بسم اللّه الرحمن الرحيم سورة هود عليه السلامإذا جعلت هودا اسما للسورة فقلت هذه هود لم ينصرف عند سيبويه والخليل كامرأة سميتها بزيد أو بعمرو وأجاز عيسى صرفه لخفته كما تصرف هند اسم امرأة فان قدرت حذف مضاف مع هود صرفته تريد هذه سورة هود ١١قوله { إلا الذين صبروا } الذين في موضع نصب على الاستثناء المتصل قال الفراء هو مستثنى من الإنسان لأنه بمعنى الناس وقال الأخفش هو استثناء منقطع ١٦قوله { وباطل ما كانوا يعملون } باطل رفع بالابتداء وما بعده خبره وفي حرف أبي وابن مسعود وباطلا بالنصب جعلا ما زائدة ونصبا باطلا بيعملون مثل قليلا ما تذكرون وقليلا ما تؤمنون ١٧قوله { ويتلوه شاهد } الهاء في يتلوه للقرآن فتكون الهاء على هذا القول في منه للّه جل ذكره والشاهد الانجيل أي يتلو القرآن في التقديم الانجيل من عند اللّه فتكون الهاء في قبله للانجيل أيضا وقيل الهاء في يتلوه لمحمد صلى اللّه عليه فيكون الشاهد لسانه والهاء في منه لمحمد صلى اللّه عليه أيضا وقيل للقرآن وكذلك الهاء في قبله لمحمد صلى اللّه عليه وقيل الشاهد جبريل عليه السلام والهاء في منه على هذا القول للّه تعالى و في من قبله لجبريل أيضا وقيل الشاهد إعجاز القرآن فالهاء في منه على هذا القول للّه تعالى والهاء في قبله للقرآن والهاء في يؤمنون به للقرآن وقيل لمحمد عليه السلام قوله { إماما ورحمة } نصب على الحال من كتاب موسى ٢٠قوله { ما كانوا يستطيعون السمع } ما ظرف في موضع نصب معناها وما بعدها أبدا وقيل ما في موضع نصب على حذف حرف الجر أي بما كانوا كما يقال جزيته ما فعل وبما فعل وقيل ما نافية والمعنى لا يستطيعون السمع لما قد سبق لهم وقيل المعنى لا يستطيعون أن يسمعوا من النبي صلى اللّه عليه لبغضهم له ولا يفقهوا حجة كما تقول فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان إذا كان يثقل عليه ذلك ٢٢قوله { لا جرم أنهم } لا جرم عند الخليل وسيبويه بمعنى حقا في موضع رفع بالابتداء ولا وجرم كلمة واحدة بنيتا على الفتح في موضع رفع بالابتداء والخبر أنهم فأن في موضع رفع عندهما وقيل عن لخليل أنه قال إن أن في موضع رفع بجرم وجرم بمعنى بد فمعناه لا بد ولا محالة قال الخليل جيء بلا ليعلم أن المخاطب لم يبتدىء كلامه وإنما خاطب من خاطبه وقال الزجاج لا نفي لما ظنوا أنه ينفعهم واصل معنى جرم كسب من قولهم فلان جارم أهله أي كاسبهم ومنه سمي الذنب جرما لأنه اكتسب فكان المعنى عنده لا ينفعهم ذلك ثم ابتدأ فقال جرم أنهم في الآخرة هم الأخسرون أي كسب ذلك الفعل لهم الخسران في الآخرة فأن من أنهم على هذا القول في موضع نصب بجرم وقال الكسائي معناه لاصد ولا منع عن أنهم في الآخرة فأن في موضع نصب على قوله أيضا بحذف حرف الجر ٢٧قوله { بادي الرأي } انتصب بادي على الظرف أي في بادي الرأي هذا على قراءة من لم يهمزه ويجوز أن يكون مفعولا به حذف معه حرف الجر مثل واختار موسى قومه وإنما جاز أن يكون فاعل ظرفا كما جاز ذلك في فعيل نحو قريب وملىء وفاعل وفعيل يتعاقبان نحو راحم ورحيم وعالم وعليم وحسن ذلك في فاعل لإضافته إلى الرأي والرأي يضاف إليه المصدر وينتصب المصدر