سورة الأحقافبسم اللّه الرحمن الرحيم ٣قوله تعالى: { ما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق } الآية: ٣ قال ابن عطاء: خلق اللّه السماوات والأرض واظهر فيها بدائع صنعه وبوادي قدرته فمن نظر إليها ورأى فيها آثار الصنع فهو لتيقظه ومن نظر وشاهد الصانع فهو لتحققه. ٦قوله عز وعلا: { وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء } الآية: ٦ قال سهل: هي نفوسهم التي قارنهم إلى متابعتها في الجري على أحكام هواها. ٩قوله عز وعلا: { قل ما كنت بدعا من الرسل } الآية: ٩ قال سهل: ما كنت عجبا في المرسلين. قال بعضهم: في هذه الآية: لم ادعكم إلا إلى التوحيد ولم أدلكم إلا على مكارم الأخلاق وبهذا بعث الأنبياء قبلي. قال جعفر في هذه الآية: لم يكن في نبوتي شيء وإنما هو شيء أعطيته لا بي بل بفضل من عند اللّه حيث اهلني لرسالته ووصفني في كتب الأنبياء السالفة صلوات اللّه عليهم أجمعين. قوله عز وعلا: { وما أدري ما يفعل بي ولا بكم } الآية: ٩ قال الواسطي رحمة اللّه عليه: إن اللّه تعالى ستر أمر الروح على جميع خلقه وستر مائية ذاته وستر ما يعامل الخلق عند معاينته فقال: { ما أدري ما يفعل بي ولا بكم }. ١٣قوله تعالى: { إن الذين قالوا ربنا اللّه ثم استقاموا } الآية: ١٣ استقاموا على ما سبق منهم من الإقرار بالتوحيد فلم يرو سواه منعما ولا شكروا سواه في حال ولا رجعوا إلى غيره وثبتوا معه على منهاج الاستقامة. قال ابن عطاء: الذين قالوا ربنا اللّه: في صفاء التوحيد، ثم استقاموا: اجتهدوا في القيام بواجبه. قال جعفر: استقاموا مع اللّه بحركات قلوبهم على مشاهدات التوحيد. قال أبو عثمان: استقاموا على مقالتهم بالفعل والعزم والنية. ١٥قوله عز وعلا: { ووصينا الإنسان بوالديه حسنا } الآية: ١٥ قال بعضهم: أوصى اللّه العوام ببر الوالدين لما لهما عليه من نعمة التربية والحفظ فمن حفظ وصية اللّه تعالى في الأبوين وفقه ببركة ذلك الحفظ بركات اللّه تعالى، وكذلك رعايات الأوامر والمحافظة عليها توصل بركاتها بصاحبها إلى محل الرضا والأمن. قوله تعالى: { حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة } الآية: ١٥ قال ابن عطاء: خاطب اللّه الأنبياء ونعتهم عند كمال الأوصاف وتمام العقول وهو الوقت الذي أخبر اللّه عز وجل عن تمام خلقه عباده حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة. قوله تعالى: { رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي } الآية: ١٥ قال سهل: الهمني التوبة والعمل بالطاعة. وقال بعضهم: تمام الشكر والمعرفة بالعجز عن الشكر لأن توفيق الشكر يوجب الشكر إلى ما لا نهاية لذلك قال محمود الوراق: * إذا كان شكري نعمة اللّه نعمة * علي له في مثلها يجب الشكر * * فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله * وإن طالت الأيام واتصل العمر * * وما منهما إلا له فيه منة * تضيق بها الأوهام والبر والبحر * * فإن مس بالسراء عم سرورها * وإن مس بالضراء أعقبه الأجر * قوله تعالى: { وأن أعمل صالحا ترضاه } الآية: ١٥ قال سهل: العمل المرضى ما كان أوائله على الإخلاص مقيدا باتباع السنن. قال ابن عطاء: العمل الصالح المرضى ما يصلح للعرض على الحق. قوله تعالى: { وأصلح لي في ذريتي } الآية: ١٥ قال سهل: اجعلهم خلف صدق لي ولك عبيد حق. قال ابن عطاء: وفقهم لصالح أعمال ترضى بهم عنهم. قال محمد بن علي: لا تجعل للشيطان والنفس والهوى عليهم سبيلا. وقال أبو عثمان: اجعلهم أبرارا أي مطيعين لك. ٢٠قوله تعالى: { أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا } الآية: ٢٠ قال سهل: هو اتباع الشهوات وقضاء الأوطار ومتابعة النفس على ما تشتهيه من ركب هذه المراكب فقد ركب مركب الإعراض عن اللّه. