الحجبسم اللّه الرحمن الرحيم وهى كلها مكية إلا خمس آيات { ومن الناس من يعبد اللّه على حرف } إلى آخر الآيتين وقوله { أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا } إلى آخر الآيتين والسجدة الأخيرة فهؤلاء الآيات مدنيات وكل شىء فى القرآن يأيها الذين آمنوا فهو مدنى وكل شىء فى القرآن يأيها الناس فهو مكى ومدنى ولا تجد يأيها الذين آمنوا مكية آياتها خمس وسبعون آية وكلماتها ألف ومائتان وإحدى وتسعون وحروفها خمسة آلاف ومائة وخمسة وثلاثون قوله تعالى ١{ يا أيها الناس } خاص وعام وههنا عام { اتقوا ربكم } اخشوا ربكم وأطيعوه { إن زلزلة الساعة } قيام الساعة { شيء عظيم } هوله ٢{ يوم ترونها } حين ترونها عند النفخة الأولى { تذهل } تشتغل { كل مرضعة } والدة { عما أرضعت } عن ولدها { وتضع كل ذات حمل حملها } وتضع الحوامل ما فى بطونها من الأولاد { وترى الناس } قياما { سكارى } نشاوى { وما هم بسكارى } بنشاوى من الشراب { ولكن عذاب اللّه شديد } فمن ذلك تحيروا كأنهم سكارى ٣{ ومن الناس } وهو النضر بن الحارث { من يجادل في اللّه } يخاصم فى دين اللّه وكتابه { بغير علم } بلا علم ولا حجة ولا بيان { ويتبع } يطيع { كل شيطان مريد } متمرد شديد لعين ٤{ كتب عليه } قضى عليه على الشيطان { أنه من تولاه } أطاعه { فأنه يضله } عن الهدى { ويهديه } يدعوه { إلى عذاب السعير } إلى ما يجب به عذاب الوقود ٥{ يا أيها الناس } يعنى أهل مكة { إن كنتم في ريب } فى شك { من البعث } بعد الموت فتفكروا فى بدء خلقكم فإن إحياءكم ليس بأشد على من بدئكم { فإنا خلقناكم من تراب } من آدم وآدم من تراب { ثم } خلقناكم بعد ذلك { من نطفة ثم من علقة } من دم عبيط بعد النطفة { ثم من مضغة } من لحم طرى بعد العلقة { مخلقة } خلق تمام { وغير مخلقة } وهى السقط { لنبين لكم } فى القرآن بدء خلقكم { ونقر في الأرحام } من أن يسقط ويقال نترك فى الأرحام { ما نشاء } من الولد { إلى أجل مسمى } إلى وقت معلوم من الشهور { ثم نخرجكم } من الأرحام { طفلا } صغارا { ثم } نترككم { لتبلغوا أشدكم } من ثمان عشرة سنة إلى ثلاثين سنة { ومنكم من يتوفى } يقبض روحه قبل البلوغ { ومنكم من يرد } يرجع { إلى أرذل العمر } إلى حاله الأول بعد الهرم { لكيلا يعلم } حتى لا يعقل { من بعد علم } من بعد علمه الأول { شيئا وترى الأرض هامدة } منكسرة ميتة { فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت } بالنبات ويقال تحركت واستبشرت بالماء { وربت } انتفخت للنبات { وأنبتت } أخرجت بالماء { من كل زوج بهيج } من كل لون حسن ٦{ ذلك } القدرة فى تحويلكم وغير ذلك لتقروا وتعلموا { بأن اللّه هو الحق } بأن عبادة اللّه هى الحق { وأنه يحيي الموتى } للنشور { وأنه على كل شيء } من الحياة والموت { قدير ٧{ وأن الساعة آتية } كائنة { لا ريب فيها } لا شك فى كينونتها { وأن اللّه يبعث من في القبور } للجزاء والعقاب ٨{ ومن الناس من يجادل في اللّه } يخاصم فى دين اللّه وكتابه { بغير علم } بلا علم { ولا هدى } بلا حجة { ولا كتاب منير } مبين بما يقول ٩{ ثاني عطفه } لا ويا عنقه معرضا عن الآيات مكذبا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن { ليضل عن سبيل اللّه } عن دين اللّه وطاعته { له