سورة لقمانبسم اللّه الرحمن الرحيم ٢قوله تعالى: { آيات الكتاب الحكيم } الآية: ٢ قال ابن عطاء - رحمة اللّه عليه -: أنوار الخطاب المحكم لك وعليك. ٣قوله تعالى: { هدى ورحمة للمحسنين } الآية: ٣ سمعت عبد اللّه الرازي يقول: كنت من كتاب أبي عثمان وذكر انه من كلام شاه ثلاث من علامات الهدى: الاسترجاع عند المصيبة، والاستكانة عند النعمة، ونفى الامتنان عند العطية. ٦قوله عز وعلا: { ومن الناس من يشتري لهو الحديث } الآية: ٦ قال سهل: الجدال في الدين والخوض في الباطل. وقال أبو عثمان: كل كلام سوى كتاب اللّه أو سنة رسول اللّه أو سنن الصالحين فهو لهو. وقال حمدون: الكلام فيما لا يعنيه. قال بعضهم: اللّهو من الكلام ما تحثك النفس عليه حقا كان أم باطلا. ١٢قوله عز وعلا: { ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر للّه } الآية: ١٢ سمعت عبد اللّه الرازي يقول: سمعت أبا عثمان يقول: لا يكون الحكيم حكيما حتى يكون حكيما في قوله حكيما في فعله حكيما في معاشرته حكيما في صحبته وإلا يقال إنه يتكلم بالحكمة ولا يقال إنه حكيم. سمعت عبد اللّه الرازي يقول: كتبت من كتاب أبي عثمان وذكر انه من كلام شاه: ثلاثة من علامات الحكمة إنزال النفس من الناس منزلتها عندهم وإنزال النفس كظنهم ووعظهم على قدر عقولهم فيقوموا بنفع حاضر. قوله تعالى: { ومن شكر فإنما يشكر لنفسه } الآية: ١٢ سمعت عبد اللّه الرازي يقول: كتبت من كتاب أبي عثمان وذكر انه من كلام شاه: ثلاثة من علامات الشكر المقاربة من الإخوان في النعمة، واستغنام قضاء حوائجهم وبذل العطية من استقلال الشكر بملاحظة المنة. قال أبو عثمان - رحمة اللّه عليه - في كتابه إلى محمد بن الفضل: والشكر معرفة العجز عن الشكر إجلالا للّه وخضوعا لعظمته ثم بدأ تحديد النعمة عليه في رؤية التقصير في الشكر فيشكر فيكون هذا شكر الشكر ثم يشكر في شكر الشكر على الشكر ثم يفتح اللّه عين قلبه فيرى انه لا نهاية للقيام بشكره والشكر على رؤية الشكر هو الشكر. وقال السرى - رحمة اللّه عليه -: الشكر الا يعصى اللّه من نعمه. وقال الجنيد - رحمة اللّه عليه - الشكر أن لا ترى معه شريكا في نعمه. وقال الجريري: الشكر أن تحرس لسانك عن النطق بالشكر علما بان آخره العجز. ١٣قوله: { وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك باللّه } الآية: ١٣ قال بعضهم: وعظ لقمان ابنه ودله في ابتداء وعظه على مجانبة الشرك وهو التفرد للحق بالكل نفسا وقلبا وروحا ولا يشغل النفس إلا بخدمته ولا يلاحظ بالقلب سواه ولا يشاهد بالروح غيره وهو مقام التفريد من التوحيد. وقال محمد بن علي: الوعظ هو الدعاء إلى الحق وطريقته. ١٤قوله تعالى: { أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير } الآية: ١٤ قال ابن عطاء - رحمة اللّه عليه - اشكره حيث أوجدك، فكثيرا ما سمعت سيدي الجنيد - رحمة اللّه عليه -: يقول في خلال كلماته: اشكر من كنت منه على بال حتى خلقك واشكر والديك إذ هما سبب كونك فمن استغرقه شكر المسبب قطعه عن شكر السبب ومن لم يتحقق في شكر المسبب رد إلى شكر السبب. ١٥قوله تعالى: { وصاحبهما في الدنيا معروفا } الآية: ١٥ قال بعضهم: عاملهما معاملة حسنة جميلة. قال عبد اللّه بن المبارك: لا تقطع أيديهما عن مالك ولا تدع لنفسك معهما ملكا. قال بعضهم: اجعل لهما ظاهرك من الخدمة والشفقة واخلص قلبك لسيدك ألا تراه يقول: { صاحبهما في الدنيا }. والدنيا هو ظاهرك و { معروفا } والمعروف هو ما يشغلك عن سيدك. قوله تعالى: { واتبع سبيل من أناب إلي } الآية: ١٥ قال