النساءبسم اللّه الرحمن الرحيم وهي كلها مدنية وكلماتها ثلاثة آلاف وتسعمائة وأربعون وحروفها ستة عشر ألفا وثلاثون حرفا قوله تعالى ١{ يا أيها الناس } عام وقد يكون خاصا { اتقوا ربكم } أطيعوا ربكم { الذي خلقكم } بالتناسل { من نفس واحدة } من نفس آدم وحدها وكانت نفس حواء فيها { وخلق منها } من نفس آدم { زوجها } حواء { وبث منهما } خلق بالتوالد من آدم وحواء { رجالا كثيرا ونساء } خلقا كثيرا ذكرا وأنثى { واتقوا اللّه } أطيعوا اللّه { الذي تساءلون به } بحق اللّه الحوائج والحقوق بعضكم من بعض { والأرحام } بحق القربة والأرحام إن قرئت بنصب الميم يقول وصلوا الأرحام ولا تقطعوها معطوفة إلى قوله واتقوا اللّه { إن اللّه كان عليكم رقيبا } حفيظا يسألكم عما أمركم من الطاعة وصلة الأرحام ٢{ وآتوا اليتامى } أعطوا اليتامى { أموالهم } التي عندكم بعد الرشد والبلاغ { ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب } يعني لا تأكلوا أموالهم الحرام وتتركوا أموالكم الحلال { ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم } أي مع أموالكم بالتخليط { إنه كان } يعني أكل مال اليتيم ظلما { حوبا كبيرا } ذنبا عظيما عند اللّه بالعقوبة نزلت في رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم فلما نزلت هذه الآية قالوا نعزل اليتامى مخافة الإثم فنزل اللّه ٣{ وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى } إن لا تعدلوا بين اليتامى في حفظ الأموال فكذلك خافوا أن لا تعدلوا بين النساء في النفقة والقسمة وكانوا يتزوجون من النساء ما شاءوا تسعا أو عشرا وكان تحت قيس ابن الحرث ثمان نسوة فنهاهم اللّه عن ذلك وحرم ما فوق الأربعة فقال { فانكحوا ما طاب لكم } فتزوجوا ما أحل اللّه لكم { من النساء مثنى وثلاث ورباع } يقول واحدة أو اثنتين أو ثلاثا أو أربعا لا يزاد على ذلك { فإن خفتم ألا تعدلوا } بين أربع نسوة في القسمة والنفقة { فواحدة } فتزوجوا أمرأة واحدة حرة { أو ما ملكت أيمانكم } من الإماء لا قسمة لهن عليكم ولا عدة لكم عليهن { ذلك } تزويج الواحدة { أدنى } أحرى { ألا تعولوا } لا تميلوا ولا تجوروا بين أربع من النساء في القسمة والنفقة ٤{ وأتوا } أعطوا { النساء صدقاتهن } مهورهن { نحلة } هبة لهن من اللّه فريضة عليكم { فإن طبن لكم عن شيء منه } فأن أحللن لكم من المهر شيئا { نفسا } بطيبة النفس { فكلوه هنيئا } بلا إثم { مريئا } بلا ملامة وكانوا يتزوجون بلا مهر ٥{ ولا تؤتوا السفهاء } لا تعطوا الجهال بموضع الحق من النساء والأولاد { أموالكم التي جعل اللّه لكم قياما } معاشا { وارزقوهم فيها } أطعموهم فيها { واكسوهم } وكونوا أنتم القوامون على ذلك فأنكم أعلم منهم في النفقة والصدقة بموضع الحق { وقولوا لهم } إن لم يكن لكم شيء { قولا معروفا } عدة حسنة أي سأكسو وسأعطى ٦{ وابتلوا اليتامى } اختبروا عقول اليتامى { حتى إذا بلغوا النكاح } الحلم { فإن آنستم منهم } فإن رأيتم منهم { رشدا } صلاحا في الدين وحفظا في المال { فادفعوا إليهم أموالهم } التي عندكم { ولا تأكلوها إسرافا } في المعصية حراما { وبدارا } مبادرة كبر اليتيم إلى أكلها الأول فالأول { أن يكبروا } مخافة أن يكبروا فيمنعوكم من ذلك { ومن كان غنيا } عن مال اليتيم { فليستعفف } بغناه عن مال اليتيم ولا يرزأ أي لا ينقص منه شيئا { ومن كان فقيرا } محتاجا { فليأكل } من الذي له { بالمعروف } بالتقدير لكي لا يحتاج إلى مال اليتيم ويقال فليأكل بالمعروف بقدر ما يعمل في مال اليتيم ويقال فليأكل بالمعروف بالقرض ليرد عليه { فإذا دفعتم إليهم أموالهم } بعد الرشد والبلوغ { فأشهدوا عليهم } عند الدفع { وكفى باللّه حسيبا } شهيدا نزلت في ثابت بن رفاعة الأنصاري ٧ثم ذكر نصيب الرجال والنساء من الميراث لأنهم كانوا لا يعطون النساء والصبيان من الميراث شيئا فقال { للرجال نصيب } حظ { مما ترك الوالدان والأقربون } في الرحم { وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون } في الرحم { مما قل منه أو كثر } يقول إن كان الميراث قليلا كان أو كثيرا { نصيبا مفروضا } حظا معلوما قليلا كان أو كثيرا ولم يبين كم هو تم بين بعد ذلك نزلت في أم كحة وبناتها كان لهن عم لا يعطيهن شيئا ٨{ وإذا حضر القسمة } عند قسمة الميراث { أولوا القربى } قرابة الميت الذي ليس بوارث { واليتامى } يتامى المؤمنين قبل القسمة { والمساكين } مساكين المؤمنين { فارزقوهم منه } أعطوهم من الميراث شيئا قبل القسمة { وقولوا لهم } إن لم يكن الوارث بالغا { قولا معروفا } عدة حسنة أي سأوصيه حتى يعطيك شيئا ٩{ وليخش الذين } يحضرون لمريض ويأمرون أن يوصى أكثر من الثلث على أولاد المريض الضيعة بعد موته { لو تركوا من خلفهم } بعد موتهم { ذرية ضعافا } عجزة عن الحيلة { خافوا عليهم } الضيعة وكذلك خافوا على أولاد الميت ويقال مر الميت ما كنت آمر لنفسك ولتخش على ضيعة أولادهم كما تخشى على ضيعة أولادك وكانوا يحضرون المريض ويقولون له أعط مالك لفلان وفلان حتى يستغرق ماله كله ولا يترك لأولاده شيئا فنهاهم اللّه عن ذلك ثم قال { فليتقوا اللّه } فليخشوا اللّه فيما يأمرونه فوق الثلث { وليقولوا } للمريض { قولا سديدا } عدلا في الوصية ١٠{ إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما } غصبا { إنما يأكلون في بطونهم نارا } يعني حراما ويقال يجعل في بطونهم نارا يوم القيامة { وسيصلون سعيرا } نارا وقودا في الآخرة نزلت في حنظلة بن شمردل ١١ثم بين نصيب الذكر والأنثى في الميراث فقال { يوصيكم اللّه } يبين اللّه لكم { في أولادكم } في ميراث أولادكم بعد موتكم { للذكر مثل حظ الأنثيين } نصيب الأنثيين { فإن كن نساء } بنات ولد الصلب { فوق اثنتين } ابنتين أو أكثر من بعد ذلك ( فلهن ثلثا ما ترك ) من المال { وإن كانت } ابنة { واحدة فلها النصف } من المال { ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك } من المال { إن كان له } للميت { ولد } ذكر أو أنثى { فإن لم يكن له } للميت { ولد } ذكر أو أنثى { وورثه أبواه فلأمه الثلث } وما بقى فللأب { فإن كان له } للميت { إخوة } من الأب والأم أو من الأب أو من الأم { فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين } من بعد قضاء دين على الميت واستخراج وصية يوصى بها إلى الثلث { آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون } أنتم في الدنيا { أيهم أقرب لكم نفعا } في الاخرة في الدرجات ويقال في الدنيا في الميراث { فريضة من اللّه } عليكم قسمة المواريث { إن اللّه كان عليما } بقسمة المواريث { حكيما } فيما بين نصيب الذكر والأنثى ١٢{ ولكم نصف ما ترك أزواجكم } من المال { إن لم يكن لهن ولد } ذكر أو أنثى منكم أو من غيركم { فإن كان لهن ولد } ذكر أو أنثى منكم أو من غيركم { فلكم الربع مما تركن } من المال { من بعد وصية يوصين بها أو دين } من بعد قضاء الدين عليهن واستخراج وصية يوصين بها إلى الثلث { ولهن الربع مما تركتم } من المال { إن لم يكن لكم ولد } ذكر أو أنثى منهن أو من غيرهن { فإن كان لكم ولد } ذكر أو أنثى منهن أو من غيرهن { فلهن الثمن مما تركتم } من المال { من بعد وصية توصون بها أو دين } من بعد قضاء دين عليكم من المال واستخراج وصية توصون بها إلى الثلث { وإن كان رجل } لا ولد له ولا والد له ولا قرابة له من الولد أو الوالد { يورث كلالة } يورث ماله إلى كلالة والكلالة هي الإخوة والأخوات من الأم { أو امرأة } أو كانت امرأة مثل ذلك ويقال الكلالة ما خلا الولد والوالد ويقال الكلالة هي المال الذي لا يرثه والد ولا ولد { وله } للميت { أخ أو أخت } من أمه { فلكل واحد منهما السدس فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث } الذكر والانثى فيه سواء { من بعد وصية يوصي بها أو دين } من بعد قضاء الدين عليه واستخراج وصية يوصى بها إلى الثلث { غير مضار } للورثة وهو أن يوصى فوق الثلث { وصية من اللّه } فريضة من اللّه عليكم قسمة المواريث { واللّه عليم } بقسمة المواريث { حليم } فيما يكون بينكم من الجهل والخيانة في قسمة المواريث لا يعجلكم بالعقوبة ١٣{ تلك حدود اللّه } هذه أحكام اللّه وفرائضه { ومن يطع اللّه ورسوله } في قسمة المواريث { يدخله جنات } بساتين { تجري من تحتها } من تحت شجرها ومساكنها { الأنهار } أنهار الخمر والماء والعسل واللبن { خالدين فيها } يقول خالدا في الجنة لا يموت ولا يخرج منها { وذلك الفوز العظيم } النجاة الوافرة بالجنة ١٤{ ومن يعص اللّه ورسوله } في قسمة المواريث { ويتعد حدوده } يتجاوز أحكامه وفرائضه بالميل والجور { يدخله نارا خالدا فيها } دائما في النار إلى ما شاء اللّه { وله عذاب مهين } يهان به ويقال شديد ١٥{ واللاتي يأتين الفاحشة } يعني الزنا { من نسائكم } من حرائركم المحصنات { فاستشهدوا عليهن } على العورتين { أربعة منكم } من أحراركم { فإن شهدوا } كماينبغي { فأمسكوهن في البيوت } فأحبسوهن في السجن { حتى يتوفاهن الموت } يمتن في السجن { أو يجعل اللّه لهن سبيلا } مخرجا بالرجم فنسخ حبس المحصنة بالرجم ١٦{ واللذان يأتيانها } يعني الفاحشة { منكم } من أحراركم وهو الفتى والفتاة زنيا { فآذوهما } بالسب والتعيير { فإن تابا } من بعد ذلك { وأصلحا } فيما بينهما وبين اللّه { فأعرضوا عنهما } عن السب والتعيير { إن اللّه كان توابا } متجاوزا { رحيما } وقد نسخ السب والتعيير للفتى والفتاة بجلد مائة ١٧{ إنما التوبة } التجاوز { على اللّه } من اللّه { للذين يعملون السوء بجهالة } بتعمد وإن كان جاهلا لعقوبته { ثم يتوبون من قريب } من قبل السوق والنزع { فأولئك يتوب اللّه عليهم } يتجاوز اللّه عنهم { وكان اللّه عليما } بتوبتكم { حكيما } بقبول التوبة قبل المعاينة ولا يقبل عند المعاينة وبعدها ١٨{ وليست التوبة } التجاوز على اللّه { للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت } عند النزع { قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار } يقول ولا يقبل توبة الكفار عند المعاينة { أولئك } الكفار { أعتدنا لهم عذابا أليما } وجيعا نزلت في طعمة وأصحابه الذين ارتدوا ١٩{ يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء } نساء آبائكم { كرها } جبرا { ولا تعضلوهن } لا تحبسوهن من التزويج نزلت هذه الآية في كبشة بنت معن الأنصارية ومحصن بن أبي قيس الأنصاري وكانوا يرثون قبل ذلك { لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن } مما أعطاهن آباؤكم { إلا أن يأتين بفاحشة } بزنا { مبينة } بالشهود فاحبسوهن في السجن وقد نسخ الحبس الآن بآية الرجم وقد كانوا يرثون نساء آبائهم كما يرثون المال يرثها الابن الأكبر فإن كانت امرأة جميلة غنية دخل بها بلا مهر وإن لم تكن غنية أو شابة جميلة تركها ولم يدخل بها حتى تفدي نفسها بما لها فنهاهم اللّه عن ذلك ثم بين الصحبة مع النساء فقال { وعاشروهن } صاحبوهن { بالمعروف } بالإحسان والجميل { فإن كرهتموهن } يعني كرهتم الصحبة معهن { فعسى أن تكرهوا شيئا } يعني الصحبة معهن { ويجعل اللّه فيه خيرا كثيرا } يرزقكم اللّه منهن ولدا صالحا ٢٠{ وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج } يقول إن أردتم أن تتزوجوا واحدة وتطلقوا واحدة أو تتزوجوا عليها أخرى { وآتيتم } أعطيتم { إحداهن قنطارا } مهرا { فلا تأخذوا منه } من المهر { شيئا } غصبا { أتأخذونه } يعني المهر { بهتانا } حراما { وإثما مبينا } ظلما بينا ٢١{ وكيف تأخذونه } تستحلونه يعني المهر على وجه التعجب { وقد أفضى بعضكم إلى بعض } يقول وقد اجتمعتم في لحاف واحد بالمهر والنكاح { وأخذن منكم } يقول أخذ اللّه منكم عند النكاح للنساء { ميثاقا غليظا } وثيقا إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ٢٢ثم حرم عليهم نكاح نساء آبائهم وقد كانوا يتزوجون في الجاهلية نساء آبائهم فنهاهم اللّه عن ذلك فقال { ولا تنكحوا } لا تتزوجوا { ما نكح } ما تزوج { آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف } سوى ما قد مضى في الجاهلية { أنه } يعني تزوج نساء الآباء { كان فاحشة } معصية { ومقتا } بغضا { وساء سبيلا } بئس مسلكا نزلت في محصن بن أبي قيس الأنصاري ٢٣ثم بين ما حرم عليهم من النساء بالتزوج فقال { حرمت عليكم أمهاتكم } من النسب { وبناتكم } من النسب { وأخواتكم } من النسب من أي وجه يكون { وعماتكم } أخوات آبائكم { وخالاتكم } أخوات أمهاتكم { وبنات الأخ } من النسب من أي وجه يكن { وبنات الأخت } من النسب من أي وجه يكن { وأمهاتكم } وحرمت عليكم أمهاتكم ايضا { اللاتي أرضعنكم } في الحولين { وأخواتكم من الرضاعة وأمهات نسائكم } اللاتي دخلتم ببناتهن أو لم تدخلوا بهن سواء حرام عليكم { وربائبكم } بنات نسائكم { اللاتي في حجوركم } ربيتم في بيوتكم { من نسائكم اللاتي دخلتم بهن } بأمهاتهن { فإن لم تكونوا دخلتم بهن } بأمهاتهن { فلا جناح عليكم } أن تتزوجوا بناتهن بعد طلاق أمهاتهن { وحلائل أبنائكم } نساء أبنائكم { الذين من أصلابكم } وهم ولد فراشكم { وأن تجمعوا بين الأختين } بالنكاح حرتين أو أمتين { إلا ما قد سلف } سوى ما قد مضى في الجاهلية { إن اللّه كان غفورا } فيما كان منكم في الجاهلية { رحيما } فيما يكون منكم في الإسلام إذا تبتم ٢٤{ والمحصنات } ذوات الأزواج { من النساء } حرام عليكم { إلا ما ملكت أيمانكم } من السبايا فأنهن حلال لكم وإن كان أزواجهن في دار الحرب بعد ما استبرأتم أرحامهن بحيضة { كتاب اللّه عليكم } في كتاب اللّه عليكم حرام الذي سميت لكم { وأحل لكم ما وراء ذلكم } سوى ما قد بينت لكم تحريمه { أن تبتغوا } تتزوجوا { بأموالكم } إلى الأربع ويقال أن تشتروا بأموالكم من الإماء ويقال أن تبتغوا بأموالكم أن تطلبوا بأموالكم فزوجهن وهي المتعة وقد نسخت الآن { محصنين } يقول كونوا معهن متزوجين { غير مسافحين } غير زانين بلا نكاح { فما استمتعتم } أستنفعتم { به منهن } بعد النكاح { فأتوهن } فأعطوهن { أجورهن } مهورهن كاملة { فريضة } من اللّه عليكم أن تعطوا المهر تاما { ولا جناح عليكم } ولا حرج عليكم { فيما تراضيتم به } فيما تنقصون وتزيدون في المهر بالتراضي { من بعد الفريضة } الأولى التي سميتم لها { إن اللّه كان عليما } فيما أحل لكم المتعة { حكيما } فيما حرم عليكم المتعة ويقال عليما بأضطراركم إلى المتعة حكيما فيما حرم عليكم المتعة ٢٥{ ومن لم يستطع منكم طولا } من لم يجد منكم مالا { أن ينكح المحصنات } الحرائر { المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم } فتزوجوا مما ملكت أيمانكم { من فتياتكم المؤمنات } من الولائد اللاتي في أيدي المؤمنين { واللّه أعلم بإيمانكم } بمستقر قلوبكم على الإيمان { بعضكم من بعض } أي كلكم أولاد آدم ويقال بعضكم على دين بعض وقيل بعضكم ببعض { فانكحوهن } فتزوجوا الولائد { بإذن أهلهن } مالكيهن { وآتوهن } أعطوهن يعني الولائد { أجورهن } مهورهن { بالمعروف } فوق مهر البغي { محصنات } يقول تزوجوا الولائد المتعففات { غير مسافحات } غير معلنات بالزنا { ولا متخذات أخدان } فلا يكون لها خليل يزني بها في السر { فإذا أحصن } تزوجن الولائد { فإن أتين بفاحشة } بزنا { فعليهن } على الولائد { نصف ما على المحصنات } الحرائر { من العذاب } الجلد { ذلك } تزوج الولائد حلال { لمن خشي العنت منكم } الزنا والفجور منكم { وإن تصبروا } عن نكاح الولائد { خير لكم } تكون أولادكم أحرارا { واللّه غفور } فيما يكون منكم من الزنا { رحيم } حين رخص لكم تزوج الولائد عند الضرورة ٢٦{ يريد اللّه ليبين لكم } ما أحل لكم ويقال إن الصبر عن تزوج الولائد خير لكم من التزوج { ويهديكم } يبين لكم { سنن الذين من قبلكم } من أهل الكتاب وكان عليهم حرام تزوج الولائد { ويتوب عليكم } يتجاوز عنكم ما كان منكم في الجاهلية { واللّه عليم } باضطراركم إلى نكاح الولائد { حكيم } حين حرم عليكم نكاحهن إلا عند الضرورة ٢٧{ واللّه يريد أن يتوب عليكم } أن يتجاوز عنكم حين حرم عليكم الزنا ونكاح الأخوات من الأب { ويريد الذين يتبعون الشهوات } الزنا ونكاح الأخوات من الأب وهم اليهود { أن تميلوا ميلا عظيما } أن تخطئوا خطأ عظيما بنكاح الأخوات من الأب لقولهم إنه حلال في كتابنا ٢٨{ يريد اللّه أن يخفف عنكم } أن يهون عليكم في تزوج الولائد عند الضرورة { وخلق الإنسان ضعيفا } لا يصبر عن أمر النساء ٢٩{ يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } بالظلم والغضب وشهادة الزور والحلف الكاذب وغير ذلك { إلا أن تكون تجارة } إلا أن يترك بعضكم على بعض في الشراء والبيع والمحاباة { عن تراض } بتراض { منكم ولا تقتلوا أنفسكم } بعضكم بعضا بغير حق { إن اللّه كان بكم رحيما } حين حرم عليكم قتل بعضكم بعضا ٣٠{ ومن يفعل ذلك } القتل واستحلال المال { عدوانا } اعتداء { وظلما } وجورا { فسوف نصليه } ندخله { نارا } في الآخرة وهذا وعيد له { وكان ذلك } الدخول والعذاب { على اللّه يسيرا } هينا ٣١{ إن تجتنبوا } أن تتركوا { كبائر ما تنهون عنه } في هذ السورة { نكفر عنكم سيئاتكم } ذنوبكم دون الكبائر من جماعة إلى جماعة ومن جمعة إلى جمعة ومن شهر رمضان إلى شهر رمضان { وندخلكم } في الآخرة { مدخلا كريما } حسنا وهي الجنة ٣٢{ ولا تتمنوا ما فضل اللّه به بعضكم على بعض } يقول لا يتمنى الرجل مال أخيه ودابته وامرأته ولا شيئا من الذي له واسألوا اللّه من فضله وقولوا اللّهم ارزقنا مثله أو خيرا منه مع التفويض ويقال نزلت هذه الآية في أم سلمة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم لقولها للنبي ليت اللّه كتب علينا ما كتب على الرجال لكي نؤجر كما تؤجر الرجال فنهى اللّه عن ذلك فقال ولا تتمنوا ما فضل اللّه به من الجماعة والجمعة والغزو والجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعضكم يعني الرجال على بعض يعني النساء ثم بين ثواب الرجال والنساء باكتسابهم فقال { للرجال نصيب } ثواب { مما اكتسبوا } من الخير { وللنساء نصيب } ثواب { مما اكتسبن } من الخير في بيوتهن { واسألوا اللّه من فضله } من توفيقه وعصمته { إن اللّه كان بكل شيء } من الخير والشر والثواب والعقاب والتوفيق والخذلان { عليما ٣٣{ ولكل } يقول ولكل واحد { جعلنا } منكم { موالي } يعني الورثة لكي يرث { مما ترك } ما ترك { الوالدان } من المال { والأقربون } في الرحم { والذين عقدت أيمانكم } شروطكم { فآتوهم نصيبهم } أعطوهم شروطهم وقد نسخت الآن وقد كانوا يتبنون رجالا وغلمانا يجعلون لهم في مالهم كما لبعض ولدهم فنسخ اللّه ذلك وليس بمنسوخ إن أعطاهم من الثلث نصيبهم { إن اللّه كان على كل شيء } من أعمالكم { شهيدا } عالما ٣٤{ الرجال قوامون على النساء } مسلطون على أدب النساء { بما فضل اللّه بعضهم } الرجال بالعقل والقسمة في الغنائم والميراث { على بعض } يعني النساء { وبما أنفقوا من أموالهم } يعني بالمهر والنفقة التي عليهم دونهن { فالصالحات } يقول المحسنات إلى أزواجهن { قانتات } مطيعات للّه في أزواجهن { حافظات } لأنفسهن ومال أزواجهن { للغيب } لغيب أزواجهن { بما حفظ اللّه } بحفظ للّه إياهن بالتوفيق { واللاتي تخافون } تعلمون { نشوزهن } عصيانهن في المضاجع معكم { فعظوهن } بالعلم والقرآن { واهجروهن في المضاجع } حولوا عنهن وجوهكم في الفراش { واضربوهن } ضربا غير مبرح ولا شائن { فإن أطعنكم } في المضاجع { فلا تبغوا } فلا تطلبوا { عليهن سبيلا } في الحب { إن اللّه كان عليا } أعلى كل شيء { كبيرا } أكبر كل شيء لم يكلفهم ذلك فلا تكلفوا النساء مالا طاقة لهن به من المحبة ٣٥{ وإن خفتم } علمتم { شقاق