بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة الأنفال١قوله تعالى { ذات بينكم } أصل ذات عند البصريين ذوات فقلبت الواو ألفا وحذفت لسكونها وسكون الألف بعدها فبقي ذات ودل على ذلك قوله تعالى في التثنية ذواتا أفنان فرجعت الواو إلى أصلها وكل العلماء والقراء وقفوا على ذات بالتاء إلا أبا حاتم فأنه أجاز الوقف عليها بالهاء وقال قطرب الوقف على ذات بالهاء حيث وقعت لأنها هاء تأنيث ذي مال ٥قوله { كما أخرجك ربك من بيتك } الكاف في كما في موضع نصب نعت لمصدر يجادلونك أي جدالا كما وقيل هي نعت لمصدر دل عليه معنى الكلام تقديره قل الأنفال ثابتة للّه والرسول ثبوتا كما أخرجك وقيل هي نعت لحق أي هم المؤمنون حقا كما وقيل الكاف في موضع رفع والتقدير كما أخرجك ربك من بيتك بالحق فاتقوا اللّه فهو ابتداء وخبر وقيل الكاف بمعنى الواو للقسم أي الأنفال للّه والرسول والذي أخرجك قوله { وجلت قلوبهم } مستقبل وجل يوجل ومن العرب من يقول ييجل يبدل من الواو ياء ومنهم من يكسر الياء الأولى ومنهم من يفتح الياء الأولى ويبدل من الثانية ألفا كما قالوا رأيت الزيدان فأبدلوا من الياء ألفا فيقول يا جل ٧قوله { إحدى الطائفتين أنها لكم } أن بدل من إحدى وهو بدل الاشتمال وأحدى مفعول ثان ليعد تقديره وإذ يعدكم اللّه ملك احدى الطائفتين وإنما قدرت حذف مضاف لأن الوعد لا يقع على الأعيان إنما يقع على الأحداث ٩قوله { وإذ يعدكم } إذ في موضع نصب بفعل مضمر تقديره واذكر يا محمد إذ يعدكم وروي عن عاصم أنه قرأ { بألف من الملائكة } جعله جمع ألف فعلا على أفعل كفلس وأفلس وتصديق هذه القراءة قوله تعالى بخمسة آلاف فآلف جمع ألف لما دون العشرة وهي واقعة على خمسة آلاف المذكورة في آل عمران قوله { مردفين } من فتح الدال جعله حالا من الكاف والميم في ممدكم أو نعتا لألف تقديره يمدكم متبعين بألف والهاء في جعله يعود على الألف لأنه مذكر وقيل تعود على الأرداف ودل عليه قوله مردفين وقيل تعود على الإمداد ودل عليه قوله ممدكم وقيل تعود على قبول الدعاء ودل عليه قوله تعالى فاستجاب لكم وكذلك الهاء في به يحتمل الوجوه كلها ويحتمل أن تعود على البشرى لأنها بمعنى الاستبشار ومن كسر الدال في مردفين جعله صفة لألف معناه أردفوا بعدد آخر خلفهم والمفعول محذوف و هو عدد وقيل معنى الصفة أنهم جاءوا بعد اليأس أي اردفوهم بعد استغاثتهم حكى أبو عبيدة ردفني وأردفني بمعنى تبعني وأكثر النحويين على أن أردفه حمله خلفه وردفه تبعه وحكاه النحاس عن أبي عبيد أيضا فلا يحسن على هذا أن يكون صفة للملائكة إذ لا يعلم من صفتهم أنهم حملوا خلفهم أحدا من الناس ١١قوله { أمنة } مفعول من أجله ١٢قوله { فوق الأعناق } أي الرؤوس فوق عند الأخفش زائدة والمعنى أضربوا الأعناق وقال المبرد فوق يدل على اباحة ضرب وجوههم لأنها فوق الأعناق و قوله { كل بنان } يعني الأصابع وغيرها من الأعضاء ١٣قوله { ذلك بأنهم } ذلك في موضع رفع على الابتداء أو على أنه خبر ابتداء تقديره الأمر ذلك أو ذلك الأمر قوله { ومن يشاقق اللّه } من شرط في موضع رفع بالابتداء والخبر فإن اللّه شديد العقاب والعائد محذوف تقديره فإن اللّه شديد العقاب له ١٤قوله { وأن للكافرين } أن في موضع رفع عطف على ذلكم وذلكم في موضع رفع مثل ذلك المتقدم وقال الفراء وأن للكافرين في موضع نصب على تقدير حذف حرف الجر أي وبأن للكافرين ويجوز أن تضمر واعلموا أن والهاء في فذوقوه ترجع إلى ذلكم وذلك اشارة إلى القتل يوم بدر ١٥قوله { زحفا } مصدر في موضع الحال ١٦قوله { متحرفا } و { متحيزا } نصب على الحال من المضمر المرفوع في يولهم ١٨قوله { وأن اللّه } أن في موضع نصب على تقدير ولأن اللّه ويجوز الكسر على الاستئناف قوله { منه بلاء } الهاء في منه تعود على الظفر بالمشركين وقيل على الرمي قوله { وتخونوا أماناتكم } جزم على العطف على لا تخونوا وان شئت كان نصبا على جواب النهي بالواو ٢٠قوله { وأنتم تسمعون } ابتداء وخبر في موضع الحال من المضمر في تولوا ومثله وهم معرضون ٣٢قوله { هو الحق } هو فاصلة تؤذن أن الخبر معرفة أو ما قارب المعرفة وقيل دخلت لتؤذن أن كان ليست بمعنى وقع وحدث وأن الخبر منتظر وقيل دخلت لتؤذن أن ما بعدها خبر بنعت لما قبلها وقال الأخفش هو زائدة كما زيدت ما في فبما رحمة وقال الكوفيون هو عماد ٣٤قوله { ألا يعذبهم اللّه } أن في موضع نصب تقديره من أن لا يعذبهم وذكر الأخفش أن أن زائدة وهو قد نصب بها وليس هذا حكم الزائد و قوله { وهم يصدون } ابتداء وخبر في موضع الحال من المضمر المنصوب في يعذبهم ٣٥قوله { وتصدية } هو من صد يصد إذا ضج وأصله تصددة فأبدلوا من إحدى الدالين ياء ومعنى تصدية ضجا بالتصفيق وقيل هو من صد يصد إذا منع وقيل هو من الصدى المعارض لصوتك من جبل أو هواء فكأن المصفق يعارض بتصفيقه من يريد في صلاته فالياء أصلية على هذا والمكاء الصفير وهو مصدر كالدعاء والهمزة بدل من واو لقولهم مكا يمكو إذا نفخ وقرأ الأعمش وما كان صلاتهم بالنصب إلا مكاء وتصدية بالرفع وهذا لا يجوز إلا في شعر عند الضرورة لأن اسم كان هو المعرفة وخبرها هو النكرة في أصول الكلام والنظر والمعنى ٤١قوله { أنما غنمتم } ما بمعنى الذي والهاء محذوفة من الصلة تقديره غنمتموه والخبر فأن للّه خمسه وعلة فتح أن في هذا أنها خبر ابتداء محذوف تقديره فحكمه أن للّه خمسه وقد قيل أن مؤكدة للأولى وهذا لا يجوز لأن الأولى تبقى بغير خبر ولأن الفاء تحول بين المؤكد وتأكيده ولا يحسن زيادتها في مثل هذا الموضع ٤٢قوله { والركب أسفل منكم } أسفل نعت لظرف محذوف تقديره والركب مكانا أسفل منكم وأجاز الأخفش والفراء والكسائي أسفل بالرفع على تقدير محذوف من أول الكلام تقديره وموضع الركب أسفل منكم قوله ?