سورة الأعرافبسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى: { المص } الآية: ١ حكى محمد بن عيسى الهاشمي عن ابن عطاء أنه قال: لما أظهر اللّه صورة الأحرف جعل لها سرا، فلما خلق آدم بث فيه ذلك السر ولم يبثه في الملائكة، فجرت الأحرف على لسان آدم بفنون الجريان وفنون اللغات، فجعلنا اللّه صورة لها. وقال الحسين: الألف ألف المألوف واللام لام الآلاء، والميم ميم الملك، والصاد صاد الصدق. وقال: في القرآن علم كل شيء وعلم القرآن في الأحرف الست في أوائل السور، وعلم الحروف في لام الألف، وعلم لام الألف في الألف، وعلم الألف في النقطة، وعلم النقطة في المعرفة الأصلية، وعلم المعرفة الأصلية في الأقوال، وعلم الأول في المشيئة، وعلم المشيئة في غيب الهو، وغيب الهو ليس كمثله شيء. وقيل في قوله: { المص }. قال: أنا اللّه أفضل. وقال أبو محمد الجريري: إن لكل حرف ولفظ من الحروف مشربا وفهما غير الآخر، ومن شرح ذلك حين سمعه يقول: { المص } الألف عندهم للفهم في محضرهم استماع إلى حسن مخرج، وطعم عذب موجود ونظر إلى المتكلم وكذلك اللام حسن استماع من مخرج غير الألف، وطعم فهم موجود وكذلك الميم حسن استماع من مخرج غير اللام، وطعم فهو موجود، والصاد حسن الاستماع إلى حسن مخرج، وطعم فهم موجود غير الميم فممزوج ذلك كله بملاحظة متكلمه. وقال الحسين في قوله: { المص } الألف ألف الأزل واللام لام الأبد والميم بينهما والصاد اتصال من اتصل به وانفصال من انفصل عنه، وفي الحقيقة الاتصال والانفصال وهي ألفاظ تجري على حسن العبارات، ومعادن الحق مصونة عن الألفاظ والعبارات. ٢قوله تعالى: { كتاب أنزل إليك } الآية: ٢ قال وابن عطاء: عهد خصصت به من بين الأنبياء أنك خاتم الرسل، وعهدك ختم العهود للشرح به صدرا وتقر به عينا. قوله تعالى: { فلا يكن في صدرك حرج منه }. قال الجنيد رحمة اللّه عليه: لا يضيقن قلبك بحمله وثقله فإن حمل الصفات ثقيلة إلا على من يؤيد بقبول المشاهدة. وقال النوري: إن أنوار الحقائق إذا وردت على السر ضاق عن حملها كالشمس يمنع شعاعها عن إدراك نهايتها. وقال القرشي: لما قص اللّه في هذه السورة قصة الكليم، علم أن قلب النبي صلى اللّه عليه وسلم يتحرك لذلك فقال: { فلا يكن في صدرك حرج منه } لأنه كلم على الطور وكلمت وراء الستور ومنع المشاهدة ورزقتها. ٣قوله تعالى: { اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم } الآية: ٣ قال بعضهم: من يتبع غير ما أنزل إليه من ربه فهو بعيد من عين الحق، ومن له نصيب في الدارين لا يمكن أن يتبع ما أنزل إليه من ربه، والمتبعون هم أقل من القليل. ٦قوله تعالى: { فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين } الآية: ٦ قيل: لنسألن الذين أرسل إليهم عن قبول الرسالة والقيام بشروطها، ولنسألن المرسلين عن أداء الرسالة والأمانة فيها. قال أبو حفص في هذه الآية: لنسألن الذين أرسل إليهم عن حفظ حرمات الرسل، ولنسألن المرسلين عن الشفقة على الأمم. ٧قوله تعالى: { فلنقصن عليهم بعلم } الآية: ٧ قال ابن عطاء: في حال عدمهم ووجودهم. ٨قوله عز وعلا: { والوزن يومئذ الحق } الآية: ٨ قيل في هذه الآية: من وزن نفسه بميزان العدل كان من المخبتين. ومن وزن خطراته وأنفاسه بميزان الحق اكتفى بمشاهدته، والموازين مختلفة: ميزان للنفس والروح، وميزان القلب والعقل، وميزان المعرفة والسر. فميزان النفس والروح للأمر والنهي وكفتاه الكتاب والسنة، وميزان القلب والعقل الثواب والعقاب وكفتاه الوعد والوعيد، وميزان المعرفة والسر الرضا والسخط وكفتاه الهرب والطلب، وقد فسر في غير هذا الموضع. ١١قوله تعالى: { ولقد خلقناكم ثم صورناكم } الآية: ١١ قال بعضهم: أبدع اللّه الهياكل وأظهرها على أخلاق شتى وصور مختلفة، وجعل لكل شيء منها عيشا فعيش القلوب في الشهود، وعيش النفوس في الوجود، وعيش العبد معبوده، وعيش الخواص الإخلاص. وعيش الآخرة: العلم، وعيش الدنيا: الجهل والعمارة والاغترار بها. قوله تعالى: { ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس } الآية: ١١ قال أبو حفص: عرف الملائكة استغناءه عن عبادتهم فقال { اسجدوا لآدم } ولو كان سجودهم يزن عنده مثقال ذرة لما أمرهم بذلك ولصرف وجوههم إلى آدم، فإن سجود الملائكة وجميع خلقه لا يزيد في ملكه، لأنه عزيز قبل أن يخلقهم وعزيز بعد أن يفنيهم وعزيز حين يبعثهم وله العزة جميعا. وقال بعضهم: قوله لإبليس أمر تكليف وقوله { اخرج منها } أمر إهانة، ولولا ذلك لامتنع منها كما امتنع من السجود، وكان سجود الملائكة لآدم تحية له وطاعة لهم. ١٢قوله تعالى: { ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك } الآية: ١٢ قال الواسطي رحمة اللّه عليه: من استصحب كل نسك في الدنيا والآخرة، فالجهل وطنه والاعتراض عرضه، والبعد من اللّه سببه، لأن العبادات تقطع الدعيات، ورؤية النسك رؤية الأفعال والنفوس، ولا متوتب على اللّه أشد من طالع نفسه بعين الرضا. قوله تعالى: { أنا خير منه خلقتني من نار }. قال بعضهم: لما نظر إلى الجوهر والعبادة ظن أنه المسكين خير، وسبب فساد النفوس من رؤية الطاعات. وقيل: لما قال إبليس: ' أنا ' قيل له: إن عليك اللعنة، ما أبعده إلا رؤية نفسه. وقيل في قوله ' أنا خير منه ' توهم أن الجوهر من الكون على مثله وشكله في الخلقة، فضل من جهة الخلقة والجوهرية، ولم يعلم ولم يتيقن أن الفضل من المتفضل دون الجوهرية. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: من لبس قميص النسك خاصره ' أنا ' لذلك قال إبليس: ' أنا خير منه ' ولو لم يقل خير منه لأهلكه قوله في المقابلة ' أنا '. قال ابن عطاء في قوله: ' أنا خير منه ': حجب إبليس برؤية الفخر بنفسه عن التعظيم، ولو رأى تعظيم الحق لم يعظم غيره، لأن الحق إذا استولى على سر شيء قهره فلم يترك فيه فضلا لغيره. قوله عز وعلا: { وإن عليك اللعنة }، { وإن عليك لعنتي } الفرق بينهما إذا قال: لعنتي أي سخطي الذي لم يزل مني جاريا عليك، وإذا قال اللعنة بالتعريف والإشارة فهو ما ظهر للوقت عليه، ويزداد على الأيام إلى وقت سؤاله الإنظار. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: لا يأمنن أحد أن يفعل به كما فعل بإبليس، لقيه بأنوار عصمته وهو عنده في حقائق لعنته، فستر عليه ما سبق منه إليه حتى غافصه بإظهاره عليه بقوله { وإن عليك اللعنة }. وقال بعضهم: لعن إبليس بخمسة أشياء شقي بها: لم يقر بالذنب، ولم يندم عليه، ولم يلم نفسه، ولم ير التوبة على نفسه واجبة وقنط من رحمة اللّه. وسعد آدم بخمسة أشياء: أقر على نفسه بالذنب، وندم عليه، ولام نفسه، وأسرع في التوبة، ولم يقنط من رحمة اللّه. ١٦قوله تعالى: { فبما أغويتني } الآية: ١٦ قال محمد بن عيسى الهاشمي: لو نجا إبليس بشيء لنجا برؤية القدرة عليه والإقرار على نفسه رب بما أغويتني. ١٧قوله تعالى: { ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم } الآية: ١٧ سمعت أبا عثمان المغربي يقول: إن الشيطان يأتي على الناس عن أيمانهم بالطاعات، ومن بين أيديهم بالأماني والكرامات، ومن خلفهم بالبدع والضلالات، وعن شمائلهم بالشرك فإذا جرى لعبد سعادة قبل منهم ما يأمرونه من الطاعات، فإذا أرادوا أن يهلكوه بطاعته رد إلى