معه على الظرف نحو قولك أما جهد رأيي فانك منطلق والعامل في الظرف اتبعك وهو من بدأ يبدو إذا ظهر ويجوز في قراءة من لم يهمز أن يكون من الابتداء ولكنه سهل الهمزة ومن قرأه بالهمز أو قدر في الألف أنها بدل من همزة فهو أيضا نصب على الظرف والعامل فيه أيضا اتبعك فالتقدير عنه قد جعله من بدأ يبدو ما اتبعك يا نوح إلا الأراذل فيما ظهر لنا من الرأي كأنهم قطعوا عليه في أول ما ظهر لهم من رأيهم ولم يتعقبوه بنظر إنما قالوا ما ظهر لهم من غير تيقن والتقدير عند من جعله من الابتداء فهمز ما اتبعك يا نوح إلا أراذل في أول الأمر أي ما نراك في أول الأمر اتبعك إلا الأراذل وجاز تأخر الظرف بعد إلا وما بعدها من الفاعل وصلته لأن الظروف يتسع فيها مالا يتسع في المفعولات فلو قلت في الكلام ما أعطيت أحدا إلا زيدا درهما فأوقعت أسمين مفعولين بعد إلا لم يجز لأن الفعل لا يصل بالا إلى أسمين إنما يصل إلى اسم واحد كسائر الحروف ألا ترى أنك لو قلت مررت بزيد عمرو فتوصل الفعل اليهما بحرف واحد لم يجز وكذلك لو قلت استوى الماء والخشبة الحائط فتنصب بواو من اسمين لم يجز إلا أن تأتي في جميع ذلك بواو العطف فيجوز فيصل الفعل اليهما بحرفين فأما قولهم ما ضرب القوم ألا بعضهم بعضا فإنما جاز لأن بعضهم بدل من القوم فلم يصل الفعل بعد إلا إلا إلى اسم واحد ٣١قوله { تزدري أعينكم } أصل تزدري تزتري والدال مبدلة من تاء لأن الدال حرف مجهور فقرن بالزاي لأنها مجهورة أيضا والتاء مهموسة ففارقت الزاي وحسب البدل لقرب المخرجين والتقدير تزدريهم أعينكم ثم حذف الإضمار لطول الاسم قوله { فعميت عليكم } من خففه من القراء حمله على معنى فعميتم عن الأخبار التي أتتكم وهي الرحمة فلم تؤمنوا بها ولم تعم الأخبار نفسها عنهم ولو عميت هي لكان لهم في ذلك عذرا إنما عموا هم عنها فهو من المقلوب كقولهم أدخلت القلنسوة في رأسي وأدخلت القبر زيدا فقلت جميع هذا في ظاهر اللفظ لأن المعنى لا يشكل ومثله قوله تعالى فلا تحسبن اللّه مخلف وعده رسله وقيل معنى فعميت لمن قرأ بالتخفيف فخفيت فيكون غير مقلوب على هذا وتكون الأخبار التي أتت من عند اللّه خفي فهمها عليهم لقلة مبالاتهم بها وكثرة إعراضهم عنها فأما معناه على قراءة حفص وحمزة والكسائي الذين قرأوا بالتشديد والضم على ما لم يسم فاعله فليس فيه قلب ولكن اللّه عماها عليهم لما أراد بهم من الشقوة يفعل ما يشاء سبحانه وهي راجعة إلى القراءة الأولى لأنهم لم يعموا عنها حتى عماها اللّه عليهم وقد قرأ أبي وهي قراءة الأعمش فعماها عليكم أي عماها اللّه عليكم فهذا شاهد لمن ضم وشدد ونوح اسم النبي عليه السلام انصرف لأنه أعجمي خفيف وقيل هو عربي من ناح ينوح وقد قال بعض المفسرين إنما سمي نوحا لكثرة نوحه على نفسه ٣٦قوله { إلا من قد آمن } من في موضع رفع بيؤمن ٤٠قوله { ومن آمن } من في موضع نصب على العطف على اثنين أو على أهلك ومن في قوله إلا من سبق في موضع نصب على الاستثناء من الأهل ٤١قوله { بسم اللّه مجراها ومرساها } مجراها في موضع رفع على الابتداء ومرساها عطف عليه والخبر بسم اللّه والتقدير بسم اللّه اجراؤها وارساؤها ويجوز أن