بسم اللّه الرحمن الرحيم

سورة المؤمنين

١

قوله تعالى { قد أفلح } قرأ ورش بالقاء حركة الهمزة على الدال وحذف الهمزة وانما حذفت الهمزة لأنها لما ألقيت حركتها على ما قبلها بقيت ساكنة وقبلها الدال ساكنة لأن الحركة عليها عارضة واجتمع ما يشبه الساكنين فحذفت الهمزة لالتقاء الساكنين وكانت أولى بالحذف لأنها قد اختلت بزوال حركتها ولأن بها وقع الاستثقال ولأنها هي الساكنة في اللفظ

٨

قوله { لأماناتهم } أمانة مصدر وحق المصدر أن لا يجمع لدلالته على القليل والكثير من جنسه لكنه لما اختلفت أنواع الأمانة لوقوعها على الصلاة والزكاة والطهر والحج وغير ذلك من العبادات جاز جمعها لأنها لاختلاف أنواعها شابهت المفعول به فجمعت كما يجمع المفعول

به وقد أجمعوا على الجمع في

قوله { أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } وقد قرأ ابن كثير بالتوحيد في { قد أفلح } ودليله اجماعهم على التوحيد في وعهدهم ولم يقل وعهودهم وهو مصدر مثل الأمانة فقرأ بالتوحيد مثل العهد على أصل المصدر ومثله القول في صلاتهم و صلواتهم

٢٠

قوله { وشجرة } نصب عطف على { جنات من نخيل } واجاز الفراء فيها الرفع على تقدير وثم شجرة وتخرج وما بعدها نعت للشجرة

قوله { ثم خلقنا النطفة علقة } مفعولان لخلق لأنه بمعنى صيرنا وخلق اذا كان بمعنى أحدث واخترع تعدى الى مفعول واحد واذا كان بمعنى صير تعدى الى مفعولين

قوله سيناء من فتح السين جعله كحمراء فلم يصرف لهمزة التأنيث والصفة وقيل لهمزة التأنيث وللزومها ولا يصلح أن يكون وزنه فعلالا لأن فعلالا لم يأت اسما فيكون هذا ملحقا به إنما جاء فعلال في المصادر خاصة نحو الزلزال ولو كان فعلالالانصرف فهو لا يصرف في معرفة ولا نكرة للزوم العلتين إياه التأنيث والصفة فأما من كسر السين فانه نجعله اسما ملحقا بسرداح كعلباء وحرباء فالهمزة كالياء في درحاية فهو فعلال ولا يجوز أن يكون فعلاء اذ ليس في الكلام فعلاء ولا توجد همزة التأنيث في فعلاء وكان حقه أن ينصرف كما ينصرف علباء وحرباء لكنه اسم لبقعة أولأرض وهو معرفة فلم ينصرف للتأنيث والتعريف وقال الأخفش هو اسم أعجمي معرفة فهو كامرأة سميتها بجعفر ومثله في ترك الانصراف للتأنيث والتعريف

قوله { وطور سينين } فلم ينصرف سينين لأنه معرفة اسم لبقعة أولأرض وهو فعليل كررت فيه اللام كخنذيذ ولا يجوز أن يكون وزنه فعلين كغسلين لأن الأخفش وغيره حكوا أن واحد سينين سينينة ولا يجوز مثل هذا التأويل في غسلين إذ لم يسمع غسلينة

قوله { تنبت بالدهن } من ضم التاء في تنبت جعل الباء زائدة لان الفعل يتعدى بغير حرف لأنه رباعي من أنبت الشيء لكن قيل ان الباء دخلت لتدل على لزوم الانبات ومداومته ك

