٤٩

سورة الحجرات

مدنية عددها ثماني عشرة آية كوفي

١

الحجرات : ١ يا أيها الذين . . . . .

 يأيها الذين ءامنوا لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله نزلت في ثلاثة نفر ، وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعث سرية إلى ناحية أرض تهامة ، وكانوا سبعة وعشرين رجلاً منهم عروة بن أسماء السلمي ، والحكم بن كيسان المخزومي ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، وبشير الأنصاري ، واستعمل عليهم المنذر بن عمرو الأنصاري من النقباء ، وكتب صحيفة ودفعها إلى حرام بن ملحان ليقرأها على العدو ، فكان طريقهم على بني سليم وبينهم وبين النبي صلى اللّه عليه وسلم موادعة .

ودس المنافقون إلى بني عامر بن صعصعة ، وهم حرب على المسلمين ، إن أصحاب محمد مغرورون يختلفون من بين ثلاثة وأربعة فأرصدوهم وهم على بئر معونة ، وهو ماء

لبني عامر فسار القوم ليلاً ، وأضل أربعة منهم بعيراً لهم منهم بشير الأنصاري ، فأقاموا

حتى أصبحوا ، وسار المسلمون حتى أتوا على بني عامر ، وهم حول الماء ، وعليهم

بن الطفيل العامري ، فدعاهم المنذر بن عمرو إلى الإسلام ، وقرأ عليهم حرام الصحيفة ،

فأبوا فاقتتلوا قتالاً شديداً ، فلما عرفوا أنهم مقتولون ،   اللّهم ، إنك تعلم أن رسولك

أرسلنا ، وإنا لا نجد من يبلغ عنا رسولك غيرك ، فاقرئه منا السلام ، فقد رضينا بحسن

قضائك لنا .

وحمل عامر بن الطفيل على حرام فطعنه فقتله ، وقتل بقيتهم غير المنذر بن عمرو ، فإنه

كان دارعاً مقنعاً ، وعروة بن أسماء السلمي ، فقتل المنذر بعد ذلك ، فقالوا لعروة : لو شئنا

لقتلناك ، فأنت آمن فإن شئت فارجع إلينا ، وإن شئت فاذهب إلى غيرنا ، فأنت آمن ، قال

عروة : إني عاهدت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ألا أضع يدي في يد مشرك ولا أتخذه ولياً ، وجعل يحمل عليهم ، ويضربونه يعرض رماحهم ويناشدونه ، ويأبي عليهم فرموه بالنيل حتى

قتلوه ، وأتى جبريل النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأخبره بحالهم ، فنعاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم لأصحابه ، وقال : أرسل

إخوانكم يقرأونكم السلام فاستغفروا لهم . ووجده الأربعة بعيرهم حين أصبحوا ، فساروا

فلما دنوا من ماء بني عامر لقيتهم وليدة لبني عامر ، فقالت : أمن أصحاب محمد أنتم ؟

ف  نعم ، رجاء أن تسلم ، فقالت : إن إخوانكم قد قتلوا حول الماء ، النجاء النجاء ، ألا

ترون إلى النسور والعقبان قد تعلقن بلحومهم .

فقال بشير الأنصاري :

دونكم بعيركم أنظر لكم ، فسار نحوهم فرأى إخوانهم مقتلين

كأمثال البدن حول الماء ، فرجع إلى أصحابه فأخبرهم ، وقال لهم : ما ترون ؟   نرجع

إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فنخبره الخبر ، فقال بشير : لكني لا أرجع اللّه ، حتى أتغدى من غداء القوم ، فاقرءوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم مني السلام ورحمة اللّه ، ثم أتاهم فحمل عليهم ، فناشدوه

أن أرجع فأبى ، وحمل عليهم ، فقتل منهم ، ثم قتل بعد ، فرجع الثلاثة يسلون بغيرهم سلا ،

فأتوا المدينة عند جنوح الليل ، فلقوا رجلين من بني سليم جائين من عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ،

ف  من أنتما ؟ قالا : من بني عامر ، لأنهم كانوا قريباً من بني عامر بالمدينة ، ولا

يشعرن بصنيع بني عامر .

ف  هذين من الذين قتلوا إخواننا ، فقتلوهما وسلبوهما ، ثم دخلوا على النبي صلى اللّه عليه وسلم

ليخبروه فوجدوا الخبر قد سبق إليه ، ثم  

يا نبي اللّه ، غشينا المدينة عند المساء فلقينا

رجلين من بني عامر فقتلناهم ، وهذا سلبهما ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : بل هما من بني سليم من

حلفائي بئسما صنعتما ، هذان رجلان من بني سليم كانا جاءا في أمر الموادعة ، فنزلت

فيهم : يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله يقول : لا تعجلوا بقتل

أحد ، ولا بأمر حتى تستأمروا النبي صلى اللّه عليه وسلم فوعظهم في ذلك ، وأقبل قوم السلميين ، فقالوا

للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إن صاحبينا قتلا عندك ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : إن صاحبكم اعتزيا إلى عدونا فقتلا

جميعاً ، وأخبرهم الخبر ، ولكننا سنعقل عن صاحبيكم لكل واحد منهما مائة من الإبل ،

فجعل دية المشرك المعاهد ، كدية الحر المسلم .

قال : واتقوا اللّه في المعاصي إن اللّه سميع لمقالتكم عليم [ آية : ١ ] بخلقه .

﴿ ١