٥٣

قوله عز وعلا: { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم } الآية: ٥٣

قال سهل: هي الموت والموت خاص وعام فالعام موت الخلقة والجبلة والخاص موت

شهوات نفوس الأولياء.

قال القحطاني: لا يزال العبد يرتقي من حال إلى حال حتى يبلغ إلى الأحوال السنية

العالية ويرى اللّه قائما بالأشياء ثم ترقى به عن ذلك الحال حتى يرى الأشياء فانية في

رؤية الحق ويتيقن أن القديم إذا قرن بالحديث لا يثبت له اثر وإن جل قدره وعظم

خطره وهو معنى قوله: { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق }

وهو النظر في الدنيا بشاهد الحق ثم النظر إلى الحق بالفناء عن الكون وهو أن تصير

النعوت نعتا واحدا ولا يشهد إلا حقا صرفا.

وسئل أبو عثمان عمن يقول بالشاهد؟ فقال: لا أنكر القول بالشاهد لمن يشهد

الأشياء كلها شيئا واحدا.

وقال الواسطي رحمة اللّه عليه: ظهر في كل شيء بما اظهر منه وإظهاره الأشياء

ظهوره بها فإذا فتشها لا يجد غير اللّه قال اللّه تعالى: { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } دون غيره ولذلك قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: '

أصدق كلمة

تكلمت بها العرب كلمة لبيد ألا كل شيء ما خلا اللّه باطل '.

وكذلك حكى عن بعضهم انه انشد:

* اسمع فهذا كلام واللّه ما فيه علة

* أقل من كل شيء من لا يرى الكل قلة

*

وقال بعضهم: { سنريهم آياتنا في الآفاق } قال: يرى الأشياء وجودها عدمها وعدمها

وجودها كما أن كل قرب بعد وكل بعد قرب لأن إحاطة القدرة بالشيء وجود الشيء.

قوله عز وعلا: { أولم يكف بربك انه على كل شيء شهيد } الآية: ٥٣

قال الواسطي رحمة اللّه عليه: لو شهدوا شواهد الحق فيما جرى عليهم من المخالفة

والموافقة لما اضطربوا فرحا ولا حزنا نفيا للشرك والمقارنة.

سمعت عبد اللّه الرازي يقول: كان أكبر عمل أبي عثمان في المراقبة وكان كثيرا ما

يتلو هذه الآية.

وقال الواسطي: في هذه الآية أوائلها فيه وكان يتلو هذه الآية كثيرا: { أولم يكف بربك }

أوائلها للطائفين والعابدين طالعوه وراقبوه وأواخرها للواجدين شاهدوه على آباده وسرمده الذي فيه فناء معانيهم.

ذكر ما قيل في سورة عسق

﴿ ٥٣