القصص{ بسم اللّه الرحمن الرحيم } وهى كلها مكية إلا قوله تعالى { إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } فانها نزلت بالجحفة بين مكة والمدينة آياتها ثمان وثمانون وكلماتها أربعمائة وإحدى وأربعون وحروفها خمسة آلاف وثمانمائة قوله تعالى ١{ طسم } ط طوله وقدرته وسين سناؤه ورفعته وميم ملكه ويقال قسم أقسم به ٢{ تلك آيات الكتاب المبين } إن هذه السورة آيات القرآن المبين بالحلال والحرام والأمر والنهى ٣{ نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق } بالقرآن { لقوم يؤمنون } يصدقون بك وبالقرآن ٤{ إن فرعون علا } خالف وتجبر وكفر { في الأرض } أرض مصر { وجعل أهلها شيعا } فرقا فرقا { يستضعف } يقهر { طائفة منهم } من بنى إسرائيل { يذبح أبناءهم } صغارا { ويستحيي نساءهم } يستخدمهم كبارا { إنه كان من المفسدين } فى كفره بالقتل والدعاء إلى غير عبادة اللّه ٥{ ونريد } بارسال موسى إليهم وهلاكهم { أن نمن } تنزلهم بالنجاة { على الذين استضعفوا } قهروا وهم بنو إسرائيل { في الأرض } أرض مصر { ونجعلهم أئمة } قادة فى الخير { ونجعلهم الوارثين } وارثى أرض مصر ٦{ ونمكن لهم } ونملكهم { في الأرض } أرض مصر { ونري فرعون وهامان وجنودهما } جموعهما { منهم } من موسى وبنى إسرائيل { ما كانوا يحذرون } من ذهاب الملك ٧{ وأوحينا إلى أم موسى } ألهمنا أم موسى يوحانذ بنت لاوى بن يعقوب { أن أرضعيه } أن أرضعى هذا الصبى { فإذا خفت عليه } أن يضيع { فألقيه في اليم } فاطرحيه فى التابوت والتابوت فى البحر { ولا تخافي } من الغرق { ولا تحزني } من الضيعة أن لا يرد إليك { إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين } إلى فرعون وقومه ٨{ فالتقطه } فرفعه { آل فرعون } جوارى فرعون من بين الماء والشجر فأخذته وذهبن به إلى امرأة فرعون { ليكون لهم عدوا } من بعد ما يجىء إليهم بالرسالة { وحزنا } بذهاب ملكهم { إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين } مشركين ٩{ وقالت امرأة فرعون } آسية بنت مزاحم وكانت عمة موسى { قرة عين لي } هذا الغلام { ولك } يا فرعون { لا تقتلوه عسى أن ينفعنا } فى ضيعتنا { أو نتخذه ولدا } أو نتبناه { وهم لا يشعرون } بنو إسرائيل لا يعلمون أنه ليس منا ويقال وهم لا يشعرون أن هلاكهم على يديه ١٠{ وأصبح فؤاد أم موسى } صار قلب أم موسى يوحانذ { فارغا } من كل هم وذكر إلا هم موسى وذكر موسى { إن كادت } قد كادت { لتبدي به } لتظهر به تقول هذا ابنى بعد ما انتسب به إلى فرعون { لولا أن ربطنا } حفظنا { على قلبها } بالصبر { لتكون من المؤمنين } من المصدقين بوعد اللّه أن يكون من المرسلين ١١{ وقالت } يعنى أم موسى { لأخته } لأخت موسى تسمى مريم { قصيه } اتبعى أثره { فبصرت به } بالغلام { عن جنب } عن بعد { وهم لا يشعرون } لا يعلمون أنها أخت موسى ١٢{ وحرمنا عليه } على موسى { المراضع } ألبان النساء { من قبل } من قبل مجىء أمه { فقالت } أخت موسى لآل فرعون { هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم } يرضعون لكم هذا الغلام { وهم له ناصحون } حافظون بالتربية فدلت على أمه ١٣{ فرددناه إلى أمه كي تقر عينها } تطيب نفسها بموسى { ولا تحزن } على موسى { ولتعلم