يرتفعا بالظرف لأنه متعلق بما قبله وهو اركبوا ويجوز أن يكون مجراها في موضع نصب على الظرف على تقدير حذف ظرف مضاف إلى مجراها بمنزلة قولك آتيك مقدم الحاج أي وقت مقدم الحاج فيكون التقدير بسم اللّه وقت اجرائها وارسائها وقيل تقديره في النصب بسم اللّه موضع اجرائها ثم حذف المضاف وفي التفسير ما يدل على نصبه على الظرف قال الضحاك كان يقول وقت جريها بسم اللّه فتجري ووقت ارسائها بسم اللّه فترسو والباء في بسم اللّه متعلقة باركبوا والعامل في مجراها إذا كان ظرفا معنى الظرف في بسم اللّه ولا يعمل فيه اركبوا لأنه لم يرد اركبوا فيها في وقت الجرى والرسو إنما المعنى سموا بسم اللّه وقت الجرى والرسو والتقدير اركبوا الآن متبركين باسم اللّه في وقت الجري والرسو وإذا رفعت مجراها بالابتداء وما قبله خبره كانت الجملة في موضع الحال من الضمير في فيها لأن في الجملة عائدا يعود على الهاء في فيها وهو الهاء في مجراها لأنهما جميعا للسفينة ويكون العامل في الجملة التي هي حال ما في فيها من معنى الفعل ولا يحسن أن تكون هذه الجملة في موضع الحال من المضمر في اركبوا لأنه لا عائد في الجملة يعود على المضمر في اركبوا لأن المضمر في بسم اللّه ان جعلته خبرا لمجراها فإنما يعود على المبتدأ وهو مجراها وان رفعت مجراها بالظرف لم يكن فيه ضمير والهاء في مجراها إنما تعود على الهاء في فيها فإذا نصبت مجراها على الظرف عمل فيه بسم اللّه وكانت الجملة في موضع الحال من المضمر في اركبوا على تقدير قولك خرج بثيابه وركب بسلاحه ومنه قوله وقد دخلوا بالكفر وهم قد خرجوا به فقولك بثيابه وبسلاحه بالكفر وبه كلها في موضع الحال فكذلك بسم اللّه مجراها في موضع الحال من المضمر في اركبوا إذا نصبت مجراها على الظرف تقديره اركبوا فيها متبركين بسم اللّه في وقت الجري والرسو فيكون في بسم اللّه ضمير يعود على المضمر في اركبوا وهو ضمير المأمورين فتصح الحال منهم لأجل الضمير الذي يعود عليهم ولا يحسن على هذا التقدير أن تكون الجملة في موضع نصب على الحال من المضمر وهو الهاء في فيها لأنه لا عائد يعود على ذي الحال ولا يكتفي بالمضمر في مجراها لأنه ليس من جملة الحال إنما هو ظرف ملغى وإذا كان ملغى لم يعتد بالضمير المتصل به وإنما يكون مجراها في جملة الحال لو رفعته بالابتداء ولو أنك جعلت الجملة في موضع الحال من الهاء في فيها على أن تنصب مجراها على ا لظرف لصار التقدير اركبوا فيها متبركين بسم اللّه في وقت الجري وليس المعنى على ذلك لا يخبر عن السفينة بالتبرك إنما التبرك لركابها ولو جعلت مجراها ومرساها في موضع اسم فاعل لكانت حالا مقدرة ولجاز ذلك ولجعلتها في موضع نصب على الحال من اسم اللّه تعالى وإنما كانت ظرفا فيما تقدم من الكلام على أن لا تجعل مجراها في موضع اسم فاعل فأما إن جعلت مجراها بمعنى جارية ومرساها بمعنى راسية فكونه حالا مقدرة حسن وهذه المسألة يوقف بها على جميع ما في الكلام والقرآن من نظيرها وذلك لمن فهمها حق فهمها وتدبرها حق تدبرها فهي من غر المسائل المشكلة فأما فتح الميم وضمها في مجراها فمن فتح أجرى الكلام على جرت مجرى ومن ضم أجراه على