٧٣

سورة المزمل

مكية عددها عشرون آية كوفى

١

المزمل : ١ يا أيها المزمل

قوله : يا أيها المزمل [ آية : ١ ] يعني الذي ضم عليه ثيابه ، يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم خرج من البيت وقد لبس ثيابه ، فناداه جبريل ، عليه السلام : يا أيها المزمل ، الذي قد تزمل بالثياب ، وقد ضمها عليه

٢

المزمل : ٢ قم الليل إلا . . . . .

 قم اليل إلا قليلاً [ آية : ٢ ]

٣

المزمل : ٣ نصفه أو انقص . . . . .

 نصفه أو انقص منه قليلا [ آية : ٣ ] يقول : انقص إلى ثلث الليل

٤

المزمل : ٤ أو زد عليه . . . . .

 أو زد عليه يعني على النصف إلى الثلثين ، فخيره هذه الساعات ، وكان هذا بمكة قبل صلوات الخمس ، ثم

قال : ورتل القرءان ترتيلاً [ آية : ٤ ] ترسل به ترسلاً على هينتك رويداً يعني عز وجل بينه تبيناً

٥

المزمل : ٥ إنا سنلقي عليك . . . . .

 إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا [ آية : ٥ ] يعني القرآن شديداً ، لما في القرآن من الأمر والنهي والحدود والفرائض

٦

المزمل : ٦ إن ناشئة الليل . . . . .

 إن ناشئة اليل يعني الليل كله والقراءة فيه

هي أشد وطئاً وأقوم قيلاً يعني مواطأة بعضاً لبعض

وأقوم قيلا [ آية : ٦ ] بالليل وأثبت ،

لأنه فارغ القلب بالليل ، وهو أفرغ منه بالنهار .

٧

المزمل : ٧ إن لك في . . . . .

 إن لك في النهار سبحاً طويلاً [ آية : ٧ ] يعني فراغاً طويلاً لنومك ولحاجتك ، وكانوا لا يصلون إلا بالليل ، حتى أنه كان الرجل يعلق نفسه بالليل ، فشق القيام عليه بالليل

٨

المزمل : ٨ واذكر اسم ربك . . . . .

 واذكر اسم ربك يعني بالتوحيد والإخلاص وتبتل إليه تبتيلاً [ آية : ٨ ] يعني وأخلص إليه إخلاصاً في الدعاء والعبادة ، ثم عظم الرب نفسه ، فقال :

٩

المزمل : ٩ رب المشرق والمغرب . . . . .

 رب المشرق يعني حيث تطلع الشمس و  رب والمغرب حيث تغرب الشمس ، قال ابن عباس :

تطلع الشمس عند مدينة يقال لها : جابلقا لها ألف باب على كل باب منها ألف

حارس ، وهم الذين ذكرهم اللّه تعالى في كتابه ، فقال : تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا [ الكهف : ٩٠ ] ، وتغرب عند مدينة يقال لها : جابرسا لها ألف ألف باب على كل باب ألف حارس ، فيتصايحون فرقاً منها ، فلولا صياحهم لسمعتهم وجبتها إذا هي سقطت .

ثم عظم الرب نفسه ، فقال : لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا [ آية : ٩ ] هو رب المشرق المغرب ، يعني يوم يستوي فيه الليل والنهار ، فذلك اليوم اثنتا عشرة ساعة ، وتلك الليلة اثنتا عشرة ساعة ، فمشرق ذلك اليوم في برج الميزان ومغربه لا إله إلا هو ، فوحد الرب نفسه فاتخذه وكيلا يقول : اتخذ الرب ولياً

١٠

المزمل : ١٠ واصبر على ما . . . . .

 واصبر على ما يقولون من تكذيبهم إياه بالعذاب ومن الأذى واهجرهم هجرا جميلا [ آية : ١٠ ] يعني اعتزلهم اعتزالاً جميلاً حسناً ، نسختها آية السيف في براءة

١١

المزمل : ١١ وذرني والمكذبين أولي . . . . .

 وذرني والمكذبين يقول : خل بيني وبين بني المغيرة بن عبد اللّه بن عمرو بن مخزوم ، فإن لي فيهم نقمة ببدر أولي النعمة في الغنى والخير ومهلهم هذا وعيد قليلا [ آية : ١١ ] حتى أهلكهم ببدر .

١٢

المزمل : ١٢ إن لدينا أنكالا . . . . .

ثم قال : إن لدينا أنكالا وجحيما [ آية : ١٢ ] فالأنكال عقوبة من ألوان العذاب ، ثم ذكر العقوبة ، فقال : وجحيماً ، يعني ما عظم من النار

١٣

المزمل : ١٣ وطعاما ذا غصة . . . . .

 وطعاما ذا غصة يعني بالغصة الزقوم وعذابا أليما [ آية : ١٣ ] يعني وجيماً موجعاً

١٤

المزمل : ١٤ يوم ترجف الأرض . . . . .

 يوم ترجف الأرض يعني تحرك الأرض والجبال من الخوف وكانت الجبال يعني وصارت الجبال بعد القوة والشدة كئيباً مهيلاً [ آية : ١٤ ] والمهيل الرمل الذي إذا حرك تبع بضعه بعضاً

١٥

المزمل : ١٥ إنا أرسلنا إليكم . . . . .

