٦٠ سورة الممتحنةسورة الامتحان مدنية عددها ثلاث عشرة آية كوفية ١الممتحنة : ١ يا أيها الذين . . . . . يأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أؤلياء وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم أمر الناس بالجهاد وعسكر ، وكعب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة ، إن محمداً قد عسكر ، وما أراه ألا يريدكم فخذوا حذركم وأرسل بالكتاب مع سارة مولاة أبى عمرو بن صيفي بن هاشم وكانت قد جاءت من مكة إلى المدينة فأعطاها حاطب بن أبي بلتعة عشرة دنانير على أن تبلغ كتابه أهل مكة وجاء جبريل ، فأخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم بأمر الكتاب ، وأمر حاطب فبعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، والزبير بن العوام ، وقال لهما : إن أعطتكما الكتاب غفوا خلياً سبيلها ، وإن أبت فاضربا عنقها ، فسارا حتى أدركا بالحجفة وسألاها عن الكتاب فخلقت ، ما معها كاب ، وقالت : لأنا إلى خيركم أفقر مني إلى ذلك ، فاتبحثاها ، فلم يجدا معها شيئاً ، فقا الزبير لعلي بن أبي طالب ، رضي اللّه عنهما أرجع بنا ، فإنا لا ترى معها شيئاً . فقال علي : واللّه لأضربن عنقها ، واللّه ما كذب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولا كذبنا ، فقال الزبير : ثدقت اضرب عنقها ، فسل على سيفه ، فلما عرفت الجد منهما أخذت عليهما المواثيق ، لئن أعطيتكما الكتاب لا تقتلاني ، ولا تسبياني ، ولا ترداني إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ولتخليان سبيلي فأعطياها المواثيق ، فاستخرجت الصحيفة من ذؤايتها ودفعتها فخليا سبيلها وأقبلا بالصحيفة فوضعاها في يدي رسول اللّه فقرأها ، فأرسل إلى حاطب بين أبي بلتعة ، فقال له : أتعرف هذا الكتاب ؟ قال : نعم ، قال : فما حملك على أن تنذر بنا عدونا ؟ . قال حاطب : اعف عني عفا اللّه عنك ، فوالذي أنزل عليك الكتاب ما كفرت منذ أسلمت ولا كذبتك منذ صدقتك ، ولا أبغضتك منذ أحببتك ، ولا واليتهم منذ هاديتهم ، وقد علمت أن كتابي لا ينفعهم ولا يضرك فاعذرني ، جعلني اللّه فداك فإنه ليس من أصحابك أحد إلا وله بمكة من يمنع ماله وعشيرته غيري وكنت حليفاً وليس من أنفس القوم ، وكان حلفائي قد هاجروا كلهم ، وكنت كثير المال والضيعة بمكة فخفت المشركين على مالي فكتبت إليهم لأتوسل بها وأتخذها عندهم مودة لأدفع عن مالي ، وقد علمت أن اللّه منزل بهم خزيه ونقمته وليس كتابي يغني عنهم شيئاً ، فعرف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قد ثدق فيما قال ، فأنزل اللّه تعالى عظة للمؤمنين أن يعودوا لمثل صنيع حاطب بن أبي بلتعة ، فقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء . تلقون إليهم بالمودة يعني الصحيفة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يعني القرآن يخرجون الرسول من مكة وإياكم قد أخرجوا من دياركم يعني من مكة إن تؤمنوا يعني بأن آمنتم باللّه ربكم إن كنتم خرجتم جهادا في سبيلي وابتغاء مرضاتي فلا تلقوا إليهم بالمودة تسرون إليهم بالمودة يعني بالصحيفة فيها النصيحة وأنا أعلم بما أخفيتم يعني بما أسررتم في أنفسكم من المودة والولاية وما أعلنتم لهم من الولاية ومن يفعله منكم يعني ومن يسر بالمودة إلى الكفار فقد ضل سواء السبيل [ آية : ١ ] يقول فقد أخطأ قصد طريق الهدى ، وفي حاطب نزلت هذه الآية : لا تجد قوما يؤمنون