سورة الواقعةبسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى: { إذا وقعت الواقعة } الآية: ١ قال سهل: إذا ظهر لكل سالك بيان سلوكه فمن كان سلوكه على منهاج النبوة والاقتداء قاده ذلك على منهاج الحق ومن كان سلوكه على الظن والحسبان قاده ذلك إلى منهاج الباطل. قال ابن عطاء رحمة اللّه عليه: إذا تبين مراد المريد من مراده. ٣قوله تعالى: { خافضة رافعة } الآية: ٣ قال ابن عطاء: تخفض أقواما بالعدل وترفع أقواما بالفضل. قال سهل رحمة اللّه عليه يخفض أقواما بالدعاوى ورفع أقواما بالحقائق. وقال أبو بكر بن طاهر: يخفض النفوس ويرفع القلوب. وقال جعفر: يخفض قوما بالطلب ويرفع قوما بالتوكل. وقال النصرآباذي رحمة اللّه عليه: خافضة رافعة خافضة باتباع الأسباب دافعة برؤية المسبب. ٨-٩، قوله تعالى: { وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة } الآية: ٨ ٩ قال ابن عطاء رحمه اللّه: أزواج ثلاثة فأصحاب الميمنة هم أصحاب الجنة وأصحاب المشأمة هم أصحاب النار والسابقون هم العبيد المخلصون ثم يصير أصحاب الميمنة على ثلاثة طبقات ظالم ومقتصد وسابق. ١٠قوله تعالى: { والسابقون السابقون } الآية: ١٠ هم الذين سبقت لهم من اللّه الولاية قبل كونهم هم المقربون أي في منازل القربة وروح الأنس. وقال: سبق الأنبياء إلى الإيمان باللّه والصديقون والشهداء إلى الإيمان بالأنبياء. وقال الجريري في قوله: { والسابقون السابقون أولئك هم المقربون } قال: إنما قربوا إلى ربهم لأنهم لم يكن لهم همة غيره. وقال: في النفس أزواج ثلاثة فإذا استقامت للسبق استقامت: الروح بالرعاية والقلب بالحراسة والجوارح بالخدمة، والروح من اللّه الحياء والقلب الصفاء والجوارح الجزاء. قال القاسم أضاف اللّه عز وجل الأفعال إلى عباده بقوله: { والسابقون السابقون } ثم قال: { أولئك المقربون } ولم يكونوا مقربين لما كانوا سابقين ولو كانت الأفعال إليهم حقيقة لكانوا مقربين ولم يكونوا مقربين. سمعت عبد اللّه بن محمد الشعراني يقول سمعت أبا علي الجوزجاني يقول: السابقون هم المقربون بالعطيات والمكرمون بالبشارات وهم العلماء باللّه من بين البرية عرفوا اللّه حق معرفته وعبدوه بأخلص العبادة وانقادوا إليه بالشوق والمحبة فهم الذين قال اللّه: { والسابقون السابقون أولئك المقربون }. قوله تعالى: { ثلة من الأولين } قال سهل هم أهل المعرفة: { وثلة من الآخرين } هم الذين آمنوا بالكتب والرسل ومحمد صلى اللّه عليه وسلم. ١٩قوله تعالى: { لا يصدعون عنها ولا ينزفون } الآية: ١٩ قال جعفر: لا يذهل عقولهم عن موارد الحقائق ولا يغيبون عن مجلس المشاهدة بحال. ٢٤قوله تعالى: { جزاء بما كانوا يعملون } الآية: ٢٤ قال الحسين: رد الشيخ إلى الشيخ والمخلوق إلى المخلوق لما كانت أفعالهم مخلوقة وأذكارهم مخلوقة معلولة جعل جزاءها فاكهة مما يتخيرون ولحم طير مما يشتهون وحور عين وما يشبهها ولما كان فضله واحسانه إلى عباده بالدين وهو غير مخلوق جعل ثوابه وجزاءه مما يليق به فقال: { هل جزاء الإحسان إلا الإحسان }. ٢٥قوله تعالى: { لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما } الآية: ٢٥ قال: ما ذاك بمشهد لغو