١٧٢

يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (١٧١) الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (١٧٢)

ثم أكد تعالى استبشارهم بقوله: يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ ثم بين تعالى بقوله: وَفَضْلٍ فوقع إدخاله إياهم الجنة الذي هو فضل منه لا بعمل أحد، وأما النعمة في الجنة والدرجات فقد أخبر أنها على قدر الأعمال، وقرأ الكسائي وجماعة من أهل العلم: «وإن الله» - بكسر الألف من «أن» ، وقرأ باقي السبعة وجمهور العلماء: «وأن الله» - بفتح الألف، فمن قرأ بالفتح فذلك داخل فيما يستبشر به، المعنى، بنعمة وبأن الله، ومن قرأ بالكسر فهو إخبار مستأنف، وقرأ عبد الله «وفضل والله لا يضيع» .

وقوله تعالى: الَّذِينَ اسْتَجابُوا يحتمل أن تكون الَّذِينَ صفة للمؤمنين على قراءة من كسر الألف من «إن» ، والأظهر أن الَّذِينَ ابتداء وخبره في قوله تعالى: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الآية، فهذه الجملة هي خبر الابتداء الأول، والمستجيبون لله والرسول هم الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد في طلب قريش وانتظارهم لهم وذلك أنه لما كان في يوم الأحد وهو الثاني من يوم أحد نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس باتباع المشركين، وقال: لا يخرجن معنا إلا من شاهدنا بالأمس، وكانت بالناس جراحة وقرح عظيم، ولكن تجلدوا ونهض معه مائتا رجل من المؤمنين حتى بلغ حمراء الأسد، وهي على ثمانية أميال من المدينة، وأقام بها ثلاثة أيام، وجرت قصة معبد بن أبي معبد التي ذكرناها، ومرت قريش وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأنزل الله تعالى في شأن أولئك المستجيبين هذه الآية، ومدحهم لصبرهم، وروي أنه خرج في الناس أخوان وبهما جراحة شديدة وكان أحدهما قد ضعف، فكان أخوه يحمله عقبة ويمشي هو عقبة، ورغب جابر بن عبد الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم في الخروج معه فأذن له، وأخبرهم تعالى أن الأجر العظيم قد تحصل لهم بهذه الفعلة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها غزوة.

قوله تعالى:

﴿ ١٧٢