باللّه واليوم الآخر يوادون من حاد اللّه ورسوله [ المجادلة : ٢٢ ] إلى آخر الآية . حدثنا عبد اللّه ، قال : حدثني أبي قال : حدثنا الهذيل عن المسيب ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس ، قال : أقبلت سارة مولاة أبي عمرو بن صيفي بن هاشم بن عبد مناف من مكة إلى المدينة المنورة ، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتجهز لفتح مكة فلما رآها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : مالك ، يا سارة ؟ أمسلمة جئت ؟ قالت : لا ، قال : أفمهاجرة جئت ؟ قالت : لا ، قال : فما حاجتك ؟ قالت : كنتم الأصل والمواللا والعشيرة وقد ذهب موالي ، وقد احتجت حاجة شديدة فقدمت عليكم لتكسوني وتنفقوا علي وتحملوني ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ فأين أنت من شباب أهل مكة ′ ، وكانت امرأة مغنية ناتحة ، فقالت : يا محمد ، ما كلب أحد منهم شيئاً منذ كانتوقعة بدر ، قال فحث عليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بني عبد المطلب وبني هاشم فكسوها وأعطوها نفقة وحملوها ، فلما أرادت الخروج إلى مكة أتاها حاطب بن أبي بلتعة من أهل اليمن حليف للزبير بن العوام فجعل لها جعلاً على أن تبلغ كتابه إلى آخر الحديث . ٢الممتحنة : ٢ إن يثقفوكم يكونوا . . . . . ثم أخبر المؤمنين بعداوة كفار مكة إياهم ، فقال : إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء يقول إن يظهروا عليكم وأنتم على دينكم الإسلام مفارقين لهم ويبسطوا إليكم أيديهم بالقتل وألسنتهم بالسوء يعني الشتم وودوا لو تكفرون [ آية : ٢ ] إن ظهروا عليكم يعني إن ترجعوا إلى دينهم فإن فعلتم ذلك ٣الممتحنة : ٣ لن تنفعكم أرحامكم . . . . . لن تنفعكم يعني لا تغني عنكم أرحامكم يعني أقرباءكم ولا أولدكم يوم القيامة يفصل بينكم بالعدل واللّه بما تعملون بصير [ آية : ٣ ] به . ٤الممتحنة : ٤ قد كانت لكم . . . . . قوله : قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه من المؤمنين إذ قالوا لقومهم إنا برءؤا منكم ومما تعبدون من دون اللّه من الآلهة كفرنا بكم يقول تبرأنا منكم وبدا يعني وظهر بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا باللّه وحده يعني تصدقوا باللّه وحده إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك يقول اللّه تبرموا من كفار قومكم فقد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم ومن معه من المؤمنين في البراءة من قومهم وليس لكم أسوة حسنة في الاستغفار للمشركين ، يقول إبراهيم : لأستغفرن لك ، وإنما كانت موعده وعدها أبو إبراهيم إياه أنه يؤمن فلما تبين له عند موته أنه عبد اللّه تبرأ منه حين مات على الشرك ، وحجب عنه الاستغفار . ثم قال إبراهيم : وما أملك لك من اللّه من شئٍ ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير [ آية : ٤ ] . ٥الممتحنة : ٥ ربنا لا تجعلنا . . . . . ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا تقتر علينا بالرزق ، تبسط لهم في الرزق ، فنحتاج إليهم فيكون ذلك فتنة لنا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم [ آية : ٥ ] وفي قراءة ابن مسعود : ′ إنك أنت الغفور الرحيم ′ نظيرها في آخر المائدة [ الآية : ١١٨ ] . ٦الممتحنة : ٦ لقد كان لكم . . . . . و قوله : لقد كان لكم فيهم يعني في إبراهيم والذين معه أسوة حسنة في الاقتداء بهم لمن كان يرجوا اللّه واليوم الأخر يقول لمن كلن يخشى اللّه ، ويخشى البعث الذي فيه جزاء الأعمال ومن يتول يقول ومن يعرض عن الحق فإن اللّه هو الغني عن عباده الحميد [ آية : ٦ ] في سلطانه عنه خلقه . ٧الممتحنة : ٧ عسى اللّه أن . . . . . قوله : عسى اللّه أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم من كفار مكة مودة وذلك أن اللّه تعالى حين أخبر المؤمنين بعداوة كفار مكة والبراءة منهم ، وذكر لهم فعل إبراهيم والذين معه في البراءة من قومهم ، فلما أخبر ذلك عادوا أقرباءهم وأرحامهم لهم العداوة ، وعلم اللّه شدة وجد المؤمنين في ذلك ، فأنزل اللّه تعالى : عسى اللّه أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة فلم أسلم أهل مكة خالطهم المسلمون وناكحوهم ، وتزوج النبي صلى اللّه عليه وسلم أم حبيبة بنت أبي سفيان فهذه المودة التي ذكر اللّه تعالى ، بقول اللّه تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم : واللّه قدير على المودة واللّه غفور لذنوب كفار مكة لمن تاب منهم وأسلم رحيم [ آية : ٧ ] بهم بعد الإسلام ، ثم رخص في صلة الذين لم يناصبوا الحرب للمسلمين ، ولم يظاهروا عليهم المشركين . ٨الممتحنة : ٨ لا ينهاكم اللّه . . . . . فذلك قوله : لا ينهكم اللّه عن صلة الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من مكة من دياركم أن تبروهم يقول : أن تصلوهم وتقسطوا إليهم بالعدل يعني توفوا إليهم بعهدهم عن اللّه يحب المقسطين [ آية : ٨ ] الذين يعدلون بين الناس ، نزلت في خزاعة منهم هلال بن عويمر ، وينى خزيمة وبني مدلج منهم مسراقة بن مالك ، وعبد يزيد بن عبد مناة ، والحارث بن عبد مناة . ٩الممتحنة : ٩ إنما ينهاكم اللّه . . . . . ثم قال : إنما ينهاكم اللّه عن صلة الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من ديارهم يعني كفار مكة أخرجوا النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه من مكة كرهية الإسلام وظاهروا يقول : وعاونوا المشركين على إخراجكم أن تولوهم بأن توالوهم ومن يتولهم منكم فأؤلئك هم الظالمون [ آية : ٩ ] ثم نسخت براءة هاتين الأيتين : اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [ التوبة : ٥ ] . ١٠الممتحنة : ١٠ يا أيها الذين . . . . . قوله : يأيها الذين ءامنوا إذا جاءكم المؤمنات مهجراتٍ وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم صالح أهل مكة يوم الحديبية ، وكتب بينه وبينهم كتاباً فكان في الكتاب أن من لحق أهل مكة من المسلمين ، فهم لهم ، ومن لحق منهم بالنبي صلى اللّه عليه وسلم رده عليهم ، وجاءت امرأة إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم اسمها سبيعة بنت الحارث الأسلمية ، في الموادعة ، وكانت تحت صيفى بن الراهب من كفار مكة فجاء زوجها يطلبها ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ ردها علينا فإن بيننا وبينك شرطاً ′ ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ إنما كان الشرط في الرجال ، ولم يكن في النساء ′ . فأنزل اللّه تعالى : إذا جاءكم المؤمنات مهجراتٍ فامتحنوهن يعني سبيعة فامتحنها النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : باللّه ، ما أخرجك من قومك حدثاً ، ولا كراهية لزوجك ، ولا بغضاً له ، ولا خرجت إلا حرصاً على الإسلام ورغبة فيه ، ولا تريدين غير ذلك ؟ فهذه المحنة يقول اللّه تعالى : اللّه أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات من قبل المحنة يعني سبيعة فلا ترجعوهن يعني فلا تردهن الي أزواجهن الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن يقول لا تحل مؤمنة لكافر ، ولا كافر لمؤمنة ، قال : وءاتوهم ما أنفقوا يقول أعطوا أزواجهم الكفار ما أنفقوا عليهن من المهر يعني يرد المهر يتزوجها من المسلمين فإن لم يتزوجها أحد من المسلمين فليس لزوجها الكافر شيئاً ولا جناح عليكم يعني ولا حرج عليكم أن تنكحوهن إذا ءاتيتموهن يقول : إذا أعطيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر يعني بعقد الكوافر يقول : لا تعتد بامرأتك الكافرة ، فإنها ليست لك بامرأة يقول : هذا الذي يتزوج هذه المهاجرة ، وذلك أن المرأة الكافرة تكون في موضع من قومها ، ولها أهل كثير فيمسكها إرادة أن يتعزز بأهلها وقومها من الناس ، فتزوجها عمر بن الخطاب . ويقال : تزوجها أبو السنابل بن بعكك بن السباق بن عبد الدار بن قصي ، وفيه نزلت هذه الآية وفي أصحابه ، وكانت امرأة عمر بن الخطاب ، رضي اللّه عنها ، بمكة واسمها قريبة بنت أبي أمية ، وهشام بن العاص بن وائل ، وامرأته هند بنت أبي جهل ، وعياض بن شداد الفهري وامرأته أم الحكم بنت أبي سفيان ، وشماش بن عثمان المخزومي ، وامرأته يربوع بنت عاتكة ، وعمرو بن عبد عمرو ، وهو ذو اليدين ، وامرأته هند بنت عبد العزى ، فتزوج امرأة عمر بن الخطاب أبو سفيان بن حرب ، فقال اللّه تعالى في المخاطبة : فلا ترجعوهن إلى الكفار إلى آخر الآية ، هذا محكم لم ينسخ ، ونسخت براءة النفقة . وسئلوا ما أنفقتم يقول : إن ذهبت امرأة أحدكم إلى الكفار ، فاسألوا الذي يتزوجها أن يرد مهرها على زوجها المسلم والنفقة ، ثم قال : وليسئلوا ما أنفقوا من المهر يقول : إن جاءت امرأة من أهل مكة مهاجرة إليهم فليرد الذي يتزوجها مهرها على زوجها الأول ، فإن تزوجت إحدى المرأتين اللتان جاءتا مسلمة ولحقت بكم ، ولم تتزوج الأخرى ، فليرد الذي تزوجها مهرها على زوجها ، وليس لزوج المرأة الأخرى مهر ، حتى تتزوج امرأته ، فإن لم يعط كفار مكة المهر طائعين ، فإذا ظهرتم عليهم ، فخذوا منهم المهر ، وإن كرهوا ، كان هذا لأهل مكة خاصة موادعة ، فذلك قوله : ذلكم حكم اللّه يحكم بينكم يعني بين المسلمين والكافرين في أمر النفقة واللّه عليم بخلقه حكيم [ آية : ١٠ ] في أمره حين حكم النفقة . ثم نسخ هذا كله آية السيف في براءة ، غير هذين الحرفين لاهن حل لهم ولا هم يحلون لهن [ التوبة : ٥ ] . ١١الممتحنة : ١١ وإن فاتكم شيء . . . . . ثم قال : في النفقة : وإن فاتكم شئٌ من أزواجكم إلى الكفار وهي أم الحكم بنت أبي سفيان تركت زوجها عياض بن غنم بن شداد القرشي ، ثم الفهري من بني عامر بن لؤي ، ثم أتت الطائف ، فتزوجت رجلاً من ثقيف . وإن فاتكم شئٌ من أزوجكم يعني أحد أزواجكم إلى الكفار يعني إن لحقت امرأة مؤمنة إلى الكفار ، يعني كفار الحرب الذين ليس بينكم ، وبينهم عهد وأوجهاً مسلم فعاقبتم يقول : فإن غنمتم ، وأعقبكم اللّه مالاً فئاتوا وأعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا يعني المهر ما أصبتم من الغنيمة قبل أن تخمس الخمس ، ثم يرفع الخمس ، ثم تقسم الغنيمة بعد الخمس بين المسلمين ، ثم قال : واتقوا اللّه ولا تعصوه فيما أمركم به الذي أنتم به مؤمنون [ آية : ١١ ] يعن باللّه مصدقين ، وكل هؤلاء