الزمر{ بسم اللّه الرحمن الرحيم } وهى كلها مكية غير قوله { قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } إلى آخر الآية فانها مدنية آياتها اثنتان وتسعون آية وكلماتها ألف ومائة واثنتان وتسعون وحروفها أربعة آلاف قوله جل ذكره ١{ تنزيل الكتاب } يقول هذا الكتاب تكليم { من اللّه العزيز } بالنقمة لمن لا يؤمن به { الحكيم } فى أمره وقضائه أمر أن لا يعبد غيره ٢{ إنا أنزلنا إليك الكتاب } جبريل بالكتاب { بالحق } لا بالباطل { فاعبد اللّه مخلصا له الدين } مخلصا له بالعبادة والتوحيد ٣{ ألا للّه } على الناس { الدين الخالص } الدين بالإخلاص لا يخالطه شىء { والذين اتخذوا } عبدوا { من دونه } من دون اللّه كفار مكة { أولياء } أربابا اللات والعزى ومناة قالوا { ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى اللّه زلفى } قربى فى المنزلة والشفاعة { إن اللّه يحكم بينهم } وبين المؤمنين يوم القيامة { فيما هم فيه } فى الدين { يختلفون } يخالفون { إن اللّه لا يهدي } لا يرشد إلى دينه { من هو كاذب } على اللّه { كفار } كافر باللّه وهم اليهود والنصارى وبنو مليح والمجوس ومشركو العرب ٤{ لو أراد اللّه أن يتخذ ولدا } من الملائكة والآدميين كما قالت اليهود والنصارى وبنو مليح { لاصطفى } لاختار { مما يخلق } عنده فى الجنة { ما يشاء } ويقال من الملائكة { سبحانه } نزه نفسه عن ذلك { هو اللّه الواحد } بلا ولد ولا شريك { القهار } الغالب على خلقه ٥{ خلق السماوات والأرض بالحق } لا بالباطل { يكور الليل على النهار } يدور الليل على النهار فيكون أطول من الليل { ويكور النهار على الليل } يدور النهار على الليل فيكون الليل أطول من النهار { وسخر } ذلل { الشمس والقمر } ضوء الشمس والقمر لبنى آدم { كل } من الشمس والقمر والليل والنهار { يجري لأجل مسمى } إلى وقت معلوم { إلا هو العزيز } الذى فعل ذلك العزيز بالنقمة لمن لا يؤمن به { الغفار } لمن تاب من الشرك وآمن به ٦{ خلقكم من نفس واحدة } من نفس آدم وحدها { ثم جعل منها } من نفس آدم { زوجها } حواء خلقها من ضلع من أضلاعه القصرى { وأنزل } خلق { لكم من الأنعام } من البهائم { ثمانية أزواج } أصناف ذكر وأنثى من الضأن اثنين ذكرا وأنثى ومن المعز اثنين ذكرا وأنثى ومن الإبل اثنين ذكرا وأنثى ومن البقر اثنين ذكرا وأنثى { يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق } حالا من بعد حال نطفة وعلقة ومضغة وعظاما { في ظلمات ثلاث } ظلمة البطن وظلمة الرحم وظلمة المشيمة { ذلكم اللّه ربكم } يفعل ذلك { له الملك } الدائم لا يزول ملكه { لا إله إلا هو } لا خالق ولا مصور إلا هو { فأنى تصرفون } بالكذب يقول من أين تكذبون على اللّه فتجعلون له شريكا ٧{ إن تكفروا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن يا أهل مكة { فإن اللّه غني عنكم } عن إيمانكم { ولا يرضى لعباده الكفر } ولا يقبل منهم الكفر بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن لأنه ليس دينه { وأن تشركوا } تؤمنوا { يرضه لكم } يقبله منكم لأنه دينه { ولا تزر وازرة وزر أخرى } لا تحمل حاملة حمل أخرى ما عليها من الذنوب