١٨٨قوله { لا تحسبن الذين يفرحون } من قرأه بالياء جعل الفعل غير متعد والذين يفرحون فاعلون ومن قرأ فلا يحسبنهم بالياء جعله بدلا من لا يحسبن الذين يفرحون على قراءة من قرأ بالياء والفاء في فلا زائدة فلم تمنع من البدل ولما تعدى فلا يحسبنهم إلى مفعولين استغنى بذلك عن تعدى ولا يحسبن الذين يفرحون لأن الثاني بدل منه فوجه القراءة لمن قرأ لا يحسبن الذين يفرحون بالياء أن يقرأ فلا يحسبنهم بالياء ليكون بدلا من الأول فيستغني بتعديه عن تعدى الأول فأما من قرأ الأول بالياء والثاني بالتاء فلا يحسن فيه البدل لاختلاف فاعليهما ولكم يكون مفعولا الأول حذفا لدلالة مفعولي الثاني عليهما فأما من قرأ ولا يحسبن الذين يفرحون بالياء وهم الكوفيون فإنهم أضافوا الفعل إلى المخاطب وهو النبي عليه السلام والذين يفرحون مفعول أول لحسب وحذف الثاني لدلالة ما بعده عليه وهو بمفازة من العذاب وقد قيل أن بمفازة من العذاب هو المفعول الثاني لحسب الأول على تقدير التقديم فيكون المفعول الثاني لحسب الثاني محذوفا لدلالة الأول عليه تقديره لا تحسبن يا محمد الذين يفرحون بما أوتوا بمفازة من العذاب فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ثم حذف الثاني كما تقول ظننت زيدا ذاهبا وظننت عمرا تريد ٢ ذاهبا فتحذفه لدلالة الأول عليه ويجوز أن يكون تحسبنهم في قراءة من قرأ بالتاء بدلا من تحسبن الذين يفرحون في قراءة من قرأ بالتاء أيضا لاتفاق الفاعلين و المفعولين والفاء زائدة لا تمنع من البدل فأما من قرأ الأول بالتاء والثاني بالياء فلا يحسن في الثاني البدل لاختلاف فاعليهما ولكن يكون المفعول الثاني لحسب الأول محذوفا لدلالة ما بعده عليه أو يكون بمفازة من العذاب هو المفعول الثاني له ويكون المفعول الثاني لحسب الثاني محذوفا كما ذكرنا أولا قوله { وإنما توفون أجوركم } ما كافة لإن عن العمل ولا يحسن أن تكون ما بمعنى الذي لأنه يلزم رفع أجوركم ولم يقرأ به أحد لأنه يصير التقدير وإن الذي توفونه أجوركم كما تقول أن الذي أكرمته عمرو وأيضا فإنك تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء |
﴿ ١٨٨ ﴾