٨١

قوله { لما آتيتكم من كتاب وحكمة } من كسر اللام وهو حمزة علقها بالأخذ أي أخذ اللّه الميثاق لما أعطوا من الكتاب والحكمة لأن من أوتي ذلك فهو الأفضل وعليه يؤخذ الميثاق وما بمعنى الذي فأما من فتح اللام فهي لام الابتداء وهي جواب لما دل عليه من معنى القسم لأن أخذ الميثاق إنما يكون بالأيمان والعهود فاللام جواب القسم وما بمعنى الذي في موضع رفع بالابتداء والهاء محذوفة من آتيتكم تقديره للذي آتيتكموه من كتاب والخبر من كتاب وحكمة ومن زائدة وقيل الخبر لتؤمنن به وهو جواب قسم محذوف تقديره واللّه لتؤمنن به والعائد من الجملة المعطوفة على الصلة محمول على المعنى عند الأخفش لأن لما معكم معناه لما آتيتموه من الكتاب كما قال إنه من يتق ويصبر فإن اللّه لا يضيع أجر المحسنين فحمله على المعنى في الضمير إذ هو بمعنى فإن اللّه لا يضيع أجرهم ولا بد من تقدير هذا العائد في الجملة المعطوفة على الصلة وهي ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم فهما جملتان لموصولين حذف الثاني للاختصار وقام حرف العطف مكانه فلا بد من عائد في الصلتين على الموصولين ألا ترى أنك لو قلت الذي قام أبوه ثم زيد منطلق عمرو لم

يجز حتى تقول إليه أو من أجله عمرو ونحو ذلك فيكون في الجملة المعطوفة ما يعود على الذي هو المحذوف كما كان في الجملة التي هي صلة الذي ثم تأتي بخبر الابتداء بعد ذلك ويحتمل أن يكون العائد من الصلة الثانية محذوفا تقديره ثم جاءكم رسول به أي بتصديقه أي بتصديق ما آتيتكموه وهذا الحذف على قياس ما أجاز الخليل من قولك ما أنا بالذي قائل لك شيئا أي بالذي هو قائل وكما قرىء تماما على الذي احسن بالرفع أي هو احسن ثم حذف الضمير من الصلة وإنما بعد هذا الحذف عند البصريين لاتصال الضمير بحرف الجر فالمحذوف من الكلام هو ضمير وحرف فبعد لذلك ويجوز أن تكون ما في قراءة من فتح اللام للشرط فتكون في موضع نصب بآتيتكم وجاءكم معطوف عليه في موضع جزم أيضا وتكون اللام في لما لام تأكيد وليست بجواب القسم كما كانت في الوجه الأول ولكنها

دخلت لتلقى القسم بمنزلة اللام في لئن لم ينته المنافقون فهي تنذر بإتيان القسم بعدها وهو قوله لتؤمنن به كما كانت لئن إنذارا للقسم في قوله لنغرينك فهي توطئة للقسم وليست بجواب القسم كما كانت في الوجه الأول لأن الشرط غير متعلق بما قبله ولا يعمل فيه ما قبله فصارت منقطعة مما قبلها بخلاف ما إذا جعلت ما بمعنى الذي لإنه كلام متصل بما قبله و جواب له وحذفها جائز قال اللّه تعالى وان لم ينتهوا عما يقولون ليمسن فإذا كانت ما للشرط لم تحتج الجملة المعطوفة إلى عائد كما لم تحتج إليه الأولى ولذلك أختاره الخليل وسيبويه لما لم يريا في الجملة الثانية عائدا جعلا ما للشرط وهذا تفسير المازني وغيره لمذهب الخليل وسيبويه وقد تأول قوم أن مذهب سيبويه أن ما بمعنى الذي والهاء في به تعود على ما إذا كانت بمعنى الذي ولا يجوز أن تعود على رسول والهاء في لتنصرنه تعود على رسول في الوجهين جميعا وهذه آية غريبة الإعراب فافهمها

﴿ ٨١