سورة البقرة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله تعالى: { ألم }.

قيل: إن الألف ألف الوحدانية واللام لام اللطف والميم ميم الملك. معناه: من وجدني على الحقيقة بإسقاط العلائق والأغراض فلطفت له في معناه فأخرجته من رق العبودية إلى الملك الأعلى، وهو الاتصال بمالك الملك بعد الاشتغال بشيء من الملك.

وقيل ' ألم ': سر الحق إلى حبيبه صلى اللّه عليه وسلم ولا يعلم سر الحبيب، الا تراه يقول:

' لو تعلمون ما أعلم ' أي من حقائق سر الحق وهو الحروف المفردة في الكتاب.

وقيل ' ألم ': معناه أنا اللّه أعلم.

وقيل ' ألم ': معنى الألف أي أفرد سرك لي واللام لين جوارحك لعبادتي والميم أتم معي بحور شوقك وصفاتك أذبتك بصفات الأنس بي ولمشاهدة آياتي، والقرب مني.

وقال سهل بن عبد اللّه: الألف هو اللّه واللام جبريل والميم محمد صلى اللّه عليه وسلم.

وقال بعض العراقيين: حير عقول الخلق في ابتداء خطابه وهو محل الفهم ليعلموا

أن لا سبيل لأحد إلى معرفة حقائق خطابه إلا بعلمهم بالعجز عن معرفة خطابه.

وقال بعضهم: ' ألم ' أي: أنزلت عليك هذا الكتاب من اللوح المحفوظ.

وقال بعضهم: لكل كتاب أنزله اللّه على النبيين منسي، وسره في القرآن هذه الحروف في أوائل السور.

وقيل الألف: ألف الوحدانية واللام لام الإلهية والميم ميم المهيمنية.

٢

قوله تعالى: { ذلك الكتاب }.

قيل: ذلك الكتاب الذي كتبت على الخلق بالسعادة والشقاوة والأجل والرزق، لا ريب فيه: لا مبدل له.

وقيل: ذلك الكتاب الذي كتبت في قلوب أوليائي من محبتي ومعرفتي في الرضا بموارد قضائي، والكتاب هو العهد إلى الحبيب وموضع السر، والنبي صلى اللّه عليه وسلم مشرف على أسرار ما خوطب به، والأولياء والصديقون بعده على حب معرفتهم وحب الكشف لهم عن لطائفه.

وقيل: ذلك الكتاب الذي كتبت على نفسي في الأزل ' إن رحمتي سبقت غضبي '

وقيل لا ريب فيه: لا شك فيه لمن فتحت سره وزينت قلبه بالفهم عني، وقيل لا ريب

فيه: لمن طهرت سره بنور الاطلاع على لطائف معانيه.

قوله تعالى: { هدى للمتقين }.

حقا لأهل المعرفة وزيادة بيان وهدى.

وقال سهل: بيان لمن تكبر أمر حوله وقوته.

قال الجنيد رحمه اللّه: هدى للمتقين، وصلة للمنقطعين عن الأعيان.

وقال أبو يزيد رحمه اللّه: المتقي من إذا قال: قال للّه وإذا عمل عمل للّه.

وقال الداراني: المتقون الذين نزع من قلوبهم حب الشهوات.

٣

قوله تعالى: { الذين يؤمنون بالغيب }.

قيل: الغيب هو اللّه.

وقيل: إن الإيمان بالغيب للعام، لأن الإيمان بالغيب قطع عن مغيب الغيب حجبهم بالغيب عن مغيبه.

وقال بعض العراقيين: الغيب هو مشاهدات الملك بعين الحق.

وقيل: الذين يؤمنون بالغيب: الذين يصدقون ما أظهره على أوليائك من الآيات والكرامات.

وقال أبو يزيد رحمة اللّه عليه: لا يؤمن بالغيب من لم يكن معه سراج الغيب.

وقال بعض العراقيين: إنهم بغيب القرآن عاينوا غيب الآخرة، ثم بغيب الغيب شاهدوا الحق مطلعا عليهم في جميع الأوقات، فغابوا باطلاعه عليهم مشاهدة عن مشاهدة كل ما سواه، فهم قائمون معه على المشاهدة، وهذا هو الإيمان بالغيب.

وقال فارس: الإيمان بالغيب تعظيم الحقيقة وصون الشريعة والرضا بالقضية،

حتى تستيقن أن ليس لك من الأمر شيء.

قوله تعالى: { ويقيمون الصلاة }.

وإقامتها: حفظ حدودها ظاهرا وباطنا.

وقال بعضهم: النية في إقامة الصلاة أي: لا أواصلك بها ولا أواصلك بتركها، ولكنها اتباع الأمر والنهي.

وقيل لا يكن حظك من صلاتك إقامتها دون السرور بما أحلت له من القربة والمناجاة.

وقيل: لا يكن همك فيها إقامتها دون الهيبة والتعظيم والخوف عن كيفية إقامتها ورؤية التقصير فيها.

وقال ابن عطاء: إقامة الصلاة فيها حفظ حدودها مع حفظ السر مع اللّه أي: لا يختلج بسرك سواه.

قوله تعالى: { ومما رزقناهم ينفقون }.

قال بعض العراقيين: في الإمساك لذة وفي الإنفاق لذة، وكل ما يلتذ به العبد فهو يعبد من عين الحق.

وقيل: مما رزقناهم ينفقون أي: مما خصصناهم به من أنوار المعرفة يفيضون بركتها ونورها على متبعيهم.

وقيل: الذين يؤمنون بالغيب حظ قلبك ويعلمون حظ بدنك، ومما رزقناهم ينفقون حظ مالك معناه تجرد قلبك وتتعب بدنك في خدمتي وتنفق مالك في مرضاتي لأوصلك إلى معرفتي.

٥

قوله تعالى: { أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون }.

الذين لزموا طريق المواصلة بالانفصال عما سوى الحق فأفلحوا فانقطعت الحجب عن قلوبهم فشاهدوا.

٦

قوله تعالى: { إن الذين كفروا سواء عليهم } الآية.

معناه: إن الذين ضلوا عن رؤية منتي عليهم في السبق سواء عليهم من شاهد الأعواض في خدمتي ومن شاهد العوض لأخلص سرائرهم، ولا يثبت لهم الإيمان

الغيبي، وإنما إيمانهم على العادة.

٧

قوله تعالى: { ختم اللّه على قلوبهم }.

فلا يقول عن الحق فهوم مخاطباته، على سمعهم فلم يسمعوا منه لذيذ كلامه، وعلى أبصارهم فلم يبصروا المغيبات بعين الغرامة، غشاوة غشيتهم ظلمات أنفسهم فلم تضيء لهم أنوار قلوبهم، ولهم عذاب عظيم سكوتهم إلى هذه الأحوال واكتفاؤهم بها.

وقال بعضهم: أهل البصر نظروا من اللّه إلى الأشياء فشاهدوها في سر القدرة، وأهل النظر استدلوا بالأشياء على اللّه تعالى محجتهم عقولهم واستدلالهم عن بلوغ كنه المعرفة باللّه.

٨

قوله تعالى: { ومن الناس من يقول آمنا باللّه وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين }.

قيل فيه: إن الناس اسم جنس واسم الجنس لا يخاطب به الأولياء.

وقال بعضهم: ليس الإيمان ما يتزين به العبد قولا وفعلا لكن الإيمان جرى السعادة

في سابق الأزل وأما ظهورها على الهياكل فربما تكون عوارى وربما تكون حقائق.

٩

قوله تعالى: { يخادعون اللّه } الآية.

قال بعض العراقيين: الخداع والمكر تنبيه من جهة شهود السعايات والاكتفاء إلى الطاعات حتى لا يعتقد فيها بأنها أسباب الوصول إلى الحق. كلا.

وقيل: إنما يخادع من لا يعرف البواطن، فأما من عرف البواطن فمن دخل معه في الخداع فإنما يخادع نفسه.

١٠

قوله تعالى: { في قلوبهم مرض }.

لخلوها من العصمة والتوفيق والرعاية.

قال أبو عثمان: في قلوبهم مرض لسكونهم إلى الدنيا وحبهم لها وغفلتهم عن الآخرة وإعراضهم عنها، فزادهم اللّه مرضا بأنه وكلهم إلى أنفسهم وجمع عليهم هموم

الدنيا، فلم يتفرغوا من ذلك إلى اهتمام الدين، ولهم عذاب أليم باشتغالهم بما يغني عما يبقى.

وقال الجنيد رحمه اللّه: علل القلب من اتباع الهوى، كما أن علة الجوارح من مرض البدن.

١١

قوله تعالى: { وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض } الآية.

باتباع الهوى مصلحون زين لهم سوء أعمالهم فرأوها حسنا، ألا إنهم هم المفسدون بعصيان الناصحين لهم، ولكن لا يشعرون لأنهم محجوبون عن طرق الإنابة والهداية.

قوله تعالى { إنما نحن مصلحون } قيل من أظهر الدعوى كذب، ألا ترى اللّه يقول: { ألا إنهم هم المفسدون }.

