سورة سبأ

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله عز وعلا: { الحمد الذي له ما في السماوات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم الخبير } الآية: ١

قال ابن عطاء رحمة اللّه عليه: المحمود من لا يربط عباده بشيء من الأكوان قطع

آمالكم عن الجميع لئلا يشتغل به ويكون اشتغالهم بمن له الأكوان وما فيها. قوله عز

وعلا: { وله الحمد في الآخرة }، حيث لم يناقش في المحاسبة مع عباده وهو الحكيم

فيما دبر والخبير بما عفى وستر.

قال القاسم: حقيقة الحمد أن تكف عن اللغو وعن مدح الخلق وعما لا يعنيك.

سمعت أبا العباس محمد بن أحمد الفارسي يقول: سمعت أحمد بن مزاحم يقول:

سمعت أبا بكر الوراق يقول: لا يكمل الحمد إلا بخلال ثلاث: محبة المنعم بالقلب

وابتغاء مرضاته بالنية وقضاء حقه بالسعي.

وقال بعضهم: لا تعرض عمن كفاك أمر دنياك وأطعمك في عقباك ولم يخلك في

حاله عن نظره وتواتر نعمه فالزم شكره بقلبك وأدم حمده على لسانك تصل إلى محل

الحامدين والشاكرين.

٣

قوله تعالى: { لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض } الآية: ٣

قال الواسطي رحمة اللّه عليه في هذه الآية: كيف يخفى عليه ما أنشأه أم كيف

يستعظم شيئا هو أبداه.

١٠

قوله عز وعلا: { ولقد آتينا داود منا فضلا } الآية: ١٠

قال: فطنة ويقظة في الرجوع إلى ربه عند العثرة وهي الاستقالة والمعذرة.

قال ابن عطاء رحمة اللّه عليه: { فضلا } أي علما أن ليس للعبد خيرا من ربه مقبلا

ومدبرا وعاصيا ومطيعا.

قال جعفر في قوله: { ولقد آتينا داود منا فضلا } قال: ثقة باللّه وتوكلا عليه.

قال النهرجوري: حلاوة صوته في المناجاة.

قال بعضهم: الحكم بالفضل والقضاء بالعدل.

قال ابن خلال: أفضل الفضل من اللّه إلى عباده أن يعرفهم اقدارهم وان يمكن لهم

سبيل الرجوع إليه.

قال عبد العزيز: حبا للمساكين ورحمة على الضعفاء.

١٣

قوله تعالى: { اعملوا آل داود شكرا } الآية: ١٣

قال ابن عطاء: اعملوا من الأعمال ما تستوجبون عليه الشكر. وقال أيضا: اظهروا

شكر النعمة كظهور النعمة عليكم.

وقال الأنطاكي: الشكر على وجوه منها شكر أهل المعاملة إذا رأوا النعمة رأوها من

المنعم وشكر العاصين طاعة بالأبدان وشكر المطيعين حمد باللسان وذكر النعم وشكر

العارفين معرفة المنعم وهي درجة الأنبياء.

قال عبد العزيز المكي: اذكروا نعمي عليكم فإن ذكرها شكرها.

قال الأنطاكي: أصل الشكر الطاعة والتوبة والندم بالقلب قال اللّه تعالى: { اعملوا آل داود شكرا }.

قال بعضهم: الشكر رؤية المنة من المنعم على دوام الأحوال.

سئل الجنيد رحمة اللّه عليه عن الشكر فقال: بذل المجهود بين يدي اللّه.

وقال رويم: الشكر استفراغ الطاقة.

قال السرى رحمة اللّه عليه: الشكر القيام بين يدي اللّه حتى يعجز فإن عجز فقد

شكره.

قال الفضيل: { اعملوا آل داود شكرا } قال: ارحموا أهل البلاء وسلوا ربكم

العافية.

قوله عز وعلا: { وقليل من عبادي الشكور } الآية: ١٣

سمعت محمد بن عبد اللّه يقول: سمعت ابن عطاء رحمة اللّه عليه يقول: في قوله:

{ وقليل من عبادي الشكور } قال: قليل من عبادي من يرى الطاعة منة منى عليه.

قال أبو حفص: اخس العباد من يرى طاعته ويمن بها على مولاه ويغفل عن محل

التوفيق فيها وانه أهله لعبادته والقيام بخدمته ألا ترى اللّه يقول: { وقليل من عبادي الشكور.

وقيل: في قوله: { وقليل من عبادي الشكور } هم على ثلاث طبقات: منهم من

يكون شكره لغذاء النفس، ومنهم من يكون شكره لغذاء الروح، ومنهم من يكون

شكره لغذاء القلب. فأما غذاء النفس فالمطعم بالملبس والعافية، وأما غذاء الروح فالعلم

والمعرفة والطاعة، فعليه الشكر وأما غذاء القلب فالمعرفة والرضا، فأبناء الدنيا شكرهم

لغذاء أنفسهم، وأبناء الآخرة شكرهم لغذاء الروح وأصحاب القلوب شكرهم لغذاء

قلوبهم لذلك روى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: ' من لم يعرف نعمة اللّه عليه إلا

في مطعمه

وملبسه فقد صغر نعم اللّه عنده '.

وقال بعضهم: هم ثلاثة شاكر وشكور وشكار فالشاكر من يشكر اللّه بنعمته

والشكور من يشكر اللّه بشكره والشكار من يشكر اللّه به فالأول شكر النعمة والثاني

شكر المنة والثالث شكر المعرفة.

قال بعضهم: الشاكر يكون صادقا والشكور يكون مصدقا والشكار يكون صديقا.

قال بعضهم: الشاكر من العباد قليل والشكور من الشاكرين قليل والشكار من

الشكور قليل.

قوله تعالى: { غدوها شهر ورواحها شهر } الآية: ١٢

قال الواسطي رحمة اللّه عليه: اظهر سلطانه في سليمان وملكه الريح غدوها شهر

ورواحها شهر.

٢٣

قوله تعالى: { ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له } الآية: ٢٣

قال القحطاني: قطع الحق الخلق عنه بقوله: { ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له }.

٣٧

قوله عز وعلا: { وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى } الآية: ٣٧

قال سهل رحمة اللّه عليه: هو التقرب إلى اللّه.

قال بعضهم: من شغله عن الحق سبب فلا طريق له إلى المسبب.

٣٩

قوله تعالى: { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه } الآية: ٣٩

قال سهل: الخلف على الإنفاق والأنس بالعيش مع اللّه والسرور به.

٤٦

قوله تعالى: { إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا للّه مثنى وفرادى } الآية: ٤٦

وقال سهل: يرجع الحساب يوم القيامة إلى أربعة وهو الصدق في الأقوال والإخلاص

في الأعمال والاستقامة مع اللّه في جميع الأحوال ومراقبة اللّه على كل حال.

ذكر ما قيل في سورة فاطر

﴿ ٠