ولا مكان إثم لأنه قدس بالاخوان المقدسين من العباد فلا يظهر منهم ولا عليهم إلا ما يصلح لذلك المقام. ٢٦قوله تعالى: { إلا قيلا سلاما سلاما } الآية: ٢٦ قال ابن عطاء: سلم بساط القربة عن اللغو والإثم لكنه محشو بالأنس مكشوف لأهلها عن محل السلامة وسماع السلام على حدود الدرجات فمنهم من يكون من أهل سلام الجنس ومنهم من يكون من أهل سلام الملائكة ومنهم من يكون من أهل سلام الحق على مراتبهم. ٣٠قوله تعالى: { وظل ممدود } الآية: ٣٠ سمعت أبا نصر الاصفهاني يقول: سمعت أبا جعفر الملطي عن علي بن موسى الرضى عن أبيه عن جعفر بن محمد الصادق رضي اللّه عنهم أجمعين قال: الظل: رحمة اللّه التي ثبتت لمحمد صلى اللّه عليه وسلم والممدود فضله على الموحدين وعدله على الموحدين. ٣٣قوله تعالى: { لا مقطوعة ولا ممنوعة } الآية: ٣٣ قال: لم يقطع عنهم المعونة والتأييد ولو قطع عنهم ذلك لهلكوا ولا شبعوا من التلذذ بمجاورة الحق ولو منعوا عن ذلك لاستوحشوا. ٦١قوله تعالى: { وننشئكم في ما لا تعلمون } الآية: ٦١ قال الواسطي: من أسباب الشقاوة والسعادة. وقال الخراز: حصرهم القلم وحصرهم العلم أقل القليل وبعينهم أكثر الكثير فلا يعلمون في شاهد علم الظاهر معروفين غير مجهولين وربما جهلوا أنفسهم في علم الظاهر وجهلتهم الخليقة وهم في سر الغيب محفوظين جاري عليهم من اللّه بضد ما تعلمون. ٦٢قوله تعالى: { ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون } الآية: ٦٢ قال القاسم: ألم تعلموا أنا خلقناكم من تراب ثم من مضغة ثم من علقة ثم من ماء مهين أفلا تتعظون من هذه المواعظ وتبصرون إلى عجائب الصنع فيكم وتستحون من هذه الدعاوي والأماني والإضافات وتلزمون الأدب فإن من تعدى دوره هتك ستره. ٧٣قوله تعالى: { نحن جعلناها تذكرة } الآية: ٧٣ قال جعفر: موعظة للمتقين وآله للأولياء من العارفين في حمله. ٧٤قوله تعالى: { فسبح باسم ربك العظيم } الآية: ٧٤ قال الواسطي: سبحه باسمه فإن اسم الشيء هو الشيء بعينه وهو العظيم. وقال ابن عطاء: سبحه أن اللّه هو أعظم من أن يلحقه تسبيحك أو يحتاج إلى شيء منك لكنه شرف عبيده بأن أمرهم أن يسبحوه ليظهروا أنفسهم مما ينزهونه به. ٧٥قوله تعالى: { فلا أقسم بمواقع النجوم } الآية: ٧٥ قال ابن عطاء: هو مواقع ما يظهر على سر النبي صلى اللّه عليه وسلم من أنوار الحق وزوائد التحقيق مما خص به من الدنو والقربى والزلف التي لم يؤمر بإظهارها والإخبار عنها. ٧٧قوله تعالى: { إنه لقرآن كريم } الآية: ٧٧ قال: يدل على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور وشريف الأفعال. وقيل: قرآن كريم بنزوله من كريم بواسطة كريم إلى أكرم الخلق أجمعين. ٧٩قوله تعالى: { لا يمسه إلا المطهرون } الآية: ٧٩ قال بعضهم: لا ينال بركته وخيره إلا من طهر يوم القيامة عن الشقاوة وخلقه يوم خلقه مطهرا من المخالفات. قال ابن عطاء: لا يفهم إشارات القرآن إلا من طهر سره عن الأكوان بما فيها. وقال الجنيد: الا العارفون باللّه المطهرون سرهم عما سواه. وقال جعفر: إلا القائمون بحقوقه المتبعون أوامره والحافظون حرماته. ٨٣قوله تعالى: { فلولا إذا بلغت الحلقوم } الآية: ٨٣ قال ابن