النجم{ بسم اللّه الرحمن الرحيم } وهى كلها مكية إلا الآية التى نزلت فى عثمان وعبد اللّه ابن سعد بن أبى سرح فانها مدنية آياتها ستون وكلماتها ثلثمائة وحروفها ألف وأربعمائة وخمسة أحرف قوله جل ذكره ١{ والنجم إذا هوى } يقول أقسم اللّه بالقرآن إذا نزل به جبريل على محمد نجوما آية وآيتين وثلاثا وأربعا وكان من أوله إلى آخره عشرون سنة فلما نزلت هذه الآية سمع عتبة بن أبى لهب أن محمدا صلى اللّه عليه وسلم يقسم بنجوم القرآن فقال أبلغوا محمدا صلى اللّه عليه وسلم أنى كافر بنجوم القرآن فلما بلغوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال اللّهم سلط عليه سبعا من سباعك فسلط اللّه عليه أسدا قريبا من حران فأخرجه من بين أصحابه غير بعيد ومزقه من رأسه إلى قدمه ولم يذقه لنجاسته ولكن تركه كما كان لدعوة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال أقسم اللّه بالنجوم إذا غابت ٢{ ما ضل صاحبكم } ولهذا كان القسم ما كذب نبيكم محمد صلى اللّه عليه وسلم فيما قال لكم { وما غوى } لم يخطىء ولم يضل فى قوله ٣{ وما ينطق عن الهوى } لم يتكلم بالقرآن بهوى نفسه ٤{ إن هو } ما هو يعنى القرآن { إلا وحي } من اللّه { يوحى } إليه جبريل حتى جاء إليه وقرأه عليه ٥{ علمه } أى أعلمه جبريل { شديد القوى } وهو شديد القوة بالبدن ٦{ ذو مرة } ذو شدة ويقال ذو قوة وكانت قوته حيث أدخل يده تحت قريات لوط فقلعها من الماء الأسود ورفعها إلى السماء وقلبها فأقبلت تهوى من السماء إلى الأرض وكانت شدته حيث أخذ بعضادتى باب أنطاكية فصاح فيها صيحة فمات من فيها من الخلائق ويقال كانت شدته حيث نفح إبليس نفحة بريشة من جناحه على عقبة من أعقاب بيت المقدس فمضربه على أقصى حجر بالهند { فاستوى } جبريل فى صورته التى خلقه اللّه عليها ويقال فاستوى فى صورة خلق حسن ٧{ وهو بالأفق الأعلى } بمطلع الشمس ويقال فى السماء السابعة ٨{ ثم دنا } جبريل إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم ويقال محمد إلى ربه { فتدلى } فتقرب ٩{ فكان قاب قوسين } من قسى العرب { أو أدنى } بل أدنى بنصف قوس ١٠{ فأوحى إلى عبده } جبريل { ما أوحي } إلى عبده محمد صلى اللّه عليه وسلم ويقال فأوحى جبريل إلى عبده محمد عليه السلام ما أوحى الذي أوحى ويقال فأوحى إلى عبده محمد الذى أوحى ١١{ ما كذب الفؤاد } فؤاد محمد صلى اللّه عليه وسلم { ما أرى } الذى رأى به بقلبه ويقال رأى ربه بفؤاده ويقال ببصره وهذا جواب القسم ١٢فلما أخبرهم النبى صلى اللّه عليه وسلم كذبوه فنزل { أفتمارونه } أفتكذبونه { على ما يرى } على ما قدر أى محمد عليه السلام وإن قرأت بالألف يقول أفتجادلونه على ما قد رأى ١٣{ ولقد رآه } يعني رأى محمد صلى اللّه عليه وسلم جبريل ويقال ربه بفؤاده ويقال ببصره { نزلة أخرى } مرة أخرى غير التى أخبركم بها ١٤{ عند سدرة المنتهى } التى ينتهى إليها كل ملك مقرب ونبى مرسل ويقال ينتهى إليها علم كل ملك مقرب ونبى مرسل وعالم راسخ ١٥{ عندها } عند السدرة { جنة المأوى } تأوى إليها أرواح الشهداء ١٦{ إذ يغشى السدرة } يعلو السدرة { ما يغشى } ما يعلو فراش من ذهب ويقال نور ويقال ملائكة ١٧{ ما زاغ البصر } ما مال البصر بصر محمد صلى اللّه عليه وسلم يمينا ولا شمالا بما رأى { وما طغى } ما تجاوز عما رأى جبريل له ستمائة جناح ١٨{ لقد رأى } محمد صلى اللّه عليه وسلم { من آيات ربه الكبرى } من عجائب ربه الكبرى أى العظمى ١٩{ أفرأيتم } أفتظنون