٢٦٤قوله تعالى: { لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى } الآية: ٢٦٤ قال السري: من تزين بعمله كانت حسناته سيئات، فكيف من رأى له قيمة وطلب عليه العوض؟ قوله تعالى: { وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن اللّه يعلمه } الآية: ٢٧٠ قال الواسطي: أشار به إلى قوم لا يضرهم ولا ينفعهم مال ولا بنون، فإن اللّه بعلمه يعلم من يختم له بخير. قوله تعالى: { يؤتي الحكمة من يشاء } الآية: ٢٦٩ قال بعضهم: الحكمة: العلم اللدني. وقيل: الحكمة إشارة لا علة فيها. وقيل: الحكمة إشهاد الحق على جميع الأحوال. وقيل: الحكمة تجريد السر لورود الإلهام. وقال أبو عثمان: الحكمة هي النور المفرق بين الإلهام والوسواس سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت الكتاني يقول: إن اللّه بعث الرسل بالنصح لأنفس خلقه وأنزل الكتاب لتنبيه قلوبهم، وأنزل الحكمة لسكون أرواحهم، فالرسول داع إلى أمره، والكتاب داع إلى أحكامه والحكمة مشيرة إلى فضله. وقال القاسم: الحكمة أن يحكم عليك خاطر الحق ولا يحكم عليك شهودك. وقيل يؤتي الحكمة من يشاء، الفهم في كتاب اللّه، ومن أوتي فهم كتاب اللّه أعطي عطاء عظيما من قربه. وقال أبو العباس بن عطاء: يؤتي الحكمة من يشاء إنها النبوة وذلك قوله: { وآتيناه الحكم والنبوة } قال الجنيد رحمة اللّه عليه: أحيا اللّه أقواما بالحكمة ومدحهم عليها فقال: { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا } سمعت عبد اللّه المعلم يقول: سمعت عبد اللّه بن المبارك يقول: الحكمة هي الحسنة. قوله تعالى: { وما تنفقوا من خير فلأنفسكم } الآية: ٢٧٢ قيل: ما يبدو منكم من الطاعات والمجاهدات فلأنفسكم، لا يصل إلي من ذلك شيء وهو قوله: { إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم }. وقيل أيضا في هذا المعنى: نعمي وعطائي لمن تستجلبه الحوادث والطاعات، لأن نعمي وعطائي تفضل، والعلل وهن في التفضيل ابتدأت عبادي بالنقم، والمبتدىء بالنعم لا يكون عن عوض ولا عن علة. وقيل: ما يكون منكم فهو لكم، لأن الصمدية ممتنعة عن أن توصل إليه شيء سواه. قوله تعالى: { الشيطان يعدكم الفقر } الآية: ٢٦٨ أي الحرص واللّه يأمركم بالقناعة وقيل: الشيطان يعدكم الفقر أي: البخل والحرص. واللّه يأمرك بالإنفاق والسخاء وهو الغني لأن اللّه يعدل عليه مغفرة وفضلا. وقال محمد بن الفضل: الشيطان يعدكم في السخاء ويأمركم بالفحشاء وهو البخل، واللّه يعدكم في السخاء مغفرة منه وفضلا. وقال أبو عثمان: الشيطان يعدكم الفقر على ترك الدنيا والإعراض عنها، واللّه يعدكم على ذلك مغفرة منه وفضلا. وقال محمد بن علي عليهما السلام: الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء وهي عمارة داره، واللّه يعدكم مغفرة منه وهو جزاء عمارة المآب وفضلا وهو الاستغناء به عن كل ما سواه. قال أبو بكر الوراق في قوله: { الشيطان يعدكم الفقر } فقال: ينبغي للعبد أن يعلنه بذكر منن اللّه عنده وأفضاله عليه. قوله تعالى: { للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه } الآية: ٢٧٣ قال: هذه صفة الذين حبسوا أنفسهم على اللّه من غير تعريض ولا إظهار جزع إلا إلى اللّه، فاتقوا السؤال إلا منه، فارتقت بهم أحوالهم إلى حالة يستغنون بعلم اللّه بهم عن السؤال إياه وهو أحوال الرضا. سمعت الحسن بن يحيى يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت الجنيد رحمه اللّه يقول: وسئل عن الفقير الصادق متى يكون مستوجبا لدخول الجنة قبل الأغنياء بخمس مائة عام؟ قال: إذا كان الفقير معاملا للّه بقلبه موافقا له في جميع أحواله منعا وعطاء، يعد الفقر من اللّه نعمة عليه، يخاف على زواله كما يخاف الغني على زوال غناه وكان صابرا محتسبا مسرورا باختيار اللّه له الفقر، صائنا لدينه كاتما لفقره يظهر الإياس من الناس، مستغنيا بربه في فقره كما قال عز من قائل { للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه } الآية، قال: إذا كان الفقير بهذه الصفة دخل الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام، ويكفى في يوم القيامة مؤنة الموقف. وقيل في قوله: { للفقراء الذين أحصروا في سبيل اللّه } قال: الذين وقفوا مع اللّه بهممهم، فلم يرجعوا منه إلى غيره. قوله تعالى: { لا يستطيعون ضربا في الأرض }. لا يتحركون لطلب الأرزاق. وقال محمد بن الفضل في هذه الآية: تمنعهم علومهم عن رفع حوائجهم إلى مولاهم. قوله تعالى: { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف }. قال ابن عطاء: يحسبهم الجاهل بحالهم أغنياء في الظاهر، وهم أشد الناس افتقارا إلى اللّه في الظاهر واستغناء به في الباطن. وقال أيضا: سموا جهالا لجهلهم بالفقر والغنا، ولتوهمهم أن الفقر قلة الشيء والغناء كثرته، ولم يعلموا أن الفقر هو الفقر إلى اللّه والغناء هو الاستغناء به. قوله تعالى: { تعرفهم بسيماهم }. قال: بطيب قلوبهم وحسن حالهم وبشاشة وجوههم ونور أسرارهم وجولان أرواحهم في ملكوت ربهم. وقال النوري: تعرفهم بسيماهم، بفرحهم بفقرهم واستقامة أحوالهم عند موارد البلاء عليهم. وقال أبو عثمان: تعرفهم بإيثار ما يملكون مع الحاجة إليه. وقال المرتعش: سيماهم: غيرتهم على فقرهم وملازمتهم إياه. قوله تعالى: { لا يسألون الناس إلحافا }. قال الجنيد رحمة اللّه عليه كلت ألسنتهم عن سؤال من يملك الملك، فكيف من لا يملك! قوله تعالى: { واتقوا يوما ترجعون فيه إلى اللّه } الآية: ٢٨١ قال الواسطي رحمة اللّه عليه: هذا ترهيب للعام فأما للخواص فقوله ' وأياي فاتقون '. قوله تعالى: { للّه ما في السماوات وما في الأرض }. قال ابن عطاء: للّه الكونان هو مبدعهما من غير شيء، فمن اشتغل بهما استغل بلا شيء عن كل شيء. قال جعفر: للّه ما في السماوات وما في الأرض، من اشتغل بهما قطعاه عن اللّه، ومن أقبل على اللّه وتركهما ملكهما اللّه إياه. قوله تعالى: { وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه } الآية: ٢٨٤ من الأفعال الظاهرة والأحوال الباطنة يحاسبكم به اللّه أي: يثيبكم عليه. قال جعفر: ' وإن تبدوا ما في أنفسكم ' الإسلام أو تخفوه الإيمان. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه من إرادة الكون أو المكون يحاسبكم به اللّه أي بإرادتكم، فيغفر لمن يشاء لمن أراد الجنة ونعيمها، ويعذب من يشاء من آثر الدنيا على الآخرة. وقال علي بن سهل البوشنجي: إن تبدوا ما في أنفسكم من الأعمال، أو تخفوه من الأحوال، يحاسبكم به اللّه العارف على أحواله والزاهد على أفعاله. قوله عز وجل: { آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن باللّه وملائكته } الآية: ٢٨٥ قال ابن عطاء: إن النبي صلى اللّه عليه وسلم: معدن سر الحق، فإذا أظهره للعام أوقعه على شرائطه قوله ' آمن الرسول بما أنزل إليه ' وإذا أخفاه أخبر عنه بقوله { فأوحى إلى عبده ما أوحى} * وهو مستغرق أوقاته في انتظار ما يظهر عليه من الزيادات على روحه وسره وفؤاده وقلبه وشخصه، ألا تراه كيف يغنيه عن صفاته بقوله: { إنك ميت } عن صفاتك بحياتك بنا بإظهار صفاتنا عليك { وإنهم ميتون } عاجزون عن بلوغ درك صفاتك، فإيمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إيمان مكاشفة ومشاهدة وإيمان المؤمنين إيمان بالوسائط والعلائق. وقيل في قوله: { والمؤمنون كل آمن باللّه } حكما وتسمية ولا المؤمن موجود ولا الإيمان ظاهر. |
﴿ ٢٦٤ ﴾