١٥

قوله تعالى: { اللّه يستهزئ بهم } أي: يحسن في أعينهم قبائح أفعالهم.

١٧

قوله تعالى: { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } الآية.

قال أبو الحسن الوراق: هذا مثل ضربه اللّه عز وجل لمن لم تصح له أحوال الإرادة بدءا فارتقى من تلك الأحوال بالدعاوى إلى أحوال الأكابر من يضيء عليه أحوال إرادته لو صححتها بملازمة آدابها، فلما مزجها بالدعاوى أذهب اللّه عنه تلك الأنوار وبقي في ظلمات دعاويه لا يبصر طريق الخروج منها.

٢٠

قال الحسن: إذا {أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا }.

قال: إذا أضاء لهم مرادهم من الدنيا والدين ألقوه، وإذا أظلم عليهم من خلاف معقولهم قاموا مجهولين.

٢١

قوله تعالى: { يا أيها الناس اعبدوا ربكم }.

قال بعضهم: وحدوا ربكم.

وقال بعضهم: أخلصوا عبادة ربكم من غير اتخاذ الشريك فيه، فتوصلكم الوحدانية والإخلاص إلى التقوى.

٢٢

قوله تعالى: { الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء }.

أعلمكم في هذه الآية سبيل الفقر بأن يجعل الأرض وطئا والسماء غطاء والماء طيبا والكلأ طعاما ولا تعبد أحدا من الخلق بسبب الدنيا، فإن اللّه قد أباح لك ما لا بد لك

منه من غير منة فيه لأحد عليك.

٢٨

قوله تعالى: { كيف تكفرون باللّه وكنتم أمواتا فأحياكم }.

قيل فيه كنتم أمواتا بالشرك وأحياكم بالتوحيد.

وقال بعضهم: كنتم أمواتا بالجهل فأحياكم بالعلم.

وقيل فيه: كنتم أمواتا بالخلاف فأحياكم بالائتلاف.

قال بعض البغداديين: كنتم أمواتا بحياة نفوسكم فأحياكم بإماتة نفوسكم وإحياء قلوبكم.

وقال الشبلي: كنتم أمواتا عنه فأحياكم به.

وقال ابن عطاء: كنتم أمواتا بالظواهر فأحياكم بمكاشفة السرائر.

وقال فارس: كنتم أمواتا بشواهدكم فأحياكم بشاهده ثم يميتكم عن شواهدكم ثم يحييكم بقيام الحق عنه. ثم إليه ترجعون عن جميع ما لكم وكنتم له.

قال الواسطي: ويختم بها غاية التوبيخ لأن الموات والجماد لا ينازع ما نور في شيء، إنما المنازعة من الهياكل الروحانية.

٢٩

قوله تعالى: { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا }.

قال: تستعينوا لتقووا به على طاعته لا لتصرفوه في وجوه معصيته.

وقيل: خلق لكم ما في الأرض ليعد نعمه عليكم فيقتضي الشكر من نفسك لطلب المزيد منه.

قال أبو عثمان: وهب لك الكل وسخره لك؛ لتستدل به على سعة جوده وتسكن إلى ما ضمنه لك من جزيل العطاء في المعاد ولا تستقل كثير بره على قليل عملك، فقد ابتداك تعظيم النعم قبل العمل وهو التوحيد.

وقال ابن عطاء: { خلق لكم ما في الأرض جميعا } ليكون الكون كله لك وتكون للّه كلا تشتغل عمن أنت له.

وقال بعض البغداديين في قوله: { خلق لكم ما في الأرض جميعا } أنعم بها عليك، فإن الخلق عبدة النعم باستيلاء النعمة عليهم فمن طهر للحضرة أسقط عنه

فالمنعم رؤية النعم.

وقال أبو الحسن النوري: على مقامات أهل الحقائق انقطاعهم عن العلائق.

٣٠

قوله تعالى: { إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها }.

قال ابن عطاء: إن الملائكة جعلوا دعاءهم وسيلة إلى اللّه، فأمر اللّه النار فأحرقت منهم ساعة واحدة ألوفا فأقروا بالعجز وقالوا: { سبحانك لا علم لنا }.

قال جعفر: لما باهوا بأعمالهم وتسبيحهم وتقديسهم ضربهم كلهم بالجهل حتى

قالوا: لا علم لنا.

وقال بعضهم: عجزهم عن درك المكتوبات عرفهم بذلك قصورهم عن حقائق الحق.

وقال بعضهم: من استكبر بعمله واستكثر بطاعته كان الجهل وطنه، ألا تراهم لما قالوا للحق نسبح بحمدك ألجأهم إلى أن قالوا: لا علم لنا.

قال الواسطي: من قال أنا فقد نازع القدرة، قالت الملائكة: نحن نسبح بحمدك

وذلك ليغذيهم من المعارف وهم أرباب للافتخار والاعتراض عن الربوبية بقولهم أتجعل فيها من يفسد فيها.

قال الواسطي في قوله: { إني جاعل في الأرض خليفة } خلقه بعلمه السابق ودبره بالتركيب وألبسه شواهد النعت حتى يعرفه، ثم كانت أنفاسه مدخرة عند الحق حتى أبداها.

وقال بعض العراقيين: شروط الخلافة رؤيته بذاته الأشياء فصلا ووصلا، إذ الفصل والوصل لم ينفصل منه قط، وأي وصل للحدث بالقدم.

وقال بعضهم: أعلمهم أن العلم باللّه أتم من المجاهدات.

وقال بعضهم: عيروا آدم واستصغروه ولم يعرفوا خصائص الصنع فيه فأمروا بالسجود له.

وقال بعض البغداديين: حلاه بخصائص الخلع وأظهر عليه صفات القدم، فصار الخضوع له قربة إلى الحق والاستكبار عليه بعدا من الحق.

وقال بعضهم: { إني جاعل في الأرض خليفة } خاطب الملائكة لا للمشورة ولكن لاستخراج ما فيهم من رؤية الحركات والعبادات والتسبيح والتقديس ردهم إلى قمتهم فقال اسجدوا لآدم.

وقال الواسطي في قوله { إني جاعل في الأرض خليفة } أظهر عليهم ما أضمروه في شواهدهم لكم دونه فأظهر حرف كرمه؛ لأن حرف الكرم أن ترى أن شروط الجناية لا تهدم العناية ولو أكرمهم على ما كان منهم لم تظهر حقائق الكرم، ولما قالوا { ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك } علم آدم الأسماء كلها فرجعوا إلى رؤية التقصير في تسبيحهم وتقديسهم فقالوا: { سبحانك لا علم لنا } إن التسبيح والتقديس لا يقربان منك إنما يقرب منك سبق عناية الأزل وهو لا تقدح فيه الجنايات والعصيان.

قال أبو عثمان المغربي: ما بلاء الخلق إلا الدعاوى، ألا ترى أن الملائكة قالوا: نحن نسبح بحمدك ونقدس لك حتى ركنوا إلى الجهل فقالوا: لا علم لنا.

٣١

قوله تعالى: { وعلم آدم الأسماء كلها }.

قال الجريري: علمه اسما من أسمائه المخزونة فعلم به جميع الأسامي.

فقال بعضهم علم آدم الأسماء كلها قال: علمها بتعليم الحق إياه وحفظها بحفظه عليه ونسي ما عهد عليه، لأنه وكله فيه إلى نبيه فقال: { عهدنا إلى آدم من قبل فنسي }.

وقال ابن عطاء: لو لم يكشف لآدم عليه السلام علم تلك الأسامي لكان لعجز من الملائكة في الإخبار عنها، وقوله غلب علمه على علم الملائكة؛ لقوة مشاهدة الخطاب من غير واسطة في قوله: { وعلم آدم الأسماء كلها }.

وقيل لبعضهم: أليس علم آدم على قدره؟ فقال: بل علمه أكثر من قدرة وجملة تعلمه إذ فيه تدابير الخلق.

٣٤

قوله تعالى: { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس } قال ابن عطاء:

لما استعظموا تسبيحهم وتقديسهم أمرهم بالسجود لغيره؛ يريهم استغناءه عنهم وعن عباداتهم. وقال بعض العراقيين: ورد الخطاب على أسرار الملائكة فهم عاجزون عن المخالفة، ورد على سر إبليس وهو عاجز عن الموافقة.

٣٥

قوله تعالى: { وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة }.

قال القاسم: السكون إلى الجنة وفي الجنة وحشة من الحق ولكنه رد المخلوق إلى المخلوق إظهار الملك ورعونات الطبع، وقيل في قوله { اسكن أنت وزوجك الجنة }

قال السكني: تكون مدة ثم تنقطع فيكون دخولهما في الجنة دخول سكنى لا دخول ثواب.

قوله تعالى: { ولا تقربا هذه الشجرة }.

قال بعضهم: معناه أنه يقول نهاهما عن قرب الشجرة وقضى عليهما ما قضى ليريهما

فيهما وأن العصمة تقواهما لا جحدهما وطاقتهما.