ابن عطاء - رحمة اللّه عليه - في هذه الآية: صاحب من ترى عليه أنوار خدمتي. قال بعضهم: من لم يعرف الطريق إلى اللّه فليتبع آثار الصالحين ليوصلهم بركة متابعتهم إلى طريق الحلق فإن بركة اتباع الصالحين نفع كلب أصحاب الكهف حتى ذكره اللّه عز وجل في كتابه قال النبي صلى اللّه عليه وسلم في الحديث الطويل: ' هم القوم لا يشقى بهم جليسهم '. ١٧قوله عز وعلا: { وأمر بالمعروف وانه عن المنكر } الآية: ١٧ قال الواسطي - رحمة اللّه عليه -: الأوامر على وجوه أمر فرض اللّه كقوله { أقيموا الصلاة } وأمر تكوين كقوله { كن فيكون } وأمر تغيير كقوله { كونوا قردة خاسئين} * وأمر تهديد كقوله { اعملوا ما شئتم } وأمر إرشاد كقوله. { كونوا قوامين بالقسط } وأمر قضية كقوله: { وقضى ربك } وأمر استهزاء كقوله: { واستفزز من استطعت منهم بصوتك } وأمر سنة كقوله { فإذا طعمتم فانتشروا } وأمر معروف كقوله: { وأمروا بالمعروف } وأمر إحسان كقوله: { فافسحوا يفسح اللّه لكم } وأمر كفاية كقوله: { فاقتلوا المشركين }. وقال بعضهم: قال لقمان لابنه: يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه على المنكر وابدأ بنفسك واصبر على ما أصابك فيه من المحن فإنه يورث المنح. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: الصبر هو ترك الشكوى عن طوارق المحن والتيقظ عند طوارق النعم. ١٩قوله عز وعلا: { إن أنكر الأصوات لصوت الحمير } الآية: ١٩ قال سفيان الثوري: صوت كل شيء تسبيح إلا صوت الحمير فإنها تصيح لرؤية الشيطان كذلك سماه اللّه منكرا. ٢٠قوله تعالى: { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } الآية: ٢٠ قال بعضهم: النعم الظاهرة: الأمن والنعم الباطنة الرضا والغفران. قال ابن عطاء: النعم الظاهرة: الإسلام والنعم الباطنة الإيمان. قال الجوزجاني: النعم الظاهرة: توفيق الطاعات والنعم الباطنة قبولها منك. قال الجنيد رحمة اللّه عليه: النعم الظاهرة: الأخلاق والنعم الباطنة قبولها منك. وقال أيضا: النعم الظاهرة: الأخلاق والنعم الباطنة المعرفة. وقال يحيى بن معاذ: قوله: { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } هو كما قال القائل: * تفضل إحسانا ووثق حرمته * ووصل جبلا من جبال الوثائق * قال يحيى: تفضل إحسانا بالإسلام ووثق حرمته بالإيمان ووصل جبلا من جبال الوثائق من جبال البر في درجات الوسائل. وقال ابن عطاء: الظاهرة خدمته الظاهرة والباطنة نور المعرفة. وقال أبو الحسين الوراق: النعمة الظاهرة قبول الحق والنعمة الباطنة رضا الرب. قال الوراق: النعمة الظاهرة استواء الخلق والنعمة الباطنة حسن الخلق لذلك كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول: ' اللّهم كما أحسنت خلقي فحسن خلقي '. وقال بعضهم: الظاهرة صحبة الصالحين والباطنة سكون القلب مع اللّه. قال بعضهم: النعمة الظاهرة اتباع ظاهر العمل والنعمة الباطنة طلب الحقيقة في الاتباع. قال بعضهم: النعمة الظاهرة الاعراض عن الدنيا والنعمة الباطنة الرجوع إلى التوكل والثقة باللّه. سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم البزار يذكر عن ابن عطاء في قوله: { ظاهرة } قال: ما يعلم الناس من حسناتك وباطنة ما لا يعلمه اللّه من سيئاتك، والظاهر بنعيم الدنيا والباطن بنعيم الآخرة. سمعت عبد اللّه يقول في قوله: { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } النعمة الظاهرة ما أنعم على الجوارح من مباشرة الطاعات والنعمة الباطنة ما أنعم على القلب من شتى الأحوال من المعرفة واليقين والرضا