سورة المسد

سورة تبت مكية ، عددها خمس آيات

١

المسد : ١ تبت يدا أبي . . . . .

قوله : تبت يدا أبي لهب واسمه عبد العزى بن عبد المطلب ، وهو عم النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وإنما سمى أبو لهب لأن وجنتيه كانتا حمراوين ، كأنما يلتهب منهما النار ، وذلك أنه لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين [ الشعراء : ٢١٤ ] ، يعي بنى هاشم ، وبنى المطلب ، وهما ابنا عبد مناف بن قصي ، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم :

يا علي ، قد أمرت أن أنذر عشيرتي الأقربين ، فاصنع لي طعاماً ، حتى أدعوهم عليه وأنذرهم فاشترى على ، رحمة اللّه عليه ،

رجل شاة فطبخها وجاء بعس من لبن ، فدعا النبي صلى اللّه عليه وسلم بني هاشم ، وبني المطلب إلى طعامه ، وهم أربعون رجلاً غير رجل ، على رجل شاة ، وعس من لبن ، فأكلوا حتى شبعوا ، وشربوا حتى رووا .

فقال أبو لهب :

لهذا ما سحركم به ، الرجال العشرة منا يأكلون الجذعة ، ويشربون العس ، وإن محمداً قد أشبعكم أربعين رجلاً من رجل شاة ، ورواكم من عس من لبن ،

فلما سمع ذلك منه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شق عليه ، ولم ينذرهم تلك الليلة ، وأمر النبي علياً أن يتخذ لهم ليلة اخرى مثل ذلك ، ففعل فأكلوا حتى شبعوا ، وشربوا حتى رووا ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : يا بنى هاشم ، ويا بني المطلب ، أنا لكم النذير من اللّه ، وأنا لكم البشير من اللّه إني قد جئتكم بما لم يجئ به أحد من العرب ، جئتكم في الدنيا بالشرف ، فأسلموا تسلموا ،

وأطيعوني تهتدوا فقال أبو لهب : تباً لك ، يا محمد ، سائر اليوم لهذا دعوتنا ؟ فأنزل اللّه عز وجل فيه : تبت يدا أبي لهب وتب [ آية : ١ ] يعنى وخسر أبو لهب .

٢

المسد : ٢ ما أغنى عنه . . . . .

ثم استأنف ، فقال : ما أغنى عنه ماله في الآخرة وما كسب [ آية : ٢ ] يعنى أولاده عتبة وعتيبة ومعتب لأن ولده من كسبه

٣

المسد : ٣ سيصلى نارا ذات . . . . .

 سيصلى يعنى سيغشى أبو

لهب نارا ذات لهب [ آية : ٣ ] ليس لها دخان

٤

المسد : ٤ وامرأته حمالة الحطب

 وامرأته وهي أم جميل بنت حرب ، وهي أخت أبي سفيان بن حرب حمالة الحطب [ آية : ٤ ] يعني كل شوك يعقر كانت تلقيه على طريق النبي صلى اللّه عليه وسلم ليعقره .

٥

المسد : ٥ في جيدها حبل . . . . .

ثم أخبره بما يصنع بها في الآخرة ، فقال : في جيدها في عنقها يوم القيامة حبل من مسد [ آية : ٥ ] يعنى سلسلة من حديد ، فلما نزلت هذه الآية في أبي لهب قيل لها : إن محمداً قد هجا زوجك ، وهجاك ، وهجا ولدك ، فغضبت وقامت فأمرت وليدتها أن تحمل ما يكون في بطن الشاة من الفرث والدم والقذر ، فانطلقت لتستدل على النبي صلى اللّه عليه وسلم لتلقى ذلك عليه فتصغره ، وتذله به ، لما بلغها عنه ، فأخبرت أنه في بيت عند الصفا ، فلما انتهت إلى الباب سمع أبو بكر ، رحمة اللّه عليه ، كلامها ، وكان النبي صلى اللّه عليه وسلم داخل البيت ، فقال أبو بكر ، رحمة اللّه عليه ، رسول اللّه ، إن أم جميل قد جاءت ، وما أظنها جاءت بخير ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : اللّهم خذ ببصرها ، أو كما قال جميعاً .

ثم قال لأبي بكر ، رحمة اللّه عليه :

دعها تدخل ، فإنها لن تراني ، فجلس النبي صلى اللّه عليه وسلم

وأبو بكر ، رحمة اللّه عليه ، فدخلت أم جميل البيت ، فرأت أبا بكر ، رحمة اللّه عليه ،

ولم تر النبي صلى اللّه عليه وسلم ، وكانا جميعاً في مكان واحد ، فقالت : يا أبا بكر أين صاحبك ؟ فقال :

وما أردت منه يا أم جميل ؟ قالت : إنه بلغني أنه هجاني ، وهجا زوجي ، وهجا أولادي ،

وإني جئت بهذا الفرث لألقيه على وجهه ، ورأسه أذله بذلك ، فقال لها : واللّه ، ما هجاك ،

ولا هجا زوجك ، ولا هجا ولدك .

قالت : أحق ما تقول يا أبا بكر ، قال : نعم ، فقالت : أما إنك لصادق ، وأنت الصديق ،

وما أرى الناس إلا وقد كذبوا عليه ، فانصرفت إلى منزلها ، ثم إنه بدا لعتبة بن أبي لهب أن يخرج إلى الشام في تجارة ، وتبعه ناس من قريش حتى بلغوا الصفاح ، فلما هموا أن يرجعوا عنه إلى مكة ، قال لهم عتبة : إذا رجعتم إلى مكة ، فأخبروا محمداً بأني كفرت ب النجم إذا هوى [ النجم : ١ ] ، وكانت أول سورة أعلنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، فلما بلغ النبي صلى اللّه عليه وسلم ذلك ، قال :

اللّهم سلط عليه كلبك يأكله ، فألقى اللّه عز وجل في قلب عتبة

الرعب لدعوة النبي صلى اللّه عليه وسلم ، و كان إذا سار ليلاً ما يكاد ينزل بليل .

فهجر بالليل ، فسار يومه وليلته ، وهم أن لا ينزل حتى يصبح ، فلما كان قبيل الصبح ،

قال له أصحابه : هلكت الركاب ، فما زالوا به حتى نزل ، وعرس وإبله ، وهو مذعور ،

فأناخ الإبل حوله مثل السرادق ، وجعل الجواليق دون الإبل مثل السرادق ، ثم أنام الرجال حوله دون الجواليق ، فجاء الأسد ، ومعه ملك يقوده ، فألقى اللّه عز وجل على الإبل السكينة ، فسكنت .

فجعل الأسد يتخلل الإبل ، فدخل على عتبة وهو في وسطهم فأكله مكانه ، وبقى عظامه وهم لا يشعرون ، فأنزل اللّه عز وجل في قوله حين قال لهم : قولوا لمحمد : إني كفرت بالنجم إذا هوى ، يعني القرآن إذ نزل ، أنزل فيه : قتل الإنسان يعني لعن الإنسان ما أكفره [ عبس : ١٧ ] يعني عتبة يقول : أي شئ أكفره بالقرآن ، إلى آخر الآيات .

حدثنا عبد اللّه بن ثابت ، قال : حدثنا أبي ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال :

كانت قريش وأم جميل تقول : مذماً عصيناً ، وأمره أبينا .

فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :

ومن لطف اللّه أن قريشاً تذم مذمماً ، وأنا محمد صلى اللّه عليه وسلم .

﴿ ٠