سورة المؤمن

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله تعالى: { حم تنزيل الكتاب من اللّه العزيز العليم } الآية: ١

قال سهل في قوله: { حم } قال: الحي الملك هو الذي انزل عليك الكتاب، وهو الذي وله به قلوب العارفين العزيز عن درك الخلق والعليم بما أنشأ وقدر.

٣

قوله عز وعلا: { غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب } الآية: ٣

قال سهل: { غافر الذنب } أي ساتره على من يشاء { وقابل التوب } أي ممن تاب إليه واخلص العمل بالعلم له { ذي الطول } أي ذي الغنى عن الكل.

قال بعضهم: { غافر الذنب } كرما { وقابل التوب } فضلا { شديد العقاب } عدلا { لا إله إلا هو } فردا { وإليه المصير } تصديقا للوعد.

قال بعضهم: { غافر الذنب } للمذنبين وقابل توبة الراجعين { شديد العقاب } على المخالفين ذي الطول على العارفين.

قال بعضهم: { غافر الذنب } للظالمين { وقابل التوب } للمقتصدين { ذي الطول } للسابقين { شديد العقاب } للكافرين والجاحدين والمنافقين { إليه المصير } يصل الظالم بجوده إلى رحمته ويصل المقتصد بفضله إلى رضوانه ويصل السابق بمنه وطوله بالنظر إلى وجهه الكريم تبارك وتعالى.

٤

قوله: { ما يجادل في آيات اللّه إلا الذين كفروا } الآية: ٤

قال سهل: هو المجادلة في الذات دون الفروع وقال: { إلا الذين كفروا } قال: يدعون غير الحق.

وقال بعضهم: هو الذي يجادل بالهوى لأن المتبع لا يجادل بل يقتدى.

سمعت أبا بكر محمد بن عبد اللّه الطبري يقول: سمعت إبراهيم الخواص يقول: ما كانت زندقة ولا كفر ولا بدعة ولا جرأة في الدين إلا من قبل الكلام والمراء والجدال والعجب كيف تجترئ الرجل والمراء على الجدال واللّه يقول: { ما يجادل في آيات اللّه إلا الذين كفروا }.

٧

قوله عز وعلا: { فاغفر للذين تابوا } الآية: ٧

قال سهل: هم الذين تابوا من الغفلة وانسوا بالذكر واتبعوا سنة المصطفى صلى اللّه عليه

وسلم.

١٣

قوله عز وعلا: { هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء زرقا } الآية: ١٣

قال أبو بكر بن طاهر: من آياته في الأرض للعوام سوق الأرزاق إليهم من غير

حركة وسعى منهم في ذلك ومن آياته للخواص من عباده مكان أوليائه وأهل صفوته

فمن صحبهم وتبعهم وصبر على موافقتهم كفى اهتمام طلب الأرزاق ورزق من حيث لا

يحتسب قال اللّه تعالى: { هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا }.

قال ابن عطاء: من آياته انك لا تنظر إلى شيء من الموجودات إلا وهو يخاطبك

بحقيقة التوحيد ويدلك على الحق وذلك ظاهر لمن تبين وكشف له وأيد بالعناية.

وقوله عز وعلا: { إن الذين كفروا ينادون لمقت اللّه أكبر من مقتكم أنفسكم }.

قال سهل: المقت هو غاية الابعاد من اللّه فالكفار إذا دخلوا النار مقتوا أنفسهم

ومقت اللّه لهم أشد عليهم من دخول النار.

قوله عز وعلا: { ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } الآية: ١١

قال بعضهم: أمت منا اثنتين السمع والبصر فعجزتنا أن نفقه الحق ونتخذ الرشد

سبيلا وأحييت منا النفس والهوى فكنا نسمع الباطل ونتخذ الغي سبيلا فاعترفنا بذنوبنا

إنا مصرفون تحت القدرة وأنت القادر عليها فهل لنا خروج من سبيل.

١٤

قوله عز وعلا: { فادعوا اللّه مخلصين له الدين } الآية: ١٤

قال أبو عثمان: الإخلاص في الدعاء هو الذي إذا دعوته في كشف ضر فكشفه

ألزمت نفسك شكره إلى الأبد وإذا دعوته لاستجلاب خير فأعطاك ألزمت نفسك الحمد

إلى الأبد وان لا تخص نفسك بالدعاء دون سائر المؤمنين فإنه من خص نفسه بالدعاء

كان من علامات النفاق والخذلان.

