١٠٥ سورة الفيلمكية ، عددها خمس آيات كوفى ١الفيل : ١ ألم تر كيف . . . . . ألم تر ألم تعلم يا محمد كيف فعل ربك بأصحاب الفيل [ آية : ١ ] يعني أبرهة بن الأشرم اليماني وأصحابه ، وذلك أنه كان بعث أبا يكسوم بن أبرهة اليماني الحبشي ، وهو ابنه ، في جيش كثيف إلى مكة ، ومعهم الفيل ليخرب البيت الحرام ، ويجعل الفيل مكان البيت بمكة ، ليعظم ويعبد كتعظيم الكعبة ، وأمره أن يقتل من حال بينه وبين ذلك ، فسار أبو يكسوم بمن معه حتى نزل بالمعمس ، وهو واد دون الحرم بشئ يسير ، فلما أرادوا أن يسوقوا الفيل إلى مكة لم يدخل الفيل الحرم ، وبرك ، فأمر أبو يكسوم أن يسقوه الخمر ، فسقوه الخمر ويردونه في سياقه ، فلما أرادوا أن يسوقوه برك الثانية ، ولم يقم ، وكلما خلوا سبيله ولي راجعاً إلى الوجه الذي جاء منه يهرول ، ففزعوا من ذلك وانصرفوا عامهم ذلك ، فلما أن كان بعده بسنة أو بسنتين خرج قوم من قريش في تجارة إلى أرض النجاشي ، حتى دنوا من ساحل البحر في سند حقف من أحقافها ببعية النصارى ، وتسميها قريش الهيكل ، ويسميها النجاشي وأهله أرضة ما سر حسان ، فنزل القوم في سندها ، فجمعوا حطباً ، وقدوا ناراً ، وشووا لحماً . فلما أرادوا أن يرتحلوا تركوا النار ، كما هي في يوم عاصف ، فعجبت الريح واضطرم الهيكل ناراً ، فانطلق الصريخ إلى النجاشي ، وجاءه الخبر فأسف عند ذلك غضباً للبيعة ، وسمعت بذلك ملوك العرب الذين هم بحضرته ، فأتوا النجاشي منهم حجر بن شرحبيل ، وأبو يكسوم الكنديان ، وأبرهة بن الصباح الكندي ، ف أيها الملك ، لا تكاد ولا تغلب ، نحن مؤازرون لك على كعبة قريش التي بمكة ، فإنها فخرهم ومعتزهم على من بحضرتهم من العرب ، فننسف بناءها ، ونبيح دماءها ، وننتهب أموالها ، وتمنح حفائرها من شئت من سوامك ، ونحن لك على ذلك مؤازرون ، فاعزم إذا شئت أو أحببت أيها الملك ، فأرسل الملك الأسود بن مقصود ، فأمر عند ذلك بجنوده من مزارعي الأرض ، فأخرج كتائبه جماهير معهم الفيل ، واسمه محمود ، فسار بهم وبمن معه من ملوك العرب تلقاء مكة في حجائل تضيق عليهم الطرق ، فلما ساروا مروا بخيل لعبد المطلب ، جد النبي صلى اللّه عليه وسلم ، مسومة وإبل ، فاستاقها . فركب الراعي فرساً له أعوجياً كان يعده لعبد المطلب ، فأمعن في السير حتى دخل مكة ، فصعد إلى الصفا فرقي عليه ، ثم نادى بصوت رفيع : يا صباحاه ، يا صباحاه ، أتتكم السودان معها فيلها ، يريدون أن يهدموا كعبتكم ، ويدعوا عزكم ، ويبيحوا دماءكم ، وينتهبوا أموالكم ، ويستأصلوا بيضتكم ، فالنجاء النجاء ، ثم قصد إلى عبد المطلب ، فأخبره الأمر كله ، فركب عبد المطلب فرسه ، ثم أمعن جاداً في السير حتى هجم على عسكر القوم ، فاستفتح له أبرهة بن الصباح ، وحجر بن شراحيل ، وكانا خلين ، فقالا : لعبد المطلب ارجع إلى قومك ، فأخبرهم وأنذرهم أن هذا قد جاءكم حمياً أتيا ، فقال عبد المطلب : واللات و العزى ، لا أرجع حتى أرجع معي بخيلي ، ولقاحي ، فلما عرفا أنه غير راجع ونازع عن قوله قصداً به إلى النجاشي ، فقالا : كهيئة المستهزئين يستهزئان به : أيها الملك ، أودد عليه أبله وخياله ، فإنما هو وقومه لك بالغداة ، فأمر بردها . فقال عبد المطلب للنجاشي : هل لك إلى أن أعطيك أهلي ومالي ، وأهل قومي ، وأموالهم ، ولقاحهم على أن تنصرف عن كعبة اللّه ؟ قال : لا ، فسار عبد المطلب بإبله وخيله ، حتى أحرزها ، ونزل النجاشي ذا المجاز ، موضع سوق الجاهلية ، ومعه من العدد والعدة كثير ، وانذعرت قريش وأعروا مكة ، فلحقوا بجبل حراء وثبير ، وما بينها من الجبال ، وقال عبد المطلب لقريش : واللات ، والعزى لا أبرح البيت حتى يقضى اللّه قضاءه ، فقد نبأني أجدادي أن للكعبة ، ربا يمنعها ، ولن تغلب النصرانية ، وهذه الجنود جنود اللّه ، وبمكة يومئذٍ أبو مسعود الثقفي جد المختار ، وكان مكفوف البصر ، يقيظ بالطائف ، ويشتو بمكة ، وكان رجلاً نبيلاً تستقسم الأمور برأيه ، وهو أول فاتق ، وأول راتق ، وكان خلا لعبد المطلب ، فقال له عبد المطلب : يا أبا مسعود ، ماذا عندك هذا يوم لا يتغنى عن رأيك ، قال له أبو مسعود : اصعد بنا الجبل حتى نتمكن فيه ، فصعدا الجبل فتمكنا فيه ، فقال أبو مسعود لعبد المطلب : اعمد إلى ما ترى من إبلك ، فاجعلها حرماً للّه ، وقلدها نعالاً ، ثم أرسلها في حرم اللّه ، فلعل بعض هؤلاء السودان أن يعقروها ، فيغضب رب هذا البيت ، فيأخذهم عند غضبه ، ففعل ذلك عبد المطلب ، فعمد القوم إلى تلك الإبل ، فحملوا عليها وعقروا بعضها ، فقال عبد المطلب عند ذلك ، وهو يبكي : يا رب إن العبد يمنع رحله فأمنع حلالك لا يغلبن صليبهم ومحالهم عدواً محالك فلم أسمع بأرجس من رجال أرادوا العز فانتهكوا حراملك فإن كنت تاركهم وكعبتنا فأمر ما بدا لك العز فانتهكوا حرامك ثم دعا عليهم فقال : اللّه أخز الأسود بن مقصود ، الآخذ الهجمة بعد التقليد ، قلبها إلى طماطم سود ، بين ثبير فالبيد والمروتين والمشاعر السود ، ويهدم البيت الحرم المصمود ، قد أجمعوا ألا يكون لك عمود ، أخفرهم ربي فأنت محمود . فقال أبو مسعود : إن لهذا البيت رباً يمنعه منعة ونحن له فلا ندري ما منعه ، فقد نزل تبع ملك اليمن بصحن هذا البيت ، وأراد هدمه ، فمنعه اللّه عن ذلك ، وابتلاه وأظلم عليهم ثلاثة أيام ، فلما رأى ذلك تبع كساه الثياب البيض من الشطرين وعظمه ، ونحر له جزراً ، ثم قال أبو مسعود لعبد المطلب : انظر نحو البحر ما ترى ؟ فقال : أرى طيراً بيضاً قد انساب مع شاطئ البحر ، فقال : ارمقها ببصرك أين قرارها ؟ قال : أراها قد أزرت على رءوسنا ، فقال : هل تعرفها ؟ قال : لا واللّه ما أعرفها ، ما هي بنجدية ، ولا تهامية ، ولا غربية ، ولا شرقية ، ولا يمانية ، ولا شامية ، وإنها تطير بأرضنا غير مؤنسة . قال : ما قدرها ؟ قال : أشباه اليعاسيب في مناقيرها الحصى كأنها حصى الخذف قد أقبلت ، وهي طير أبابيل يتبع بعضها بعضاً ، أمام كل رفقة منها طائر يقودها أحمر المنقار ، أسود الرأس ، طويل العنق ، حتى إذا جازت بعسكر القوم ركدن فوق رءوسهم ، فلما توافتها الرعال كلها هالت الطير ما في مناقيرها من الحجارة على من تحتها ، يقال : إنه كان مكتوباً على كل حجر اسم صاحبه ، ثم إنها عادت راجعة من حيث جاءت ، فقال أبو مسعود : لأمر ما هو كائن ، فلما أصبحا انحطا من ذروة الجبل إلى الأرض فمشيا ربوة أو ربوتين ، فلم يؤنسا أحداً ، ثم دنوا فمشيا ربوة ، أو ربوتين أيضاً ، فلم يسمعا همساً ، فقالا : عند ذلك بات القوم سامدين فأصبحوا نياماً لا يسمع لهم ركزاً ، وكانا قبل ذلك يسمعان صياحهم ، وجلبة في أسواقهم ، فلما دنيا من عسكرهم ، فإذا هم خامدون يقع الحجر في بيضة الرجل فيخرقها ، حتى يقع في دماغه ، ويخرق الفيل والدابة ، حتى يغيب في الأرض من شدة وقعه ، فعمد عبد المطلب ، فأخذ فأساً من فئوشهم فحفر حتى عمق في الأرض وملأه من الذهب الأحمر والجوهر الجيد ، وحفر أيضاً لصاحبه فملأه من الذهب والجوهم . ثم قال لأبي مسعود : هات خاتمك ، واختر أيهما شئت ، خذ إن شئت حفرتي ، وإن شئت حفرتك ، وإن شئت فهما لك ، فقال أبو مسعود : اختر لي ، فقال عبد المطلب : إني لم أجعل أجود المتاع في حفرتي وهي لك ، وجلس كل واحد منهما على حفرة صاحبه ، ونادى عبد المطلب في الناس ، فتراجعوا فأصابوا من فضلهما حتى ضاقوا به ذرعاً ، وساد عبد المطلب بذلك قريشاً ، وأعطوه المقادة ، فلم يزل عبد المطلب وأبو مسعود وأهلوهما في غنى من ذلك المال ، ودفع اللّه عز وجل عن كعبته وقبلته وسلط عليهم جنوداً لا قبل لهم بها ، وكان لهم بالمرصاد والأخذة الرابية ، وأنزل فيهم ألم تر ، يعني يخبر نبيه صلى اللّه عليه وسلم كيف فعل ربك بأصحاب الفيل يعني الأسود بن مقصود ، ومن معه من الجيش وملوك العرب . ٢الفيل : ٢ ألم يجعل كيدهم . . . . . ثم أخبرهم عنهم ، فقال : ألم يجعل كيدهم في تضليل [ آية : ٢ ] الذي أرادوا من خراب الكعبة واستباحة أهلها في تضليل يعني خسار ٣الفيل : ٣ وأرسل عليهم طيرا . . . . . وأرسل عليهم طيرا أبابيل [ آية : ٣ ] يعني متتابعة كلها تترى بعضها على إثر بعض ٤الفيل : ٤ ترميهم بحجارة من . . . . . ترميهم بحجارة من سجيل [ آية : ٤ ] يعني بحجارة خلطها الطين ٥الفيل : ٥ فجعلهم كعصف مأكول فجعلهم كعصف مأكول [ آية : ٥ ] فشبههم بورق الزرع المأكول يعني البالي ، وكان أصحاب الفيل قبل مولد النبي صلى اللّه عليه وسلم بأربعين سنة ، وهلكوا عند أدنى الحرم ، ولم يدخلوه قط . قال عكرمة بن خالد : حبست رب الجيش والأفيال وقد رعوا بمكة الأجيال قد خشينا منهم القتال كل كريم ما جد بطال يمشي يجر المجد والأذيال ولا يبالي حيلة المختال تركتهم ربي بشر حال وقد لقوا أمراً له فعال وقال صفوا بن أمية المخزومي : يا واهب الحي الحلال الأحمس وما لهم من طارق ومنفس أنت العزيز ربنا لا تدنس أنت حبست الفيل بالمعمس حبست فإنه هكروس وقال ابن أبي الصلت : إن آيات ربنا بينات لا يمارى بهن إلا الكفور حابس الفيل بالمعمس حتى ظل يحبو كأنه معقور وأسقى حلقه الحراب كما قطر من ضحر كبكب محدور حوله من ملوك كندة فتيان ملاويث في الهياج صقور حالفوه ثم انذعروا عنه عظمه خلف ساقه مكسور كل دين يوم القيامة عند اللّه إلا دين الحنيفة بور |
﴿ ٠ ﴾