته في التورة ، فقال ابن صوريا : إن عبد اللّه بن سلام شيخ كبير قد ذهب عقله ما يتكلم إلا بما يجئ على لسانه ، فذلك قوله : قل أرءيتم إن كان من عند اللّه وكفرتم به . وشهد شاهد من بني إسرائيل يعني عبد اللّه بن سلام على مثله يعني على مثل ما شهد عليه يامين بن يامين ، كان أسلم قبل عبد اللّه بن سلام وكان يامين من بني إسرائيل من أهل التوراة فئامن بالنبي صلى اللّه عليه وسلم يقول : فأمن واستكبرتم يقول صدق ابن سلام بالنبي صلى اللّه عليه وسلم واستكبرتم أنتم عن الهدى عن الإيمان يعني اليهود إن اللّه لا يهدي القوم الظالمين [ آية : ١٠ ] يعني اليهود إلى الحجة مثلها في براءة . ١١الأحقاف : ١١ وقال الذين كفروا . . . . . ثم رجع إلى كفار مكة فقال : وقال الذين كفروا من أهل مكة للذين ءامنوا لخزاعة : لو كان خيرا ما سبقونا إليه وذلك أنهم قالوا لو كان الذي جاء به محمد حقاً : أن القرآن من اللّه ما سبقونا يقول ما سبقنا إلى الإيمان به أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وإذ لم يهتدوا هم به فسيقولون هذا القرآن أفك يعني كذب قديم [ آية : ١١ ] من محمد صلى اللّه عليه وسلم . ١٢الأحقاف : ١٢ ومن قبله كتاب . . . . . يقول اللّه تعالى : ومن قبله كتاب موسى ومن قبل هذا القرآن كذبوا بالتوراة لقولهم ′ إنا بكل كافرون ′ في القصص [ القصص : ٤٨ ] ، ثم قال : إماما لمن اهتدى به ورحمة من العذاب لمن اهتدى به وهذا القرآن كتاب مصدق للكتب التي كانت قبله لسانا عربيا يقول أنزلناه فرآنا ′ عربياً ′ ليفقهوا لما فيه لينذر بوعيد القرآن الذين ظلموا من كفار مشركي مكة و هذا القرآن وبشرى ما فيه من الثواب لمن آمن به للمحسنين [ آية : ١٢ ] يعني الموحدين . ١٣الأحقاف : ١٣ إن الذين قالوا . . . . . إن الذين قالوا ربنا اللّه فعرفوا ثم استقاموا على المعرفة باللّه ولم يرتدوا عنها فلا خوف عليهم من العذاب ولا هم يحزنون [ آية : ١٣ ] من الموت ، ثم أخبر بثوابهم فقال : ١٤الأحقاف : ١٤ أولئك أصحاب الجنة . . . . . أؤلئك أصحاب الجنة خالدين فيها لا يموتون جزاء بما كانوا يعملون [ آية : ١٤ ] . ١٥الأحقاف : ١٥ ووصينا الإنسان بوالديه . . . . . قوله : ووصينا الإنسن بوالديه إحساناً يعني براً بهم نزلت في أبي بكر الصديق ، رضي اللّه عنه ، ابن أبي قحافة ، وأم أبي بكر بن أبي قحافة واسمها أم الخير بنت صخر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة حملته أمه كرها ووضعته كرها يعني حملته في مشقة ووضعته في مشقة وحمله في البطن تسعة أشهر وفصاله من اللبن واحداً وعشرين شهراً فهذا ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده ثماني عشرة سنة وبلغ أربعين سنة فهو في القوة والشدة من ثماني عشرة سنة إلى أربعين سنة فلما بلغ أبو بمر أربعين سنة ، صدق بالنبي صلى اللّه عليه وسلم قال رب أوزعني يقول ألهمني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي بالإسلام وعلى والدي يعني أبا قحافة بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة ، وأمه أم الخير بنت صخر بن عمرو ، ثم قال : و ألهمني وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي يقول واجعل أولادي مؤمنين فأسلموا أجمعين نظيرها أجمعين نظيرها في المؤمن قوله : ومن صلح من آبائهم [ غافر : ٨ ] يقول : من آمن ، ثم قال أبو بكر : إني تبت إليك من الشرك وإني من المسلمين [ آية : ١٥ ] يعني من المخلصين بالتوحيد . ١٦الأحقاف : ١٦ أولئك الذين نتقبل . . . . . ثم نعت المسلمين