في الدنيا خزي } عذاب قتل يوم بدر صبرا { ونذيقه يوم القيامة عذاب الحريق } عذاب النار ويقال العذاب الشديد ١٠{ ذلك } القتل يوم بدر صبرا { بما قدمت يداك } بما عملت يداك فى الشرك نزل من قوله { ومن الناس من يجادل في اللّه } إلى ههنا فى شأن النضر بن الحارث { وأن اللّه ليس بظلام للعبيد } أن يأخذهم بلا جرم ١١{ ومن الناس من يعبد اللّه على حرف } على وجه تجربة وشك وانتظار نعمة نزلت هذه الآية فى شأن بنى الحلاف منافقى بنى أسد وغطفان { فإن أصابه خير } نعمة { اطمأن به } رضى بدين محمد صلى اللّه عليه وسلم بلسانه { وإن أصابته فتنة } شدة { انقلب على وجهه } رجع إلى دينه الأول الشرك باللّه { خسر الدنيا } غبن الدنيا بذهابها { والآخرة } بذهاب الجنة { ذلك } الغبن { هو الخسران المبين } الغبن البين بذهاب الدنيا والآخرة ١٢{ يدعو } يعبد بنو الحلاف { من دون اللّه ما لا يضره } إن لم يعبده { وما لا ينفعه } إن عبده { ذلك هو الضلال } الخطأ { البعيد } عن الحق والهدى ١٣{ يدعو } يعبد بنو الحلاف { لمن ضره أقرب من نفعه } يقول من ضره قريب ونفعه بعيد { لبئس المولى } الرب { ولبئس العشير } الخليل والصاحب يقول من كانت عبادته مضرة على عابده لبئس المعبود هو ١٤{ إن اللّه يدخل الذين آمنوا } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن { وعملوا الصالحات } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { جنات } بساتين { تجري من تحتها } من تحت أشجارها ومساكنها { الأنهار } أنهار الخمر والماء والعسل واللبن { إن اللّه يفعل ما يريد } من الشقاوة والسعادة ونزل فيهم أيضا حين قالوا نخاف أن لا ينصر محمد فى الدنيا فيذهب ما كان بيننا وبين اليهود من المودة ١٥{ من كان يظن } يحسب { أن لن ينصره اللّه } يعنى محمد صلى اللّه عليه وسلم بالغلبة { في الدنيا والآخرة } بالعذر والحجة { فليمدد } فليربط { بسبب } بحبل { إلى السماء } إلى سماء بيته { ثم ليقطع } ليختنق { فلينظر } فليتفكر فى نفسه { هل يذهبن كيده } اختناقه { ما يغيظ } غيظه فى محمد صلى اللّه عليه وسلم ويقال فيه وجه آخر من كان يظن أن لن ينصره اللّه فى الدنيا بالرزق والآخرة بالثواب فليمدد بسبب إلى السماء فليربط حبلا إلى سقف بيته ثم ليقطع فلينظر فى نفسه هل يذهبن كيده اختناقه ما يغيظه غيظة فى رزقه ١٦{ وكذلك } هكذا { أنزلناه آيات } أنزلنا جبريل بآيات { بينات } بالحلال والحرام { وأن اللّه يهدي } يرشد إلى دينه { من يريد } من كان أهلا لذلك ١٧{ إن الذين آمنوا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن { والذين هادوا } يهود أهل المدينة { والصابئين } السائحين وهم شعبة من النصارى { والنصارى } يعنى نصارى أهل نجران السيد والعاقب { والمجوس } عبدة الشمس والنيران { والذين أشركوا } مشركى العرب { إن اللّه يفصل } يقضى { بينهم يوم القيامة إن اللّه على كل شيء } من اختلافهم وأعمالهم { شهيد } عالم ١٨{ ألم تر } ألم تخبر يا محمد فى القرآن { أن اللّه يسجد له من في السماوات } من الخلق { ومن في الأرض } من المؤمنين { والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب } كل هؤلاء يسجدون للّه { وكثير من الناس } وجبت لهم الجنة وهم المؤمنون { وكثير حق عليه العذاب } وجب