قال ابن عطاء: نهى عن جنس الشجرة، فظن آدم أن النهي عن المشار إليه فتناول على حد النسيان وترك المحافظة لا على التعمد والمخالفة قال اللّه تعالى { ولم نجد له عزما }.

٣٧

قوله تعالى: { فتلقى آدم من ربه كلمات }.

أدركته خصوصية الخلقة باليد ونفخ الروح الخاص والاصطفاء.

وقيل: هو قوله { ظلمنا أنفسنا }.

وقيل: هي عطس الحمد للّه.

٤٠

قوله تعالى: { يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم }.

قال بعضهم: ربط بني إسرائيل بذكر النعم، وأسقط عن أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم ذلك ودعاهم إلى ذكره فقال { فاذكروني أذكركم } ليكون نظر الأمم من النعمة إلى المنعم، ونظر أمة محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم من المنعم إلى النعم.

وقال سهل بن عبد اللّه: أراد اللّه أن يخص أمة محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم بزيادة على الأمم كما خص نبيهم صلى اللّه عليه وسلم بزيادة على الأنبياء فقال للخليل صلى اللّه عليه وسلم { وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض } وقطع سر محمد صلى اللّه عليه وسلم ورؤيته عمن سواه

فقال: { ألم تر إلى ربك كيف مد الظل }.

قوله تعالى عز وجل: { وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم }.

قال بعض البغداديين: أوفوا بعهدي الذي عهدتم في الميثاق الأول بلفظة ' بلى '، فلا ترجعوا في طلب شيء إلى غيري.

وقيل: أوفوا بعهدي احفظوا ودائعي عندكم، لا تظهروها إلا عند أهلها، أوف

بعهدكم أبح لكم مفاتيح خزائني وقربي فأنزلكم منازل الأصفياء.

وقيل أوفوا بعهدي في أداء الفرائض على السنة والإخلاص، أوف بعهدكم بقبولها منكم ومجازاتكم عليها.

وقال ابن عطاء: أوفوا بعهدي في حفظ الجلود ظاهرا وباطنا، أوف بعهدكم بحفظ أسراركم عن مشاهدة الأعيان.

وقال سهل: أوفوا بعهدي في مجاهدة أنفسكم، أوف بعهدكم لمعاونتكم عليها.

وقال أبو عثمان: أوفوا بعهدي في حفظ آداب الظواهر، أوف بعهدكم بتزين سرائركم.

وقال بعضهم: أوفوا بعهدي في التوكل، أوف بعهدكم بكفاية مهماتكم. وقال بعض

العراقيين: أوفوا بعهدي كونوا لي خلقا، أوف بعهدكم أكن لكم حقا.

قال أبو الحسن الوراق: أوفوا بعهدي في العبادات، أوف بعهدكم أوصلكم إلى منازل الدعايات. سئل الثوري عن فهم هذه الآية أوفوا بعهدي قال: أوفوا بعهدي في دار محبتي على بساط خدمتي بحفظ حرمتي، أوف بعهدكم في دار نعمتي على بساط قربى بسرور رؤيتي.

قوله تعالى: { وإياي فارهبون }.

الرهبة: هي خشية القلب من روى خواطره وقال سهل: وإياي فارهبون موضع اليقين ومعرفته وإياي فاتقون، موضع العلم السابق وموضع المكر والاستدراج.

قوله تعالى: { وإياي فاتقون } قال بعضهم: التقوى على أربعة أوجه: للعامة تقوى الشرك وللخاص تقوى المعاصي وللعارفين تقوى التوسل ولأهل الصفوة تقواهم منه إليه، والتقوى النظر إلى الكون بعين النقص.

٤٥

قوله تعالى: { واستعينوا بالصبر والصلاة } الآية.

قال سهل بن عبد اللّه: استعينوا بها على إقامة الدين وثبات اليقين.

قال ابن عطاء: استعينوا بهما على البلوغ إلى درك الحقائق، وقال أبو عثمان: استعينوا بهما على فراغة أوقاتكم.

{ وإنها لكبيرة } الآية. قال: لمن خشع قلبه وروحه وسره لموارد الهيبة وطوالع الإجلال.

قال أبو عثمان: { وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين } قال: لمن ذلت جوارحه للعبادات فرحا بمجل خطاب الآمر فيه.

وقال بعض العراقيين: استعينوا بالصبر عمن دون اللّه والصلاة الوقوف بحسن الأدب مع اللّه، وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين إلا على من أيد في الأزل بخصائص الاجتباء.

وقال بعضهم: استعينوا بي في الصبر والصلاة فإنهما لا يحصلان لكم إلا بمعونتي.

قوله تعالى: { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم } الآية: ٤٤

قيل فيه: أتطالبون الناس بحقائق المعاني وأنتم خالون من ظاهر رسومها.

٤٦

قوله تعالى ذكره: { الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم } الآية: ٤٦

قيل: من وحد اللّه بأفعاله وطاعته كان توحيده على الظن، ألا تراه يقول:

{ واستعينوا بالصبر والصلاة } الآية.

وقال بعضهم: الذين يظنون أنهم ملاقو ربهم أي: لو حققوا التوحيد كانت

صلواتهم وخشوعهم عليهم رينا، فلما ركنوا على أفعالهم كان توحيدهم ظنا وطاعتهم عليهم شينا، قال اللّه عز من قائل: { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل } الآية.

٥٤

قوله تعالى: { إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل } الآية: ٥٤

قيل: عجل كل إنسان نفسه ممن أسقطه وخالف مراده وهواه فقد برئ من ظلمه.

قوله تعالى: { فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم }.

قيل: إذا كان أول قدم في العبودية التوبة وهو: إتلاف النفس وقتلها بترك الشهوات وقطعها عن المراد، فكيف الوصول إلى شيء من منازل الصادقين وفي أول قدم منها تلف المهج؟

وقيل: توبوا إلى بارئكم قال: ارجعوا إليه بأسراركم وقلوبكم واقتلوا أنفسكم بالتبري منها، فإنها لا تصلح لبساط الأنس. وقال أبو منصور: ما شرع الحق إليه طريقا إلا وأوائله التلف.

قال اللّه تعالى: { توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم }.

فما دام يصحبك تمييز وعقل فأنت في عين الجهل حتى يضل عقلك ويذهب خاطرك

ويفقد نسبك إذ ذاك وعسى ولعل.

وقال الواسطي: كانت توبة بني إسرائيل إفناء أنفسهم ولهذه الأمة أشد وهو إفناء

أنفسهم مع مرادها مع بقاء رسومهم الهياكل.

قال فارس: التوبة محو البشرية وثبات الإلهية. قال اللّه تعالى: { توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم }.

٥٥

قوله تعالى: { وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى اللّه جهرة } الآية: ٥٥

قال بعض البغداديين: من طالع الذات بعين الحرمة الحق، ومن طالعها بالحرمة أولى

عليه صفات الجبروت والعظمة، ويستغيث من ذلك بلسان العجز سبحانك تبت إليك.

٦٠

قوله تعالى: { قد علم كل أناس مشربهم } الآية: ٦٠

قيل: فيه مشرب كل أحد حيث أنزله رائده، فمن كان رائده نفسه فمشربه الدنيا،

ومن كان رائده قلبه فمشربه الآخرة، ومن كان رائده سره فمشربه الجنة، ومن كان

رائده روحه فمشربه السلسبيل، ومن كان رائده ربه فمشربه في الحضرة على المشاهدة

حيث يقول: { وسقاهم ربهم شرابا طهورا } به عن كل ما سواه.

٦١

قوله تعالى: { وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد } الآية: ٦١

قيل: الناس فيه رجلان: رجل أزيل عنه تدبيره مستريح في ميدان الرضا راض

بأحكام القضاء فيه ساء أم سر فهو في الزيادة أبدا، وآخر رد إلى تدبيره واختياره فلا

يزال تتخبط في تدبيره واختياره إلى أن يهلك.

قوله تعالى: { أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير }.

معناه: أتعارضون حسن اختياري لكم في الأزل بمخالفة الدعاء والسؤال { ما يبدل القول لدي }.

قال الواسطي في هذه الآية: ما يتولاه من المن والسلوى من غير كلفة لهم، فتبع

القوم شهوة نفوسهم وما يليق بطبائعهم لما رجع إلى القثاء والطين عند ذكرهم.

٧١

قوله تعالى: { لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها } الآية: ٧١

معناه: لا يصلح لكرامتي وإظهار ولايتي عليه إلا من لم يذلل نفسه بالسكون إلى شيء من الأكوان ولم يسع في طلب الحوادث بحال مسلمة من منون عوارض الخلاف.

{ لا شية فيها }: لا أثر عليه لأحد بالسكون إليه والاعتماد عليه فهو القائم بي والناظر إلي والمعتمد علي أظهرت عليه آيات قدرتي وجعلته أحد شواهد عزتي فمن شاهده استغرق في مشاهدته؛ لأنه قد ألبس رداء العز وأنشد على أثره.

