٨٤ سورة الانشقاقمكية ، عددها خمس وعشرون آية كوفى ١الإنشقاق : ١ إذا السماء انشقت قوله : إذا السماء انشقت [ آية : ١ ] يقول : انشقت لنزول رب العزة والملائكة ، فإنها تنشق حتى يرى طرفاها ، ثم يرى خلقاً بالياً ، وذلك أن أخوين من بني أمية ، أحدهما اسمه عبد اللّه بن عبد الأسد ، والآخر اسمه الأسود بن عبد الأسد ، أحدهما يؤمن باللّه واسمه عبد اللّه ، وأما الآخر فاسمه الأسود ، وهو الكافر ، فقال لأخيه عبد اللّه : آمنت بمحمد ؟ قال : نعم ، قال : ويحك إن محمداً يزعم إذا متنا ومنا تراباً ، فإنا لمبعوثون في الآخرة ، ويزعم أن الدنيا تنقطع ، فأخبرني ما حال الأرض يومئذٍ . فأنزل اللّه عز وجل : إذا السماء انشقت ٢الإنشقاق : ٢ وأذنت لربها وحقت وأذنت لربها وحقت [ آية : ٢ ] يقول : انشقت وسمعت لربها وأطاعت ، وكان يحق لها ذلك ٣الإنشقاق : ٣ وإذا الأرض مدت وإذا الأرض مدت [ آية : ٣ ] مثل الأديم المدود ٤-٥الإنشقاق : ٤ - ٥ وألقت ما فيها . . . . . وألقت ما فيها من الحيوان وتخلت وأذنت لربها وحقت [ آية : ٥ ] يقول : سمعت لربها وأطاعت ، وكان يحق لها ذلك . ٦الإنشقاق : ٦ يا أيها الإنسان . . . . . ثم قال : يأيها الإنسن يعنى بالإنسان الأسود بن عبد الأسد إنك كادح إلى ربك كدحا إنك ساع إلى ربك سعياً فملقيه [ آية : ٦ ] بعملك ، ثم قال : ٧الإنشقاق : ٧ فأما من أوتي . . . . . فأما من أوتي كتبه بمينه [ آية : ٧ ] وهو عبد اللّه بن عبد الأسد ، ويكنى أبا سلمة ٨الإنشقاق : ٨ فسوف يحاسب حسابا . . . . . فسوف يحاسب حسابا يسيرا [ آية : ٨ ] يقول : باليسير ، بأن اللّه لا يغير حسناته ولا يفضحه . وذلك أن اللّه عز وجل إذا جمع الخلائق يوم القيامة ، فإنهم يومج بعضهم في بعض ، مقدار ثلاث مائة سنة ، حتى إذا استوى الرب جل وعز على كرسيه ليحاسب خلقه ، فإذا جاء الرب تبارك وتعالى والملائكة صفاً صفاً ، فينظرون إلى الجنة ، وإلى النار ، ويجاء بالنار ، من مسيرة خمس مائة عام ، عليها تسعون ألف زمام ، في كل زمام سبعون ألف ملك ، متعلق يحبسونها عن الخلائق ، طول عنق أحدهم مسيرة سنة ، وغلظها مسيرة سنة ، ما بين منكبى أحدهم مسيرة خمسين سنة ، وجوههم مثل الجمر ، وأعينهم مثل البرق ، إذا تكلم أحدهم ، تناثرت من فيه النار ، بيد كل واحد منهم مرزبة ، عليها ثلاث مائة وستون رأساً ، كأمثال الجبال ، هي أخف بيده من الريشة ، فيجئون بها فيسوقونها ، حتى تقام عن يسار العرش . ويجاء بالجنة يزفونها كما تزف العروس إلى زوجها ، حتى تقام عن يمين العرش ، فإذا ما عاين الخلائق النار ، وما أعد اللّه لأهلها ، ونظروا إلى ربهم وسكتوا ، فانقطعت عند ذلك أصواتهم ، فلا يتكلم أحد منهم من فرق اللّه وعظمته ، ولما يرون من العجائب من الملائكة ، ومن حملة العرش ، ومن أهل السماوات ، ومن جهنم ، ومن خزنتها ، فانقطعت أصواتهم عند ذلك . وترتعد مفاصلهم ، فإذا علم اللّه ما أصاب أولياءه