٨٠

سورة عبس

مكية عددها اثنتان وأربعون آية كوفى

١

عبس : ١ عبس وتولى

قوله : عبس وتولى [ آية : ١ ] يقول : عبس بوجهه وأعرض إلى غيره نزلت في عبد

اللّه بن أبي مسرح الأعمر ، وأمه أم مكتوم ، اسمه عمرو بن قيس بن زائدة بن رواحة بن

الأصم بن حجر بن عبد ود بن بغيض بن عامر بن لؤى بن غالب .

وأما أم مكتوم :

اسمها عاتكة بنت عامر بن عتكة بن عامر بن مخزوم بن يقظة بن مرة

بن كعب بن لؤى ، وذلك أنه ذات يوم كان جالساً في المسجد الحرام وحده ليس معه

ثان وكان رجلاً مكفوف البصر ، إذ نزل ملكان من السماء ليصليا في المسجد الحرام ،

فقالا : من هذا الأعمى الذي لا يبصر في ادنيا ولا في الآخرة ؟ قال

أحدهما : ولكن

أعجب من أبي طالب يدعو الناس إلى الإسلام وهو لا يبصرهما ، ويسمع ذلك ، فقام

عبد اللّه حتى أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإذا معه أمية بن خلف ، والعباس بن عبد المطلب وهما

قيام بين يديه يعرض عليهما الإسلام ، فقال عبد اللّه : يا محمد ، قد جئتك تائباً فهل لي من

توبة ؟ فأعرض النبي صلى اللّه عليه وسلم وجهه عنه ، وأقبل بوجهه إلى العباس وأمية بن خلف ، فكرر عبد

اللّه كلامه فأعرض النبي صلى اللّه عليه وسلم بوجهه وكلح فاستحيى عبد اللّه وظن أنه ليس له توبة

فرجع إلى منزله ، فأنزل اللّه عز وجل فيه : عبس وتولى يعنى كلح النبي صلى اللّه عليه وسلم وتولى

٢

عبس : ٢ أن جاءه الأعمى

 أن جاء الأعمى [ آية : ٢ ] ثم قال :

٣

عبس : ٣ وما يدريك لعله . . . . .

 وما يدريك يا محمد لعله يزكى [ آية : ٣ ]

يقول : لعله أن يؤمن فيصلى فيتذكر في القرآن بما قد أفسد

٤

عبس : ٤ أو يذكر فتنفعه . . . . .

 أو يذكر في القرآن

 فتنفعه الذكرى [ آية : ٤ ] يعنى المواعظة ، يقول : أن تعرض عليه الإسلام فيؤمن فتنفه

تلك الكرى

٥

عبس : ٥ أما من استغنى

 أما من استغنى [ آية : ٥ ] عن اللّه في نفسه يعنى أمية بن خلف

٦

عبس : ٦ فأنت له تصدى

 فأنت له

تصدى [ آية : ٦ ] يعنى تدعو وتقبل بوجهك

٧

عبس : ٧ وما عليك ألا . . . . .

 وما عليك ألا يزكى [ آية : ٧ ] يقول : وما

عليك ألا يؤمن ولا يصلح ما قد أفسد ، هؤلاء النفر .

٨

عبس : ٨ وأما من جاءك . . . . .

 وأما من جاءك يسعى [ آية : ٨ ] في الحر

٩

عبس : ٩ وهو يخشى

 وهو يخشى [ آية : ٩ ] اللّه يعنى بن أن

كتوم

١٠

عبس : ١٠ فأنت عنه تلهى

 فأنت عنه يا محمد تلهى [ آية : ١٠ ] يعنى تعرض بوجهك عنه ، ثم وعظ

اللّه عز وجل النبي صلى اللّه عليه وسلم

أن لا يقبل على من استغنى عنه فقال : لا تقبل عليهم لا تعرض

عن من جاءك يسعى ، ولا تقبل على من استغنى وتعرض عن من يخشى ربه ، فلما نزلت

هذه الآية في ابن مكتوم ، أكرمه النبي صلى اللّه عليه وسلم واستخلفه بعد ذلك على المدينة مرتين في

غزواته ، ثم انقطع الكلام ، ثم استأنف فقال :

١١

عبس : ١١ كلا إنها تذكرة

 كلا إنها تذكرةٌ [ آية : ١١ ] يعنى آيات

القرآن

١٢

عبس : ١٢ فمن شاء ذكره

 فمن شاء ذكره [ آية : ١٢ ] يعنى الرب تعالى نفسه ، يقول : من شاء اللّه تعالى

فهمه يعنى القرآن ، يقول من شاء ذكر ، أن يفرض الأمر إلى عباده .

