٥٨فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً بِما ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥٢) وَأَنْجَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (٥٣) وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ (٥٤) أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّساءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (٥٥) فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ (٥٦) فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ (٥٧) وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (٥٨) «إخواء البيوت» وخرابها مما أخبر الله تعالى به في كل الشرائع أنه مما يعاقب به الظلمة وفي التوراة: ابن آدم لا تظلم يخرب بيتك، وخاوِيَةً نصب على الحال التي فيها الفائدة، ومعناها خالية قفرا، قال الزجاج وقرئت «خاوية» بالرفع وذلك على الابتداء المضمر أي «هي خاوية» ، أو على الخبر عن تلك، وبُيُوتُهُمْ بدل أو على خبر ثان، وهذه البيوت المشار إليها هي التي قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك «لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين إلا أن تكونوا باكين» الحديث، ثم قال تعالى وَلُوطاً تقديرة «واذكر لوطا» ، والْفاحِشَةَ إتيان الرجال في الأدبار، وتُبْصِرُونَ معناه بقلوبكم أنها خطيئة وفاحشة، وقالت فرقة تُبْصِرُونَ بأبصاركم لأنهم كانوا ينكشفون بفعل ذلك ولا يستتر بعضهم من بعض، واختلف القراء في قوله أَإِنَّكُمْ وقد تقدم، وقرأ جمهور الناس «جواب» نصبا، وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق «جواب» بالرفع، ونسب ابن جني قراءة النصب إلى الحسن وفسّرها في الشاذ، وأخبر الله تعالى عن قوم لوط أنهم تركوا في جوابهم طريق الحجة وأخبروا بالمبالغة فتأمروا بإخراجه وإخراج من آمن معه ثم ذموهم بمدحه، وهي «التطهر» من هذه الدناءة التي أصفقوا هم عليها قال قتادة هابوهم والله بغير عيب، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر «قدرناها» بتخفيف الدال، وقرأ جمهور القراء «قدّرناها» بشدّ الدال، الأولى بمعنى جعلناها وحصلناها والثانية بمعنى قدرناها عليها من القضاء والقدر، و «الغابرون» ، الباقون في العذاب، وغبر بمعنى بقي، وقد يجيء أحيانا في بعض كلام العرب يوهم أنه بمعنى مضى، وإذا تؤمل توجه حمله على معنى البقاء، و «المطر» الذي مطر عليهم هي حجارة السجيل أهلكت جميعهم، وهذه الآية أصل لمن جعل من الفقهاء الرجم في اللوطية، وبها تأنس لأن الله تعالى عذبهم على كفرهم به وأرسل عليهم الحجارة لمعصيتهم ولم يقس هذا القول على الزنا فيعتبر الإحصان. بل قال مالك وغيره يرجمان في اللوطية أحصنا أو لم يحصنا وإنما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم «اقتلوا الفاعل والمفعول به» فذهب من ذهب إلى رجمهما بهذه الآية. قوله عز وجل: |
﴿ ٥٨ ﴾