والتوكل وغير ذلك وهو يدلك أن العلم ظاهر وباطن وكما أن العلوم الظاهرة يرجع إلى أربابها كذلك علوم الباطن يرجع فيها إلى أربابها ونتائج علوم الباطن من قبول علم الظاهر واستعمال آدابها فيها. قال بعضهم: هو الخلق والخلق. وقال عطاء: سألت ابن عباس عن قوله تعالى: { وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة } فقال: هذه من مكنون علمي سألت عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: أما الظاهرة فما سوى خلقك وأما الباطنة فما ستر من عيوبك ولو ابداها لقلاك أهلك ومن سواهم '. ٢٢قوله تعالى: { ومن يسلم وجهه إلى اللّه وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى } الآية: ٢٢ قال سهل: من يخلص دينه للّه ولحسن أدب الإخلاص. وقال: { العروة الوثقى } هي السنة. قال أبو عثمان: العروة الوثقى: محمد صلى اللّه عليه وسلم. وقال بعضهم: { العروة الوثقى } كتاب اللّه وسنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم. ٢٧قوله تعالى: { ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام.. } الآية: ٢٧ قال ابن عطاء رحمة اللّه عليه: في قوله: { ما نفدت كلمات اللّه } قال: علم كتابه وعجائب حكمته. قال أبو سعيد الخراز: كلام الحكماء لا ينقطع من عيون الحكمة كما أن ماء العيون لا ينقطع عن عينه لأن حكمة الحكيم تلقين من رب العالمين ومن خزائنه وخزائنه لا تنفد، ألا تراه يقول: { ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات اللّه }. وقال الجنيد ورحمة اللّه عليه: كيف لا تحب سيدك وما انفككت من تواتر نعمه قط ولا تنفك ألا تراه يقول: { ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات اللّه }. وهي الكلمات التي اختارك بها في الأزل وأيدك ودعاك في الوقت ويوصلك بها إلى السعادة في الأجل. ٣١قوله تعالى: { إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور } الآية: ٣١ قال أبو بكر: الصبار الذي لا يغيره تواتر النعم والبلايا عليه ولا يورثه ذلك جزعا ولا شكوى. وقال أبو عثمان: الصبار الذي عود نفسه النجوم على المكاره. قال بعضهم: الصبار الشكور هم الفقراء الصادقون لأن ظاهرهم ظاهر الصبر وهم في الباطن مع الحق في مقام الشكر. قال ابن عطاء رحمة اللّه عليه: الشكور الذي يكون شكره على البلاء كشكر غيره على النعماء. ٣٢قوله تعالى: { وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور } الآية: ٣٢ قال القاسم: أشار إلى الأسامي القديمة أوجبت الأفعال المحدثة مع أنه لم يزل عرفهم بأسمائهم وأفعالهم لأنه يقول: { واللّه يعلم متقلبكم ومثواكم }. وقوله: { وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار }. ٣٣قوله تعالى: { فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم باللّه الغرور } الآية: ٣٣ قال بعضهم: من اعتمد على غيره فهو في غرور لأن الغرور ما لا يدوم ولا يدوم شيء سواه وهو الدائم لم يزل ولا يزال وعطاؤه وفضله دائمان فلا تعتمد إلا من يدوم عليك منه الفضل والعطاء في كل نفس وحين وأوان وزمان. ٣٤قوله عز وعلا: { ويعلم ما في الأرحام } الآية: ٣٤ قال القاسم: من مؤمن وكافر ومطيع وعاص وهذا دليل على أن اللّه تعالى يعلم الأشياء بالوسم لا بالرسم والوسم لا يتغير والرسم يتغير. قوله تعالى: { وما تدري نفس ماذا تكسب غدا } الآية: ٣٤ قال سهل: ما له في الغيب من المقدور وله وعليه. قوله تعالى: { وما تدري نفس بأي أرض تموت } الآية: ٣٤ قال سهل: على أي حكم تموت من السعادة والشقاوة. ذكر ما قيل في سورة السجدة |
﴿ ٠ ﴾