الحشر

{ بسم اللّه الرحمن الرحيم }

وهى كلها مكية أو مدنية آياتها أربع وعشرون وكلماتها سبعمائة وخمس وأربعون وحروفها ألف وسبعمائة واثنا عشر حرفا قوله تعالى

١

{ سبح للّه } يقول صلى اللّه ويقول ذكر اللّه

{ ما في السماوات } من الخلق

{ وما في الأرض } من الخلق

{ وهو العزيز } فى ملكه وسلطانه

{ الحكيم } فى أمره وقضائه أمر أن لا يعبد غيره

٢

{ هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب } يعنى بنى النضير

{ من ديارهم } من منازلهم وحصونهم

{ لأول الحشر } لأنهم أول من حشر وأخرج من المدينة إلى الشام إلى أريحاء وأذرعات بعد ما نقضوا عهودهم مع النبى صلى اللّه عليه وسلم بعد وقعة أحد

{ ما ظننتم } ما رجوتم يا معشر المؤمنين

{ أن يخرجوا } يعنى بنى النضير من المدينة إلى الشام

{ وظنوا } يعنى بني النضير

{ أنهم مانعتهم حصونهم } أن حصونهم تمنعهم

{ من اللّه } من عذاب اللّه

{ فآتاهم اللّه } عذبهم اللّه وأخزاهم وأذلهم بقتل كعب بن الأشرف

{ من حيث لم يحتسبوا } لم يظنوا أو لم يخافوا أن ينزل بهم ما نزل بهم من قتل كعب بن الأشرف

{ وقذف } جعل

{ في قلوبهم الرعب } الخوف من محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه وكانوا لا يخافون قبل ذلك

{ يخربون بيوتهم } يهدمون بعض بيوتهم

{ بأيديهم } ويرمون بها إلى المؤمنين

{ وأيدي المؤمنين } ويتركون بعض بيوتهم على المؤمنين حتى هدموا ورموا بها إليهم

{ فاعتبروا يا أولي الأبصار } فى الدين ويقال بالبصر بما فعل اللّه بهم من الاجلاء

٣

{ ولولا أن كتب اللّه } قضى اللّه

{ عليهم } على بنى النضير

{ الجلاء } الخروج من المدينة إلى الشام

{ لعذبهم في الدنيا } بالقتل

{ ولهم في الآخرة عذاب النار } أشد من القتل

٤

{ ذلك } الجلاء والعذاب

{ بأنهم شاقوا اللّه } خالفوا اللّه

{ ورسوله } فى الدين

{ ومن يشاق اللّه } يخالف اللّه فى الدين ويعاده

{ فإن اللّه شديد العقاب } له فى الدنيا والآخرة

٥

وأمر النبى صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه بقطع نخيلهم بعد ما حاصرهم غير العجوة فانه لم يأمرهم بقطعها فلامهم بذلك بنو النضير فقال اللّه

{ ما قطعتم من لينة } غير العجوة

{ أو تركتموها قائمة على أصولها } فلم تقطعوها يعنى العجوة

{ فبإذن اللّه } فبأمر اللّه القطع والترك

{ وليخزي الفاسقين } لكى يذل الكافرين يعنى يهود بنى النضير بما قطعتم من نخيلهم

٦

{ وما أفاء اللّه على رسوله } ما فتح اللّه لرسوله

{ منهم } من بنى النضير فهو لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خاصة دونكم

{ فما أوجفتم عليه } فما أجريتم إليه

{ من خيل ولا ركاب } إبل ولكن مشيتم إليه مشيا لأنه كان قريبا إلى المدينة

{ ولكن اللّه يسلط رسله } يعنى محمدا صلى اللّه عليه وسلم

{ على من يشاء } يعنى بنى النضير

{ واللّه على كل شيء } من النصرة والغنيمة

{ قدير 

٧

{ ما أفاء اللّه على رسوله } ما فتح اللّه لرسوله

{ من أهل القرى } قرى عرينة وقريظة والنضير وفدك وخيبر

{ فللّه } خاصة دونكم

{ وللرسول } وأمر الرسول فيها جائز فجعل النبى صلى اللّه عليه وسلم فدك وخيبر وقفا للّه على المساكين فكان فى يده فى حياته وكان فى يد أبى بكر بعد موت النبى صلى اللّه عليه وسلم وكذلك كان فى يد عمر وعثمان وعلى بن أبى طالب على ما كان فى يد النبى صلى اللّه عليه وسلم وهكذا اليوم وقسم النبى صلى اللّه عليه وسلم غنيمة قريظة والنضير على فقراء المهاجرين أعطاهم على قدر احتياجهم وعيالهم