قال بعضهم: من شرط الدعاء أن تدعوا بإخلاص قلب وسلامة صدر وتعلم ما تسأل

ويكون سؤال مضطر لا سؤال مستغن.

قال الجنيد - رحمة اللّه عليه -: الإخلاص سر بين اللّه وبين العبد لا يعلمه ملك

فيكتبه ولا عدو فيفسده ولا هوى فيميله.

وقال يحيى بن معاذ: الإخلاص تمييز العمل من العيوب كتمييز اللبن من الفرث

والدم.

١٥

قوله تعالى: { رفيع الدرجات ذو العرش } الآية: ١٥

قال سهل: يرفع درجات من يشاء بالمعرفة وقال في قوله: { يلقي الروح من أمره }

أي ينزل الوحي من السماء بأمره

وقال ابن عطاء: يرفع درجات من يشاء في الدارين يجعله عزيزا فيهما وخلق العرش

إظهارا لقدرته لا مكانا لذاته يلقى الروح من أمره على ضروب فمن ألقى إليه روح

الصفاء انطقه بها وأحياه حياة الأبد والروح روحان روح بها حياة الخلق وأخرى لطيفة

بها ضياء الخلق.

وقال فارس: زين العرش بأنوار ذاته فلا يوازيه شيء ولا يقابله مثل.

وقال الحسين: العرش غاية ما أشار إليه الخلق.

وقال ابن عطاء في قوله: { يلقي الروح من أمره } قال: حياة الخلق على حسب ما

ألقى إليهم من الروح فمنهم من ألقى إليه روح الرسالة ومنهم من ألقى إليه روح النبوة

ومنهم من ألقى إليه روح الصديقية ومنهم من ألقى إليه روح الهداية ومنهم من ألقى

إليه روح الحياة فقط فهو ميت في الباطن وإن كان حيا في الظاهر.

قوله تعالى: { لينذر يوم التلاق } الآية: ١٥

قال ابن عطاء: نبيا كان أو داعيا إليه يرويه من غير أن تحدث له رؤية لأنهم لم يغيبوا

عنه قط.

سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم البزار بمصر قال: قال ابن

عطاء: يلقى المرء خصمه وعمله وأحباءه ومواعيده.

١٦

قوله عز وعلا: { لا يخفى على اللّه منهم شيء } الآية: ١٦

قال الواسطي - رحمة اللّه عليه -: كيف تخفى عليه وهو الذي يبديها عليهم وكيف

يستترون عنه بشيء وهو الذي يظهر عليهم ما يستترون.

قوله تعالى: { لمن الملك اليوم للّه الواحد القهار } الآية: ١٦

قال جعفر: أخرس المكونات ذوات الأرواح عن جواب سؤاله في قوله لمن الملك

اليوم فلم يجسر أحد على الإجابة وما كان أن يجيب تحقيق سؤاله سواه فلما سكتت

الألسن عن الجواب أجاب نفسه بما كان يستحق من الجواب فقال: { للّه الواحد القهار)

*

فقال: { اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم } قال ابن عطاء: من طالع من

نفسه

أفعاله وأذكاره وطاعاته جزى على ذلك ولا ظلم عليه فيه ومن طالع فضله ومننه

أسقط على درجة الجزاء إلى مقام الإفضال والرحمة بقوله: { قل بفضل اللّه وبرحمته فبذلك فليفرحوا }.

وقال أبو بكر بن طاهر: يريك جزاء كسبك وما تستحق ذلك لترى بعد ذلك محل

الفضل والكرم.

١٨

قوله عز وعلا: { وأنذرهم يوم الآزفة } الآية: ١٨

قال ابن عطاء: يوم يعطي كل عامل جزاء عمله.

١٩

قوله تعالى: { يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور } الآية: ١٩

قال أبو عثمان: خيانة العين هو أن لا يغضها عن المحارم ويرسلها في الهوى

والشبهات.

وقال أبو بكر الوراق: يعلم من يمد عينه إلى الشيء معتبرا ومن يمدها لإرادة

وشهوة.