بينهما } مخالفة بين الرجل والمرأة ولم تدروا من أيهما { فابعثوا حكما من أهله } من أهل الرجل إلى الرجل حتى يسمع كلامه ويعلم ظالما هو أو مظلوما { وحكما من أهلها } من أهل المرأة إلى المرأة حتى يسمع كلامها ويعلم ظالمة هي أو مظلومة { إن يريدا } الحكمان { إصلاحا } بين المرأة والرجل { يوفق اللّه بينهما } بين الحكمين المرأة والرجل { إن اللّه كان عليما } بموافقة الحكمين ومخالفتهما { خبيرا } بفعل المرأة والرجل نزلت من قوله الرجال قوامون على النساء إلى ههنا في بنت محمد بن سلمة بلطمة لطمها زوجها أسعد بن الربيع لقبل عصيانها في المضاجع فطلبت من النبي صلى اللّه عليه وسلم قصاصها من زوجها فنهاها اللّه عن ذلك ٣٦{ واعبدوا اللّه } وحدوا اللّه { ولا تشركوا به شيئا } من الأوثان { وبالوالدين إحسانا } برا بهما { وبذي القربى } أمر بصلة القرابة { واليتامى } أمر بالإحسان إلى اليتامى وحفظ أموالهم وغير ذلك { والمساكين } وحث على صدقة المساكين { والجار ذي القربى } جار بينك وبين قرابة له ثلاثة حقوق حق القرابة وحق الإسلام وحق الجوار { والجار الجنب } الجار الأجنبي من قوم آخرين له حقان حق الإسلام وحق الجوار { والصاحب بالجنب } الرفيق في السفر له حقان حق الإسلام وحق الصحبة ويقال الصاحب بالجنب المرأة في البيت أمر بالإحسان إليها { وابن السبيل } أمر باكرام الضيف وللضيف ثلاثة أيام حق وما فوق ذلك فهو صدقة { وما ملكت أيمانكم } أمر بالإحسان إلى الخدم من العبيد والإماء { إن اللّه لا يحب من كان مختالا } في مشيته { فخورا } بنعم اللّه بطرا متكبرا على عباده ٣٧{ الذين يبخلون } هم الذين يبخلون بكتمان صفة محمد ونعته كعب وأصحابه { ويأمرون الناس بالبخل } بالكتمان { ويكتمون ما آتاهم اللّه } ما بين اللّه لهم في الكتاب { من فضله } من صفة محمد ونعته { وأعتدنا للكافرين } لليهود { عذابا مهينا } يهانون به ٣٨{ والذين } وهم رؤساء اليهود { ينفقون أموالهم رئاء الناس } سمعة للناس حتى يقولوا إنهم على سنة إبراهيم ويتفضلون بأموالهم ويعطون { ولا يؤمنون باللّه } وبمحمد والقرآن { ولا باليوم الآخر } بالبعث بعد الموت وبنعيم الجنة { ومن يكن الشيطان له قرينا } معينا في الدنيا { فساء قرينا } بئس القرين له في النار ٣٩{ وماذا عليهم } على اليهود ولم يكن عليهم شيء { لو آمنوا باللّه } وبمحمد والقرآن { واليوم الآخر } بالبعث بعد الموت ونعيم الجنة { وأنفقوا من ما رزقهم اللّه } أعطاهم اللّه من المال في سبيل اللّه { وكان اللّه بهم } باليهود وبمن يؤمن وبمن لا يؤمن منهم { عليما ٤٠{ إن اللّه لا يظلم مثقال ذرة } لا يترك من عمل الكافر مثقال ذرة لينفعه في الآخرة ويرضى به خصماءه { وإن تك حسنة } للمؤمن المخلص بعد رضا الخصماء { يضاعفها } من واحدة إلى عشرة { ويؤت } ويعط { من لدنه } من عنده { أجرا عظيما } ثوابا وافرا في الجنة ٤١{ فكيف } يصنع الكفار { إذا جئنا من كل أمة } قوم { بشهيد } بنبي يشهد عليهم بالبلاغ { وجئنا بك } يا محمد { على هؤلاء شهيدا } ويقال لأمتك شهيدا مزكيا معدلا مصدقا لهم لأن أمته يشهدون للأنبياء على قومهم إذا جحدوا ٤٢{ يومئذ } يوم القيامة { يود } يتمنى { الذين كفروا } باللّه { وعصوا الرسول } بالإجابة { لو تسوى بهم الأرض } أي يصيرون ترابا مع البهائم { ولا يكتمون اللّه حديثا } لم يقولوا واللّه ربنا ما كنا مشركين ٤٣ونزل في أصحاب محمد قبل تحريم الخمر قوله { يا أيها الذين آمنوا } بمحمد والقرآن { لا تقربوا الصلاة } في مسجد النبي صلى اللّه عليه وسلم مع النبي عليه الصلاة والسلام { وأنتم سكارى } نشاوي { حتى تعلموا ما تقولون } ما يقرأ أمامكم في الصلاة { ولا جنبا } لا تأتوا المسجد جنبا { إلا عابري سبيل } إلا ماري الطريق فيما لا بد لكم { حتى تغتسلوا } من الجنابة { وإن كنتم مرضى } جرحى { أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط } من مكان حدث { أو لامستم النساء } أو جامعتم النساء . { فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } فتعمدوا إلى تراب نظيف { فامسحوا بوجوهكم } بالضربة الأولى { وأيديكم } بالضربة الثانية { إن اللّه كان عفوا } متفضلا فيما وسع عليكم { غفورا } فيما يكون منكم من التقصير ٤٤{ ألم تر } ألم تخبر في الكتاب { إلى } عن { الذين أوتوا } أعطوا { نصيبا من الكتاب } علما بالتوراة { يشترون الضلالة } يختارون اليهودية { ويريدون أن تضلوا السبيل } أن تتركوا دين الإسلام نزلت في اليسع ورافع بن حرملة حبرين من اليهود دعوا عبد اللّه بن أبي وأصحابه إلى دينهما ٤٥{ واللّه أعلم بأعدائكم } من المنافقين واليهود { وكفى باللّه وليا } حافظا { وكفى باللّه نصيرا } مانعا ٤٦{ من الذين هادوا } يعني اليهود مالك بن الصيف وأصحابه { يحرفون الكلم عن مواضعه } يغيرون صفة محمد ونعته بعد بيانه في التوراة ويأتون محمدا { ويقولون سمعنا } قولك يا محمد { وعصينا } أمرك في السر عنه { واسمع } منا يا محمد { غير مسمع } غير مطاع ومسمع منك في السر { وراعنا } اسمع منا يا محمد وكان بلغتهم راعنا اسمع لاسمعت { ليا بألسنتهم } يحرفون ألسنتهم بالشتم والتعبير { وطعنا في الدين } عيبا في الإسلام { ولو أنهم } يعني اليهود { قالوا سمعنا } قولك يا محمد { وأطعنا } أمرك { واسمع } منا { وانظرنا } أنظر إلينا { لكان خيرا لهم } من السب والتعيير { وأقوم } أصوب { ولكن } ولكنهم { لعنهم اللّه } عذبهم اللّه بالجزية { بكفرهم } عقوبة لكفرهم { فلا يؤمنون إلا قليلا } وهو من أسلم منهم عبد اللّه بن سلام وأصحابه ٤٧{ يا أيها الذين أوتوا الكتاب } أعطوا علم التوراة بصفة محمد ونعته { آمنوا بما نزلنا } يعني القرآن { مصدقا } موافقا { لما معكم } بالتوحيد وصفة محمد ونعته { من قبل أن نطمس وجوها } أن نغير قلوبكم { فنردها على أدبارها } فنردها عن بصائر الهدى ويحول وجوههم إلى الأقفية { أو نلعنهم } أو نمسخهم { كما لعنا } مسخنا { أصحاب السبت } قردة { وكان أمر اللّه مفعولا } كائنا بأسم بعد نزول هذه الآية عبد اللّه ابن سلام وأصحابه ٤٨{ إن اللّه لا يغفر أن يشرك به } إن مات عليه { ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء } لمن تاب { ومن يشرك باللّه فقد افترى } اختلق على اللّه { إثما } كذبا { عظيما } نزلت في وحشي قاتل حمزة عم النبي صلى اللّه عليه وسلم ٤٩{ ألم تر } ألم تخبر في الكتاب { إلى الذين } عن الذين { يزكون } يبرئون { أنفسهم } من الذنوب يعني اليهود بحير بن عمرو ومرحب بن زيد { بل اللّه يزكي } يبرىء من الذنوب { من يشاء } من كان أهل لذلك { ولا يظلمون فتيلا } لا ينقص من ذنوبهم قدر فتيل وهو الشيء الذي يكون في وسط النواة ويقال هو الوسخ الذي تفتل بين أصبعك ٥٠{ انظر } يا محمد { كيف يفترون } يختلقون { على اللّه الكذب } لقولهم ما نعمل بالنهار من الذنوب يغفره اللّه لنا بالليل وما نعمل بالليل يغفره بالنهار { وكفى به } بزعمهم هذا باللّه بما قالوا { إثما مبينا } كذبا بينا ٥١{ ألم تر } ألم تخبر يا محمد { إلى الذين } عن الذين { أوتوا } أعطوا { نصيبا من الكتاب } علما بالتوراة بنعتك وصفتك وآية الرجم وما يشبهها مالك بن الصيف وأصحابه وكانوا سبعين رجلا { يؤمنون بالجبت } حيي بن أخطب { والطاغوت } كعب بن الأشرف { ويقولون للذين كفروا } كفار مكة { هؤلاء } كفار مكة { أهدى } أصوب { من الذين آمنوا } بمحمد والقرآن ودينه { سبيلا } أصوب دينا مقدم ومؤخر ٥٢{ أولئك الذين لعنهم اللّه } عذبهم اللّه بالجزية { ومن يلعن اللّه } يعذبه في الدنيا والآخرة { فلن تجد له } يا محمد { نصيرا } مانعا من عذابه ٥٣{ أم لهم نصيب } لو كان لليهود نصيب { من الملك فإذا لا يؤتون } لا يعطون { الناس } يعني محمدا وأصحابه { نقيرا } قدر النقير وهو النقرة التي على ظهر النواة ٥٤{ أم يحسدون } بل يحسدون { الناس } يعني محمدا { على ما آتاهم اللّه من فضله } على ما أعطاه اللّه من الكتاب والنبوة وكثرة النساء { فقد آتينا } أعطينا { آل إبراهيم } داود وسليمان { الكتاب والحكمة } العلم والفهم والنبوة { وآتيناهم ملكا عظيما } أكرمناهم بالنبوة والإسلام وأعطيناهم ملك بني إسرائيل فكان لداود مائة امرأة مهرية ولسليمان سبعمائة سرية وثلثمائة امرأة مهرية ٥٥{ فمنهم } من اليهود { من آمن به } بكتاب داود وسليمان { ومنهم من صد عنه } كفر به { وكفى } لكعب وأصحابه { بجهنم سعيرا } نارا وقودا ٥٦{ إن الذين كفروا بآياتنا } بمحمد والقرآن { سوف } وهذا وعيد لهم { نصليهم } ندخلهم { نارا } في الاخرة { كلما نضجت } احترقت { جلودهم بدلناهم جلودا غيرها } جددنا جلودهم { ليذوقوا العذاب } لكي يجدوا ألم العذاب { إن اللّه كان عزيزا } بالنقمة منهم { حكيما } حكم عليهم بتبديل الجلود ٥٧ثم نزل في المؤمنين فقال { والذين آمنوا } بمحمد والقرآن وجملة الكتب والرسل { وعملوا الصالحات } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم بالإخلاص { سندخلهم } في الآخرة { جنات } بساتين { تجري من تحتها } من تحت شجرها وسورها { الأنهار } أنهار الخمر واللبن والعسل والماء { خالدين فيها } مقيمين في الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها { أبدا لهم فيها } في الجنة { أزواج مطهرة } من الحيض والأدناس { وندخلهم ظلا ظليلا } كنا كنينا ويقال ظلا ظليلا ممدودا ٥٨ثم نزل في شأن المفتاح الذي أخذه النبي صلى اللّه عليه وسلم من عثمان بن طلحة بأمانة اللّه فأمر اللّه رسوله برد الأمانة إلى أهلها فقال { إن اللّه يأمركم أن تؤدوا الأمانات } أن تردوا المفتاح { إلى أهلها } إلى عثمان ابن طلحة { وإذا حكمتم بين الناس } بين عثمان ابن طلحة وعباس بن عبد المطلب { أن تحكموا بالعدل } أن تردوا المفتاح إلى عثمان والسقاية إلى العباس { إن اللّه نعما يعظكم } نعم ما يأمركم { به } من رد الأمانات والعدل { إن اللّه كان سميعا } بمقالة العباس أعطني المفتاح مع السقاية يا رسول اللّه { بصيرا } بصنع عثمان بن طلحة حيث منع المفتاح ثم قال خذ بأمانة اللّه حقي يا رسول اللّه ٥٩{ يا أيها الذين آمنوا } عثمان بن طلحة وأصحابه { أطيعوا اللّه } فيما أمركم { وأطيعوا الرسول } فيما يأمركم { وأولي الأمر منكم } أمراء السرايا ويقال العلماء { فإن تنازعتم } اختلفتم { في شيء فردوه إلى اللّه } إلى كتاب اللّه { والرسول } وسنة الرسول { إن كنتم } إذ كنتم { تؤمنون باللّه واليوم الآخر } البعث بعد الموت { ذلك } الرد إلى كتاب اللّه وسنة الرسول { خير وأحسن تأويلا } عاقبة ٦٠{ ألم تر } ألم تخبر يا محمد { إلى الذين } عن الذين { يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك } يعني القرآن { وما أنزل من قبلك } يعني التوراة { يريدون } عند الخصومة { أن يتحاكموا إلى الطاغوت } إلى كعب بن الأشرف { وقد أمروا } في القرآن { أن يكفروا به } ان يتبرءوا منه { ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا } عن الحق والهدى نزلت في رجل من المنافقين يسمى بشرا الذي قتله عمر بن الخطاب كان له خصومة مع رجل من اليهود ٦١{ وإذا قيل لهم } لحاطب بن أبي بلتعة المنافق الذي كان له خصومة مع الزبير بن العوام ابن عمة النبي صلى اللّه عليه وسلم { تعالوا إلى ما أنزل اللّه } إلى حكم ما أنزل اللّه في القرآن { وإلى الرسول } إلى حكم الرسول { رأيت المنافقين } يعني حاطب بن أبي بلتعة { يصدون عنك صدودا } يعرضون عن حكمك إعراضا معه إلى الشدق ٦٢فقال { فكيف } يصنعون على وجه التعجب { إذا أصابتهم مصيبة } عقوبة { بما قدمت أيديهم } بلى الشدق { ثم جاؤوك } بعد ذلك { يحلفون باللّه } يعني حاطبا حلف باللّه { إن أردنا } ما أردنا بلى الشدق { إلا إحسانا } في الكلام { وتوفيقا } صوابا ٦٣{ أولئك الذين } يعني الذي لوى شدقه على النبي صلى اللّه عليه وسلم { يعلم اللّه ما في قلوبهم } يعني ما في قلبه من النفاق وهو حاطب بن أبي بلتعة ويقال فكيف يصنعون أي أهل مسجد الضرار إذا أصابتهم مصيبة عقوبة بما قدمت أيديهم ببنائهم مسجد الضرار ثم جاءوك بعد ذلك يحلفون باللّه يعني ثعلبة وحاطبا حلفا باللّه إن أردنا ببناء المسجد إلا إحسانا إلى المؤمنين وتوفيقا موافقة في الدين أن تبعث إلينا فقيها أولئك الذين بنوا مسجد الضرار يعلم اللّه ما في قلوبهم من النفاق والخلاف { فأعرض عنهم } اتركهم ولا تعاقبهم في هذه المرة { وعظهم } بلسانك لكي لا يفعلوا مرة أخرى { وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا } تقدم إليهم تقدما وثيقا في الوعيد إن فعلتم كذا أفعل بكم كذا ٦٤{ وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع } ذلك الرسول { بإذن اللّه } بأمر اللّه لا ليعمل بخلاف أمره ويلوى عليه الشدق برد حكمه { ولو أنهم } يعني أهل مسجد الضرار وحاطبا { إذ ظلموا أنفسهم } بلى الشدق وبناء مسجد الضرار { جاؤوك } للتوبة { فاستغفروا اللّه } فتابوا إلى اللّه من صنيعهم { واستغفر لهم الرسول } دعا لهم الرسول { لوجدوا اللّه توابا } متجاوزا { رحيما } بهم بعد التوبة ٦٥{ فلا وربك } أقسم بنفسه وبعمر محمد { لا يؤمنون } في السر ولا يستحقون اسم الإيمان في السر { حتى يحكموك } حتى يجعلوك حاكما { فيما شجر بينهم } فيما التبس بينهم ويقال فيما اختلف بينهم من الحكم { ثم لا يجدوا في أنفسهم } في قلوبهم { حرجا } شكا { مما قضيت } بينهم { ويسلموا تسليما } يخضعوا لك خضوعا ٦٦{ ولو أنا كتبنا عليهم } أوجبنا عليهم كما أوجبنا على بني إسرائيل { أن اقتلوا أنفسكم أو اخرجوا من دياركم } من منازلكم صفرا { ما فعلوه } بطيبة النفس { إلا قليل منهم } من المخلصين رئيسهم ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري { ولو أنهم } يعني المنافقين { فعلوا ما يوعظون } يؤمرون { به } من التوبة والإخلاص { لكان خيرا لهم } في الآخرة مما هم عليه في السر { وأشد تثبيتا } حقيقة في الدنيا ٦٧{ وإذا } لو فعلوا ما أمروا به { لآتيناهم } لأعطيناهم { من لدنا } من عندنا { أجرا عظيما } ثوابا وافرا في الجنة ٦٨{ ولهديناهم صراطا مستقيما } لثبتناهم في الدنيا على دين قائم نرضاه وهو الإسلام ٦٩{ ومن يطع اللّه والرسول } نزلت هذه الآية في ثوبان مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لقوله أخاف أن لا ألقاك في الآخرة يا رسول اللّه ورآه رسول اللّه متغيرا لونه وكان يحبه حبا شديدا لا يكاد يصبر عنه فذكر اللّه كرامته فقال { ومن يطع اللّه } في الفرائض والرسول في السنن { فأولئك } في الجنة { مع الذين أنعم اللّه } من اللّه { عليهم من النبيين } محمد صلى اللّه عليه وسلم وغيره { والصديقين } أفاضل أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم { والشهداء } الذين استشهدوا في سبيل اللّه { والصالحين } صالحي أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم { وحسن أولئك رفيقا } مرافقة في الجنة ٧٠{ ذلك } المرافقة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين { الفضل من اللّه } المن من اللّه { وكفى باللّه عليما } بحب ثوبان وكرامته في الجنة وثوابه ٧١ثم علم خروجهم في سبيل اللّه فقال { يا أيها الذين آمنوا } بمحمد والقرآن { خذوا حذركم } من عدوكم ولا تخرجوا متفرقين { فانفروا } ولكن اخرجوا { ثبات } جماعات سرية سرية { أو انفروا جميعا } أو أخرجوا كلكم مع نبيكم ٧٢{ وإن منكم } يا معشر المؤمنين { لمن ليبطئن } يقول ليتثاقلن عن الخروج في سبيل اللّه عبد اللّه بن أبي وينتظر ما يصيبكم في السرية { فإن أصابتكم } في السرية { مصيبة } القتل والهزيمة والشدة ? قال ? عبد اللّه بن أبي { قد أنعم اللّه } من اللّه { على } بالجلوس { إذ لم أكن معهم } في تلك السرية { شهيدا } حاضرا ٧٣{ ولئن أصابكم } في تلك السرية { فضل } فتح وغنيمة { من اللّه ليقولن } عبد اللّه ابن أبي { كأن لم تكن بينكم وبينه مودة } صلة في الدين ومعرفة في الصحبة مقدم ومؤخر { يا ليتني كنت } في الغزاة { معهم فأفوز فوزا عظيما } فأصيب غنائم كثيرة وحظا وافر ٧٤ثم أمرهم بالقتال في سبيل اللّه وإن كانوا منافقين فقال { فليقاتل في سبيل اللّه } في طاعة اللّه { الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة } يختارون الدنيا على الاخرة ويقال نزلت هذه الآية في المخلصين فليقاتل في سبيل اللّه في طاعة اللّه الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة يبيعون الدنيا بالاخرة ويختارون الاخرة على الدنيا ثم ذكر ثوابهم فقال { ومن يقاتل في سبيل اللّه } في طاعة اللّه { فيقتل } يستشهد { أو يغلب } يظفر على العدو { فسوف نؤتيه } نعطيه في كلا الوجهين { أجرا عظيما } ثوابا وافرا في الجنة ٧٥ثم ذكر كراهيتهم القتال في سبيل اللّه فقال { وما لكم } يا معشر المؤمنين { لا تقاتلون في سبيل اللّه } في طاعة اللّه مع أهل مكة { والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان } الصبيان { الذين يقولون } بمكة { ربنا } يا ربنا { أخرجنا من هذه القرية } يعني مكة { الظالم أهلها } المشرك أهلها { واجعل لنا من لدنك } من عندك { وليا } حافظا يعنون عتاب بن أسيد { واجعل لنا من لدنك } من عندك { نصيرا } مانعا فاستجاب اللّه دعاءهم وجعل لهم النبي صلى اللّه عليه وسلم ناصرا وعتابا وليا ٧٦ثم ذكر قتالهم في سبيل اللّه فقال { الذين آمنوا } محمد وأصحابه { يقاتلون في سبيل اللّه والذين كفروا } أبو سفيان وأصحابه { يقاتلون في سبيل الطاغوت } في طاعة الشيطان { فقاتلوا أولياء الشيطان } جند الشيطان { إن كيد الشيطان } صنع الشيطان ومكره { كان ضعيفا } بالخذلان لا يخذلهم كما خذلهم يوم بدر ٧٧ثم ذكر كراهيتهم للخروج مع النبي صلى اللّه عليه وسلم بالموافاة إلى بدر الصغرى فقال { ألم تر } ألم تخبر يا محمد { إلى الذين } عن الذين { قيل لهم } قلت لهم بمكة لعبد الرحمن بن عوف الزهري وسعد بن أبي وقاص الزهري وقدامة بن مظعون الجمحي ومقداد بن الأسود الكندي وطلحة بن عبد اللّه التيمي { كفوا أيديكم } عن القتل والضرب فاني لم أومر بالقتال { وأقيموا الصلاة } أتموا الصلوات الخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وما يجب فيها من مواقيتها { وآتوا الزكاة } أعطوا زكاة أموالكم { فلما كتب } فرض { عليهم } بالمدينة { القتال } الجهاد في سبيل اللّه { إذا فريق منهم } طائفة منهم طلحة بن عبد اللّه { يخشون الناس } يخافون أهل مكة { كخشية اللّه } كخوفهم من اللّه { أو أشد خشية } بل أكثر خوفا { وقالوا ربنا } يا ربنا { لم كتبت علينا القتال } قد أوجبت علينا الجهاد في سبيلك { لولا أخرتنا إلى أجل قريب } هلا عافيتنا { إلى أجل قريب } إلى الموت { قل } لهم يا محمد { متاع الدنيا } منفعة الدنيا { قليل } في الآخرة { والآخرة } ثواب الاخرة { خير } أفضل { لمن اتقى } الكفر والشرك والفواحش { ولا تظلمون فتيلا } لا ينقص من حسناتهم قدر فتيل وهو الشيء الذي يكون في شق النواة ويقال هو الوسخ الذي يكون بين أصابعك إذا قتلت ٧٨{ أينما تكونوا } يا معشر المؤمنين المخلصين والمنافقين في بر أو بحر سفر أو حضر { يدرككم الموت } فتموتوا { ولو كنتم في بروج مشيدة } في قصور حصينة ثم ذكر مقالة اليهود والمنافقين ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا ومزارعنا منذ قدم علينا محمد وأصحابه فقال { وإن تصبهم } يعني المنافقين واليهود { حسنة } الخصب ورخص السعر وتتابع السنة بالأمطار { يقولوا هذه من عند اللّه } لما علم فينا الخير { وإن تصبهم سيئة } القحط والجدوبة والشدة وغلاء السعر { يقولوا هذه من عندك } يعنون من شؤم محمد وأصحابه { قل } يا محمد للمنافقين واليهود { كل } في الشدة والنعمة { من عند اللّه فما