السعادة التي جرت له فيكون ذلك ربحا وزيادة، ألا تراه يقول: { لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم } الآية. قال: ولا تجد أكثرهم شاكرين، فالأكثر من هلك بطاعته، والأقل من أدركته السعادة فنجا إذ ذاك وشكر. وقال بعضهم: { لآتينهم من بين أيديهم } من الدنيا ومن خلفهم للآخرة وعن أيمانهم الحسنات وعن شمائلهم السيئات. وقال الشبلي: لم يقل: من فوقهم ولا من تحتهم لأن الفوق موضع نظر الملك إلى قلوب العارفين، والتحت مواضع الساجدين وموضع نظره وموضع عبادتهم لا يكون للشيطان هناك موضع ولا فيه طريق. ٢٠قوله تعالى: { فوسوس لهما الشيطان } الآية: ٢٠ قال أبو سليمان الداراني: وسوس لهما الشيطان لإرادة الشر بهما، وكان ذلك سببا لعلو آدم وبلوغه إلى أعلى الرتب، وذلك أن آدم ما عمل عملا قط أتم له من الخطيئة التي هي أدبته وأقامته مقام الحقائق وأسقط عنه، فلعله خامر سره من سجود الملائكة له ورده إلى البركة الأولى من التخصيص في الخلقة باليد، حتى رجع إلى ربه بقوله { ظلمنا أنفسنا }. قال سهل: الوسوسة ذكر الطبع ثم النفس ثم الهم والتدبير. ٢١قوله تعالى وتقدس: { وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين } الآية: ٢١ قال أبو بكر الوراق: لا تقبل النصيحة إلا ممن يعتمد دينه وأمانته، ولا تكون له حظ في نصيحته إياك، فإن العدو أظهر لآدم النصيحة وأضمر الخيانة قال اللّه تعالى: { وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين }. قوله تعالى: { ولا تقربا هذه الشجرة }. قيل: أشار إلى جنس الشجرة، فظن آدم أن النهي عن المشار إليها، وإنما أراد اللّه جل وعز جنس الشجرة المشار إليها فتناول آدم غيرها، وإنما وقعت التوبة على ترك التحفظ لا على المخالفة. قال اللّه تعالى: { فنسي ولم نجد له عزما }. قال الخراز: واللّه ما هنىء آدم الجنة ولا سكناها، إذ جعل في جواره الأمر والنهي، ولو نظر آدم في نفس المكرمة إلى خفاء الأمر والنهي في ذلك المحل، ما هنأه نعيم دار السلام ولا استغف عن تلك الشجرة التي ابتلاه اللّه بالنهي خوفا، ولكنه أغفله لتقع به الهفوة التي من أجلها رأى الزلة وقامت بها الحجة، وأخرجه من جواره معنفا وسماه عاصيا. ٢٢قوله تعالى: { وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة } الآية: ٢٢ قال القرشي: قيل لآدم ادخل الجنة ولا تأكل من هذه الشجرة، فلما أكلا ناداهما ربهما والقول على معنى القرب، والنداء على حد البعد. قوله تعالى: { فدلاهما بغرور }. قيل: غرهما باللّه ولولا ذلك ما اغتر. وسئل بعضهم: ما الفرق بين آدم وبين إبليس وقد ترك كل واحد منهما الأمر. فقال: آدم طالع الخطيئة فأذهلته الخطيئة عن الأمر فارتكب النهي، وظن إبليس أن للعبادات العظيمة عنده خطرا وأنه لا يقصد بالتعبد غيره، فنظر إلى الجنسين فقال: أنا خير منه فهلك، وإذا نظرت إلى شأنهما وجدتهما جريا تحت التلبيس، لكن أحدهما سومح والآخر لم يسامح. قوله تعالى: { فبدت لهما سوءاتهما }. قال: سوء الأدب في القرب ليس كسوء الأدب في البعد - وأيضا - لأن التوبة من الكفر تغفر لصاحبه لا محالة، والتوبة من الخطيئة لا تحكم بالقبول. وقيل: يطالب الأنبياء بمثاقيل الذر، ولا تطالب العامة بذلك لبعدهم عن مصادر السر. وقال بعضهم: { بدت لهما سوآتهما } قال: بدت لهما ولم يبد ذلك لغيرهما فهتك عنهما ستر العصمة. ٢٣قوله جل ذكره: { قالا ربنا ظلمنا أنفسنا } الآية: ٢٣ قال الحسين: الظلم هو الاشتغال بغيره عنه. وقال ابن عطاء: ظلمنا أنفسنا باشتغالنا بالجنة وطلبها عنك. قال الشبلي: ذنوب الأنبياء تؤديهم إلى الكرامة والرتب، كما كان ذنب آدم أداه إلى الاجتباء والاصطفاء، وذنوب الأولياء تؤديهم إلى الكفارة، وذنوب العامة تؤديهم إلى الإهانة. قال الواسطي رحمة اللّه عليه في قوله: { ربنا ظلمنا أنفسنا } قال: لم يكن له في حال ظنيته خواطر غير الحق، فلما أحضره في حضوره غاب عن حضوره، فقال: ' ربنا ظلمنا } هلا غيبه ما ورد عليه من ربه عن غيره، وهلا قطعه باتصاله في اتصاله عن اتصاله، وهلا غيبه ما عاينه في نفسه بنفسه عن نفسه. ٢٥قوله عز اسمه: { فيها تحيون وفيها تموتون ومنها تخرجون } الآية: ٢٥ قال بعضهم: فيها تحيون بالمعرفة، وفيها تموتون بالجهل، ومنها تخرجون بما أنتم فيه من التقدير والتدبير إلى سوابق القدر عليكم وجري الأحكام فيكم. ٢٦قوله تعالى: { يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم } الآية: ٢٦ قال النصرآباذي: اللباس كله ملك الحق، ولباس التقوى لباس الحق، قال اللّه تعالى: { ولباس التقوى ذلك خير }. واللباس الذي يواري السوأة لباس الكرامة. ولباس التقوى لباس الإيمان وهو أشرف. وقال بعضهم: لباس الهداية للعام ولباس التقوى للخاص ولباس الهيبة للعارفين ولباس الزينة لأهل الدنيا ولباس اللقاء والمشاهدة للأولياء ولباس الحضرة للأنبياء. ٢٧قوله تعالى: { كما أخرج أبويكم من الجنة } الآية: ٢٧ سئل بعضهم ما الذي قطع الخلق عن الحق بعد إذ عرفوه؟ فقال: الذي أخرج أباهم من الجنة اتباع النفس والهوى والشيطان. سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت ابن عطاء يقول: خروج آدم من الجنة وكثرة بكائه وافتقاره وخروج الأنبياء من صلبه، كان خيرا له من الجنة والتلذذ والتنعم فيها. قوله تعالى: { ينزع عنهما لباسهما }. قيل: هو أنوار كرامات القرب ولمعان العز. قال أبو سعيد الخراز: هو النور الذي شملهما في القرب. قال بعضهم: نزع عنهما اللباس الذي كان يسترهما من وساوس الشيطان. سمعت النصرآباذي يقول: أحسن اللبس ما ألبس الصفي في الحضرة، فلما بدت منه المخالفة نزع منه لذلك. قال بعض السلف: من تهاون بستر اللّه عليه أنطقه اللّه بعيوب نفسه. قوله تعالى: { إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم }. قال بعضهم: سلط عليك الشيطان يراك من حيث لا تراه، فلا اعتصام لك منه إلا بالتبري من حولك وقوتك والرجوع إلى اللّه والاستعانة به. قوله عز وعلا: { إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون }. قال ابن عطاء: إنا جعلنا الشياطين وأنهم اتخذوا الشياطين، فالحقيقة منها ما أضاف إلى نفسه، والمعارف ما أضاف إليهم كذلك خطابه في جميع القرآن. ٢٩قوله عز وعلا { قل أمر ربي بالقسط } الآية: ٢٩ قال الجنيد رحمة اللّه عليه في هذه الآية: أمر بحفظ السر وعلو الهمة وأن يرضى باللّه عوضا عما سواه. قال أبو عثمان: القسط الصدق. قوله عز وعلا: { وادعوه مخلصين له الدين }. قال رويم: إخلاص الدعاء أن ترفع رؤيتك عن أفعالك. قال ابن عطاء: إخلاص الدعاء ما خلص من الآفات. وقال حارث المحاسبي: إخلاص الدعاء إخراج الخلق من معاملة اللّه. قال أبو عثمان: الإخلاص نسيان رؤية الخلق لدوام النظر إلى الخالق. قال بعضهم: الإخلاص دوام المراقبة ونسيان الحظوظ كلها. قوله تعالى: { كما بدأكم تعودون }. قال: أبدأ خلقة إبليس على الكفر والخلاف ثم استعمله بأعمال المطيعين بين الملائكة والمقربين، ثم رده إلى ما ابتدأه عليه من الخلاف. والسحرة ابتدأ خلقهم على الهدى والموافقة واستعملهم بأعمال المخالفين وأهل الضلالة ثم ردهم إلى ما ابتدأهم عليه من الإنفاق، لذلك قال اللّه تعالى: { كما بدأكم تعودون }. قال الحسين: في قوله: { كما بدأكم تعودون } لا تغيير لما أجرى عليه من الاعمال، لأن الأعمال قد توافق الخلقة أو تخالف. ٣١قوله تعالى: { يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد } الآية: ٣١ قال الواسطي رحمة اللّه عليه: قوله { يا بني آدم } تعيير كأنه يقول: يا بني التقصير والعيب، يرد ذلك عليهم حتى لا ينظروا إلى نفوسهم ولا يلتفتوا إليها. قال جعفر: ابعد أعضائك عن أن تمس بها شيئا بعد أن جعلها اللّه آلة تؤدي بها فرائض اللّه. قوله تعالى: { قل من حرم زينة اللّه التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق } الآية: ٣٢ قال بعضهم: الزينة التي أخرج اللّه لعباده هي المباحات في البوادي والكسب الحلال في الحضر، والطيبات من الرزق هي الغنائم. قال أبو عثمان الدمشقي: من حرم التزين بما يبدو على الأولياء من المعونات والكرامات التي أخرجها اللّه لعباده المخلصين، والطيبات من الرزق هي كسر الفقراء الذين يأخذونها من ضرورة وفاقة. ٣٣قوله تعالى: { إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن } الآية: ٣٣ قال أبو عثمان في كتبه إلى إخوانه: واعلم يا أخي أن الفواحش ما أريد من الطاعات لغير وجه اللّه. قال بعضهم في هذه الآية: ما ظهر من الفواحش هو الكذب والغيبة والبهتان، وما بطن الغل والغش والحقد والحسد. وقال بعضهم: ' ما ظهر منها وما بطن ' ما ظهر منها بتركه وما بطن محبته. قوله تعالى: { وأن تقولوا على اللّه ما لا تعلمون }. قال سهل من تكلم عن اللّه بغير إذن وعلى غير سبيل الخدمة وحفظ الأدب، فقد هتك ستره وعلا طوره، وقد حذر اللّه عز وجل أن يقول أحد عليه ما لا يعلم فقال: { وأن تقولوا على اللّه ما لا تعلمون }. ٣٦قوله تعالى: { فمن اتقى وأصلح } الآية: ٣٦ قال بعضهم: من اتقى في ظاهره عن تناول الشبهات، وأصلح باطنه بدوام مراقبة اللّه عز وجل فلا خوف عليهم في الدنيا، ولا حزن عليهم في الآخرة. ٤٣قوله تعالى: { ونزعنا ما في صدورهم من غل } الآية: ٤٣ قيل: هو التحاسد والتباغض والتدابر الذي نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عنه. قال سهل: هو الأهواء والبدع. قال بعضهم: من تخطى بساط القرب سقط عنه رعونات النفس وحظوظ الشيطان. قال اللّه: { ونزعنا ما في صدورهم من غل }. قيل فيه: دلنا على توحيده وجعلنا في سابق علمه على خواص عباده، واختار لنا أعز الأديان. ولو وكلنا إلى اختيارنا لضللنا في أول لحظة. قال بعضهم في هذه الآية: رؤية الهيبة توقع قبضا في الأحوال وربما تورث بسطا، والعبد متردد فيما بينهما من قبض وبسط، وحال البسط أورث قوله: { الحمد للّه الذي هدانا لهذا }. ٤٦قوله تعالى: { وعلى الأعراف رجال } الآية: ٤٦ سمعت أبا الحسن الفارسي يقول: سمعت عباس بن عصام يقول: سمعت سهلا يقول: أهل المعرفة هم أصحاب الأعراف قال اللّه { يعرفون كلا بسيماهم } أقامهم ليشرفهم على الدارين وأهلهما ويعرفهم الملكين، كما أشرفهم على أسرار العباد في الدنيا والآخرة وأحوالهم. قال فارس: وأصحاب الأعراف هم الذين عرفهم اللّه مقام من استقطعتم عن الحق الحظوظ والمخالفات فأهل النار قطعهم عن الحق المخالفين وأهل الجنة قطعهم عنه الحظوظ، وبقى أصحاب الأعراف يعرفون كلا بسيماهم، ولا وسم لهم ولا سيما سوى الحق. ٥٠قوله تعالى: { أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم اللّه } الآية: ٥٠ قال بعضهم: ماء الرحمة، أو مما رزقكم اللّه من القربة. قال بعضهم: أفيضوا علينا من ماء الحياة ليحيى به، أو مما رزقكم اللّه من النعمة لتنعم به. ٥٢قوله عز وعلا: { ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون } الآية: ٥٢ قال بعضهم: أنزل اللّه عليك كتابا فيه هدى من الضلالة ورحمة من العذاب، وفرق بين الولي والعدو، ولا يعلم معانيه إلا المؤمنون بمتشابهه والعاملون بأحكامه والتالون آناء الليل وآناء النهار، له فيه الفلاح لمن طلب الفلاح، والنجاة لمن رام، لا يهلك عليه إلا هالك ولا ينجو به إلا ناج، قال اللّه تعالى { ولقد جئناهم بكتاب فصلناه } الآية. ٥٤قوله تعالى: { ألا له الخلق والأمر } الآية: ٥٤ قال الواسطي رحمة اللّه عليه: إذا كان له فمنه وبه وإليه، لأن الأمر صفة الآمر. قال بعضهم: للّه الخلق وهو الذي أنشأهم. وله وفيهم الأمر لأنه ربهم تبارك اللّه رب العالمين، جل اللّه تعالى حيث كفاهم للاشتغال ليكون شغلهم به، فاشتغلوا بما هو كاف لهم عما لا بد لهم منه. ٥٥قوله عز وعلا { ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين } الآية: ٥٥ قال أبو عثمان: التضرع في الدعاء أن لا تقدم إليه أفعالك وصلاتك وصيامك وقرآنك ثم تدعو على أثره، إنما التضرع أن تقدم إليه افتقارك وعجزك وضرورتك وفاقتك وقلة حيلتك، ثم تدعو بلا غفلة ولا سبب فترفع دعاءك، ألا ترى ما ذكر عن أبي يزيد رحمة اللّه عليه أنه قال: قيل لي خزائننا مملوءة من الطاعات فإن أردتها فعليك بالذلة والافتقار، وكما قال أبو حفص حين قيل له بما تقدم على ربك؟ قال: وما للفقير أن يقدم به على الغني سوى فقره. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: { تضرعا وخفية } قال: تضرعا بذل العبودية وخلع الاستطالة، و ' خفية ' أي أخفى ذكرى صيانة عن غيري، ألا تراه يقول: خير الذكر الخفي. ٥٦قوله تعالى: { وادعوه خوفا وطمعا } الآية: ٥٦ قيل: خوفا من عقابه وطمعا في ثوابه. وقيل: خوفا من بعده وطمعا في قربه. وقيل: خوفا من إعراضه وطمعا في إقباله. وقيل: خوفا منه وطمعا فيه. قوله تعالى: { إن رحمت اللّه قريب من المحسنين }. قال بعضهم: المحسن هو الذي صحح عقد توحيده وأحسن سياسة نفسه وأقبل على أداء فرائضه وكفى المسلمين شره. ٥٧قوله تعالى: { وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته } الآية: ٥٧ قال بعضهم: كل ريح تنشر نوعا من الرحمة فريح التوبة تنشر على القلب رحمة المحبة، وريح الخوف تنشر رحمة الهيبة، وريح الرجاء تنشر رحمة الأنس، وريح القرب تنشر رحمة الشوق، وريح الشوق تنشر نيران القلق، والوله قال اللّه تعالى: { وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته }. ٥٨قوله تعالى: { والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا } الآية: ٥٨ قال أبو عثمان: البلد الطيب مثل قلب المؤمن النقي، يخرج نباته بإذن ربه، تظهر على الجوارح أنوار الطاعات والزينة بالإخلاص، والذي خبث قلب الكافر لا يظهر منه إلا النكد والشؤم والظلم على الجوارح من إظهار المخالفات. وقال الواسطي رحمة اللّه عليه: البلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه أي بتوليه، والذي خبث لا يخرج إلا نكدا، حجب عن التجلي واللحظات { كذلك نصرف الآيات } كذلك الشمس تحرق طوائف من النبات وتفنيها، وتغذي طوائف من النبات فتطيبها وتنميها، وذلك على قدر جوهرها، كما أن بإرادة واحدة ظهرت المخالفات والموافقات. وقال بعضهم في قوله: { والبلد الطيب يخرج } قال: طيبها يرخص أسعارها. وقال بعضهم: بكثرة علمائها. وقال بعضم: بظهور الطاعات فيها. وقال بعضهم: طيبها بدوام الأمن وعدل السلطان. وقال الجوزجاني: البلد الطيب هو القلب يخرج نباته بإذن ربه، بظهور أنواع الطاعات على الجوارح، والذي خبث من القلوب لا يظهر على الجوارح إلا بالمخالفات، ٦٢قوله تعالى: { وأنصح لكم وأعلم