٥

سورة الحديد

عددها تسع وعشرون آية كوفى

١

الحديد : ١ سبح للّه ما . . . . .

 سبح للّه ما في السماوات يعني ذكر اللّه الملائكة وغيرهم والشمس والقمر والنجوم و ما في والأرض من الجبال ، والبحار ، والأنهار ، والأشجار ، و الدواب ، والطير ، والنبات ، وما بينهما يعني الرياح ، والسحاب ، وكل خلق فيهما ، ولكن لا تفقهون تسبيحهن وهو العزيز في ملكه الحكيم [ آية : ١ ] في أمره

٢

الحديد : ٢ له ملك السماوات . . . . .

 ٢ له ملك يعني له ما في السماوات والأرض يحي الموتى ويميت الأحياء وهو على كل شئٍ من حياة وموت قدير [ آية : ٢ ]

٣

الحديد : ٣ هو الأول

والآخر . . . . .

 ٢ هو الأول قبل كل شئ و هو

والآخر بعد الخلق و هو والظهر فوق كل شئ ، يعني السماوات و وهو والباطن دون كل شئ يعلم ما تحت الأرضين وهو بكل شئٍ عليمٌ

٤

الحديد : ٤ هو الذي خلق . . . . .

هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيامٍ ثم استوى على العرش قبل خلقهما

 يعلم ما يلج في الأرض من المطر وما يخرج منها النبات وما ينزل من السماء من

الملائكة وما يعرج يعني وما يصعد فيها يعني في السماوات من الملائكة

 وهو معكم يعني علمه أين ما كنتم من الأرض واللّه بما تعملون بصير

٥

الحديد : ٥ له ملك السماوات . . . . .

 له ملك السماوات والأرض وإلى اللّه ترجع الأمور [ آية : ٥ ] يعني أمور الخلائق في الآخرة

٦

الحديد : ٦ يولج الليل في . . . . .

 يولج اليل في النهار ويولج النهار في اليل يعني زيادة كل منهما ونقصانه ، فذلك

قوله :

 يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل [ الزمر : ٥ ] ، يعني يسلط كل

واحد منهما على صاحبه في وقته حتى يصير الليل خمس عشرة ساعة ، والنهار تسع

ساعات . وهو عليم بذات الصدور [ آية : ٦ ] يعني بما فيها من خير أو شر .

٧

الحديد : ٧ آمنوا باللّه ورسوله . . . . .

قوله : ءامنوا باللّه يعني صدقوا اللّه ، يعني بتوحيد اللّه تعالى ورسوله محمد

 صلى اللّه عليه وسلم  وأنفقوا في سبيل اللّه ، يعني في طاعة اللّه تعالى مما جعلكم مستخلفين فيه

من أموالكم التي غيركم اللّه فيها فالذين ءامنوا منكم وأنفقوا لهم أجرٌ كبيرٌ [ آية : ٧ ] يعني

جزاء حسناً في الجنة ، ثم قال :

٨

الحديد : ٨ وما لكم لا . . . . .

 وما لكم لا تؤمنون باللّه والرسول محمد صلى اللّه عليه وسلم حين

 يدعوكم لتؤمنوا بربكم وقد أخذ ميثاقكم يعني يوم أخرجكم من صلب آدم ، عليه

السلام ، وأقروا له بالمعرفة والربوبية إن كنتم يعني إذ كنتم مؤمنين [ آية : ٨ ] .

٩

الحديد : ٩ هو الذي ينزل . . . . .

 هو الذي ينزل على عبده محمد  ءاياتٍ بيناتٍ يعني القرآن بين ما فيه من

أمره ونهيه ليخرجكم من الظلمات إلى النور يعني من الشرك إلى الإيمان وإن اللّه بكم

لرءوفٌ رحيمٌ [ آية : ٩ ] حين هداكم لدينه وبعث فيكم محمداً صلى اللّه عليه وسلم ، وأنزل عليكم كتابه .

١٠

الحديد : ١٠ وما لكم ألا . . . . .