٢٨

قوله تعالى: { وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه } الآية: ٢٨

قال ابن عطاء: المؤمن يألف المؤمن ويذب عنه والمنافق يراءى المنافق. ويجادل عنه

والمؤمن ينصح والمنافق يعترض.

٣٧

قوله عز وعلا: { وكذلك زين لفرعون سوء عمله } الآية: ٣٧

قال بعضهم: من رأى من نفسه زلة فلم يداوها بدوائها وستر عليها ولم يجتهد في

إزالتها زين في عينه مساوءه فيرى المساوئ محاسن وهو ذميما كما قال اللّه تعالى:

{ وكذلك زين لفرعون سوء عمله } ركض في ميادين الباطل وهو يراها حقا.

٣٨

قوله تعالى: { وقال الذي آمن يا قوم اتبعون أهدكم سبيل الرشاد } الآية: ٣٨

قال محمد بن علي الترمذي: لم تزل الدنيا مذمومة في الأمم السالفة عند العقلاء

منهم وطالبوها مهانين عند الحكماء المقاضين وما قام داع في أمة إلا حذر متابعة الدنيا

وجمعها الحب لها الا ترى مؤمن آل فرعون كيف قال: { اتبعون أهدكم سبيل الرشاد }

كأنهم قالوا له: وما سبيل الرشاد؟ قال: إنما هذه الحياة الدنيا متاع لم تصل إلى سبيل

الرشاد وفي قلبك محبة الدنيا.

٤١

قوله عز وعلا: { ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجاة } الآية: ٤١

قال أبو يزيد - رحمة اللّه عليه -: النجاة هي الخلاص من أماني النفس.

قال أبو حفص النجاة هي اتباع الأوامر على حد النشاط ومجاهدة الإخلاص فيها.

وقال أبو عثمان: ما أراد النجاة فليترك ما لا يعنيه ويشتغل بما يعنيه فإن فيه نجاة

الدارين.

٤٣

قوله تعالى: { وأن مردنا إلى اللّه } الآية: ٤٣

قال أبو عمرو المكي: قلت لأبي صالح حمدون أوصني بوصية فقال: إن استطعت

أن تصبح مفوضا لا مدبرا فافعل.

قال شاه: علامة التفويض ترك الاختيار وصدق التفويض الصحبة مع اللّه والثقة

باختيار وترك الضر.

سمعت عبد اللّه الرازي يقول: سمعت أبا عثمان - وذكر انه من كلام شاه - من

علامات التفويض ترك الحكم في اقتدار اللّه وانتظار القضاء من وقت إلى وقت وتعطيل

الإرادة لتدبير اللّه عز وجل.

وقال بعضهم: التفويض قبل نزول القضاء والتسليم بعد نزول القضاء.

سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول: قال أبو العباس

ابن عطاء في قوله: { وأفوض امرئ إلى اللّه } قال: اجعل أمري أمره ولا أتقدم حتى

يأذن لي.

سمعت أبا عبد اللّه الرازي يقول: سمعت أبا عثمان يقول: من أراد أن يفوض أمره

إلى اللّه فليحفظ أربعة أشياء.

أولها: عدل اللّه عليه أن ذلك كان مكتوبا عليه.

والثاني: يحفظ ذنوبه ويعلم أن ذلك عقوبة.

والثالث: يحفظ إحسان اللّه إليه حيث عفى عن كثير من ذنوبه.

والرابع: يرجو الخير الكثير في كراهيته لقوله تعالى: { وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل اللّه فيه خيرا كثيرا }.

سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت أبا عثمان الدمشقي يقول: سمعت أبا عبد اللّه

الحلاج يقول: سمعت ذا النون المصري رحمة اللّه عليه وقد سئل متى يكون العبد

مفوضا؟ قال: إذا يئس من نفسه وفعله والتجأ إلى اللّه في جميع أحواله ولم يكن له

علاقة سوى ربه.

٥١

قوله عز وعلا: { إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا } الآية: ٥١

قال جعفر: ننصر رسلنا بالمؤمنين ظاهرا وننصر المؤمنين بالرسل باطنا.