من اللّه ما لا تعلمون } الآية: ٦٢ قال بعضهم: { أنصح لكم }: أدلكم على طريق رشدكم، { وأعلم من اللّه ما لا تعلمون} * من سعة رحمته وقبول التوبة لمن رجع إليه بالإخلاص وقال شاه الكرماني: علامة النصح ثلاثة: اغتمام القلب بمصائب المسلمين، وبذل النصح لهم. وإرشادهم إلى مصالحهم وإن جهلوها وكرهوها. ٦٤قوله تعالى: { إنهم كانوا قوما عمين } الآية: ٦٤ قال ابن عطاء: ضالين عن طريق الحق. وقال بعضهم: عميت أبصارهم عن النظر إلى الكون برؤية الاعتبار، ونظرهم نظر مراد وشهوة. وقال بعضهم: متثاقلين في القيام إلى الطاعات. قوله تعالى: { وأنا لكم ناصح أمين }. قال أبو حفص: الناصح الأمين الذي لا يكون في نصيحته حظ لنفسه ولا طلب جاه، وإنما يكون مراده منه قبول النصيحة والنجاة بها. قال سهل: من لم ينصح اللّه في نفسه ولم ينصحه في خلقه هلك، ونصيحة الخلق أشد من نصيحة النفس، وأدنى نصيحة النفس الشكر وهو أن لا يعصى اللّه بنعمته. وقال أيضا: النصيحة أن لا يدخل في شيء لا يملك صلاحه. ٦٩قوله تعالى: { فاذكروا آلاء اللّه لعلكم تفلحون } الآية: ٦٩ والأكابر تحبه على الإثبات والربوبية ولكل علامة، فعلامة الأولى: دوام الذكر له والفرح به، والثانية: الاستئناس به لرؤية ما أنفذه منه، والثالثة: الاشتغال به عن كل ما يقطع عنه. ٨٢قوله تعالى: { أخرجوهم من قريتكم } الآية: ٨٢ قال القرشي: عيروهم بغسل الجنابة والاستنجاء. قال بعضهم: { إنهم أناس يتطهرون } أي: يخالفون ما أنتم عليه من أديانكم وملككم. ٩٤قوله تعالى: { وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء } الآية: ٩٤ قال بعضهم: دعاك إلى بابه بالشفقة، فلما لم تجبه ولم ترجع إليه صب عليك أنواع البلاء لترجع إليه كرها، إذا أبيت الرجوع إليه طوعا، قال اللّه عز وعلا: { وما أرسلنا في قرية من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء } الآية. ٩٦قوله تعالى: { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون } الآية: ٩٦ قيل معناه: لو أنهم صدقوا وعدي واتقوا مخالفتي، لنورت قلوبهم بمشاهدي وهو بركة السماء، وزينت جوارحهم بخدمتي وهو بركة الأرض. ٩٧قوله تعالى { أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا } الآية: ٩٧ روى أن ابنة مالك بن دينار قالت لأبيها: إن الناس ينامون ما لك لا تنام، قال إن أباك يخاف البيات. قال النصرآباذي رحمة اللّه عليه: كيف يأمن الجاني من المكر، وأي جناية أكبر من جناية من يشاهد شيئا من أفعاله، هل هو إلا متوثب على الرؤية ومنازع للوحدانية. ٩٩قوله تعالى: { أفأمنوا مكر اللّه } الآية: ٩٩ قال الحسين: لا يأمن المكر إلا من هو غريق في المكر فلا يرى المكر به مكرا؛ وأما أهل اليقظة فإنهم يخافون المكر في جميع الأحوال، إذ السوابق جارية والعواقب خفية. وقال: من لا يرى المكر تلبيسا كان المكر منه قريبا. سمعت محمد بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا الخير الديلمي يقول: كنت يوما عند الجنيد رحمة اللّه عليه فارتعدت فرائصه وتغير لونه وبكى وقال: ما أخوفني أن يأخذني اللّه فقال له بعض أصحابنا: تتكلم في درجات الراضين وأحوال المشتاقين فقال له: إياك يا أخي ان تأمن مكر اللّه، فلا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون. وقيل: لا تعتمد فضله وتنسى مكره، فقد قال: { فلا يأمن مكر اللّه إلا القوم الخاسرون }. ١٠٢قوله تعالى: { وما وجدنا لأكثرهم من عهد } الآية: ١٠٢ قال الجنيد رحمة اللّه عليه: أحسن العباد حالا من وقف مع اللّه على حفظ الحدود والوفاء بالعهود. قال اللّه تعالى: { وما وجدنا لأكثرهم من عهد }. ١٠٥قوله تعالى: { حقيق على أن لا أقول على اللّه إلا الحق } الآية: ١٠٥ قال ابن عطاء: من تحقق بالحق فإنه لا يقول على الحق إلا ما يليق بالحق. قال الخراز: سبيل الواصلين إلى اللّه أن لا يتكلموا إلا عن الحق، ولا يسمعوا إلا من الحق ولا ينطقوا إلا بحق، فإن حقائق الحق إذا استولت على أسرار المحقين أسقطت عنهم ما سوى الحق، ولا يبلغ أحد من هذه الدرجات شيئا حتى يستوفى الحق أوقاته عليه ومنه، فحينئذ يبقى ولا وقت له ولا حال، فحينئذ اللّه أعلم. ١١٤قوله تعالى: { إنكم لمن المقربين } الآية: ١١٤ قال بعضهم: دعا فرعون السحرة إلى القرب منه، وجرى لهم في الأزل إلى منازل القرب من الحق قال فرعون: ' إنكم لمن المقربين '. فقربوا إلى منازل الأبرار وبعدوا من قرب الأشقياء. قوله عز وعلا { فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون } الآية: ١١٨ قال السوسي: أظهر الحق لطيفة من صنعه في خشبة عجز السحرة عنها وجعلها سببا لنجاتهم فقال: { فوقع الحق } أي بإظهار القدرة في جهاد { وبطل ما كانوا يعملون } من الأباطيل. ١٢٠قوله تعالى: { فألقي السحرة ساجدين } الآية: ١٢٠ قال الواسطي: أدركتهم سابقة ما جرى لهم في الأزل من السعادة، فأظهر منهم السجود. ١٢١وقال جعفر: وجدوا نسيم رياح العناية القديمة بهم، فالتجؤوا إلى السجود شكرا و { قالوا آمنا برب العالمين } الآية: ١٢١ ١٢٤قوله عز اسمه: { لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف } الآية: ١٢٤ قال سمنون: يحمل الهياكل من البلايا على المشاهدة ما لا تحمله في حال الغيبة، ألا ترى كيف لم يبال سحرة فرعون بما هددهم من قوله: { لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف }. ١٢٨قوله تعالى: { قال موسى لقومه استعينوا باللّه واصبروا } الآية: ١٢٨ قال أبو عثمان: من استعان باللّه في أموره وصبر على ما لا يلحقه في مسالك الاستعانة؛ أتى الفرج من اللّه، قال اللّه تعالى: { استعينوا باللّه واصبروا }. قال سهل: أمروا أن يستعينوا باللّه على أمر اللّه، وأن يصبروا على آداب اللّه. وقال بعضهم: قال موسى لقومه استعينوا باللّه على مصائبكم واصبروا إن الأرض للّه يورثها من يشاء من عباده. فقيل له: ما لك ولدار تعز الظالمين فعن قريب تراها خالية من الفاسقين. ١٢٩قوله تعالى: { عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض } الآية: ١٢٩ قال بعضهم في هذه الآية: أعدى عدو لك نفسك، عسى أن يمكنك اللّه من قيادها ويفني عنها أهواءها ومراداتها الباطلة، ويجعلك خليفة على جوارحك وقلبك أميرا عليها فتقهر النفس بما فيها وتستولي عليها وعلى مخالفتها، فينظر كيف تعملون: كيف معرفتك بشكر ما أنعم عليك. ١٣٠قوله عز وعلا { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين } الآية: ١٣٠ قال: ذكرناهم النعم وأخذناهم بالمحن لعلهم يرجعون إلينا، فأبوا إلا طغيانا وتماديا. رأيت في كتاب عبد اللّه الرازي بخطه، سمعت محمد بن الفضل يقول: أذل رياضة يروض الإنسان بها نفسه الجوع، لأن اللّه تعالى أخذ الأعداء بذلك فقال: { ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين } وأعز رياضة يروض بها الإنسان نفسه التقوى، لأن اللّه يقول { فإياي فاتقون }. ١٣٤قوله تعالى: { ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن كشفت } الآية: ١٣٤ قال القاسم: من لم يراع أسرار الأولياء في الأوقات، لا ينفعه اللجأ إليهم في أوقات البلاء، ألا ترى كيف لم يؤثر على أصحاب فرعون اللجأ إلى موسى في اعتقاد المخالفة، قال اللّه: { فانتقمنا منهم }. ١٣٧قوله تعالى: { وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا } الآية: ١٣٧ قال الجنيد رحمة اللّه عليه في كتاب ' مراتب أهل الصبر ' في قوله: { وتمت كلمة ربك} * قال: طلبوا تمام الكلمة بوجود النعمة والمواظبة على الصبر واستشعروا التشبت بحبائل الوفاء عند من أبلاهم، لتتم عليهم كلمة ربك الحسنى بجميل الثناء على الصبر التي ضمن لهم إتمامها بالوفاء. قال أبو سعيد: طلبوا إتمام النعمة بالمواظبة على الصبر، واستشعروا وعده الذي وعد لهم إتمامه عند القيام بما لزمهم من شرائط الصبر. ١٤٠قوله تعالى: { قال أغير اللّه أبغيكم إلها } الآية: ١٤٠ قال بعضهم: من لم يرض بمجاري المقدور عليه ولم يستقبل نعمة اللّه بالشكر وبلاءه بالصبر فقد كفر بنعم اللّه عنده. قال أبو عثمان: أتطلب ربا غيره وهو فضلك على ما سواك من جميع ذوات الأرواح والجماد فتذل وتخضع لغيره، وهو فضلك عليه، ذل لمن لا يذل من يذل له، تستوي معه وتنل به الأوفر من العز. ١٤٢قوله عز اسمه { وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر } الآية: ١٤٢ قيل لأبي بكر بن طاهر: ما بال موسى لم يجع أربعين يوما حين أراد أن يكلم ربه، وجاع في نصف يوم حين أراد أن يلقى الخضر فقال: { آتنا غداءنا } الآية قال: لأنه في الأول أنساه هيبة الوقوف الذي ينتظره الشراب والطعام، والثاني كان سفر التأديب فزاد البلاء على البلاء حتى جاع في أقل من نصف يوم، والأول كان أوقات الكرامة. قال جعفر: كان وعده ثلاثين ليلة فالتزم على ميعاد ربه وانتهى الأجل لقدومه فأخرجه عن حده ورسمه، وأكرم موسى بكلامه وبان عليه شرفه خارجا عن رسوم البشرية حتى سمع ما سمع من ربه من غير نفسه وعلمه وغير وقته الذي وقته لقومه، دليلا بذلك أن منار الربوبية خارج عن رسوم البشرية. وسمعنا بعض المتأخرين يقول في هذه الآية: مواعيد الأحبة وإن أخلفت بها فإنها يؤنس بها. وأنشد على أثره: (أمطليني وسوفي * وعديني ولا تفي قوله تعالى: { وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي } الآية: ١٤٢ قال محمد بن حامد في قوله: { اخلفني في قومي } قال: لم يزل الأنبياء والأولياء خلف يخلفهم فيمن بعدهم من أمتهم وأصحابهم، يكون هديهم على هديه، يحفظون على أمتهم ما يضعونه من سنتهم وأن أبا بكر الصديق رضي اللّه عنه كان هو القائم بهذا المقام بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم ولو لم يقم هو؛ لذهبت سنن منها محاربة أهل الردة وغير ذلك. ١٤٣قوله تعالى: { ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه } الآية: ١٤٣ قال أبو سعيد: من غيرة اللّه تعالى أنه لم يكلم موسى إلا في جوف الليل، وغيبه عن كل ذي حسب حتى لم يحضر كلامه معه أحد سواه، وكذلك محادثته مع الأنبياء. قال القرشي: إنما كلم اللّه موسى بإياه، ولو كلمه على حد العظمة لذاب وصار لا شيء. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: لما غاب موسى عن أنفاسه وحركاته وقام مقام الانفراد مع اللّه ناداه { إني أنا اللّه }. قال جعفر في قوله: { ولما جاء موسى لميقاتنا } قال: الميقات طلب الرؤية. وقال جعفر: سمع كلامه خارجا عن بشريته وأضاف الكلام إليه، وكلمه من نفسه موسى وعبوديته فغاب موسى عن نفسه وفنى عن صفاته، وكلمه ربه من حقائق معانيه، فسمع موسى صلى اللّه عليه وسلم من ربه ومحمد صلى اللّه عليه وسلم سمع من ربه صفة ربه، وكان أحمد المحمودين عند ربه، ومن هذا كان مقام محمد صلى اللّه عليه وسلم المنتهى، ومقام موسى عليه السلام الطور، ومنذ كلم اللّه موسى على الطور أفنى صفته، فلم يظهر فيه النبات ولا تمكين لأحد عليه. وقال الحسين في قوله: { ولما جاء موسى لميقاتنا } قال: أزال عنه التوقيف والترتيب، وجاء إلى اللّه على ما دعاه إليه وأراده له وأخذه عليه وأوجده منه وأظهره عليه، ببذل الجهد والطاقات وركوب الصعب والمشقات، فلما لم تبق عليه باقية بها يمتنع، أقيم مقام المواجهة والمخاطبة وأطلق مصطنعة لسانه بالمراجعة والمطالبة، أما سمعت قوله قبل هذه الحال طالبا منه لما طولع بحال الربوبية وكوشف بمقام الإلهية سائلا حل عقدة من لسانه ليكون - إذا كان ذلك - مالكا لنطقه وبيانه. وقيل: فسأل ربه شرح صدره ثم نظر إلى أليق الأحوال، وإذا هو تيسير أمره فسأل ذلك على التمام لتترقى به حاله إلى أرفع المقام وهو المجيء إلى اللّه باللّه، لما علم أن من وصل إليه لم تعترض عليه عارضة، حينئذ صلح للمجيء، إلى اللّه وحده بلا شريك ولا نظير وكان ممن وفى المواقيت حقها، غابت عنه الأحوال فلم يرها وذهبت عن عينه وحضوره، وما عداها إلا ما كان للحق منه ومعه حتى تحقق بقوله: { قد أوتيت سؤلك يا موسى } فهذا حال المجيء وهذا معنى قوله { ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه } تفرد بكلامه لأنه كان قبل ذلك مكلما بالسر والسفرة والوسائط، فلما رقى اللّه به إلى المقام للأجل وحققه بالحال الأعظم الأرفع، خاطبه مكلما على الكشف، وغيبه عن كل عين رائية ومرئية وكل صورة مكونة ومنشئة إلا ما كان من المكلم والمكلم، وأفرد اللّه عبده بالشرف الأعظم فسمع خطابا لا كالمخاطبات ومناج منه وله عند ذلك طلب لا كالمطالبات، واقتضى من اللّه ما لم تكن قبل يقتضيه، فلذلك سأل النظر إليه إذ رجع إلى حقيقته فرأى اللّه في كل منظور ومبصر، فلما تحققت له هذه الأحوال { قال رب أرني أنظر إليك } فإني في كل مرادي راجع إليك، أي أرني ما شئت فلست أرى غيرك مقابلي، إذ تحققت بما حققتني به إنك غير مزايلي ألم يدلك على ذلك خطابه ورجوعه إليك إذ ذاك جوابه أرني فإليك أنظر وأحضر ما شئت فلست غيرك أحضر بعد أن تحققت منك بحال توجب لي منك ذاك، وحق لمن تحقق بهذا وتمكن فيه أن ينفرد بسؤال لا تشاركه فيه الخليقة. قوله تعالى: { قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل } الآية: ١٤٣ فهو أشد منك جسدا وأعظم منك خلقا وأهيب منك منظرا، فإن ثبت لرؤيتي ثبت ولا يحملني ولا يصبر لمشاهدتي شيء إلا قلوب العارفين التي زينتها بمعرفتي وأيدتها بأنوار كرامتي وقدستها بنظري ونورتها بنوري، فإن حملني شيء وصبر لمشاهدتي فتلك القلوب دون غيرها، لذلك قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم: ' حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره '. ثم إذا حملتني تلك القلوب وصبرت لمشاهدتي فأنا حاملي لا غير، إذ بي حملني وبإياي صبر لمشاهدتي، فلا مشاهدة للحق سواه جل ربنا وتعالى. قال ابن عطاء في قوله: { لن تراني ولكن انظر إلى الجبل }: شغله بالجبل ثم تجلى، ولو لم يشغله بالجبل لمات وقت التجلي. وقال الحسين قوله لموسى { لن تراني } لو تركه على ذلك لتقطع شوقا إليه، ولكنه سكنه بقوله: { ولكن }. وقال أيضا في هذه الآية: انبسط على ربه في معاني الرؤية لما كان يرجع منه إلى شيء سواه. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: { لن تراني }: إلى وقت ولا على الأبد. وقال: كان موسى غائبا عن طبع البشرية، حتى استطاع المقام في وقت الكلام والمفاجأة، فلما وجد حلاوة كلامه طلب الكشف في الحال غائبا عن الحال كذلك. قال يحيى بن معاذ: وعد نعمك يشير إلى وفاء كرمك. وقال جعفر: انبسط إلى ربه في معنى رؤيته لأنه رأى جمال كلامه على قلبه فيه، فانبسط إليه فقال له ' لن تراني ' أي لا تقدر ان تراني، لأنك أنت الفاني فكيف السبيل لفان إلى باق؟ ولكن انظر إلى الجبل أوقع على الجبل علم الاطلاع فصار دكا متفرقا، زال الجبل من ذكر اطلاع ربه، وصعق موسى من رؤية تدكدك الجبل فكيف له برؤية ربه عيانا، معاينة رؤية اللّه لعبده والعبد فان، ورؤية العبد لربه والعبد بربه باق ثم قال ثلاث من يلتمس العبيد إلى ربهم محال: التجلي والوصلة والمعرفة، فلا عين تراه في الدنيا، ولا قلب يصل إليه، ولا عقل يعرفه لأن أصل المعرفة من الفطرة، وأصل المواصلة من المسافة، وأصل المشاهدة من المباينة. وقال جعفر في قوله: { لن تراني ولكن انظر إلى الجبل }: شغله بالجبل ثم تجلى ولولا ما كان من اشتغاله بالجبل؛ لمات موسى صعقا بلا إفاقة. قوله تعالى: { فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا } الآية: ١٤٣ قال الواسطي رحمة اللّه عليه في قوله { جعله دكا } قال: اماع كأن لم يكن قط، ولا عجب لهيبة ما ورد عليه. قال أبو سعيد القرشي: الكرم والجمال يبقيان والإجلال والهيبة يفنيان، كما أن اللّه كلم موسى بصفة الهيبة، تجلى للجبل فصار الجبل دكا وخر موسى صعقا، وكان آخر عهده بالنسيان ولم يتهيأ لأحد أن ينظر إلى وجهه. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: وصل إلى الخلق من صفاته ونعوته على مقاديرهم لا كلية الصفات، كما أن التجلي لم يكن بكلية الذات. وقال بعضهم: ينال الكون من صفاته ونعوته على قدر احتمالهم. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: قالوا لن يغيب التجلي واللّه يقول: { فلما تجلى ربه للجبل} .* وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: ' إن اللّه إذا تجلى لشيء خشع له '. قلت: ذلك على التعارف ومقادير الطاقات أليس يستحيل ان يقال: تجلى الهواء لذرة واحدة، لو احتجب لساواها ولو تجلى لقاريها وهو أجل من أن يخفى ويستتر وأعز من أن يرى، ويتجلى إلى وقت الميعاد تنزه عن أن تقع عليه للإلحاظ بمعانيها، أو يقع تحت الألسنة بأمانيها. قال: وجرى بين الجنيد رحمة اللّه عليه ذكر قوله تعالى: { فلما تجلى ربه } الآية فصاح وقال: بالجعل صار دكا لا بالتجلي، ولو وقع عليه آثار التجلي لأفناه، فكيف التجلي. وقال بعضهم: انفرد موسى بالتجلي لما صعق كأنه لما سأل الرؤية قيل له: أنت لا ترانا ببشريتك فقال: أفنني عني وعن بشريتي فأفناه، وانفرد الحق بذاته فتجلى لموسى في حال صعقته، لأنه كان معه قائما بالمحبة. قال اللّه تعالى: { وألقيت عليك محبة مني }. فأفناه حتى رآه ثم رده إلى صفاته. قوله تعالى: { سبحانك تبت إليك }. قال بعضهم: تبت أن أسألك حظا لي، إذ لا يحيط بك أحد ولا يشهدك غيرك. { سبحانك تبت إليك } الآية. قال ابن خفيف: لما قال: إن استقر مكانه فسوف تراني. قال: تبت إليك من أن لا أصدقك بكل ما ورد منك ولا أطالب بالعلاقات، وذلك كما قال: { أرني أنظر إليك قال لن تراني } لم يكفه هذا حتى قال: ' انظر إلى الجبل ' فالتوبة من هذا. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: لم يزل المقصود ممتنعا من الاستغراق، ألا ترى إلى قول موسى: { سبحانك تبت إليك }. قال جعفر في قوله: { سبحانك تبت إليك } قال: نزه ربه واعترف إليه، بالعجز وتبرأ من عقله، ' تبت إليك ' رجعت إليك من نفسي، فلا أميل إلى علمي، فالعلم ما علمتني والعقل ما أكرمتني { وأنا أول المؤمنين } إنك لا ترى في الدنيا وإنما جوز الكلام ولم تجوز الرؤية، لأن الرؤية الإشراف على الذات والكلام صفة من الصفات، والصفات سمات إلى عباده ولهم إلى ذلك سبيل، ولا سبيل لأحد من خلقه إلى ذاته قال اللّه تعالى: { ولا يحيطون به علما }. ١٤٤قوله تعالى: { إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك } الآية: ١٤٤ قال بعضهم: الاصطفائية أورثت التكلم ولا التكلم، والكلام أورثا الإصطفائية. وقيل في قوله تعالى: { فخذ ما آتيتك } من عطائي، وكن من الشاكرين لا من المدعين المختارين، فما سبق مني إليك أكثر مما اخترته لنفسك. قال بعضهم: لما قال اصطفيتك لنفسي أورث الاصطناع والاصطفائية، فكنت مصطفى على الناس، لا بسابقة سبقت لك إلي بل بسابقة سبقت مني إليك. قوله تعالى: { وكتبنا له في الألواح من كل شيء } الآية: ١٤٥ قال بعضهم: سر اللّه عند عباده وأهل خصوصيته لا يحمله إلا الأقوياء بأبدانهم وقلوبهم ألا ترى اللّه جل وعز يقول لكليمه صلى اللّه عليه وسلم { فخذها بقوة } والقوة هي الثقة باللّه والاعتماد عليه، ولذلك قال بعضهم: عطاياه لا تحتمل إلا مطاياه. وقيل في قوله: { فخذها بقوة }: أي خذها بي ولا تأخذها بنفسك، فالقوي من لا حول له ولا قوة، ويكون حوله وقوته بالقوى. ١٤٦قوله عز وعلا: { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق } الآية: ١٤٦ قال بعضهم: التكبر تكبران: وتكبر بحق وتكبر بغير حق، فالتكبر بالحق تكبر الفقراء على الأغنياء، استغناء باللّه عما في أيديهم وتكبر بغير حق وهو تكبر الأغنياء على الفقراء ازدراء لما هم فيه من فقرهم. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: والتكبر بالحق هو التكبر على الأغنياء والفسقة والكفار وأهل البدع، لأنه روي في الأثر: ' ألقوا أهل المعاصي بوجوه مكفهرة '. قال بعضهم: أرباب الكبائر مصروفون عن الكرائم، لأن اللّه يقول: { سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون }. قال سهل: هو أن يحرمهم فهم القرآن، والاقتداء بالرسول صلى اللّه عليه وسلم. قال ابن عطاء: سأمنع قلوبهم وأسرارهم وأرواحهم عن الجولان في ملكوت القدس عن الحق، لأن ذلك في ملكوت القدس قال الجريري في هذه الآية: { ساصرف عن آياتي الذين يتكبرون } حتى لا يفهموها ولا يجدوا لها لذة، لأنهم تكبروا بأحوال النفوس بالخلق والدنيا، فصرف اللّه عن قلوبهم آياته لما انصرفوا عنه، ومن استولت عليه النفس صار أسيرا في حكم الشهوات، محصورا في سجن الهوى، حرم اللّه على قلبه فوائد آياته وكتابه وإن أكثر ترداده على لسانه. ١٤٨قوله تعالى: { واتخذ قوم موسى من بعده من حليهم عجلا جسدا له خوار } الآية: ١٤٨ قال سهل: عجل كل إنسان ما أقبل عليه وأعرض به عن اللّه من أهل وولد، ولا نتخلص من ذلك إلا بعد إفناء حظوظه أجمع من أسبابه، كما لم يتخلص عبدة العجل من عبادته، إلا من بعد قتلهم أنفسهم. ١٥٠قوله تعالى: { ولما رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا } الآية: ١٥٠ قال: آسفا على ما فاته من مخاطبة الحق إلى مخاطبة من لا أوزان لهم، فرده من شوقه إلى شاهده ليلا يقطعه من حال شوقه { وأخذ برأس أخيه يجره إليه }. قال ابن عطاء: غضبان على نفسه حيث ترك قومه حتى ضلوا، آسفا على مناجاة ربه. قال بعضهم: ماقتا نفسه متأسفا على ما فاته من اختصاصه بالمخاطبة. قال بعضهم: من رأى من قومه من ارتكاب مخالفة اللّه وقيل: أغضبه الرجوع عن مفاجأة الحق إلى مخاطبة الخلق. قوله تعالى: { وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه }. قال القرشي: من تحرك غيرة للحق فإن الحق يحفظ عليه حدوده، لئلا تخرجه الحركة إلى شيء مذموم، كموسى لما ألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره إليه لما رأى قومه يعبدون العجل، فلم يعاتبه اللّه على ذلك، ولو باشر أحد من الكسر