سورة النساءبسم اللّه الرحمن الرحيم وبه توفيقي ١{ يا أيها الناس اتقوا ربكم } الآية: ١ قال بعضهم: { يا أيها الناس } يا بني النسيان والجهل. قال الواسطي رحمه اللّه: يا بني الأعمار والأعمال والآمال، لا تذهبون فيما سبق ولا تغيبون عما أنتم فيه. وقال ابن عطاء رحمه اللّه: { يا أيها الناس } كونوا مع الناس الذين آنسوا باللّه واستوحشوا ممن سواه. وقال جعفر الصادق رحمه اللّه: { يا أيها الناس } كونوا من الناس الذين هم الناس، ولا تغفلوا عن اللّه فمن عرف أنه من الناس الذين خص خلقه ما خص به، كبرت همته عن طلب المنازل، وسمت به الرفعة حتى يكون الحق عز وجل نهايته كما قال تعالى: { وأن إلى ربك المنتهى } وسمو همته فيما خص به من الإختصاص من التعريف والإلهام. وقال بعضهم: { يا أيها الناس } خطاب العام، و ' يا عبادي ' خطاب الخاص، وخطاب خاص الخاص { يا أيها النبي }، و { يا أيها الرسول }. قوله تعالى: { اتقوا ربكم }. روى الليث عن مجاهد عن أبي سعيد الخدري رضي اللّه عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له: أوصني قال: ' اتق اللّه فإنه جماع كل خير '. وقال بعضهم: أصل التقوى أنه وصفك وقابلك بما يليق بك. قال سمعت النصر آباذي رحمه اللّه يقول: التقوى نيل الحق، قال اللّه عز وجل: { لن ينال اللّه لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم }. قال بعضهم: التقوى ترك المخالفات أجمع. وقال سهل رحمه اللّه: من أراد التقوى فليترك الذنوب كلها وكل شيء يقع فيه خلل فيدخل عليه التقوى شاء أم أبى. وقال أيضا: التقوى ترك النهى والفواحش. وقال بعضهم رحمه اللّه: التقوى الاقتداء بالنبي صلى اللّه عليه وسلم. وقال بعضهم: التقوى في الأمر ترك التسويف والتقوى في النهى ترك الفكرة والقيام عليه. والتقوى أداب مكارم الأخلاق، والتقوى في الترغيب أن لا يظهر ما في سرك، والتقوى في الترهيب أن لا يقف على الجهل. وقال بعضهم رحمه اللّه: التقوى من اللّه الاجتناب من كل شيء سوى اللّه. وقال الجريري رحمه اللّه: من لم يحكم فيما بينه وبين اللّه تعالى بالتقوى والمراقبة لا يصل إلى الكشف والمشاهدة. قال الواسطي رحمه اللّه: التقوى على أربعة أوجه: للعامة تقوى الشرك، وللخاص تقوى المعاصي، وللخاص من الأولياء تقوى التوسل بالأفعال، وللأنبياء تقواهم منه إليه. وقال أبو يزيد رحمه اللّه: كل التقوى من إذا قال للّه ولم يقل لغيره، وإذا نوى نوى للّه ولم يتب لغيره، هكذا في جمعي ما يبدو منه. قوله تعالى: { الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها } الآية. قيل: من أوجد النفس الأولى إلا القدرة الجارية والمشيئة النافذة. وقال عمرو بن عثمان: إن اللّه عز وجل خلق العالم فهيأه باتساقه نظما وذكرا من أطرافه وأكنافه وأوله وآخره وبدؤه ومنتهاه من أسفله إلى أعلاه، وجعله بحيث لا خلل فيه ولا تفاوت ولا فطور، أحكم بناءه باتصال التدبير وحبسه عن حد تقديره وإن اختلفت أجزاؤه في التفرقة والأجسام والهيئات والتخطيط والتصوير، وفرقه بتفرقة الأماكن وحققه بائتلاف المصالح، فهو مربوط بحدود تقديره وشائع بأفضال تدبيره وبث فيه الأجناس بينهما من شواهد الزينة، فأظهر القدرة بإيجاد آدم عليه السلام ثم بث أولاده في البسط إلى تصاريف التدبير لهم والمشيئة. قال اللّه تعالى: { هو الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها }. قال الواسطي رحمه اللّه في قوله تعالى: { خلقكم من نفس واحدة } قال: خلقهم بعلم سابق ودبرهم بالتركيب وألبسهم شواهد النعت، حتى عرفهم فكانت أنفاسهم مدخرة عنده، حتى أبداها، فما أبداها هو ما أخفاها، وما أخفاها هو ما أبداها. |
﴿ ١ ﴾