هود{ بسم اللّه الرحمن الرحيم } وهي كلها مكية آياتها مائة وعشرون وكلماتها ألف وستمائة وخمسة وعشرون وحروفها ستة آلاف وتسعمائة وخمسة قوله تعالى ١{ الر } يقول أنا للّه أرى ويقال قسم اقسم به { كتاب } أن هذا كتاب يعني القرآن { أحكمت آياته } بالحلال والحرام والأمر والنهي فلم تنسخ { ثم فصلت } بينت { من لدن } من عند { حكيم } حاكم أمر أن لا يعبد غيره { خبير } بمن يعبد وبمن لا يعبد ٢{ ألا تعبدوا } بأن لا توحدوا { إلا اللّه إنني لكم منه } من اللّه { نذير } من النار { وبشير } بالجنة ٣{ وأن استغفروا ربكم } وحدوا ربكم { ثم توبوا إليه } أقبلوا إليه بالتوبة والإخلاص { يمتعكم متاعا } يعشكم عيشا { حسنا } بلا عذاب { إلى أجل مسمى } إلى وقت معلوم يعني الموت { ويؤت } ويعط { كل ذي فضل } في الإسلام { فضله } ثوابه في الآخرة { وإن تولوا } عن الإيمان والتوبة { فإني أخاف عليكم } أعلم أن يكون عليكم { عذاب يوم كبير } عظيم ٤{ إلى اللّه مرجعكم } بعد الموت { وهو على كل شيء } من الثواب والعقاب { قدير ٥{ ألا إنهم } يعني أخنس بن شريق وأصحابه { يثنون صدورهم } يضمرون في قلوبهم بغض محمد صلى اللّه عليه وسلم وعداوته { ليستخفوا منه } ليستروا من محمد صلى اللّه عليه وسلم بغضه وعداوته بإظهار المحبة له والمجالسة معه { ألا حين يستغشون ثيابهم } يغطون رؤوسهم بثيابهم { يعلم ما يسرون } فيما بينهم وما يضمرون في قلوبهم { وما يعلنون } من القتال والجفاء ويقال من المحبة والمجالسة { إنه عليم بذات الصدور } بما في القلوب من الخير والشر ٦{ وما من دابة في الأرض إلا على اللّه رزقها } إلا اللّه قائم برزقها { ويعلم مستقرها } حيث تأوى بالليل { ومستودعها } حيث تموت فتدفن { كل } أي رزق كل دابة وأجلها وأثرها { في كتاب مبين } مكتوب في اللوح المحفوظ مبين معلوم مقدر ذلك عليها ٧{ وهو الذي } وإلهكم هو الذي { خلق السماوات والأرض في ستة أيام } من أيام أول الدنيا طول كل يوم الف سنة أول يوم منها يوم الأحد وآخر يوم منها يوم الجمعة { وكان عرشه } قبل أن خلق السموات والأرض { على الماء } وكان اللّه قبل العرش والماء { ليبلوكم } ليختبركم بين الحياة والموت { أيكم أحسن عملا } أخلص عملا { ولئن قلت } لأهل مكة { إنكم مبعوثون } محيون { من بعد الموت ليقولن الذين كفروا } كفار مكة { إن هذا } ما هذا الذي يقول محمد عليه الصلاة والسلام { إلا سحر مبين } كذب بين لا يكون ٨{ ولئن أخرنا عنهم العذاب إلى أمة معدودة } إلى وقت معلوم يوم بدر { ليقولن } يعني أهل مكة { ما يحبسه } عنا غدا استهزاء به { ألا يوم يأتيهم } العذاب { ليس مصروفا عنهم } لا يصرف عنهم العذاب { وحاق } دار ووجب ونزل { بهم ما كانوا به يستهزؤون } عذاب ما كانوا به يستهزئون بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن ٩{ ولئن أذقنا الإنسان } يعني الكافر { منا رحمة } نعمة { ثم نزعناها منه } أخذناها منه { إنه ليؤوس } يصير آيس شيء وأقنط شيء من رحمة اللّه { كفور } كافر بنعمة اللّه لا يشكر ١٠{ ولئن أذقناه } أصبناه يعني الكافر { نعماء بعد ضراء مسته } شدة أصابته { ليقولن } يعني الكافر { ذهب السيئات } الشدة { عني إنه لفرح } بطر { فخور } بنعمة اللّه غير شاكر ١١{ إلا } محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه { الذين صبروا } على الإيمان { وعملوا الصالحات } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم فإنهم لا يفعلون ذلك ولكن يصبرون بالشدة ويشكرون بالنعمة { أولئك لهم مغفرة } لذنوبهم في الدنيا { وأجر كبير } ثواب عظيم في الجنة ١٢{ فلعلك } يا محمد { تارك بعض ما يوحى إليك } أمر لك في القرآن من تبليغ الرسالة وسب آلهتهم وعيبها { وضائق به } بما أمرت { صدرك } قلبك { أن يقولوا } بما يقول كفار مكة { لولا أنزل } هلا أنزل { عليه } على محمد { كنز } مال من السماء فيعيش به { أو جاء معه ملك } يشهد له { إنما أنت } يا محمد { نذير } رسول مخوف { واللّه على كل شيء } من مقالتهم وعذابهم { وكيل } كفيل ويقال شهيد ١٣{ أم يقولون } بل يقول كفار مكة { افتراه } اختلق محمد القرآن من تلقاء نفسه فأتا به { قل } لهم يا محمد { فأتوا بعشر سور مثله } مثل سور القرآن مثل سورة البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال والتوبة ويونس وهود { مفتريات } مختلفات من تلقاء أنفسكم { وادعوا من استطعتم } استعينوا بمن عبدتم { من دون اللّه إن كنتم صادقين } أن محمد صلى اللّه عليه