(إذا فانظري الدنيا بعيني واسمعي

* بأذني فيها وانطقي بلساني

قوله تعالى: { وضربت عليهم الذلة والمسكنة }: الحرص.

٧٣

قوله تعالى: { فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي اللّه الموتى } الآية: ٧٣

قيل فيه: إن اللّه أمر بقتل حي ليحيى ميتهم أعلمك بذلك أنه لا يحيى قلبك لأنوار.

المعرفة ولا لفهم الخطاب إلا بعد أن تقتل نفسك بالاجتهاد والرياضات، فيبقى جسمك هيكلا لا صفة له من صفاته ولا يؤثر عليه بقاء صورتها شيئا فتحيي قلبك وتكون نفسك رسما لا حقيقة لها، وقلبك حقيقة ليس عليه أثر من المريبين.

٨١

قوله تعالى: { بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته } الآية: ٨١

كسب سيئة برؤية أفعاله، وأحاطت به خطيئته بظنه أن عمله ينجيه أو يقربه، فهم المبعدون عني بما تقربوا به إلي.

٨٢

قوله تعالى: { والذين آمنوا وعملوا الصالحات }. الآية: ٨٢

قيل آمنوا: أيقنوا أن النجاة في سعادة الأزل، وأنه ليس في الطاعات إلا اتباع الأمر فيها، وعملوا الصالحات اتقوا من صالح أعمالهم لعلمهم بقصورها عن حقيقة تعبده، أولئك هم الواصلون إلى الرضوان الأكبر زيادة في قوله تعالى { توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم } أي: امنعوها عن الاشتغال بعبادة غيره.

وقيل: اقتلوا أنفسكم في طاعته ثم توبوا إليه من أفعالكم وأقوالكم وطاعاتكم.

وقال أبو منصور: توبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم قال: التوبة محو البشرية وإثبات الإلهية وقتل النفس عما دون اللّه وعن اللّه حتى يرجع إلى أصل القدم ويبقى الحق كما لم يزل.

٨٥

 وقال تعالى: { وإن يأتوكم أسارى } الآية: ٨٥

قال أبو عثمان: وإن يأتوكم غرقى في رؤية أفعالهم تنقذوهم من ذلك برؤية المنن.

قال الجنيد رحمه اللّه: وإن يأتوكم أسارى في أسباب الدنيا تنقذوهم إلى قطع العلائق والأسباب فإن الحق أبى أن يتجلى لقلب متعلق بشيء.

وقال بعض البغداديين: وإن يأتوكم أسارى في صفاتهم ونعوتهم تفادوهم أي تخلوا عنهم وثاق صفاتهم بصفات الحق ونعوته.

٨٨

قوله تعالى: { قلوبنا غلف } الآية: ٨٨

أي: حرم قسم السعادة لها في الأزل.

٩٦

قوله تعالى: { ولتجدنهم أحرص الناس على حياة } الآية: ٩٦

قال بعض الخراسانيين وهو محمد بن الفضل: لعلمهم بما قدموا من الآثام والخلاف وهذا حال الكفار فواجب على الموحى أن يكون حاله ضد هذا أن يكون مشتاقا إلى

الموت لمكاشفة الغيوب ودفع حجاب الوحشة والوصول إلى محل الأنس، ألا ترى النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: ' من أحب لقاء اللّه أحب اللّه لقاءه '. وأن بلالا لما حضر قالت امرأته:

واحزناه فقال: يا واطرباه غدا نلقى الأحبة... الحديث.

قال الواسطي رحمه اللّه: جعل الموت يقظة للعالم فمن هابه حجب عن المميت ومتى تكون في قلبك هيبة إذا هبت طوارق الموت.

١٠٦

قوله تعالى: { ما ننسخ من آية أو ننسها } الآية: ١٠٦

ما نقلتك من حالة إلا أوصلناك إلى مقام أشرف منها وأعلى إلى أن تنتهى بك

الأحوال إلى محل الندامى والخطاب من غير واسطة بقوله { دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى }

١١٢

قوله تعالى: { بلى من أسلم وجهه للّه } الآية: ١١٢

أي: أخلص وجهه عن أعمالهم من الربا: والشرك الخفي، وقيل أسلم وجهه للّه

أي: أعتق وجهه عن عبودية غيره وهو محسن أي: وهو يحسن آداب العبودية فله أجره عند ربه بدوام المعونة له من رضاه، ولا خوف عليهم في فوت حظهم من الحق، ولا هم يحزنون بأن يشغلهم عنه بالجنة.

١١٥

قوله تعالى: { فأينما تولوا فثم وجه اللّه } الآية: ١١٥

قال أبو منصور: وجهه حيث توجهت وقصده أين قصدت وقال أيضا: هذا مثل إبداء الحق للخلق كمثل الهلال يرى من جميع الأقطار، ويحتجب بالرسوم والآثار، فإذا ارتفعت الرسوم صار ناظرا لا منظورا،

وقال بعض البغداديين: القصد توجهك والطريقة إليه استقامتك منك بفهمك وعنك بعلمك، ارتبط كل شيء بضده وانفرد بنفسه.

قال تعالى: { بديع السماوات والأرض فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون }

قال بعض البغداديين: كل صنع صنعه ولا علة لصنعه ليس لكانه كان، لأنه قبل الكون والكان وأوجد الأكوان بقوله كن.

١١٨

قوله تعالى: { وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا اللّه أو تأتينا آية } الآية: ١١٨

قال الواسطي: قد كلمتهم حيث أنزلت عليهم خطابي فلم يفهموا، وأي آية أشرف من محمد صلوات اللّه وسلامه عليه؟ وقد أظهرت لهم ذلك...

١٢٤

قوله: { وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات } الآية: ١٢٤

قال بعضهم: أشد ما ابتلى اللّه به إبراهيم عليه السلام أن حمله أثقال الخلة، ثم طالبه بتصحيح شرائطها، وتصحيح شرائط الخلة التخلي مما سواه ظاهرا وباطنا.

قوله تعالى: { إني جاعلك للناس إماما }.

أي: جاعلك سفيرا بيني وبين خلقي لتهديهم لاستصلاح الحضرة وهذا هو الإمامة.

وقال أبو عثمان: الإمام هو الذي يعاشر على الظاهر، ولا يؤثر ذلك فيما بينه وبين ربه بسبب كالنبي صلى اللّه عليه وسلم كان قائما مع الخلق على حد الإبلاغ قائما مع اللّه على المشاهدة.

قوله تعالى: { ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين }.

قطع بهذا أن يكون أحد يصل إليه بسبب أو نسب، إلا برضا الأزل وسبق العناية.

١٢٥

قوله تعالى: { وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا } الآية: ١٢٥

أي: مفزعا للمذنبين وأمنا أي: من دخله من المؤمنين حافظا لحدود اللّه فيه آمن من نار جهنم.

سمعت منصورا يقول بإسناده عن جعفر عليه السلام قال: البيت ها هنا محمد صلى اللّه عليه وسلم فمن آمن به وصدق برسالته دخل في ميادين الأمن والأمانة

قوله تعالى: { والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون }.

قال بعض العراقيين: العمل لا يبلغ إلا إلى مخلوق مثله، وأعظم حجاب العارفين الجنة والاشتغال بها عن الحق هي المصيبة العظمى، لأن الجنة خرجت من تحت ' كن '.

وقال بعضهم: العارفون في الجنة لا يستلذون بشيء منها، لأن الحق إذا استولى على سر لا يملكه سواه.

١٣١

قوله تعالى: { إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين } الآية: ١٣١

أي: أخلص سرك فإنه موضع الاطلاع منك.

{ قال أسلمت } أي: أسلمت إليك سري فأخلصه لي فإنك أولى به مني.

وقيل: أسلم: أي: أظهر شرائط موافقة الخلة في حالي سرائك وضرائك ليعلم الحق منك ما تعلمه.

{ قال أسلمت } أي: ها أنا ذاك واقف أنتظر موارد اختلاف الأحوال لأقابلها

بمعونتك مقابلة الخليل ما يرد عليه من خليله.

وقيل: إن العرب تقول: أسلم. أي: استأنس، وكأن اللّه يقول: استأنس فإن مثلك

لا يحمل الطوارق بمحن الحوادث بل يحدث إلى الاستغراق في بلايا القدم فيقول:

أسلمت أي: استأسرت وما زلت مذ كنت في أسر جبروتك وقهر عزك.

سمعت النصر آباذي يقول: سمعت الروذباري يقول: سلامة النفس في التسليم وبلاؤها في التدبير.

قوله تعالى: { ربنا واجعلنا مسلمين لك }.

قال الجنيد: ظاهر علم الاستسلام سقوط المسافة والمدة من البعد، فليس يجدون في

إشاراتهم كلفة ولا في ذكرهم الذي به يقربون مؤونة، لأنه استولى من قربه واكتنافه

لهم والتحنن عليهم والبر بهم، لأنه قد أراح عنهم أسباب الطلب.