وقال سهل في قوله: { ننصر رسلنا في الحياة الدنيا } قال: يكرمهم بالمعرفة والعلم

{ ويوم يقوم الأشهاد } قال: لم يرض بما ضمن لهم النصرة في الدنيا حتى ضمن لهم

النصرة في القيامة ومن كان اللّه ناصره في الدنيا والآخرة فلا سوء عليه.

٥٢

قوله تعالى: { يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم } الآية: ٥٢

علمت أن السوابق هي المؤثرة لا الأوقات.

٥٥

قوله تعالى: { فاصبر إن وعد اللّه حق } الآية: ٥٥

سئل بعضهم: الصبر على العافية أشد أم الصبر على البلاء؟ فقال: طلب السلامة

في الأمن أشد من طلب السلامة في الخوف.

قال النباحي: الصبر على الطاعة خوف فوق الآخرة.

وقال أيضا: الصبر حصن من حصون الصدق ومنه يرحل إلى الآخرة والصبر في

الطاعة سبب يوصل إلى منازل الصدق والصبر كهف من كهوف اللطيف.

٥٦

قوله عز وعلا: { إن الذين يجادلون في آيات اللّه بغير سلطان } الآية: ٥٦

قال الواسطي رحمة اللّه عليه: اتاهم الكتاب والسنة والحجة لا يجحدها عاقل كحجة

إبراهيم الخليل صلى اللّه عليه وسلم، والحجة حجتان: حجة قاطعة كحجة إبراهيم في معنى

اليقين

وحجة مردودة إلى المشيئة وهو قوله: { قل فللّه الحجة البالغة }.

٦٠

قوله تعالى: { وقال ربكم ادعوني أستجب لكم } الآية: ٦٠

قال الوراق: ادعوني على جدارة الاضطرار والالتجاء دعاء من لا يكون له ملجأ ولا

مرجع إلى سواي: استجب.

وقال محمد بن علي: من دعا اللّه ولم يعمر قبل ذلك سبيل الدعاء بالتوبة والإنابة

وأكل الحلال واتباع السنة ومراعاة السر كان دعاؤه مردودا فأخشى أن يكون جوابه الطرد

واللعنة.

وقال يحيى بن معاذ: ادعوني بصدق الالتجاء استجب لكم صالح الدعاء.

وقيل لسهل: ما معنى قولهم: الدعاء أفضل العمل؟ فقال: لأن فيه الفقر والفاقة

والالتجاء والتضرع.

سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم البزاز قال: قال ابن عطاء

رحمة اللّه عليه: للدعاء أركان وأجنحة وأسباب وأوقات فإن وافق أركانه قوى وإن وافق

أجنحته طار في السماء وان وافق مواقيته فاز وإن وافق أسبابه أفلح. فأركانه: حضور

القلب والرقة والاستكانة والخشوع وتعلق القلب باللّه وقطعه من الأسباب، وأجنحته:

الصدق، ومواقيته: الاسحار، وأسبابه: الصلوات على محمد صلى اللّه عليه وسلم.

{ اللّه الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه } قال بعضهم: لتسكنوا فيه إلى روح المناجاة

{ والنهار مبصرة } لتبصروا فيه بوادي القدرة.

وقال بعضهم: لتسكنوا فيه عن حركات طلب الأرزاق.

وقال بعضهم: لتحاسبوا أنفسكم بخيانات النهار.

٦٤

قوله عز وعلا: { واللّه الذي جعل لكم الأرض قرارا } الآية: ٦٤

قال سلمييان: القرار لمن استقر على طلب الموافقة واجتنب التخطي إلى المخالفة.

وقال بعضهم: جعل الأرض قرارا لأوليائه والسماء بناء لملائكته.

٦٥

قوله عز وعلا: { هو الحي لا إله إلا هو فادعوه } الآية: ٦٥

قال الواسطي رحمة اللّه عليه: هو الذي أحيا القلوب بفوائد أنواره وسواطع عزته

عن هواجس الهياكل وظلم الأجسام.

وقال الحسين: هو الذي أحيا العالم بنظره فمن لم يكن به وبنظره حيا فهو ميت وإن

نطق أو تحرك.

وقال الجنيد رحمة اللّه عليه: الحي على الحقيقة من به حياة كل حي.