قوله { اقرأ باسم ربك } وقيل ان الباء في { بالدهن } انما دخلت على مفعول ثان هو في موضع الحال والأول محذوف تقديره تنبت جناها بالدهن أي وفيه دهن كما تقول خرج بثيابه وركب بسلاحه أي خرج لابسا وركب متسلحا فالمجرور في موضع الحال فأما من فتح التاء فالباء للتعدية لا غير لأنة ثلاثي لا يتعدى ويجوز أن يكون في موضع الحال وقد قالوا انبت الزرع ونبت فتكون القراءتان بمعنى قوله منزلا من ضم الميم جعله مصدرا من أنزل إذ قبله انزلني ومعناه انزالا مباركا ويجوز أن يكون اسما للمكان كأنه قال أنزلني مكانا أو موضعا فهو مفعول به لا ظرف كأنه قال اجعل لي مكانا ومن فتح الميم حعله مصدرا لفعل ثلاثي لأن أنزل يدل على نزل ويجوز أن يكون اسما للمكان أيضا

٣٣

قوله { ويشرب مما تشربون } ما والفعل مصدر فلا يحتاج الى عائد ويجوز أن يكون بمعنى الذي ويحذف العائد من { تشربون } أي مما تشربونه وقال الفراء تقديره مما تشربون منه ثم حذفت منه

٣٥

قوله { أنكم مخرجون } أن بدل من أن الأولى المنصوبة بيعد عند سيبويه وقال الجرمي والمبرد هي تأكيد للأولى لأن البدل من أن لا يكون إلا بعد تمام صلتها ويلزمهما أيضا أن لا يجوز التأكيد لأن التأكيد لا يكون إلا بعد تمام الموصول بصلته وصلته هو الخبر والخبر يتم الى

قوله { مخرجون } ولم يأت بعد وقال الأخفش أن الثانية في موضع رفع بالظرف وهو اذا تقديره أيعدكم أنكم اذا متم اخراجكم أي وقت موتكم اخراجكم

قوله { إذا متم } الى { مخرجون } ضع رفع على خبر أن الأولى والعامل في اذا مضمر كأنك قلت أيعدكم أنكم حادث اذا متم اخراجكم ولا يجوز أن يعمل فيه اخراجكم لأنه يصير في صلة الاخراج وهو مقدم عليه وتقديم الصلة على الموصول لا يجوز ولا يحسن أيضا أن يعمل في اذا قوله متم لأن اذا مضافة اليه ولا يعمل المضاف اليه في المضاف لأنه بعضه وهذا كقولك اليوم القتال فاليوم خبر عن القتال والعامل في اليوم مضمر كأنك قلت اليوم يحدث القتال أو حادث القتال ولا يجوز أن يعمل في اليوم القتال لأنه يصير في صلته وهو مقدم عليه فذلك غير جائز وهذا المضمر العامل في الظروف فيه ضمير يعود على المبتدأ فاذا أقمت الظرف المجرور مقامة وحذفتة صار ذلك الضمير متوهما في الظرف أو المجرور لقيامه مقام الخبر الذي كان فيه ضمير يعود على المبتدأ فهذه المسألة أصل في هذا الحد فافهمها فانها مشكلة

٣٦

قوله { هيهات هيهات لما توعدون } من فتح التاء بناء على الفتح والوقف عليه لمن فتح التاء عند البصريين بالهاء وحكى اليزيدي عن أبي عمرو أن الوقف فيهما جميعا على ت وموضعه نصب كأنه موضوع موضع المصدر كأنك قلت بعدا بعدا لما توعدون وقيل موضعه رفع كأنه قال البعد البعد لما توعدون ومن كسر التاء وقف بالتاء لأنه جمع كبيضة وبيضات كأن واحد هيهات هيهة وبعض العرب ينونه للفرق بين المعرفة والنكرة كأنه إذا لم ينون معرفة بمعنى البعد لما توعدون بين المعرفة والنكرة وإذا نون فهو نكرة كأنه قال بعدا لما توعدون وكررت هيهات للتأكيد

