سورة الملك

بسم اللّه الرحمن الرحيم

١

قوله تعالى: { تبارك الذي بيد الملك } الآية: ١

قال بعضهم: { تبارك } كالكناية والكناية كالإشارة والإشارة لا يدركها إلا الأكابر.

وقال سهل: تعالى من عظم عن الأشباه والأولاد والأضداد والأنداد بيده الملك

يقلبه بحوله وقوته ويؤتيه من يشاء وينزعه ممن يشاء وهو القادر عليه وعلى كل شيء

جل وتعالى.

سئل بعضهم عن قوله: { تبارك } فقال: تبارك هو ابتداء النهايات والغايات الذي لا

يخلو علمه من شيء ولا يحاوله العجز والجهل ولا تعارضه الزيادة والنقصان كل

مصنوع صنعه ولا علة لصنعه ربط كل شيء بضده وقطعه بحده وانفرد هو بنفسه وهو

الذي جاز الغاية قدره والفطنة كهذه وهو الذي بيده الملك لا يستوجب بذلك أحدا إلا

هو.

سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول: قال ابن عطاء:

{ تبارك الذي } أي بارك في الخلق ووهب لهم البركة فنفعهم وكل بقاع مبارك.

وقال أيضا: تبارك أي تعالى عن خلقه فضلا.

وقال جعفر: أي هو المبارك على من انقطع إليه أو كان له.

٢

قوله تعالى: { الذي خلق الموت والحياة } الآية: ٢

قال سهل: الموت في الدنيا بالمعصية وفي الآخرة بالطاعة في الدنيا.

وقال عبد العزيز في قوله: { ليبلوكم أيكم أحسن عملا } أي أيكم أحسن استقامة

على الأوامر، وقال: { أيكم أحسن عملا } أي أيكم الذي يدركه التوفيق فيحببه في

الطاعة ويبعده عن المعصية. وقال في قوله: { العزيز الغفور } العزيز الممتنع في ملكه

والغفور الحكيم في تدبيره لخلقه.

وقال الواسطي: حسن العمل ترك التزيين به.

قال الجنيد: حياة الأجساد مخلوقة، وهي التي قال اللّه: { خلق الموت والحياة }

وحياة اللّه دائمة لا انقضاء لها أوصلها إلى أوليائه في قديم الدهر الذي ليس له ابتداء

بمراده قبل أن يخلقهم فكانوا في علمه أحياء يراهم قبل إيجادهم ثم أظهرهم وأعارهم

الحياة المخلوقة التي أحيا بها الخلق وأماتهم فكانوا في سره بعد الوفاة كما كانوا ثم رد

عليهم حياة الأبد وكانوا أحياء واتصل الأبد بالأبد فصار أبدا في الأبد.

قال عبد العزيز: أي أيكم أحسن استقامة على الأوامر.

قال بعضهم: أيكم أفرغ قلبا واصفى ذهنا وأحسن سمتا وهديا.

وقيل: حسن العمل نسيان العمل ورؤية الفضل.

وقال عطاء: الذي خلق الموت للعبرة والحياة للأمل والغفلة.

قال الواسطي: من أحياه اللّه عند ذكره في ازلة لا يموت أبدا من أماته في ذلك لا

يحيى أبدا وكم حي غافل عن حياته وميت غافل عن مماته.

قال سهل: { أيكم أحسن عملا } أي أيكم أحسن توكلا.

وقال بعضهم: أيكم أحسن عملا } أي اعرف بالطريق إلى اللّه.

وقال بعضهم: أيكم أصدق لهجة.

وقال بعضهم: أيكم اعرف بعيوب نفسه.

٣

قوله تعالى: { فأرجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين.. }

الآية: ٣

قال الواسطي: كرتين: أي قلبا وبصرا لأن الأول كان بالعين خاصة. { هل ترى من فطور } أي أبدا لم يكن في خلقي فطور فأنا أشد امتناعا من الاستغراق والاستحراق.

٥

قوله تعالى: { ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح } الآية: ٥

قال عطاء: زينا قلوب الأولياء بأنوار المعرفة وزينا قلوب المريدين بالخوف والرجاء

وزينا قلوب الزاهدين بالتوبة والإنابة وزينا قلوب المؤمنين بالإيمان والتصديق وكل متجل

بزينته لا يشرف على من فوقه في الدرجة.

١٠

قوله تعالى: { وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير } الآية: ١٠

قال بعضهم: لو سمعنا مواعظ الواعظين وعقلنا نصيحة الناصحين لاتبعناهم فيما

أمرونا به وما كنا إذا في أصحاب السعير.

١٢

قوله تعالى: { الذين يخشون ربهم بالغيب } الآية: ١٢

قال بعضهم: الخشية تصيب القلب والسر والخوف يصيب البدن.

وقال بعضهم: الخشية انزعاج القلب على كل حال لا يسكن إلى طاعة فيهدأ ولا يميل إلى رجاء فيستروح ويكون من معاصيه على وجل أبدا.

١٤

قوله تعالى: { ألا يعلم من خلق } الآية: ١٤

قال سهل: ألا يعلم من خلق القلب ما أودع فيه من التوحيد والجحود وهو اللطيف في علمه بما في لب القلوب.

سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول: قال ابن عطاء في قوله: الا يعلم من خلق الصدور ما في الصدور بلى وهو اللطيف الخبير واللطيف من علم المغيبات بلا مرشد واللطيف من عرف الغائبات بلا دليل واللطيف المشرف على الغائبات كإشرافه على الحاضرات واللطيف من أحسن إليك في لطف الخفاء والخبير من يخبرك بما في غيبك والخبير من يختبر امرك فيأتيك بالألطاف على حسب المصالح لئلا تستبطئه في المنع.

وقال الواسطي: حجب الأشياء عن الوقوف على حقائقها واستبد بمعرفة الحقائق

فقال: { ألا يعلم من خلق }.

١٥

قوله تعالى: { الذي جعل لكم الأرض ذلولا } الآية: ١٥

قال سهل: خلق الأنفس ذلولا فمن أذلها لمخالفتها فقد نجاها من الفتن والبلاء والمحن ومن لم يذلها واتبعها أذلته نفسه وأهلكته.

٢٨

قوله تعالى: { قل أرأيتم إن أهلكني اللّه ومن معي أو رحمنا } الآية: ٢٨

قال عبد العزيز المكي حكمه جار وأمره نافذ ومشيئته ماضية ما شاء فعل رضينا بجميع ذلك لأن فعله واقع في ملكه.

قوله تعالى: { قل إنما العلم عند اللّه } الآية: ٢٦

قال يحيى: أخفى اللّه علمه في عباده عن عباده وكل يتبع أمره على جهة الإشفاق لا يعلم ما سبق له وبماذا يحكم له وذلك قوله: { إنما العلم عند اللّه }.

٢٩

قوله تعالى: { قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا } الآية: ٢٩

قال عبد العزيز المكي: امرهم ربهم أن يفتخروا بعبوديته وما امرهم بذلك إلا وقد رضى بهم عبيدا وهذا الشرف غاية الشرف لأنه ما رضيهم إلا بعلمه بأنهم متساهلون بما يصيبهم له.

قال بعضهم: التوكل نتيجة صحة الإيمان فمن لم يصح إيمانه لا يكون له في التوكل حظ لأن اللّه يقول: { قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا }.

ما قيل في سورة ن

﴿ ٠