٧

المنافقون : ٧ هم الذين يقولون . . . . .

ثم قال : هم الذين يقولون يعني عبد اللّه بن أبي لا تنفقوا على من عند رسول اللّه وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما رجع غانماً من غزاة بني لحيان ، وهم حي من هذيل ، هاجت ريح شديدة ليلاً ، وضلت ناقة رسول اللّه ، فلما أصبحوا ، قالوا للنبي صلى اللّه عليه وسلم : ما هذه الريح ؟ قال : موت رجل من رءوس المنافقين توفى بالمدينة ،   من هو ؟ قال :

رفاعة بن التابوه ، فقال رجال منافق : كيف يزعم محمد أنه يعلم الغيب ، ولا يعلم مكان ناقته أفلا يخبره الذي يأتيه بالغيب بمكان ناقته ؟ فقال له رجل : اسكت ، فواللّه لو أن محمداً يعلم بهذا الزعم لأنزل عليه فينا ، ثم قام المنافق ، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم فوجده يحدث أصحابه أن رجلاً من المنافقين شمت بي ، بأن ضالت ناقتي ، قال : كيف يزعم محمد أنه يعلم الغيب ، أفلا يخبره الذي يأتيه بالغيب بمكان ناقته ؟ لعمرى ، لقد كذب ، ما أزعم أني أعلم الغيب ، ولا أعلمه ، ولكن اللّه تعالى أخبرني بقوله ، وبمكان ناقتي ، وهي في الشعب ، وقد تعلق زمامها بشجرة .

فخرجوا من عنده يسعون قبل الشعب ، فإذا هي كما قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فجاءوا بها ، والمنافق ينظر ، فصدق مكانه ، ثم رجع إلى أصحابه ، فقال : أذكركم اللّه ، هل قام أحد منكم من مجلسه ؟ أو ذكر حديثي هذا إلى أحد ؟   لا ، قال : أشهد أن محمداً رسول

اللّه ، واللّه لكأني لم أسلم إلا يومي هذا ،   وما ذاك ؟ قال : وجدت النبي صلى اللّه عليه وسلم يحدث الناس بحديثى الذي كرت لكم ، وأنا أشهد أن اللّه أطلعه ، وأنه لصادق ، فسار حتى دنا من المدينة فتحاور رجلان أحدهم عامري ،

والآخر جهني ، فأعان عبد اللّه بن أبي المنافق الجهني ، وأعان جعال بن عبد اللّه بن سعيد العامري ، وكان جعال فقيراً ، فقال عبد اللّه لجعال : وإنك لهناك ، فقال : وما يمنعني أن أفعل ذلك فاشتد لسان جعال على عبد اللّه ،

فقال عبد اللّه : مثلى ومثلك كما قال الأول ممن كلبك يأكلك ، والذي يحلف به عبد اللّه لأذرتك ، ولهمك غير هذا .

قال جعال : ليس بيدك ، وإنما الرزق بيد اللّه تعالى ، فرجع عبد اللّه غضبان ؟ فقال

لأصحابه : واللّه ، ولو كنتم تمنعون جعالاً ، وأصحاب جعال الطعام الذي من أجله ركبوا

رقابكم لأوشكوا أن يذروا محمداً صلى اللّه عليه وسلم ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم ، لا تنفقوا عليهم

 حتى ينفضوا يعني حتى يتفرقوا من حول محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ثم قال :

لو أن جعالاً أتى

محمداً صلى اللّه عليه وسلم فأخبره لصدقه ، وزعم أني ظالم ، ولعمري ، إني ظالم إذ جئنا بمحمد من مكة ،

وقد طرده قومه فواسيناه بأنفسنا ، وجعلناه على رقابنا ، أما واللّه ، لئن رجعنا إلى المدينة

ليخرجن الأعز منها الأذل ، ولنجعلن علينا رجلاً منا ، يعني نفسه ، يعني بالأعز نفسه

وأصحابه ، ويعني بالأذل النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ، فقال زيد بن أرقم الأنصاري ، وهو غلام

شاب : أنت واللّه الذليل القصير المبغض في قومك ، ومحمد صلى اللّه عليه وسلم في عز من الرحمن ، ومودة

من المسلمين ، واللّه لا أحبك بعد هذا الكلام أبداً .

فقال عبد اللّه :

إنما كنت ألعب معك ، فقام زيد فأخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم فشق عليه قول عبد

اللّه بن أبي ، وفشا في الناس أن النبي صلى اللّه عليه وسلم غضب على عبد اللّه لخبر زيد ، فأرسل النبي

 صلى اللّه عليه وسلم إلى عبد اللّه ، فأتاه ومعه رجال من الأنصار يرفدونه ويكذبون عنه ، فقال له النبي

 صلى اللّه عليه وسلم : أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني عنك ، قال عبد اللّه : والذي أنزل عليك

الكتاب ما قلت شيئاً من ذلك قط ، وإن زيداً لكاذب وما عملت عملاً قط أرجى في

نفسي أن يدخلني اللّه به الجنة من غزاتي هذه معك ، وصدقه الأنصار ، و  يا رسول

اللّه ، شيخنا وسيدنا لا يصدق عليه قول غلام من غلمان الأنصار مشى بكذب ونميمة

فعذره النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وفشت الملامة لزيد في الأنصار ، و  كذب زيد ، وكذبه النبي صلى اللّه عليه وسلم ،

وكان زيد يساير النبي صلى اللّه عليه وسلم في المسير قبل ذلك ، فاستحى بعد ذلك أن يدنو من النبي

 صلى اللّه عليه وسلم فأنزل اللّه تعالى تصديق زيد ، وتكذيب عبد اللّه ، فقال : هم يعني عبد اللّه

 الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتى ينفضوا وللّه خزائن السماوات والأرض يعني مفاتيح الرزق والمطر والنبات ولكن المنافقين لا يفقهون [ آية : ٧ ]

الخير .

سورة المنافقون من الآية ٨ فقط .

﴿ ٧