ويقال لا تؤخذ نفس بذنب نفس أخرى كل مأخوذ بذنبه ويقال لا تعذب نفس بغير ذنب { ثم إلى ربكم مرجعكم } بعد الموت { فينبئكم } يخبركم يوم القيامة { بما كنتم تعملون } وتقولون فى الدنيا { إنه عليم بذات الصدور } بما فى القلوب من الخير والشر ٨{ وإذا مس } أصاب { الإنسان } الكافر أبا جهل وأصحابه { ضر } شدة وبلاء { دعا ربه } برفع الشدة والبلاء عنه { منيبا إليه } مقبلا إليه بالدعاء { ثم إذا خوله } بدله { نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل } من قبل النعمة { وجعل للّه أندادا } أشكالا وأعدالا { ليضل } بذلك الناس { عن سبيله } عن دينه وطاعته { قل } لأبي جهل { تمتع بكفرك } عش في كفرك { قليلا } يسيرا فى الدنيا { إنك من أصحاب النار } من أهل النار ٩{ أم من هو قانت } مطيع للّه وهو النبى صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه { آناء الليل } ساعات الليل { ساجدا وقائما } فى الصلاة { يحذر الآخرة } يخاف عذاب الآخرة { ويرجو رحمة ربه } جنة ربه كأبى جهل وأصحابه { قل } لهم يا محمد { هل يستوي } فى الثواب والطاعة { الذين يعلمون } توحيد اللّه وأمره ونهيه وهو أبو بكر وأصحابه { والذين لا يعلمون } توحيد اللّه وأمره ونهيه وهو أبو جهل وأصحابه { إنما يتذكر } يتعظ بأمثال القرآن { أولوا الألباب } ذوو العقول من الناس ١٠{ قل } لهم يا محمد { يا عبادي الذين آمنوا } أبو بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذو النورين وعلى المرتضى وأصحابهم { اتقوا ربكم } أطيعوا ربكم فى الصغير من الأمور والكبير { للذين أحسنوا } وحدوا { في هذه الدنيا حسنة } لهم جنة يوم القيامة { وأرض اللّه } أرض المدينة { واسعة } آمنة من العدو فاخرجوا إليها وهذا قبل الهجرة { إنما يوفى الصابرون } على المرازى { أجرهم } ثوابهم { بغير حساب } بلا كيل ولا هنداز ولا منة ١١{ قل } يا محمد لأهل مكة حيث قالوا له ارجع إلى دين آبائنا { إني أمرت } فى القرآن { أن أعبد اللّه مخلصا له الدين } مخلصا له بالعبادة والتوحيد ١٢{ وأمرت } فى القرآن { لأن أكون أول المسلمين } أول من يكون على الإسلام ١٣{ قل } لهم يا محمد { إني أخاف } أعلم { إن عصيت ربي } رجعت إلى دينكم { عذاب يوم عظيم } شديد لونا بعد لون ١٤{ قل اللّه أعبد مخلصا له } بالعبادة والتوحيد { ديني ١٥{ فاعبدوا ما شئتم من دونه } من دون اللّه وهذا وعيد وتوبيخ لهم من قبل أن يؤمر النبى صلى اللّه عليه وسلم بالقتال { قل } لهم يا محمد { إن الخاسرين } المغبونين { الذين خسروا أنفسهم } غبنوا أنفسهم بذهاب الدنيا والآخرة { وأهليهم } خدمهم ومنازلهم فى الجنة { يوم القيامة ألا ذلك هو الخسران المبين } الغبن البين بذهاب الدنيا والآخرة ١٦{ لهم } لكفار مكة { من فوقهم ظلل من النار } علالى من النار { ومن تحتهم ظلل } فراش من النار وهو علالى من تحتهم { ذلك } الظلل { يخوف اللّه به عباده } فى القرآن { يا عباد } يعنى أبا بكر وأصحابه { فاتقون } فأطيعونى فيما أمرتكم ١٧{ والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها } تركوا عبادة الطاغوت وهو الشيطان والصنم { وأنابوا إلى اللّه } أقبلوا إلى اللّه