أن وعد اللّه } فى رده إليها { حق } صدق { ولكن أكثرهم } يعنى أهل مصر { لا يعلمون } ذلك ولا يصدقون ١٤{ ولما بلغ أشده } ثمان عشرة سنة { واستوى } خلقه أربعين سنة { آتيناه } أعطيناه { حكما } فهما { وعلما } نبوة { وكذلك } هكذا { نجزي المحسنين } النبيين بالفهم والنبوة ويقال الصالحين بالعلم والحكمة ١٥{ ودخل المدينة على حين غفلة } اشتغال اشتغال { من أهلها } عند القيلولة ويقال بعد صلاة المغرب { فوجد فيها } فى المدينة { رجلين } إسرائيليا وقبطيا { يقتتلان } يتنازعان ويتحاربان بينهما { هذا من شيعته } من شيعة موسى الإسرائيلى { وهذا من عدوه } من عدو موسى القبطى { فاستغاثه الذي من شيعته } من شيعة موسى { على الذي من عدوه } من عدو موسى { فوكزه موسى } فجمع موسى أصابعه وقبض عليها فلكزه لكزة { فقضى عليه } الموت فخر ميتا { قال } موسى { هذا من عمل الشيطان } بأمر الشيطان { إنه عدو مضل مبين } ظاهر العداوة وندم على قتله ١٦{ قال رب إني ظلمت نفسي } بقتل النفس { فاغفر لي } ذنبى تجاوز عنى { فغفر له إنه هو الغفور } المتجاوز { الرحيم } لمن تاب ١٧{ قال رب بما أنعمت علي } مننت على بالمعرفة والتوحيد والمغفرة { فلن أكون ظهيرا للمجرمين } فلا تجعلنى عونا للمشركين لفرعون وقومه ١٨{ فأصبح } فصار { في المدينة خائفا } من قتل القبطى { يترقب } ينتظر متى يؤخذ به { فإذا الذي استنصره } استعان به { بالأمس } على القبطى { يستصرخه } يستغيثه على آخر من القبط { قال له } للإسرائيلى { موسى إنك لغوي مبين } مجادل بين الجدال وأقبل عليه بالعون ١٩{ فلما أن أراد أن يبطش } أن يأخذ { بالذي هو عدو لهما } القبطى ظن الإسرائيلى أنه يريده { قال } أى الإسرائيلى { يا موسى أتريد أن تقتلني } اليوم { كما قتلت نفسا } قبطيا { بالأمس إن تريد } ما تريد { إلا أن تكون جبارا } قتالا { في الأرض } فى أرض مصر { وما تريد أن تكون من المصلحين } من المتورعين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ٢٠{ وجاء رجل } وهو حزقيل { من أقصى المدينة } من أسفل المدينة ويقال من وسط المدينة { يسعى } يسرع ويشتد فى مشيه { قال يا موسى إن الملأ } أولياء المقتول { يأتمرون بك } اتفقوا عليك { ليقتلوك فاخرج } من المدينة { إني لك من الناصحين } من المشفقين ٢١{ فخرج } موسى { منها } من المدينة { خائفا يترقب } ينتظر ويلتفت متى يلحق ويؤخذ به { قال } عند ذلك { رب نجني من القوم الظالمين } أهل مصر ٢٢{ ولما توجه تلقاء مدين } سار نحو مدين خاف أن يخطىء الطريق { قال عسى } لعل { ربي أن يهديني } أن يرشدنى { سواء السبيل } قصد الطريق نحو مدين ٢٣{ ولما ورد } بلغ { ماء مدين } وهو بئر { وجد عليه } على الماء { أمة } جماعة { من الناس } أربعين رجلا { يسقون } غنمهم { ووجد من دونهم } من ورائهم { امرأتين تذودان } تحبسان غنمهما عن الماء من ضعفهما حتى يفرغ القوم { قال } لهما موسى { ما خطبكما } ما بالكما لا تسقيان غنمكما { قالتا لا نسقي } لا نقدر أن نسقى غنمنا { حتى يصدر الرعاء } حتى يفرغ القوم ثم نسقى { وأبونا شيخ كبير } ليس له أحد يعينه غيرنا ٢٤{ فسقى لهما } فسقى موسى غنمهما وذهبتا إلى أبيهما فأخبرتا أباهما عن خبر موسى { ثم تولى } موسى { إلى الظل } ظل الشجرة ويقال ظل حائط ويقال كن { فقال } موسى { رب إني لما أنزلت إلي } ما قدرت لى { من خير } من طعام { فقير } محتاج ٢٥{ فجاءته إحداهما } وهى الصغرى وسمها صفورا { تمشي على استحياء } معترضة رافعة كمها على وجهها كمشى العذارى واضعة يدها على وجهها { قالت إن أبي يدعوك ليجزيك } ليعطيك { أجر ما سقيت لنا } عوض ما سقيت لنا غنمنا { فلما جاءه } موسى إلى أبيها يثرون بن أخى شعيب وقد مات شعيب قبل ذلك { وقص عليه } على يثرون { القصص } فراره من فرعون وغير ذلك { قال } له يثرون { لا تخف نجوت من القوم الظالمين } أهل مصر ٢٦{ قالت إحداهما } وهى الصغرى { يا أبت استأجره إن خير من استأجرت } من الأجراء هو { القوي } على الحمل الثقيل { الأمين } على الأمانة ثم ٢٧{ قال } يثرون لموسى { إني أريد أن أنكحك } أزوجك يا موسى { إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني } تعمل لى فى غنمى { ثماني حجج } ثمان سنين { فإن أتممت عشرا } عشر سنين { فمن عندك } الزيادة { وما أريد أن أشق عليك } فى الزيادة { ستجدني إن شاء اللّه من الصالحين } بالوفاء ٢٨{ قال } موسى { ذلك } الشرط { بيني وبينك أيما الأجلين قضيت } الثمان أو العشر { فلا عدوان علي } فلا سبيل لك وعلى { واللّه على ما نقول } من الشرط والوفاء { وكيل } شهيد ٢٩{ فلما قضى موسى الأجل } عشر سنين { وسار بأهله } نحو مصر { آنس من جانب الطور نارا } رأى عن يسار الطريق نارا { قال لأهله امكثوا } أنزلوا ههنا { إني آنست } رأيت { نارا لعلي آتيكم منها } من عند النار { بخبر } عن الطريق وقد كان تحير فى الطريق { أو جذوة } قطعة { من النار لعلكم تصطلون } لكى تدنؤا بها وكانوا فى شدة من الشتاء ٣٠{ فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن } عن يمين موسى { في البقعة المباركة } بالماء والشجر { من الشجرة } من نحو الشجر { أن يا موسى إني أنا اللّه رب العالمين } سيد الجن والإنس ٣١{ وأن ألق عصاك } من يدك { فلما رآها } بعدما ألقاها { تهتز } تتحرك رافعة رأسها { كأنها جان } حية لا صغيرة ولا كبيرة { ولى مدبرا } هاربا منها { ولم يعقب } ولم يلتفت إليها قال اللّه { يا موسى أقبل } إليها { ولا تخف } منها { إنك من الآمنين } من شرها فأخذها موسى فاذا هى عصا كما كانت قال اللّه له ٣٢{ اسلك } أدخل { يدك في جيبك } فى إبطك يا موسى { تخرج بيضاء } لها ضوء كضوء الشمس { من غير سوء } من غير برص { واضمم إليك جناحك } أدخل يدك فى إبطك بعد ذلك { من الرهب } من الفرق إذا أرهبت بها الناس { فذانك برهانان } فهاتان حجتان { من ربك إلى فرعون وملئه } قومه { إنهم كانوا قوما فاسقين } كافرين مفسدين فى شركهم ٣٣{ قال } موسى { رب إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون } بدلها ٣٤{ وأخي هارون هو أفصح مني لسانا } أبين منى كلاما وكان على لسان موسى رتة { فأرسله معي ردءا } معينا { يصدقني } يعبر عنى كلامى ويصدق قولى { إني أخاف أن يكذبون } بالرسالة ٣٥{ قال } اللّه { سنشد عضدك } سنقوى ظهرك { بأخيك } هرون { ونجعل لكما سلطانا } عذرا وحجة مقدم ومؤخر { فلا يصلون إليكما بآياتنا } إلى قتلكما { أنتما ومن اتبعكما } بالإيمان والآيات { الغالبون } على فرعون وقومه ٣٦{ فلما جاءهم موسى بآياتنا } اليد والعصا { بينات } مبينات { قالوا } يا موسى { ما هذا } الذى جئتنا به { إلا سحر مفترى } كذب مختلق من تلقاء نفسك { وما سمعنا بهذا } الذى تقول يا موسى { في آبائنا الأولين } من آبائنا الماضين ٣٧{ وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى } بالرسالة والتوحيد { من عنده ومن تكون له عاقبة الدار } الجنة فى الآخرة { إنه لا يفلح } لا يأمن ولا ينجو { الظالمون } المشركون من عذاب اللّه ٣٨{ وقال فرعون يا أيها الملأ } يا رجال أهل مصر { ما علمت لكم } ما عرفت لكم { من إله } إلها { غيري } فلا تطيعوا موسى { فأوقد لي } أي النار { يا هامان على الطين } فاطبخ لي يا هامان من الطين أجرا { فاجعل لي صرحا } قصرا { لعلي أطلع } أصعد وأنظر { إلى إله موسى } الذى يزعم أنه فى السماء وأرسله إلى { وإني لأظنه من الكاذبين } ليس فى السماء من إله ٣٩{ واستكبر } تعظم عن الإيمان { هو } فرعون { وجنوده } جموعه القبط { في الأرض } فى أرض مصر { بغير الحق } بغير أن كان لهم ذلك { وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون } فى الآخرة ٤٠{ فأخذناه } يعنى فرعون بكلمته الأولى أنا ربكم الأعلى والأخرى ما علمت لكم من إله غيرى { وجنوده } جموعه القبط { فنبذناهم في اليم } فألقيناهم فطرحانهم فى البحر { فانظر } يا محمد { كيف كان عاقبة الظالمين } آخر أمر المشركين فرعون وقومه ٤١{ وجعلناهم } خذلناهم { أئمة } قادة إلى الكفار والضلال { يدعون إلى النار } إلى الكفر والشرك وعبادة الأوثان { ويوم القيامة لا ينصرون } لا يمنعون من عذاب اللّه ٤٢{ وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة } أهلكناهم فى الدنيا بالغرق { ويوم القيامة هم من المقبوحين } سود الوجوه وزرق الأعين ٤٣{ ولقد آتينا } أعطينا { موسى الكتاب } يعنى التوراة { من بعد ما أهلكنا القرون الأولى } من قبل موسى { بصائر } بيانا { للناس } لبنى إسرائيل { وهدى } من الضلالة { ورحمة } لمن آمن به { لعلهم يتذكرون } لكى يتعظوا فيؤمنوا به ٤٤{ وما كنت } يا محمد { بجانب الغربي } الجبل { إذ قضينا إلى موسى الأمر } حيث أمرنا موسى الإتيان إلى فرعون { وما كنت من الشاهدين } من الحاضرين هناك ٤٥{ ولكنا أنشأنا } خلقنا { قرونا } قرنا بعد قرن وبينا قصة الأول للآخر كما بينا لك { فتطاول عليهم العمر } الأجل فلم يؤمنوا فأهلكناهم قرنا بعد قرن { وما كنت } يا محمد { ثاويا } مقيما { في أهل مدين تتلو عليهم آياتنا } تقرأ على قومك آياتنا القرآن تخبرهم { ولكنا كنا مرسلين } الرسل إلى القرون الأولى وبينا قصة الأول للآخر كما بينا لك قصة الأولين ٤٦{ وما كنت بجانب الطور } جبل زبير { إذ نادينا } حيث كلمنا موسى ويقال إذ نادينا أمتك { ولكن } علمناك وأرسلناك { رحمة } نعمة ومنة { من ربك } إذ أرسل إليك جبريل بالقرآن بأخبار الأمم { لتنذر قوما } لكى تخوف قوما بالقرآن { ما أتاهم من نذير } لم يأتهم رسول مخوف { من قبلك } يعنى قريشا { لعلهم يتذكرون } لكى يتعظوا فيؤمنوا ٤٧{ ولولا أن تصيبهم مصيبة } ولولا أن يصيب قومك قريشا عذاب يوم القيامة { بما قدمت أيديهم } بما اكتسبوا فى كفرهم { فيقولوا } عند نزول العذاب بهم يوم القيامة { ربنا } يا ربنا { لولا } هلا { أرسلت إلينا رسولا } مع الكتاب قبل العذاب { فنتبع آياتك } كتابك ورسولك { ونكون من المؤمنين } بالكتاب والرسول لأهلكناهم قبلك ولكن أرسلناك إليهم بالقرآن لكى لا يكون لهم حجة علينا ٤٨{ فلما جاءهم الحق } محمد صلى اللّه عليه وسلم بالقرآن { من عندنا قالوا } كفار مكة { لولا أوتي } هلا أعطى محمد عليه الصلاة والسلام يعنى اليد والعصا والمن والسلوى والقرآن جملة { مثل ما أوتي } أعطى { موسى } بزعمه { أو لم يكفروا } كفار مكة { بما أوتي موسى } أعطى موسى { من قبل } من قبل محمد صلى اللّه عليه وسلم يعنى التوراة { قالوا } كفار مكة { سحران } يعنى التوراة والقرآن { تظاهرا } تعاونا { وقالوا } كفار مكة { إنا بكل } بالتوراة والقرآن { كافرون } جاحدون ٤٩{ قل } لهم يا محمد { فأتوا بكتاب من عند اللّه هو أهدى } أصوب { منهما } من التوراة والقرآن { أتبعه } أعمل به { إن كنتم صادقين } أن التوراة والقرآن سحران تظاهرا فلم يقدروا أن يأتوا ٥٠قال اللّه { فإن لم يستجيبوا لك } فإن لم يجيبوك الظلمة بما سألتهم { فاعلم أنما يتبعون أهواءهم } بالكفر والشرك وعبادة الأوثان { ومن أضل } أكفر عن الحق والهدى { ممن اتبع هواه } بالكفر والشرك وعبادة الأوثان { بغير هدى من اللّه } بغير حجة وبيان من اللّه { إن اللّه لا يهدي } لا يرشد إلى دينه { القوم الظالمين } المشركين أبا جهل وأصحابه ٥١{ ولقد وصلنا لهم القول } بينا لهم القرآن بالتوحيد { لعلهم يتذكرون } لكى يتعظوا بالقرآن فيؤمنوا ٥٢{ الذين آتيناهم الكتاب } أعطيناهم علم التوراة { من قبله } من قبل مجىء محمد عليه الصلاة والسلام والقرآن يعنى عبد اللّه بن سلام وأصحابه نحو أربعين رجلا منهم من جاء من الشام ومنهم من جاء من اليمن { هم به } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن { يؤمنون } يوقنون ٥٣{ وإذا يتلى عليهم } يقرأ عليهم القرآن بنعت محمد صلى اللّه عليه وسلم وصفته { قالوا آمنا به } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن { إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله } من قبل قراءة القرآن علينا { مسلمين } مقرين بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن ٥٤{ أولئك } أهل هذه الصفة { يؤتون أجرهم مرتين } يعطون ثوابهم ضعفين { بما صبروا } على أذى الكفار وطعنهم متى بينوا صفة محمد صلى اللّه عليه وسلم ونعته فى كتابهم ودخلوا فى دين محمد عليه الصلاة والسلام { ويدرؤون بالحسنة السيئة } يدفعون بالكلام الحسن بلا إله إلا اللّه الكلام القبيح الشرك من غيرهم { ومما رزقناهم } أعطيناهم من الأموال { ينفقون } يتصدقون ٥٥{ وإذا سمعوا اللغو } الباطل يعنى طعنة الكفار عليهم { أعرضوا عنه } كراما { وقالوا } معروفا { لنا أعمالنا } عبادة اللّه ودين الإسلام { ولكم أعمالكم } عليكم أعمالكم عبادة الأوثان ودين الشيطان الشرك باللّه { سلام عليكم } هداكم اللّه { لا نبتغي الجاهلين } لا نطلب دين المشركين باللّه ٥٦{ إنك } يا محمد { لا تهدي } لا تعرف { من أحببت } إيمانه يعنى أبا طالب { ولكن اللّه يهدي } يوفق ويرشد ويعرف { من يشاء } لدينه أبا بكر وعمر وأصحابهما { وهو أعلم بالمهتدين } لدينه ٥٧{ وقالوا } حارث بن عمرو النوفلى وأصحابه { إن نتبع الهدى } التوحيد { معك } يا محمد { نتخطف } نطرد { من أرضنا } مكة { أو لم نمكن لهم } ننزلهم ونجعل لهم { حرما آمنا } من أن يهاج فيه { يجبى إليه ثمرات كل شيء } يحمل إليه ألون كل شىء ممن الثمرات { رزقا من لدنا } طعاما لهم من عندنا فكيف أسلط عليهم الكفار إن آمنوا { ولكن أكثرهم لا يعلمون } ذلك ولا يصدقون ٥٨{ وكم أهلكنا من قرية } من اهل قرية { بطرت معيشتها } كفرت بمعيشتها { فتلك مساكنهم } منازلهم { لم تسكن من بعدهم } من بعد هلاكهم { إلا قليلا } منها يسكنها المسافرون وسائرها خراب { وكنا نحن الوارثين } المالكين على ما ملكوا وتركوا بعد هلاكهم ٥٩{ وما كان ربك مهلك القرى } أهل القرى { حتى يبعث في أمها } فى أعظمها مكة ويقال إلى عظمائها وكبرائها { رسولا يتلو عليهم آياتنا } بالأمر والنهى { وما كنا مهلكي القرى } أهل القرى { إلا وأهلها ظالمون } مشركون ٦٠{ وما أوتيتم من شيء } ما أعطيتم من المال والخدم يا معشر قريش { فمتاع الحياة الدنيا } كمتاع الحياة الدنيا الخزف والزجاج { وزينتها } زهرتها لا تبقى هذه الزهرة { وما عند اللّه } لمحمد وأصحابه فى الجنة { خير } أفضل { وأبقى } أدوم لكم فى الدنيا { أفلا تعقلون } أفليس لكم ذهن الإنسانية إن الدنيا فانية والآخرة باقية ٦١{ أفمن وعدناه وعدا حسنا } يعنى الجنة وهو محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه ويقال هو عثمان بن عفان { فهو لاقيه } معاينه فى الآخرة { كمن متعناه متاع الحياة الدنيا } أعطيناه المال والخدم فى الدنيا يعنى أبا جهل بن هشام { ثم هو يوم القيامة من المحضرين } من المعذبين فى النار ٦٢{ ويوم } وهو يوم القيامة { يناديهم } اللّه يعنى أبا جهل وأصحابه { فيقول } اللّه عز وجل { أين شركائي الذين كنتم تزعمون } تعبدون وتقولون إنهم شركائى ٦٣{ قال الذين حق عليهم } وجب عليهم { القول } بالسخط والعذاب وهم الرؤساء { ربنا } يا ربنا { هؤلاء } السفلة { الذين أغوينا } أضللنا { أغويناهم } أضللناهم عن الحق والهدى { كما غوينا } ضللنا عن الحق والهدى { تبرأنا إليك } منهم { ما كانوا إيانا يعبدون } بأمرنا ٦٤{ وقيل ادعوا شركاءكم } آلهتكم حتى يمنعوكم من عذاب اللّه { فدعوهم فلم يستجيبوا لهم } فلم يجيبوهم برفع عذاب اللّه عنهم { ورأوا العذاب } القادة والسفلة { لو أنهم كانوا يهتدون } تمنوا لو أنهم كانوا فى الدنيا على الحق والهدى ٦٥{ ويوم } وهو يوم القيامة { يناديهم } الكفار { فيقول } اللّه لهم { ماذا أجبتم المرسلين } بما دعوكم ٦٦{ فعميت } فالتبست { عليهم الأنباء } الأخبار والإجابة { يومئذ } يوم القيامة { فهم لا يتساءلون } لا يجيبون ٦٧{ فأما من تاب } من الكفر { وآمن } باللّه { وعمل صالحا } خالصا فيما بينه وبين ربه { فعسى } وعسى من اللّه واجب { أن يكون من المفلحين } من الناجين من السخط والعذاب ٦٨{ وربك يخلق ما يشاء } كما يشاء { ويختار } من خلقه بالنبوة من يشاء يعنى محمدا صلى اللّه عليه وسلم { ما كان لهم } لأهل مكة { الخيرة } الاختيار { سبحان اللّه } نزه نفسه { وتعالى } تبرأ { عما يشركون } به من الأوثان ٦٩{ وربك يعلم ما تكن صدورهم } ما تضمر قلوبهم من البغض والعداوة { وما يعلنون } ما يظهرون من المعاصى ٧٠{ وهو اللّه لا إله إلا هو } لا ولد له ولا شريك له { له الحمد } له الشكر { في الأولى والآخرة } على أهل الأرض والسماء ويقال له الحمد والمنة والفضل والإحسان فى الأولى والآخرة على أهل الدنيا والآخرة { وله الحكم } القضاء بينهم { وإليه ترجعون } بعد الموت ٧١{ قل } لهم يا محمد لأهل مكة { أرأيتم } ما تقولون يا معشر الكفار { إن جعل اللّه عليكم الليل } إن ترك اللّه عليكم الليل مظلما { سرمدا } دائما { إلى يوم القيامة } لا نهار فيه { من إله غير اللّه } سوى اللّه { يأتيكم بضياء } بنهار { أفلا تسمعون } أفلا تطيعون من جعل لكم الليل والنهار ٧٢{ قل } لهم يا محمد أيضا { أرأيتم } ما تقولون { إن جعل اللّه عليكم } إن ترك اللّه عليكم { النهار سرمدا } دائما { إلى يوم القيامة } لا ليل فيه { من إله غير اللّه } سوى اللّه { يأتيكم بليل تسكنون فيه } تستقرون فيه { أفلا تبصرون } أفلا تصدقون من جعل لكم خلق الليل والنهار ٧٣{ ومن رحمته } نعمته { جعل لكم } خلق لكم { الليل والنهار لتسكنوا فيه } لتستقروا فى الليل { ولتبتغوا من فضله } لكى تطلبوا بالنهار فضلة بالعلم والعبادة { ولعلكم تشكرون } لكى تشكروا نعمته عليكم بالليل والنهار ٧٤{ ويوم } وهو يوم القيامة { يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون } تقولون إنهم شركائى ٧٥{ ونزعنا } أخرجنا { من كل أمة شهيدا } نبيا يشهد عليهم بالبلاغ وهو نبيهم الذى كان فيهم فى الدنيا { فقلنا هاتوا برهانكم } حجتكم لماذا رددتم على الرسل { فعلموا } علم كل أمة { أن الحق للّه } أن عبادة اللّه ودين اللّه الحق وأن القضاء فيهم للّه { وضل عنهم } اشتغل عنهم بأنفسهم { ما كانوا يفترون } يعبدون بالكذب ٧٦{ إن قارون كان من قوم موسى } ابن عم موسى { فبغى عليهم } فتطاول على موسى وهارون وقومهما فقال لموسى الرسالة ولهارون الحبورة ولست فى شىء لا أرضى بهذا ورد على موسى نبوته { وآتيناه } أعطيناه { من الكنوز } يعنى الأموال { ما إن مفاتحه } مفاتيح خزائنه { لتنوء بالعصبة } لتثقل بالجماعة { أولي القوة } ذوى القوة وهم أربعون رجلا يحملون مفاتيح خزانته { إذ قال له قومه } قوم موسى { لا تفرح } لا تبطر بالمال وتشرك { إن اللّه لا يحب الفرحين } البطرين فى المال ٧٧{ وابتغ } اطلب { فيما آتاك اللّه } بما أعطاك اللّه بالمال { الدار الآخرة } يعنى الجنة { ولا تنس نصيبك من الدنيا } لا تترك نصيبك من الآخرة بنصيبك من الدنيا ويقال لا تنقص نصيبك من الدنيا بما أنفقت وأعطيت للآخرة { وأحسن } إلى الفقراء والمساكين { كما أحسن اللّه إليك } بالمال { ولا تبغ الفساد في الأرض } لا تعمل بالمعاصى وخلاف أمر الرسول موسى عليه الصلاة والسلام { إن اللّه لا يحب المفسدين } بالمعاصى ٧٨{ قال } قارون { إنما أوتيته } أعطيت هذا المال الذى أعطيت { على علم عندي } على ما علم اللّه أني أهل لذلك ويقال يصنع الذهب بالكيمياء { أو لم يعلم } قارون { أن اللّه قد أهلك من قبله من القرون } الماضية { من هو أشد منه قوة } بالبدن { وأكثر جمعا } مالا ورجالا { ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون } المشركون يوم القيامة كل يعرف بسيماه ٧٩{ فخرج } قارون { على قومه في