عليهم عذاب النار وهم الكافرون { ومن يهن اللّه } بالشقاوة { فما له من مكرم } بالسعادة ويقال ومن يهن اللّه بالنكرة فما له من مكرم بالمعرفة { إن اللّه يفعل ما يشاء } بخلقه من الشقاوة والسعادة والمعرفة والنكرة ١٩{ هذان خصمان } أهل دينين من المسلمين واليهود والنصارى { اختصموا في ربهم } فى دين ربهم فقال كل واحد منهم أنا أولى باللّه بدينه فحكم اللّه بينهم فقال { فالذين كفروا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن يعنى اليهود والنصارى { قطعت لهم ثياب من نار } قمص وجباب من نار { يصب من فوق رؤوسهم } على رءوسهم { الحميم } الماء الحار ٢٠{ يصهر به } يذاب بالحميم { ما في بطونهم } من الشحوم وغيرها { والجلود } ويذاب به الجلود وغيرها ٢١{ ولهم مقامع من حديد } حار يضرب على رؤوسهم ٢٢{ كلما أرادوا أن يخرجوا منها } من النار { من غم } من غم العذاب { أعيدوا فيها } فى النار بضرب المقامع { وذوقوا } فيقال لهم ذوقوا { عذاب الحريق } الشديد ٢٣{ إن اللّه يدخل الذين آمنوا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن { وعملوا الصالحات } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { جنات } بساتين { تجري من تحتها } من تحت شجرها ومساكنها { الأنهار } أنهار الخمر والماء والعسل واللبن { يحلون فيها } يلبسون فى الجنة { من أساور من ذهب } أسورة من ذهب { ولؤلؤا ولباسهم فيها } فى الجنة { حرير } لا يوصف فضله ٢٤{ وهدوا إلى الطيب من القول } أرشدوا فى الدنيا إلى القول الطيب لا إله إلا اللّه { وهدوا إلى صراط الحميد } ووفقوا للدين المحمود فى فعاله ويقال الحميد لمن وحده فهذا قضاء اللّه فيما بين اليهود والنصارى والمؤمنين فى خصومتهم ٢٥{ إن الذين كفروا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن أبو سفيان وأصحابه وإنما سماه كافرا لأنه لم يكن مؤمنا يومئذ { ويصدون عن سبيل اللّه } يصرفون الناس عن دين اللّه وطاعته { والمسجد الحرام } يصرفون محمدا عليه الصلاة والسلام وأصحابه عام الحديبية عن المسجد الحرام للعمرة { الذي جعلناه } حرما وقبلة { للناس سواء العاكف فيه والباد } يعنى المقيم والغريب سواء شرع { ومن يرد } يمل { فيه بإلحاد بظلم } على أحد { نذقه من عذاب أليم } وجيع نضربه ضربا شديدا لكى لا يعود إلى ظلم أحد ويقال نزلت فى شأن عبد اللّه بن أنس بن حنظل قتل أنصاريا بالمدينة متعمدا وارتد عن الإسلام والتجأ إلى مكة ونزل فيه ومن يرد فيه من يلجأ إليه بالحاد بقتل بظلم بشرك نذقه من عذاب أليم وجيع لا يطعم ولا يسقى ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم ثم يقام عليه الحد ٢٦{ وإذ بوأنا لإبراهيم } بينا لإبراهيم { مكان البيت } الحرام بسحابة وقفت على حياله فبنى إبراهيم البيت على حيال السحابة وأوحينا إليه { أن لا تشرك بي شيئا } من الأصنام { وطهر بيتي } مسجدى من الأوثان { للطائفين } حوله { والقائمين } المقيمين فيه { والركع السجود } لأهل الصلوات من جملة البلدان من كل وجه ٢٧{ وأذن في الناس } ناد ذريتك { بالحج يأتوك } حتى يجيئوا إليك { رجالا } مشاة على أرجلهم { وعلى كل ضامر } ركبانا على كل إبل مضمر وغيره { يأتين } يجئن { من كل فج عميق } طريق وأرض بعيدة ٢٨{ ليشهدوا منافع