لهؤلاء القوم } يعني المنافقين واليهود { لا يكادون يفقهون حديثا } قولا إن النعمة والشدة من اللّه ٧٩ثم ذكر بماذا تصيبهم النعمة والشدة فقال { ما أصابك } يا محمد { من حسنة } من خصب ورخص السعر وتتابع السنة بالأمطار { فمن اللّه } فمن نعمة اللّه عليك خاطب به محمدا صلى اللّه عليه وسلم وعنى به قومه { وما أصابك من سيئة } من قحط وجدوبة وغلاء السعر { فمن نفسك } فلقبل طهارة نفسك بطهرك بذلك ويقال ما أصابك من حسنة من فتح وغنيمة فمن اللّه فمن كرامة اللّه وما أصابك من سيئة من قتل وهزيمة مثل يوم أحد فمن نفسك فبذنب أصحابك بتركهم المركز ويقال ما أصابك من حسنة ما عملت من خير فمن اللّه توفيقه وعونه وما أصابك من سيئة ما عملت من شر فمن نفسك فمن قبل جناية نفسك خذلانه { وأرسلناك للناس } إلى الجن والإنس { رسولا } بالبلاغ { وكفى باللّه شهيدا } على مقالتهم إن الحسنة من اللّه والسيئة من شؤم محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه ويقال وكفى باللّه شهيدا على قولهم ائتنا بشهيد يشهد بأنك رسول اللّه ٨٠فلما نزل { وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن اللّه } قال عبد اللّه بن أبي يأمرنا محمد أن نطيعه دون اللّه فنزل فيه { من يطع الرسول } فيما يأمره { فقد أطاع اللّه } لأن الرسول لا يأمر إلا بما أمر اللّه { ومن تولى } عن طاعة الرسول { فما أرسلناك عليهم حفيظا } كفيلا ٨١{ ويقولون } يعني المنافقين عبد اللّه ابن أبي وأصحابه { طاعة } أمرك طاعة يا محمد مر بما شئت نفعله { فإذا برزوا } خرجوا { من عندك بيت } غيرت { طائفة } فريق { منهم } من المنافقين { غير الذي تقول } تأمر { واللّه يكتب } يحفظ عليهم { ما يبيتون } ما يغيرون من أمرك { فأعرض عنهم } ولا تعاقبهم { وتوكل على اللّه } ثق باللّه فيما يصلحون { وكفى باللّه وكيلا } كفيلا بالنصرة والدولة لك عليهم ٨٢{ أفلا يتدبرون القرآن } أفلا يتفكرون في القرآن أنه يشبه بعضه بعضا ويصدق بعضه بعضا وفيه ما أمرهم النبي صلى اللّه عليه وسلم { ولو كان من عند غير اللّه } ولو كان هذا القرآن من أحد غير اللّه { لوجدوا فيه اختلافا كثيرا } تناقضا كثيرا لا يشبه بعضه بعضا ٨٣ثم ذكر خيانة المنافقين فقال { وإذا جاءهم أمر من الأمن } خبر من أمر العسكر أو الفتح أو الغنيمة أصروا عليه حسدا منهم { أو الخوف } وإن جاء خبر خوف من العسكر أو القتل أو الهزيمة { أذاعوا به } فثوا به { ولو ردوه } لو تركوا خبر العسكر { إلى الرسول } حتى يخبرهم الرسول { وإلى أولي الأمر منهم } إلى ذوي العقل واللب منهم من المؤمنين يعني أبا بكر وأصحابه { لعلمه } يعني الخبر الحق { الذين يستنبطونه } يبتغونه أي يطلبون الخبر { منهم } من أبي بكر وأصحابه { ولولا فضل اللّه } من اللّه { عليكم ورحمته } بالتوفيق والعصمة { لاتبعتم الشيطان } كلكم { إلا قليلا } منهم لا يفشون إلا بالخير ٨٤ثم أمر نبيه بالجهاد في سبيل اللّه إلى بدر الصغرى فقال { فقاتل في سبيل اللّه } في طاعة اللّه { لا تكلف } لا تؤمر بذلك { إلا نفسك وحرض } حضض { المؤمنين } على الخروج معك { عسى اللّه } وعسى من اللّه واجب { أن يكف } يمنع { بأس } قتال { الذين كفروا } كفار مكة { واللّه أشد بأسا } عذابا { وأشد تنكيلا } عقوبة ٨٥ثم ذكر ثواب من آمن وعقوبة من كفر يعني أبا بكر وأبا جهل فقال { من يشفع شفاعة حسنة } يوحد أو يصلح بين اثنين { يكن له نصيب منها } أجر من الحسنة { ومن يشفع شفاعة سيئة } يشرك أو ينم { يكن له كفل منها } وزر منها من السيئة { وكان اللّه على كل شيء } من الحسنة والسيئة { مقيتا } مقتدرا مجازيا ويقال على قوت كل شيء مقتدرا ٨٦{ وإذا حييتم بتحية } إذا سلم عليكم بسلام { فحيوا بأحسن منها } فردوها بأفضل منها في الزيادة على أهل دينكم وملتكم { أو ردوها } مثل ما سلم عليكم على غير أهل دينكم { إن اللّه كان على كل شيء } من السلام والرد { حسيبا } مجازيا وشهيدا نزلت في قوم بخلوا بالسلام ٨٧ثم وحد نفسه فقال { اللّه لا إله إلا هو ليجمعنكم } واللّه ليجمعنكم { إلى يوم القيامة } ليوم القيامة في البعث { لا ريب فيه } لا شك فيه { ومن أصدق من اللّه حديثا } قولا ٨٨ثم نزلت في عشر نفر من المنافقين الذين ارتدوا عن الإسلام ورجعوا من المدينة إلى مكة فقال { فما لكم } يا معشر المؤمنين صرتم { في المنافقين } الذين ارتدوا عن الإسلام { فئتين } فرقتين فرقة تحل أموالهم ودماءهم وفرقة تحرم { واللّه أركسهم } ردهم إلى الشرك { بما كسبوا } بنفاقهم وخبث نياتهم { أتريدون أن تهدوا } أن ترشدوا إلى دين اللّه { من أضل اللّه } عن دينه { ومن يضلل اللّه } عن دينه { فلن تجد له سبيلا } دينا ولا حجة ٨٩{ ودوا } تمنوا { لو تكفرون } بمحمد والقرآن { كما كفروا فتكونون } معهم { سواء } شرعا في دين الشرك { فلا تتخذوا منهم أولياء } في الدين والعون والنصرة { حتى يهاجروا } حتى يؤمنوا مرة أخرى ويهاجروا { في سبيل اللّه } في طاعة اللّه { فإن تولوا } عن الإيمان والهجرة { فخذوهم } فأسروهم { واقتلوهم حيث وجدتموهم } في الحل والحرام { ولا تتخذوا منهم وليا } في الدين والعون والنصرة { ولا نصيرا } مانعا ٩٠ثم استثنى فقال { إلا الذين يصلون } يرجعون يعني من العشرة { إلى قوم } يعني قوم هلال بن عويمر الأسلمي { بينكم وبينهم ميثاق } عهد وصلح { أو جاؤوكم } وقد جاءوكم يعني قوم هلال { حصرت صدورهم } ضاقت قلوبهم من شدة النفقة بسبب العهد { أن يقاتلوكم } لقبل العهد { أو يقاتلوا قومهم } لقبل القرابة { ولو شاء اللّه لسلطهم } يعني قوم هلال بن عويمر { عليكم } يوم فتح مكة { فلقاتلوكم } مع قومهم { فإن اعتزلوكم } تركوكم { فلم يقاتلوكم } مع قومهم يوم فتح مكة { وألقوا إليكم السلم } خضعوا لكم بالصلح والوفاء { فما جعل اللّه لكم عليهم سبيلا } حجة بالقتل ٩١{ ستجدون آخرين } من غيرهم من غير قوم هلال أسد أو غطفان { يريدون أن يأمنوكم } أن يأمنوا منكم على أنفسهم وأموالهم وأهاليهم بلا إله إلا اللّه { ويأمنوا قومهم } من قومهم بالكفر { كل ما ردوا إلى الفتنة } دعوا إلى الشرك { أركسوا فيها } رجعوا إليه { فإن لم يعتزلوكم } فإن لم يتركوكم يوم فتح مكة { ويلقوا إليكم السلم } ولم يخضعوا لكم بالصلح { ويكفوا أيديهم } ولم يكفوا أيديهم عن قتالكم يوم فتح مكة { فخذوهم } وأسروهم { واقتلوهم حيث ثقفتموهم } وجدتموهم في الحل والحرم { وأولئكم } يعني اسدا وغطفان { جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا } حجة بينة بالقتل ٩٢{ وما كان لمؤمن } ما جاز لمؤمن عياش بن أبي ربيعة { أن يقتل مؤمنا } حارث بن زيد { إلا خطأ } ولا خطأ { ومن قتل مؤمنا خطأ } بخطأ { فتحرير رقبة مؤمنة } فعليه عتق رقبة مؤمنة باللّه ورسوله { ودية مسلمة } كاملة { إلى أهله } تؤدى إلى أولياء المقتول { إلا أن يصدقوا } إلا أن يصدق أولياء المقتول بالدية على القاتل { فإن كان } المقتول { من قوم عدو لكم } حرب لكم { وهو مؤمن } يعني المقتول { فتحرير رقبة مؤمنة } فعلى القاتل عتق رقبة مؤمنة باللّه ورسوله وليس عليه الدية وكان الحارث من قوم كانوا حربا لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم { وإن كان } المقتول { من قوم بينكم وبينهم ميثاق } عهد وصلح { فدية مسلمة } كاملة { إلى أهله } تؤدى إلى أولياء المقتول { وتحرير رقبة مؤمنة } وعليه عتق رقبة موحدة مصدقة بتوحيد اللّه { فمن لم يجد } التحرير { فصيام شهرين متتابعين } فعليه صيام شهرين متواصلين لا يفرق في صيامه بين يومين { توبة من اللّه } تجاوزا من اللّه لقاتل الخطأ إن فعل ذلك { وكان اللّه عليما } بقاتل الخطأ { حكيما } فيما حكم عليه ٩٣ثم نزل في شأن مقيس ابن حبابة قاتل رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الفهري بعد أخذه دية أخيه هشام بن ضبابة وارتد بعد ذلك عن دينه ورجع إلى مكة كافرا فنزل فيه { ومن يقتل مؤمنا متعمدا } بقتله { فجزاؤه جهنم } بقتله { خالدا فيها } بشركه { وغضب اللّه عليه } بأخذه الدية { ولعنه } بقتله غير قاتل أخيه { وأعد له عذابا عظيما } شديدا بجرأته على اللّه ٩٤ثم نزل في شأن أسامة بن زيد قاتل مرداس بن نهيك الفزاري وكان مؤمنا فنزل فيه { يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم } خرجتم { في سبيل اللّه } في الجهاد { فتبينوا } تحققوا حتى يتبين لكم المؤمن من الكافر { ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام } لمن أسمعكم لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه مع السلام { لست مؤمنا } فتقتلونه { تبتغون عرض الحياة الدنيا } تطلبون بذلك ما كان معه من الغنائم { فعند اللّه مغانم كثيرة } ثواب كثير لمن ترك قتل المؤمن { كذلك كنتم } في قومكم تأمنون من المؤمنين من محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه بلا إله إلا اللّه { من قبل } من قبل الهجرة { فمن اللّه عليكم } بالهجرة من بين الكافرين { فتبينوا } فتثبتوا يقول قفوا حتى لا تقتلوا مؤمنا { إن اللّه كان بما تعملون } من القتل وغيره { خبيرا ٩٥ثم بين ثواب المجاهدين فقال { لا يستوي القاعدون من المؤمنين } عن الجهاد { غير أولي الضرر } الشدة والضعف بالبدن والبصر مثل عبد اللّه بن أم مكتوم وعبد اللّه بن جحش الأسدي بخروج أنفسهم { والمجاهدون في سبيل اللّه بأموالهم } بنفقة أموالهم { وأنفسهم فضل اللّه المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين } بغير الضرر { درجة } فضيلة { وكلا } كلا الفريقين المجاهدين والقاعدين { وعد اللّه الحسنى } الجنة بالإيمان { وفضل اللّه المجاهدين } بالجهاد { على القاعدين } بغير عذر { أجرا عظيما } ثوابا وافرا في الجنة ٩٦{ درجات منه } فضائل من اللّه في الدرجات { ومغفرة } للذنوب { ورحمة } من العذاب { وكان اللّه غفورا } لمن تاب