وسلم يختلقه من تلقاء نفسه فسكتوا عن ذلك ١٤فقال اللّه { فإن لم يستجيبوا لكم } لم يجبك الظلمة { فاعلموا } يا معشر الكفار { إنما أنزل } جبريل بالقرآن { بعلم اللّه } وأمره { وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون } مقرون بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن ١٥{ من كان يريد الحياة الدنيا } بعلمه الذي افترض اللّه عليه { وزينتها } زهرتها { نوف إليهم أعمالهم } نوفر لهم ثواب أعمالهم { فيها } في الدنيا { وهم فيها } في الدنيا { لا يبخسون } لا ينقص من ثواب أعمالهم ١٦{ أولئك الذين } عملوا لغير اللّه { ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها } رد عليهم ما عملوا في الدنيا من الخيرات { وباطل ما كانوا يعملون } ولا يثابون في الآخرة بما كانوا يعملون في الدنيا من الخيرات لأنهم عملوا لغير اللّه ١٧{ أفمن كان على بينة من ربه } على بيان نزل من ربه يعني القرآن { ويتلوه } يقرأ عليه القرآن { شاهد منه } من اللّه يعني جبريل { ومن قبله } من قبل القرآن { كتاب موسى } توراة موسى قرأ عليه جبريل { إماما } يقتدى به { ورحمة } لمن آمن به { أولئك } من آمن بكتاب موسى { يؤمنون به } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن وهو عبد اللّه بن سلام وأصحابه { ومن يكفر به } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن { من الأحزاب } من جميع الكفار { فالنار موعده } مصيره { فلا تك } يا محمد { في مرية } في شك { منه } من مصير من كفر بالقرآن { إنه الحق من ربك } إن مصير من كفر بالقرآن النار ويقال فلا تك في مرية في شك منه من القرآن إنه الحق من ربك نزل به جبريل { ولكن أكثر الناس } أهل مكة { لا يؤمنون ١٨{ ومن أظلم } أعتى وأجرأ { ممن افترى } اختلق { على اللّه كذبا أولئك يعرضون على ربهم } يساقون إلى ربهم { ويقول الأشهاد } الملائكة والأنبياء { هؤلاء } الكفار { الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة اللّه } عذاب اللّه { على الظالمين } المشركين ١٩{ الذين يصدون } يصرفون { عن سبيل اللّه } عن دين اللّه وطاعته { ويبغونها عوجا } يطلبونها زيغا ويقال غيرا { وهم بالآخرة } بالبعث بعد الموت { هم كافرون } جاحدون ٢٠{ أولئك لم يكونوا معجزين في الأرض } بفائتين من عذاب اللّه { وما كان لهم من دون اللّه } من عذاب اللّه { من أولياء } تحفظهم { يضاعف لهم العذاب } يعني الرؤساء { ما كانوا يستطيعون السمع } الاستماع إلى كلام محمد صلى اللّه عليه وسلم من بغضه ويقال بما كانوا لا يستطيعون السمع الاستماع إلى كلام محمد علي الصلاة والسلام { وما كانوا يبصرون } إلى محمد عليه الصلاة والسلام من بغضه ويقال وما كانوا يبصرون محمد صلى اللّه عليه وسلم من بغضه ٢١{ أولئك } الرؤساء هم { الذين خسروا أنفسهم } غبنوا أنفسهم وأهاليهم ومنازلهم وخدمهم في الجنة وورثة غيرهم من المؤمنين { وضل عنهم } بطل واشتغل عنهم بأنفسهم { ما كانوا يفترون } يعبدون من دون اللّه بالكذب ٢٢{ لا جرم } حقا { أنهم في الآخرة هم الأخسرون } المغبونون بذهاب الجنة وما فيها ٢٣{ إن الذين آمنوا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن { وعملوا الصالحات } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { وأخبتوا إلى ربهم } أخصلوا لربهم وخضعوا لربهم وخشعوا من ربهم { أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون } مقيمون ٢٤{ مثل الفريقين } الكافر والمؤمن { كالأعمى والأصم } يقول مثل الكافر كالأعمى لا يبصر الحق والهدى وكالأصم لا يسمع الحق والهدى { والبصير والسميع } يقول ومثل المؤمن كمثل البصير يبصر الحق والهدى وكالسميع يسمع الحق والهدى { هل يستويان مثلا } في المثل يقول هل يستوي الكافر مع المؤمن في الطاعة والثواب { أفلا تذكرون } أفلا تتعظون بأمثال القرآن فتؤمنوا ٢٥{ ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه } فلما جاءهم قال لهم { إني لكم } من اللّه { نذير } رسول مخوف { مبين } بلغة تعلمونها ٢٦{ أن لا تعبدوا } أن لا توحدوا { إلا اللّه إني أخاف عليكم } أعلم بأن يكون عليكم إن لم تؤمنوا { عذاب يوم أليم } وجيع وهو الغرق ٢٧{ فقال الملأ } الرؤساء { الذين كفروا من قومه } من قوم نوح { ما نراك } يا نوح { إلا بشرا } آدميا { مثلنا وما نراك اتبعك } آمن بك { إلا الذين هم أراذلنا } سفلتنا وضعفاؤنا { بادي الرأي } ظاهر الرأي الضعيف ويقال سوء رأيهم حملهم على ذلك { وما نرى لكم علينا من فضل } بما تقولون تأكلون وتشربون كما نأكل ونشرب { بل نظنكم كاذبين } بما تقولون ٢٨? قال ? نوح { يا قوم أرأيتم إن كنت } يقول إني { على بينة من ربي } على بيان نزل من ربي { وآتاني رحمة من عنده } أكرمني بالنبوة والإسلام ( فعميت ) التبست وإن قرأت فعميت يقول ألبست { عليكم } نبوتي وديني { أنلزمكموها } أنلهكموها ونعرفكموها { وأنتم لها كارهون } جاحدون ٢٩{ ويا قوم لا أسألكم عليه } على التوحيد { مالا } جعلا { إن أجري } ما ثوابي { إلا على اللّه وما أنا بطارد الذين آمنوا } بقولكم { أنهم ملاقو } معاينوا { ربهم } فيخاصمونني عنده { ولكني أراكم قوما تجهلون } أمر اللّه ٣٠{ ويا قوم من ينصرني } من يمنعني { من اللّه } من عذاب اللّه { إن طردتهم } بقولكم { أفلا تذكرون } أفلا تتعظون بما أقول لكم فتؤمنوا ٣١{ ولا أقول لكم عندي خزائن اللّه } مفاتيح خزائن اللّه في الرزق { ولا أعلم الغيب } متى نزول العذاب وما غاب عني { ولا أقول إني ملك } من السماء { ولا أقول للذين تزدري أعينكم } لا تأخذهم أعينكم يقول يحتقرون في أعينكم { لن يؤتيهم اللّه خيرا } لن يكرمهم اللّه بتصديق الإيمان { اللّه أعلم بما في أنفسهم } بما في قلوبهم من التصديق { إني إذا } إن طردتهم { لمن الظالمين } الضارين بنفسي ٣٢{ قالوا يا نوح قد جادلتنا } خاصمتنا ودعوتنا إلى دين غير دين آبائنا { فأكثرت جدالنا } خصومتنا ودعاءنا { فأتنا بما تعدنا } من العذاب { إن كنت من الصادقين } أنه يأتينا ٣٣? قال ? نوح { إنما يأتيكم به اللّه } يقول يأتيكم اللّه بعذابكم { إن شاء } فيعذبكم { وما أنتم بمعجزين } بقائتين من عذاب اللّه ٣٤{ ولا ينفعكم نصحي } دعائي وتحذيري إياكم من عذاب اللّه { إن أردت أن أنصح لكم } أحذركم من عذاب اللّه وأدعوكم إلى التوحيد { إن كان اللّه } قد كان اللّه { يريد أن يغويكم } أن تضلكم عن الهدى { هو ربكم } أولى بكم مني { وإليه ترجعون } بعد الموت فيجزيكم بأعمالكم ٣٥{ أم يقولون } بل يقولون قوم نوح { افتراه } اختلق نوح بما آتانا به من تلقاء نفسه { قل } لهم يا نوح { إن افتريته } اختلقته من تلقاء نفسي { فعلي إجرامي } آثامي { وأنا بريء مما تجرمون } تأثمون ويقال نزلت هذه الآية في محمد صلى اللّه عليه وسلم ٣٦{ وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من } سوى من { قد آمن فلا تبتئس } فلا تحزن بهلاكهم { بما كانوا يفعلون } في كفرهم ٣٧{ واصنع الفلك } خذ في علاج السفينة { بأعيننا } بنظر منا { ووحينا } بأمرنا { ولا تخاطبني } لا تراجعني { في الذين ظلموا } في نجاة الذين كفروا { إنهم مغرقون } بالطوفان ٣٨{ ويصنع الفلك } أخذ في علاج السفينة { وكلما مر عليه ملأ } رؤساء { من قومه سخروا منه } هزئوا بمعالجته السفينة { قال إن تسخروا منا } اليوم { فإنا نسخر منكم } بعد اليوم { كما تسخرون } اليوم منا ٣٩{ فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه } يذله ويهلكه { ويحل عليه } يجب عليه { عذاب مقيم } دائم في الآخرة ٤٠{ حتى إذا جاء أمرنا } وقت عذابنا { وفار التنور } نبع الماء من التنور ويقال طلع الفجر { قلنا احمل فيها } في السفينة { من كل زوجين } من كل صنفين { اثنين } ذكر وأنثى { وأهلك إلا من سبق عليه } وجب عليه { القول } بالعذاب { ومن آمن } معك أيضا احمل معك في السفينة { وما آمن معه إلا قليل } ثمانون إنسانا ٤١? وقال ? لهم { اركبوا فيها } في السفينة { بسم اللّه مجراها } حيث تجرى { ومرساها } حيث تحبس وإن قرأت مجريها ومرسيها يقول اللّه مجريها حيث شاء ومرسيها حيث شاء { إن ربي لغفور } متجاوز { رحيم } لمن تاب ٤٢{ وهي تجري بهم } بأهلها { في موج } في غمر الماء { كالجبال } كجبل عظيم في الارتفاع { ونادى نوح } دعا نوح { ابنه } كنعان { وكان في معزل } في ناحية من السفينة ويقال في ناحية الجبل { يا بني اركب معنا } انج معنا بلا إله إلا اللّه { ولا تكن مع الكافرين } على دينهم فتغرق بالطوفان ٤٣{ قال سآوي } سأذهب { إلى جبل يعصمني } يمنعني { من الماء } من الغرق ? قال ? نوح { لا عاصم اليوم } لا مانع اليوم { من أمر اللّه } من عذاب اللّه الغرق { إلا من رحم } اللّه من المؤمنين { وحال بينهما } بين كنعان ونوح ويقال بين كنعان والجبل ويقال بين كنعان والسفينة { الموج } فكبه { فكان } فصار { من المغرقين } بالطوفان ٤٤{ وقيل يا أرض ابلعي ماءك } أنشفى ماءك { ويا سماء أقلعي } احبسي ماءك { وغيض } نقص { الماء وقضي الأمر } وفرغ من هلاك القوم أي هلك من هلك ونجا من نجا { واستوت } السفينة { على الجودي } وهو جبل بنصيبين في الموصل { وقيل بعدا } سحقا من رحمة اللّه { للقوم الظالمين } المشركين قوم نوح ٤٥{ ونادى نوح } دعا نوح { ربه فقال رب } يا رب { إن ابني } كنعان { من أهلي } الذي وعدت أن تنجيه { وإن وعدك الحق } الصدق { وأنت أحكم } أعدل { الحاكمين } وعدتني نجاتي ونجاة أهلي ٤٦? قال ? اللّه { يا نوح إنه ليس من أهلك } الذي وعدتك أن أنجيه { إنه عمل } في الشرك { غير صالح } غير مرضى وإن قرأت أنه عمل غير صالح يقول دعاؤك إياي بنجاته غير مرضى { فلا تسألن } نجاة { ما ليس لك به علم } أنه أهل للنجاة { إني أعظك } أياك { أن تكون } أن لا تكون { من الجاهلين } بسؤالك إياي ما لم تعلم ٤٧? قال ? نوح { رب } يا رب { إني أعوذ بك } امتنع بك { أن أسألك } نجاة { ما ليس لي به علم } أنه أهل للنجاة { وإلا تغفر لي } يقول إن لم تغفر لي يعني إن لم تجاوز عني { وترحمني } ولا ترحمني فتعذبني { أكن من الخاسرين } بالعقوبة ٤٨{ قيل يا نوح اهبط } انزل من السفينة { بسلام منا } بسلامة منا { وبركات } سعادات { عليك وعلى أمم } جماعة { ممن معك } في السفينة من أهل السعادة { وأمم } جماعة في أصلابهم { سنمتعهم } سنعيشهم بعد خروجهم من اصلاب آبائهم { ثم يمسهم } يصيبهم { منا عذاب أليم } وجيع بعدما كفروا وهم أهل الشقاوة قال ابن عباس رضي اللّه عنه أوحى اللّه إلى نوح عليه السلام وهو ابن أربعمائة وثمانين سنة ودعا قومه مائة وعشرين سنة وركب في السفينة وهو ابن ستمائة سنة وعاش بعد ما ركب في السفينة ثلثمائة وخمسين سنة وبقى في السفينة خمسة أشهر وكان طول السفينة ثلثمائة ذراع بذراعه وعرضها خمسون ذراعا وطولها في السماء ثلاثون ذراعا وكان لها ثلاثة أبواب بعضها أسفل من بعض حمل في الباب الأسفل السباع والهوام وحمل في الباب الأوسط الوحوش والبهائم وحمل في الباب الأعلى بني آدم وكانوا ثمانين إنسانا اربعون رجلا وأربعون امرأة وكان بين الرجال والنساء جسد آدم صلوات اللّه عليه وكان معه ثلاثة بنين سام وحام ويافث ٤٩{ تلك } هذه { من أنباء الغيب } من أخبار الغائب عنك { نوحيها إليك } نرسل جبريل إليك يا محمد بأخبار الأمم الماضية { ما كنت تعلمها } يعني أخبار الأمم { أنت ولا قومك من قبل هذا } القرآن { فاصبر } يا محمد على أذاهم وتكذيبهم إياك { إن العاقبة } آخر الأمر بالنصرة والجنة { للمتقين } الكفر والشرك والفواحش ٥٠{ وإلى عاد } وأرسلنا إلى عاد { أخاهم } نبيهم { هودا قال يا قوم اعبدوا اللّه } وحدوا اللّه { ما لكم من إله غيره } غير الذين آمركم أن تؤمنوا به { إن أنتم } ما أنتم بعبادة الأوثان { إلا مفترون } كاذبون على اللّه لم يأمركم بعبادتها ٥١{ يا قوم لا أسألكم عليه } على التوحيد { أجرا } جعلا { إن أجري } ما ثوابي { إلا على الذي فطرني } خلقني { أفلا تعقلون } أفلا تصدقون أفليس لكم ذهن الإنسانية ٥٢{ ويا قوم استغفروا ربكم } وحدوا ربكم { ثم توبوا إليه } أقبلوا إليه بالتوبة والإخلاص { يرسل السماء عليكم مدرارا } مطرا دائما دريرا كلما تحتاجون إليه { ويزدكم قوة إلى قوتكم } شدة إلى شدتكم بالمال والبنين { ولا تتولوا } عن الإيمان والتوبة { مجرمين } مشركين باللّه ٥٣{ قالوا يا هود ما جئتنا ببينة } ببيان ما تقول { وما نحن بتاركي آلهتنا } عبادة آلهتنا { عن قولك } بقولك { وما نحن لك بمؤمنين } بمصدقين بالرسالة ٥٤{ إن تقول } ما تقول فيما ننهاك عنه { إلا اعتراك } يصيبك { بعض آلهتنا بسوء } بخبل لأنك تشتمها { قال إني أشهد اللّه واشهدوا أني بريء مما تشركون } باللّه من الأوثان وما تعبدونها ٥٥{ من دونه } من دون اللّه { فكيدوني } فاعملوا في هلاكي أنتم وآلهتكم { جميعا ثم لا تنظرون } لا تؤجلون ولا تشكوا في أحدا ٥٦{ إني توكلت على اللّه } فوضت أمري إليه { ربي } خالقي ورازقي { وربكم } خالقكم ورازقكم { ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها } يميتها ويحييها ويقال في قبضته يفعل ما يشاء { إن ربي على صراط مستقيم } عليه ممر الخلق ويقال يدعو الخلق إلى صراط مستقيم دين قائم يرضاه وهو الإسلام ٥٧{ فإن تولوا } أعرضوا عن الإيمان والتوبة { فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم } من الرسالة ويهلككم { ويستخلف ربي قوما غيركم } خيرا منكم وأطوع { ولا تضرونه شيئا } ولا يضر اللّه هلاككم شيئا { إن ربي على كل شيء } من أعمالكم { حفيظ } حافظ شهيد ٥٨{ ولما جاء أمرنا } عذابنا { نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة } بنعمة { منا ونجيناهم من عذاب غليظ } شديد ٥٩{ وتلك عاد } وهذه عاد { جحدوا بآيات ربهم } التي آتاهم بها هود { وعصوا رسله } بالتوحيد { واتبعوا أمر كل جبار } قول كل قتال على الغضب { عنيد } معرض عن اللّه ٦٠{ وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة } أهلكوا في الدنيا بالريح { ويوم القيامة } لهم لعنة أخرى وهي النار { ألا إن عادا كفروا ربهم } جحدوا ربهم { ألا بعدا لعاد قوم هود } من رحمة اللّه ٦١{ وإلى ثمود } وأرسلنا إلى ثمود { أخاهم } نبيهم { صالحا قال يا قوم اعبدوا اللّه } وحدوا اللّه { ما لكم من إله غيره } غير الذين آمركم أن تؤمنوا به { هو أنشأكم من الأرض } خلقكم من آدم وآدم من الأرض { واستعمركم فيها } عمركم في الأرض وجعلكم سكانها { فاستغفروه } فوحدوه { ثم توبوا إليه } اقبلوا إليه بالتوحيد والتوبة والإخلاص { إن ربي قريب } بالإجابة { مجيب } لمن وحده ٦٢{ قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا } نرجوك { قبل هذا } قبل أن تأمرنا بدين غير دين آبائنا { أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا } من الأوثان { وإننا لفي شك مما تدعونا إليه } من دينك { مريب } ظاهر الشك به ٦٣{ قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي } على بيان نزل من ربي { وآتاني منه رحمة } أكرمني بالنبوة والإسلام { فمن ينصرني } يمنعني { من } عذاب { اللّه إن عصيته } وتركت أمره { فما تزيدونني غير تخسير } فما ازداد إلا بصيرة في خسارتكم ٦٤{ ويا قوم هذه ناقة اللّه لكم آية } علامة { فذروها } فاتركوها { تأكل في أرض اللّه } في أرض الحجر ليس عليكم مؤنتها { ولا تمسوها بسوء } بعقر { فيأخذكم عذاب قريب } بعد ثلاثة أيام ٦٥{ فعقروها } قتلوها قتلها قدار بن سالف ومصدع بن زهر وقسموا لحمها على ألف وخمسمائة دار { فقال } لهم صالح بعد قتلهم لها { تمتعوا } عيشوا { في داركم } في مدينتكم { ثلاثة أيام } ثم يأتيكم العذاب اليوم الرابع قالوا يا صالح ما علامة العذاب قال أن تصبحوا اليوم الأول وجوهكم مصفرة وتصبحوا اليوم الثاني وجوهكم محمرة وتصبحوا اليوم الثالث وجوهكم مسودة ثم يأتيكم العذاب اليوم الرابع { ذلك } العذاب { وعد غير مكذوب } غير مردود ٦٦{ فلما جاء أمرنا } عذابنا { نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة } بنعمة { منا ومن خزي يومئذ } من عذاب يومئذ { إن ربك هو القوي } بنجاة أوليائه { العزيز } بنقمة أعدائه ٦٧{ وأخذ الذين ظلموا } أشركوا { الصيحة } العذاب { فأصبحوا في ديارهم } مساكنهم { جاثمين } ميتين لا يتحركون أي صاروا رمادا ٦٨{ كأن لم يغنوا فيها } كأن لم يكونوا في الأرض قط { ألا إن ثمود } قوم صالح { كفروا ربهم } كفروا بربهم { ألا بعدا لثمود } لقوم صالح من رحمة اللّه ٦٩{ ولقد جاءت رسلنا } جبريل ومن معه من الملائكة اثنا عشر ملكا { إبراهيم } إلى إبراهيم { بالبشرى } بالبشارة له بالولد { قالوا سلاما } سلموا على إبراهيم حين دخلوا عليه { قال سلام } رد عليهم السلام وإن قرأت سلم يقول أمري سلم من السلامة { فما لبث } مكث إبراهيم { أن جاء بعجل } سمين { حنيذ } مشوي فوضعه بين أيديهم ٧٠{ فلما رأى أيديهم لا تصل إليه } إلى طعامه لأنهم لم يحتاجوا إلى طعام { نكرهم } أنكر منهم ذلك { وأوجس منهم خيفة } وقع في نفسه خوفا منهم وظن أنهم لصوص حيث لم يأكلوا من طعامه فلما علموا خوفه { قالوا لا تخف } منا يا إبراهيم { إنا أرسلنا إلى قوم لوط } لنهلكهم ٧١{ وامرأته } سارة { قائمة } بالخدمة { فضحكت } تعجبت من خوف إبراهيم من أضيافه { فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب } ولدا الولد فضحكت فحاضت مقدم ومؤخر ٧٢{ قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز } بنت ثمان وتسعين سنة للعجوز الكبير ولد كيف هذا { وهذا بعلي } زوجي إبراهيم { شيخا } ابن تسع وتسعين سنة { إن هذا لشيء عجيب } عجب ٧٣{ قالوا } لها { أتعجبين من أمر اللّه } من قدرة اللّه { رحمة اللّه وبركاته } سعاداته { عليكم أهل البيت } يا أهل بيت إبراهيم { إنه حميد } بأعمالكم { مجيد } كريم يكرمكم بولد صالح ٧٤{ فلما ذهب عن إبراهيم الروع } الخوف { وجاءته البشرى } البشارة بالولد { يجادلنا } يخاصمنا { في قوم لوط } في هلاك قوم لوط ٧٥{ إن إبراهيم لحليم } عن الجهل ( أواه ) رحيم { منيب } مقبل إلى اللّه ٧٦{ يا إبراهيم أعرض