١٣

عبس : ١٣ في صحف مكرمة

ثم قال : إن هذا القرآن في صحفٍ مكرمةٍ [ آية : ١٣ ] يعنى في كتب مكرمة

١٤

عبس : ١٤ مرفوعة مطهرة

 مرفوعةٍ يعنى به اللوح المحفوظ ، مرفوعة فوق السماء الرابعة ، نظيرها في الواقعة عند

اللّه مطهرةٍ [ آية : ١٤ ] من الشرك والكفر

١٥

عبس : ١٥ بأيدي سفرة

 بأيدي سفرةٍ [ آية : ١٥ ] يعنى تلك

الصحف بأيدي كتبة كرام مسلمين ، ثم اثنى على الملائكة الكتبة ، فقال :

١٦

عبس : ١٦ كرام بررة

 كرام يعنى

مسلمين ، وهم الملائكة بررةٍ [ آية : ١٦ ] يعنى مطعين للّه تعالى أنقياء أبرار من

الذنوب ، وكان ينزل إليهم من اللوح المحفوظ إلى سماء الدنيا في ليلة القدر ، إلى الكتبة من

الملائكة ، ثم ينزل به جبريل إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، ثم انقطع الكلام ، فذلك

قوله :

١٧

عبس : ١٧ قتل الإنسان ما . . . . .

 قتل الإنسن

يعنى لعن الإنسان ما أكفره [ آية : ١٧ ] يقول : الذي أكفره ، نزلت هذه الآية في

عتيبة بنأبى لهب بن عبد المطلب ، وذلك أنه كان غضب على أبيه فأتى محمداً صلى اللّه عليه وسلم فآمن

به ، فلما رضى أبوه عنه وصالحه وجهزه وسرحه إلى الشام بالتجارات فقال : بلغوا محمداً

عن غتبة أنه قد كفر بالنجم ، فلما سمع ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم ، قال : اللّهم سلط عليه كلبك

يأكله فنزل ليلاً في بعض الطريق فجاء الأسد فأكله ، ثم قال وهو يعلم :

١٨

عبس : ١٨ من أي شيء . . . . .

 من أي شئٍ

خلقه [ آية : ١٨ ] فأعلمه كيف خلقه ليعتبر في خلقه فقال :

١٩

عبس : ١٩ من نطفة خلقه . . . . .

 من نطفةٍ خلقه فقدره

[ آية : ١٩ ] في بطن أمه من نطفة ، ثم من علقة ، ثم من مضغة ، ثم عظماً ، ثم روحاً ،

فقدر هذا الخلق في بطن أمه ثم أخرج من بطن أمه

٢٠

عبس : ٢٠ ثم السبيل يسره

 ثم السبيل يسره [ آية : ٢٠ ] يعنى

هون طريقه في الخروج من بطن أمه يقول يسره للخروج أفلا يعتبر فيوحد اللّه في حسن خلقه فيشكر اللّه في نعمه

٢١

عبس : ٢١ ثم أماته فأقبره

 ثم أماته عند أجله فأقبره [ آية : ٢١ ] .

٢٢

عبس : ٢٢ ثم إذا شاء . . . . .

 ثم إذا شاء أنشره [ آية : ٢٢ ] في الآخرة يعنى إذا شاء بعثه من بعد موته

٢٣

عبس : ٢٣ كلا لما يقض . . . . .

 كلا

لا يؤمن الإنسان بالنشور ، ثم استأنف فقال : لما يقض ما أمره [ آية : ٢٣ ] يعنى ما

عهد اللّه إليه أمر الميثاق الأول ، يعنى التوحيد ، يعنى بهآدم ، عليه السلام ، ثم استأنف ذكر

ما خلق عليه ، فذكر رزقه ليعتبر .

٢٤

عبس : ٢٤ فلينظر الإنسان إلى . . . . .

