٣قوله عز وعلا: { اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي } الآية: ٣ قال أبو حفص: كمال الدين في شيئين: في معرفة اللّه واتباع سنة نبيه صلى اللّه عليه وسلم. قال جعفر بن محمد: اليوم إشارة إلى يوم بعث فيه محمدا صلى اللّه عليه وسلم ويوم رسالته. وقيل: اليوم: إشارة إلى الأزل، والإتمام: إشارة إلى الوقت، والرضا: إشارة إلى الأبد. وقيل: { أتممت عليكم نعمتي } بأن خصصتكم من بين عبادي بمشاهدة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يخاطب به أصحابه، وجعلتكم حجة لمن بعدكم من الأمة إلى يوم القيامة. وقيل: { أتممت عليكم نعمتي } بالمعرفة. وقال شقيق في هذه الآية: كمال الدين في الأمن والفراغ، إذا كنت آمنا بما تكفل اللّه لك صرت فارغا لعبادته. قوله تعالى: { ورضيت لكم الإسلام دينا }. قيل: شرائط الإسلام كثيرة: منها سلامة روحك من جنايات سرك، وسلامة سرك من جنايات صدرك، وسلامة صدرك من جنايات قلبك، وسلامة قلبك من جنايات نفسك، وسلامة الخلق من جنايات شخصك وهيكلك وجوارحك، لذلك قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ' المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده }. وقيل: كمال الدين التبري من الحول والقوة والرجوع في الكل إلى منزلة الكل. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: الإسلام خصلة مرضية ولكن لا يهتدي إليه الكل، والإسلام مرضي ولكن لا يلبسه الكل، والمرضي من أتى به ولكن على شرائط الاستقامة. وقال أبو يعقوب السوسي: الإسلام دار عليها أربعة أبواب وأربع قناطر ثم المراتب بعد ذلك، من لم يدخل الدار ولم يعبر القناطر لم يصل إلى المراتب. فأول باب منها أداء الفرائض ثم اجتناب المحارم ثم الأمن بالرزق ثم الصبر على المكروه، فإذا دخل الدار استقبلته القناطر، فأول قنطرة منها الرضاء بالقضاء. والثاني: التوكل على اللّه. والثالث: الشكر لنعماء اللّه. والرابع: إخلاص العمل للّه، فمن لم يعبر هذه القناطر لا يصل إلى المراتب. وقال بعضهم: نزلت هذه الآية يوم عرفة في حجة الوداع والنبي صلى اللّه عليه وسلم واقف وعندها كان كمال الدين حيث يرد الحج إلى يوم عرفه، فإنهم كانوا يحجون في كل سنة في شهر فلما رد اللّه عز وجل وقت الحج إلى ميقات فريضته، أنزل اللّه تعالى: { اليوم أكملت لكم دينكم }. |
﴿ ٣ ﴾