٤٩ سورة الحجراتمدنية عددها ثماني عشرة آية كوفي ١الحجرات : ١ يا أيها الذين . . . . . يأيها الذين ءامنوا لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله نزلت في ثلاثة نفر ، وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث سرية إلى ناحية أرض تهامة ، وكانوا سبعة وعشرين رجلاً منهم عروة بن أسماء السلمي ، والحكم بن كيسان المخزومي ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، وبشير الأنصاري ، واستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري من النقباء ، وكتب صحيفة ودفعها إلى حرام بن ملحان ليقرأها على العدو ، فكان طريقهم على بني سليم وبينهم وبين النبي صلى اللّه عليه وسلم موادعة . ودس المنافقون إلى بني عامر بن صعصعة ، وهم حرب على المسلمين ، إن أصحاب محمد مغرورون يختلفون من بين ثلاثة وأربعة فأرصدوهم وهم على بئر معونة ، وهو ماء لبني عامر فسار القوم ليلاً ، وأضل أربعة منهم بعيراً لهم منهم بشير الأنصاري ، فأقاموا حتى أصبحوا ، وسار المسلمون حتى أتوا على بني عامر ، وهم حول الماء ، وعليهم بن الطفيل العامري ، فدعاهم المنذر بن عمرو إلى الإسلام ، وقرأ عليهم حرام الصحيفة ، فأبوا فاقتتلوا قتالاً شديداً ، فلما عرفوا أنهم مقتولون ، اللّهم ، إنك تعلم أن رسولك أرسلنا ، وإنا لا نجد من يبلغ عنا رسولك غيرك ، فاقرئه منا السلام ، فقد رضينا بحسن قضائك لنا . وحمل عامر بن الطفيل على حرام فطعنه فقتله ، وقتل بقيتهم غير المنذر بن عمرو ، فإنه كان دارعاً مقنعاً ، وعروة بن أسماء السلمي ، فقتل المنذر بعد ذلك ، فقالوا لعروة : لو شئنا لقتلناك ، فأنت آمن فإن شئت فارجع إلينا ، وإن شئت فاذهب إلى غيرنا ، فأنت آمن ، قال عروة : إني عاهدت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ألا أضع يدي في يد مشرك ولا أتخذه ولياً ، وجعل يحمل عليهم ، ويضربونه يعرض رماحهم ويناشدونه ، ويأبي عليهم فرموه بالنيل حتى قتلوه ، وأتى جبريل النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأخبره بحالهم ، فنعاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه ، وقال : أرسل إخوانكم يقرأونكم السلام فاستغفروا لهم . ووجده الأربعة بعيرهم حين أصبحوا ، فساروا فلما دنوا من ماء بني عامر لقيتهم وليدة لبني عامر ، فقالت : أمن أصحاب محمد أنتم ؟ ف نعم ، رجاء أن تسلم ، فقالت : إن إخوانكم قد قتلوا حول الماء ، النجاء النجاء ، ألا ترون إلى النسور والعقبان قد تعلقن بلحومهم . فقال بشير الأنصاري : دونكم بعيركم أنظر لكم ، فسار نحوهم فرأى إخوانهم مقتلين كأمثال البدن حول الماء ، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم ، وقال لهم : ما ترون ؟ نرجع إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فنخبره الخبر ، فقال بشير : لكني لا أرجع اللّه ، حتى أتغدى من غداء القوم ، فاقرءوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم مني السلام ورحمة اللّه ، ثم أتاهم فحمل عليهم ، فناشدوه أن أرجع فأبى ، وحمل عليهم ، فقتل منهم ، ثم قتل بعد ، فرجع الثلاثة يسلون بغيرهم سلا ، فأتوا المدينة عند جنوح الليل ، فلقوا رجلين من بني سليم جائين من عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ف من أنتما ؟ قالا : من بني عامر ، لأنهم كانوا قريباً من بني عامر بالمدينة ، ولا يشعرن بصنيع بني عامر . ف هذين من الذين قتلوا إخواننا ، فقتلوهما وسلبوهما ، ثم دخلوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم ليخبروه فوجدوا الخبر قد سبق إليه ، ثم يا نبي اللّه ، غشينا المدينة عند المساء فلقينا رجلين من بني عامر فقتلناهم ، وهذا سلبهما ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ بل هما من بني سليم من حلفائي بئسما صنعتما ، هذان رجلان من بني سليم كانا جاءا في أمر الموادعة ′ ، فنزلت فيهم : يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله يقول : لا تعجلوا بقتل أحد ، ولا بأمر حتى تستأمروا النبي صلى اللّه عليه وسلم فوعظهم في ذلك ، وأقبل قوم السلميين ، فقالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إن صاحبينا قتلا عندك ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ إن صاحبكم اعتزيا إلى عدونا فقتلا جميعاً ′ ، وأخبرهم الخبر ، ولكننا سنعقل عن صاحبيكم لكل واحد منهما مائة من الإبل ، فجعل دية المشرك المعاهد ، كدية الحر المسلم . قال : واتقوا اللّه في المعاصي إن اللّه سميع لمقالتكم عليم [ آية : ١ ] بخلقه . ٢الحجرات : ٢ يا أيها الذين . . . . . يأيها الذين ءامنوا لا ترفعوا أصواتكم يعني كلامكم فوق صوت النبي يعني فوق كلام النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول : احفظوا الكلام عنده ، نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس ، وشماس الأنصاري من بني الحارث بن الخزرج ، وكان في أذنيه وقر ، وكان إذا تكلم عند النبي صلى اللّه عليه وسلم رفع صوته . ثم قال : ولا تجهروا له بالقول وفيه نزلت هذه الآية : لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا [ النور : ٦٣ ] يقول : لا تدعوه باسمه يا محمد ، ويا ابن عبد اللّه كجهر بعضكم لبعض يقول : كما يدعو الرجل منكم باسمه يا فلان ، ويا ابن فلان ، ولكن عظموه ووقروه وفخموه وقولوا له : يا رسول اللّه ، ويا نبي اللّه ، يؤدبهم أن تحبط أعلماكم يعني أن تبطل حسناتكم إن لم تحفظوا أصواتكم عند النبي صلى اللّه عليه وسلم وتعظموه وتوقروه وتدعوه باسم النبوة ، فإنه يحبط أعمالكم . وأنتم لا تشعرون [ آية : ٢ ] أن ذلك يحبطها ، فلما نزلت هذه الآية أقام ثابت بن قيس في منزله مهموماً حزيناً مخافة أن يكون حبط عمله ، وكان بدرياً ، فانطلق جاره سعد بن عبادة الأنصاري إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأخبره بقول ثابت بن قيس ، بأنه قد حبط عمله ، وهو في الآخرة من الخاسرين ، وهو في النار . فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لسعد : ′ اذهب فأخبره ، أنك لم تعن بهذه الآية ، ولست من أهل النار ، بل أنت من أهل الجنة ، وغيرك من أهل النار ، يعني عبد اللّه بن أبي المنافق ، فاخرج إلينا ′ فرجع سعد إلى ثابت فأخبره بقول النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ففرح وخرج إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم حين رآه : ′ مرحباً برجل يزعم أنه من أهل النار ، بل غيرك من أهل النار ، يعني عبد اللّه بن أبي ، وكان جاره ، وأنت من أهل الجنة ′ . فكان ثابت بعد ذلك إذا كان عند النبي صلى اللّه عليه وسلم خفض صوته فلا يسمع من يليه . ٣الحجرات : ٣ إن الذين يغضون . . . . . فنزلت فيه بعد الآية الأولى : إن الذين يغضون أصواتهم يعني يخفضون كلامهم عند رسول اللّه أؤلئك الذين امتحن اللّه يعني أخلص اللّه قلوبهم للتقوى لهم مغفرة لذنوبهم وأجر يعني جزاء عظيم [ آية : ٣ ] يعني : الجنة ، فقال ثابت بعد ذلك : ما يسرني أني لم أجهر بصوتي عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وأني لم أخفض صوتي إذا امتحن اللّه قلبي للتقوى ، وجعل لي مغفرة لذنوبي ، وجعل لي أجراً عظيماً يعني الجنة ، فلما كان على عهد أبي بكر الصديق ، رضي اللّه عنه ، غزا ثابت إلى اليمامة فرأى المسلمين قد انهزموا ، فقال لهم : أف لكم ، ولما تصنعون ، اللّهم إني أعتذر إليك من صنيع هؤلاء ، ثم نظر إلى المشركين ، فقال : أف لكم ، ولما تعبدون من دون اللّه ، اللّهم إني أبرأ إليك مما يعبد هؤلاء ، ثم قاتلهم حتى قتل ، رحمة اللّه عليه . ٤الحجرات : ٤ إن الذين ينادونك . . . . . إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون [ آية : ٤ ] نزلت في تسعة رهط ثمانية منهم من بني تميم ، ورجل من قيس ، فمنهم الأقرع بن حابس المجاشعي ، وقيس بن عاصم المنقري ، والزبرقان بن بدر الهذلي ، وخالد بن مالك ، وسويد بن هشام النهشليين ، والقعقاع بن معبد ، وعطاء بن حابس ، ووكيع بن وكيع من بني دارم ، وعيينة بن حصن الفزاري ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أصاب طائفة من ذراري بني العنبر ، فقدموا المدينة في الظهيرة لفداء ذراريهم ، فتذكروا ما كان من أمرهم فبكت الذراري إليهم ، فنهضوا إلى المسجد والنبي صلى اللّه عليه وسلم في منزله فاستعجلوا الباب لما أبطأ عليهم النبي صلى اللّه عليه وسلم فنادى أكثرهم من وراء الحجرات : يا محمد ، مرتين ألا تخرج إلينا فقد جئنا في الفداء , فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ويلك ما لك حداك المنادي ′ ، فقال : أما واللّه إن حمدي لك زين ، وإن ذمي لك شين ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ ويلكم ذلكم اللّه ′ ، فلم يصبروا حتى يخرج إليهم صلى اللّه عليه وسلم . ٥الحجرات : ٥ ولو أنهم صبروا . . . . . فذلك قوله : ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم يعني بالخير لو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لأطلقتهم من غير فداء . ثم قال : واللّه غفور رحيم [ آية : ٥ ] لقولهم : يا محمد ألا تخرج إلينا . ٦الحجرات : ٦ يا أيها الذين . . . . . قوله : يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي إلى بني المصطلق ، وهم حي من خزاعة ، ليقبض صدقة أموالهم ، فلما بلغهم ذلك فرحوا واجتمعوا ليتلقوه ، فبلغ الوليد ذلك فخافهم على نفسه ، وكان بينه وبينهم عداوة في الجاهلية من أجل شئ كانوا أصابوه ، فرجع إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال طردوني ومنعوني الصدقة ، وكفروا