والأخذ ما باشر موسى، كان ملوما على ذلك ولكن حركة موسى كانت بلا حظ لموسى فيها، بل قام غيرة للّه وابتغاء ماله، فلم يزدد بذلك من الحق إلا قربا. ١٥٢قوله تعالى: { إن الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم } الآية: ١٥٢ قال أبو عثمان: من أقبل على اللّه فلينتظر الراحة، والزلفة والفرج من القبول، ومن أعرض عن اللّه فلينتظر الذل والسخط والبغض مع غضب اللّه في الآخرة. قال اللّه { إن الذين اتخذوا العجل } الآية. قال الحسين بن الفضل: لا ترى مبتدعا إلا ذليلا، لأن اللّه يقول: { وكذلك نجزي المفترين }. ١٥٥قوله تعالى: { واختار موسى قومه سبعين رجلا لميقاتنا } الآية: ١٥٥ قال بعضهم: اختار موسى على عدد الأولياء في الأمم السالفة وفي أمته وهم السبعون الذين إليهم متضرع الخلق وبهم يحفظون. ١٥٦قوله تعالى: { إنا هدنا إليك قال عذابي أصيب به من أشاء } الآية: ١٥٦ قال الواسطي رحمة اللّه عليه: ذلك في نفس المعارف ما عرفه أحد إلا تكدر عيشه، وأرباب الحقائق لا يعذبون في الدنيا إلا بتواتر نعم اللّه عليهم والتقرب، حتى يرد عليه ما منه يغيب من الصفات والنعوت، فيرتفع عند سوء الأدب في السير. قوله تعالى: { ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون } الآية: ١٥٦ قال الكتاني رحمة اللّه عليه: تسع كل شيء ولكن خص بها الأنبياء لقوله تعالى. { فسأكتبها للذين يتقون } ومن يمكنه تصحيح التقوى فيكون بشرط الآية. قال بعضهم: وصف العذاب بصفة الخصوص مقرونا بالمشيئة، وعم الرحمة أنها تسع كل شيء. قال أبو عثمان: لا أعلم في القرآن آية أقنط من قوله: { ورحمتي وسعت كل شيء } والناس يرونها أرجى آية، وذلك أن اللّه يقول: { فسأكتبها للذين يتقون }. قوله تعالى: { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي } الآية: ١٥٧ قال ابن عطاء: الأمي هو الأعجمي، قال أعجمي عما دوننا عالم بنا وبما ينزل عليه من كلامنا ومن حقائقنا. وقال أيضا في قوله: { النبي الأمي } قال: الذي لا يدنسه شيء من الكون. وقال الأمي: من لا يعلم من الدنيا شيئا ولا في الآخرة إلا ما علمه ربه، حالته مع اللّه حالة واحدة وهو الطهارة بالافتقار إليه والاستغناء عما سواه. قوله تعالى: { ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم }. قال جعفر: أثقال الشرك وذل المخالفات وغل الإهمال. قوله تعالى: { فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه }. قال بعضهم: صدقوا ما جاء به وبذلوا المنهج بين يديه. وقيل في قوله: { واتبعوا النور الذي أنزل معه } قال: اتبعوا سنته ليوصلهم اتباع السنن إلى ميادين الأحوال السنية. ١٥٨قوله تعالى: { واتبعوه لعلكم تهتدون } الآية: ١٥٨ قال الحسين: إن الحق أورد تكليفا عن وسائط وتكليف الحقائق، فتكليف الحقيقة بدت معارفه منه وعادت إليه، وتكليف الوسائط بدت معارفه عمن دونه فلا يصل إليه، فتناهى من معارفهم إلى نهايات معرفة أهل الوسائط، ولا تتناهى معارف من أحد معارفه عن شهود الحق، كل ذلك رفق من الحق بالخلق، لعلمه بأنه لا يوصل إليه إلا بما منه. ١٥٩قوله تعالى: { ومن قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } الآية: ١٥٩ قوله تعالى: { يهدون بالحق } قيل: يدلون الخلق على طريق الحق وإياه يسلكون. ١٦٠قوله تعالى: { فانبجست منه اثتنا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم } الآية: ١٦٠ سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم الإسكندراني يقول: سمعت أبا جعفر الفلسطيني يحكى عن الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد عليه السلام في هذه الآية قال: انبجست من المعرفة اثنتا عشرة عينا، يشرب كل أهل مرتبة في مقام من عين من تلك العيون على قدرها، فأول عين منها عين التوحيد، والثانية عين العبودية والسرور بها، والثالثة عين الإخلاص، والرابعة عين الصدق، والخامسة عين التواضع، والسادسة عين الرضا والتفويض، والسابعة عين السكينة والوقار، والثامنة عين السخاء والثقة باللّه، والتاسعة عين اليقين، والعاشرة عين العقل، والحادية عشر عين المحبة، والثانية عشر عين الأنس والخلوة، وهي عين المعرفة بنفسها، ومنها تنفجر هذه العيون، ومن شرب من عين منها يجد حلاوتها ويطمع في العين التي هي أرفع منها، من عين إلى عين حتى يصل إلى الأصل، وإذا وصل إلى الأصل تحقق بالحق. قوله تعالى: { قد علم كل أناس مشربهم }. ١٦٧قال بعضهم: ظهر لكل سالك سلوكه وآثار براهينه وبركات سعيه وأنوار حقائقه. قوله تعالى: { لسريع العقاب } الآية: ١٦٧ قال بعضهم: ما كان في القرآن آية أشد من قوله: { لسريع العقاب } فإنها عقوبة الحجاب بالحجاب عنه. ١٦٨قوله تعالى: { وبلوناهم بالحسنات والسيئات } الآية: ١٦٨ قال: اختبرناهم بالنعم طلبا للشكر، واختبرناهم بالمحن طلبا للصبر فأبى الجميع فلا هم عند النعم شاكرون ولا هم عند المحن صابرون. ١٦٩قوله تعالى: { ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على اللّه إلا الحق ودرسوا ما فيه } الآية: ١٦٩ قيل: ألم يبين لهم على لسان الوسائط في الكتب المنزلة أن لا يصفوا الحق إلا بنفاد المشيئة وعلو القدرة. قال سهل في قوله { ودرسوا ما فيه } تركوا العمل به. ١٧٢قوله تعالى: { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم } الآية: ١٧٢ قال أبو سعيد الخراز في هذه الآية قال: تراءى لأهل الإيمان بالسكون فعرفوه وسكنوا واطمأنوا، وتراءى لأهل الكفر بالتعظيم فطاشت عقولهم وتفرقوا عنه. وقال يوسف في هذه الآية: قد أخبر أنه خاطبهم ربهم وهم غير موجودين إلا بايجاده لهم، إذ كانوا واجدين للحق من غير وجودهم لأنفسهم، كان الحق بالحق في ذلك موجود بالمعنى الذي لا يعلمه غيره ولا يجده سواه. قال بعضهم في قوله: { ألست بربكم قالوا بلى } من غير مشاهدة، ثم كوشفوا فشهدوا ما خوطبوا به، فقالوا ' شهدنا ' أي شاهدنا اي شاهدنا حقائق حقك وقال الحسين: انطق الذر بالإيمان طوعا. وكرها أنطقتهم بركة الآخذ أحدهم عنهم، ثم أشهدهم حقيقته فأنطقت عنهم القدرة من غير شركة كان لهم فيه. وقيل: إن توحيد الخاص أن يكون العبد قائما بسره بين يدي ربه، يجري عليه تصاريف تدبيره وأحكام تقديره في بحار توحيده، بالفناء عن نفسه وذهاب نفسه بقيام الحق به في مراد منه، فيكون كما كان قبل أن يكون، كما قال تعالى: { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم } الآية. قال النصر آباذي رحمه اللّه في هذه الآية: مؤيل الأكبر ومالف الأعظم، معافون من السلالة والطين وما بعده من النطف والمضغ أفأنتم في حملة للأخذ الأول، أم مردودون إلى ميعاد الأخذ في السلالات والمضغ والنطف، فإن أخذ للأول أول بأول للأول وهو بأول للأول أول. وقال النصر آباذي: أخذ ربك تلطفا وتكرما بل أخذه جلالة وعظمة، بل أخذه غنى واستغناء. وقال أيضا: أخذ لا للحاجة بل للحجة فمنع الخلق حاجتهم أن يروا ذرة من معاني الحجة. وقال أبو عثمان المغربي: وسئل عنه ما الخلق؟ قال: قوالب تجري عليها أحكام القدرة، وقال: أخذ ربك من معدن إلى معدن ومن معدن للمعدن. وقال الجريري في قوله: { ألست بربكم } قال: تعرف إلى كل طائفة من الطوائف بما منحها من معرفته فقال: ' بلى ' وكل أقر بما مخ ثم أخرجهم من صلب آدم فقال: { وكنتم أعداء فألف بين قلوبكم } وقال لنبيه صلى اللّه عليه وسلم: { لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم }. قال أبو سعيد الخراز في قوله ' بلى ' قال: من قال حين قال: من أين أجابوا عنهم إلا القدرة والنافذة والمشيئة التامة وهل كانوا إلا رسما لأحكام مليك. وهل هم الآن إلا أشباح تختلف عليهم تصاريف تدبيره. وقال بعضهم: خطب منصوب القدرة في عين العدم. قال ابن بنان في هذه الآية: قد أخبرك أنه قد خاطبهم وهم غير موجودين إلا بوجوده لهم، إذ كان واجد الخليقة بغير معنى وجودها لأنفسها بالمعنى الذي لا يعلمه غيره ولا يجده سواه، فقد كان واجدا مخاطبا شاهدا عليهم بديا في حال فنانهم عن بقائهم الذي كانوا به، كذلك هو الوجود الرباني والإدراك الإلهي الذي لا ينبغي إلا له. وقال في قوله: { وإذ أخذ ربك من بني آدم } خوطبوا بهذا الكلام وأيش كانوا فقال: كانوا موجودين في القدرة مغيبين عن شهود التوحيد. قيل: إنما أجيب عنهم على حسب الاستسلام فهذا مقام الفناء، وقد تقدمت الستلة الإجابة فالعالم يجري في التسخير من حيث التمكين في قبضة الحق. قال الحسين: لا يعلم أحد من الملائكة المقربين ما أظهر الخلق وكيف الانتهاء والابتداء، إذ الألسنة ما نطقت والعيون ما أبصرت والآذان ما سمعت، كيف أجاب من هو عن الحقائق غائب وإليها آيب في قوله: { ألست بربكم } فهو المخاطب وهو المجيب. وقال الحسين في قوله: ' بلى ': القائل عنكم سواكم والمجيب غيركم، فسقطتم أنتم وبقي من لم يزل كما لم يزل. وسئل علي بن عبد الرحيم عن قوله: { وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم } قال: كانوا موجودين في القدرة مغيبين عن شهود الوجود. قال الواسطي رحمة اللّه عليه في قوله: { ألست بربكم } قالوا بلى: ' قال: هو تقرير في صورة السؤال. وقال بعضهم: القدرة أجابت القدرة. وقيل في قوله: ' بلى ' قالوا: سمعوا كلامه أن { ليس كمثله شيء } وخلق حياتهم من ذلك النور وجعل قوام جميعهم بتلك الكلمة. وأنشد: (لو يسمعون كما سمعت كلامه * خروا لعزة ركعا وسجودا * قال ابن بنان: للّه خالصة من خلقه، انتخبهم للولاية واستخلصهم للكرامة وأفردهم به له، فجعل أجسادهم دنياوية وأرواحهم نورانية وأذهانهم روحانية وأوطان أرواحهم غيبية، وجعل لهم فسوحا في غوامض غيوب الملكوت الذين أوجدهم لديه في كون الأزل، ثم دعاهم فأجابوا سراعا، أجاب تركيبهم حين أوجدهم لديه في كون الأزل، ثم دعاهم فأجابوا الدعوة منة منه، وعرفهم نفسه حين لم يكونوا في صدرة الإنسية، ثم أخرجهم بمشيئته خلقا فأودعهم صلب آدم، فقال: { وإذا أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم } فأخبر أنه خاطبهم وهم غير موجودين إلا بوجوده لهم، إذ كانوا غير واجدين للحق إلا بإيجاده لهم في غير وجودهم لأنفسهم، وكان الحق بالحق في ذلك موجودا. ١٧٥قوله تعالى: { واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها } الآية: ١٧٥ قال ابن عطاء: سوابق الأزل تؤثر على انتهاء الأبد، قال اللّه تعالى: { آتيناه آياتنا فانسلخ منها }. ١٧٦قوله تعالى: { ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه } الآية: ١٧٦ قال ابن عطاء: لو جرى له في الأزل السعادة لأثر ذلك عليه في عواقب سعيه وكدحه في أواخر أفعاله. ١٧٨قوله تعالى: { من يهد اللّه فهو المهتدي } الآية: ١٧٨ قال بعضهم: ليس الناجي من سعى إنما الناجي من سبقت له الهداية من الهادي. قال اللّه تعالى: { من يهد اللّه فهو المهتدي }. ١٧٩قوله تعالى: { لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمون بها } الآية: ١٧٩ قال: ' قلوب لا يفقهون بها ' شواهد الحق ' وأعين لا يبصرون بها ' دلائل الحق، ' وآذان لا يسمعون بها ' دعوة الحق. قوله عز وعلا: { أولئك كالأنعام بل هم أضل }. قيل: الأنعام والبهائم لا تحس بالاستتار والتجلي، والأرواح نعيمها في التجلي وعذاؤها في الاستتار. قال اللّه تعالى: { إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل }. ١٨٠قوله تعالى: { وللّه الأسماء الحسنى فادعوه بها } الآية: ١٨٠ قال بعضهم: كل اسم من أسمائه يبلغك مرتبة من المراتب، واسم اللّه يبلغك الوله في حبه، والرحمن الرحيم يبلغانك إلى رحمته كذلك جميع أسمائه إذا دعوته بها عن خلوص ضميرك وصفاء عقدك. وقال بعضهم في هذه الآية { وللّه الأسماء الحسنى فادعوه بها }: أي قفوا معها عن إدراك حقيقتها. وقيل في قوله: { وللّه الأسماء الحسنى فادعوه بها } قال: إنه وراء الأسماء أسماء والصفات صفات، لا تخرقها الأفهام لأن الحق نار تتضرم لا سبيل إليه ولا بد من الاقتحام فيه. وقال بعضهم: أبدى أسماءه للدعاء لا بطلب الوقوف عليها، وأنى يقف على صفاته أحد. ١٨١قوله تعالى: { وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون } الآية: ١٨١ قال بعضهم: يدعون إلى الصلاح وإياه يعملون. وقال بعضهم: يدلون على اتباع الهدى واجتناب الهوى، ' وبه يعدلون ' أي: وإياه يسلكون. ١٨٢قوله تعالى: { والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون } الآية: ١٨٢ قال سهل: نمدهم بالنعم وننسيهم الشكر عليها، فإذا سكنوا إلى النعمة وحجبوا عن المنعم أخدوا ١٩٢قال: { خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين }. قوله تعالى: { ولا يستطيعون لهم نصرا ولا أنفسهم ينصرون } الآية: ١٩٢ قال بعضهم: كيف ينصر غيره من هو عاجز عن نصرة نفسه، وكيف ينصر نفسه من لم يجعل إليه من أمره شيئا وهو مدبر بالقدرة ومقدر في المشيئة. ٢٠١قوله تعالى: { إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون } الآية: ٢٠١ قال بعضهم: من جال سره في ميادين الأنس والقربة، وحجز نفسه عن طوارق الفتنة وطوائف الشيطان هم الذين قال اللّه لهم { إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا } قال بعضهم: الناس في مطالعة الأسرار على وجوه ثلاثة: منهم من له من سره مطالع يطالعه فذلك قوله تعالى: { إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا }. ومنهم من له في سره ينهاه قال اللّه تعالى: { ونهى النفس عن الهوى }. ٢٠٤قوله تعالى: { وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا } الآية: ٢٠٤ قيل: فيه استمعوا له بآذانكم لعلكم تسمعون بقلوبكم وتفهمون مراد مخاطبة الحق إياكم، وتأدبوا بلطائف مواعظه فيوصلكم حسن الأدب إلى استماع، وبركة الخطاب إلى رحمته وهو أن يرزقكم آداب خدمته كما رزقكم سنن شريعته وأجل رحمة رحم اللّه بها عباده آداب العبودية التي خص اللّه بها الأكابر من الأصفياء والسادات من الأولياء. وقيل في قوله: { وأنصتوا } أي من آداب الاستماع الإنصات والاشتغال، بما يبدو من بركات السماع دون طلب حظ فيه بحال. ٢٠٥قوله تعالى: { واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول } الآية: ٢٠٥ قال الحسين في هذه الآية: لا يظهر ذكرك لنفسك فتطلب به عوضا، فأشرف الذكر ما لا يشرف عليه إلا الحق، وما خفى من الذكر أشرف مما ظهر. قوله تعالى: { ولا تكن من الغافلين }. قال سهل: حقا أقول لكم لا باطلا يقينا لا شك ما من أحد ذهب عنه نفس واحد بغير ذكر اللّه إلا وهو غافل. وقال: الغافل من غفل عن درك حقائق الأمور. ذكر ما في سورة الأنفال |
﴿ ٠ ﴾