فقال : أؤلئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا يقول : نجزيهم بإحسانهم ولا نجزيهم بمساوئهم ، والكفار يجزيهم بإساءتهم ويبطل إحسانهم لأنهم عملوا ما ليس بحسنة ، ثم رجع إلى المؤمنين ، فقال : ونتجاوز عن سيئاتهم ولا يفعل ذلك بالكافر في يعني مع أصحاب الجنة وعد الصدق يعني وعد الحق وهو الجنة الذي كانوا يوعدون [ آية : ١٦ ] وعدهم اللّه ، تعالى ، الجنة في الآخرة على ألسنة الرسل في الدنيا . ١٧الأحقاف : ١٧ والذي قال لوالديه . . . . . و قوله : والذي قال لولديه فهو عبد الرحمن بن أبي بكر ، وأمه رومان بنت عمرو بن عامر الكندي دعاه أبواه إلى الإسلام وأخبراه بالبعث بعد الموت ، فقال لوالديه : أبي لكما يعني قبحاً لكما الردئ من الكلام أتعدانني أن أخرج من الأرض يعني أن يبعثني بعد الموت وقد خلت القرون من قبلي يعني الأم الخالية فلم أرا أحداً منهم يبعث ، فأين عبد اللّه بن جدعان ؟ وأين عثمان بن عمرو ، وأين عامر بن عمرو ؟ كلهم من قريش وهم أجداده ، فلم أر أحداً منهم أتانا ، فقال أبواه : اللّهم اهده ، اللّهم أقبل بقبلة إليك ، اللّهم تب عليه ، فذلك قوله : وهما يستغيثان اللّه يعني يدعوان اللّه له بالهدى ، أن يهديه ويقبل بقلبه ، ثم يقولان : ويلك ءامنٌ صدق بالبعث الذي فيه أجزاء الأعمال إن وعد اللّه حق فيقول عبد الرحمن ما هذا إلا أساطير الأولين [ آية : ١٧ ] ما هذا الذي تقولان إلا كأحاديث الأولين . ١٨الأحقاف : ١٨ أولئك الذين حق . . . . . وكذبهم بقول اللّه ، تعالى : أؤلئك النفر الثلاثة الذين ذكرهم عبد الرحمن حق عليهم القول يقول : وجب عليهم العذاب في أمم يعني مع أمم قد خلت من قبلهم من من كفار الجن والإنس إنهم كانوا خاسرين [ ١٨ ] . ١٩الأحقاف : ١٩ ولكل درجات مما . . . . . وقوله تعالى : ولكل درجات مما عملوا يعني فضائل بأعمالهم وليوفيهم مجازة أعمالهم وهم لا يظلمون [ آية : ١٩ ] في أعمالهم . ٢٠الأحقاف : ٢٠ ويوم يعرض الذين . . . . . و قوله : ويوم يعرض الذين كفروا يعني كفار مكة على النار حين كشف الغطاء عنها لهم فينظرون إليها يعني كفار مكة فيقال لهم : أذهبتم طيباتكم يعني الرزق والنعمة التي كنتم فيها في حياتكم الدنيا ولم تؤدوا شكرها واستمتعتم بها يعني بالطيبات فلا نعمة لكم فاليوم تجزون في الآخرة بأعمالكم الخبيثة عذاب الهون يعني عذاب الهوان بما كنتم تستكبرون يعني بما كنتم تتكبرون في الأرض عن الإيمان فتعلمون فيها بغير الحق يعني بالمعاصي وبما كنتم تفسقون [ آية : ٢٠ ] يعني تعصون . ٢١الأحقاف : ٢١ واذكر أخا عاد . . . . . وقوله واذكر يا محمد لأهل مكة أخا عاد في النسب وليس بأخيهم في الدين ، يعني هود النبي ، عليه السلام إذ أنذر قومه بالأحقاف والأحقاف الرمل عند دك الرمل باليمن في حضر موت وقد خلت يعني مضت النذر من بين يديه يعني الرسل من بين يديه ومن خلفه يقوله قد مضت الرسل إلى قومهم من قبل هود ، كان منهم نوح ، عليه السلام ، وإدريس جد أبي نوح ، ثم قال ومن بعد هود ، يعني قد مضت الرسل إلى قومهم : ألا تعبدوا إلا اللّه يقول لم يبعث اللّه رسولاً من قبل هود ، ولا بعده إلا أمر بعبادة اللّه ، جل وعز إني أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيمٍ [ آية : ٢١ ] في الدنيا لشدته . ٢٢الأحقاف : ٢٢ قالوا أجئتنا لتأفكنا . . . . . قالوا اليهود : أجئتنا لتأفكنا يعني لتصدنا وتكذبنا عن عباده ءالهتنا فأتنا بما تعدنا من العذاب إن كنت من الصادقين [ آية : ٢٢ ] بأن العذاب نازل بنا ، فرد عليهم