عن القعود وخرج إلى الجهاد { رحيما } لمن مات على التوبة ٩٧ثم نزل في شأن النفر الذين قعدوا يوم بدر وكانوا خمسين رجلا ارتدوا عن الإسلام فقتل عامتهم فقال { إن الذين توفاهم الملائكة } قبضتهم الملائكة يوم بدر { ظالمي أنفسهم } بالشرك { قالوا } قالت لهم الملائكة حين القبض { فيم كنتم } ماذا كنتم تصنعون بمكة { قالوا كنا مستضعفين } مقهورين ذليلين { في الأرض } في ارض مكة في أيدي الكفار { قالوا } قالت لهم الملائكة { ألم تكن أرض اللّه } أرض المدينة { واسعة } آمنة { فتهاجروا فيها } إليها { فأولئك } النفر { مأواهم } مصيرهم { جهنم وساءت مصيرا } صار إليه ٩٨ثم بين أهل العذر فقال { إلا المستضعفين من الرجال } الشيوخ الضعفاء { والنساء والولدان } الصبيان { لا يستطيعون حيلة } حيلة الخروج { ولا يهتدون سبيلا } لا يعرفون طريقا ٩٩{ فأولئك عسى اللّه } وعسى من اللّه واجب { أن يعفو عنهم } فيما كان منهم { وكان اللّه عفوا } لما كان منهم { غفورا } لمن تاب منهم ١٠٠{ ومن يهاجر في سبيل اللّه } في طاعة اللّه { يجد في الأرض } في أرض المدينة { مراغما } محولا وملجأ { كثيرا وسعة } في المعيشة وأمنانزلت هذه الآية في أكثم بن صيفي ثم نزلت في جندب بن ضمرة شيخ كان بمكة هاجر من مكة إلى المدينة فأدركه الموت بالتنعيم ثوابه مثل ثواب المهاجرين فمات حميدا فنزلت فيه { ومن يخرج من بيته } بمكة { مهاجرا إلى اللّه } إلى طاعة اللّه { ورسوله } إلى رسوله بالمدينة { ثم يدركه الموت } بالتنعيم { فقد وقع أجره } وجب ثواب هجرته { على اللّه وكان اللّه غفورا } لما كان منه في الشرك { رحيما } بما كان منه في الإسلام ١٠١{ وإذا ضربتم } سافرتم { في الأرض } في سبيل اللّه { فليس عليكم جناح } مأثم { أن تقصروا من الصلاة } من صلاة المقيم { إن خفتم } علمتم { أن يفتنكم } أن يقتلكم { الذين كفروا } في الصلاة { إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا } ظاهر العداوة وهي صلاة الخوف ١٠٢ثم بين كيف يصلون فقال { وإذا كنت فيهم } معهم شهيدا { فأقمت لهم الصلاة } فأقمت لهم في الصلاة فكبر وليكبروا معك { فلتقم } فلتكن { طائفة منهم معك } في الصلاة { وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا } ركعوا ركعة واحدة { فليكونوا } فليرجعوا { من ورائكم } إلى مصاف أصحابهم بازاء العدو { ولتأت طائفة أخرى } التي بازاء العدو { لم يصلوا } معك الركعة الأولى { فليصلوا معك } الركعة الثانية { وليأخذوا حذرهم } من عدوهم { وأسلحتهم } وليأخذوا سلاحهم معهم { ود } تمنى { الذين كفروا } يعني بني أنمار { لو تغفلون عن أسلحتكم } فتنسونها { وأمتعتكم } تخلون متاع الحرب { فيميلون عليكم } يحملون عليكم { ميلة واحدة } حملة واحدة في الصلاة ثم رخص لهم في وضع السلاح فقال { ولا جناح عليكم } لا حرج عليكم { إن كان بكم أذى من مطر } شدة من مطر { أو كنتم مرضى } جرحى { أن تضعوا أسلحتكم } سلاحكم { وخذوا حذركم } من عدوكم { إن اللّه أعد للكافرين } بني أنهار { عذابا مهينا } يهانون به ويقال شديدا ١٠٣{ فإذا قضيتم الصلاة } فإذا فرغتم من صلاة الخوف { فاذكروا اللّه } فصلوا للّه { قياما } للصحيح { وقعودا } للمريض { وعلى جنوبكم } للجريح والمريض { فإذا اطمأننتم } رجعتم إلى منازلكم وذهب عنكم الخوف { فأقيموا الصلاة } فأتموا الصلاة أربعا { إن الصلاة كانت } صارت { على المؤمنين كتابا موقوتا } مفروضا معلوما في السفر والحضر للمسافر ركعتان وللمقيم أربع ١٠٤ثم حثهم على طلب أبي سفيان وأصحابه بعد يوم أحد فقال { ولا تهنوا } لا تعجزوا ولا تضعفوا { في ابتغاء القوم } في طلب أبي سفيان وأصحابه { إن تكونوا تألمون } تتوجعون بالجراحة { فإنهم يألمون } يتوجعون بالجراحة { كما تألمون } تتوجعون بالجراحة { وترجون من اللّه } ثوابه وتخافون عذابه { ما لا يرجون } ذلك { وكان اللّه عليما } بجراحتكم { حكيما } حكم عليكم بابتغاء القوم ١٠٥ثم بين قصة طعمة بن أبيرق سارق الدرع واليهودي زيد بن سمين الذي رمى بالسرقة فقال { إنا أنزلنا إليك الكتاب } جبريل بالقرآن { بالحق } لتبيان الحق والباطل { لتحكم بين الناس } بالحق بين طعمة وزيد بن سمين { بما أراك اللّه } بما علمك اللّه في القرآن وبين { ولا تكن للخائنين } بالسرقة يعني طعمة { خصيما } معينا ١٠٦{ واستغفر اللّه } تب إلى اللّه من همك بضرب اليهودي زيد بن سمين { إن اللّه كان غفورا رحيما } لمن مات على التوبة ويقال غفورا لذنبك الذي هممت به رحيما بك ١٠٧{ ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم } بالسرقة { إن اللّه لا يحب من كان خوانا } خائنا بالسرقة { أثيما } فاجرا بالحلف الكاذب والبهتان على البرىء ١٠٨{ يستخفون } يستحون { من الناس } بالسرقة { ولا يستخفون من اللّه } لا يستحون من اللّه { وهو معهم } عالم بهم { إذ يبيتون ما لا يرضى من القول } يقول يؤلفون ويقولون من القول ما لا يرضى اللّه ولا يرضونه مقدم ومؤخر { وكان اللّه بما يعملون } ويقولون { محيطا } عالما ١٠٩{ ها أنتم هؤلاء } أنتم يا قوم طعمة يعني بني ظفر { جادلتم } خاصمتم { عنهم } عن طعمة { في الحياة الدنيا فمن يجادل اللّه } يخاصم اللّه { عنهم } عن طعمه يوم القيامة { أم من يكون عليهم } على طعمة { وكيلا } كفيلا من عذاب اللّه ١١٠{ ومن يعمل سوءا } سرقة { أو يظلم نفسه } بالحلف الباطل والبهتان على البريء { ثم يستغفر اللّه } يتب إلى اللّه { يجد اللّه غفورا } لذنوبه { رحيما } حيث قبل توبته ١١١{ ومن يكسب إثما } سرقة ويحلف باللّه كاذبا { فإنما يكسبه } عقوبته { على نفسه وكان اللّه عليما } يعني بسارق الدرع { حكيما } حكم عليه بالقطع ١١٢{ ومن يكسب خطيئة } سرقة { أو إثما } أو يحلف باللّه كاذبا { ثم يرم به } بما سرق { بريئا } زيد بن سمين { فقد احتمل } فقد أوجب على نفسه { بهتانا } عقوبة بهتان عظيم { وإثما مبينا } وعقوبة ذنب بين ١١٣{ ولولا فضل اللّه عليك } من اللّه عليك بالنبوة { ورحمته } بإرسال جبريل إليك { لهمت } أضمرت وأرادت { طائفة منهم } من قوم طعمة { أن يضلوك } أن يخطئوك عن الحكم { وما يضلون } عن الحكم { إلا أنفسهم وما يضرونك من شيء } بشيء لأن مضرته على من شهد بالزور { وأنزل اللّه عليك الكتاب } جبريل بالقرآن { والحكمة } بين فيه الحلال والحرام والقضاء { وعلمك } بالقرآن من الأحكام والحدود { ما لم تكن تعلم } قبل القرآن { وكان فضل اللّه عليك عظيما } بالنبوة ١١٤{ لا خير في كثير من نجواهم } من نجوى قوم طعمة { إلا من أمر بصدقة } حث على صدقة المساكين { أو معروف } أو قرض لإنسان { أو إصلاح بين الناس } بين طعمة وزيد ابن سمين اليهودي { ومن يفعل ذلك } الصدقة والقرض والإصلاح { ابتغاء مرضات اللّه } طلب رضا اللّه { فسوف نؤتيه } نعطيه { أجرا عظيما } ثوابا وافرا في الجنة ١١٥{ ومن يشاقق } يخالف { الرسول } في التوحيد والحكم وهو طعمة { من بعد ما تبين له الهدى } التوحيد والحكم وهو طعمة { ويتبع } يتخذ { غير سبيل } دين { المؤمنين } يختر على دين المؤمنين دين أهل مكة الشرك { نوله ما تولى } نتركه إلى ما اختار في الدنيا { ونصله جهنم } في الاخرة { وساءت مصيرا } صار إليه ١١٦{ إن اللّه لا يغفر أن يشرك به } إن مات عليه مثل طعمة { ويغفر ما دون ذلك } دون الشرك { لمن يشاء } لمن كان أهلا لذلك { ومن يشرك باللّه فقد ضل ضلالا بعيدا } عن الهدى ١١٧{ إن يدعون من دونه } ما يعبد أهل مكة من دون اللّه { إلا إناثا } اصناما بلا روح اللات والعزى ومناة { وإن يدعون } ما يعبدون { إلا شيطانا مريدا } متمردا شديدا ١١٨{ لعنه اللّه } طرده اللّه من كل خير ? وقال ? إبليس { لأتخذن } لأستولين ولاستزلن { من عبادك نصيبا مفروضا } حظا معلوما فما أطيع فيه فهو مفروضه مأموره ويقال من كل ألف تسعمائة وتسع وتسعون في النار ١١٩{ ولأضلنهم } عن الهدى { ولأمنينهم } لأرجينهم أن لا جنة ولا نار { ولآمرنهم فليبتكن } فليشققن { آذان الأنعام } وهي البحيرة { ولآمرنهم فليغيرن خلق اللّه } دين اللّه { ومن يتخذ الشيطان } يعبد الشيطان { وليا } ربا { من دون اللّه فقد خسر } غبن { خسرانا مبينا } غبنا بينا بذهاب الدنيا والآخرة ١٢٠{ يعدهم } الشيطان أن لا جنة ولا نار { ويمنيهم } يرجيهم أن الدنيا لا تفنى { وما يعدهم الشيطان إلا غرورا } باطلا وكذبا ١٢١{ أولئك } الكفار { مأواهم } مصيرهم { جهنم ولا يجدون عنها محيصا } مفرا وملجأ ١٢٢{ والذين آمنوا } بمحمد والقرآن { وعملوا الصالحات } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { سندخلهم جنات } بساتين { تجري من تحتها } من تحت غرفها ومساكنها { الأنهار } أنهار الخمر والماء واللبن والعسل { خالدين فيها } مقيمين في الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها { أبدا وعد اللّه } في جهنم والجنة { حقا } كائنا صدقا ) { ومن أصدق من اللّه قيلا } وعدا ١٢٣{ ليس بأمانيكم } ليس كما تمنيتم يا معشر المؤمنين أن لا تؤاخذوا بسوء بعد الإيمان { ولا أماني أهل الكتاب } ولا كما تمنى أهل الكتاب لقولهم ما نعمل بالنهار من الذنوب يغفر بالليل وما نعمل بالليل يغفر بالنهار { من يعمل سوءا } شرا { يجز به } المؤمن في الدنيا أو بعد الموت قبل دخول الجنة والكافر في الآخرة قبل دخول النار أو بعد دخول النار { ولا يجد له من دون اللّه } من عذاب اللّه { وليا } قريبا ينفعه { ولا نصيرا } مانعا يمنعه ١٢٤{ ومن يعمل من الصالحات } الطاعات فيما بينه وبين ربه { من ذكر أو أنثى } من رجال أو نساء { وهو مؤمن } وهو مع ذلك مؤمن مصدق بإيمانه { فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا } لا ينقص من حسناتهم قدر نقير وهو النقرة التي على ظهر النواة ١٢٥{ ومن أحسن دينا } أحكم دينا وأحسن قولا { ممن أسلم وجهه للّه } أخلص دينه وعمله للّه { وهو محسن } موحد محسن بالقول والفعل { واتبع ملة إبراهيم حنيفا } مسلما { واتخذ اللّه إبراهيم خليلا } مصافيا ١٢٦{ وللّه ما في السماوات وما في الأرض } من الخلق والعجائب كلهم عبيده وإماؤه { وكان اللّه بكل شيء } من أهل السموات والأرض { محيطا } عالما ١٢٧{ ويستفتونك في النساء } يسألونك في ميراث النساء سأله ذلك عيينة { قل اللّه يفتيكم } يبين لكم { فيهن } في ميراثهن { وما يتلى عليكم } ويبين ما قرىء عليكم { في الكتاب } في أول هذه السورة { في يتامى النساء } في بنات أم كحة { اللاتي لا تؤتونهن } لا تعطونهن { ما كتب لهن } ماوجب لهن من الميراث وقد بين اللّه هذه الآية في أول هذه السورة { وترغبون أن تنكحوهن } يعني ترغبون عن نكاحهن لقبل دمامتهن فأعطوهن أموالهن لكي ترغبوا في نكاحهن لقبل مالهن { والمستضعفين من الولدان } ويبين لكم ميراث الصبيان { وأن تقوموا لليتامى بالقسط } ويبين لكم أن تقوموا بحفظ مال اليتامى بالقسط بالعدل { وما تفعلوا من خير } من إحسان إلى هؤلاء { فإن اللّه كان به } وبنياتكم { عليما ١٢٨{ وإن امرأة } يعنى عميرة { خافت من بعلها } علمت من زوجها أسعد بن الربيع { نشوزا } ترك مجامعتها { أو إعراضا } ترك محادثتها ومجالستها { فلا جناح عليهما } على الزوج والمرأة { أن يصلحا بينهما } يعني بين المرأة والزوج { صلحا } معلوما ترضى به المرأة عن الزوج { والصلح } على رضا المرأة { خير } من الجور والميل { وأحضرت الأنفس الشح } جبلت الأنفس على الشح والبخل فتبخل بنصيب زوجها ويقال طمعها يجرها إلى أن ترضى { وإن تحسنوا } تسووا بين الشابة والعجوز في القسمة والنفقة { وتتقوا } الجور والميل { فإن اللّه كان بما تعملون } من الجور والميل { خبيرا ١٢٩{ ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء } في الحب { ولو حرصتم } جهدتم { فلا تميلوا } بالبدن { كل الميل } إلى الشابة { فتذروها } الأخرى يعني المرأة العجوز { كالمعلقة } كالمسجونة لا أيم ولا ذات بعل { وإن تصلحوا وتتقوا } تسووا وتتقوا الميل والجور { فإن اللّه كان غفورا } لمن تاب من الميل والجور { رحيما } على من مات على التوبة ١٣٠{ وإن يتفرقا } يعني المرأة والزوج بالطلاق { يغن اللّه كلا } يعني الزوج والمرأة { من سعته } من رزقه الزوج بامرأة أخرى والمرأة بزوج آخر { وكان اللّه واسعا } لهما في النكاح { حكيما } فيما حكم عليهما من العدل وكان لأسعد بن ربيع امرأة أخرى شابة يميل إليها فنهاه اللّه عن ذلك وأمره بالتسوية بين العجوز والشابة ١٣١{ وللّه ما في السماوات } من الخزائن { وما في الأرض } من الخزائن وغير ذلك { ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب } أعطوا الكتاب { من قبلكم } يعني أهل التوراة في التوراة وأهل الإنجيل في الإنجيل وأهل كل كتاب في كتابهم { وإياكم } يا أمة محمد في كتابكم { أن اتقوا اللّه } أطيعوا اللّه { وإن تكفروا } باللّه { فإن للّه ما في السماوات } من الملائكة جنود { وما في الأرض } من الجن والإنس وغير ذلك جنود { وكان اللّه غنيا } عن إيمانكم { حميدا } لمن وحد ويقال محمودا في أفعاله يشكر اليسير ويجزي الجزيل ١٣٢{ وللّه ما في السماوات وما في الأرض } من الخلق { وكفى باللّه وكيلا } ربا ١٣٣{ إن يشأ يذهبكم } يهلككم { أيها الناس ويأت بآخرين } يخلق خلقا خيرا منكم وأطوع للّه { وكان اللّه على ذلك } على إهلاككم وتخليق غيركم { قديرا ١٣٤{ من كان يريد ثواب الدنيا } منفعة الدنيا بعمله الذي افترضه اللّه عليه { فعند اللّه ثواب الدنيا } فليعمل للّه فان ثواب الدنيا { والآخرة } بيد اللّه { وكان اللّه سميعا } لمقالكم { بصيرا } بأعمالكم ١٣٥{ يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء للّه } يقول كونوا قولين بالعدل في الشهادة { ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين } في الرحم { إن يكن } الوالدان { غنيا أو فقيرا فاللّه أولى بهما } أحق بحقيهما { فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا } أن لا تعالو سوى الشهادة { وإن تلووا } تلجلجوا { أو تعرضوا } لا تقيموا الشهادة عند الحكام { فإن اللّه كان بما تعملون } من كتمان الشهادة وإقامتها { خبيرا } نزلت في مقيس ابن حبابة كانت عنده شهادة على أبيه ١٣٦{ يا أيها الذين آمنوا } يوم الميثاق وكفروا بعد ذلك { آمنوا } اليوم { باللّه ورسوله } ويقال سماهم بأسماء آبائهم يعني يا أبناء الذين آمنوا نزلت هذه الآية في عبد اللّه بن سلام وأسد وأسيد ابني كعب وثعلبة بن قيس وسلام ابن أخت عبد اللّه بن سلام وسلمة ابن أخيه ويامين ابن يامين فهؤلاء مؤمنو أهل التوراة نزل فيهم يأيها الذين آمنوا بموسى والتوراة آمنوا باللّه ورسوله محمد { والكتاب الذي نزل على رسوله } محمد يعنى القرآن { والكتاب الذي أنزل من قبل } من قبل محمد والقرآن على سائر الأنبياء { ومن يكفر باللّه وملائكته } أو بملائكته { وكتبه } أو بكتبه { ورسله } أو برسله { واليوم الآخر } أو بالبعث بعد الموت { فقد ضل ضلالا بعيدا } فلما نزلت هذه الآية دخلوا في الإسلام ١٣٧ثم نزل في الذين لم يؤمنوا بمحمد والقرآن فقال { إن الذين آمنوا } بموسى { ثم كفروا } بعد موسى { ثم آمنوا } بعزيز { ثم كفروا } بعد عزيز بالمسيح { ثم ازدادوا كفرا } ثم استقاموا على الكفر بمحمد والقرآن { لم يكن اللّه ليغفر لهم } ما اقاموا على ذلك { ولا ليهديهم سبيلا } دينا وصوابا وطريق هدى ١٣٨ثم نزل في المنافقين قوله { بشر المنافقين } عبد اللّه بن أبي وأصحابه ومن يكون إلى يوم القيامة منهم { بأن لهم عذابا أليما } وجيعا يخلص وجعه إلى قلوبهم ١٣٩ثم بين صفتهم فقال { الذين يتخذون الكافرين } يعني اليهود { أولياء } في العون والنصرة { من دون المؤمنين } المخلصين { أيبتغون } أيطلبون { عندهم } عند اليهود { العزة } القدرة والمنعة { فإن العزة } المنعة والقدرة { للّه جميعا ١٤٠{ وقد نزل عليكم في الكتاب } أمر لكم في القرآن إذ أنتم بمكة { أن إذا سمعتم آيات اللّه } ذكر محمد والقرآن { يكفر بها } بمحمد والقرآن { ويستهزأ بها } بمحمد والقرآن { فلا تقعدوا } فلا تجلسوا { معهم } في الخوض { حتى يخوضوا في حديث غيره } حتى يكون خوضهم وحديثهم في غير محمد والقرآن { إنكم إذا } إذا جلستم معهم بغير كره { مثلهم } في الخوض والاستهزاء { إن اللّه جامع المنافقين } منافق أهل المدينة عبد اللّه بن أبي وأصحابه { والكافرين } كفار أهل مكة أبي جهل وأصحابه وكفار أهل المدينة كعب وأصحابه { في جهنم جميعا ١٤١ثم بين من هم فقال { الذين يتربصون بكم } ينتظرون بكم يعني الدوائر والشدة { فإن كان لكم فتح } نصرة وغنيمة { من اللّه قالوا } يعني المنافقين للمخلصين { ألم نكن معكم } على دينكم أعطونا من الغنيمة { وإن كان للكافرين } لليهود { نصيب } دولة { قالوا } لليهود { ألم نستحوذ عليكم } ألم نفش سر محمد إليكم ونخبركم به { ونمنعكم من المؤمنين } من قتال المؤمنين ونخبر عنكم المؤمنين { فاللّه يحكم بينكم } يا معشر المنافقين واليهود { يوم القيامة ولن يجعل اللّه للكافرين } لليهود { على المؤمنين سبيلا } دولة دائما ١٤٢{ إن المنافقين } عبد اللّه بن أبي وأصحابه { يخادعون اللّه } يكذبون اللّه في السر ويخالفونه يظنون أنهم يخادعون اللّه { وهو خادعهم } يوم القيامة على الصراط حين يقول المؤمنون في السير ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا وقد علموا أنهم لا يرجعون { وإذا قاموا إلى الصلاة } أتوا إلى الصلاة { قاموا كسالى } أتوا متثاقلين { يراؤون الناس } إذا رأوا الناس أتوا وصلوا وإذا لم يروا لم يأتوا ولم يصلوا { ولا يذكرون اللّه } لا يصلون للّه { إلا قليلا } رياء وسمعة ١٤٣{ مذبذبين بين ذلك } مترددين بين الكفر والإيمان كفر السر وإيمان العلانية { لا إلى هؤلاء } ليسوا مع المؤمنين في السر فيجب لهم ما يجب للمؤمنين { ولا إلى هؤلاء } وليسوا مع اليهود في العلانية فيجب عليهم ما يجب على اليهود { ومن يضلل اللّه } عن دينه وحجته في السر { فلن تجد له سبيلا } دينا ولا حجة في السر ١٤٤{ يا أيها الذين آمنوا } بالعلانية يعني عبد اللّه بن أبي وأصحابه { لا تتخذوا الكافرين } يعني اليهود { أولياء } في التعزز { من دون المؤمنين } المخلصين { أتريدون } يا معشر المنافقين { أن تجعلوا للّه } لرسول اللّه { عليكم سلطانا مبينا } حجة بينة وعذرا بينا بالقتل ١٤٥{ إن المنافقين } عبد اللّه بن أبي وأصحابه { في الدرك الأسفل من النار } في النار لقبل شرورهم ومكرهم وخيانتهم مع النبي صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه { ولن تجد لهم نصيرا } مانعا ١٤٦{ إلا الذين تابوا } من النفاق وكفر السر { وأصلحوا } فيما بينهم وبين ربهم من المكر والخيانة { واعتصموا باللّه } تمسكوا بتوحيد اللّه في السر { وأخلصوا دينهم } توحيدهم { للّه فأولئك مع المؤمنين } في السر ويقال في الوعد ويقال مع المؤمنين في السر والعلانية ويقال مع المؤمنين في الجنة { وسوف يؤت اللّه } يعطى اللّه { المؤمنين } المخلصين { أجرا عظيما } ثوابا وافرا في الجنة ١٤٧{ ما يفعل اللّه بعذابكم } ما يصنع اللّه بعذابكم { إن شكرتم } إن وحدتم في السر { وآمنتم } صدقتكم بإيمانكم في السر { وكان اللّه شاكرا } يشكر اليسير ويجزي الجزيل { عليما } لمن يشكر ولمن لا يشكر ١٤٨{ لا يحب اللّه الجهر بالسوء } بالشتم { من القول إلا من ظلم } فقد أذن له بالدعاء ويقال ولا من ظلم { وكان اللّه سميعا } لدعاء المظلوم { عليما } بعقوبة الظالم نزلت في أبي بكر شتمه رجل ١٤٩{ إن تبدوا خيرا } إن تردوا جوابا حسنا { أو تخفوه } ولا تحتقروا { أو تعفوا } تتجاوزوا { عن سوء } عن مظلمة { فإن اللّه كان عفوا } متجاوزا للمظلوم { قديرا } بعقوبة الظالم ١٥٠{ إن الذين يكفرون باللّه ورسله } يعني كعبا وأصحابه { ويريدون