سورة النازعاتبسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى: { إذ ناداه ربه بالواد المقدس طوى } الآية: ١٦ قال سهل: جوع نفسه طائعا تعبدا ثم نادى ليكون النداء أبلغ. قال أبو عثمان: طوى أياما قبل القصد ثم قصد طاويا مقدسا فطوى الواد المقدس فنادى ربه على التقديس. وقال بعضهم: قدس المكان للكلام وقدس المكالمة وكلمه القدوس كلمات مقدسة لتقدسه بها عن الرجوع إلى نفسه والاعتماد على أحد سواه هذا معنى قوله: { إذ ناداه ربه بالواد المقدس }. ١٧قوله تعالى: { اذهب إلى فرعون إنه طغى } الآية: ١٧ سمعت أبا بكر محمد بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا العباس يقول: سمعت ابن الفرحى يقول في قوله: { اذهب إلى فرعون إنه طغى }. قال: الإشارة إلى فرعون وهو المبعوث إلى السحرة فإن اللّه لم يرسل أنبياءه على أعدائه ولم يكن لأحد من أعدائه من الخطر ما يرسل إليهم أنبياءه ولكن يبعث الأنبياء إليهم ليخرج أولياءه من المؤمنين من بين أعدائه الكفرة. ١٨قوله تعالى: { فقل هل لك إلى أن تزكى } الآية: ١٨ قال ابن عطاء: هل لك أن أطهرك من الجنايات التي تلطخت بها وأردك إلى حد العبودية الذي بها الفخر والنجاة. ١٩قوله تعالى: { وأهديك إلى ربك فتخشى } الآية: ١٩ قال محمد بن علي الترمذي: الخشية ميراث صحة الهداية الا ترى اللّه يقول: { وأهديك إلى ربك فتخشى }. ٢٤قوله تعالى: { أنا ربكم الأعلى } الآية: ٢٤ سئل الواسطي: لماذا خلق اللّه المعاصي وأظهرها واظهر هذه الألفاظ التي لا تليق بالربوبية؟ قال: لأنه لم يؤثر على الذات ما اظهر في الحدث من الصفات لأن الصمدية ممتنعة عن الإشارات فضلا عن العبارات. ٢٥قوله تعالى: { فأخذه اللّه نكال الآخرة والأولى } الآية: ٢٥ قال بشر في هذه الآية: انطق اللّه لسانه بالتعريض من الدعاوي واخلاه من حقائقها. وقال سرى - رحمة اللّه عليه -: العبد إذا تزيا بزي السيد صار نكالا الا ترى اللّه تعالى كيف ذكر فرعون لما ادعى الربوبية بقوله: { فأخذه اللّه نكال الآخرة والأولى }. كذبه كل شيء حتى نفسه. ٣٧قوله تعالى: { فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا } الآية: ٣٧ قال سهل: جحد حقوق اللّه وكفر نعمه وآثر الحياة الدنيا اتباعا في طلب الشهوات ومتابعة المراد. وقال الجنيد - رحمة اللّه عليه -: الطغيان تعدى الحقوق. وقال أبو عثمان: الطغيان الإعراض عن الآخرة والإقبال على الدنيا قال اللّه تعالى: { فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا }. ٤٠قوله تعالى: { وأما من خاف مقام ربه } الآية: ٤٠ قال بعضهم: علم مقام اللّه بأسبابه في الدنيا وخاف من وقوفه يوم القيامة بين يديه. قال ذو النون - رحمة اللّه عليه -: مقامات الخائفين عشرة الحزن الدائم والفقر الغالب والخشية المقلقة وكثرة البكاء والتضرع والهرب من طريق الراحة وكثرة الوله وحل القلب وتنغيص العيش وموافقة الكمد. وقال بعضهم: من تحقق في الخوف ألهاه خوفه عن كل مفروج به وألزمه الكمد إلى أن يظهر له الآمن من خوفه. قوله تعالى: { ونهى النفس عن الهوى } الآية: ٤٠ قال سهل: لا يسلم من الهوى إلا الأنبياء وبعض الصديقين ليسوا كلهم وإنما من سلم الهوى تحركوا ولم يتم هواهم حتى ركب فيهم الشهوات وهو تمام الهوى وقال الشهوة والهوى يغلبان العقل والبيان. قال أبو بكر الوراق: لم يجعل في الدنيا والآخرة شيء أخبث من الهوى المخالف للحق. وقال الفضيل أفضل الأعمال خلاف هوى النفس، قال اللّه تعالى: { ونهى النفس عن الهوى }. وقال الجريري: من أجأب اللّه في هذا الخطاب اقبل على المجاهدة والمكابدة وافنى عمره في مخالفة نفسه. قال الجنيد - رحمة اللّه عليه -: أرقت ذات ليلة فقمت إلى وردي فلم أجد ما كنت أجد من الحلاوة فأردت النوم فلم أقدر عليه واردت القعود فلم أطق ففتحت الباب وخرجت إلى السكة فلما سرت إلى أقصى السكة فإذا رجل ملتف في عباءة مطروح فلما أحس بي رفع رأسه وقال لي: يا أبا القاسم إلى الساعة فقلت: يا سيدي من غير موعد تقدم. قال لي: بلى سألت محرك الأشياء أن يحرك إلى قلبك فقلت له: يا سيدي قد فعل فما حاجتك؟ قال: يا أبا القاسمممتى يصير داء النفس دواءها؟ قلت: إذا خالفت هواها صار داؤها دواءها فاقبل على نفسه وهو يقول: اسمعي قد أجبتك بهذا الجواب سبع مرات فأبيت إلا أن تسمعيه من أبي القاسم وقد سمعتيه فانصرفت عنه ولم أقف عليه ولم اعرفه. ذكر ما قيل في سورة عبس |
﴿ ٠ ﴾