لهم } منافع الدنيا والآخرة منافع الآخرة بالدعاء والعبادة ومنافع الدنيا بالربح والتجارة { ويذكروا اسم اللّه } ليذكروا اسم اللّه { في أيام معلومات } معروفات أيام التشريق { على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } على ذبيحة الأنعام { فكلوا منها } من الأضاحى { وأطعموا } أعطوا { البائس الفقير } الضرير الزمن المحتاج ٢٩{ ثم ليقضوا تفثهم } ليتموا مناسك حجهم حلق الرأس ورمى الجمار وتقليم الأظفار وغير ذلك { وليوفوا نذورهم } وليتموا ما أوجبوا على أنفسهم { وليطوفوا } الطواف الواجب { بالبيت العتيق } أعتق من كل جبار دخل فيه ويقال من غرق الطوفان زمن نوح ويقال هو أول بيت بنى ويقال من طاف حوله فقد عتق ٣٠{ ذلك } الذى ذكرت من المناسك عليهم أن يوفوا ذلك { ومن يعظم حرمات اللّه } مناسك الحج { فهو خير له عند ربه } بالثواب { وأحلت لكم } رخصت لكم { الأنعام } ذبيحة الأنعام وأكل لحومها { إلا ما يتلى } إلا ما حرم { عليكم } فى سورة المائدة مثل الميتة والدم ولحم الخنزير { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } فاتركوا شرب الخمر وعبادة الأوثان { واجتنبوا قول الزور } اتركوا قول الباطل والكذب لأنهم كانوا يقولون فى تلبيتهم فى الجاهلية لبيك اللّهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك فنهاهم اللّه عن ذلك ٣١{ حنفاء للّه } كونوا مسلمين مخلصين للّه بالتلبية والحج { غير مشركين به } باللّه فى التلبية والحج { ومن يشرك باللّه فكأنما خر } وقع { من السماء فتخطفه } فتأخذه { الطير } وتذهب به حيث يشاء { أو تهوي } تذهب { به الريح في مكان سحيق } بعيد ٣٢{ ذلك } التباعد لمن أشرك باللّه { ومن يعظم شعائر اللّه } مناسك الحج فيذبح أسمنها وأعظمها { فإنها } يعنى دبيحة أسمنها وأعظمها { من تقوى القلوب } من صفاوة القلوب وإخلاص الرجل ٣٣{ لكم فيها } فى الأنعام { منافع } فى ركوبها وألبانها { إلى أجل مسمى } إلى حين تقلد وتسمى هديا { ثم محلها } منحرها { إلى البيت العتيق } إن كانت للعمرة وإن كانت للحج فالى منى ٣٤{ ولكل أمة } من المؤمنين { جعلنا منسكا } مذبحا لهم لحجهم وعمرتهم { ليذكروا اسم اللّه على ما رزقهم من بهيمة الأنعام } على ذبيحة الأنعام { فإلهكم إله واحد } بلا ولد ولا شريك { فله أسلموا } أخلصوا بالعبادة والتوحيد { وبشر المخبتين } المجتهدين المخلصين بالجنة ٣٥{ الذين إذا ذكر اللّه } أمروا بأمر من قبل اللّه { وجلت قلوبهم } خافت قلوبهم { والصابرين } وبشر الصابرين أيضا بالجنة { على ما أصابهم } من المرازى والمصائب { والمقيمي الصلاة } وبشر المقيمين للصلوات الخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وما يجب فيها من مواقيتها بالجنة أيضا { ومما رزقناهم } من الأموال { ينفقون } يتصدقون ويؤدون زكاتها ٣٦{ والبدن } يعنى البقر والإبل { جعلناها لكم } سخرناها لكم { من شعائر اللّه } من مناسك الحج لكى تذبحوا { لكم فيها } فى الأضاحى { خير } ثواب { فاذكروا اسم اللّه عليها } على ذبحها { صواف } خوالص من العيوب ويقال معقولة يدها اليسرى قائمة على ثلاث قوائم وقرئت برفع النون { فإذا وجبت جنوبها } فاذا خرجت لجنبها بعد الذبح { فكلوا منها } من الأضاحى { وأطعموا } أعطوا { القانع } السائل الذى يقنع باليسير { والمعتر } الذى يعترضك ولا يسألك { كذلك } الذى ذكرت لكم { سخرناها } ذللناها { لكم لعلكم تشكرون } لكى تشكروا عمته ورخصته ٣٧{ لن ينال اللّه } لن يصل إلى اللّه { لحومها ولا دماؤها } وكانوا فى الجاهلية يضربون لحم الأضاحى على حائط البيت ويتلطخون بدمها فنهاهم اللّه عن ذلك ويقال لا يقبل اللّه لحومها ولا دماءها { ولكن يناله التقوى منكم } ولكن يقبل الأعمال الزاكية الطاهرة منكم { كذلك } هكذا { سخرها } ذللّها { لكم لتكبروا اللّه } لتعظموا اللّه { على ما هداكم } كما هداكم لدينه وسنته { وبشر المحسنين } بالقول والفعل بالجنة ويقال المحسنين بالذبائح ٣٨{ إن اللّه يدافع عن الذين آمنوا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن كفار مكة { إن اللّه لا يحب كل خوان } خائن { كفور } كافر باللّه ٣٩{ أذن للذين يقاتلون } أذن للمؤمنين بالقتال مع كفار مكة { بأنهم ظلموا } ظلمهم كفار مكة { وإن اللّه على نصرهم } على نصر المؤمنين على عدوهم { لقدير ٤٠{ الذين أخرجوا من ديارهم } أخرجهم كفار مكة من منازلهم { بغير حق } بلا حق ولا جرم { إلا أن يقولوا ربنا اللّه } إلا لقولهم لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه { ولولا دفع اللّه الناس بعضهم ببعض } فدفع بالنبيين عن المؤمنين وبالمؤمنين عن الكافرين وبالمجاهدين عن القاعدين بغير عذر ولولا ذلك { لهدمت صوامع } صوامع الرهبان { وبيع } كنائس اليهود { وصلوات } بيت نار المجوس لأن كل هؤلاء فى مأمن المسلمين { ومساجد } للمسلمين { يذكر فيها } فى المساجد { اسم اللّه } بالتكبير والتهليل { كثيرا ولينصرن اللّه } على عدوه { من ينصره } من ينصر نبيه بالجهاد { إن اللّه لقوي } بنصرة نبيه ونصرة من ينصر نبيه { عزيز } بالنقمة من أعداء نبيه ٤١{ الذين إن مكناهم في الأرض } أنزلناهم فى أرض مكة { أقاموا الصلاة } أتموا الصلوات الخمس { وآتوا الزكاة } أعطوا زكاة أموالهم { وأمروا بالمعروف } بالتوحيد واتباع محمد صلى اللّه عليه وسلم { ونهوا عن المنكر } عن الكفر والشرك ومخالفة الرسول { وللّه عاقبة الأمور } وإلى اللّه ترجع عواقب الأمور فى الآخرة ٤٢{ وإن يكذبوك } يا محمد قريش { فقد كذبت قبلهم } قبل قومك { قوم نوح } نوحا { وعاد } قوم هود هودا { وثمود } قوم صالح صالحا ٤٣{ وقوم إبراهيم } إبراهيم { وقوم لوط } لوطا ٤٤{ وأصحاب مدين } قوم شعيب شعيبا { وكذب موسى } كذبه قومه القبط { فأمليت للكافرين } فأمهلت للكافرين فى كفرهم إلى الأجل { ثم أخذتهم } بالعقوبة { فكيف كان نكير } أنظر يا محمد كيف كان تغييرى عليهم بالعقوبة ٤٥{ فكأين من قرية } كم من أهل قرية { أهلكناها } بالعذاب { وهي ظالمة } مشركة كافرة أهلها { فهي خاوية } ساقطة { على عروشها } على سقوفها { وبئر معطلة } وكم من بئر معطلة عطلها أربابها ليس عليها أحد { وقصر مشيد } حصين طويل ليس فيه ساكن إن قرئت بنصب الميم ويقال مجصص إن قرئت بضم الميم وتشديد الياء ٤٦{ أفلم يسيروا في الأرض } أفلم يسافر أهل مكة فى تجاراتهم { فتكون } فتصير { لهم قلوب يعقلون بها } التخويف وما صنع بغيرهم إذا نظروا وتفكروا فيها { أو آذان يسمعون بها } الحق والتخويف { فإنها } يعنى النظرة بغير عبرة ويقال كلمة الشرك { لا