أجراها اللّه مجرى وقد قرأ عاصم الجحدرى مجريها ومرسيها بالياء جعلهما نعتا للّه جل ذكره ويجوز أن يكونا في موضع رفع على إضمار مبتدأ أي هو مجريها ومرسيها ٤٢قوله { وكان في معزل } من كسر الزاي جعله اسما للمكان ومن فتح فعلى المصدر قوله { يا بني اركب معنا } الأصل في بني بثلاث ياءات ياء التصغير ويا بعدها هي لام الفعل وياء بعد لام الفعل وهي ياء الإضافة فلذلك كسرت لام الفعل لأن حق ياء الإضافة في المفرد أن يكسر ما قبلها أبدا فأدغمت ياء التصغير في لام الفعل لأن حق ياء التصغير السكون والمثلان من غير حروف المد واللين إذا اجتمعا وكان الأول ساكنا لم يكن بد من ادغامه في الثاني وحذفت ياء الإضافة لأن الكسرة تدل عليها وحذفها في النداء هو الأكثر في كلام العرب لأنها حلت محل التنوين والتنوين في المعارف لا يثبت في النداء فوجب حذف ما هو مثل التنوين وما يقوم مقامه وهو ياء الإضافة وقوي حذفها في مثل هذا لاجتماع الأمثال المستثقلة مع الكسر وهو ثقيل أيضا وقد قرأ عاصم بفتح الياء وذلك أنه أبدل من كسرة لام الفعل فتحة استثقالا لاجتماع الياءات مع الكسرة فانقلبت ياء الإضافة ألفا ثم حذف الألف كما تحذف الياء فبقيت الفتحة على حالها وقوي حذف الألف لأنها عوض مما يحذف في النداء وهو ياء الإضافة وقد قرأ ابن كثير في غير هذا الموضع في لقمان بإسكان الياء وبالتخفيف وذلك أنه حذف ياء الإضافة للنداء فبقيت ياء مكسورة مشددة والكسرة كياء فاستثقل ذلك فحذف لام الفعل فبقيت ياء التصغير ساكنة ٤٣قوله { لا عاصم اليوم من أمر اللّه } العامل في اليوم هو من أمر اللّه تقديره لا عاصم من أمر اللّه اليوم ولا عاصم في موضع رفع بالابتداء و من أمر اللّه الخبر ومن متعلقة بمحذوف تقديره لا عاصم مانع من أمر اللّه اليوم ويجوز أن يكون من أمر اللّه صفة لعاصم ويعمل في اليوم ويضمر خبرا لعاصم ولا يجوز أن تتعلق من بعاصم ولا أن ينصب اليوم بعاصم لأنه يلزم أن ينون عاصما ولا يبني على الفتح لأنه يصير ما تعلق به وما عمل فيه من تمامه فيصير بمنزلة قولك لا خيرا من زيد في الدار ونظيره لا تثريب عليكم اليوم وسيأتي في موضعه إن شاء اللّه تعالى قوله { إلا من رحم } من في موضع نصب على الاستثناء المنقطع وعاصم على بابه تقديره لا أحد يمنع من أمر اللّه لكن من رحم اللّه فإنه معصوم وقيل من في موضع رفع على البدل من موضع عاصم وذلك على تقديرين أحدهما أن يكون عاصم على بابه فيكون التقدير لا يعصم اليوم من أمر اللّه إلا اللّه وقيل إلا الراحم والراحم هو اللّه جل ذكره والتقدير الثاني أن يكون عاصم بمعنى معصوم فيكون التقدير لا معصوم من أمر اللّه اليوم إلا المرحوم ٤٦قوله { إنه عمل غير صالح } الهاء تعود على السؤال أي إن سؤالك إياي أن أنجي كافرا عمل غير صالح وقيل معناه أن سؤالك ما ليس لك به علم عمل غير صالح فاللفظ في هذين التقديرين من قول اللّه لنوح عليه السلام وقيل هو من قول نوح عليه السلام لابنه وذلك أنه قال له اركب معنا ولا تكن مع الكافرين إن كونك مع الكافرين عمل غير صالح فيكون هذا من قول نوح لابنه مصلا بما قبله وقيل الهاء في إنه تعود على ابن نوح وفي الكلام حذف