قوله عز وعلا: { وأمرت أن أكون من المسلمين }.

قال ابن عطاء: اخضع لأوامره وأنقاد له ولا أخرج من رسوم العبودية بحال.

قال جعفر: لا ألتجئ إلا إليه ولا أذل إلا له فإن الالتجاء إليه محل الفرج والتذلل له

معدن العز.

٧٧

قوله تعالى: { فاصبر إن وعد اللّه حق } الآية: ٧٧

قال أبو بكر بن طاهر: اصبر على شدائد الدنيا فإن وعد اللّه حق لمن صبر فيها على

الشدائد أن يوصله إلى الراحة الكبرى وهو مقعد صدق عند مليك مقتدر.

٧٨

قوله عز وعلا: { فإذا جاء أمر اللّه قضي بالحق } الآية: ٧٨

قال الواسطي رحمة اللّه عليه: من ذكر القسمة وما جرى له في السبق ينقطع عن

السؤال والدعاء ويعلم أن المقضى كائن بالحق ومن الحق لذلك قال بعضهم: أمرونا

بالسكوت والجمود، ودعونا إلى الدعاء، والثناء في الدعاء لمن لا سابقة له والثناء لا

يصلح إلا لأهل الثناء فإنك إن سألت ما ليس لك استعجلت وأسأت الثناء وإن سألت ما

لك اتهمت وإن سكت أجرى لك ما قضاه في الدهور لك وهذا كقوله: فإذا جاء أمر

اللّه قضى بالحق.

٨٠

قوله تعالى: { ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم } الآية: ٨٠

وقال محمد بن علي: لكم فيها منافع استعمال السنة في الركوب فيما خلق للركوب

واستعمال السنة في النحر والذبح فيما خلق لهما.

قال أبو عثمان رحمة اللّه عليه: { ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم } قال الحج

والغزو.

وقال أحمد بن حنبل رحمة اللّه عليه: لكم فيها منافع في أداء صدقاتها وزكاتها

وتضعيف الأجر لكم في ذلك.

٨١

قوله عز وعلا: { ويريكم آياته فأي آيات للّه تنكرون } الآية: ٨١

قال سهل: اظهر آياته في أوليائه وجعل السعيد من عباده من صدقهم في كراماتهم

وأعمى أعين الأشقياء عن ذلك وصرف قلوبهم عنه ومن أنكر آيات الأولياء إنما ينكر

قدرة اللّه فإن القدرة تظهر على الأولياء آيات لأنهم بأنفسهم يظهرونها واللّه تعالى يقول:

{ ويريكم آياته فأي آيات اللّه تنكرون }.

٨٥

قوله تعالى: { سنة اللّه التي قد خلت في عباده } الآية: ٨٥

قال سهل: السنة مشتقة من أسماء اللّه تعالى السين سنا اللّه والنون نور اللّه والهاء

هداية اللّه فقوله: سنة اللّه التي قد خلت في عباده أي فطرة اللّه التي جبل عليها خواص

عباده هداية منه لهم فهم على سنن الطريق الواضح إليه زيادة.

قوله تعالى: { ادعوني أستجب لكم } الآية: ٦٠

سمعت منصور بن عبد اللّه الاصفهاني يقول: سمعت الشبلي يقول: وقد سئل عن

قوله: { ادعوني أستجب لكم } فقال: اوه من أمر ولمن أمر وكيف أمر وبأي أمر أمر

وبأي شيء أمر وما المراد فيما أمر، بلى واللّه أمرنا أن نكون بلا نحن في سر ظهر الغيب

سرا بسر متصل وأما على الظاهر فقال: ادعوني ولا تدعوا معي سواي فإذا وجدتموني

فقد وجدتم الكل.

سمعت النصرآباذي يقول: ناب عن خلقه بالدعاء وناب عنهم بالإجابة فكل يدعو

على ما ناب عنه ومن لم ينب عنه فهو المحروم في الدعاء والممنوع من الإجابة.

قال ابن عطاء: ادعوني واستجيبوا استجب لكم.

قال بعضهم: كم منا دعا ربه عند نفسه وهو في الحقيقة دعا غيره وعبد سواه.

ذكر ما قيل في سورة فصلت

﴿ ٠