عن هذا } عن جدالك هذا { إنه قد جاء أمر ربك } عذاب ربك بهلاك قوم لوط { وإنهم آتيهم } يأتيهم { عذاب غير مردود } غير مصروف عنهم ٧٧{ ولما جاءت رسلنا } جبريل ومن معه من الملائكة { لوطا } إلى لوط { سيء بهم } ساءه مجيئهم { وضاق بهم } أغتم بمجيئهم { ذرعا } اغتماما شديدا خاف عليهم من صنيع قومه { وقال } في نفسه { هذا يوم عصيب } شديد على ٧٨{ وجاءه قومه } قوم لوط { يهرعون إليه } يسرعون إلى داره ويهرولون هرولة { ومن قبل } أي ومن قبل مجىء جبريل { كانوا يعملون السيئات } عملهم الخبيث ? قال ? لهم لوط { يا قوم هؤلاء بناتي } ويقال بنات قومي { هن أطهر لكم } أنا أزوجكم { فاتقوا اللّه } فاخشوا اللّه في الحرام { ولا تخزون في ضيفي } لا تفضحوني في أضيافي { أليس منكم رجل رشيد } يدلهم على الصواب ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ٧٩{ قالوا لقد علمت } يا لوط { ما لنا في بناتك من حق } من حاجة { وإنك لتعلم ما نريد } يعنون عملهم الخبيث ٨٠? قال ? لوط في نفسه { لو أن لي بكم قوة } بالبدن والولد { أو آوي } أقدر أن أرجع { إلى ركن شديد } إلى عشيرة كثيرة لمنعت نفسي منكم فلما علم جبريل والملائكة خوف لوط من تهدد قومه ٨١{ قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك } بالهلاك نحن نهلكهم { فأسر بأهلك } فسر بأهلك ويقال أدلج بهم { بقطع من الليل } في بعض من الليل آخر الليل عند السحر { ولا يلتفت منكم } لا يتخلف منكم { أحد إلا امرأتك } واعلة المنافقة { إنه مصيبها } سيصيبها { ما أصابهم } ما يصيبهم من العذاب { إن موعدهم } بالهلاك { الصبح } عند الصباح قال لوط الآن يا جبريل قال جبريل يا لوط { أليس الصبح بقريب } لأنه رآه ولم ير لوط ٨٢{ فلما جاء أمرنا } عذابنا لهلاكهم { جعلنا عاليها سافلها } قلبناها وجعلنا أسفلها أعلاها وأعلاها اسفلها { وأمطرنا عليها } على شذاذها ومسافريها { حجارة من سجيل } من سبخ ووحل مثل الآجر ويقال من سماء الدنيا { منضود } متتابع بعضها على أثر بعض ٨٣{ مسومة } مخططة بالسواد والحمرة والبياض ويقال مكتوب عليها اسم من هلك بها { عند ربك } من عند ربك يا محمد تأتي تلك الحجارة { وما هي } يعني الحجارة { من الظالمين ببعيد } لم تخطهم بل اصابتهم ويقال ما هي من ظالمي أمتك ببعيد من يقتدى بهم أي يفعلهم ٨٤{ وإلى مدين } وأرسلنا إلى مدين { أخاهم } نبيهم { شعيبا قال يا قوم اعبدوا اللّه } وحدوا اللّه { ما لكم من إله غيره } غير الذي آمركم أن تؤمنوا به { ولا تنقصوا المكيال والميزان } أي حقوق الناس بالكيل والوزن { إني أراكم بخير } بسعة ومال ورخص السعر { وإني أخاف عليكم } إن لم تؤمنوا به ولم توفوا بالكيل والوزن { عذاب يوم محيط } يحيط بكم ولا ينفلت منكم أحد من القحط والجدوبة وغير ذلك ٨٥{ ويا قوم أوفوا المكيال والميزان } أي أتموا الكيل والوزن { بالقسط } بالعدل { ولا تبخسوا الناس أشياءهم } لا تنقصوا حقوق الناس بالكيل والوزن { ولا تعثوا في الأرض مفسدين } لا تعملوا في الأرض بالفساد وبعبادة الأوثان ودعاء الناس إليها وبخس الكيل والوزن ٨٦{ بقية اللّه } ثواب اللّه على وفاء الكيل والوزن { خير لكم } ويقال ما يبقى اللّه لكم من الحلال خير لكم مما تبخسون بالكيل والوزن { إن كنتم مؤمنين } مصدقين بما أقول لكم { وما أنا عليكم بحفيظ } بكفيل أحفظكم لأنه لم يكن مأمورا بقتالهم ٨٧{ قالوا يا شعيب أصلاتك } كثرة صلواتك { تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا } من الأوثان { أو أن نفعل } لا نفعل { في أموالنا ما نشاء } من البخس في الكيل والوزن { إنك لأنت الحليم الرشيد } السفيه الضال استهزاء به ٨٨{ قال يا قوم أرأيتم إن كنت } يقول إني { على بينة من ربي } على بيان نزل من ربي { ورزقني منه رزقا حسنا } أكرمني بالنبوة والإسلام وأعطاني مالا حلالا { وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه } يقول ما اريد أن أفعل ما أنهاكم عنه من البخس في الكيل والوزن { إن أريد } ما أريد { إلا الإصلاح } العدل بالكيل والوزن { ما استطعت وما توفيقي } بوفاء الكيل والوزن { إلا باللّه } من اللّه { عليه توكلت } فوضت أمري إليه { وإليه أنيب } أقبل ٨٩{ ويا قوم لا يجرمنكم } لا يحملنكم { شقاقي } بغضي وعداوتي حتى لا تؤمنوا ولا تؤفوا بالكيل والوزن { أن يصيبكم } فيصيبكم { مثل ما أصاب قوم نوح } يعني عذاب قوم نوح من الغرق والطوفان { أو قوم هود } الهلاك بالريح { أو قوم صالح } الصيحة { وما قوم لوط } ما خبر قوم لوط { منكم ببعيد } قد بلغكم ما أصابهم ٩٠{ واستغفروا ربكم } وحدوا ربكم { ثم توبوا إليه } اقبلوا إليه بالتوبة والاخلاص { إن ربي رحيم } بعباده المؤمنين { ودود } متودد إليهم بالمغفرة والثواب ويقال محب لهم ويحببهم إلى الخلق ويقال يحبب إليهم طاعته ٩١{ قالوا يا شعيب ما نفقه } ما نعقل { كثيرا مما تقول } مما تأمرنا { وإنا لنراك فينا ضعيفا } ضرير البصر { ولولا رهطك } قومك { لرجمناك } لقتلناك { وما أنت علينا بعزيز } كريم ٩٢{ قال يا قوم أرهطي } قومي { أعز عليكم من اللّه } من كتابه ودينه ويقال عقوبة رهطي أشد عليكم من عقوبة اللّه { واتخذتموه } نبذتموه { وراءكم ظهريا } خلف ظهركم ما جئت به من الكتاب { إن ربي بما تعملون } بعقوبة ما تعملون { محيط } عالم ٩٣{ ويا قوم اعملوا على مكانتكم } على دينكم في منازلكم بهلاكي { إني عامل } بهلاككم { سوف تعلمون من يأتيه } إلى من يأتيه { عذاب يخزيه } يذله ويهلكه { ومن هو كاذب } على اللّه { وارتقبوا } انتظروا لهلاكي { إني معكم رقيب } منتظر لهلاككم ٩٤{ ولما جاء أمرنا } عذابنا { نجينا شعيبا والذين آمنوا معه برحمة منا } بنعمة منا { وأخذت الذين ظلموا } أشركوا يعني قوم شعيب { الصيحة } بالعذاب { فأصبحوا في ديارهم } فصاروا في مساكنهم { جاثمين } ميتين رمادا ٩٥{ كأن لم يغنوا فيها } كأن لم يكونوا في الأرض قط { ألا بعدا لمدين } لقوم شعيب من رحمة اللّه { كما بعدت ثمود } قوم صالح من رحمة اللّه وكان عذاب قوم صالح وقوم شعيب سواء كلاهما كان الصيحة بالعذاب أصابهم حر شديد وقوم صالح أتاهم من تحت أرجلهم العذاب وقوم شعيب أتاهم من فوق رؤوسهم العذاب ٩٦{ ولقد أرسلنا موسى بآياتنا } التسع { وسلطان مبين } حجة بينة والآيات هي حجة بينة ٩٧{ إلى فرعون وملئه } رؤسائه { فاتبعوا أمر فرعون } وتركوا قول موسى { وما أمر فرعون } قول فرعون { برشيد } بصواب ٩٨{ يقدم قومه } يتقدم ويقود قومه { يوم القيامة فأوردهم النار } فأدخلهم النار { وبئس الورد المورود } بئس المدخل فرعون وبئس المدخل قومه ويقال بئس الداخل فرعون وبئس المدخل قومه ويقال بئس الداخل فرعون وقومه وبئس المدخل النار ٩٩{ وأتبعوا في هذه لعنة } أهلكوا في هذه الدنيا بالغرق { ويوم القيامة } لهم لعنة أخرى وهي النار { بئس الرفد المرفود } يقول بئس الغرق ورفده النار ويقال بئس العون وبئس المعان ١٠٠{ ذلك } الذي ذكرت { من أنباء القرى } في الدنيا من أخبار القرى الماضية { نقصه عليك } ننزل عليك جبريل بأخبارها { منها قائم } ينظر إليها قد باد أهلها { وحصيد } منها ما قد خرب وهلك أهلها ١٠١{ وما ظلمناهم } بإهلاكهم { ولكن ظلموا أنفسهم } بالكفر والشرك وعبادة الأوثان { فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون } يعبدون { من دون اللّه } من عذاب اللّه { من شيء لما جاء أمر ربك } حين جاء عذاب ربك { وما زادوهم } عبادة الأوثان { غير تتبيب } غير تخسير ١٠٢{ وكذلك أخذ ربك } عذاب ربك { إذا أخذ القرى } عذب أهل القرى { وهي ظالمة } مشركة كافرة { إن أخذه } عذابه { أليم } وجيع { شديد ١٠٣{ إن في ذلك } فيما ذكرت لك { لآية } لعبرة { لمن خاف عذاب الآخرة } فلا يقتدى بهم { ذلك } يوم القيامة { يوم مجموع له الناس } يجمع فيه الأولون والاخرون { وذلك يوم مشهود } شهده أهل السماء وأهل الأرض ١٠٤{ وما نؤخره } يعني ذلك اليوم { إلا لأجل معدود } لوقت معلوم ١٠٥{ يوم يأت } ذلك اليوم { لا تكلم نفس } لا تشفع نفس صالحة لأحد { إلا بإذنه } بأمره { فمنهم } من الناس يؤمئذ { شقي } قد كتب عليه الشقاوة { وسعيد } قد كتب له السعادة ١٠٦{ فأما الذين شقوا } كتب عليهم الشقاوة { ففي النار لهم فيها زفير } صوت كزفير الحمار في صدره وهو أول ما ينهق { وشهيق } كشهيق الحمار في حلقه وهو آخر ما يفرغ من نهيقه ١٠٧{ خالدين فيها } دائمين في النار { ما دامت السماوات والأرض } إلا ما شاء ربك السموات والأرض منذ خلقت كدوام ربك وقد يشاء ربك أن يخلدوا في النار ويقال يخلد من كتب عليه الشقاوة ما دامت السموات والأرض وبنو آدم إلا ما شاء ربك أن يحوله من الشقاوة إلى السعادة بقوله يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت ويقال يكونون دائمين في النار ما دامت السموات والأرض سماء النار وأرض النار إلا ما شاء ربك أن يخرجهم من أهل التوحيد من كانت شقاوته بذنب دون الكفر فيدخله الجنة بإيمانه خالصا { إن ربك فعال لما يريد } كما يريد ١٠٨{ وأما الذين سعدوا } كتب لهم