٧

قوله تعالى: { صراط الذين أنعمت عليهم }.

صراط الذين أنعمت عليهم أي: مقام الدين. أنعمت عليهم بالمعرفة وهم العارفون، وأنعم على الأولياء بالصدق والرضا واليقين، وأنعم على الأبرار بالحلم والرأفة وأنعم على المريدين بحلاوة الطاعة، وأنعم على المؤمنين بالاستقامة، هذا قول ابن عطاء.

وحكي عن أبي عثمان أنه قال: صراط الذين أنعمت عليهم بأن عرفتهم مهالك الصراط ومكايد الشيطان وخيانة النفس.

وحكي عن محمد بن الفضل أنه قال: صراط الذين أنعمت عليهم لقبول ما افترضت عليهم.

وقال أبو الحسن الوراق: صراط الذين أنعمت عليهم بالعناية على الاستقامة في طريق مناجاتك.

وقال بعضهم صراط الذين أنعمت عليهم في سابق الأزل بالسعادة.

وحكي عن بعض البغداديين أنه قال: من أفنيته عن النظر إلى النعمة بدوام التنعم بقربك ومؤانستك.

وقال بعضهم: صراط الذين أنعمت عليهم بالنظر إلى جريان ما جرى عليهم في الأزل فلم يشغلهم كشف ذلك لهم عن الشغل بك.

وحكي عن مالك بن أنس أنه سئل عن قوله ' صراط الذين أنعمت عليهم ' فقال:

متابعة النبي صلى اللّه عليه وسلم.

وقال بعضهم: صراط الذين أنعمت عليهم بالإيمان والهداية والتوفيق والرعاية والمراقبة والكلاءة.

وقال جعفر بن محمد: صراط الذين أنعمت عليهم بالعلم بك والفهم عنك.

وقال بعض البغداديين: صراط الذين أنعمت عليهم بفناء حظوظهم وقيامهم معك حسن الأدب.

وقيل: صراط الذين أنعمت عليهم بمشاهدة المنعم بغير النعمة.

وقيل: صراط الذين أنعمت عليهم بالإسلام ظاهرا والإيمان باطنا. قال اللّه تعالى:

{ وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } وقيل: صراط الذين أنعمت عليهم بإزالة ظلمات الأكوان عن سرائرهم وطهرت أرواحهم بنور قدسك فشاهدوك بهممهم، ولم يشاهدوا معك سواك.

وقال محمد بن علي: صراط الذين أنعمت عليهم قال الذين زممت جوارحهم بالهيبة عند خدمتك.

وقيل: صراط الذين أنعمت عليهم من غيبك المستتر بأنوار هدايتك.

وقيل: صراط الذين أنعمت عليهم بعبادتك على المشاهدة. كما روى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ' أن تعبد اللّه كأنك تراه '.

وسئل سهل بن عبد اللّه عن قوله صراط الذين أنعمت عليهم قال: متابعة السنة.

وقيل أيضا: صراط الذين أنعمت عليهم بأن أذنت لهم في مناجاتك وسؤالك.

أخبرنا نصر بن محمد الأندلسي قال: حدثنا أبو عمر أحمد بن هلال بن نزار العطار

قال: حدثنا الحسن بن محمد بن حيان الفرياني قال: حدثنا أحمد بن عبد الواحد قال:

حدثنا محمد بن ميمون قال: حدثنا معاذ بن هلال قال: حدثنا إسماعيل بن حسام عن

الحسن في قوله صراط الذين أنعمت عليهم قال: أبو بكر وعمر رضي اللّه عنهم.

قوله تعالى: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين }.

قال ابن عطاء: غير المخذولين ولا المطرودين ولا المهانين ولا الضالين الذين ضلوا عن طريق هدايتك ومعرفتك وسبيل ولايتك.

وقيل: غير المغضوب عليهم في طريق الهلكى، ولا الضالين عن طريق الهدى باتباع

الهوى.

وقيل: غير المغضوب عليهم المستهلكين في مفاوز الشيطان، ولا الضالين المطرودين

عن طاعة الرحمن.

وقيل: غير المغضوب عليهم برؤية الأفعال ولا الضالين عن رؤية المنن، وقيل غير

المغضوب عليهم بطلب الأعواض على أعمالهم ولا الضالين عن طريق الشكر بتيسير

الخدمة عليهم.

وقيل: غير المغضوب عليهم بترك حسن الأدب في أوقات القيام بخدمتك، ولا

الضالين عن... فيستغفر وينيب.

وقيل: غير المغضوب عليهم بالرياء ولا الضالين بترك السنن في أركان العبادات.

وقال أبو عثمان: غير المغضوب عليهم بترك قراءة هذه السورة في صلواتهم، ولا

الضالين عن ترك قراءتها.

وقيل: غير المغضوب عليهم بأن وكلتهم إلى أنفسهم ولا الضالين بقطعك الاعتصام

عنهم.

وقيل: غير المغضوب عليهم باتباع البدع ولا الضالين عن سنن الهدى والسنة في قول

القائل آمين بعد قراءة هذه السورة في صلاته والجهر به.

وقال ابن عطاء: أي كذلك فافعل ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين.

وقال جعفر: آمين أي: قاصدين نحوك وأنت أكرم من أن تجيب قاصدك.

وقال الجنيد رحمه اللّه: معنى آمين أي: عاجزين عن بلوغ الثناء عليك بصفاتنا إلا

باتباع محمد الأمين فيه.

وقال بعض العراقيين: آمين أي: راجين لإجابة هذه الدعوات التي دعوتك بها.

وقال بعضهم مستقيلين من جميع اسؤلتنا؛ لأن حسن اختيارك لنا خير من اختيارنا.

وقيل: آمين أي: راضين بما قضيت علينا ولنا.

﴿ ٧