١٤٣

قال الواسطي رحمه اللّه: في قوله: { وما جعلنا القبلة التي كنت عليها } الآية.

قال ثم بين أن الخطاب على مقادير العقول ألا ترى كيف بين علمه في آخر الآية

{ وما أنت بتابع قبلتهم } إحكاما منه في صنعه وما جرى من ضبطه.

قال فارس: قوله اجعلنا مسلمين قال: أرحنا عن أسباب الطلب بالحيل ومطالعة الجزاء بالعوض.

وقال جعفر في قوله: { اجعلنا مسلمين لك } قال: احفظني وأهل بيتي كي نسلم أنفسنا وقلوبنا إليك، ولا نختار إلا ما تختاره لنا وقال أيضا: اجعلنا مقيمين معك لك.

قوله تعالى: { ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب } الآية: ١٣٢

قيل أوصاهم بالمجاوبة إلى الاستسلام الذي امر به فصح من إبراهيم صلى اللّه عليه وسلم فكما ابتلى بذبح ابنه لم ينظر إليه، لأنه كان أسلم وصح له التسليم فمضى فيه من غير نظر إلى الولد حتى فدى، ولما لم يصح ليعقوب عليه السلام ما صح للخليل رجع إلى جد الجزع حين فقد ابنه وقال يا أسفي على يوسف.

١٤٤

قوله تعالى: { قد نرى تقلب وجهك في السماء } الآية: ١٤٤

قيل فيه أعلمه أولا أنه من الحق ليكون متأدبا بآداب الحق ومن حسن أدبه أنه نظر

نحو السماء لم يشك فأجيب على نظره إلى مراده.

قوله تعالى: { فلنولينك قبلة ترضاها }.

أخبره بعد أن أجابه إلى مراده، إن مرادك يخالف مرادنا لأن إرادتنا فيك نقلك إلى

الكعبة وثباتك عليه وجعلها قبلة لك ولأمتك لتعلم أن رضاك لا يخالف رضانا أبدا.

قوله تعالى: { فول وجهك شطر المسجد الحرام }.

قال بعض العراقيين: ترسم معهم برسم الظاهر في استقبال الكعبة ببدنك، ولا

تقطع قلبك عن مشاهدتنا فإنا جعلنا الكعبة قبلة بدنك ونحن قبلة قلبك.

١٥٤

قوله عز وجل: { ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل اللّه أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون }  الآية: ١٥٤

قيل: لأنهم مقتولون في الحق، ومن كان مقتولا فيه كان حياته ولكن لا تشعرون، أي لا يعلمه من نظر إلى الجهاد بعين التدبير ولم ينظر إليه بعين الرضا.

قوله عز وجل: { اذكروني أذكركم }.

قال الواسطي: حقيقة الذكر في الإعراض عن الذكر ونسيانه والقيام بالمذكور.

وقال بعض العراقيين في قوله: { اذكروني أذكركم } قال: لك نسيبة من الحق يتحمل بها الموارد وهو ذكره إياك، فلولا ذكره إياك ما ذكرته.

وقيل: اذكروني بجهدكم وطاقتكم لأقرن ذكركم بذكري فيتحقق لكم الذكر.

قال سمنون: حقيقة الذكر أن ينسى كل شيء سوى مذكوره، لاستغراقه فيه

فيكون أوقاته كلها ذكرا وأنشد:

(لا لأني أنساك أكثر ذكراك

* ولكني بذاك يجري لساني

وقال بعض البغداديين: الذكر عقوبة لأنه طرد الغفلة ولو لم يكن غفلة فلا معنى للذكر. وقال بعض المتأخرين من أهل خراسان: كيف يذكر الحق بعقول مصنوعة

وأوهام مطبوعة؟ وكيف يذكر بالزمان من كان قبل الزمان على ما هو به؟ إذ الحق سبق كل مذكور. وقيل: اذكروني على الدوام لتطمئن قلوبكم بي، لأنه يقول: { ألا بذكر اللّه تطمئن القلوب }.

وقال بعضهم: أتم الذكر أن تشهد ذكر المذكور لك بدوام ذكرك له، قال اللّه جل من قائل: { اذكروني أذكركم }.

١٥٥

قوله تعالى: { ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات } الآية: ١٥٥

سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: سمعت المديني يقول: سمعت الشافعي يقول: الخوف خوف العدو، والجوع شهر رمضان، ونقص من الأموال: الزكاة، والأنفس: الأمراض، والثمرات: الصدقات، وبشر الصابرين على أدائها.

١٥٨

قوله تعالى: { إن الصفا والمروة من شعائر اللّه } الآية: ١٥٨

قيل: إن من صعد الصفا ولم يصف سره للّه لم يبن عليه من شعائر الحج شيء، ومن صعد المروة ولم تبين له حقائق المغيبات لم يظهر عليه من شعائر الحق شيء.

وقيل الصفا موضع المصافاة مع الحق، فمن لم يتجرد لمصافاة الحق معه فليعلم بتضييع أيامه وسعيه في حجه. سمعت منصورا يقول بإسناده عن جعفر قال: الصفا:

الروح لصفائها من درن المخالفات والمروة: النفس لاستعمالها المروءة في القيام بخدمة سيدها وقال: الصفا صفاء المعرفة والمروة مروءة العارف. وقال الصفا التصفية من كدورات الدنيا وهوى النفس، والسعي هو الهرب إلى اللّه، فإذا اجتمع سعيك بالهرب إلى اللّه فلا تبطله بالنظر إلى غيره.

قوله عز وجل: { ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون }.

قال ابن عطاء: لا خوف عليهم عند الموت لما يلقون من البشرى، ولا هم يحزنون على ما خلفوا من الأهل والأولاد؛ لعلمهم بأن اللّه تعالى خليفته عليهم.

قوله تعالى: { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } الآية: ١٧٢

الطيبات: الرزق وهو التناول في أوقات الاضطرار مقدار استبقاء المهجة لأداء الفرائض وهو الذي لا تبعة على أكله بحال.

قوله تعالى: { والذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا للّه وإنا إليه راجعون } الآية: ١٥٧

قال القاسم: هذه إشارة تدعو إلى الرضا بالقسمة والصبر على المحنة. قال: تحت كل محنة نعمة وتحت كل أنوار النعمة نيران المحبة، ومدح قوما فقال: إذا أصابتهم مصيبة سبقت الأمور بما جرت به الدهور لا يرد ذلك تقوى متق ولا عصيان عاص.

قوله: { يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة }.

السلم هو الرضا بالقضاء قاله الجنيد.

وقال ابن عطاء: السلم اتباع الأوامر واجتناب النواهي.

وقال أبو عثمان: السلام هو المحمود تحت مجدي القدرة لك وعليك.

١٦٥

قوله تعالى: { ومن الناس من يتخذ من دون اللّه أندادا } الآية: ١٦٥

قال القاسم: ومن أخرجناهم من جملة الخطاب الخاص بمخاطبة الإيمان أقواما يتخذون أهواءهم آلهة يعبدونها ويحبونها { والذين آمنوا أشد حبا للّه } منهم لأهوائهم يرون البلاء من اللّه نعمة ولا يحجزهم عن محبتهم لربهم ترادف التجني عليهم بأن يزيدهم بذلك محبة لهم، فلذلك قال: { والذين آمنوا أشد حبا للّه }.

١٧٧

قوله تعالى: { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا } الآية: ١٧٧

قال بعضهم: الوفاء بالعهد لزوم الحدود والرضا بالموجود والصبر على المفقود.

١٨٥

قوله تعالى: { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } الآية: ١٨٥

قيل: أنزله فيه بتفضيله وتخصيصه من بين الشهور وافتراض الصوم فيه، واستنان القيام في لياليه بالقرآن.

قوله تعالى: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه }.

من شهدني وشهد أمري فليصم أوقاته كلها عن المخالفات ومن شهد الشهر على رؤية التعظيم فليمسك فيه عن الهوى واللغو والهم، ومن شهد على رؤية التعظيم فليمسك فيه عن الهوى واللغو والهم ومن شهد على رؤية فعله وصومه فليس للّه فيه حاجة في ترك طعامه وشرابه وهو كما أخبر النبي صلى اللّه عليه وسلم حين قال: ' رب صائم حظه من صيامه الجوع '.

١٨٦

قوله تعالى: { وإذا سألك عبادي عني فإني قريب } الآية: ١٨٦

قال سهل: أدنى مقامات القرب الحياء من اللّه عز وجل.

قوله تعالى: { الحج أشهر معلومات }.

قال النصرآباذي: وقت اللّه عز وجل العبادات بأوقات ليتأهب العبد لها قبل أوقاتها بالآداب الظاهرة ولم يوقت المعرفة بوقت لئلا يخلى العبد سره عن مراقبة المشاهدة بحال.

قوله تعالى: { فاتقون يا أولي الألباب } أي: أقبلوا علي أصحاب الفهوم السليمة واعقلوا عني.