ثم قال : وما لكم ألا تنفقوا في سبيل اللّه يعني في طاعة اللّه إن كنتم مؤمنين ،

فأنفقوا في سبيل اللّه ، فإن بخلتم ، فإن اللّه يرثكم ويرث أهل السماوات والأرض ، فذلك

قوله : وللّه ميراث السموات والأرض يفنون كلهم ، ويبقى الرب تعالى وحده ، فالعباد يرث

بعضهم بعضاً ، والرب يبقى فيرثهم ،

قوله : لا يستوي منكم في الفضل والسابقة

 من أنفق من  ماله قبل الفتح فتح مكة وقاتل  العدو أؤلئك أعظم درجةً

يعني جزاء من الذين أنفقوا من بعد بعد فتح مكة وقاتلوا  العدو وكلاًّ وعد اللّه

الحسنى يعني الجنة ، يعني كلا الفريقين وعد اللّه الجنة واللّه بما تعملون خبيرٌ [ آية :

١٠ ] بما أنفقتم من أموالكم ، وهو مولاكم يعني وليكم .

١١

الحديد : ١١ من ذا الذي . . . . .

قوله تعالى : من ذا الذي يقرض اللّه قرضا حسنا يعني طيبة به نفسه على أهل الفاقة

 فيضاعفه له وله أجر كريم [ آية : ١١ ] يعني جزاء حسناً في الجنة ، نزلت في أبي

الدحداح الأنصاري

١٢

الحديد : ١٢ يوم ترى المؤمنين . . . . .

 يوم ترى يا محمد المؤمنين والمؤمنات على الصراط يسعى نورهم بين أيديهم دليل إلى الجنة وبأيمنهم يعني بتصديقهم في الدنيا ، أعطوا النور في

الآخرة على الصراط ، يعني بتوحيد اللّه تعالى ، تقول الحفظة لهم : بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها لا يموتون ذلك هو الفوز العظيم [ آية : ١٢ ]

١٣

الحديد : ١٣ يوم يقول المنافقون . . . . .

 يوم يقول

المنافقون والمنافقت للذين ءامنوا وهم على الصراط انظرونا يعني ارقبونا نقيس

من نوركم فنمضى معكم قيل يعني قالت الملائكة : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا من

حيث جئتم فالتمسوا نوراً من الظلمة ، فرجعوا فلم يجدوا شيئاً فضرب اللّه بينهم

يعني بين أصحاب الأعراف وبين المنافقين بسور له باب يعني بالسور حائط بين أهل

الجنة ، وبين أهل النار باطنه يعني باطن السور فيه الرحمة وهو مما يلي الجنة

 وظاهره من قبل النار ، وهو الحجاب ضرب بين أهل الجنة والنار ، وهو السور ،

والأعراف ما ارتفع من السور الرحمة يعني الجنة وظاهره من قبله العذاب

[ آية : ١٣ ] .

١٤

الحديد : ١٤ ينادونهم ألم نكن . . . . .

 ينادونهم يعني يناديهم المنافقون من وراء السور . ألم نكن معكم في دنياكم

 قالوا بلى كنتم معنا في ظاهر الأمر ولكنكم فتنتم يعني أكفرتم أنفسكم بنعم

وسوف عن دينكم وتربصتم يعني بمحمد الموت ، وقلتم يوشك محمد أن يموت

فنستريح منه وارتبتم يعني شككتم في محمد أنه نبي وغرتكم الأماني عن

دينكم ، وقلتم يوشك محمد أن يموت فيذهب الإسلام فنستريح حتى جاء أمر اللّه

الموت وغركم باللّه الغرور [ آية : ١٤ ] يعني الشياطين

١٥

الحديد : ١٥ فاليوم لا يؤخذ . . . . .

 فاليوم في الآخرة لا يؤخذ منكم معشر المنافقين فدية ولا من الذين كفروا بتوحيد اللّه تعالى يعني مشركي

العرب مأواكم النار يعني مأوى المنافقين والمشركين في الناب هي مولكم

يعني وليكم وبئس المصير [ آية : ١٥ ] وذلك أنه يعطي كل مؤمن كافر ، فيقال : هذا

فداؤك من النار ، فذلك

قوله : لا يؤخذ منكم فدية يعني من المنافقين ، ولا من

الذين كفروا ، إنما تؤخذ الفدية من المؤمنين .

١٦

الحديد : ١٦ ألم يأن للذين . . . . .

قوله : ألم بأن نزلت في المنافقين بعد الهجرة بستة أشهر ، وذلك أنهم سألوا

سلمان الفارسي ذات يوم ، ف

حدثنا عما في التوراة ، فإن فيها العجائب ، فنزلت :

 آلر تلك آيات الكتاب المبين إنا أنزلنا قرآناً عربياً لعلكم تعقلون نحن نقص عليك

أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن [ يوسف : ١ - ٣ ] . يخبرهم أن القرآن

أحسن من غيره ، يعني أنفع لهم فكفوا عن سؤال سلمان ما شاء اللّه ، ثم عادوا فسألوا

سلمان ، ف  حدثنا عن التوراة فإن فيها العجائب ، فنزلت : اللّه نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم يعني القرآن

 ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر اللّه [ الزمر : ٢٣ ] ، فكفوا عن سؤال سلمان ما

شاء اللّه .