من الخوف ، وبلغت القلوب الجناجر ، فيقوم منادٍ عن يمين العرش ، فينادى : يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون [ الزخرف : ٦٨ ] ، فيرفع عند ذلك الإنس والجن كلهم رءوسهم والمؤمنون والكفار ، لأنهم عباده كلهم ، ثم ينادى في الثانية : الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين [ الزخرف : ٦٩ ] ، فيرفع المؤمنون رءوسهم ، وينكس أهل الأديان كلهم رءوسهم ، والناس سكوت مقدار أربعين عاماً ، فذلك قوله : هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون [ المرسلات : ٣٥ ] ، ٣٦ ] . و قوله : لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا [ النبأ : ٣٨ ] ، وقال : لا إله إلا اللّه ، فذلك الصواب ، و قوله : وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا [ طه : ١٠٨ ] ، فلا يجبهم اللّه ، ولا يكلمهم ، ولا يتكلمون هم مقدار أربعين سنة ، يقول بعد ذلك لملك من الملائكة ، وهو جبريل ، عليه السلام : ناد الرسل وابدأ بالأمى ، قال : فيقوم الملك ، فينادى عند ذلك اين النبي الأمي ؟ فتقول الأنبياء عند ذلك : كلنا نبيون وأميون فبين بين ، فيقول النبي العرب الأمى الحرمى ، فيقوم عند ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فيرفع صوته بالدعاء ، فيقول : كم من ذنب قد عملتموه ونسيتموه ، وقد أحصاده اللّه ، رب لا تفضح أمتي ، قال : فلا يزال يدنو من اللّه تعالى ، حتى يقوم بين يديه ، أقرب خلقه إليه ، فيحمد اللّه ويثنى عليه ، ويذكر من الثناء على اللّه تعالى والحمد ، حتى تعجب الملائكة منه والخلائق . فيقول اللّه عز وجل : قد رضيت عنك يا محمد ، اذهب فناد أمتك ، فينادى ، وأول ما يدعو يدعو من أمته عبد اللّه بن عبد الأسد أبا سلمة ، فلا يزال يدنو فيقربه اللّه عز وجل منه فيحاسبه حساباً يسيراً ، واليسير الذي لا يأخذه بالذنب الذي عمله ، ولا يغضب اللّه عز وجل عليه ، فيجعل سيئاته داخل صحيفته وحسناته ظاهر صحيفته ، فيضوع على رأسه التاج من ذهب عليه تسعون ألف ذؤابة ، كل ذؤابة درة تساوي مال المشرق والمغرب ويلبس سبعين حلة من الاستبرق والسندس ، فالذي يلى جسده حريرة بيضاء . فذلك قوله : ولباسهم فيها حرير [ الحج : ٢٣ ] ، ويسور بثلاث أسورة ، سوار من فضة ، وسوار من ذهب ، وسوار من لؤلؤ ، ويوضع إكليل مكلل بالدر والياقوت ، وقد تلألأ في وجهه ، من نور ذلك ، فيرجع إلى إخوانه من المؤمنين ، فينظرون إليه وهو جاء من عند اللّه ، فتقول الملائكة والناس والجن : واللّه لقد أكرم اللّه هذا ، لقد أعطى اللّه لهذا ، فينظرون إلى كتابه فإذا سيئاته باطن صحيفته ، وإذا حسناته ظاهر كتابه ، فتقول عند ذلك الملائكة ما كان أذنب هذا الآدمى ذنباً قط ، واللّه ، لقد اتقى هذا العبد ، فحق أن يكرم مثل هذا العبد ، وهم لا يشعرون أن سيئاته باطن كتابه ، وذلك لمن أراد اللّه تعالى أن يكرمه ولا يفضحه ، قال : فيأتي إخوانه من المسلمين ، فلا يعرفونه ، فيقول : أتعرفوني . فيقولون كلهم : لا ، واللّه ، فيقول : إنما برحت الساعة ، وقد نسيتوني ، فيقول : أنا أبو سلمة ، أبشروا بمثله يا معشر الإخوان ، لقد حاسبني ربي حساباً يسيراً ، وأكرمني ، فذلك قوله : فسوف يحاسب حسابا يسيرا . ٩الإنشقاق : ٩ وينقلب إلى أهله . . . . . وينقلب إلى أهله يقول : إلى قومه مسرورا [ آية : ٩ ] فيعطى كتبابه بيمينه : فيقول هاؤم اقرؤوا كتابيه إني ظننت أني ملاق حسابيه [ الحاقة : ١٩ ، ٢٠ ] إلى آخر القصة ، ثم ينادى مناد بالأسود بن عبد الأسد ، أخي عبد اللّه المؤمن فيريد الشقى أن يدنو ، فينتهرونه ، ويشق صدره حتى يخرج قلبه من وراء ظهره من بين كتفيه ، ويعطى كتابه ، ويجعل كل حسنة عملها في دهره في باطن صحيفته ، لأنه لم يؤمن بالإيمان ، وتجعل سيئاته ظاهر صحيفته ، ويحجب عن اللّه عز وجل فلا يراه ، ولكن ينادى مناد من عند العرش يذكره مساوئه . فكلما ذكر مساوئه : قال : أنا أعرف هذا ، لعنه اللّه ، فتجئ اللعنة من عند اللّه عز وجل ، حتى تقع عليه ، فيلطخ باللعنة ، فيصير جسده مسيرة شهر في طول مسيرة ثلاثة أيام ولياليهن ، ورأسه مثل الأقرع ، وهو جبل عظيم بالشام وأنيابه مثل أحد ، وحدقتاه مثل جبل حراء ، الذي بمكة ، ومنخره مثل الووقين وهما جبلان ، وشعره في الكثرة مثل الأجمعة ، وفي الطول مثل القصب ، وفي الغلظ مثل الرماح ، ويوضع على رأسه تاج من نار ، ويلبس جبة من نحاس ذائب ، ويقلد حجراً من كبريت ، مثل الجبل تشتعل فيه النار ، وتغل يداه إلى عنقه ، ويسود وجهه ، وهو أشد سواداً من القبر ، في ليلة مظلمة ، وتزق عيناه ، فيرجع إلى إخوانه ، فأول ما يرونه يفزع منه الخلائق حتى يمسكوا على آنافهم من شدة نتنه ، لقد أهان اللّه هذا العبد ، لقد أخزى اللّه هذا العبد ، فينظرون إلى كتابه ، فإذا سيئاته ظاهرة ، وليس له من الحسنات شئ ، يقولون : أما كان لهذا العبد في اللّه عز وجل حاجة ، ولا خافه يوماً قط ، ولا ساعة ، فحق لهذا العبد ، إذ أخزاه اللّه وعذبه ، فتلعنه الملائكة أجمعون ، فإذا رجع إلى الموقف لم يعرفه أصحابه ، فيقول : أما تعرفوني ؟ لا واللّه ، فيقول : أنا الأسود بن عبد الأسد ، فينادى بأعلى صوته ، فيقول : يا ليتني لم أوت كتابيه ولم أدر ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية ما أغنى عني ماليه [ الحاقة : ٢٥ - ٢٨ ] . ١٠-١٢الإنشقاق : ١٠ - ١٢ وأما من أوتي . . . . . يقول : يا ليت كان الموت أن أموت فأستريح من هذا البلاء هلك عن حجتي اليوم ، ثم يقول : الويل ، فيبشر أخوه المؤمنين ، ويبشر هذا الكفار ، فذلك قوله تعالى وأما من أوتي كتبه وراء ظهره فسوف يدعوا ثبوراً ويصلى سعيراً [ آية : ١٢ ] يقول : يدعو بالويل ، ويدخل النار ، يقول : ١٣الإنشقاق : ١٣ إنه كان في . . . . . إنه كان في أهله مسرورا [ آية : ١٣ ] يقول في قومه كريماً ، قال