سورة القيامة

بسم اللّه الرحمن الرحيم

٢

قوله تعالى: { فلا اقسم بالنفس اللوامة } الآية: ٢

قال سهل: النفس اللوامة هي النفس الامارة بالسوء وهي قرينة الحرص والأمل.

قال أبو بكر الوراق: النفس كافرة في وقت منافقة في وقت مرائية في وقت على

الأحوال كلها هي كافرة لأنها لا تألف الحق أبدا وهي منافقة لأنها لا تفي بالوعد وهي

مرائية لأنها لا تحب أن تعمل عملا ولا تخطو خطوة إلا لرؤية الحق فمن كانت هذه

صفاته فهي حقيقة بداوم الملامة لها.

١٣

قوله تعالى: { ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر } الآية: ١٣

سمعت أبا سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان يقول: سمعت أبي يقول: سمعت أبا

عثمان يقول: خمس مصائب في الذنب أعظم من الذنب: أولها خذلان اللّه لعبده حين

عصاه ولو عصمه ما عصاه، والثانية أن سلبه حلية أوليائه وكساه لباس أعدائه، والثالثة

أن أغلق عنه أبواب رحمته وفتح عليه أبواب عقوبته، والرابعة نظره وهو يعصيه،

والخامسة وقوفه بين يديه يعرض عليه ما قدم وأخر من قبائحه فهؤلاء المصائب الخمسة

في الذنب أعظم من الذنب.

١٤

قوله تعالى: { بل الإنسان على نفسه بصيرة } الآية: ١٤

قال الواسطي: مخلص فهذه البصائر أورثت مطالعات المعارف وسلامة البصائر

أورثت الضياء في الضمير وملاحظة الكريم أوجبت النعيم.

١٧

قوله تعالى: { إن علينا جمعه وقرآنه } الآية: ١٧

قال الواسطي: جمعه في السر وقراءته في العلانية.

وقال: أودع القرآن سرائرهم وأودع البيان بواطنهم.

وقال بعضهم: قيل للنبي صلى اللّه عليه وسلم: لا تستعن بنفسك على شيء من اسبابك فإنا لا نكلك

إلى نفسك بل نتولاك في جميع أمورك علينا وعلينا جمعه في صدرك وتسهيله على لسانك.

٢٠

٢١ ، قوله تعالى: { كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة } الآية: ٢٠

سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت جعفر الخلدي يقول سمعت الجنيد

رحمة اللّه عليه يقول: من أحب الدنيا واقبل عليها وطلبها فليتيقن بفوت حظه من الآخرة لأن اللّه يقول: { كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة } إن من يحب الدنيا يذر الآخرة ويعرض عنها.

٢٢

٢٣ ، قوله تعالى: { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } الآية: ٢٢

قال النصرآباذي: من الناس ناس طلبوا الرؤية واشتاقوا إليها ومنهم العارفون الذين اكتفوا برؤية اللّه لهم فقالوا: رؤيتنا ونظرنا فيه علل ورؤيته ونظره بلا علة فهو أتم بركة واشمل نفعا.

قال عبد العزيز: الخلق في لقاء اللّه عز وجل على ضروب: منهم من يطمع فيه غفلة ومن يطمع فيه جرأة ومنهم من لا يطمع هيبة وهو أفضلهم وأشرفهم وارجاهم أن يؤهل لذلك.

قال الواسطي: نظرت بالتوحيد وابتهجت بالتفريد وزهت بالتجريد.

قال أبو سليمان الداراني: لو لم يكن لأهل المعرفة سرور إلا قوله: { وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة } لاكتفوا به وأي سرور أتم من وصول المحب إلى حبيبه والعارف إلى معروفه.

٢٩

قوله تعالى: { والتفت الساق بالساق } الآية: ٢٩

قال ابن عطاء: اجتمعت عليه شدة مفارقة الوطن من الدنيا والأهل والولد والقدوم على ربه لا يدري بما يقدم عليه لذلك قال عثمان بن عفان رضي اللّه عنه: ما رأيت منظرا إلا والقبر أفظع منه ولأنه آخر منازل الدنيا وأول منازل الآخرة.

﴿ ٠