سورة الضحىبسم اللّه الرحمن الرحيم ١قوله تعالى: { والضحى والليل إذا سجى } الآية: ١ قال ابن عطاء: مكاشفات سرك بنا، واشتغالك بالدعوة نظرا إلى الخلق. وقال الجنيد رحمه اللّه: والضحى هو مقام الأشهاد والليل إذا سجى مقام العين الذي قال النبي صلى اللّه عليه وسلم إنه ليغان على قلبي. ٣قوله تعالى: { ما ودعك ربك وما قلى } الآية: ٣ قال ابن عطاء رحمه اللّه: ما حجبك عن قربه حين بعثك إلى خلقه. قال الواسطي رحمه اللّه: ما اهملك بعد أن اصطفاك. ٤قوله تعالى: { وللآخرة خير لك من الأولى } الآية: ٤ قال سهل: ما ادخرت في الآخرة من المقام المحمود ومحل الشفاعة خير مما أعطيتك في الدنيا من النبوة والرسالة. وقال بعضهم: ما لك عندي من مخزون الكرامات اجل مما يشاهده الخلق لأنك الشفيع المطاع والناطق بالإذن حين لا تؤذن لأحد في الكلام. وقال يحيى بن معاذ: الآخرة لا تنال إلا بالمشقة والدنيا لا تنال إلا بالمشقة فاطلب لنفسك أبقاهما. وقال الجنيد رحمه اللّه: ترك الدنيا شديد، وفوت الآخرة أشد. ٥قوله تعالى: { ولسوف يعطيك ربك فترضى } الآية: ٥ قال ابن عطاء: كأنه يقول لنبينا صلى اللّه عليه وسلم افترضنا بالعطاء عوضا عن المعطى فيقول: ' لا ' { إنك لعلى خلق عظيم } القلم: ٤ أي: على همة جليلة إذا لم يؤثر فيك شيء من الأكوان، ولا يرضيك شيء منها. ٦-٨قوله تعالى: { ألم يجدك يتيما فآوى ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى } الآية: ٨ - ٦ سمعت منصور بن عبد اللّه يقول: سمعت أبا القاسم البزاز يقول: قال ابن عطاء: معناه وجد اليتيم فآوى بك، ووجد الضال فهدى بك. ووجد العائل فأغنى بك، وقوله: ووجدك ولا يكون الوجدان إلا بعد الطلب وكان طالبا في الأزل فوجده ثم أوجده سفيرا بينه وبين خلقه. وقال أيضا: وجدك بين قوم ضلال فهداهم بك. وقال أيضا: وجدك أي طلبت حتى وجدت، والمطلوب هو المراد في معنى الظاهر. وقال أيضا: ألم يجدك متحيرا في مشاهدته فآواك إلى نفسه، وأعطاك الرسالة، ووجدك عائلا أي فقيرا بمشاهدة الخلق فأغناك بمكاشفته عن مشاهدتهم. وقال سهل رحمه اللّه: وجد نفسك نفس الطبع فقيرة إلى سبيل المعرفة. وقال ابن عطاء: وجدك فقير النفس فأغنى قلبك بغناه فصرت غنيا بغنى القلب عن النفس قال النبي صلى اللّه عليه وسلم ' ليس الغني عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى القلب.' قال جعفر: كنت ضالا عن محبتي لك في الأزل فمننت عليك بمعرفتي. وقال ابن عطاء: الضال في اللغة هو المحب أي: وجدك محبا للمعرفة فمن عليك بها وذلك قوله في يوسف: { إنك لفي ضلالك القديم } يوسف: ٩٥ أي محبتك القديمة. وقال الجريري: وجدك مترددا في غوامض معاني المحبة فهداك بلطفه إلى ما رمته في وجهك وهذا مقام الوله عندنا. وقال ابن عطاء في قوله: { ووجدك عائلا فأغنى } أي ليس معك كتاب، ولا وحي فأغناك بهما، وأيضا وجدك غير عالم بما لك عنده من المنزلة فهداك له، وأغناك به. وقال