فيذله اللّه عز وجل يوم القيامة ، قال : ١٤الإنشقاق : ١٤ إنه ظن أن . . . . . إنه ظن أن لن يحور [ آية : ١٤ ] يقول : أن لن يبعث اللّه تعالى ١٥الإنشقاق : ١٥ بلى إن ربه . . . . . بلى إن ربه كان ٦ يقول الذي خلقه به بصيراً [ آية : ١٥ ] إنه شهيد لعلمه . ١٦الإنشقاق : ١٦ فلا أقسم بالشفق ثم أقسم الرب عز وجل ، فقال : فلا أقسم بالشفق [ آية : ١٦ ] فأما الشفق فهو الضوء الذي يكون بعد غروب الشمس إلى أن تغيب ، قال : الإنشقاق : ١٧ والليل وما وسق واليل وما وسق [ آية : ١٧١٧ ] يقول : ما ساق من الظلمة ١٨الإنشقاق : ١٨ والقمر إذا اتسق والقمر إذا انسق [ آية : ١٨ ] في ليلة ثلاث عشرة ، وأربع عشرة ، وخمس عشرة ، فهن البيض ، فهو يستوى في الشهر ثلاث ليال يشتد ضوءه ، ويجتمع من ثلاث عشرة ، فأقسم اللّه عز وجل بالشفق ، والليل وما وسق ، والقمر إذا اتسق ١٩الإنشقاق : ١٩ لتركبن طبقا عن . . . . . لتركبن هذا العبد طبقا عن طبق [ آية : ١٩ ] يقول : حالاً بعد حال يقول : خلقاً من نطفة ، ثم صارت النطفة علقة ، ثم صارت العلقة مضغة ، ثم صارت إنساناً ميتاً في بطن أمه ، حتى نفخ فيه الروح ، ثم صار إنساناً حياً ، ثم أخرجه اللّه تعالى في بطن أمه ، حتى نفخ فيه الروح ، ثم صار إنساناً حياً ، ثم أخرجه اللّه تعالى من بطن أمه ، فكان طفلاً ، ثم يبلغ أشده ، ثم شاخ وكبر ، ثم مات ولبث في قبره ، حتى صار تراباً ، ثم أنشأه اللّه عز وجل بعد ذلك يوم القيامة . ٢٠الإنشقاق : ٢٠ فما لهم لا . . . . . قال : فما لهم لا يؤمنون [ آية : ٢٠ ] بالبعث وقد كانوا من قبل هذا الذي وصفته ٢١الإنشقاق : ٢١ وإذا قرئ عليهم . . . . . وإذا قرئ عليهم القرءان لا يسجدون [ آية : ٢١ ] وذلك أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قرأ ذات يوم واسجد واقترب [ العلق : ٣٥ ] ، فسجد وسجد المؤمنون معه ، وكانت قريش يصفقون فوق رءوسهم ، ويصفرون وكان الذي يصفر قريب القرابة من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فذلك قوله : وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية [ الأنفال : ٣٥ ] ، فلما سجد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لم يسجدوا وسخروا منه ، وكان إذا قرأ آذوه بالصفير والتصفيق ، فأنزل اللّه عز وجل : فما لهم لا يؤمنون وإذا قرئ عليهم القرءان لا يسجدون ٢٢الإنشقاق : ٢٢ بل الذين كفروا . . . . . بل الذين كفروا يقول : لكن الذين كفروا يكذبون ٢٣الإنشقاق : ٢٣ واللّه أعلم بما . . . . . واللّه أعلم بما يوعون [ آية : ٢٣ ] يقول : بما يجمعون عليه من الإثم والفسوق ٢٤الإنشقاق : ٢٤ فبشرهم بعذاب أليم فبشرهم يا محمد بعذاب أليم [ آية : ٢٤ ] يقول : عذاب وجيع لأهل مكة كلهم ، ٢٥الإنشقاق : ٢٥ إلا الذين آمنوا . . . . . ثم استثنى لعلم قد سبق ، فقال : إلا الذين ءامنوا وعملوا الصلحت لهم أجرٌ غير ممنون [ آية : ٢٥ ] . |
﴿ ٠ ﴾