 إنا أرسلنا إليكم يا أهل مكة رسولا يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم لأنه ولد فيهم فأودروه شهداً عليكم أنه بلغكم الرسالة ، وقد استخفوا به ، وازدروه لأنه ولد فيها كما أرسلنا إلى فرعون رسولا [ آية : ١٥ ] يعني موسى ، عليه السلام ، أي أنه كان ولد فيها فازدروه .

١٦

المزمل : ١٦ فعصى فرعون الرسول . . . . .

 فعصى فرعون الرسول فأخذنه أخذاً وبيلاً [ آية : ١٦ ] يعني شديداً ، وهو الغرق يخوف كفار مكة بالعذاب ، أن لا يكذبوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم فينزل بهم العذاب كما نزل بفرعون وقومه حين كذبوا موسى ، عليه السلام ، نظيرها في الدخان [ الآية : ٧ ، ٢٤ ] .

١٧

المزمل : ١٧ فكيف تتقون إن . . . . .

 فكيف تتقون يعني وكيف لا يتقون عذاب يوم يجعل فيه الولدان شيباً ، ويسكر الكبير من غير شراب ، ويشيب الصغير من غير كبر من أهوال يوم القيامة إن كفرتم في الدنيا يوما يجعل الولدان شيبا [ آية : ١٧ ] وذلك يوم يقول اللّه لآدم : قم ، فابعث بعث النار ،

من كل ألف تسع مائة ، وتسع وتسعين ، وواحد إلى الجنة فيساقون إلى النار سود الوجوه

زرق العيون مقرنين في الحديد ، فعند ذلك يسكر الكبير من الخوف ، ويشيب الصغير من

الفزع ، وتضع الحوامل ما في بطونها من الفزغ تماماً وغير تمام .

١٨

المزمل : ١٨ السماء منفطر به . . . . .

ثم قال عز وجل : السماء منفطر به السقف به يعني الرحمن لنزول الرحمن تبارك

وتعالى كان وعده مفعولا [ آية : ١٨ ] أن وعده مفعولاً في البعث ، يقول :

إن كائن

لا بد

١٩

المزمل : ١٩ إن هذه تذكرة . . . . .

 إن هذه تذكرة يعني آيات القرآن تذكرة يعني تفكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا [ آية : ١٩ ] يعني بالطاعة .

٢٠

المزمل : ٢٠ إن ربك يعلم . . . . .

 إن ربك يعلم أنك تقوم إلى الصلاة أدنى يعني أقل من ثلثي اليل وذلك

أن

النبي صلى اللّه عليه وسلم والمؤمنين كانوا يقومون في أول الإسلام من الليل نصفه وثلثه ، وهذا من قبل

أن تفرض الصلوات الخمس ، فقاموا سنة فشق ذلك عليهم ، فنزلت الرخصة بعد ذلك

عند السنة ، فذلك

قوله : إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي اليل ونصفه وثلثه وطائفةٌ من الذين

معك من المؤمنين يقومون نصفه وثلثه ، ويقومون وينامون واللّه يقدر اليل والنهار علم

أن لن تحصوه يعني قيام ثلثي الليل الأول ، ولا نصف الليل ، ولا ثلث الليل فتاب عليكم يعني فتجاوز عنكم في التخفيف بعد

قوله : قم الليل إلا قليلا  وطائفة من الذين معك [ فاقرءوا ما تيسر من القرءان عليكم في الصلاة علم أن سيكون منكم

مرضى فلا يطيقون قيام اللّه وءاخرون يضربون في الأرض تجاراً يبتغون من فضل اللّه

يعني يطلبون من فضل اللّه الرزق وءاخرون يقتلون في سبيل اللّه ولا يصغون قيام الليل ،

فهذه رخصة من اللّه عز وجل لهم بعد التشديد .

ثم قال : فاقرءوا ما تيسر عليكم منه يعني من القرآن فلم يوقت شيئاً ، في

صلواتكم الخمس منه وأقيموا الصلاة يعني وأتموا الصلوات الخمس ، وأعطوا الزكاة

المفروضة ، من أموالكم ، فنسخ قيام الليل على المؤمنين ، وثبت قيام الليل على النبي صلى اللّه عليه وسلم ،

وكان بين أول هذه السورة وآخرها سنة حتى فرضت الصلوات الخمس ، والزكاة ، فهما

واجبتان ، فذلك

قوله : وأقيموا الصلوة وءاتوا الزكوة يقول : وأعطوا الزكاة من أموالكم

 وأقرضوا اللّه يعني التطوع قرضا حسنا يعني بالحسن طيبة بها نفسه يحتسبها تطوعاً

بعد الفريضة وما تقدموا لأنفسكم من خير يعني بالحسن من طيبة بها نفسه يحتسبها تطوعا

يقول : تجدوه عند اللّه هو خيرا ثواباً عند اللّه في التقديم ، هو خيراً وأعظم أجرا

يقول : أفضل مما أعطيتم من أموالكم وأعظم أجراً يعني وأكثر خيراً ، وأفضل خيراً في

الآخرة واستغفروا اللّه من الذنوب إن اللّه غفور لكم عند الاستغفار إذا

استغفرتموه رحيم [ آية : ٢٠ ] حين رخص لكم بالتوبة .

﴿ ٠