بعضهم: وجدك ضالا أي طالبا لمحبته فهداك لها. قال بعضهم: وجدك جاهلا بقدر نفسك فأشرفك على عظيم محلك. وأيضا: وجدك ضالا عن معنى محض المودة فسقاك كأسا من شراب القربة، والمودة فهداك به إلى المعرفة. وقال الجنيد رحمه اللّه في قوله: { ضالا } أي متحيرا في بيان الكتاب المنزل عليك فهداك لبيانه بقوله: { وأنزلنا إليك الذكر لتبين } النحل: ٤٤ وقال بعضهم: مستترا في أهل مكة لم يعرفك أحدا بالنبوة حتى اظهرك فهدى بك السعداء، وأهلك بك الأشقياء. وقال: { ووجدك عائلا } أي: فقيرا لم تكن معك حجة حتى أيدك بالحجج، والبراهين. وقال بعضهم: { ووجدك ضالا } عائلا أي: طاهرا في الخلق كأحدهم حالا، وجسما، وطبعا، حتى أكرمت بمحل الخصوص من المعراج، والكلام، والعيان، ورفع الصفة وتعليم المشاهدة في غير واسطة. وقال الواسطي رحمه اللّه: إذا كان هو المعلاء في شرفه، فأين الضلالة، والهدى، والفقر، والغنى، والضعف، والقوة، واليتم، والإيواء؟ وكل أحد أقل وأولى أن يكون غيره تولى منه ما ظهر وما خفى. وقال بندار بن الحسين: كنت قائما مقام الاستدلال فتعرفت إليك واغنيتك بالمعرفة عن الشواهد والأمة. وقال ابن عطاء: وجدك ضالا عن الرسوم لا عن المعرفة. وقال بعضهم: في قوله: { ووجدك يتيما } أي: واجدا الأمثل لك ولا نظير في شرفك ومهمتك فآواك إليه. وقال بعضهم: ومن ضاله في قومه لا يعرفون مقداره فخصه بخصائص بره، وأظهر عليه مكنون فضله. فجعله عزيزهم وأظهر محله فيهم. وقال بعضهم في قوله: { ووجدك عائلا فأغنى } أي وجدك مترددا بين الصبر والرضا فذلك علم الرضا، ونزهك عن مقام الصبر. وقال بعضهم: في قوله: { ووجدك ضالا } أي طالبا لفضيلتك ضالا عنها فهداك إليها. وقال بعضهم: مستور النبوة في أهل بيتك فكشف عنك حتى عرفوك نبيا ثم هدى بك وأضل. وقال بعضهم: { ووجدك عائلا فأغنى } قال: كنت غنيا بالمعرفة فقيرا عن أحكامها فأغناك باحكام المعرفة حتى تم لك الغناء. قوله تعالى: { ووجدك ضالا } تعرف قدر نفسك فأعلمك قدرك، ووجدك طالبا لمحض المودة فسقاك من شراب المودة بكأس المحبة حتى هداك به إلى معرفته. ٩-١٠١٠ ، قوله تعالى: { فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر } الآية: ٩ قال جعفر: اليتيم العاري عن خلعه الهداية لا تقنطه من رحمتي فإني قادر أن ألبسه لباس الهداية، والسائل إذا سألك عني فدله علي بألطف دلالة فإني قريب مجيب. قال ابن عطاء: المؤمنون كلهم أيتام اللّه وفي حجره، فلا تقهرهم أي تبعدهم عنك، والسؤال هم اسراء اللّه فلا تنهرهم ولن لهم، وألطف بهم. وقال بعضهم: في قوله: { وأما السائل فلا تنهر } قال: ليس هو المسكين الذي يسلك الإرفاق إنما هو طالب العلم يسلك عن العلم. ١١قوله تعالى: { وأما بنعمة ربك فحدث } الآية: ١١ قال جعفر: أخبر الخلق بما أنعمت عليهم بك، وبمكانك. وقال ابن عطاء: حدث نفسك كي لا تنسى فضلي بك وعليك قديما وحديثا. ذكر ما قيل في سورة الشرح |
﴿ ٠ ﴾