هود : ٢٣الأحقاف : ٢٣ قال إنما العلم . . . . . قال إنما العلم عند اللّه يعني نزول العذاب بكم علمه عند اللّه إذا شاء أنزله وأبلغكم ما أرسلت به إليكم من نزول العذاب بكم ولكني أراكم قوماً تجهلون [ آية : ٢٣ ] العذاب . ٢٤الأحقاف : ٢٤ فلما رأوه عارضا . . . . . فلما رأوه العذاب عارضاً مستقبل أو أوديتهم والعارض بعذ السحابة التي لم تطبق السماء التي يرى ما فيها من المطر قالوا لهود : هذا عارضٌ ممطرنا لأن المطر كان حبس عنهم وكانت السحابة إذا جاءت من قل ذلك الوادي مطروا ، قال هود : ليس هذا العارض ممطركم بل هو ولكنه ما استعجلتم به ريحٌ لكم فيها عذابٌ أليمٌ [ آية : ٢٤ ] يعني وجع ٢٥الأحقاف : ٢٥ تدمر كل شيء . . . . . وكان استعجالهم حين يا هود فائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين [ الأعراف : ٧ ] ، وكانوا أهل عمود سيارة في الربيع فإذا هاج العمود رجعوا إلى منازلهم وكانوا من قبيلة آدم بن شيم بن سام بن توح ، وكانوا أصهاره ، وكان طول أحدهم اثني عشر ذراعاً ، وكان فيهم الملك ، فلما كذبوا هوداً حبس اللّه عنهم المطر ثلاث سنين فلما دنا هلاكهم أوحى اللّه إلى الخزان ، خزان الريح أن أرسلوا عليهم من الريح مثل منخر الثور . فقالت الخزان : يا رب ، إذا تنسف الريح الأرض ومن عليها ، قال : أرسلوا عليهم مثل خرق الخاتم ، يعني على قدر حلقة الخاتم ، ففعلوا فجاءت ريح باردة شديدة تسمى الدبور من وراء كاوك الرمل وكان المطر يأتيهم من تلك الناحية فيما مضى فمن ثم : قالوا هذا عارض ممطرنا ، فعمد هو فخط على نفسه ، وعلى المؤمنين خطا إلى أصل شجرة ينبع من ساقها عين فلم يدخل عليهم من الريح إلا النسيم الطيب ، وجعلت الريح شدتها تجئ بالطعن بين السماء والأرض ، فلما رأوا أنهار ريح يا هود ، إن ريحك هذا لا تزيل أقدامنا ، و من أشد منا قوة ، يعني بطشاً فقاموا صفوفاً فاستقبلوها بصدورهم فأزالت الريح أقدامهم ، ف يا هود ، إن ريحك هذه تزيل أقدامنا فألقتهم الريح لوجوههم ونسفت عليهم الرمل حتى إنه يسمع أنينن احده من تحت الرمل ، فذلك قوله : أو لم يروا أن اللّه الذي خلقهم هو أشد منهم قوة [ فصلت : ١٥ ] ، وقال لهم هود حين جاءتهم الريح إنها : تدمر كل شئٍ بأمر ربها يعني تهلك كل شئ من عاد بأمر ربهما من الناس والأموال والدواب ، بإذن ربها يقول اللّه ، تعالى لمحمد صلى اللّه عليه وسلم : فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم بالشجر ولم يبق لهم شئ كذلك يقول هكذا نجزي بالعذاب القوم المجرمين [ آية : ٢٥ ] بتكذيبهم وهاجت الريح غدوة وسكنت بالعشي اليوم الثامن عند غروب الشمس ، فذلك قوله : سخرها عليهم سبع ليال [ الحاقة : ٧ ] يعني كامة دائمة متتابعة ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ، ثم بعث اللّه طيراً سوداً فالتقطتهم حتى ألقتهم في البحر ′ . ٢٦الأحقاف : ٢٦ ولقد مكناهم فيما . . . . . ثم خوف كفار مكة فقال : ولقد مكانهم يعني عاداً فيما إن مكانكم يا أهل مكة فيه يعني في الذي أعطيناكم في الأرض من الخير والتمكن في الدنيا ، يعني مكناكم في الأرض يا أهل مكة وجعلنا لهم في الخير والتمكين في الأرض سمعا وأبصارا وأفئدة يعني القلوب كما جعلنا لكم أهل مكة فما أغنى عنهم من العذاب سمعهم ولا أبصارهم ولا أفئدتهم من شئٍ يقول لم تغن عنهم ما جعلنا من العذاب إذ كانوا يجحدون بآيات اللّه يعني عذاب اللّه ، تعالى وحاق بهم يعني ووجب لهم سور العذاب ب ما كانوا به يعني العذاب يستهزءون [ آية : ٢٦ ] هذا مثل ضربه