ثم عادوا أيضاً فسألوا : فقالوا حدثنا عما في التوراة ، فإن فيها العجائب ، فأنزل اللّه

تعالى : ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر اللّه يعني المنافقين يقول : ألم ينل ،

ويقال : لم يحن ، للذين أقروا باللسان وأقروا أن تخشع قلوبهم لذكر اللّه ، يقول : أن ترق

قلوبهم لذكر اللّه عز وجل ، وهو القرآن يعني إذا ذكر اللّه وما نزل من الحق يعني

القرآن ، يعني وعظهم ، فقال : ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب في القساوة من قبل من قبل أن يبعث النبي فطال عليهم الأمد يعني طول الأجل ، وخروج

النبي صلى اللّه عليه وسلم كان المنافقون لا ترق قلوبهم لذكر اللّه فقست قلوبهم فلم تلن وكثيرٌ منهم

فسقون [ آية : ١٦ ] .

١٧

الحديد : ١٧ اعلموا أن اللّه . . . . .

قوله : اعلموا أن اللّه يحي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الأيات يعني بالآيات النبت

 لعلكم تعقلون [ آية : ١٧ ] يقول : لكي تعقلوا وتتفكروا في أمر البعث .

١٨

الحديد : ١٨ إن المصدقين والمصدقات . . . . .

قوله : إن المصدقين من أموالهم والمصدقات نزلت في أبي الدحداح

الأنصاري ، وذلك

أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أمر الناس بالصدقة ورغبهم في ثوابها ، فقال أبو

الدحداح الأنصاري : يا رسول اللّه ، فإني قد جعلت حديقتي صدقة للّه ولرسوله ، ثم جاء

إلى الحديقة ، وأم الدحداح في الحديقة ، فقال : يا أم الدحداح ، إني قد جعلت حديقتي

صدقة للّه ولرسوله ، فخذي بيد صبيتاه فأخرجيهم من الحائط ، فلما أصابهم حر الشمس

بكوا ، فقالت أمهم : لا تبكوا فإن أباكم قد باع حائطه من ربه ، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :

كم من نخلة مذلاً عذوقها قد رأيتها لأبي الدحداح في الجنة ، فنزلت فيه : إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا اللّه قرضا حسنا يعني محتسباً طيبة بها نفسه يضاعف لهم ولهم أجر كريم [ آية : ١٨ ] يعني جزاء حسناً في الجنة .

١٩

الحديد : ١٩ والذين آمنوا باللّه . . . . .

فقال الفقراء : ليس لنا أموال نجاهد بها ، أو نتصدق بها ، فأنزل اللّه تعالى : والذين

ءامنوا يعني صدقوا باللّه بتوحيد اللّه تعالى ورسله كلهم أؤلئك هم

الصديقون باللّه وبالرسل ولم يشكوا فيهم ساعة ، ثم استأنف ، فقال : والشهداء

يعني من استشهد منهم عند ربهم لهم أجرهم يعني جزاؤهم وفضلهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا يعني بالقرآن أؤلئك أصحاب الجحيم [ آية : ١٩ ]

يعني ما عظم من النار .

٢٠

الحديد : ٢٠ اعلموا أنما الحياة . . . . .

 اعلموا أنما الحياة الدنيا زهدهم في الدنيا لكي لا يرغبوا فيها ، فقال : لعبٌ ولهوٌ

وزينةٌ وتفاخرٌ بينكم وتكاثرٌ في الأموال والأولاد والمنازل والمراكب فمثلها ومثل من

يؤثرها على الآخرة كمثل غيثٍ يعني المطر ينبت منه المراعي أعجب الكفار نباته

ثم يهيج فتراه مصفراًّ فينما هو أخضر إذ تراه مصفرا ثم يكون حطاماً هالكاً لا

ينبت فيه ، فكذلك من يؤثر الدنيا على الآخرة ، ثم يكون له : وفي الآخرة عذابٌ شديدٌ  ثم قال ومغفرةٌ من اللّه ورضوانٌ  للمؤمنين وما الحيوة الدنيا إلا متعٌ الغرور

[ آية : ٢٠ ] الفاني .

٢١

الحديد : ٢١ سابقوا إلى مغفرة . . . . .