أن يفرقوا بين اللّه ورسله } بالنبوة والإسلام { ويقولون نؤمن ببعض } ببعض الكتب والرسل { ونكفر ببعض } ببعض الكتب والرسل { ويريدون أن يتخذوا بين ذلك } بين الكفر والإيمان { سبيلا } دينا ١٥١{ أولئك هم الكافرون حقا } البتة { وأعتدنا للكافرين } لليهود وغيرهم { عذابا مهينا } يهانون به ويقال شديدا ١٥٢{ والذين آمنوا باللّه ورسله } وهو عبد اللّه ابن سلام وأصحابه { ولم يفرقوا بين أحد منهم } بين النبييين وبين اللّه بالنبوة والإسلام { أولئك سوف يؤتيهم } نعطيهم { أجورهم } ثوابهم في الآخرة { وكان اللّه غفورا } لمن تاب منهم { رحيما } لمن مات على التوبة ١٥٣{ يسألك أهل الكتاب } كعب وأصحابه { أن تنزل عليهم كتابا من السماء } جملة كالتوراة ويقال أن تنزل عليهم كتابا فيه خيرهم وشرهم وثوابهم وعقابهم { فقد سألوا موسى أكبر من ذلك } مما سألوك { فقالوا أرنا اللّه جهرة } معاينة { فأخذتهم الصاعقة } فأحرقتهم النار { بظلمهم } بتكذيبهم موسى وجراءتهم على اللّه { ثم اتخذوا العجل } عبدوا العجل { من بعد ما جاءتهم البينات } الأمر والنهي { فعفونا عن ذلك } تركناهم ولم نستأصلهم { وآتينا } أعطينا { موسى سلطانا مبينا } حجة بينة اليد والعصا ١٥٤{ ورفعنا فوقهم } قلعنا ورفعنا وحبسنا فوق رءوسهم { الطور } الجبل { بميثاقهم } بأخذ ميثاقهم { وقلنا لهم ادخلوا الباب } باب أريحا { سجدا } ركعا { وقلنا لهم لا تعدوا في السبت } يوم السبت بأخذ الحيتان { وأخذنا منهم ميثاقا غليظا } وثيقا في محمد صلى اللّه عليه وسلم ١٥٥{ فبما نقضهم } فبنقضهم { ميثاقهم } فعلنا بهم ما فعلنا { وكفرهم بآيات اللّه } وبكفرهم بمحمد والقرآن ضربت عليهم الجزية { وقتلهم } وبقتلهم { الأنبياء بغير حق } بغير جرم أهلكناهم { وقولهم } وبقولهم { قلوبنا غلف } أوعية لكل علم وهي لا تعي كلامك وعلمك { بل طبع اللّه عليها } بل ليس كما قالوا ولكن ختم اللّه على قلوبهم { بكفرهم } بمحمد والقرآن { فلا يؤمنون } بمحمد والقرآن { إلا قليلا } عبد اللّه بن سلام وأصحابه ١٥٦{ وبكفرهم } بعيسى والإنجيل { وقولهم } وبقولهم { على مريم بهتانا عظيما } وهي القرية جعلناهم خنازير ١٥٧{ وقولهم } وبقولهم { إنا قتلنا المسيح عيسى ابن مريم رسول اللّه } أهلك اللّه صاحبهم تطيانوس { وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم } ألقى شبه عيسى على تطيانوس فقتلوه بدل عيسى { وإن الذين اختلفوا فيه } في قتله { لفي شك منه } من قتله { ما لهم به } بقتله { من علم إلا اتباع الظن } ولا الظن { وما قتلوه يقينا } أي يقينا ما قتلوه ١٥٨{ بل رفعه اللّه إليه } إلى السماء { وكان اللّه عزيزا } بالنقمة من أعدائه { حكيما } بالنصرة لأوليائه نجى نبيه وأهلك صاحبهم ١٥٩{ وإن من } وما من { أهل الكتاب } اليهود والنصارى أحد { إلا ليؤمنن به } بعيسى أنه لم يكن ساحرا ولا اللّه ولا ابنه ولا شريكه { قبل موته } قبل خروج نفسه بعد نزول عيسى ثم يموت بعد كل يهودي يكون في زمنهم { ويوم القيامة يكون } عيسى { عليهم شهيدا } بالبلاغ ١٦٠{ فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم } يقول فبظلمهم { وبصدهم عن سبيل اللّه } عن ذكر دين اللّه { كثيرا ١٦١{ وأخذهم الربا } وباستحلال الربا { وقد نهوا عنه } في التوراة { وأكلهم } وبأكلهم { أموال الناس بالباطل } بالظلم والرشوة حرمنا عليهم طيبات الثروب من الشحوم ولحم الإبل وألبانها أحلت لهم كانت عليهم حلالا { وأعتدنا للكافرين منهم } من اليهود { عذابا أليما } وجيعا يخلص وجعه إلى قلوبهم ١٦٢{ لكن الراسخون } البالغون { في العلم } في علم التوراة { منهم } من أهل الكتاب عبد اللّه بن سلام وأصحابه يقرون بالقرآن وسائر الكتب وإن لم تقر به اليهود { والمؤمنون } وجملة المؤمنين { يؤمنون بما أنزل إليك } من القرآن { وما أنزل من قبلك } على سائر الأنبياء { والمقيمين الصلاة } المتمين الصلوات الخمس { والمؤتون الزكاة } المؤدون زكاة أموالهم أيضا يقرون بالقرآن وسائر الكتب { والمؤمنون باللّه واليوم الآخر } بالبعث بعد الموت أيضا يقرون بالقرآن وسائر الكتب وكل هؤلاء يقرون بالقرآن وسائر الكتب إن لم يقربها اليهود ثم بين ثوابهم فقال { أولئك سنؤتيهم } سنعطيهم { أجرا عظيما } ثوابا وافرا في الجنة ١٦٣{ إنا أوحينا إليك } أرسلنا إليك جبريل بالقرآن { كما أوحينا إلى نوح والنبيين من بعده } من بعد نوح { وأوحينا إلى إبراهيم } أرسلنا جبريل أيضا إلى إبراهيم { وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط } أولاد يعقوب { وعيسى وأيوب ويونس وهارون وسليمان وآتينا } أعطينا { داود زبورا ١٦٤{ ورسلا قد قصصناهم عليك } سميناهم لك { من قبل } من قبل هذه السورة { ورسلا لم نقصصهم عليك } لم نسمهم لك { وكلم اللّه موسى تكليما ١٦٥{ رسلا } كلا هؤلاء الرسل أرسلناهم { مبشرين } بالجنة لمن آمن باللّه { ومنذرين } من النار لمن لا يؤمن باللّه { لئلا } لكي لا { يكون للناس على اللّه حجة } يوم القيامة { بعد الرسل } بعد إرسال الرسل إليهم لكي لا يقولوا لم ترسل إلينا الرسل { وكان اللّه عزيزا } بالنقمة لمن لا يجيب رسله { حكيما } حكم عليهم بإجابة الرسل ١٦٦ثم نزل في أهل مكة لقولهم سألنا أهل الكتاب عنك فلم يشهد أحد منهم أنك نبي مرسل { لكن اللّه يشهد } وإن لم يشهد غيره { بما أنزل إليك } يعني جبريل بالقرآن { أنزله بعلمه } بأمره { والملائكة يشهدون } على ذلك { وكفى باللّه شهيدا } وإن لم يشهد غيره ١٦٧{ إن الذين كفروا } بمحمد والقرآن { وصدوا } الناس { عن سبيل اللّه } عن دين اللّه وطاعته { قد ضلوا ضلالا بعيدا } عن الهدى ١٦٨{ إن الذين كفروا } بمحمد والقرآن { وظلموا } هم الذين أشركوا باللّه { لم يكن اللّه ليغفر لهم } ماقاموا على ذلك { ولا ليهديهم طريقا } طريق الهدى ١٦٩{ إلا طريق جهنم خالدين فيها } مقيمين في النار لا يموتون ولا يخرجون منها { أبدا وكان ذلك } الخلود والعذاب { على اللّه يسيرا } هينا ١٧٠{ يا أيها الناس } يا أهل مكة { قد جاءكم الرسول } محمد { بالحق } بالتوحيد والقرآن { من ربكم فآمنوا } بمحمد والقرآن { خيرا لكم } مما أنتم عليه { وإن تكفروا } بمحمد والقرآن { فإن للّه ما في السماوات والأرض } كلهم عبيده وإماؤه { وكان اللّه عليما } بمن يؤمن وبمن لا يؤمن { حكيما } حكم عليهم أن لا يعبدوا غيره ١٧١ثم نزل في نصارى أهل نجران النسطورية وهم الذين قالوا عيسى ابن اللّه والمار يعقوبية وهم الذين قالوا عيسى هو اللّه والمرقوسية وهم الذين قالوا ثالث ثلاثة والملكانية وهم الذين قالوا عيسى والرب شريكان فأنزل اللّه فيهم { يا أهل الكتاب لا تغلوا } لا تشددوا { في دينكم } فأنه ليس بحق { ولا تقولوا على اللّه إلا الحق } الصدق { إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول اللّه وكلمته ألقاها إلى مريم } وصار بكلمة من اللّه مخلوقا { وروح منه } وبأمر منه صار ولدا بلا أب { فآمنوا باللّه ورسله } جملة الرسل عيسى وغيره { ولا تقولوا ثلاثة } ولد ووالد وزوجة { انتهوا } عن مقالتكم وتوبوا { خيرا لكم } من مقالتكم { إنما اللّه إله واحد } بلا ولد ولا شريك { سبحانه } نزه نفسه { أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض } عبيدا { وكفى باللّه وكيلا } ربا للخلق وشهيدا على ما قال من خبر عيسى ١٧٢{ لن يستنكف المسيح } لن يأنف المسيح { أن يكون عبدا للّه } أن يقر بالعبودية للّه نزلت هذه الآية في قولهم إنه عار على صاحبنا ما تقول يا محمد فأنزل اللّه إنه ليس بعار أن يكون عيسى عبد اللّه { ولا الملائكة المقربون } يقول ولا تأنف الملائكة المقربون حملة العرش أن يقروا بالعبودية للّه { ومن يستنكف } يأنف { عن عبادته } عن الإقرار بعبوديته { ويستكبر } عن الإيمان باللّه { فسيحشرهم إليه } يوم القيامة { جميعا } الكافر والمؤمن ١٧٣{ فأما الذين آمنوا } بمحمد والقرآن { وعملوا الصالحات } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { فيوفيهم } فيوفرهم { أجورهم } ثوابهم في الجنة { ويزيدهم من فضله } كرامته { وأما الذين استنكفوا } أنفوا { واستكبروا } عن الإيمان بمحمد والقرآن { فيعذبهم عذابا أليما } وجيعا { ولا يجدون لهم من دون اللّه } من عذاب اللّه { وليا } قريبا ينفعهم { ولا نصيرا } مانعا يمنعهم من عذاب اللّه ١٧٤{ يا أيها الناس } يا أهل مكة { قد جاءكم برهان من ربكم } رسول من ربكم محمد صلى اللّه عليه وسلم { وأنزلنا إليكم } إلى نبيكم { كتابا مبينا } الحلال والحرام ١٧٥{ فأما الذين آمنوا باللّه } وبمحمد والقرآن { واعتصموا به } تمسكوا بتوحيد اللّه { فسيدخلهم في رحمة منه } في جنة { وفضل } كرامة منه مقدم ومؤخر { ويهديهم إليه صراطا مستقيما } يثبتهم على طريق مستقيم في الدنيا مقدم ومؤخر يقول يثبتهم في الدينا على الإيمان ويدخلهم في الآخرة الجنة ١٧٦{ يستفتونك } يسألونك يا محمد نزلت هذه الآية في جابر بن عبد اللّه الأنصاري سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم أن لي أختا مالي منها إن ماتت فقال اللّه يسألونك يا محمد عن ميراث الكلالة { قل اللّه يفتيكم } يبين لكم { في الكلالة } في ميراث الكلالة والكلالة ما خلا الوالد والولد ثم بين فقال { إن امرؤ هلك } مات ( ليس له ولد ) ولا والد { وله أخت } من ابيه وأمه أو من أبيه { فلها نصف ما ترك } الميت من المال { وهو يرثها } إن ماتت { إن لم يكن لها ولد } ذكر أو أنثى { فإن كانتا اثنتين } اختين من أب وأم أو أب { فلهما الثلثان مما ترك } ما ترك الميت من المال { وإن كانوا إخوة رجالا ونساء } ذكرا أو أنثى من أب وأم أو من أب { فللذكر مثل حظ } نصيب { الأنثيين يبين اللّه لكم } قسمة المواريث { أن تضلوا } لكي لا تخطئوا في قسمة المواريث { واللّه بكل شيء } من قسمة المواريث وغيرها { عليم } |
﴿ ٠ ﴾