< من حيي >? من أظهر الياءين جعل الماضي تبعا للمستقبل فلما لم يجز الإدغام في المستقبل لأن حركته غير لازمة تنتقل من رفع إلى نصب أو إلى حذف جزم أجرى الماضي مجراه وإن كانت حركة لامه لازمة على أن حركة لام الماضي قد تسكن أيضا لاتصالها بمضمر مرفوع فقد صارت في تغيرها كلام المستقبل فجرت في الإظهار مجراه فأما من أدغم فللفرق بين ما تلزم لامه حركة لازمة كالماضي وبين ما تلزم لامه حركة تنتقل كالمستقبل في قوله أن يحيي الموتى هذا لا يجوز إدغامه فأدغم الماضي لاجتماع المثلين وحسن الإدغام للزوم الحركة لامه وقد انفرد الفراء بجواز الإدغام في المستقبل ولم يجزه غيره ٤٣قوله { إذ يريكهم } العامل في إذ فعل مضمر تقديره واذكر يا محمد ذا يريكهم و ٤٤قوله { وإذ يريكموهم } عطف على إذ الأولى ورجعت الواو مع ميم الجمع مع المضمر لأن المضمر يرد المحذوفات إلى أصولها وأجاز يونس حذف الواو مع المضمر أجاز يريكمهم بإسكان الميم وبضمها من غير واو والإثبات أحسن وأفصح وبه أتى القرآن ٤٧قوله { بطرا } مصدر في موضع الحال والبطر أن يتقوى بنعم اللّه على المعاصي ٤٨قوله { جار } يجمع جار على أجوار في القليل وجيران في الكثير وعلى جيرة ٥٠قوله { يضربون } في موضع نصب على الحال من الملائكة ولو جعلته حالا من الذين كفروا لجاز ولو كان في موضع يضربون ضاربين لم يجز حتى يظهر الضمير لأن أسم الفاعل إذا جرى صفة أو حالا أو خبرا أو عطفا على غير من هو له لم يجز أن يستتر فيه ضمير فاعله ولا بد من إظهاره لو قلت رأيت رجلا معه إمرأة ضاربها غدا أو الساعة فرفعت ضاربها على النعت للمرأة لم يجز حتى تقول ضاربها هو لأن الفعل ليس لها فإن نصبت على النعت للرجل جاز ولم تحتج إلى إظهار الضمير لأن الفعل له فان كان في موضع ضاربها يضربها جاز على الوجهين ولم يحتج إلى إظهار ضمير ٥١قوله { وأن اللّه ليس بظلام للعبيد } أن في موضع خفض عطف على ما في قوله بما قدمت وأن شئت في موضع رفع على إلى ذلك أو على إضمار وذلك ٥٢قوله { كدأب آل فرعون } الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره فعلنا بهم ذلك فعلا مثل عادتنا في آل فرعون إذ كفروا والدأب العادة ومثله الثاني إلا أن الأول للعادة في التعذيب والثاني للعادة في التغيير وتقدير الثاني غيرنا بهم لما غيروا تغييرا مثل عادتنا في آل فرعون لما كذبوا ٥٨قوله { فانبذ إليهم على سواء } المفعول محذوف تقديره فانبذ إليهم العهد وقاتلهم على اعلام منك لهم وفي صدر الآية حذف آخر تقديره واما تخافن من قوم بينك وبينهم عهد خيانة فانبذ إليهم ذلك العهد أي رده عليهم إذا خفت نقضهم العهد وقاتلهم على إعلام منك لهم وهذا من لطيف معجز القرآن واختصاره إذ قد جمع المعاني الكثيرة من الأوامر والأخبار في اللفظ اليسير ٥٩قوله { ولا يحسبن الذين كفروا سبقوا } من قرأه بالتاء جعله خطابا للنبي صلى اللّه عليه وسلم لتقدم مخاطبته في صدر الكلام والذين مفعول أول و سبقوا في موضع المفعول الثاني ومن قرأه بالياء جعله للكفار ففيه ضميرهم لتقدم ذكرهم في قوله الذين كفروا فهم