مضاف تقديره أن ابنك ذو عمل غير صالح فأما الهاء في قراءة الكسائي فهي راجعة على الابن بلا اختلاف لأنه قرأ عمل بكسر الميم وفتح اللام ونصب غيرا ٥٠قوله { من إله غيره } يجوز رفع غير على النعت أو البدل من لفظ اله وقد قرىء بهما ويجوز النصب على الاستثناء ٥٢قوله { مدرارا } حال من السماء وأصله الهاء والعرب تحذف الهاء من مفعال على طريق النسب ٦٤قوله { لكم آية } نصب آية على الحال من الناقة ٦٦قوله { ومن خزي يومئذ } من فتح الميم بنى يوما على الفتح لاضافته إلى غير متمكن وهو إذ ومن كسر الميم أعرب وخفض لإضافته الخزى إلى اليوم فلم يبنه ٦٧قوله { وأخذ الذين ظلموا الصيحة } إنما حذفت التاء من أخذ لأنه قد فرق بين المؤنث وهو الصيحة وبين فعله وهو أخذ بقوله الذين ظلموا وهو مفعول أخذ فقامت التفرقة مقام التأنيث وقد قال في آخر السورة في قصة شعيب وأخذت فجرى بالتأنيث على الأصل ولم يعتد بالتفرقة وقيل إنما حذفت التاء لأن تأنيث الصيحة غير حقيقي إذ ليس لها ذكر من لفظها وقيل إنما حذفت التاء لأنه حمل على معنى الصياح إذ الصيحة و الصياح بمعنى واحد وكذلك العلة في كل ما شابهه ٦٩قوله { قالوا سلاما } انتصب سلاما على المصدر وقيل هو منصوب بقالوا كما تقول قلت خيرا لأنه لم يحك قولهم إنما السلام معنى قولهم فأعمل القول فيه كما تقول قلت حقا لمن سمعته يقول لا إله إلا اللّه فلم تذكر ما قال إنما جئت بلفظ يحقق قوله فأعملت فيه القول وكذلك سلام في الآية إنما هو معنى ما قالوا ليس هو لفظهم بعينه فيحكى ولو رفع لكان محكيا وكان هو قولهم بعينه فالنصب أبدا في هذا وشبهه مع القول إنما هو معنى ما قالوا لا قولهم بعينه والرفع على أنه قولهم بعينه حكاه عنهم قوله { قال سلام } رفعه على الحكاية لقولهم وهو خبر ابتداء محذوف أو مبتدأ تقديره قال هو سلام أو أمري سلام أو عليكم سلام فنصبهما جميعا يجوز على ما تقدم ورفعهما يجوز على الحكاية والإضمار قوله { فما لبث أن جاء } أن في موضع نصب على تقدير حذف حرف الجر تقديره فما لبث عن أن جاء وأجاز الفراء أن تكون في موضع رفع بلبث تقديره عنده فما لبث مجيئه أي ما أبطأ مجيئه يعجل ففي لبث على القول الأول ضمير إبراهيم ولا ضمير فيه على القول الثاني وقيل ما بمعنى الذي وفي الكلام حذف مضاف تقديره فالذي لبث إبراهيم قدر مجيئه بعجل أراد أن يبين قدر إبطائه ففي لبث ضمير الفاعل وهو إبراهيم أيضا ٧١قوله { ومن وراء إسحاق يعقوب } من رفع يعقوب جعله مبتدأ وما قبله خبره والجملة في موضع نصب على الحال المقدرة من المضمر المنصوب في بشرناها فيكون يعقوب داخلا في البشارة ويجوز رفع يعقوب على إضمار فعل تقديره ويحث من وراء إسحاق يعقوب فيكون يعقوب غير داخل في البشارة ومن نصب يعقوب جعله في موضع خفض على العطف على إسحاق ولكنه لم ينصرف للتعريف والعجمة وهو مذهب الكسائي وهو ضعيف عند سيبويه والأخفش إلا بإعادة الخافض لأنك فرقت بين الجار والمجرور بالظرف وحق المجرور أن يكون ملاصقا للجار والواو قامت مقام حرف الجر ألا ترى أنك لو قلت مررت بزيد و في الدار عمرو قبح وحق الكلام مررت بزيد وعمرو في الدار وبشرناها بإسحاق ويعقوب من