زينته } التى كانت له من الخيل والبغال والغلمان والجوارى وحلى الذهب والفضة وألوان السلاح والثياب { قال الذين يريدون الحياة الدنيا } وهم الراغبون { يا ليت لنا مثل ما أوتي } أعطى { قارون } من المال { إنه لذو حظ عظيم } نصيب كثير ٨٠{ وقال الذين أوتوا العلم } أعطوا علم الزهد والتوكل وهم الزاهدون قالوا للراغبين { ويلكم } ضيق اللّه عليكم الدنيا { ثواب اللّه خير } فى الجنة أفضل { لمن آمن } باللّه وبموسى { وعمل صالحا } خالصا فيما بينه وبين ربه { ولا يلقاها } لا يعطى الجنة { إلا الصابرون } على أمر اللّه والمرازى ويقال لا يوفق للكلمة الطيبة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إلا الصابرون على أمر اللّه والمرازى ٨١{ فخسفنا به } بقارون { وبداره } بمنزله { الأرض } غارت به الأرض { فما كان له من فئة } من جماعة وجند { ينصرونه } يمنعونه { من دون اللّه } من عذاب اللّه حين نزل به { وما كان من المنتصرين } الممتنعين بنفسه من عذاب اللّه ٨٢{ وأصبح } صار { الذين تمنوا مكانه } قدره ومنزلته وماله { بالأمس يقولون } بعضهم لبعض { ويكأن اللّه } ليس كما قال قارون إن هذا المال بصنعى ولكن اللّه { يبسط } يوسع { الرزق } المال { لمن يشاء } على من يشاء { من عباده } وهو مكر منه كما كان لقارون { ويقدر } يقتر على من يشاء وهو نظر منه { لولا أن من اللّه علينا } فمنع عنا ما أعطاه { لخسف بنا } غارت بنا الأرض كما خسف بقارون { ويكأنه } وأنه والياء والكاف صلة فى الكلام { لا يفلح } لا ينجو ولا يأمن { الكافرون } من عذاب اللّه ٨٣{ تلك الدار الآخرة } الجنة { نجعلها } نعطيها { للذين لا يريدون علوا } عتوا وتكبرا { في الأرض } بالمال { ولا فسادا } بالنقش والتصاوير والمعاصى { والعاقبة } الجنة { للمتقين } الكفر والشرك والعلو والفساد فى الأرض ٨٤{ من جاء بالحسنة } بلا إله إلا اللّه مخلصا بها { فله خير منها } فله منها خير { ومن جاء بالسيئة } بالشرك باللّه { فلا يجزى الذين عملوا السيئات } في الشرك باللّه { إلا ما كانوا يعملون } النار ٨٥{ إن الذي فرض عليك القرآن } نزل عليك جبريل بالقرآن { لرادك إلى معاد } إلى مكة ويقال الجنة { قل } يا محمد { ربي أعلم من جاء بالهدى } بالتوحيد والقرآن { ومن هو في ضلال مبين } فى كفر بين وخطأ بين ٨٦{ وما كنت } يا محمد { ترجو أن يلقى إليك الكتاب } أن ينزل عليك جبريل بالقرآن وتكون نبيا { إلا رحمة من ربك } ولكن منة وكرامة من ربك إذ أرسل عليك جبريل بالقرآن وجعلك نبيا { فلا تكونن ظهيرا } عونا { للكافرين } بالكفر ٨٧{ ولا يصدنك } لا يصرفنك { عن آيات اللّه } القرآن { بعد إذ أنزلت إليك } جبريل بها { وادع إلى ربك } إلى توحيد ربك وكتاب ربك { ولا تكونن من المشركين } مع المشركين على دينهم منهم ٨٨{ ولا تدع مع اللّه إلها آخر } لا تعبد من دون اللّه أحدا ولا تدع الخلق إلى أحد دون اللّه { لا إله إلا هو } وحده لا شريك له { كل شيء } كل عمل لغير وجه اللّه { هالك } مردود { إلا وجهه } إلا ما ابتغى به وجهه ويقال كل وجه متغير إلا وجهه وكل ملك زائل إلا ملكه { له الحكم } القضاء بين خلقه { وإليه ترجعون } بعد الموت فيجازيكم بأعمالكم ومن السورة التى يذكر فيها العنكبوت |
﴿ ٠ ﴾