قال الواسطي: هم من الخصوص خصوص لم يجعل للعموم فيهم طريقا.

١٩٨

قوله تعالى: { واذكروه كما هداكم } الآية: ١٩٨

إلى ذكره وجعلكم من أهله { وإن كنتم من قبله لمن الضالين } عن ذكره.

١٩٩

قوله تعالى: { ثم أفيضوا نت حيث أفاض الناس } الآية: ١٩٩

قال ابن عطاء: إذا عمرتم بواطنكم بذكرى واستفرغتم الوسع فيه، فارجعوا إلى ما رجع إليه العام من القيام برسوم العبودية، واستغفروا اللّه عن اشتغالكم بغيره، إن اللّه غفور للمطيعين تقصيرهم في طاعته، رحيم بالعاصين أن يردهم برحمته إلى بابه.

قوله تعالى: { واعلموا أن اللّه يعلم ما في أنفسكم } الآية: ٢٣٥

أي: علم ما في أنفسكم قبل أن يخلقكم فاحذروه أي: فاحذروا أن يكون في أسراركم سواه فيعرض عنكم.

قوله تعالى: { علم اللّه أنكم كنتم تختانون أنفسكم }.

قال ابن عطاء: خيانة النفس الوقوف معها حيث ما وقفت.

قوله تعالى: { فاذكروا اللّه كذكركم آباءكم }.

قيل: معناه إنك تذكر إحسان أبيك إليك فتذكره بذلك أبدا، وإحساني إليك أقدم وأكثر فاذكرني كما تذكر أباك.

وقيل هو الذي أوجد أباك وألقى في قلبه رحمتك، فذكر ولي النعم الأول أولى.

وقال بعضهم: اذكرني بالنعماء يرى عليك مني روائد الآلاء فاذكروني بالخوف تجدني أمانا لك عند المخاوف، واذكرني بالعبودية الخالصة أقبلك على شرائط السلامة عاجلا وآجلا، واذكرني بي أوصلك إلي فإن من ذكرني لرغبة أو رهبة أعطيته مرغوبه وأمنته من مرهوبه، ومن ذكرني لي كنت له عوضا من الكل، ومن كنت له فالأكوان كلها في أسره.

قال الواسطي: ذكر عارضي ودعا عادتي كيف ترجى بركته أو نموه وزيادته.

قوله تعالى: { ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة }.

الإعراض عنها { وفي الآخرة حسنة } ترك الاشتغال بها { وقنا عذاب النار } وقنا نيران عذاب شهواتنا فإن من شغل عنك مشؤوم،

وقيل: العلم والعبادة،

وقيل: الرزق الحلال، وقيل: صحة الجسد.

قال الواسطي: في الدنيا حسنة الغيبة عن كل مصطلح من الحق وفي الآخرة حسنة الغيبة عن رؤية الأفعال والرجوع إلى الفضل والرحمة.

وقال ابن عطاء: القناعة في الرزق والرضا بالقضاء.

وقال جعفر: صحبة الصالحين.

وقال بعضهم: في الدنيا المعرفة وفي الآخرة الرؤية.

٢١٠

قوله تعالى: { هل ينظرون إلا أن يأتيهم اللّه في ظلل من الغمام } الآية: ٢١٠

قال جعفر: هل ينظرون إلا إقبال اللّه عليهم بالعصمة والتوفيق فيكشف عنهم أستار الغفلة، فيشهدون بره ولطفه بل ويشاهدون البار الرحيم اللطيف.

قوله تعالى: { وقضي الأمر }.

وكشف عن حقيقة الأمر ومغيبه.

٢١٢

قوله تعالى: { زين للذين كفروا الحياة الدنيا } الآية: ٢١٢

قال جعفر: زين للذين جحدوا التوكل بزينة الحياة الدنيا حتى جمعوها وافتخروا بها،

ويسخرون من الذين آمنوا، من الذين توكلوا على اللّه في جميع أمورهم، ونبذوا تدابيرهم وراء ظهورهم، وأعرضوا عنها وهم الفقراء الصبراء الراضون.

قوله تعالى: { قل فيهما إثم كبير }.

أي: في تناولهما، ومنافع للناس في تركهما.

٢١٩

انظر تفسير الآية: ٢٢٠

٢٢٠

قوله تعالى: { كذلك يبين اللّه لكم الآيات لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة } ٢٢٠ - الآية: ٢١٩

أنهما على فكر وخدعة، ألا ترى أن طاوسا وسالما قرءا: { إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون } فقال: لو علموا عمن شغلوا ما هناهم ما اشتغلوا به.

وقال بعضهم: وقد تغير قوم بالحضرة وهم لا يعلمون.

قوله تعالى: { وتزودوا فإن خير الزاد التقوى }.

هذا خطاب للخاص لأنه لا زاد للعارف سوى معروفه، ولا للمحبوب سوى حبيبه

وأنشد:

(وإذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا

* كفى لمطايانا بذكراك هاديا

وقيل: تزودوا فإن خير الزاد الثقة به.

قوله تعالى: { إن اللّه يحب التوابين }.

المقيمين على توبتهم والمتطهرين من جميع ما تابوا منه.

وقال بعضهم: يحب التوابين من تقصير طاعاتهم، ويحب المتطهرين من أحوالهم

وهم القائمون مع اللّه بلا علاقة ولا سبب.

وقال جعفر: يحب التوابين من سوء إرادتهم ويحب المتطهرين من إراداتهم.

وقال محمد بن علي: التوابين من توبتهم والمتطهرين من طهارتهم. وقال أبو يزيد رحمة اللّه عليه: التوبة من الذنب واحد ومن الطاعة ألف وقال القاسم: إن اللّه يحب التوابين إن دامت توبتهم، ويحب المتطهرين إن دامت طهارتهم ليكون العبد على وجل.

سمعت النصرآباذي يقول: إن اللّه أثنى عليكم وجعل لكم قيمة حين قال: { إن اللّه يحب التوابين }.

قوله تعالى: { وأنتم عاكفون في المساجد }.

قال الواسطي: الإعتكاف حبس النفس وزم الجوارح ومراعاة الوقت ثم أينما كنت فأنت معتكف.

وقال بعضهم: أهل الصفوة معتكفون بأسرارهم عند الحق لا يؤثر عليهم من حدثان الحوادث شيء لاستغراقهم في المشاهدة.

قوله تعالى: { من ذا الذي يقرض اللّه قرضا حسنا }.

قال: ملكك ثم اشترى منك ما ملكك ليثبت معك نسبه ثم استقرض منك ما اشتراه ثم وعدك عليه من العوض أضعافا، بين فيه أن نعمه وعطاياه بعيدتان أن تكونا مشوبتين بالعلل.

قوله تعالى: { إن اللّه يقبض ويبسط }.

قال ابن عطاء: يقبضك عنك ويبسطك به وله.

قال أبو الحسين النوري: في قوله: { يقبض ويبسط } قال: اللّه: يقبضك بإياه ويبسطك لإياه.

وقال الواسطي: يقبضك عما لك ويبسطك فيما له.

وقال بعض البغداديين في قوله: { يقبض ويبسط } قال: يقبض أي يوحى أهل صفوته من رؤية الكرامات، ويبسطهم بالنظر إلى الكريم.

٢٤٦

قوله عز وجل: { وما لنا ألا نقاتل في سبيل اللّه وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا }  الآية: ٢٤٦

قال فارس: لا يتجرد للحق من هو قائم مع الحق بسبب أو علاقة أو سكون أو

مسكن.

قوله تعالى: { إن اللّه مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني } الآية: ٢٤٩

قال أبو عثمان: معنى هذه الآية إن هذا مثل ضربه اللّه للدنيا وأهلها أن من اطمأن

إليها وأكثر منها فليس من اللّه في شيء، ومن أعرض عنها ومقتها فهو الذي هيأه اللّه

لقربه إلا من تناول منها بمقدار ما يقيم صلبه للطاعة.

٢٥٣

قوله تعالى: { تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض } الآية: ٢٥٣

قال أبو بكر الفارسي الصوفي: ما خلق اللّه عز وجل إلا متفاضلا ومتفاوتا أقدارهم حتى الرسل قال اللّه تعالى { تلك الرسل فضلنا بعضهم } ليعلم بذلك نقص الخلق وكماله جل وعلا.

قوله تعالى: { فشربوا منه إلا قليلا منهم }.

وهم الذين حفظهم من وساوس الشيطان لقوله: { إن عبادي ليس لك عليهم سلطان }.

٢٥٥

قوله عز وجل: { اللّه لا إله إلا هو الحي القيوم } الآية: ٢٥٥

سئل أبو منصور عن هذا فقال: لا إله إلا اللّه يقتضي شيئين: إزالة العلة عن الربوبية

وتنزيه الحق عن الدرك.

وقال بعضهم: يحتاج قائل لا إله إلا اللّه إلى أربع خصال: تصديق وتعظيم وجلاوة

وحرمة، فمن لم يكن له تصديق فهو منافق، ومن لم يكن له تعظيم فهو مبتدع، ومن

لم يكن له جلاوة فهو مراء، ومن لم تكن له حرمة فهو فاسق.