ورائه وقيل يعقوب منصوب محمول على موضع بإسحاق وفيه بعد أيضا للفصل بين حرف العطف والمعطوف بقوله ومن وراء إسحاق يعقوب كما كان في الخفض ويعقوب في هذين القولين داخل في البشارة وقيل هو منصوب بفعل مضمر دل عليه الكلام وتقديره ومن وراء إسحاق وهبنا له يعقوب فلا يكون داخلا في البشارة ٧٢قوله { وهذا بعلي شيخا } انتصب شيخ على الحال من المشار إليه والعامل في الحال والإشارة والتنبيه ولا تجوز هذه الإشارة إلا إذا كان المخاطب يعرف صاحب الحال فتكون فائدة الأخبار في الحال فان كان لا يعرف صاحب الحال صارت فائدة الأخبار إنما هي في معرفة صاحب الحال ولا يجوز أن تقع له الحال لأنه يصير المعنى أنه فلان في حال دون حال لو قلت هذا زيد قائما لمن لا يعرف زيدا لم يجز لأنك تخبره أن المشار إليه هو زيد في حال قيامه فإن زال عن القيام لم يكن زيدا وإذا كان المخاطب يعرف زيدا بعينه فإنما أفدته وقوع الحال منه وإذا لم يعرف عينه فإنما أفدته معرفة عينه فلا يقع منه حال لما ذكرنا والرفع في شيخ يجوز من خمسة أوجه تركنا ذكرها لاشتهارها ٧٤قوله { وجاءته البشرى يجادلنا } مذهب الأخفش والكسائي أن يجادلنا في موقع جادلنا لأن جواب لما يجب أن يكون ماضيا فجعل المستقبل مكانه كما كان حق جواب الشرط أن يكون مستقبلا فيجعل في موضعه الماضي وقيل المعنى أقبل يجادلنا فهو حال من إبراهيم عليه السلام ٧٨قوله { هن أطهر لكم } ابتداء وخبر لا يجوز عند البصريين غيره وقد روي أن عيسى بن عمر قرأ أطهر بالنصب على الحال وجعل هن فاصلة وهو بعيد ضعيف قوله { ضيفي } أصله المصدر فلذلك لا يثنى ولا يجمع ٨١قوله { إلا امرأتك } قرأه أبو عمرو وابن كثير بالرفع على البدل من أحد وانكر أبو عبيد الرفع على البدل وقال يجب على هذا أن يرفع يلتفت بجعل لا نفيا ويصير المعنى إذا أبدلت المرأة من أحد وجزمت يلتفت على النهي أن المرأة أبيح لها الالتفات وذلك لا يجوز ولا يصح عنده البدل إلا برفع يلتفت ولم يقرأ به أحد وقال المبرد مجاز هذه القراءة أن المراد بالنهي المخاطب ولفظه لغيره كما تقول لخادمك لا يخرج فلان فلفظ النهي لفلان ومعناه للمخاطب فمعناه لا تدعه يخرج فكذلك معنى النهي إنما هو للوط أي لا تدعهم يلتفتون إلا امرأتك وكذلك قولك لا يقم أحد إلا زيد معناه انههم عن القيام إلا زيدا فأما النصب في امرأتك فعلى الاستثناء لأنه نهي وليس بنفي ويجوز أن يكون مستثنى من قوله فأسر بأهلك إلا امرأتك ولا يجوز في المرأة على هذا إلا النصب إذا جعلتها مستثناة من الأهل وإنما حسن الاستثناء بعد النهي لأنه كلام تام كما أن قولك جاءني القوم كلام تام ثم تقول إلا زيد فتستثني وتنصب ٨٧قوله { أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء } من قرأه بالنون فيهما عطفه على مفعول نترك وهو ما ولا يجوز عطفه على مفعول تأمرك وهو أن لأن المعنى يتغير ومن قرأ ما تشاء بالتاء كان أو أن نفعل معطوفا على مفعول تأمرك وهو أن بخلاف الوجه الأول ومن قرأ تفعل وتشاء بالتاء فيهما جاز عطف أو أن تفعل على مفعول نترك وهو ما وعلى مفعول تأمرك وهو أن وقد شرحنا هذه الآية مفردة في كتاب آخر ٨٩قوله { شقاقي } معناه