تعمى الأبصار } من النظر { ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } من الحق والهدى ٤٧{ ويستعجلونك } يا محمد { بالعذاب } استعجله النضر ابن الحارث قبل أجله { ولن يخلف اللّه وعده } بالعذاب { وإن يوما } من الذى وعد فيه عذابهم { عند ربك كألف سنة مما تعدون } من سنى الدنيا ٤٨{ وكأين من قرية } وكم من أهل قرية { أمليت لها } أمهلتها إلى أجل { وهي ظالمة } مشركة كافرة أهلها { ثم أخذتها } عاقبتها فى الدنيا { وإلي المصير } المرجع فى الآخرة ٤٩{ قل يا أيها الناس } يا أهل مكة { إنما أنا لكم } من اللّه { نذير } رسول مخوف { مبين } بلغة تعلمونها ٥٠{ فالذين آمنوا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن { وعملوا الصالحات } الخيرات فيما بينهم وبين ربهم { لهم مغفرة } لذنوبهم فى الدنيا { ورزق كريم } ثواب حسن فى الجنة ٥١{ والذين سعوا في آياتنا } كذبوا بآياتنا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن { معاجزين } ليسوا بفائتين من عذابنا { أولئك أصحاب الجحيم } أهل النار ٥٢{ وما أرسلنا من قبلك } يا محمد { من رسول } مرسل { ولا نبي } محدث ليس بمرسل { إلا إذا تمنى } قرأ الرسول أو حدث النبى { ألقى الشيطان في أمنيته } فى قراءة الرسول وحديث النبى { فينسخ اللّه } يبين اللّه { ما يلقي الشيطان } على لسان نبيه لكى لا يعمل به ثم يحكم اللّه يبين { آياته } لنبيه لكى يعمل بها { واللّه عليم } بما يلقى الشيطان على لسان نبيه { حكيم } حكم بنسخه ٥٣{ ليجعل ما يلقي الشيطان } على لسان نبيه { فتنة } بلية { للذين في قلوبهم مرض } شك وخلاف لكى يعملوا به { والقاسية قلوبهم } من ذكر اللّه { وإن الظالمين } المشركين الوليد بن المغيرة وأصحابه { لفي شقاق } خلاف ومعاداة { بعيد } عن الحق والهدى ٥٤{ وليعلم } ولكى يعلم تبيان اللّه { الذين أوتوا العلم } أعطوا العلم بالقرآن والتوراة عبد اللّه ابن سلام وأصحابه { أنه } يعنى تبيان الحق هو { الحق من ربك فيؤمنوا به } فيصدقوا بتبيان اللّه { فتخبت له } فتخلص له وتقبله يعنى تبيان اللّه { قلوبهم وإن اللّه لهاد } حافظ { الذين آمنوا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن { إلى صراط مستقيم } إلى دين قائم يرضاه وهو الإسلام ٥٥{ ولا يزال الذين كفروا } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن الوليد بن المغيرة وأصحابه { في مرية منه } فى شك من القرآن ولكن أنظرهم يا محمد { حتى تأتيهم الساعة } قيام الساعة { بغتة } فجأة { أو يأتيهم عذاب يوم عقيم } لا فرج فيه وهو يوم بدر ٥٦{ الملك } القضاء { يومئذ } يوم القيامة { للّه يحكم بينهم } يقضى بين المؤمنين والكافرين { فالذين آمنوا } بمحمد عليه الصلاة والسلام والقرآن { وعملوا الصالحات } الطاعات فيما بينهم وبين ربهم { في جنات النعيم } يكرمون بالتحف ٥٧{ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا } بكتابنا ورسولنا { فأولئك لهم عذاب مهين } يهانون به ويقال شديد ٥٨{ والذين هاجروا في سبيل اللّه } فى طاعة اللّه من مكة إلى المدينة { ثم قتلوا } قتلهم العدو فى سبيل اللّه { أو ماتوا } فى سفر أو حضر { ليرزقنهم اللّه رزقا حسنا } ثوابا حسنا فى الجنة لأموالهم وغنائم حلالا طيبا لأحيائهم { وإن اللّه لهو خير الرازقين } أفضل المطعمين فى الدنيا والآخرة ٥٩{ ليدخلنهم مدخلا يرضونه } لأنفسهم ويقال يقبلونه يعنى الجنة { وإن اللّه لعليم } بثوابهم وكرامتهم { حليم } بتأخير عقوبة من قتلهم ٦٠{ ذلك } هذا قضاء اللّه فيما بين المؤمنين والكافرين فى الآخرة { ومن عاقب } قاتل وليه { بمثل ما عوقب به } بوليه { ثم بغي عليه } ثم تطاول عليه بظلم { لينصرنه اللّه } يعنى المظلوم على الظالم فيقتله ولا يأخذ منه الدية وهو رجل قتل وليه فأخذ من قاتل وليه الدية ثم بغى عليه فقتله أيضا فيقتل ولا يأخذ منه الدية { إن اللّه لعفو } متجاوز لمن تاب { غفور } لمن مات على التوبة ٦١{ ذلك } عقوبة من بغى على أخيه { بأن اللّه يولج الليل في النهار } يزيد الليل على النهار فيكون النهار أطول من الليل { ويولج النهار في الليل } يزيد النهار على الليل فيكون الليل أطول من النهار { وأن اللّه سميع } لمقالة خلقه { بصير } بأعمالهم ٦٢{ ذلك } القدرة لتقروا وتعلموا { بأن اللّه هو الحق } بأن عبادة اللّه هى الحق وأن اللّه هو القوى { وأن ما يدعون } يعبدون { من دونه } من دون اللّه { هو الباطل } الضعيف { وأن اللّه هو العلي } أعلى كل شىء { الكبير } أكبر كل شىء ٦٣{ ألم تر } ألم تخبر يا محمد فى القرآن { أن اللّه أنزل من السماء ماء } مطرا { فتصبح الأرض } فتصير الأرض { مخضرة } بالنبات { إن اللّه لطيف } باستخراج النبات { خبير } بمكانه ٦٤{ له ما في السماوات وما في الأرض } من الخلق { وإن اللّه لهو الغني } عن خلقه { الحميد } المحمود فى فعاله ويقال الحميد لمن وحده ٦٥{ ألم تر } ألم تخبر فى القرآن يا محمد { أن اللّه سخر } ذلل { لكم ما في الأرض } من الشجر والدواب { والفلك } وسخر الفلك يعنى السفن { تجري في البحر بأمره } باذنه { ويمسك السماء } يمنع السماء { أن تقع } لكى لا تقع { على الأرض إلا بإذنه } بأمره إلى يوم القيامة { إن اللّه بالناس } بالمؤمنين { لرؤوف رحيم ٦٦{ وهو الذي أحياكم } فى أرحام أمهاتكم صغارا { ثم يميتكم } صغارا أو كبارا { ثم يحييكم } للبعث بعد الموت { إن الإنسان } يعنى الكافر بديل بن ورقاء الخزاعى { لكفور } كافر باللّه وبالبعث بعد الموت وبذبيحة المسلمين ٦٧{ لكل أمة } لكل أهل دين { جعلنا منسكا } مذبحا ويقال معبدا { هم ناسكوه } ذابحوه على دينهم { فلا ينازعنك } فلا يخالفنك ولا يصرفنك { في الأمر } فى الذبيحة والتوحيد { وادع إلى ربك } إلى توحيد ربك { إنك لعلى هدى مستقيم } على دين قائم يرضاه هو الإسلام ٦٨{ وإن جادلوك } خاصموك فى أمر الذبيحة والتوحيد لقولهم إن ما ذبح اللّه أحل مما تذبحون أنتم بسكاكينكم { فقل اللّه أعلم بما تعملون } فى دينكم من الذبيحة وغيرها ٦٩{ اللّه يحكم } يقضى { بينكم يوم القيامة فيما كنتم فيه } فى امر الذبيحة والتوحيد { تختلفون } تخالفون ٧٠{ ألم تعلم } يا محمد { أن اللّه يعلم ما في السماء } ما يكون فى أهل السماء من الخيرات { والأرض } ما يكون من أهل الأرض من الخير والشر { إن ذلك في كتاب } مكتوب فى اللوح المحفوظ { إن ذلك } حفظ ذلك بغير الكتاب { على اللّه يسير } هين ٧١{ ويعبدون } يعنى كفار مكة { من دون اللّه ما لم ينزل به سلطانا } كتابا ولا عذرا { وما ليس لهم به علم } حجة ولا بيان { وما