٦قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }. قيل معناه: مل بقلوبنا إليك وأقم بهممنا بين يديك وكن دليلنا منك إليك؛ حتى لا ينقطع عما بك لك. وقيل: اهدنا الصراط المستقيم أي: أرشدنا إلى طرق المعرفة؛ حتى نستقيم معك بخدمتك فهذا دعاء المريدين في هذه الآية. وقيل: اهدنا أي: أرنا طريق هدايتك كي نستقيم معك على توحيدك فهذا دعاء المؤمنين. وقيل: اهدنا أي: أرنا طريق أنسك فنفرح ونطرب بقربك فهذا دعاء العارفين. وقيل: اهدنا بك إليك، لنستعين ببدايتك عن وسائط المقامات والمجاهدات. وقيل: اهدنا بفناء أوصافنا فبنا الطريق إلى أوصافك التي لم تزل ولا تزال. وقيل: اهدنا بكشف الغفلة عنا طريق الوصول إلى رضاك. وقيل: اهدنا هدى العيان بعد البيان؛ لنستقيم لك على حب إرادتك فينا. وقيل: اهدنا هدى من أنت المتولي لهدايته طريق حقيقة معرفتك؛ لنستقيم لك بفناء أوصافنا فيك. وقيل اهدنا هدى من يكون منك مبدأه؛ حتى يكون إليك منتهاه. وقيل: اهدنا أي: اكشف عنا ظلمات أحوالنا لننظر في خفي غيبك نظرة الاستقامة. وقيل: اهدنا الصراط المستقيم بالغيبوبة عن الصراط ليلا يكون من يوطأ بالصراط. وقيل: اهدنا بك ولا تشغلنا بموارد الصراط والاستقامة عنك. حكي عن أبي عثمان في قوله: اهدنا الصراط المستقيم أي: أرشدنا لاستعمال السنن في أداء فرائضك. حكي عن فضيل بن عياض في قوله اهدنا الصراط المستقيم قال: طريق الحج صراط الذين أنعمت عليهم من الأنبياء والأولياء غير المغضوب عليهم ولا الضالين غير اليهود والنصارى، فإنك قطعت عليهم طريق الحج بقولك: { لا يقربوا المسجد الحرام} . وقيل: اهدنا الصراط المستقيم لنستعين بهدايتك على الشيطان، فإنه قال: { لأقعدن لهم صراطك المستقيم }. وقيل: اهدنا الصراط المستقيم وهو الافتقار إليك، كما قيل لأبي حفص النيسابوري رحمه اللّه: فإذا تقدم على ربك، قال: وما للفقير أن يقدم به على الغنى سوى فقره. وقال سهل بن عبد اللّه: أرشدنا بمعونتك الطريق إليك. قيل أليس قد هداه الصراط المستقيم حتى صلى وسأل فقال: إنما سأل اللّه زيادة هدى، كما قال اللّه تعالى: { والذين اهتدوا زادهم هدى } بسؤالهم اهدنا الصراط المستقيم. وقال الجنيد: إن القوم إنما سألوا الهداية من الحيرة التي قدرت عليهم من أسماء صفات الأزلية، فسألوا الهداية إلى أوصاف العبودية ليلا؛ ليستغرقوا في رؤية صفات الأزلية. |
﴿ ٦ ﴾