مشاقي وهو في موضع رفع بيجرمنكم ٩١قوله { ضعيفا } حال من الكاف في نراك لأنه من رؤية العين ٩٣قوله { من يأتيه } من في موضع نصب بتعلمون وهو في المعنى مثل واللّه يعلم المفسد من المصلح أي يعلم هذين الجنسين كذلك المعنى في الآية فسوف تعلمون هذين الجنسين وأجاز الفراء أن تكون من استفهاما فتكون في موضع رفع وكون من الثانية موصولة يدل على أن الأولى موصولة أيضا وليست باستفهام قوله { ما دامت السماوات والأرض } ما ظرف في موضع نصب تقديره وقت دوام السموات والأرض ١٠٧قوله { إلا ما شاء ربك } ما في موضع نصب على استثناء ليس من الأول ١٠٨قوله { وأما الذين سعدوا } قراءة حفص والكسائي وحمزة بضم السين حملا على قولهم مسعود وهي لغة قليلة شاذة وقولهم مسعود إنما جاء على حذف الزائد كأنه من أسعده اللّه ولا يقال سعده اللّه فهو مثل قولهم أجنه اللّه فهو مجنون فمجنون أتى على جنه اللّه وإن كان لا يقال كذلك مسعود أتى على سعده اللّه وإن كان لا يقال وضم السين في سعدوا بعيد عند أكثر النحويين إلا على تقدير حذف الزائد كأنه قال وأما الذين أسعدوا ١١١قوله { وإن كلا لما ليوفينهم } من شدد إن أتى بها على أصلها وأعملها في كل واللام في لما لام تأكيد دخلت على ما وهي خبر إن وليوفينهم جواب القسم تقديره وإن كلا لخلق أو لبشر ليوفينهم ولا يحسن أن تكون ما زائدة فتصير اللام داخلة على ليوفينهم ودخولها على لام القسم لا يجوز وقد قيل أن ما زائدة لكن دخلت لتفصل بين اللامين اللذين يتلقيان القسم وكلاهما مفتوح ففصل بينهما بما فأما من خفف أن فأنه خفف استثقالا للتضعيف وأعملها في كل مثل عملها مشددة واللام في لما على حالها فأما تشديد لما في قراءة عاصم وحمزة وابن عامر فإن الأصل فيها لمن ما ثم أدغم النون في الميم فاجتمع ثلاث ميمات في اللفظ فحذفت الميم المكسورة وتقديره وان كلا لمن خلق ليوفينهم ربك وقيل التقدير لمن ما بفتح الميم في من فتكون ما زائدة وتحذف إحدى الميمات لتكرر الميم في اللفظ على ما ذكرنا فالتقدير لخلق ليوفينهم وقد قيل إن لما في هذا الموضع مصدر لم لكن أجري في الوصل مجراه في الوقف وفيه بعد لأن اجراء الشيء في الوصل مجراه في الوقف إنما يجوز في الشعر وقد حكي عن الكسائي أنه قال لا أعرف وجه التثقيل في لما وقد قرأ الزهري لما مشددة منونة مصدر لم ولو جعلت إن في حال التخفيف بمعنى ما لرفعت كلا ولصار التشديد في لما على معنى إلا كما قال إن كل نفس لما عليها بمعنى ما كل نفس إلا عليها على قراءة من شدد لما وفي حرف أبي وإن كل إلا ليوفينهم ان بمعنى ما وقرأ الأعمش وإن كل لما ليوفينهم فجعل إن بمعنى ما ولما بمعنى إلا ورفع كل بالابتداء في ذلك كله و ليوفينهم الخبر وقد قيل إن ما زائدة في قراءة من خفف و ليوفينهم هو الخبر ١١٦قوله { إلا قليلا ممن أنجينا منهم } نصب على الاستثناء المنقطع وأجاز الفراء الرفع فيه على البدل من أولو وهو عنده مثل قوله إلا قوم يونس هو استثناء منقطع ويجوز فيه الرفع على البدل عنده كما قال وبدلة ليس بها أنيس إلا اليعافير والا العيس فرفع اليعافير على البدل من أنيس وحقه النصب لأنه استثناء منقطع من الكلام |
﴿ ٠ ﴾