الآيات نسختها في براءة آية السيف [ الآية : ٥ ] . ١٢الممتحنة : ١٢ يا أيها النبي . . . . . يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئا وذلك يوم فتح مكة ، لما فرغ النبي صلى اللّه عليه وسلم من بيعة الرجال ، وهو جالس على الصفا ، وعمر بن الخطاب ، رضي اللّه عنه ، أسفل منه ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : أبايعكن على ألا تشركن باللّه شيئاً ′ ، وكانت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان منتقبه مع النساء ، فرفعت رأسها ، فقالت : واللّه ، إنك لتأخذ علينا أمراً ما رأيتك أخذته على الرجال ، فقد أعطيناكه ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ولا يشرقن ، فقالت : واللّه إني لأصيب من مال أبي سفيان هنات ، فما أدري أتحلهن لي أم لا ؟ فقال أبو سفيان : نعم ، ما أصبت من شئ فيما مضى وفيما غير فهو لك حلال ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : ′ وإنك لهند بنت عتبة ′ ، فقالت : نعم ، فاعف عما سلف عفا اللّه عنك ، ثم قال : ولا يزنين قالت : وهل تزني الحرة ؟ ثم قال : ولا يقتلن أولدهن فقالت : ربيناهم صغاراً وقتلتموهم كباراً ، فأنتم وهم أعلم ، فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى ، ويقال : إن النبي صلى اللّه عليه وسلم ضحك من قولها . ثم قال : ولا يأتين ببهتنٍ يفترينه بين أيديهن وأرجلهن والبهتان أن تقذف المرأة ولداً من غير زوجها على زوجها ، فتقول لزوجها هو منك وليس منه ، قالت : واللّه إن البهتان لقبيح ، ولبعض التجاوز أمثل ، وما تأمر إلا بالرشد ومكارم الأخلاقن ثم قال : ولا يعصينك في معروف يعني في طاعة اللّه تعالى فيما نهى عنه النبي صلى اللّه عليه وسلم عن النوح وشد شعر وتمزيق الثياب ، أو تخلو غريب في حضر ، ولا تسافر فوق ثلاثة أيام إلا مع ذي محرم ونحو ذلك ، قالت هند : ما جلسنا في مجلسنا هذا ، وفي أنفسنا أن نعصيك في شئ فأقر النسوة بما أخذ عليهن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فذلك قوله : فبائعهن واستغفر لهن اللّه إن اللّه غفورٌ لما كان في الشرك رحيم [ آية : ١٢ ] فيما بقي . ١٠٣الممتحنة : ١٣ يا أيها الذين . . . . . قوله : يأيها الذين ءامنوا لا تتولوا قوماً غضب اللّه عليهم يعني اليهود نزلت في عبد اللّه بن أبي ، ومالك بن دخشم كانت اليهود زينوا لهم ترك الإسلام ، فكان أناس من فقراء المسلمين يخبرون اليهود عن أخبار المسلمين ليتواصلوا بذلك فيصيبون من ثمارهم وطعامهم ، فنهى اللّه عز وجل عن ذلك . ثم قال : قد يئسوا من الآخرة يعني اليهود كما يئس الكفار من أصحاب القبور [ آية : ١٣ ] وذلك أن الكافر إذا دخل قبره أتاه ملك شديد الانتهار ، فأجلسه ، ثم يسأله : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن رسولك ؟ فيقول : لا أدري ، فيقول الملك : أبعدك اللّه ، انظر يا عدو اللّه إلى منزلك من النار ، فينظر إليها ، ويدعو بالويل ، ويقول له الملك : هذا لك ، يا عدو اللّه ، فلو كنت آمنت بريك لدخلت الجنة ، ثم فينظر إليها ، فيقول : لمن هذا ؟ فيقول له الملك : هذا لمن آمن باللّه ، فيكون حسرة عليه ، وينقطع رجاءه منها ويعلم عند ذلك أنه لا حظ له فيها ، وييأس من خير الجنة ، فذلك قوله لكفار أهل الدنيا الأحياء منهم قد يئسوا من نعيم الآخرة كما أيس هذا الكفار من أصحاب القبور عاينوا منازلهم في النار في الآخرة . |
﴿ ٠ ﴾