بسم الله الرّحمن الرّحيم سورة التّينقوله عز وجل: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ١انظر تفسير الآية:٨ ٢انظر تفسير الآية:٨ ٣انظر تفسير الآية:٨ ٤انظر تفسير الآية:٨ ٥انظر تفسير الآية:٨ ٦انظر تفسير الآية:٨ ٧انظر تفسير الآية:٨ ٨وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨) اختلف الناس في معنى التِّينِ وَالزَّيْتُونِ اللذين أقسم الله تعالى بهما، فقال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم وعطاء وجابر بن زيد ومقاتل: هو التِّينِ الذي يؤكل وَالزَّيْتُونِ الذي يعصر، وأكل النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه تينا أهدي إليه، فقال: «لو قلت إن فاكهة أنزلت من الجنة لقلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم، فكلوا فإنه يقطع البواسير وينفع من النقرس» ، وقال عليه السلام: «نعم السواك سواك الزيتون ومن الشجرة المباركة هي سواكي وسواك الأنبياء قبلي» ، وقال كعب وعكرمة: القسم بمنابتها، وذلك أن التِّينِ ينبت بدمشق، وَالزَّيْتُونِ ينبت بإيلياء فأقسم الله تعالى بالأرضين، وقال قتادة: هما جبلان بالشام، على أحدهما دمشق، وعلى الآخر بيت المقدس، وقال ابن زيد: التِّينِ مسجد دمشق، وَالزَّيْتُونِ مسجد إلياء، وقال ابن عباس وغيره: التِّينِ مسجد نوح وَالزَّيْتُونِ مسجد إبراهيم، وقيل التِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ، ثلاثة مساجد بالشام، وقال محمد بن كعب القرظي: التِّينِ مسجد أصحاب الكهف، وَالزَّيْتُونِ مسجد إيلياء، وأما طُورِ سِينِينَ، فلم يختلف أنه جبل بالشام كلم الله عليه موسى، ومنه نودي، وفيه مسجد موسى فهو الطور، واختلف في قوله سِينِينَ، فقال مجاهد وعكرمة: معناه حسن مبارك، وقيل معناه ذو الشجر، وقرأ الجمهور بكسر السين «سينين» ، وقرأ ابن أبي إسحاق وأبو رجاء بفتح السين وهي لغة بكر وتميم «سينين» ، وقرأ عمر بن الخطاب وطلحة والحسن وابن مسعود: «سيناء» بكسر السين، وقرأ أيضا عمر بن الخطاب: «سيناء» بالفتح، والْبَلَدِ الْأَمِينِ مكة بلا خلاف، وقيل معنى سِينِينَ: المبارك، وقيل معنى سِينِينَ: شجر واحدتها سينية، قاله الأخفش سعيد بن مسعدة و «أمين» : فعيل من الأمن بمعنى آمن أي آمن من فيه ومن دخله وما فيه من طير وحيوان، والقسم واقع على قوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ينبغي له، ولا يدفع هذا أن يكون غيره من المخلوقات كالشمس وغيرها أحسن تقويما منه بالمناسبة، وقال بعض العلماء بالعموم أي «الإنسان» أحسن المخلوقات تقويما، ولم ير قوم الحنث على من حلف بالطلاق أن زوجته أحسن من الشمس، واحتجوا بهذه الآية، واختلف الناس في تقويم الإنسان ما هو؟ فقال النخعي ومجاهد وقتادة: حسن صورته وحواسه، وقال بعضهم: هو انتصاب قامته، وقال أبو بكر بن طاهر في كتاب الثعلبي: هو عقله وإدراكه اللذان زيناه بالتمييز، وقال عكرمة: هو الشباب والقوة، والصواب أن جميع هذا هو حسن التقويم إلا قول عكرمة، إذ قوله يفضل فيه بعض الحيوان، والْإِنْسانَ هنا اسم الجنس. وتقدير الكلام في تقويم أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ، لأن أَحْسَنِ صفة لا بد أن تجري على موصوف، واختلف الناس في معنى قوله تعالى: ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ، فقال عكرمة وقتادة والضحاك والنخعي: معناه بالهرم وذهول العقل وتفلت الفكر حتى يصير لا يعلم شيئا، أما إن المؤمن مرفوع عنه القلم، والاستثناء على هذا منقطع، وهذا قول حسن وليس المعنى أن كل إنسان يعتريه هذا بل في الجنس من يعتريه ذلك وهذه عبرة منصوبة، وقرأ ابن مسعود: «السافلين» بالألف واللام، ثم أخبر أن الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وإن نال بعضهم هذا في الدنيا فَلَهُمْ في الآخرة أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ، وقال الحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد وأبو العالية: المعنى رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ في النار على كفره ثم استثنى الَّذِينَ آمَنُوا استثناء منفصلا، فهم على هذا ليس فيهم من يرد أسفل سافلين في النار على كفره، وفي حديث عن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا بلغ المؤمن خمسين سنة خفف الله تعالى حسابه، فإذا بلغ ستين رزقه الإنابة، فإذا بلغ السبعين أحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين كتبت حسناته وتجاوز الله عن سيئاته، فإذا بلغ تسعين غفرت ذنوبه وشفع في أهل بيته وكان أسير الله في أرضه، فإذا بلغ مائة ولم يعمل شيئا كتب الله له ما كان يعمل في صحته ولم تكتب عليه سيئة» . وفي حديث «إن المؤمن إذا رد إلى أرذل العمر كتب الله له خير ما كان يعمله في قوته، وذلك أجر غير ممنون» . ومَمْنُونٍ معناه: محسوب مصرّد يمن عليهم، قاله مجاهد وغيره، وقال كثير من المفسرين معناه مقطوع من قولهم حبل منين، أي ضعيف منقطع، واختلف في المخاطب بقوله تعالى: فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ فقال قتادة والفراء والأخفش: هو محمد عليه السلام، قال الله له: فماذا الذي يكذبك فيما تخبر به من الجزاء والبعث وهو الدين بعد هذه العبر التي يوجب النظر فيها صحة ما قلت، ويحتمل أن يكون «الدين» على هذا التأويل جميع دينه وشرعه، وقال جمهور من المتأولين: المخاطب الإنسان الكافر، أي ما الذي يجعلك كذابا بالدين، تجعل له أندادا، وتزعم أن لا بعث بعد هذه الدلائل، وقال منصور قلت لمجاهد: قوله تعالى: فَما يُكَذِّبُكَ يريد به النبي صلى الله عليه وسلم قال معاذ الله يعني به الشاك، ثم وقف تعالى جميع خلقه على أنه أحكم الْحاكِمِينَ على جهة التقرير، وروي عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ هذه السورة قال: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين. |
﴿ ٠ ﴾