قوله { تترا } في موضع نصب على المصدر أو على الحال من الرسل أي أرسلنا رسلنا متواترين أي متتابعين ومن نونه وهو أبو عمرو جعله على أحد وجهين إما أن يكون وزنه فعلا كبغل وهو مصدر دخل التنوين فيه على فتحة الراء أو يكون ملحقا بجعفر والتنوين دخل على ألف الألحاق كأرطى فاذا وقفت على هذا الوجه جازت الإمالة لأنك تنوي أنك تقف على الألف التي دخلت للالحاق لا على ألف التنوين فتميلها إن شئت واذا وقفت على الوجه الأول لم تجز الامالة لأنك تقف على الألف التي هي عوض من التنوين لا غير ومن لم ينونه جعل ألفه للتأنيث والمصادر كثيرا ما يلحقها ألف التأنيث كالدعوى والذكرى فلم ينصرف للتأنيث ولزومه والتاء في جميع الوجوه يدل عن واو وأصلة وترى لأنه من المواترة وهو الشيء يتبع الشيء

٥٢

قوله { وإن هذه أمتكم } أن في موضع نصب بحذف حرف الجر أي وبأن هذه أو لأن هذه والحرف متعلق باتقون وقال الكسائي هي في موضع خفض عطف على ما في

قوله { بما تعملون } وقال الفاء هي في موضع نصب باضمار فعل تقديره واعلموا أن هذه ومن كسر ان فهو على الاستئناف

قوله { أمة واحدة } نصب على الحال ويجوز الرفع على اضمار مبتدأ أو على البدل من امتكم التي هي خبر إن أو على أنه خبر بعد خبر

٥٣

قوله { زبرا } حال أي مثل زبر

قوله { أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم } خبر أن نسارع لهم على تقدير حذف به أي نسارع لهم به في الخيرات وما بمعنى الذي وقال هشام تقديره نسارع لهم فيه ثم أظهر الضمير وهو الخيرات و ما التي هي اسم أن هي للخيرات ومثله عنده قولك إن زيدا تكلم عمرو في زيد أي فيه ثم أظهر الضمير ولم يجز سيبويه هذا الا في الشعر وقد قيل خبر أن محذوف

٥٧

قوله { إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون } خبر إن

٦١

قوله { أولئك يسارعون في الخيرات } ابتداء وخبر في موضع خبران ومعنى في الخيرات أي في عمل الخيرات

٦٧

قوله { سامرا } حال ومثله { مستكبرين }

قوله { تهجرون } من فتح التاء جعله من الهجران أي مستكبرين بالبيت الحرام سامرا أي تسمرون بالليل في اللّهو واللعب لأمنكم فيه مع خوف الناس في مواطنهم تهجرون آياتي وما يتلى عليكم من كتابي ومن ضم التاء جعله من الهجر وهو الهذيان وما لا خير فيه من الكلام

٧٦

قوله { فما استكانوا } هو استفعلوا من الكون وأصله استكونوا نم أعل وقيل هو افتعلوا من السكون لكن اشبعت فتحة الكاف فصارت ألفا والقول الأول أصح في الاشتقاق والثاني أصح في المعنى

٩٩

قوله { قال رب ارجعون } انما جاءت المخاطبة من أهل النار بلفظ الجماعة لأن الجبار يخبر عن نفسه بلفظ الجماعة فخوطب بالمعنى الذي يخبر هو به عن نفسه وقيل معناه التكرير ارجعن ارجعن ارجعن فجمع في المخاطبة ليدل على معنى التكرير وكذلك قال المازني في

قوله { ألقيا في جهنم } معناه ألق ألق

١١٠

قوله { سخريا } من ضم السين جعله من السخرة والتسخير ومن كسرها جعله من الهزء واللعب وقيل هما لغتان بمعنى الهزء

١١١

قوله { أنهم هم الفائزون } أن في موضع نصب مفعول ثان لجزيتهم تقديره اني جزيتهم اليوم بصبرهم الفوز والفوز النجاة ويجوز أن تكون أن في موضع نصب على حذف اللام أي اني جزيتهم بصبرهم لأنهم الفائزون في علمي وما تقدم لهم من حكمي

١١٢

قوله { كم لبثتم } كم في موضع نصب بلبثتم و { عدد سنين } نصب على البيان وسنين جمع مسلم بالياء والنون

﴿ ٠