اللّه لقريش حين إنه غير كائن . ٢٧الأحقاف : ٢٧ ولقد أهلكنا ما . . . . . قوله : ولقد أهلكنا بالعذاب ما حولكم من القرى يعني القرون قوم نوح ، وقوم صالح ، وقوم لوط ، فأما قوم لوط فهم بين المدينة والشام ، وأما عاد فكانوا باليمن . قوله : وصرفنا الآيات في أمور شتى يقول : نبعث مع كل نبي إلى أمته آية ليست لغيرهم لعلهم يقول لكي يرجعون [ آية : ٢٧ ] من الكفر إلى الإيمان فلم يتوبوا فأهلكهم اللّه بالعذاب . ٢٨الأحقاف : ٢٨ فلولا نصرهم الذين . . . . . قوله : فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون اللّه قرباناً ءالهةً يقول فهلا منعتهم آلهتهم من العذاب الذي نزل بهم بل ضلوا عنهم يعني بل ضلت عنهم الآلهة فلم تنفعهم عند نزول العذاب بهم وذلك إفكهم يعني كذبهم بأنها آلهة وما كانوا يفترون [ آية : ٢٨ ] في قولهم من الشرك . ٢٩الأحقاف : ٢٩ وإذ صرفنا إليك . . . . . قوله : وإذ صرفنا إليك يعني وجهنا إليك يا محمد نفراً من الجن يستمعون القرءان فقرأ من الجن تسعة نفر من أشراف الجن وساداتهم من أهل اليمن من قرية يقال لها : نصيبين ، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبطن نخلة يقرأ القرآن في صلاة الفجر فلما حضروه فلما حضروا النبي صلى اللّه عليه وسلم قالوا قال بعضهم لبعض : أنصتوا للقرآن ، وكادوا ، أن يرتكبوه من الحرص ، فذلك قوله : كادوا يكونون عليه لبدا [ الجن : ٩ ] فلما قضى يقول فلما فرغ النبي صلى اللّه عليه وسلم من صلاته ولوا يعني انصرفوا إلى قومهم يعني الجن منذرين [ آية : ٢٩ ] ، يعني مؤمنين . ٣٠الأحقاف : ٣٠ قالوا يا قومنا . . . . . قالو ا ياقومنا إنا سمعنا محمداً صلى اللّه عليه وسلم يتلوه كتابا يعني يقرأ محمد صلى اللّه عليه وسلم كتاباً ، يعني شيئاً عجباً ، يعني قرآناً أنزل على محمد صلى اللّه عليه وسلم من بعد موسى عليه السلام ، وكانوا مؤمنين بموسى مصدقا لما بين يديه يقول يصدق كتاب محمد صلى اللّه عليه وسلم إلى الحق يعني إلى الهدى وإلى طريق مستقيم [ آية : ٣٠ ] يعني يدعوا إلى الدين المستقيم وهو الإسلام فلما أتوا قومهم قالوا لهم : ٣١الأحقاف : ٣١ يا قومنا أجيبوا . . . . . ياقومنا أجيبوا داعي اللّه وءامنوا به يقول أجيبوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم إلى الإيمان وصدقوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم [ آية : ٣١ ] يعني ويؤمنكم من عذاب وجيع . ٣٢الأحقاف : ٣٢ ومن لا يجب . . . . . ومن لا يجب داعي اللّه يعني محمداً صلى اللّه عليه وسلم إلى الإيمان فليس بمعجز في الأرض يقول فليس بسابق اللّه فيقول هرباً في الأرض حتى يجزيه بعمله الخبيث وليس له من دونه أولياء يعني ليس له أقرباء يمنعونه من اللّه ، عز وجل أؤلئك الذين لا يجيبون إلى الإيمان . في ضلال مبين [ آية : ٣٢ ] يعني بين هذا قول الجن التسعة فأقبل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم من الذين أنذروا مع التسعة تكلمه سبعين رجلاً من الجن من العام المقبل فلقوا النبي صلى اللّه عليه وسلم بالبطحاء ، فقرأ النبي صلى اللّه عليه وسلم : القرآن وأمرهم ونهاهم ، وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم تلك الليل قبل أن يلقاهم لأصحابه : ′ ليقم معي منكم رجل ليس في قلبه مثقال حبة خردل من شك ′ فقام عبد اللّه بن مسعود ومعه إداوة فيها نبيذ ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لابن مسعود : ′ قم مكانك ′ ، وخط النبي صلى اللّه عليه وسلم خطاً ، وقال : ′ لا تبرح حتى أرجع إليك إن شاء اللّه ، ثم قال : إن سمعت صوتاً أو جلبة أو شيئاً يفزعك فلا تخرج من مكانك ′ فوقف عبد اللّه حتى أصبح ، ودخل النبي صلى اللّه عليه وسلم الشعب ، وقال له : ′ لا تخرج من الخط فإن أنت خرجت اختطفت الليلة ′ ، وأنطلق النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ عليهم القرآن ويعلمهم ويؤدبهم واختصم رجلاً منهم في دم إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فرفعوا أصواتهم فسمع ابن مسعود الصوت فقال : واللّه ، لاتينه فلعل كفار قريش أن يكونوا مكروا به فلما أراد الخروج من الخط ذكر وصية رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فلم يخرج ووقف عبد اللّه حت أصبح ، والنبي صلى اللّه عليه وسلم في الشعب يعلمهم ويؤدبهم حتى أصبح فانصرف الجن وأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ابن مسعود فقال عبد اللّه : يا نبي اللّه ، ما زلت قائماً حتى حتى رجعت إلى ، وقد سمعت أصواتاً مرتفعة حتى هممت بالخروج فذكرت قولك فأقمت . فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : اختصموا في قتلى لهم كانوا أصابوها في الجاهلية فقضيت بينهم ، ثم قال : امعك طهوراً ؟ ′ قال : نعم ، نبيذ في إداوة ، فقال : ′ ثمرة طيبة وماء طهور عذب ، صب على ′ فصب عليه ابن مسعود ، فتوضأ منه النبي صلى اللّه عليه وسلم فلما أراد أن يصليا أقبل الرجالن اللذان اختصما في الدم حتى وقفا عليه رآهما النبي صلى اللّه عليه وسلم ظن أنهما رجعا يختصمان في الدم ، فقال : ′ ما لكما ألم أقض بينكما ؟ ′ قالا : يا رسول اللّه ، إنا جئنا نصلي معك ونقتدي بك فقام النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الصلاة ، وقام ابن مسعود والرجلان من الجن وراء النبي صلى اللّه عليه وسلم فصلوا معه فذلك قوله : أنه لما قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبد [ الجن : ١٩ ] من حبهم إياه ، ثم انصرفوا من عنده مؤمنين فلم يبعث اللّه ، عز وجل ، نبياً إلى الإنس والجن قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم . ف يا رسول اللّه ، مر لنا برزق حتى نتزود في سفرنا ؟ فقال لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم فإن لكم أن يعود العظم لحماً والبعر حباً هذا لكم إلى يوم القيامة فلا يحل للمسلم أن يستنجي بالعظم ولا بالبعر ، ولا بالرجيع ، يعني رجيع الدواب ، ولم يبعث اللّه نبياً إلى الجن والأنس قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم . وقال ابن مسعود : لقد رأيت رجالاً مستنكرين طولاً سوداً كأنهم من أزد شنوءة لو خرجت من ذلك الخط لظننت أني سأختطف . ٣٣الأحقاف : ٣٣ أو لم يروا . . . . . قوله : أولم يروا يقول أو لم يعلموا أن اللّه الذي خلق السماوات والأرض نزلت في أبي خلف الجمحي عمد فأخذ عظماً حائلاً نخرا فأتى به النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : يا محمد ، أتعدنا إذا بليت عظامنا ، وكنا رفاتاً أن اللّه يبعثنا جديداً ، وجعل يفت العظم ويذريه في الريح ، ويقول : يا محمد ، من يحيى هذا ؟ قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : يحيى اللّه هذا ، ثم يميتك ، ثم يبعثك في الآخرة ويدخلك النار ′ ، فأنزل اللّه ، تعالى يعظه ليعتبر في خلق اللّه فيوحده ، أو لم يروا أن اللّه ، أو لم يعلموا أن اللّه الذي خلق السموات والأرض ، لأنهم مقرون أن اللّه الذي خلقهما وحده . ولم يعي بخلقهن بقدرٍ على أن يحى الموتى في الآخرة ، وهما أشد خلقاً من خلق الإنسان بعد أن يموت ولم يعي بخلقهن إذ خلقهن ، يعني عن بعث الموتى نظيرها في يس ، ثم قال لنبيه ، صلى اللّه عليه وسلم بلي يبعثهم إنه على كل شئٍ من البعث وغيره قدير [ آية : ٣٣ ] فلما كفر أهل مكة بالعذاب أخبرهم اللّه بمنزلتهم في الآخرة ، ٣٤الأحقاف : ٣٤ ويوم يعرض الذين . . . . . فقال : ويوم يعرض الذين كفروا على النار يعني إذا كشف الغطاء عنها لهم فنظروا إليها . فقال اللّه لهم : أليس هذا العذاب الذي ترون بالحق قالوا بلى وربنا أنه الحق . قال اللّه ، تعالى : فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون [ آية : ٣٤ ] بالعذاب بأنه غير كائن . ٢٥الأحقاف : ٣٥ فاصبر كما صبر . . . . . قوله : فاصبر يا محمد على الأذى والتكذيب يعزي نبيه صلى اللّه عليه وسلم ليصبر كما صبر أؤلوا العزم يعني أولو الصبر من الرسل يعني إبراهيم ، وأيواب ، وإسحاق ، ويعقوب ، ونوح ، عليهم السلام . نزلت هذه الآية يوم أحد فأمره أن يصبر على ما أصابه ولا يدعو على قومه مثل قوله : ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما [ طه : ١١٥ ] ، ثم ذكر له صبر الأنبياء وأولى العزم من قبله من الرسل على البلاء منهم إبراهيم ، خليل الرحمن عليه السلام ، حين ألقى في النار ، ونوح ، عليه السلام على تكذيب قومه وكان يضرب حتى يغشى عليه ، فإذا أفاق ، قال : اللّهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون شيئاً ، وإسحاق في أمر الذبح ، ويعقوب في ذهاب بصره من حزنه على يوسف حين ألقى في الجب والسجن ، وأيوب ، عليه السلام ، في صبره على البلاء . ويونس بن متى ، عليه السلام ، في بطن الحوت ، وغيرهم صبروا على البلاء ، ومنهم اثنا عشر نبياً ببيت المقدس ، فأوحى اللّه تعالى إليهم أني منتقم من بني إسرائيل بما صنعوا بيحيى بن زكريا فإن شئتم أن تختاروا أن أنزل بكم النقمة وأنجى بقية بني إسرائيل وإن كرهتم أنزلت النقمة والعقوبة بهم وأنجيتكم فاستقام رأيهم على أن ينزل بهم العقوبة ، وهو اثنا عشر وينجي قومهم فدعوا ربهم أن ينزل بهم العقوبة وينجى بني إسرائيل فسلط عليهم ملوك أهل الأرض فأهلكوهم فمنهم من نشر بالمنشار ، ومنهم من سلخ رأسه ووجهه ، ومنهم من رفع على الخشب ، ومنهم من أحرق بالنار ، ومنهم من شدخ رأسه وأمر نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن يصبر كما صبر هؤلاء فإنه قد نزل بهم ما لم ينزل بك . ثم قال : ولا تستعجل لهم وذلك أن كفار مكة ، حين أخبرهم النبي صلى اللّه عليه وسلم بالعذاب سألوه متى هذا الوعد الذي تعدنا يقول اللّه تعالى ، لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : ولا تستعجل لهم بالعذاب كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا في الدنيا ولم يروها إلا ساعة من نهار يوم واحد من أيام الدنيا بلغ يعني تبليغ فيها يقول هذا الأمر بلاغ لهم فيها فهل يهلك بالعذاب إلا القوم الفاسقون [ آية : ٣٥ ] يعني العاصون للّه ، عز وجل ، فيما أمرهم من أمره ونهيه ويقال هذا الأمر هو بلاغ لهم بل ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم ، يعني وجيع لقولهم لهود : فائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين [ الأعراف : ٧٠ ] . قوله : الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين [ الشعراء : ٢١٨ - مع ٢١٩ ] ، يعني صلاتك مع المصلين في جماعة ، الذي استخرجك من أصلاب الرجال وأرحام النساء وأخرجك من صلب عبد اللّه طيباً . |
﴿ ٠ ﴾