١٣٣وَإِنْ يَتَفَرَّقا يُغْنِ اللَّهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ وَكانَ اللَّهُ واسِعاً حَكِيماً (١٣٠) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيداً (١٣١) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلاً (١٣٢) إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكانَ اللَّهُ عَلى ذلِكَ قَدِيراً (١٣٣) الضمير في قوله يَتَفَرَّقا للزوجين اللذين تقدم ذكرهما، أي إن شح كل واحد منهما فلم يتصالحا لكنهما تفرقا بطلاق فإن الله تعالى يغني كل واحد منهما عن صاحبه بفضله ولطائف صنعه، في المال والعشرة، والسعة وجود المرادات والتمكن منها، وذهب بعض الفقهاء المالكيين إلى أن التفرق في هذه الآية هو بالقول، إذ الطلاق قول، واحتج بهذه على قول النبي صلى الله عليه وسلم «البيعان بالخيار ما لم يتفرقا» إذ مذهب مالك في الحديث أنه التفرق بالقول لا بالبدن. قال القاضي أبو محمد: ولا حجة في هذه الآية، لأن إخبارها إنما هو من افتراقهما بالأبدان، وتراخي المدة بزوال العصمة، و «الإغناء» إنما يقع في ثاني حال، ولو كانت الفرقة في الآية الطلاق لما كان للمرأة فيها نصيب يوجب ظهور ضميرها في الفعل، وهذه نبذة من المعارضة في المسألة، و «الواسع» معناه: الذي عنده خزائن كل شيء. وقوله تعالى: وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ تنبيه على موضع الرجاء لهذين المفترقين، ثم جاء بعد ذلك قوله وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ تنبيها على استغنائه عن العباد، ومقدمة للخبر بكونه غنيا حميدا، ثم جاء بعد ذلك قوله وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا مقدمة للوعيد، فهذه وجوه تكرار هذا الخبر الواحد ثلاث مرات متقاربة. وقوله تعالى وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ لفظ عام لكل من أوتي كتابا، فإن وصية الله تعالى عباده بالتقوى لم تزل منذ أوجدهم، و «الوكيل» : القائم بالأمور المنفذ فيها ما رآه. وقوله تعالى: أَيُّهَا النَّاسُ مخاطبة للحاضرين من العرب، وتوقيف للسامعين لتحضر أذهانهم. وقوله بِآخَرِينَ يريد من نوعكم، وروي عن أبي هريرة أنه لما نزلت هذه الآية ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على كتف سلمان الفارسي وقال: هم قوم هذا، وتحتمل ألفاظ الآية أن تكون وعيدا لجميع بني آدم، ويكون الآخرون من غير نوعهم، كما قد روي: أنه كان في الأرض ملائكة يعبدون الله قبل بني آدم، وقدرة الله تعالى على ما ذكر تقضي بها العقول ببدائها، وقال الطبري هذا الوعيد والتوبيخ هو للقوم الذين شفعوا في طعمة بن أبيرق وخاصموا عنه في أمر خيانته في الدرع والدقيق. قال القاضي أبو محمد- رحمه الله-: وهذا تأويل بعيد واللفظ إنما يظهر حسن رصفه بعمومه وانسحابه على العالم جملة أو العالم الحاضر. قوله تعالى: |
﴿ ١٣٣ ﴾