قوله : سابقوا بالأعمال الصالحة وهي الصلوات والخمس إلى مغفرةٍ من ربكم

لذنوبكم وجنةٍ عرضها كعرض السماء والأرض يعني السماوات السبع والأرضين السبع

لو ألصقت السماوات السبع بعضها إلى بعض ، ثم ألصقت السماوات بالأرضين لكانت

الجنان في عرضها جميعاً ، ولم يذكر طولها أعدت للذين ءامنوا باللّه يعني صدقوا

بتوحيد اللّه عز وجل ورسله محمد صلى اللّه عليه وسلم أنه نبي يقول اللّه تعالى : ذلك فضل اللّه

يؤتيه من يشاء من عباده فيخصهم بذلك واللّه ذو الفضل العظيم [ آية : ٢١ ] .

٢٢

الحديد : ٢٢ ما أصاب من . . . . .

 ما أصاب من مصيبةٍ في الأرض من قحط المطر ، وقلة النبات ، ونقص الثمار ولا

في أنفسكم يقول :

ما أصاب هذه النفس من البلاء وإقامة الحدود عليها إلا في

كتابٍ مكتوب يعني اللوح المحفوظ من قبل أن نبرأها يعني من قبل أن يخلق

هذه النفس إن ذلك الذي أصابها في كتاب يعني اللوح المحفوظ أن ذلك على

اللّه يسيرٌ [ آية : ٢٢ ] يقول : هين على اللّه تعالى .

وبإسناده مقاتل ، قال :

حدثني عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس ، قال :

خلق اللّه تعالى

اللوح المحفوظ مسيرة خمس مائة عام في خمس مائة عام ، وهو من درة بيضاء صفحتاه من

ياقوت أحمر كلامه نور ، وكتابه النور والقلم من نور طوله خمس مائة عام .

٢٣

الحديد : ٢٣ لكي لا تأسوا . . . . .

قوله : لكيلا تأسوا على ما فاتكم من الخير والغنيمة ولا تفرحوا بما

إتتكم من الخير فتختالوا وتفخروا ، فذلك

قوله : واللّه لا يحب كل مختال فخور [ آية : ٢٣ ] يعني متكبر عن عبادة اللّه عز وجل فخور في نعم اللّه تعالى لا

يشكر .

٢٤

الحديد : ٢٤ الذين يبخلون ويأمرون . . . . .

ثم قال : الذين يبخلون يعني رؤوس اليهود يبخلون بخلوا بأمر محمد صلى اللّه عليه وسلم

وكتموه ليصيبوا الفضل من اليهود من سفلتهم ويأمرون الناس بالبخل يقول :

ويأمرون الناس بالكتمان والناس في هذه الآية اليهود أمروهم بكتمان أمر محمد صلى اللّه عليه وسلم

 ومن يتول يعني ومن أعرض عن النبي صلى اللّه عليه وسلم فبخل فإن اللّه هو الغني الحميد

[ آية : ٢٤ ] غني عما عندكم حميد عند خلقه .

٢٥

الحديد : ٢٥ لقد أرسلنا رسلنا . . . . .

قوله : لقد أرسلنا رسلنا بالبينات يعني بالآيات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان يعني العدل ليقوم الناس يعني لكي يقوم الناس بالقسط يعني

بالعدل وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد يقول : من أمري كان الحديد فيه بأس شديد

للحرب ومنافع للناس في معايشهم وليعلم اللّه يعني ولكي يرى اللّه من ينصره على عدوه و ينصر ورسله يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم : وحده فيعينه على أمره

حتى يظهر ولم يره بالغيب إن اللّه قوي في أمره عزيز [ آية : ٢٥ ] في ملكه

٢٦

الحديد : ٢٦ ولقد أرسلنا نوحا . . . . .

 ولقد أرسلنا نوحا وإبراهيم وجعلنا في ذريتهما النبوة فهم خمسة وعشرون نبياً

 والكتاب يعني الكتب الأربعة منهم إسماعيل ، وإسحاق ، ويعقوب ، وأيوب ،

وهو من ولد العيص ، والأسباط وهم اثنا عشر منهم روبيل ، وشمعون ، ولاوي ، ويهوذا ،

ونفتولن ، وزبولن ، وحاد ، ودان ، وأشر ، واستاخر ، ويوسف ، وبينامين ، وموسى ،

وهارون ، وداود ، وسليمان ، وزكريا ، ويحيى ، وعيسى ، ومحمد صلى اللّه عليه وسلم ، التوراة ، والإنجيل ،

والزبور ، والفرقان ، فهذه الكتب فمنهم مهتد وكثير منهم فاسقون [ آية : ٢٦ ]

يعني عاصين .