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: من اسره شيء من الأكوان الفانية دق أو جل أو لاحظها بعينه أو بقلبه فقد دخل تحت خطاب قوله: { أذهبتم طيباتكم } الآية. قال أبو عثمان: الناظر إلى الدنيا بعين الرضا والشهوة هو الآخذ بحظه منها والناقص حظه من الآخرة بقدرها. قوله عز وعلا: { وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة فما أغنى عنهم سمعهم ولا أبصارهم} * الآية: ٢٦ قال الحسين: خلق اللّه القلوب والأبصار وجعل عليها أغطية وستورا وأكنة وأقفالا فيهتك الستور بالنور ويرفع الحجب بالذكر ويفتح الأقفال بالقرب ويخرج من الأكنة بمشاهدة الآيات. ٢٩قال تعالى: { فلما حضروه قالوا أنصتوا } الآية: ٢٩ سمعت الشيخ أبا سهل رضي اللّه عنه يقول: ليس في الحضرة إلا الذبول والخمود والسكوت تحت موارد الهيبة قال اللّه تعالى: { فلما حضروه قالوا أنصتوا }. سمعت النصرآباذي يقول: هيبة المشاهدة إذا طالعت السرائر بحق يقينا لخرست الألسن من النطق في ذلك المشهد كالجن لما حضرت النبي صلى اللّه عليه وسلم فأراد أن يقرأ عليهم أوصى بعضهم بعضا بالإنصات { فلما حضروه قالوا أنصتوا }. قال الواسطي رحمة اللّه عليه: لما شاهدوا عز الربوبية ظاهرا في أوصاف الربوبية اخرسهم المشهد لشدة الهيبة. قال الحسين: أعلى ما أشار إليه الخلق العرش ثم انقطعت الإشارة والعبارة لأنه وراء الإشارة والعبارة قال اللّه تعالى: { فلما حضروه قالوا أنصتوا } أي انقطعوا عن العبارات التي يعود إليكم أولها وآخرها، وحارسة نظر إلى العرش فأخبر ولو نظر إلى رب العرش لخرس لقوله: { أنصتوا } لأنه مباين لكل ما خلق لا يسعه غيره ولا يحجبه سواه. ٣٠قوله تعالى: { يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم } الآية: ٣٠ قال جعفر: يدل على طريق الحق بالخروح من المعلومات والمرسومات والتحقق بالحق وهو الصراط المستقيم. قال ابن عطاء يهدي الحق في الباطن وإلى طريق مستقيم في الظاهر. قال ابن الفرحي: يهدي إلى الحق ببركاته وإلى طريق مستقيم بما فيه باتباع العلم. ٣١قوله تعالى: { يا قومنا أجيبوا داعي اللّه } الآية: ٣١ قال سهل: لا يجيب الداعي إلا من اسمع النداء ووفق للجواب ولقن وإلا فمن يحصل على جواب هذه الدعوة وقال في قلب كل مؤمن داع يدعوه إلى رشده والسعيد من سمع دعاء الداعي فاتبعه. ٣٥{ فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل } الآية: ٣٥ قال سهل: اصبر صبر أهل المعرفة كما صبر من كان قبلك من الرسل ابتلى إبراهيم بالنار وذبح الولد فرضى واسلم، وأيوب بالبلاء فصبر، وإسماعيل بالذبح فرضى، ونوح بالتعذيب فصبر، ويونس ببطن الحوت فدعا والتجأ، ويوسف بالسجن والجب فلم يتغير، ويعقوب بذهاب البصر وفقد الولد فصبر وشكا بثه إلى اللّه ولم يشك إلى غيره وهم أثنى عشر نبيا صبروا على ما أصابهم وهم أولو العزم من الرسل. قال الواسطي في قوله: { أولو العزم } أولو الجد منهم، ذلك بأن المقادير تجري على خلاف المشيئة والتدابير وأن الدنيا أسست على المحن وليس للمحن دواء إلا الصبر. قوله تعالى: { كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار } الآية: ٣٥ قال الواسطي: لما جعل الأذى كساعة من نهار، فأين يقع ما في ساعة من نهار من طاعة ومعصية من كرمه. ذكر ما قيل في سورة محمد صلى اللّه عليه وسلم تسليما كثيرا |
﴿ ٠ ﴾