السعادة { ففي الجنة خالدين فيها } دائمين في الجنة { ما دامت السماوات والأرض } كدوام السموات والأرض منذ خلقنا { إلا ما شاء ربك } وقد شاء ربك أن يحوله من السعادة إلى الشقاوة لقوله يمحو اللّه ما يشاء من السعادة إلى الشقاوة ويثبت ويترك ويقال يكونون في الجنة دائمين ما دامت السموات والأرض سماء الجنة وأرض الجنة إلا ما شاء ربك أن يعذبه في النار قبل أن يدخله الجنة ثم يخرجه من النار ويدخله الجنة فيكون بعد ذلك دائما في الجنة { عطاء } ثوابا لهم { غير مجذوذ } غير منقوص وغير مقطوع ١٠٩{ فلا تك في مرية } في شك { مما يعبد هؤلاء } أهل مكة { ما يعبدون إلا كما يعبد آباؤهم من قبل } من قبلهم وهلكوا على ذلك { وإنا لموفوهم نصيبهم } عقوبتهم { غير منقوص } ويقال نزلت هذه الآية وإنا لموفوهم نصيبهم غير منقوص في القدرية ١١٠{ ولقد آتينا } أعطينا { موسى الكتاب } يعني التوراة { فاختلف فيه } في كتاب موسى آمن به بعض وكفر به بعض { ولولا كلمة سبقت } وجبت { من ربك } بتأخير العذاب عن أمتك { لقضي بينهم } لفرغ من هلاكهم ولجاءهم العذاب { وإنهم لفي شك منه مريب } ظاهر الشك ١١١{ وإن كلا } كلا الفريقين { لما ليوفينهم } يقول يوفرهم { ربك أعمالهم } ثواب أعمالهم بالحسن حسنا وبالسيء سيئا { إنه بما يعملون } من الخير والشر والثواب والعقاب { خبير ١١٢{ فاستقم } على طاعة اللّه { كما أمرت } في القرآن { ومن تاب معك } من الكفر والشرك أيضا فليستقم معك { ولا تطغوا } لا تكفروا ولا تعصوا بما في القرآن من الحلال والحرام { إنه بما تعملون } من الخير والشر { بصير ١١٣{ ولا تركنوا } لا تميلوا { إلى الذين ظلموا } أنفسهم بالكفر والشرك والمعاصي { فتمسكم } فتصيبكم { النار } كما تصيبهم { وما لكم من دون اللّه } من عذاب اللّه { من أولياء } من أقرباء تحفظكم من عذاب اللّه { ثم لا تنصرون } لا تمنعون مما يراد بكم ١١٤{ وأقم الصلاة } أتم الصلاة { طرفي النهار } صلاة الغذاة والظهر ويقال صلاة الغداة والظهر والعصر { وزلفا من الليل } دخول الليل صلاة المغرب والعشاء { إن الحسنات } الصلوات الخمس { يذهبن السيئات } يكفرن السيئات دون الكبائر ويقال سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر { ذلك ذكرى للذاكرين } توبة للتائبين ويقال كفارات لذنوب التائبين نزلت في شأن رجل تمار يقال له أبو اليسر بن عمرو ١١٥{ واصبر } يا محمد على ما أمرت وعلى أذاهم { فإن اللّه لا يضيع } لا يبطل { أجر المحسنين } ثواب المؤمنين المحسنين بالقول والفعل ١١٦{ فلولا كان من القرون } يقول لم يكن من القرون الماضية { من قبلكم أولوا بقية } من المؤمنين { ينهون عن الفساد في الأرض } عن الكفر والشرك وعبادة الأوثان وسائر المعاصي { إلا قليلا ممن أنجينا منهم } من المؤمنين { واتبع الذين ظلموا } اشتغل الذين أشركوا ب { ما أترفوا فيه } بما نعموا فيه في الدنيا من المال { وكانوا مجرمين } مشركين ١١٧{ وما كان ربك ليهلك } أهل { القرى بظلم } منهم { وأهلها مصلحون } فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويقال وما كان ربك ليهلك القرى بظلم منه وأهلها مصلحون مقيمون على الطاعة مستمسكون بها ١١٨{ ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة } لجمعهم على ملة واحدة ملة الإسلام { ولا يزالون } ولكن لا يزالون { مختلفين } في الدين والباطل ١١٩{ إلا من رحم } عصم { ربك } من الباطل والأديان المختلفة وهم المؤمنون { ولذلك خلقهم } للرحمة خلق أهل الرحمة وللاختلاف خلق أهل الاختلاف { وتمت كلمة ربك } وجب قول ربك { لأملأن جهنم من الجنة والناس } من كفار الجن والإنس { أجمعين ١٢٠{ وكلا نقص عليك } كما بينت لك { من أنباء الرسل } أخبار الرسل { ما نثبت به فؤادك } لكي نطيب به قلبك انه قد فعل بغيرك من الأنبياء ما فعل بك { وجاءك في هذه } السورة { الحق } خبر الحق { وموعظة } من المعاصي { وذكرى } عظة { للمؤمنين ١٢١{ وقل للذين لا يؤمنون } باللّه وباليوم الآخر وبالملائكة وبالكتب وبالنبيين { اعملوا على مكانتكم } على دينكم في منازلكم بهلاكي { إنا عاملون } في هلاككم ١٢٢{ وانتظروا } هلاكي { إنا منتظرون } هلاككم ١٢٣{ وللّه غيب السماوات والأرض } ما غاب عن العباد { وإليه يرجع الأمر } وإلى اللّه يرجع أمر العباد { كله } في الآخرة { فاعبده } فأطعه { وتوكل عليه } ثق به { وما ربك بغافل عما تعملون } من المعاصي ويقال بتارك عقوبة ما تعملون كما لم يغفل ومن السورة التي يذكر فيها يوسف |
﴿ ٠ ﴾