معاذ: وأنتم حينئذ تنظرون وقد بلغت نفسه الحلقوم وخلا منها عند ذلك الكشح والحيزوم وهو ذابل الشفتين غابر العينين يلتفت يمينا وشمالا. ٨٥قوله تعالى: { ونحن أقرب إليه منكم } الآية: ٨٥ قال ابن عطاء: إنما ذكر هذا ليعرفوا أقربه منهم لأن بينه وبينهم مسافة ولكن خطاب التحذير والترهيب. قال بعضهم: يتقرب المتقربون إليه بأنواع الطاعات لعلمهم بعلم اللّه بهم وقدرته عليهم، ومن تحقق بذلك كان كعامر بن عبد قيس حين قال: ما نظرت إلى شيء إلا ورأيت اللّه أقرب إلى منه. كما قال بعضهم: * وتحققتك في سرى فناجاك لساني * فاجتمعنا لمعان وافترقنا لمعاني * * إن يكن غيبك التعظيم عن لحظ عياني * فلقد سيرك الوجد من الأحشاء داني * قال الجنيد: قرب الحق إلى قلوب العبيد على حسب ما يرى من قرب قلوب عبيده منه فانظر ماذا يقرب من قلبك. وقال بعضهم: إن للّه عبادا قربهم منه بما هو قريب منهم فكانوا قريبين منه بما هو قريب إليهم. وقال أبو الحسين الثوري: قرب القرب في معنى ما يشيرون إليه بعد البعد. وقال أبو يعقوب السوسي: ما دام العبد في القرب لم يكن قربا حتى يغيب عن القرب بالقرب فإذا ذهب عن رؤية القرب بالقرب فذاك قرب. ٨٨قوله تعالى: { فأما إن كان من المقربين فروح وريحان } الآية: ٨٨ سمعت السلامي يقول: الروح لقلوبهم والريحان لنفوسهم والجنة لأبدانهم. وقال بعضهم: روح في الدنيا وراحة في القبر وجنة نعيم في الآخرة. وقال بعضهم: ترويح الأرواح في المشاهدة واستراحة النفوس إلى آداب الأوامر وجنة نعيم مستقر يستقرون فيه عند المجاورة. وقال ذو النون: مقامات المقربين عشرة سلامة الصدر واعتقاد الرضا والتوكل على اللّه والرفق بعباده والرحمة للضعفاء وإصلاح ذات البين والفرح بصلاح الأمة والغنم بفسادها واعتقاد حسن الظن باللّه. وقال بعضهم: الذين قربهم في الأزل الروح لهم عند الموت والريحان في الجنة عند اللقاء وهو استرواح الأسرار إلى المشاهدة والتنعم في الجنة بالمجاورة. وقال ابن عطاء: الروح النظر إلى وجه الحنان والريحان الاستماع لكلامه وجنة النعيم هو أن لا يحجب العبد فيها عن مولاه إذا تصدر نازلة وللمقربين ذلك في الدنيا روحهم المشاهدة وريحانهم سرور الخدمة وجنة نعيم الستر وبالذكر. وقال بعضهم: الروح النظر والريحان السماع. ٩٠-٩١قوله تعالى: { وأما إن كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين } ٩١ ، الآية: ٩٠ قال سهل: أصحاب اليمين هم الموحدون أي العاقبة لهم بالسلامة لأنهم أمناء اللّه قد أدوا الأمانة يعني أمره ونهيه والتابعين بإحسان لم يحدثوا شيئا من المعاصي والزلات قد أمنوا الخوف والهول الذي ينال غيرهم. وقال بعضهم: أخبر اللّه نبيه صلى اللّه عليه وسلم أن أصحاب اليمين سلموا من درك الشقاء وسوء القضاء بأنهم ينالون الكرامة بحفظهم الأمانة. ٩٥قوله تعالى: { إن هذا لهو حق اليقين } الآية: ٩٥ قال ابن عطاء: إن هذا القرآن لحق ثابت في صدور المؤمنين وأهل اليقين وهو الحق من عند الحق فلذلك تحقق في قلوب المحققين واليقين استقر في قلوب أوليائه. ٩٦قوله تعالى: { فسبح باسم ربك العظيم } الآية: ٩٦ شكرا لما وفقنا أمتك من التمسك بسنتك. ذكر ما قيل في سورة الحديد |
﴿ ٠ ﴾