فقال : فلينظر الإنسن يعنى عتبة بن أبي لهب إلى طعامه [ آية : ٢٤ ] يعنى رزقه

٢٥

عبس : ٢٥ أنا صببنا الماء . . . . .

 أنا صببنا الماء صبا [ آية : ٢٥ ] على الأرض يعنى المطر

٢٦

عبس : ٢٦ ثم شققنا الأرض . . . . .

 ثم شققنا الأرض شقا [ آية :

٢٦ ] يعنى عن النبت والشجر

٢٧

عبس : ٢٧ فأنبتنا فيها حبا

 فأنبتنا فيها حبا [ آية : ٢٧ ] يعنى الحبوب كلها

٢٨

عبس : ٢٨ وعنبا وقضبا

 وعنبا وقضبا [ آية : ٢٨ ] يعنى به الرطاب

٢٩

عبس : ٢٩ وزيتونا ونخلا

 وزيتونا يعنى الرطبة التي يعصر منها الزيت

 ونخلا [ آية : ٢٩ ]

٣٠

عبس : ٣٠ وحدائق غلبا

 وحدائق غلبا [ آية : ٣٠ ] يعنى الشجر الملتف الشجرة التي

يدخل بعضها في جوف بعض

٣١

عبس : ٣١ وفاكهة وأبا

 وفكهة وأباًّ [ آية : ٣١ ] يعنى المرعى

٣٢

عبس : ٣٢ متاعا لكم ولأنعامكم

 متعاً لكم

يقول : في هذا كله متاعاً لكم ولأنعمكم [ آية : ٣٢ ] ففي هذا معتبر ، وقال النبي

 صلى اللّه عليه وسلم : خلقتم من سبع ، ورزقتم من سبع ، وخرجتم على سبع .

٣٣

عبس : ٣٣ فإذا جاءت الصاخة

 فإذا جاءت الصاخة [ آية : ٣٣ ] يعني الصيحة صاخت أسماع الخلق بالصيحة من

الصائح يسمعها الخلق ، ثم عظم الرب عز وجل ، ذلك فقال :

٣٤

عبس : ٣٤ يوم يفر المرء . . . . .

 يوم يفر المرء من أخيه

[ آية : ٣٤ ] يعنى لا يلتفت إليه

٣٥

عبس : ٣٥ وأمه وأبيه

 وأمه وأبيه [ آية : ٣٥ ] .

٣٦

عبس : ٣٦ وصاحبته وبنيه

 وصحبه يعنى وامرأته وبنيه [ آية : ٣٦ ]

٣٧

عبس : ٣٧ لكل امرئ منهم . . . . .

 لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه

[ آية : ٣٧ ] يعنى إذا وكل بكل إنسان ما يشغله ، عن هؤلاء الأقرباء

٣٨

عبس : ٣٨ وجوه يومئذ مسفرة

 وجوه يومئذ مسفرة [ آية : ٣٨ ] يعني فرحة بهجة ، ثم نعتها فقال :

٣٩

عبس : ٣٩ ضاحكة مستبشرة

 ضاحكة مستبشرة [ آية : ٣٩ ]

لما أعطيت منا لخير وإكرامة ، قال :

٤٠

عبس : ٤٠ ووجوه يومئذ عليها . . . . .

 ووجوهٌ يومئذٍ عليها غيرةٌ [ آية : ٤٠ ] يعني السواد

٤١

ك

قوله : سنسمه بالسواد على الخرطوم [ القلم : ١٦ ]

عبس : ٤١ ترهقها قترة

 ترهقها قترة [ آية :

٤١ ] يعنى يغشاها الكسوف وهي الظلمة ، ثم أخبر اللّه عز وجل عنهم فقال :

٤٢

عبس : ٤٢ أولئك هم الكفرة . . . . .

 أؤلئك

الذين كتب اللّه هذا لهم الشر في الآخرة هم الكفرة يعنى الجحدة والظلمة ، وهم

 الفجرة [ آية : ٤٢ ] يعنى الكذبة .

قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : نزل القرآن في ليلة القدر جميعاً كله من اللوح المحفوظ إلى السفرة

من الملائكة في السماء الدنيا ، ثم أخبر به جبريل صلى اللّه عليه وسلم في عشرين شهراً ، ثم أخبر به

جبريل النبي صلى اللّه عليه وسلم في عشرين سنة .

﴿ ٠