لا يؤمنون وفي قوله ثم ينقضون ولا يتقون ولعلهم يذكرون وقوله إليهم فالمفعول الأول مضمر وسبقوا في موضع الثاني تقديره ولا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا وقيل ان أن مضمرة مع سبقوا فسد مسد المفعولين كما سدت في قوله أحسب الناس أن يتركوا تقديره ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا فقد قال سيبويه في قوله تعالى أفغير اللّه تأمروني أعبد ان تقديره أن أعبد ثم حذفت أن فرفع الفعل وقيل الفاعل في قراءة من قرأ بالياء هو النبي عليه السلام فيكون مثل قراءة التاء الذين كفروا وسبقوا مفعولا حسب وقيل فاعل حسب مضمر فيه تقديره ولا يحسبن من خلفهم الذين كفروا سبقوا فالذين كفروا وسبقوا مفعولا حسب ومن فتح أنهم لا يعجزون جعل الكلام متعلقا بما قبله تقديره سبقوا لأنهم فأن في موضع نصب بحذف حرف الجر فمعناه ولا يحسبن الذين كفروا فاتوا من اللّه لأنهم لا يفوتون اللّه ومن كسر أن فعلى الابتداء والقطع ٦٠قوله { وآخرين من دونهم } منصوب عطف على عدو اللّه ٦٤قوله { حسبك اللّه ومن اتبعك } من في موضع نصب على العطف على معنى الكاف في حسبك اللّه لأنها في التأويل في موضع نصب لأن معنى حسبك اللّه أي يكفيك اللّه فعطفت من على المعنى وقيل من في موضع رفع عطف على اسم اللّه تعالى أو على الابتداء وتضمر الخبر أي ومن اتبعك من المؤمنين كذلك وقيل في موضع رفع عطف على حسب لقبح عطفه على اسم اللّه لما جاء من الكراهة في قول المرء ما شاء اللّه وشئت ولو كان بالفاء أو ثم لحسن العطف على اسم اللّه جل ذكره والهاء في ترهبون به تعود على ما وقيل على القوة وقيل على الرباط وقيل على الاعداد والقوة هي الرمي وقيل الحصون وقيل ذكور الخيل ورباط الخيل الإناث ٦٨قوله { لولا كتاب من اللّه } كتاب رفع بالابتداء والخبر محذوف تقديره لولا كتاب من اللّه تدارككم وهو ما تقدم في اللوح المحفوظ من اباحة المغانم لهذه الآمة وقيل هو ما سبق أن اللّه لا يعذب إلا بعد إنذار وقيل هو ما سبق أن اللّه يغفر الصغائر لمن اجتنب الكبائر وقيل هو ما سبق أن اللّه يغفر لأهل بدر ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر قوله { لمسكم } جواب لولا ٦٩قوله { حلالا طيبا } حال من المضمر في كلوا أو من ما ٧١قوله { خيانتك } خيانة تجمع على خيائن وأصل الياء الأولى الواو لأنها من خان يخون إلا أنهم فرقوا بالياء بينه وبين جمع خائنة وخوائن ٧٢قوله { من ولايتهم } من فتح الواو جعله مصدرا لولي يقال هو ولي ومولى بين الولاية بالفتح ومن كسر الواو جعله مصدرا الوالي يقال هو وال بين الولاية وقد قيل هما لغتان في مصدر الولي ٧٣قوله { إلا تفعلوه } الهاء تعود على التناصر وقيل تعود على التوارث أي ألا تفعلوا التوارث على القرابات كما تعبدكم اللّه وتتركوا التوارث بالهجرة تكن في الأرض فتنة وفساد إلا تفعلوا التناصر في الدين تكن فتنة في الأرض وفساد كبير بالكفر |
﴿ ٠ ﴾