بالتوبة والإيمان وسائر الطاعات { لهم البشرى } بالجنة عند الموت وبشرى بكرامة اللّه على باب الجنة { فبشر عباد ١٨{ الذين يستمعون القول } الحديث { فيتبعون أحسنه } أحكمه وأبينه يعملون به ويريدونه { أولئك الذين هداهم اللّه } للصدق والصواب ويقال لمحاسن الأمور { وأولئك هم أولوا الألباب } ذوو العقول من الناس وهم أبو بكر وأصحابه ومن اتبعهم بالسنة والجماعة ١٩{ أفمن حق عليه } وجب عليه { كلمة العذاب } وهو أبو جهل وأصحابه { أفأنت تنقذ } تنجى { من في النار } من قدرت عليه النار ٢٠{ لكن الذين اتقوا } وحدوا { ربهم } يعنى أبا بكر وأصحابه { لهم غرف } علالى { من فوقها غرف } علالى أخر { مبنية } مشيدة مرفوعة فى الهواء { تجري من تحتها } من تحت شجرها ومساكنها { الأنهار } أنهار الخمر والماء والعسل واللبن { وعد اللّه لا يخلف اللّه الميعاد } للمؤمنين ٢١{ ألم تر } ألم تخبر يا محمد فى القرآن { أن اللّه أنزل من السماء ماء } مطرا { فسلكه ينابيع في الأرض } فجعل منه العيون والأنهار فى الأرض { ثم يخرج به } ينبت بالمطر { زرعا مختلفا ألوانه } حبوبه { ثم يهيج } يتغير { فتراه مصفرا } بعد خضرته { ثم يجعله حطاما } يابسا كذلك الدنيا تفنى ولا تبقى { إن في ذلك } فيما ذكرت من فناء الدنيا { لذكري } لعظة { لأولي الألباب } لذوى العقول من الناس ٢٢{ أفمن شرح اللّه صدره } وسع اللّه ولين اللّه قلبه { للإسلام } بنور الإسلام { فهو على نور من ربه } على كرامة وبيان من ربه وهو عمار بن ياسر كمن شرح اللّه صدره للكفر وهو أبو جهل { فويل } شدة عذاب ويقال ويل واد فى جهنم من قيح ودم { للقاسية } لليابسة { قلوبهم } لا تلين قلوبهم { من ذكر اللّه } وهو أبو جهل وأصحابه { أولئك } أهل هذه الصفة { في ضلال مبين } فى كفر بين ٢٣{ اللّه نزل أحسن الحديث } أحسن الكلام يعنى القرآن { كتابا متشابها } تشبه آيات الوعد والرحمة والنصرة والمغفرة والعفو بعضها بعضا وتشبه آيات الوعيد والعذاب والزجر والتخويف بعضها بعضا { مثاني } مثنى مثنى آية الرحمة والعذاب والوعد والوعيد والأمر والنهى والناسخ والمنسوخ وغير ذلك ويقال مكرر { تقشعر منه } تهيج من آيات العذاب والوعيد { جلود الذين يخشون } يخافون { ربهم ثم تلين جلودهم } بآية الرحمة { وقلوبهم } راجعة { إلى ذكر اللّه ذلك } يعنى القرآن { هدى اللّه } بيان اللّه { يهدي به من يشاء } إلى دينه { ومن يضلل اللّه } عن دينه { فما له من هاد } مرشد لدينه ٢٤{ أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب } شدة العذاب { يوم القيامة } وهو أبو جهل وأصحابه تجمع يده إلى عنقه بغل من حديد فمن ذلك يتقى العذاب بوجهه { وقيل للظالمين } للكافرين أبى جهل وأصحابه تقول لهم الزبانية { ذوقوا } عذاب { ما كنتم تكسبون } تقولون وتعملون فى الدنيا من المعاصى ٢٥{ كذب الذين من قبلهم } من قبل قومك يا محمد قوم هود وصالح وشعيب وغيرهم { فأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون } لا يعلمون بنزوله ٢٦{ فأذاقهم اللّه الخزي في الحياة الدنيا } عذاب الدنيا { ولعذاب الآخرة أكبر } أعظم مما كان لهم فى الدنيا { لو كانوا يعلمون } ولكن لم يكونوا يعلمون ٢٧{ ولقد ضربنا للناس } بينا للناس { في هذا القرآن من كل مثل } وجه { لعلهم يتذكرون } لكى يتعظوا ٢٨{ قرآنا عربيا } على مجرى اللغة العربية { غير ذي عوج } غير مخالف للتوراة والإنجيل والزبور وسائر الكتب بالتوحيد وبعض الأحكام والحدود ويقال غير ذى عوج غير مخلوق وهو قول السدى { لعلهم يتقون } لكى يتقوا بالقرآن عما نهاهم اللّه ٢٩{ ضرب اللّه مثلا } بين اللّه شبه رجل { رجلا فيه شركاء } سادات { متشاكسون } متخالفون يأمر هذا بشىء وينهى ذلك عنه وهذا مثل الكافر يعبد آلهة شتى { ورجلا سلما } خالصا { لرجل } وهذا مثل المؤمن يعبد ربه وحده وأسلم دينه وعمله للّه { هل يستويان مثلا } فى المثل المؤمن والكافر { الحمد للّه } الشكر للّه والوحدانية للّه { بل أكثرهم لا يعلمون } أمثال القرآن ٣٠{ إنك } يا محمد { ميت } ستموت { وأنهم } يعنى كفار مكة { ميتون } سيموتون ٣١{ ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون } تتكلمون بالحجة يعنى النبى صلى اللّه عليه وسلم ورؤساء الكفار ٣٢{ فمن أظلم } فى كفره { ممن كذب على اللّه } بالقرآن فجعل له ولدا وشريكا وهو أبو جهل وأصحابه { وكذب بالصدق } بالقرآن والتوحيد { إذ جاءه } محمد به { أليس في جهنم مثوى } منزل ومقام { للكافرين } لأبى جهل وأصحابه ٣٣{ والذي جاء بالصدق } بالقرآن والتوحيد وهو محمد صلى اللّه عليه وسلم { وصدق به } أبوبكر وأصحابه { أولئك هم المتقون } الكفر والشرك والفواحش ٣٤{ لهم ما يشاؤون } ما يشتهون { عند ربهم } فى الجنة { ذلك } الكرامة { جزاء المحسنين } الموحدين ٣٥{ ليكفر اللّه عنهم أسوأ الذي عملوا } أقبح أعمالهم { ويجزيهم أجرهم } ثوابهم { بأحسن الذي كانوا يعملون } باحسانهم ٣٦{ أليس اللّه بكاف عبده } يعنى النبى صلى اللّه عليه وسلم ويقال خالد بن الوليد مما يريدون به ويخوفونك يا محمد { بالذين من دونه } من دون اللّه يعنى اللات والعزى ومناة يقولون لك لا تشتمها ولا تعبها فتخبلك { ومن يضلل اللّه } عن دينه { فما له من هاد } مرشد إلى دينه وهو أبو جهل وأصحابه ٣٧{ ومن يهد اللّه } لدينه { فما له من مضل } عن دينه وهو أبو بكر وأصحابه هو أبو القاسم عليه السلام { أليس اللّه بعزيز } فى ملكه وسلطانه { ذي انتقام } ذى نقمة لمن لا يؤمن به ٣٨{ ولئن سألتهم } يعنى كفار مكة { من خلق السماوات والأرض ليقولن } كفار مكة { اللّه } خلقهما { قل } لهم يا محمد { أفرأيتم ما تدعون } تعبدون { من دون اللّه } اللات والعزى ومناة { إن أرادني اللّه بضر } بشدة وبلاء { هل هن } اللات والعزى ومناة { كاشفات ضره } رافعات بلاءه وشدته عنى { أو أرادني برحمة } بعافية { هل هن } اللات والعزى ومناة { ممسكات } مانعات { رحمته } عنى حتى تأمرونى بعبادتها { قل } يا محمد { حسبي اللّه } ثقتى باللّه { عليه يتوكل المتوكلون } يعنى به يثق الواثقون ويقال على المؤمنين أن يتوكلوا على اللّه ٣٩{ قل } يا محمد لكفار مكة { يا قوم اعملوا على مكانتكم } على دينكم وفى منازلكم بهلاكى { إني عامل } بهلاككم { فسوف } وهذا وعيد لهم من اللّه { تعلمون ٤٠{ من يأتيه عذاب يخزيه } يذله ويهلكه { ويحل عليه } يجب عليه { عذاب مقيم } دائم ٤١{ أنا أنزلنا عليك الكتاب } جبريل بالقرآن { للناس بالحق } يقول بتبيان الحق والباطل للناس { فمن اهتدى } بالقرآن وآمن به { فلنفسه } الثواب { ومن ضل } كفر بالقرآن { فإنما يضل عليها } يجب على نفسه عقوبة ذلك { وما أنت عليهم } على كفار مكة { بوكيل } كفيل تؤخذ بهم ٤٢{ اللّه يتوفى الأنفس } يقبض أرواح الأنفس { حين موتها } حين منامها { والتي لم تمت } أيضا { في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى } التى لم تمت فى منامها { إلى أجل مسمى } إلى وقت معلوم { إن في ذلك } فى إمساكه وإرساله { لآيات } لعلامات وعبرا { لقوم يتفكرون } فيها ٤٣{ أم اتخذوا } عبدوا { من دون اللّه } كفار مكة { شفعاء } آلهة لكى يشفعوا لهم { قل } لهم يا محمد { أولو كانوا لا يملكون شيئا } يقول هم لا يقدرون على شىء من الشفاعة { ولا يعقلون } الشفاعة فكيف يشفعون ٤٤{ قل للّه الشفاعة جميعا } بيد اللّه الشفاعة جميعا فى الآخرة { له ملك } خزائن { السماوات } المطر { والأرض } النبات { ثم إليه ترجعون } فى الآخرة فيجزيكم بأعمالكم ٤٥{ وإذا ذكر اللّه وحده } إذا قيل لهم قولوا لا إله إلا اللّه { اشمأزت } نفرت { قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة } بالبعث بعد الموت { وإذا ذكر الذين من دونه } من دون اللّه اللات والعزى ومناة { إذا هم يستبشرون } بذكر آلهتهم ٤٦{ قل اللّهم } قل يا اللّه أم بنا أى أقصد بنا إلى الخير { فاطر السماوات والأرض } يا خالق السموات والأرض { عالم الغيب } يا عالم الغيب ما غاب عن العباد { والشهادة } ما علمه العباد { أنت تحكم بين عبادك } تقضى بين عبادك يوم القيامة { فيما كانوا فيه } فى الدين { يختلفون } يخالفون ٤٧{ ولو أن للذين ظلموا } أشركوا { ما في الأرض جميعا ومثله معه } ضعفه معه { لافتدوا به } لفادوا به أنفسهم { من سوء العذاب } من شدة العذاب { يوم القيامة وبدا لهم } ظهر لهم { من اللّه } من عذاب اللّه { ما لم يكونوا يحتسبون } يظنون ٤٨{ وبدا لهم } ظهر لهم { سيئات ما كسبوا } أقبح أعمالهم { وحاق بهم } نزل بهم عذاب { ما كانوا به يستهزؤون } يهزءون بالأنبياء والكتب ويقال عذاب ما كانوا يستهزءون به ٤٩{ فإذا مس } أصاب { الإنسان } الكافر { ضر } شدة { دعانا } لكشف الشدة { ثم إذا خولناه } بدلناه { نعمة منا قال إنما أوتيته } أعطيت هذا المال الذى أعطيت { على علم } صلاح وخير علمه اللّه منى { بل هي فتنة } بلية ومكر منالهم { ولكن أكثرهم } كلهم { لا يعلمون } ذلك ٥٠{ قد قالها } يعنى هذه المقالة { الذين من قبلهم } من قبل قومك يا محمد مثل قارون وغيره { فما أغنى عنهم } ما نفع لهم من عذاب اللّه { ما كانوا يكسبون } يقولون ويعملون ويعبدون من دون اللّه ولا ما كانوا يجمعون من المال ٥١{ فأصابهم سيئات ما كسبوا } عذاب ما قالوا وعملوا وجمعوا فى الدنيا من المال { والذين ظلموا } أشركوا { من هؤلاء } من كفار مكة { سيصيبهم سيئات ما كسبوا } أى عقوبات ما عملوا مثل ما أصاب الذين من قبلهم { وما هم بمعجزين } بفائتين من عذاب اللّه ٥٢{ أولم يعلموا } كفار مكة { أن اللّه يبسط الرزق لمن يشاء } يوسع المال على من يشاء وهو مكر منه { ويقدر } يقتر على من يشاء وهو نظر منه { إن في ذلك } فى البسط والتقتير { لآيات } لعلامات وعبرا { لقوم يؤمنون } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن ٥٣{ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } بالكفر والشرك والزنا والقتل { لا تقنطوا من رحمة اللّه } لا تيأسوا من مغفرة اللّه { إن اللّه يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور } لمن تاب من الكفر وآمن باللّه { الرحيم } لمن مات على التوبة ٥٤{ وأنيبوا إلى ربكم } أقبلوا إلى ربكم بالتوبة من الكفر { وأسلموا له } آمنوا باللّه وأطيعوا اللّه { من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون } لا تمنعون من عذاب اللّه نزلت هذه الآية فى وحشى وأصحابه ٥٥ثم قال { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم } يعنى القرآن أحلوا حلاله وحرموا حرامه واعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه { من قبل أن يأتيكم العذاب بغتة } فجأة { وأنتم لا تشعرون } لا تعلمون نزوله ٥٦{ أن تقول نفس } لكى لا تقول نفس { يا حسرتى } يا ندامتا { على ما فرطت في جنب اللّه } تركت من طاعة اللّه { وإن كنت لمن الساخرين } وقد كنت من المستهزئين بالكتاب والرسول ٥٧{ أو تقول } ولكى لا تقول { لو أن اللّه هداني } بين لى الإيمان { لكنت من المتقين } من الموحدين ٥٨{ أو تقول } ولكى لا تقول { حين ترى العذاب لو أن لي كرة } رجعة إلى دار الدنيا { فأكون من المحسنين } من الموحدين فيقول اللّه لهم ٥٩{ بلى قد جاءتك آياتي } كتابى ورسولى { فكذبت بها } بالكتاب والرسول { واستكبرت } عن الإيمان { وكنت من الكافرين } مع الكافرين على دينهم ٦٠{ ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على اللّه } فى عزير وعيسى والملائكة حين قالوا الملائكة بنات اللّه وعزير وعيسى ولدا للّه { وجوههم مسودة } وأعينهم مزرقة { أليس في جهنم مثوى للمتكبرين } منزل للكافرين ٦١{ وينجي اللّه الذين اتقوا } آمنوا وأطاعوا ربهم { بمفازتهم } بإيمانهم وإحسانهم { لا يمسهم السوء } لا يصيبهم الشدة والعذاب { ولا هم يحزنون } إذا حزن غيرهم ٦٢{ اللّه خالق كل شيء } بائن منه { وهو على كل شيء وكيل } على قوت كل شىء كفيل ويقال على كل شىء من أعمالهم شهيد وكيل ٦٣{ له مقاليد السماوات والأرض } خزائن السموات المطر والأرض النبات { والذين كفروا بآيات اللّه } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن { أولئك هم الخاسرون } فى الآخرة المغبونون بالعقوبة ٦٤{ قل } يا محمد لأهل مكة حين قالوا له ارجع إلى دين آبائك { أفغير } دين { اللّه تأمروني أعبد أيها الجاهلون } الكافرون ٦٥{ ولقد أوحي إليك } فى القرآن { وإلى الذين من قبلك } من الرسل { لئن أشركت ليحبطن عملك } فى الشرك { ولتكونن من الخاسرين } من المغبونين بالعقوبة ٦٦{ بل اللّه فاعبد } وحد { وكن من الشاكرين } بما أنعم اللّه عليك من النبوة والكتاب والإسلام ٦٧{ وما قدروا اللّه حق قدره } ما عظموا اللّه حق عظمته حين قالوا يد اللّه مغلولة وحين قالوا إن اللّه فقير محتاج يطلب منا القرض وهذه مقالة مالك بن الصيف اليهودى خذله اللّه { والأرض جميعا قبضته } فى قبضته { يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه } بقدرته يوم القيامة وكلتا يدى اللّه يمين { سبحانه } نزه نفسه عن مقالة اليهود { وتعالى } تبرأ وارتفع { عما يشركون } به من الأوثان ٦٨{ ونفخ في الصور } وهى نفخة الموت { فصعق } فمات { من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء اللّه } من فى الجنة والنار ويقال جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت فانهم لا يموتون فى النفخة الأولى ولكن يموتون بعد ذلك { ثم نفخ فيه أخرى } وهى نفخة البعث وبينهما أربعون سنة تمطر السماء بعدها كنطف الرجال { فإذا هم قيام } من القبور { ينظرون } ما يقال لهم ٦٩{ وأشرقت الأرض } أضاءت الأرض { بنور ربها } بضوء نور ربها ويقال بعدل ربها { ووضع الكتاب } فى الأيمان والشمائل وهو ديوان الحفظة { وجيء بالنبيين } الذين ليسوا بمرسلين { والشهداء } يعنى المرسلين ويقال وجىء بالنبيين والمرسلين والشهداء شهداء المرسلين على قومهم { وقضي بينهم } وبين النبيين { بالحق } بالعدل { وهم لا يظلمون } لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على سيئاتهم ٧٠{ ووفيت } وفرت { كل نفس } برة أو فاجرة { ما عملت } من خير أو شر { وهو أعلم بما يفعلون } من الخير والشر ٧١{ وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا } أمما الأول فالأول { حتى إذا جاؤوها } يعنى النار { فتحت أبوابها } طرقها لهم ولم تكن قبل ذلك مفتوحة { وقال لهم خزنتها } يعنى الزبانية { ألم يأتكم } يا معشر الكفار { رسل منكم } آدميون مثلكم { يتلون } يقرؤن { عليكم آيات ربكم } بالأمر والنهى { وينذرونكم } يخوفونكم { لقاء } عذاب { يومكم هذا قالوا بلى } قد أتونا بالرسالة { ولكن حقت } وجبت { كلمة العذاب على الكافرين } قبل ذلك ٧٢{ قيل } يقول لهم الزبانية { ادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها } دائمين فى النار { فبئس مثوى المتكبرين } منزل المتعظمين عن الإيمان بالكتاب والرسول ٧٣{ وسيق الذين اتقوا } أطاعوا { ربهم إلى الجنة زمرا } فوجا فوجا { حتى إذا جاؤوها } أى الجنة { وفتحت أبوابها } وقد كانت مفتوحة قبل ذلك { وقال لهم خزنتها } خزان الجنان على باب الجنان { سلام عليكم } يسلمون عليكم بالتحية والسلام { طبتم } فزتم ونجوتم ويقال طهرتم وصلحتم { فادخلوها } يعنى الجنة { خالدين } دائمين مقيمين مقيمين فيها لا تموتون ولا تخرجون منها ٧٤{ وقالوا } بعد ذلك حين علموا كرامة اللّه { الحمد للّه } المنة للّه { الذي صدقنا وعده } أنجزنا وعده { وأورثنا الأرض } أنزلنا أرض الجنة { نتبوأ } ننزل { من الجنة حيث نشاء } نشتهى { فنعم أجر العاملين } ثواب العاملين للّه فى الدنيا ٧٥{ وترى الملائكة حافين } محدقين { من حول العرش يسبحون بحمد ربهم } بأمر ربهم { وقضي بينهم } بين النبيين والأمم { بالحق } بالعدل { وقيل } لهم بعد الفراغ من الحساب قولوا { الحمد للّه } الشكر للّه والمنة للّه { رب العالمين } سيد الجن والإنس على ما فرق بيننا وبين أعدائنا وهو منزل حم وهو العزيز العليم ومن السورة التى يذكر فيها المؤمن |
﴿ ٠ ﴾