للظالمين } المشركين { من نصير } من مانع من عذاب اللّه ٧٢{ وإذا تتلى } تقرأ { عليهم آياتنا } القرآن { بينات } مبينات بالأمر والنهى { تعرف } يا محمد { في وجوه الذين كفروا } بالقرآن { المنكر } الكراهية من القرآن { يكادون يسطون } يهمون أن يضربوا ويقعوا { بالذين يتلون } يقرءون { عليهم آياتنا } القرآن { قل } يا محمد لأهل مكة { أفأنبئكم } أخبركم { بشر من ذلكم } مما قلتم للمسلمين فى الدنيا لقولهم ما رأينا أهل دين أقل حظا منكم فقال اللّه قل يا محمد الخ وهى { النار وعدها اللّه الذين كفروا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن وأنتم كافرون بمحمد والقرآن { وبئس المصير } صاروا إليه ٧٣{ يا أيها الناس } يعنى أهل مكة { ضرب مثل } بين مثل آلهتكم { فاستمعوا له } وأجيبوا له { إن الذين تدعون } تعبدون { من دون اللّه } من الأوثان { لن يخلقوا ذبابا } لن يقدروا أن يخلقوا ذبابا { ولو اجتمعوا له } لو اجتمع العابد والمعبود ما قدروا أن يخلقوا ذبابا { وإن يسلبهم } يأخذ { الذباب } من الألهة { شيئا } مما لطخوا عليها من العسل { لا يستنقذوه منه } لا يستجيروه ولا يخلصوه من الذباب يعنى الآلهة { ضعف الطالب } يعنى الصنم { والمطلوب } الذباب ويقال ضعف الطالب العابد والمطلوب المعبود ٧٤{ ما قدروا اللّه حق قدره } ما عظموا اللّه حق عظمته بذلك نزلت فى اليهود لقولهم عزير ابن اللّه ولقولهم إن اللّه فقير ونحن أغنياء ولقولهم يد اللّه مغلولة ولقولهم إن اللّه استراح بعد ما فرغ من خلق السموات والأرض فرد اللّه عليهم ذلك وقال ما قدروا اللّه حق قدره { إن اللّه لقوي } على أعدائه { عزيز } بالنقمة من اليهود ٧٥{ اللّه يصطفي } يختار { من الملائكة رسلا } بالرسالة يعنى جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت { ومن الناس } محمد عليه الصلاة والسلام وسائر النبيين { إن اللّه سميع } بمقالتهم حين قالوا ما لهذا الرسول يأكل ويمشى فى الأسواق { بصير } بعقوبتهم ٧٦{ يعلم ما بين أيديهم } من أمر الآخرة { وما خلفهم } من أمر الدنيا يعنى الملائكة { وإلى اللّه ترجع الأمور } عواقب الأمور فى الآخرة ٧٧{ يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } فى الصلاة { واعبدوا } أطيعوا { ربكم وافعلوا الخير } العمل الصالح { لعلكم تفلحون } لكى تنجوا من السخط والعذاب ٧٨{ وجاهدوا في اللّه حق جهاده } واعملوا للّه حق عمله { هو اجتباكم } اختاركم لدينه { وما جعل عليكم في الدين } فى أمر الدين { من حرج } من ضيق يقول من لم يستطع أن يصلى قائما فليصل قاعدا ومن لم يستطع أن يصلى مضطجعا يومى إيماء { ملة أبيكم } اتبعوا دين أبيكم { إبراهيم هو سماكم } اللّه سماكم { المسلمين من قبل } من قبل هذا القرآن فى كتب الأنبياء { وفي هذا } القرآن { ليكون الرسول } محمد صلى اللّه عليه وسلم { شهيدا عليكم } مزكيا مصدقا لكم { وتكونوا شهداء على الناس } للنبيين { فأقيموا الصلاة } فأتموا الصلوات الخمس بوضوئها وركوعها وسجودها وما يجب فيها من مواقيتها { وآتوا الزكاة } أعطوا زكاة أموالكم { واعتصموا باللّه } تمسكوا بدين اللّه وكتابه { هو مولاكم } حافظكم { فنعم المولى } الحافظ { ونعم النصير } المانع لكم ومن السورة التى يذكر فيها المؤمنون |
﴿ ٠ ﴾