وقال بعضهم: يحتاج قائلها أن يترك الشكوى في وقت المحن، ويترك المعصية في

وقت النعمة، ويترك الغفلة عند الفكرة.

وقيل لأبي الحسين النوري: لم لا تقول: لا إله إلا اللّه فقال: بل أقول: اللّه ولا أبغي به ضدا.

وقال بعضهم: من قالها وفي قلبه رغبة أو رهبة أو طمع أو سؤال فهو مشرك في قوله.

وقيل في قوله: { الحي القيوم } اجعله مراقبا في قيوميته عليك وعلى جميع العالم.

وقيل: إنه قيوم بحفظ أذكاره على أسرار أهل صفوته، الحي القيوم الذي أحيا كل حي عن عدم، وهو الحي الذي لم يزل.

والقيوم: القائم على كل نفس بما كسبت، وقيل: القيوم القائم بكفاية عباده ليغنيهم به عن غيره.

قوله تعالى: { لا تأخذه سنة ولا نوم }.

قال بعض البغداديين: وأنى تأخذ السنة من كان ولا سنة وأوجد السنة قهرا لعباده

ونقصا ارتبط الأشياء بأضدادها وانفرد هو عن الأحوال لأنه محولها.

قوله تعالى: { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه }.

جذب به قلوب عباده إليه في العاجل والآجل.

وقال الواسطي: لو جعل إلى نفسه وسيلة غير نفسه كان معلولا، ومن تزين بإخلاصه ومحبته ورضاه توسل بصفاته إلى من لا وسيلة إليه إلا به، قال اللّه تعالى { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه }.

قوله تعالى: { ولا يحيطون بشيء من علمه }.

صار علمه عزا لا إحاطة بشيء منه إلا ما خص به رسول اللّه أو صديقا من علم لدني.

قوله تعالى: { وسع كرسيه السماوات والأرض }.

العرش والكرسي إظهارا للقدرة لا محلا للذات.

وقال أبو منصور في قوله { من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه } قال: وأي الشفيع إلى من لا يسعه غيره ولا يحجبه سواه.

قوله تعالى: { ولا يئوده حفظهما وهو العلي العظيم }.

وصف نفسه بالامتناع عن اعتراض القواطع والعلل.

٢٥٦

قوله تعالى: { فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن باللّه } الآية: ٢٥٦

قال: طاغوت كل امرىء نفسه.

وقيل الطاغوت كل ما سوى اللّه جل وعز، وفي الجملة إن كل من لم يتبرأ من الكل

لم يصح له الإيمان باللّه عز وجل.

قوله تعالى: { فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها }.

والعروة الوثقى: التوفيق في السبق، والسعادة في الختم.

وقيل العروة: لا إله إلا اللّه.

وقيل العروة الوثقى: محمد صلى اللّه عليه وسلم وقيل العروة الوثقى: السنة.

٢٥٧

قوله تعالى: { اللّه ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور } الآية: ٢٥٧

قال ابن عطاء: يغنيهم عن صفاتهم بصفته فيتدرج صفاتهم تحت صفاته كما اندرجت أكوانهم تحت كونه وحقوقهم عند ذكر حقه، فيصير قائما بالحق مع الحق للحق.

وقال الواسطي رحمه اللّه: يخرجهم من ظلمات نفوسهم إلى أنوار ما جرى لهم في السبق من الرضا والصدق والمحبة وغيرها.

وقال النوري: يخرجهم من ظلمات العلم إلى نور المشاهدة، لأن المعاين ليس في الخبر.

وقال الجنيد رحمه اللّه: يخرجهم من ظلمات أوصافهم إلى أنوار صفاته.

وقال أبو عثمان: يخرجهم من رؤية الأفعال إلى رؤية المنن والاتصال.

٢٥٩

قوله عز وجل: { أنى يحيي هذه اللّه بعد موتها } الآية: ٢٥٩

لم أرى إبراهيم إحياء الموتى في غيره وأرى عزير في نفسه؟ قيل: لأن الخليل تلطف

في السؤال فقال: أرني وأري في الغير وتعجب عزير في القدرة فأخرجه بلفظه أنى

يحيي فأري في نفسه ليسقط عنه التعجب في القدرة، ألا ترى أنه ختم قصته بالإيمان

{ أعلم أن اللّه على كل شيء قدير }، وختم قصة الخليل بلفظ العزة والحكمة فقال:

٢٦٠

{ واعلم أن اللّه عزيز حكيم } الآية: ٢٦٠ 

لأن الخليل سأل إظهار الحكمة ومشاهدة

العزة وعزير تعجب من القدرة فأجيب كل أحد من حيث سأل.

سئل ابن عطاء لم أرى إبراهيم إحياء الموتى في غيره؛ وأري عزير في نفسه فقال:

لأن الخليل تلطف في السؤال فقال: أرني، وتعجب عزير من القدرة فأري ذلك في

نفسه تأديبا.

قوله تعالى: { أرني كيف تحي الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي }  الآية: ٢٦٠

سمعت أبا القاسم النصرآباذي سئل عن هذه الآية فقال: حن الخليل إلى صنع خليله

ولم يتهمه.

وقال بعضهم: مرادي في هذا السؤال مخاطبتك واستجلاب معاتبتك لكي لا تقول

لي: أولم تؤمن وأنت أعلم بي مني فأحيا بعتابك كما يسعدني خلتك، وكان جواب

هذا السؤال إني كنت اشتقت إلى عياننا، فإنا جعلنا مشيئتنا في إحياء الموتى إليك فخذ

أربعة من الطير فصرهن إليك.

وقيل: إنه كان الطاوس والبط والغراب والديك والمعنى فيه أن الطاوس أشبه الطيور

بزينة الدنيا، والغراب أحرص الطيور والبط أطلبهم لرزقه، والديك أشدهم شهوة وكأنه

يقول: اقطع عنك زينة الدنيا والمفاخرة بها والحرص عليها وطلب الرزق فيها وإزالة

الشهوة منها؛ حتى تنال كمال حقيقة الإيمان، فإذا أسقطت عن نفسك هذه الخصال،

حليتك بصفتي في إحياء الموتى فتدعوهن فيجيبنك سعيا إليك، لأنك في ذلك الوقت

خال من صفاتك، وإنما دعوتهن بصفتنا التي حليناك.

وقيل أري الخليل من نفسه الشك، وما شك ليقابل بالجواب الشك ليزيده به قربة

وكذلك الخليل يحتال في محاورة خليله أبدا فلما قيل له: أولم تؤمن قال: بلى ولكن

اشتقت إلى خطابك فأنزلت نفسي منزلة الشك لأنال لذيذ خطابك، ولكن ليطمئن قلبي

فإن أكن محلا لعتابك فإنه قيل: ' ويبقى الود ما بقي العتاب '.

وقيل في قوله: ' أنى ' كيف تحيي الموتى قال: أنا أحيي الموتى بالربوبية، ولا يكون

في الربوبية كيف، وكيف تدرك بصفات العبودية صفات الربوبية!

وقال بعضهم: هذا سؤال على شرط الأدب كأنه يقول: أقدرني على إحياء الموتى،

يدل عليه قوله { أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي } والطمأنينة لا تكون ضد

الشك، فقوله ولكن ليطمئن قلبي عن هذه الشهوة والمنية.

وقال بعضهم: أراد أن يصير له علم اليقين وعين اليقين فقيل له: أولم تؤمن،

والإيمان غيبي في علم اليقين فقال: بلى ولكن أسألك مشاهدة الغيب.

وقيل أرني كيف تحيي الموتى، يعني: القلوب الميتة عنك بإحيائها بك، فقيل: أولم

تؤمن أي ألست الذي كنت تستدل علينا بالشمس والقمر وأفعالنا فأسقطنا عنك علة

الاستدلال، وكفا دليلك علينا: وقال سهل بن عبد اللّه: سأل كشف غطاء العيان.

ليزداد بنور اليقين يقينا وتمكنا في حاله ألا تراه كيف أجاب عن لفظ الشكر ببلى.

وقيل: إنه أجاب المشركين عن التوحيد بقوله { ربي الذي يحيي ويميت } أحب

أن يشاهد ذلك من صنع خليله؛ ليصح احتجاجه عيانا.

وقيل: ولكن ليطمئن قلبي أي أنك تجيبني إلى سؤالي.

قال بعضهم: إذا سكن العبد إلى ربه واطمأن إليه؛ أظهر اللّه عليه من الكرامات ما

أقلها إحياء الموتى، قال اللّه تعالى لإبراهيم: { خذ أربعة من الطير }.

٢٦٤

قوله تعالى: { لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } الآية: ٢٦٤

قال السري: من تزين بعمله كانت حسناته سيئات، فكيف من رأى له قيمة وطلب

عليه العوض؟

قوله تعالى: { وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن اللّه يعلمه } الآية: ٢٧٠

قال الواسطي: أشار به إلى قوم لا يضرهم ولا ينفعهم مال ولا بنون، فإن اللّه بعلمه

يعلم من يختم له بخير.