بعد إسلامهم ، فلما قال ذلك انتدب المسلمون لقتالهم . فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : إلا حتى أعلم العلم ′ ، فلما بلغهم أن الوليد رجع من عندهم ، بعثوا وفداً من وجوههم فقدموا على النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة ، ف يا رسول اللّه ، إنك أرسلت إلينا من يأخذ صدقاتنا فسررنا بذلك ، وأردنا أن نتلقاه ، فذكر لنا أنه رجع من بعض الطريق فخفنا أنه إنما رده غضب علينا ، وإنا نعوذ باللّه من غضبه وغضب رسوله ، واللّه ما رأيناه ولا أتانا ، ولكن حمله على ذلك شئ كان بيننا وبينه في الجاهلية ، فهو يطلب يدخل الجاهلية ، فصدقهم النبي صلى اللّه عليه وسلم . فأنزل اللّه تعالى في الوليد ثلاث آيات متواليات بفسقه وكذبه يأيها الذين ءامنوا إن جاءكم فاسقٌ بنبإٍ يقول : إن جاءكم كاذب بحديث كذب فتبينوا أن تصيبوا قتل قوما بجهالة وأنتم جهال بأمرهم ، يعني بني المصطلق فتصبحوا على ما فعلتم نادمين يعني الذين انتدبوا لقتال بني المصطلق [ آية : ٦ ] . ٧الحجرات : ٧ واعلموا أن فيكم . . . . . واعلموا أن فيكم رسول اللّه لو يطيعكم يقول : لو أطاعكم النبي صلى اللّه عليه وسلم حين انتدبتم لقتالهم في كثير من الأمر لعنتم يعني لأثمتم في دينكم . ثم ذكرهم النعم ، فقال : ولكن اللّه حبب إليكم الإيمان يعني التصديق وزينه في قلوبكم للثواب الذي وعدكم وكره إليكم الكفر والفسوق يعني الإثم والعصيان يعني بغض إليكم المعاصي للعقاب الذي وعد أهله فمن عمل بذلك منكم وترك ما نهاه عنه أؤلئك هم الراشدون [ آية : ٧ ] يعني المهتدين . ٨الحجرات : ٨ فضلا من اللّه . . . . . فضلا من اللّه ونعمة يقول : الإيمان الذي حببه إليكم فضلاً من اللّه ونعمة ، يعني رحمة واللّه عليم بخلقه حكيم [ آية : ٨ ] في أمره . ٩الحجرات : ٩ وإن طائفتان من . . . . . قوله : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم وقف على حمار لع يقال له : يعفور ، فبال الحمار ، فقال عبد اللّه بن أبي للنبي : خل للناس مسيل الريح من نتن هذا الحمار ، ثم قال : أف وأمسك بأنفه ، فشق على النبي صلى اللّه عليه وسلم قوله ، فانصرف النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال عبد اللّه بن أبي رواحة : ألا أراك أمسكت على أنفك من بول حماره ، واللّه لهو أطيب ريح عرض منك ، فلجا في القول فاجتمع قوم ضرب النعال والأيدي والسعف ، فرجع النبي صلى اللّه عليه وسلم إليهم فأصلح بينهم ، فأنزل اللّه تعالى : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا يعني الأوس والخزرج اقتتلوا . فأصلحوا بينهما بكتاب اللّه عز وجل ، فإن كره بعضهم الصلح . قال اللّه : فإن بغت إحداهما على الأخرى ولم ترجع إلى الصلح فقاتلوا التي تبغي بالسيف ، يعني التي لم ترجع حتى تفئ إلى أمر اللّه يعني حتى ترجع إلى الصلح الذي أمره فإن فاءت يعني فإن رجعت إلى الصلح فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا يعني وأعدلوا إن اللّه يحب المقسطين [ آية : ٩ ] يعني الذين يعدلون بين الناس . ١٠الحجرات : ١٠ إنما المؤمنون إخوة . . . . . ثم قال : إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم يعني الأوس والخزرج واتقوا اللّه ولا تعصوه ، لما كان بينكم ، قوله : لعلكم ترحمون [ آية : ١٠ ] يعني لكم ترحموا فلا تعذبوا لما كان بينكم . ١١الحجرات : ١١ يا أيها الذين . . . . . قوله : يأيها الذين ءامنوا لا يسخر قومٌ من قومٍ يقول : لا يستهزئ من الرجل من أخيه ، فيقول : إنك ردئ المعيشة ، لئيم الحسب ، وأشباه ذلك مما ينقصه به من أمر ديناه ، ولعله خير منه عند اللّه تعالى ، فأما الذين استهزءوا فهم الذين نادوا النبي صلى اللّه عليه وسلم من وراء الحجرات ، وقد استهزءوا من الموالي عمار بن ياسر ، وسلمان الفارسي ، وبلال المؤذن ، وخباب بن الأرت ، وسالم مولى أبي حذيفة ، وعامر بن فهيرة ، وغيرهم من الفقراء ، قال : وإن سالم مولى أبي حذيفة كان معه راية المسلمين يوم اليمامة ، فقالوا له : إنا نخشى عليك ، فقال سالم : بئس حامل القرآن أنا إذاً ، فقاتل حتى قتل . ثم قال : عسى أن يكونوا خيرا منهم عند اللّه ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن نزلت في عائشة بنت أبي بكر ، رضي اللّه عنهما ، استهزأت من قصر أم سلمة بنت أبي أمية ، ثم قال : ولا تلمزوا أنفسكم يقول : لا يطعن بعضكم على بعض ، فإن ذلك معصية تنابزوا بالألقاب وذلك ان كعب بن مالك الأنصاري كان يكون على المقسم فكان بينه وبين عبد اللّه بن الحدرد الأسلمي بعض الكلام ، فقال له : يا أعرابي ، فقال له عبد اللّه : يا يهودي ، ثم انطلق عبد اللّه فأخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ لعلك قلت له : يا يهودي ′ ؟ قال : نعم قد قلت له ذلك إذ لقبني أعرابياً ، وأنا معاجر ، فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ لا تدخلا على حتى ينزل اللّه توبتكما ′ ، فأوثقا أنفسهما إلى سارية المسجد إلى جنب المنبر . فأنزل اللّه تعالى فيهما : ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب يقول : لا يعير الرجل أخاه المسلم بالملة التي كان عليها قبل الإسلام ، ولا يسميه بغير أهل دينه فإنه بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان يعني بئس الاسم هذا ، أن يسميه باسم الكفر بعد الإيمان ، يعني بعد ما تاب وآمن باللّه تعالى ومن لم يتب من قوله فأؤلئك هم الظالمون [ آية : ١١ ] فلما أنزل اللّه تعالى توبتهما وبين أمرهما تابا إلى اللّه تعالى من قولهما وحلا أنفسهما من الوثائق . ١٢الحجرات : ١٢ يا أيها الذين . . . . . قوله : يأيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيراً من الظن يقول : لا تحققوا الظن ، وذلك أن الرجل يسمع من أخيه كلاماً لا يريد به سوء ، أو يدخل مدخلاً لا يريد به سواءً فيراه أخوه المسلم ، أو يسمعه فيظن به سواءً ، فلا بأس ما لم يتكلم به ، فإن تكلم به أثم ، فذلك قوله : إن بعض الظن إثم ثم قال : ولا تجسسوا يعني لا يبحث الرجل عن عيب أخيه المسلم ، فإن ذلك معصية ولا يغتب بعضكم بعضا نزلت في فتير ، ويقال : فهير خادم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وذلك أنه قيل له : إنك وخيم ثقيل بخيل ، والغيبة أن يقول الرجل المسلم لأخيه ما فيه من العيب ، فإن قال ما ليس فيه فقد بهته . ثم ضرب للغيبة مثلاً ، فقال : أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه يقول : إذا غاب عنك المسلم ، فهو حين تذكره بسوء بمنزلة الشئ الميت ، لأنه لا يسمع بعيبك إياه ، فكذلك الميت لا يسمع ما قلت له ، فذلك قوله : أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه يعني كما كرهتم أكل لحم الميت ، فأكرهوا الغيبة لإخوانكم واتقوا اللّه في الغيبة فلا تغتابوا الناس إن اللّه ثوابٌ على من تاب رحيم [ آية : ١٢ ] بهم بعد التوبة ، والغيبة أن تقول لأخيك ما فيه من العيب ، فإن قلت ما ليس فيه فقد بهته ، وإن قلت ما بلغك فهذا الإفك . ١٣الحجرات : ١٣ يا أيها الناس . . . . . قوله : يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى يعني آدم وحواء نزلت في بلال المؤذن ، و في سلمان الفارسي ، وفي أربعة نفر من قريش ، في عتاب بن أسيد بن أبي العيص ، والحارث بن هشام ، وسهيل بن عمرو ، وأبي سفيان بن حرب ، كلهم من قريش ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما فتح مكة أمر بلالاً فصعد ظهر الكعبة وأذن ، وأراد أن يذل المشركين بذلك ، فلما صعد بلال وأذن . قال عتاب بن أسيد : الحمد للّه الذي قبض أسيد قبل هذا اليوم ، وقال الحارث بن هشام : عجبت لهذا العبد الحبشي أما وجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا هذا الغراب الأسود ، وقال سهيل بن عمرو : إن يكره اللّه شيئاً يغيره ، وقال أبو سفيان : أما أنا فلا أقول ، فإني لو قلت شيئاً لتشهدن على السماء ولتخبرن عني الأرض . فنزل جبريل على النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبره بقولهم ، فدعاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : ′ كيف ثلت ما عتاب ′ ؟ قال : قلت : الحمد الذي قبض أسيد قبل هذا اليوم ، قال : ′ صدقت ′ ، ثم قال للحارث بن هشام : ′ كيف قلت ′ ؟ قال : عجبت لهذا العبد الحبشي ، وأما وجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا هذا الغراب الأسود ، قال : ′ صدقت ′ ، ثم قال لسهيل بن عمرو : ′ كيف قلت ′ ؟ قال : قلت : إن يكره اللّه شيئاً يغيره ، قال : ′ صدقت ′ ، ثم قال لأبي سفيان : ′ كيف قلت ′ ؟ قال : قلت : أما أنا فلا أقول شيئاً ، فإني لو قلت شيئاً لتشهدن على السماء والأرض ولتخبرن عني الأرض ، قال : ′ صدقت ′ ، فأنزل اللّه تعالى فيهم : ′ يا أيها الناس يعني بلالاً وهؤلاء الأربعة يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وعني آدم وحواء وجعلنكم شعوباً يعني رءوس القبائل ربيعة ومضر وبنو تميم والأزد وقبائل يعني الأفخاذ بنو سعد ، وبنو عامر ، وبنو قيس ، ونحوه لتعارفوا في النسب ، ثم قال : إن أكرمكم يعني بلالاً عند اللّه أنقاكم إن اللّه عليمٌ خبيرٌ [ آية : ١٣ ] يعني أن أتقاكم بلال . ١٤الحجرات : ١٤ قالت الأعراب آمنا . . . . . قالت الأعراب ءامناً قل لم تؤمنوا نزلت في أعراب جهينة ، ومزينة ، وأسلم ، وغفار ، وأشجع كانت منازلهم بين مكة والمدينة ، فكانوا إذا مرت بهم سرية من سرايا النبي صلى اللّه عليه وسلم آمنا ليأمنوا على دمائهم وأموالهم ، وكان يومئذٍ من قال : لا إله إلا اللّه يأمن على نفسه وماله ، فمر بهم خالد بن الوليد في سرية النبي صلى اللّه عليه وسلم ف آمنا ، فلم يعرض لهم ، ولا لأموالهم ، فلما سار النبي صلى اللّه عليه وسلم إلى الحديبية واستنفرهم معه ، فقال بعضهم لبعض : إن محمداً وأصحابه أكلة رأس لأهل مكة ، وأنهم كلفوا شيئاً لا يرجعون عنه أبداً فأين تذهبون تقتلون أنفسكم ؟ انتظروا حتى ننظر ما يكون من أمره ، فذلك قوله في الفتح : بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا إلى آخر الآية [ الفتح : ١٢ ] . فنزلت فيهم : قالت الأعراب ءامناً يعني صدقنا قل لم يا محمد : قل لم لم تصدقوا تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا يعني قولوا أقررنا باللسان ، واستسلمنا لتسلم لنا أموالنا ولما يدخل الإيمان يعني ولما يدخل التصديق في قلوبكم وإن تطيعوا اللّه ورسوله في قتال أهل اليمامة حيث قال في سورة الفتح : ستدعون إلى قوم أولى بأس شديد [ الفتح : ١٦ ] يعني قتال مسليمة بن حبيب الكذاب ، وقومه بني حنيفة ، وإن تطيعوا اللّه ورسوله إذا دعيتم إلى قتالهم لا يلتكم يعني لا ينقصكم من أعمالكم شيئاً الحسنة يعني جهاد أهل اليمامة حين دعاهم أبو بكر ، رضي اللّه عنه إن اللّه غفورٌ يعني ذو تجاوز لما كان قبل ذلك يوم الحديبية رحيمٌ [ آية : ١٤ ] بهم إذا فعلوا ذلك نظيرها في الفتح . ١٥الحجرات : ١٥ إنما المؤمنون الذين . . . . . ثم أخبر عن المؤمنين فنعتهم لقول هؤلاء الأعراب آمناً ، فقال : إنما المؤمنون المصدقون في إيمانهم الذين ءامنوا يعني صدقوا باللّه بأنه واحد لا شريك له ورسوله محمد صلى اللّه عليه وسلم أنه نبي رسول وكتابه حقه ثم لم يرتابوا يعني لم يشكوا في دينهم بعد الإيمان وجاهدوا العدو مع النبي صلى اللّه عليه وسلم : بأموالهم وأنفسهم يعني باشروا القتال بأنفسهم في سبيل اللّه يعني في طاعة اللّه أؤلئك هم الصادقون [ آية : ١٥ ] في إيمانهم . ١٦الحجرات : ١٦ قل أتعلمون اللّه . . . . . قل يا محمد ، لجهينة ، ومزينة ، وأسلم ، وغفار ، وأشجع : أتعلمون اللّه بدينكم حين آمنا بألسنتهم ، وليس ذلك في قلوبهم ، فأخبرهم أنه يعلم ما في قلوبهم ، وما في قلوب أهل السماوات ، فقال : واللّه يعلم غيب ما في السموت يعني ما في قلوب أهل السماوات من الملائكة ، فقال : وما في الأرض يعني ويعلم غيب ما في قلوب اهل الأرض من التصديق وغيره واللّه بكل شيءٍ مما في قلوبهم من التصديق وغيره عليم [ آية : ١٦ ] . ١٧الحجرات : ١٧ يمنون عليك أن . . . . . يمنون عليك أن أسلموا نزلت في أناس من الأعراب بني أسد بن خزيمة ، قدموا على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ف جئناك وأتيناك بأهلنا طائعين عفواً على غير قتال ، وتركنا الأموال والعشائر وكل قبيلة في العرب قاتلوك حتى أسلموا ، فلنا عليك حق ، فاعرف لنا ذلك ، فنزلت : يمنون عليك يا محمد إن أسلموا . قل لا تمنوا على إسلامكم بل اللّه يمن عليكم أن هداكم للإيمان إن كنتم صدقين [ آية : ١٧ ] في إيمانكم . ١٨الحجرات : ١٨ إن اللّه يعلم . . . . . إن اللّه يعلم غيب السماوات يعني غيب ما في قلوب أهل السماوات من الملائكة والأرض يعني يعلم ما في قلوب أهل الأرضين من التصديق وغيره واللّه بصير بما تعملون [ آية : ١٨ ] من التصديق وغيره . |
﴿ ٠ ﴾