٧٩ سورة النازعاتمكية ، عددها ست وأربعون آية كوفى ١النازعات : ١ والنازعات غرقا قوله : والنازعت غرقاً [ آية : ١ ] فهو ملك الموت وحده ، ينزع روح الكافر حتى إذا بلغ ترقوته غرقه في حلقه ، فيعذبه في حياته قبل أن يميته ، ثم ينشطها من حلقه كما ينشط السفود الكثير الشمث من الصوف فينشط روح الكافر من قدمه إلى حلقه مثل الصوف ، فذلك قوله : ٢النازعات : ٢ والناشطات نشطا والنشطت نشطاً [ آية : ٢ ] فهو ملك الموت فيخرج نفسه من حلقه ومعها العروق كالغريق من الماء وأما قوله : ٣النازعات : ٣ والسابحات سبحا والسبحت سبحاً [ آية : ٣ ] وهو ملك الموت وحده ، وهي روح المؤمن ولكن قال في التقديم : ٤النازعات : ٤ فالسابقات سبقا فالسبقت سبقاً ثم والسبحت سبحاً تقبض روح المؤمن كالسابح في الماء لا يهوله الماء يقول : تستبق الملائكة أرواحهم في حريرة بيضاء من حرير الجنة ، يسبقون بها ملائكة الرحمة ، ووجوههم مثل الشمس عليهم تاج من نور ضاحكين مستبشرين طيبين ، فذلك قوله : تتوفاهم الملائكة طيبين [ النحل : ٣٢ ] ، قال : والسبحت سبحاً يقول : تسبح الملائكة في السموات لا تحجب روحه في السماء حتى يبلغ به الملك عند سدرة المنتهى عندها مأوى أرواح المؤمنين فأما الكافر فإنه أول ما ينزل الملك الروح من جسده ، فتستبق ملائكة الغضب وجوههم مثل الجمر ، وأعينهم مثل البرق غضاب ، حرهم أشد من حر النار فتوضع روحه على جمر مثل الكبريت ، فيضعون روحه عليه ، وتقلب روحه عليه ، مثل السمك ، على الطابق ، ولا تفتح أبواب السماء فيهبط به الملك حتى يضعه في سجين وهي الأرض السفلى تحت خد إبليس . هذا معنى فالسبقت سبقاً [ آية : ٤ ] أما قوله تعالى : ٥النازعات : ٥ فالمدبرات أمرا فالمدبرت أمراً [ آية : ٥ ] فهم الملائكة منهم الخزان الذين يكونون مع الرياح ، ومع المطر ، ومع الكواكب ، ومع الشمس ، والقمر ، ومع الإنس والجن ، فكذلك هم ، ويقال : جبريل ، وميكائيل ، وملك الموت ، عليهم السلام ، الذين يدبرون أمر اللّه تعالى ، في عباده وبلاده ، وبأمره . ٦النازعات : ٦ يوم ترجف الراجفة وأما قوله تعالى : يوم ترجف الراجفة [ آية : ٦ ] وهي النفخة الأولى وإنما سميت الراجفة لأنها تميت الخلق كلهم ، كقوله : فأخذتهم الرجفة [ الأعراف : ٧٨ ] يعنى الموت ، من فوق سبع سموات من عند العرش فيموت الخلق كلهم . ٧النازعات : ٧ تتبعها الرادفة تتبعها الرادفة [ آية : ٧ ] وهي النفخة الثانية أردفت النفخة الأولى بينهما أربعون سنة ، أسمعت الخلائق وهي عند صخرة بيت المقدس ، وذلك أنه ينزل إسرافيل وترتفع أرواح الكفار من تحت الأرض السفلى إلى واد يقال له : برهوت ، وهو بحضر موت ، وهو كاشر وادٍ في الأرض ، وتنزل أرواح المؤمنين من فوق سبع سموات إلى واد يقال له : الجابية ، وهو بالشام ، وهو خير واد في الأرض فيأخذ هؤلاء وهؤلاء جميعها إسرافيل فيجعلهم في القرن وهو الصور فينفخ فيه ، فيقول أيتها العظام البالية ، وأيتها العروق المنقطعة ، وأيتها اللحوم المتمزقة ، اخرجوا من قبوركم لتجازوا بأعمالكم ، ثم قال : ٨النازعات : ٨ قلوب يومئذ واجفة قلوب يومئذ واجفة [ آية : ٨ ] يعنى خائفة ٩النازعات : ٩ أبصارها خاشعة أبصرها خشعةٌ [ آية : ٩ ] يعنى ذليلة مما رأت عند معاينة النار ، فخضعت كقوله : خاشعين من الذل مما ترى من العجائب ومما ترى من أمر الآخرة . ١٠النازعات : ١٠ يقولون أئنا لمردودون . . . . . ثم أخبر اللّه عز وجل عن كفار مكة فقال : يقولون أءنا لمردودون في الحافرة [ آية : ١٠ ] تعجباً منها ، فيما تقديم ، يقولون إنا لراجعون على أقدامنا إلى الحياة بعد الموت ، هذا قول كفار مكة ، ١١النازعات : ١١ أئذا كنا عظاما . . . . . أءذا كنا عظماً نخرةً [ آية : ١١ ] يعنى بالية ، أي : أنا لا نبعث خلقاً كما كنا ١٢النازعات : ١٢ قالوا تلك إذا . . . . . قالوا تلك إذا كرة خاسرة [ آية : ١٢ ] قالوا إن بعثنا بعد الموت إنا إذا لخاسرون يعنى هالكون ، ثم قال اللّه تبارك وتعالى لمحمد صلى اللّه عليه وسلم : ١٣النازعات : ١٣ فإنما هي زجرة . . . . . فإنما هي زجرةٌ وحدةٌ [ آية : ١٣ ] يقول : فإنما هي صيحة واحدة من غسرافيل ، عليه السلام ، فيسمعونها وهم في بطن الأرض أمواتاً ولا يثنيها ١٤النازعات : ١٤ فإذا هم بالساهرة فإذا هم بالساهرة [ آية : ١٤ ] يعنى الأرض الجديدة التي تبسط على هذه الأرض فيسلها اللّه عز وجل من تحتها كل يسل الثوب الخلق البالي ، فذلك قوله : فإذا هم بالساهرة يقول بالأرض الأخرى واسمها الساهرة . ١٥النازعات : ١٥ هل أتاك حديث . . . . . قوله : هل أتتك حديث موسى [ آية : ١٥ ] قبل هذا ١٦النازعات : ١٦ إذ ناداه ربه . . . . . ٢ إذ ناداه ربه بالواد المقدس يقول : بالوادي المطهر اسمه طوى [ آية : ١٦ ] لأن اللّه عز وجل طوى عليه القدس ، وكان نداؤه إياه أنه قال : يا موسى ، فناداه من الشجرة ، وهي الشمران ، فقال : يا موسى ، إني أنا ربك ، يا موسى ، ١٧النازعات : ١٧ اذهب إلى فرعون . . . . . ٢ اذهب إلى فرعون إنه طغى [ آية : ١٧ ] يقول : إنه قد بلغ من طغيانه أنه عبد ، وفي قراءة ابن مسعود ′ طغى ′ لأنه لم يعبد صنماً قط ولكنه دعا الناس إلى عبادته ، فذلك قوله : إنه طغى ٢ ١٨النازعات : ١٨ فقل هل لك . . . . . ٢ فقل هل لك إلى أن تزكى [ آية : ١٨ ] يقول : هل لك أن تصلح ما قد أفسدت ، يقول : وأدعوك لتوحيد اللّه ١٩النازعات : ١٩ وأهديك إلى ربك . . . . . ٢ وأهديك إلى ربك إلى عظمته فتخشى [ آية : ١٩ ] يخبر اللّه عز وجل محمداً صلى اللّه عليه وسلم بخبره ، قال له فرعون : ما هي ؟ قال : ٢٠النازعات : ٢٠ فأراه الآية الكبرى ٢ فأراه الآية الكبرى [ آية : ٢٠ ] وهي اليد والعصا أخرج يده بيضاء لها شعاع كشعاع الشمس يغشى البصر ، فكانت اليد أعظم وأعجب من العصا من غير سوء يعني من غير برص ، قال : ٢١النازعات : ٢١ فكذب وعصى ٢ فكذب وعصى [ آية : ٢١ ] وزعن أنه ليس من اللّه عز وجل وعصي فقال : إنه سحر وعصي أيضاً يعنى استعصى عن الإيمان ، قال : ٢٢النازعات : ٢٢ ثم أدبر يسعى ٢ ثم أدبر عن الحق يسعى [ آية : ٢٢ ] يعنى في جمع السحر فهو قوله : فجمع كيده [ طه : ٦ ] ثم أتى بهم وذلك ٢٣النازعات : ٢٣ فحشر فنادى ٢ فحشر فنادى [ آية : ٢٣ ] يقول حشر القبط ٢٤النازعات : ٢٤ فقال أنا ربكم . . . . . ٢ فقال أنا ربكم الأعلى [ آية : ٢٤ ] وذلك أن موسى صلى اللّه عليه وسلم قال لفرعون : لك ملكك فلا يزول ، وذلك شبابك فلا تهرم ، وذلك الجنة إذا مت ، على أن يقول ربي اللّه وأنا عبده ، فقال فرعون : إنك لعاجز بيننا يكون الرجل ربا يعبد حتى يكون له رب ، فقال فرعون : أنا ربكم الأعلى يقول : ليس لي رب فوق ، فذلك الأعلى ٢٥النازعات : ٢٥ فأخذه اللّه نكال . . . . . ٢ فأخذه اللّه بعقوبة قوله : نكال الآخرة والأولى [ آية : ٢٥ ] وكان بينهما أربعين سنة ، الأولى قوله : ما علمت لكم من إله غيري [ القصص : ٣٩ ] والآخرة قوله : أنا ربكم الأعلى ثم قال : ٢٦النازعات : ٢٦ إن في ذلك . . . . . ٢ إن في ذلك يقول : إن في هلاك فرعون وقومه لعبرة لمن يخشى [ آية : ٢٦ ] يعنى لمن يذكر اللّه تعالى ، يقول : لمن يخشى عقوبة اللّه تعالى ، مثل ما فعل آل فرعون فلا يشرك ، يخوف كفار مكة لئلا يكذبوا محمداً صلى اللّه عليه وسلم فيجازيهم مثل ما حل بقوم فرعون من العذاب . ٢٧النازعات : ٢٧ أأنتم أشد خلقا . . . . . ثم قال : يا معشر العرب ءأنتم أشد خلقاً أم السماء بنها [ آية : ٢٧ ] يقول : أنتم أشد قوة من السماء لأنه قال : إذا السماء انفطرت [ الأنفطار : ١ ] و إذا السماء انشق [ الانشقاق : ١ ] يقول : فما حالكم أنتم يا بني آدم ، وأنتم أضعف من السماء ؟ ثم قال : بنها ٢ ٢٨النازعات : ٢٨ رفع سمكها فسواها ٢ رفع سمكها يعني طولها مسيرة خمسمائة عام فسواها [ آية : ٢٨ ] ليس فيها خلل ، قوله : ٢٩النازعات : ٢٩ وأغطش ليلها وأخرج . . . . . ٢ وأغطش يقول وأظلم ليلها وأخرج ضحها [ آية : ٢٩ ] يعنى وأبرز ، يقول : وأخرج شمسها ، وإنما صارت مؤنتة لأن ظلمة الليل في السموات وظلمة الليل من السماء تجئ ، قال : ٣٠النازعات : ٣٠ والأرض بعد ذلك . . . . . والأرض بعد ذلك دحها [ آية : ٣٠ ] يقول : بعد بناء السماء ، بسطها من تحت الكعبة مسيرة خمسمائة عام ، ثم قال : ٣١النازعات : ٣١ أخرج منها ماءها . . . . . أخرج منها ماءها ومرعها [ آية : ٣١ ] يقول : بحورها ونباتها لأن النبات والماء يكونان من الأرض ٣٢النازعات : ٣٢ والجبال أرساها والجبال أرسها [ آية : ٣٢ ] يقول : أوتدها في الأرض لئلا نزول ، فاستقرت بأهلها ، ثم رجع إلى مرعاها ، فقال فيها : ٣٣النازعات : ٣٣ متاعا لكم ولأنعامكم متعاً لكم ولأنعمكم [ آية : ٣٣ ] يقول : معيشة لكم ولمواشيكم . ٣٤النازعات : ٣٤ فإذا جاءت الطامة . . . . . فإذا جاءت الطامة الكبرى [ آية : ٣٤ ] يعنى العظمى ، وهي النفخة الآخرة من بيت المقدس ، فذلك الطامة الكبرى ، وهي يوم القيامة . قال الهذيل : أغطش ليلها وأخرج ضحاها إنما صارت مؤنثة لأن ظلمة الليل والشمس في السماء مؤنثة ، قال : وقال شاهر همذان يوم اليرموك : أقدم أبادهم على الأساوره ولا تغرنك أكف بادره وإنما فصرك ترب الساهره ثم ترد بعدها في الحافره من بعد ما كنت عظاماً ناخره قال : وفي قوله : والسلام علي يوم ولدت يعني في الخلق الأول من غير أب ، ويوم أموت من ضغطة القبر ويوم أبعث حيا [ مريم : ٣٣ ] بالحجة على من قال أني رب . ٣٥النازعات : ٣٥ يوم يتذكر الإنسان . . . . . ثم نعت الطامة فقال : يوم يتذكر الإنسن ما سعى [ آية : ٣٥ ] يعنى يتذكر ما عمل في الدنيا من الشر ، يجزى به في ذلك اليوم ٣٦النازعات : ٣٦ وبرزت الجحيم لمن . . . . . وبرزت الجحيم لمن يرى [ آية : ٣٦ ] لأن الخلق يؤمئذ يبصرونها فمن كان منها أعمى في الدنيا ؟ فهو يؤمئذٍ يبصر ، قال : ٣٧النازعات : ٣٧ فأما من طغى فأما من طغى [ آية : ٣٧ ] ٣٨النازعات : ٣٨ وآثر الحياة الدنيا وءاثر الحيوة الدنيا [ آية : ٣٨ ] نزلت هذه الآية في النضر بن الحارض بن علقمة بن كلدة ، وفي حبيب بن عبد يا ليل ، وأمية بن خلف الجمحى ، عتبة ، وعتيبة ابنى أبي لهب ، فهؤلاء كفار ومنهم مصعب ، وأبو الدوم ابنا عمير ، وذلك أنهم وجدوا جزوراً في البرية ضلت من الأعراب فنحروها وجعلوا يقتسمونها بينهم فأصاب مصعب ، وأبو الدوم سهمين ، ثم إن مصعب ذكر مقامه بين يدي رب العالمين ، فخاف أن يحاسبه اللّه تعالى يوم القيامة ، فقال : إن سهمي وسهم أخي هو لكم ، فقال له عند ذلك أمية بن خلف : وليم ؟ قال : إني أخاف أن يحاسبني اللّه به ، فقال له أمية بن خلف : هاته وأنا أحمل عنك هذا الوزر عند إلهتك في الآخرة وفشت تلك المقالة في قريش في أمر مصعب فأنزل اللّه تعالى : فأما من طغى الثابت على الشرك ، وآثر الحياة الدنيا على الآخرة ، ولم يخف اللّه ولا حسابه فأكل الحرام النازعات : ٣٩ فإن الجحيم هي . . . . . ٣٩فإن الجحيم هي المأوى [ آية : ٣٩ ] ثم ذكر مصعب ، قتل يوم أحد ، وأبا الدوم ابني عمير بن هشام بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي ، فقال : ٤٠النازعات : ٤٠ وأما من خاف . . . . . وأما من خاف مقام ربه يقول : مقام ذلك اليوم بين يدي ربه ونهى النفس عن الهوى [ آية : ٤٠ ] يقول : قدر على معصيته فانتهى عنها مخافة حساب ذلك اليوم ٤١النازعات : ٤١ فإن الجنة هي . . . . . فإن الجنة هي المأوى [ آية : ٤١ ] نظيرها في النجم . ٤٢النازعات : ٤٢ يسألونك عن الساعة . . . . . فخرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عند ذلك فقرأها عليهم ، ف متى هذا اليوم يا محمد ؟ فأنزل اللّه عز وجل : يسئلونك يعنى كفار مكة عن الساعة أبان مرسها [ آية : ٤٢ ] فأجاب اللّه عز وجل النبي صلى اللّه عليه وسلم في النمل فقال : قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا اللّه [ الآية : ٦٥ ] يقول : يسألونك عن القيامة متى قيامها ، فقال : النازعات : ٤٣ فيم أنت من . . . . . فيم أنت من ذكرنها [ آية : ٤٣ ] أي من أين تعلم ذلك ٤٤النازعات : ٤٤ إلى ربك منتهاها إلى ربك منتهها [ آية : ٤٤ ] يقول : منتهى علم ذلك إلى اللّه عز وجل ، نظيرها في الأعراف ، ثم قال : ٤٥النازعات : ٤٥ إنما أنت منذر . . . . . إنما أنت منذر من يخشها [ آية : ٤٥ ] يقول : إنما أنت رسول تنذر بالساعة من يخشى ذلك اليوم ، ثم نعت ذلك اليوم فقال : ٤٦النازعات : ٤٦ كأنهم يوم يرونها . . . . . كأنهم يوم يرونها الساعة يظنون أنهم لم يلبثوا في الدنيا ونعيمها إلا عشية وهي ما بين صلاة العصر إلى أن تغيب الشمس أو ضحها [ آية : ٤٦ ] يقول : أو ما بين طلوع الشمس إلى أن ترتفع الشمس على قدر عشية الدنيا أو ضحا الدنيا . |
﴿ ٠ ﴾