قوله تعالى: { يؤتي الحكمة من يشاء } الآية: ٢٦٩

قال بعضهم: الحكمة: العلم اللدني.

وقيل: الحكمة إشارة لا علة فيها.

وقيل: الحكمة إشهاد الحق على جميع الأحوال.

وقيل: الحكمة تجريد السر لورود الإلهام.

وقال أبو عثمان: الحكمة هي النور المفرق بين الإلهام والوسواس سمعت منصور بن

عبد اللّه يقول: سمعت الكتاني يقول: إن اللّه بعث الرسل بالنصح لأنفس خلقه

وأنزل الكتاب لتنبيه قلوبهم، وأنزل الحكمة لسكون أرواحهم، فالرسول داع إلى أمره،

والكتاب داع إلى أحكامه والحكمة مشيرة إلى فضله.

وقال القاسم: الحكمة أن يحكم عليك خاطر الحق ولا يحكم عليك شهودك.

وقيل يؤتي الحكمة من يشاء، الفهم في كتاب اللّه، ومن أوتي فهم كتاب اللّه أعطي

عطاء عظيما من قربه.

وقال أبو العباس بن عطاء: يؤتي الحكمة من يشاء إنها النبوة وذلك قوله: { وآتيناه الحكم والنبوة } قال الجنيد رحمة اللّه عليه: أحيا اللّه أقواما بالحكمة ومدحهم عليها

فقال: { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا } سمعت عبد اللّه المعلم يقول: سمعت

عبد اللّه بن المبارك يقول: الحكمة هي الحسنة.

قوله تعالى: { وما تنفقوا من خير فلأنفسكم } الآية: ٢٧٢

قيل: ما يبدو منكم من الطاعات والمجاهدات فلأنفسكم، لا يصل إلي من ذلك

شيء وهو قوله: { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم }.

وقيل أيضا في هذا المعنى: نعمي وعطائي لمن تستجلبه الحوادث والطاعات، لأن

نعمي وعطائي تفضل، والعلل وهن في التفضيل ابتدأت عبادي بالنقم، والمبتدىء بالنعم

لا يكون عن عوض ولا عن علة.

وقيل: ما يكون منكم فهو لكم، لأن الصمدية ممتنعة عن أن توصل إليه شيء

سواه.

قوله تعالى: { الشيطان يعدكم الفقر } الآية: ٢٦٨

أي الحرص واللّه يأمركم بالقناعة وقيل: الشيطان يعدكم الفقر أي: البخل والحرص.

واللّه يأمرك بالإنفاق والسخاء وهو الغني لأن اللّه يعدل عليه مغفرة وفضلا.

وقال محمد بن الفضل: الشيطان يعدكم في السخاء ويأمركم بالفحشاء وهو البخل،

واللّه يعدكم في السخاء مغفرة منه وفضلا.

وقال أبو عثمان: الشيطان يعدكم الفقر على ترك الدنيا والإعراض عنها، واللّه يعدكم

على ذلك مغفرة منه وفضلا.

وقال محمد بن علي عليهما السلام: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء وهي

عمارة داره، واللّه يعدكم مغفرة منه وهو جزاء عمارة المآب وفضلا وهو الاستغناء به عن

كل ما سواه.

قال أبو بكر الوراق في قوله: { الشيطان يعدكم الفقر } فقال: ينبغي للعبد أن

يعلنه بذكر منن اللّه عنده وأفضاله عليه.

قوله تعالى: { للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه } الآية: ٢٧٣

قال: هذه صفة الذين حبسوا أنفسهم على اللّه من غير تعريض ولا إظهار جزع إلا

إلى اللّه، فاتقوا السؤال إلا منه، فارتقت بهم أحوالهم إلى حالة يستغنون بعلم اللّه بهم

عن السؤال إياه وهو أحوال الرضا.

سمعت الحسن بن يحيى يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت الجنيد

رحمه اللّه يقول: وسئل عن الفقير الصادق متى يكون مستوجبا لدخول الجنة قبل

الأغنياء بخمس مائة عام؟ قال: إذا كان الفقير معاملا للّه بقلبه موافقا له في جميع

أحواله منعا وعطاء، يعد الفقر من اللّه نعمة عليه، يخاف على زواله كما يخاف الغني

على زوال غناه وكان صابرا محتسبا مسرورا باختيار اللّه له الفقر، صائنا لدينه كاتما لفقره

يظهر الإياس من الناس، مستغنيا بربه في فقره كما قال عز من قائل { للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه } الآية، قال: إذا كان الفقير بهذه الصفة دخل الجنة قبل

الأغنياء بخمسمائة عام، ويكفى في يوم القيامة مؤنة الموقف.

وقيل في قوله: { للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه } قال: الذين وقفوا مع اللّه

بهممهم، فلم يرجعوا منه إلى غيره.

قوله تعالى: { لا يستطيعون ضربا في الأرض }.

لا يتحركون لطلب الأرزاق.

وقال محمد بن الفضل في هذه الآية: تمنعهم علومهم عن رفع حوائجهم إلى

مولاهم.

قوله تعالى: { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف }.

قال ابن عطاء: يحسبهم الجاهل بحالهم أغنياء في الظاهر، وهم أشد الناس افتقارا

إلى اللّه في الظاهر واستغناء به في الباطن.

وقال أيضا: سموا جهالا لجهلهم بالفقر والغنا، ولتوهمهم أن الفقر قلة الشيء

والغناء كثرته، ولم يعلموا أن الفقر هو الفقر إلى اللّه والغناء هو الاستغناء به.

قوله تعالى: { تعرفهم بسيماهم }.

قال: بطيب قلوبهم وحسن حالهم وبشاشة وجوههم ونور أسرارهم وجولان

أرواحهم في ملكوت ربهم.

وقال النوري: تعرفهم بسيماهم، بفرحهم بفقرهم واستقامة أحوالهم عند موارد

البلاء عليهم.

وقال أبو عثمان: تعرفهم بإيثار ما يملكون مع الحاجة إليه.

وقال المرتعش: سيماهم: غيرتهم على فقرهم وملازمتهم إياه.

قوله تعالى: { لا يسألون الناس إلحافا }.

قال الجنيد رحمة اللّه عليه كلت ألسنتهم عن سؤال من يملك الملك، فكيف من لا

يملك!

قوله تعالى: { واتقوا يوما ترجعون فيه إلى اللّه } الآية: ٢٨١

قال الواسطي رحمة اللّه عليه: هذا ترهيب للعام فأما للخواص فقوله ' وأياي

فاتقون '.

قوله تعالى: { للّه ما في السماوات وما في الأرض }.

قال ابن عطاء: للّه الكونان هو مبدعهما من غير شيء، فمن اشتغل بهما استغل بلا

شيء عن كل شيء.

قال جعفر: للّه ما في السماوات وما في الأرض، من اشتغل بهما قطعاه عن اللّه،

ومن أقبل على اللّه وتركهما ملكهما اللّه إياه.

قوله تعالى: { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه } الآية: ٢٨٤

من الأفعال الظاهرة والأحوال الباطنة يحاسبكم به اللّه أي: يثيبكم عليه.

قال جعفر: ' وإن تبدوا ما في أنفسكم ' الإسلام أو تخفوه الإيمان.

قال الواسطي رحمة اللّه عليه: إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه من إرادة الكون أو

المكون يحاسبكم به اللّه أي بإرادتكم، فيغفر لمن يشاء لمن أراد الجنة ونعيمها، ويعذب

من يشاء من آثر الدنيا على الآخرة.

وقال علي بن سهل البوشنجي: إن تبدوا ما في أنفسكم من الأعمال، أو تخفوه

من الأحوال، يحاسبكم به اللّه العارف على أحواله والزاهد على أفعاله.

قوله عز وجل: { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن باللّه وملائكته }

 الآية: ٢٨٥

قال ابن عطاء: إن النبي صلى اللّه عليه وسلم: معدن سر الحق، فإذا أظهره للعام أوقعه على

شرائطه

قوله ' آمن الرسول بما أنزل إليه ' وإذا أخفاه أخبر عنه بقوله { فأوحى إلى عبده ما أوحى}

* وهو مستغرق أوقاته في انتظار ما يظهر عليه من الزيادات على روحه وسره

وفؤاده وقلبه وشخصه، ألا تراه كيف يغنيه عن صفاته بقوله: { إنك ميت } عن

صفاتك بحياتك بنا بإظهار صفاتنا عليك { وإنهم ميتون } عاجزون عن بلوغ درك

صفاتك، فإيمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إيمان مكاشفة ومشاهدة وإيمان المؤمنين

إيمان بالوسائط

والعلائق.

وقيل في قوله: { والمؤمنون كل آمن باللّه } حكما وتسمية ولا المؤمن موجود ولا الإيمان ظاهر.

﴿ ٠