يا أهل مكة أن { اللات والعزى } الأخرى ٢٠{ ومناة الثالثة الأخرى } تنفعكم فى الآخرة بل لا تنفعكم ويقال أفتظنون أن عبادتكم اللات والعزى الأخرى ومناة الثالثة فى الدنيا تنفعكم فى الآخرة لا تنفعكم أما اللات فكانت صنما بالطائف لثقيف يعبدونها وأما العزى فكانت شجرة ببطن نخلة لغطفان يعبدونها وما مناة الثلاثة فكانت صنما بمكة لهذيل وخزاعة يعبدونها من دون اللّه ٢١{ ألكم الذكر } يا أهل مكة ترضونه لأنفسكم { وله الأنثى } وأنتم تكرهونها ولا ترضونها لأنفسكم ٢٢{ تلك إذا قسمة ضيزى } جائرة ٢٣{ إن هي } ما هى اللات والعزى ومناة الثالثة { إلا أسماء } أصنام { سميتموها أنتم وآباؤكم } الآلهة ويقال صنعتموها أنتم وآباؤكم لأنفسكم { ما أنزل اللّه بها } بعبادتكم لها وتسميتكم لها { من سلطان } من كتاب فيه حجتكم { إن يتبعون } ما يعبدون اللات والعزى ومناة الثالثة وما يسمونها الآلهة { إلا الظن } إلا بالظن بغير يقين { وما تهوى الأنفس } وبهوى الأنفس { ولقد جاءهم } يعنى أهل مكة { من ربهم الهدى } البيان فى القرآن بأن ليس للّه ولد ولا شريك ٢٤{ أم للإنسان } لأهل مكة { ما تمنى } ما يشتهون أن الملائكة والأصنام يشفعون لهم ٢٥{ فللّه الآخرة } بإعطاء الثواب والكرامة والشفاعة والأولى بإعطاء المعرفة والتوفيق ٢٦{ وكم من ملك في السماوات } ممن زعمتم أنهم بنات اللّه { لا تغني شفاعتهم شيئا } لا يشفعون لأحد { إلا من بعد أن يأذن اللّه } يأمر اللّه بالشفاعة { لمن يشاء } لمن كان أهلا لذلك من المؤمنين { ويرضى } عنهم بالتوحيد ٢٧{ إن الذين لا يؤمنون بالآخرة } بالبعث بعد الموت يعنى كفار مكة { ليسمون الملائكة تسمية الأنثى } يجعلونهم بنات اللّه ٢٨{ وما لهم به } بما يقولون { من علم } من حجة ولا بيان { إن يتبعون إلا الظن } ما يقولون إلا الظن يعنى بغير يقين يفترون { وإن الظن } وإن عبادة الظن وقول الظن { لا يغني من الحق } من عذاب اللّه { شيئا ٢٩{ فأعرض } وجهك يا محمد { عن من تولى } أعرض { عن ذكرنا } عن توحيدنا وكتابنا { ولم يرد } بعمله { إلا الحياة الدنيا } ما فى الحياة الدنيا يعنى أبا جهل وأصحابه ٣٠{ ذلك مبلغهم من العلم } هذا غاية علمهم وعقلهم ورأيهم إذ قالوا إن الملائكة والأصنام بنات اللّه وإن الآخرة لا تكون { إن ربك } يا محمد { هو أعلم بمن ضل عن سبيله } عن دينه يعنى أبا جهل وأصحابه { وهو أعلم بمن اهتدى } لدينه يعنى أبا بكر ٣١{ وللّه ما في السماوات } من الخلق { وما في الأرض } من الخلق كلهم عبيد اللّه { ليجزي الذين أساؤوا } أشركوا { بما عملوا } فى شركهم { ويجزي الذين أحسنوا } وحدوا { بالحسنى } بالتوحيد الجنة ٣٢ثم بين عملهم فى الدنيا فقال { الذين يجتنبون كبائر الإثم } يعنى الشرك باللّه والعظائم من الذنوب { والفواحش } الزنا والمعاصى { إلا اللمم } إلا النظر والغمزة واللمزة يلوم بها نفسه ويتوب عنها ويقال إلا التزويج { إن ربك واسع المغفرة } لمن تاب من الكبائر والصغائر { هو أعلم بكم } منكم من أنفسكم { إذ أنشأكم } خلقكم { من الأرض } من آدم وآدم من تراب والتراب من الأرض { وإذ أنتم أجنة } صغار { في بطون أمهاتكم } قد علم اللّه فى هذه الأحوال ما يكون منكم { فلا تزكوا أنفسكم } فلا تبرئوا أنفسكم من الذنوب { هو أعلم بمن اتقى } من المعصية وأصلح ٣٣{ أفرأيت الذي تولى } أعرض عن نفقته وصدقته على فقراء أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم ٣٤{ وأعطى قليلا } يسيرا فى اللّه { وأكدى } قطع نفقته وصدقته فى سبيل اللّه ٣٥{ أعنده علم الغيب } اللوح المحفوظ { فهو يرى } صنيعه فيه إنه كما صنع نزلت هذه الآية فى عثمان بن عفان وكان كثير النفقة والصدقة على أصحاب النبى صلى اللّه عليه وسلم فلقيه عبد اللّه بن سعد بن أبى سرح فقال له أراك تنفق على هؤلاء مالا كثيرا فأخاف أن تبقى بلا شىء فقال له عثمان لى خطايا وذنوب كثيرة أريد تكفيرها ورضا الرب فقال له عبد اللّه أعطنى زمام ناقتك وأحمل عنك ما يكون عليك من الذنوب والخطايا فى الدنيا والآخرة فأعطاه زمام ناقته واقتصر عن نفقته وصدقته فنزلت فيه هذه الآية ٣٦{ أم لم ينبأ } يخبر فى القرآن { بما في صحف موسى ٣٧{ وإبراهيم } فى التوراة وصحف إبراهيم يقول { الذي وفى } يعنى إبراهيم الذى بلغ رسالات ربه وعمل بما أمر به ويقال وفى رؤياه ٣٨{ ألا تزر وازرة وزر أخرى } يقول لا تحمل حاملة حمل أخرى ما عليها من الذنب ويقال لا تعذب نفس بذنب نفس أخرى ٣٩{ وأن ليس للإنسان } يوم القيامة { إلا ما سعى } إلا ما عمل من الخير والشر فى الدنيا ٤٠{ وأن سعيه } عمله { سوف يرى } فى ديوانه وميزانه ٤١{ ثم يجزاه الجزاء الأوفى } الأوفر بالحسن حسنا وبالسيىء سيئا ٤٢{ وأن إلى ربك المنتهى } مرجع الخلائق بعد الموت ومصيرهم فى الآخرة ٤٣{ وأنه هو أضحك } أهل الجنة بما يسرهم من الكرامة { وأبكى } أهل النار بما يحزنهم من الهوان ٤٤{ وأنه هو أمات } فى الدنيا { وأحيا } للبعث ويقال أمات الآباء وأحيا الآبناء ٤٥{ وأنه خلق الزوجين } الصنفين { الذكر والأنثى ٤٦{ من نطفة إذا تمنى } تهراق فى رحم المرأة ويقال تخلق ٤٧{ وأن عليه النشأة الأخرى } الخلق الآخر بالبعث ٤٨{ وأنه هو أغنى } نفسه عن خلقه { وأقنى } أفقر خلقه إلى نفسه ويقال إنه هو أغنى أرضى خلقه وأقنى أقنع ويقال إنه أغنى بالمال وأقنى أرضى بما أعطى ويقال أنه أغنى بالذهب والفضة وأقنى أقنع بالإبل والبقر والغنم ٤٩{ وأنه هو رب الشعرى } الكوكب الفتى يتبع الجوزاء كان يعبده خزاعة ٥٠{ وأنه أهلك عادا الأولى } قوم هود ٥١{ وثمود } قوم صالح { فما أبقى } فلم يترك منهم أحدا ٥٢{ وقوم نوح } وأهلك قوم نوح { من قبل } من قبل قوم صالح { إنهم } يعنى قوم نوح { كانوا هم أظلم } أشد فى كفرهم { وأطغى } أشد فى طغيانهم ومعصيتهم ٥٣{ والمؤتفكة أهوى } وأهلك قريات لوط سدوم وصادوم وعمورا وصوائم والمؤتفكات المنخنفات وأئتفكها خسفها أهوى هوت من السماء إلى الأرض ٥٤{ فغشاها ما غشى } يعنى الحجارة ٥٥{ فبأي آلاء ربك } فبأى نعماء ربك أيها الإنسان غير محمد صلى اللّه عليه وسلم { تتمارى } تتجاحد أنها ليست من اللّه ٥٦{ هذا نذير } يعنى محمدا صلى اللّه عليه وسلم رسول مخوف { من النذر الأولى } كالرسل الأولى الذين أرسلناهم إلى قومهم ويقال هذا نذير من النذر رسول من الرسل الأولى الذين هم مكتوبون فى اللوح المحفوظ أن أرسلهم إلى قومهم ٥٧{ أزفت الآزفة } دنا قيام الساعة ٥٨{ ليس لها } لقيامها { من دون اللّه } غير اللّه { كاشفة } مبين يبين قيامها ووقتها ٥٩{ أفمن هذا الحديث } يقول أمن هذا القرآن الذى يقرأ عليكم محمد صلى اللّه عليه وسلم يا أهل مكة { تعجبون } تسخرون ويقال تكذبون ٦٠{ وتضحكون } تهزءون ويقال تسخرون { ولا تبكون } مما فيه من الزجر والوعيد والتخويف ٦١{ وأنتم سامدون } لا هون عنه لا تؤمنون به ٦٢{ فاسجدوا للّه } فاخضعوا للّه وبالتوحيد والتوبة { واعبدوا } وحدوا اللّه للّه فقد اقتربت الساعة ومن السورة التى يذكر فيها القمر |
﴿ ٠ ﴾