٢٧

الحديد : ٢٧ ثم قفينا على . . . . .

 ثم قفينا يعني اتبعنا علىءاثرهم من بعدهم يعني من بعد نوح وإبراهيم

وذريتهما برسلنا في الأمم وقفينا بعيسى ابن مريم يقول : واتبعنا بعيسى ابن

مريم وءاتيناه يعني وأعطيناه الإنجيل في بطن أمه وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه يعني اتبعوا عيسى رأفة ورحمة يعني المودة ، ك

قوله : رحماء بينهم [ الفتح : ٢٩ ] ، يقول : متوادين بعضهم لبعض جعل اللّه ذلك في قلوب المؤمنين

بعضهم لبعض .

ثم استأنف الكلام ، فقال : ورهبانية ابتدعوها وذلك أنه لما كثر المشركون وهزموا

المؤمنين وأذلوهم بعد عيسى ابن مريم ، واعتزلوا واتخذوا الصوامع فطال عليهم ذلك ،

فرجع بعضهم عن دين عيسى ، عليه السلام ، وابتدعوا النصرانية ، فقال اللّه عز وجل :

 ورهبانية ابتدعوها تبتلوا فيها للعبادة في التقديم ما كتبناها عليهم ولم نأمرهم

بها إلا ابتغاء رضوان اللّه فما رعوها حق رعايتها يقول : لم يرعوا ما أمروا به يقول :

فما أطاعوني فيها ، ولا أحسنوا حين تهودوا وتنصروا ، وأقام أناس منهم على دين

عيسى ، عليه السلام ، حتى أدركوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم فأمنوا به وهم أربعون رجلاً اثنان وثلاثون

رجلاً من أرض الحبشة ، وثمانية من أرض الشام ، فهم الذين كنى اللّه عنهم ، فقال :

 فئاتينا الذين ءامنوا يقول : أعطينا الذين آمنوا منهم أجرهم يعني صدقوا يعني جزاءهم وهو الجنة .

قال : وكثير منهم فاسقون [ آية : ٢٧ ] يعني الذين تهودوا ، وتنصروا فجعل اللّه

تعالى لمن آمن بمحمد صلى اللّه عليه وسلم من أهل الإنجيل أجرهم مرتين بإيمانهم بالكتاب الأول ، وكتاب

محمد صلى اللّه عليه وسلم فافتحروا على أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم بذلك ، ف  نحن أفضل منكم في الأجر

لنا أجران بإيماننا بالكتاب الأول ، والكتاب الآخر الذي جاء به محمد صلى اللّه عليه وسلم فشق على

المسلمين ، ف  ما بالنا قد هاجرنا مع النبي صلى اللّه عليه وسلم وآمنا به قبلكم ، وغزونا معه ، وأنتم لم

تغزو ، فأنزل اللّه تعالى :

٢٨

الحديد : ٢٨ يا أيها الذين . . . . .

 يأيها الذين ءامنوا اتقوا اللّه يعني وحدوا اللّه وءامنوا

برسوله يقول : صدقوا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم أنه نبي رسول يؤتكم كفلين يعني أجرين

 من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به يعني تمرون به على الصراط إلى الجنة نوراً

تهتدون به ويغفر لكم ذنوبكم واللّه غفور لذنوب المؤمنين رحيم [ آية :

٢٨ ] بهم .

٢٩

الحديد : ٢٩ لئلا يعلم أهل . . . . .

 لئلا يعلم يعني لكيلا يعلم أهل الكتاب يعني مؤمني أهل الإنجيل هؤلاء

الأربعون رجلاً ألا يقدرون على شئٍ من فضل اللّه وهو الإسلام إلا برحمته وأن الفضل بيد اللّه الإسلام يؤتيه من يشاء من عباده واللّه ذو الفضل العظيم [ آية :

٢٩ ] فأشرك المؤمنين في الكفلين مع أهل الإنجيل .

قوله : ما كتبناها عليهم [ الحديد : ٢٨ ] يقول : ما أمرناهم بها ، ك

قوله :

 ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب اللّه لكم [ المائدة : ٢١ ] يعني التي أمركم اللّه

تعالى .

حدثنا عبد اللّه ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا الهذيل ، عن المسيب ، عن أبي روق في

قوله : فما رعوها حق رعايتها يقول : ما وحدوني فيها .

﴿ ٠