{ ولذي القربى } وأعطى بعضه لفقراء بنى عبد المطلب

{ واليتامى } وأعطى بعضه لليتامى غير يتامى بنى عبد المطلب

{ والمساكين } وأعطى بعضه للمساكين غير مساكين بنى عبد المطلب

{ وابن السبيل } الضيف النازل ومار الطريق

{ كي لا يكون دولة } قسمة

{ بين الأغنياء منكم } بين الأقوياء منكم

{ وما آتاكم الرسول } من الغنيمة

{ فخذوه } فاقبلوه ويقال ما أمركم الرسولفاعملوا به

{ وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا اللّه } اخشوا اللّه فيما أمركم

{ أن اللّه شديد العقاب } إذا عاقب وذلك لأنهم قالوا للنبى صلى اللّه عليه وسلم خذ نصيبك من الغنيمة ودعنا وإياها فقال اللّه لهم هذه الغنائم يعنى سبعة من الحيطان من بنى النضير

٨

{ للفقراء المهاجرين } لأنهم

{ الذين أخرجوا من ديارهم } مكة

{ وأموالهم } أخرجهم أهل مكة وكانوا نحو مائة رجل

{ يبتغون فضلا } يطلبون ثوابا

{ من اللّه ورضوانا } مرضاة ربهم بالجهاد

{ وينصرون اللّه ورسوله } بالجهاد

{ أولئك هم الصادقون } المصدقون بإيمانهم وجهادهم

٩

فقال النبى صلى اللّه عليه وسلم للأنصار هذه الغنائم والحيطان للفقراء المهاجرين خاصة دونكم إن شئتم قسمتم أموالكم ودياركم للمهاجرين وأقسم لكم من الغنائم وإن شئتم لكم أموالكم ودياركم وأقسم الغنيمة بين فقراء المهاجرين فقالوا يا رسول اللّه نقسمهم أموالنا ومنازلنا ونؤثرهم على أنفسنا بالغنيمة فأثنى اللّه عليهم فقال

{ والذين تبوؤوا الدار } وطنوا دار الهجرة للنبى صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه

{ والإيمان من قبلهم } وكانوا مؤمنين من قبل مجىء المهاجرين اليهم

{ يحبون من هاجر إليهم } إلى المدينة من أصحاب النبى صلى اللّه عليه وسلم

{ ولا يجدون في صدورهم } فى قلوبهم

{ حاجة } حسدا ويقال حزازة

{ مما أوتوا } مما أعطوا من الغنائم دونهم

{ ويؤثرون على أنفسهم } بأموالهم ومنازلهم

{ ولو كان بهم خصاصة } فقر وحاجة

{ ومن يوق شح نفسه } من دفع عنه بخل نفسه

{ فأولئك هم المفلحون } الناجون من السخط والعذاب

١٠

{ والذين جاؤوا من بعدهم } من بعد المهاجرين الأولين

{ يقولون ربنا اغفر لنا } ذنوبنا

{ ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } والهجرة

{ ولا تجعل في قلوبنا غلا } بغضا وحسدا

{ للذين آمنوا } من المهاجرين

{ ربنا إنك رؤوف رحيم } خافوا على أنفسهم أن يقع فى قلوبهم الحسد لقبل ما أعطى النبى صلى اللّه عليه وسلم المهاجرين الأولين دونهم فدعوا بهذه الدعوات

١١

{ ألم تر } ألم تنظر يا محمد

{ إلى الذين نافقوا } فى دينهم وهم قوم من الأوس تكلموا بالإيمان علانية وأسروا النفاق

{ يقولون لإخوانهم } فى السر

{ الذين كفروا من أهل الكتاب } يعنى بنى قريظة قالوا لهم بعد ما حاصرهم النبى صلى اللّه عليه وسلم اثبتوا فى حصونكم على دينكم

{ لئن أخرجتم } من المدينة كما أخرج بنو النضير

{ لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا } لا نعين عليكم أحدا من أهل المدينة

{ وإن قوتلتم } وإن قاتلكم محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه

{ لننصرنكم } عليهم

{ واللّه يشهد } يعلم

{ إنهم } يعنى المنافقين

{ لكاذبون } فى مقالتهم

١٢

{ لئن أخرجوا } من المدينة يعنى بنى قريظة

{ لا يخرجون معهم } المنافقون

{ ولئن قوتلوا } قاتلهم محمد صلى اللّه عليه وسلم

{ لا ينصرونهم } على محمد صلى اللّه عليه وسلم

{ ولئن نصروهم } على محمد صلى اللّه عليه وسلم

{ ليولن الأدبار } منهزمين

{ ثم لا ينصرون } لا يمنعون مما نزل بهم

١٣

ثم قال للمؤمنين

{ لأنتم أشد رهبة في صدورهم من اللّه } يقول خوف المنافقين واليهود من سيف محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه أشد من خوفهم من اللّه

{ ذلك } الخوف

{ بأنهم قوم لا يفقهون } أمر اللّه وتوحيد اللّه

١٤

{ لا يقاتلونكم } يعنى بنى قريظة والنضير

{ جميعا إلا في قرى محصنة } فى مدائن وقصور حصينة

{ أو من وراء جدر } أو بينكم وبينهم حائط

{ بأسهم بينهم شديد } يقول قتالهم فيما بينهم شديد إذا قاتلوا قومهم لا مع محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه

{ تحسبهم } يا محمد يعنى المنافقين واليهود من بنى قريظة والنضير

{ جميعا } على أمر واحد

{ وقلوبهم شتى } مختلفة

{ ذلك } الخلاف والخيانة

{ بأنهم قوم لا يعقلون } أمر اللّه وتوحيده

١٥

{ كمثل الذين من قبلهم } يقول مثل بنى قريظة فى نقض العهد والعقوبة كمثل الذين من قبلهم من قبل بنى قريظة

{ قريبا } بسنتين

{ ذاقوا وبال أمرهم } عقوبة أمرهم بنقض العهد وهم بنو النضير

{ ولهم عذاب أليم } وجيع فى الآخرة

١٦

{ كمثل الشيطان } يقول مثل المنافقين مع بنى قريظة حيث خذلوهم كمثل الشيطان مع الراهب

{ إذ قال للإنسان } الراهب برصيصا

{ أكفر } باللّه

{ فلما كفر } باللّه خذله

{ قال إني بريء منك } ومن دينك

{ إني أخاف اللّه رب العالمين 

١٧

{ فكان عاقبتهما } عاقبة الشيطان والراهب

{ أنهما في النار خالدين فيها } مقيمين فى النار

{ وذلك } الخلود فى النار

{ جزاء الظالمين } عقوبة الكافرين

١٨

{ يا أيها الذين آمنوا } بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقرآن

{ اتقوا اللّه } خشوا اللّه

{ ولتنظر نفس } كل نفس برة أو فاجرة

{ ما قدمت لغد } ما عملت ليوم القيامة فانما تجد يوم القيامة ما عملت فى الدنيا إن كان خيرا فخير وإن كان شرا فشر

{ واتقوا اللّه } اخشوا اللّه فيما تعملون

{ إن اللّه خبير بما تعملون } من الخير والشر

١٩

{ ولا تكونوا } يا معشر المؤمنين فى المعصية

{ كالذين نسوا اللّه } تركوا طاعة اللّه فى السر وهم المنافقون ويقال تركوا طاعة اللّه فى السر والعلانية وهم اليهود

{ فأنساهم أنفسهم } فخذلهم اللّه حتى تركوا طاعة اللّه

{ أولئك هم الفاسقون } الكافرون باللّه فى السر بعنى المنافقين وإن فسرت على اليهود يقال هم الكافرون باللّه فى السر والعلانية

٢٠

{ لا يستوي } فى الطاعة والثواب

{ أصحاب النار } أهل النار

{ وأصحاب الجنة } أهل الجنة

{ أصحاب الجنة هم الفائزون } فازوا بالجنة ونجوا من النار

٢١

{ لو أنزلنا هذا القرآن } الذى يقرؤه عليكم محمد صلى اللّه عليه وسلم

{ على جبل } أصم رأسه فى السماء وعرقه فى الأرض السابعة السفلى

{ لرأيته } ذلك الجبل بقوته

{ خاشعا } خاضعا مستكينا مما فى القرآن من الوعد والوعيد

{ متصدعا } متكسرا متفشخا متشققا

{ من خشية اللّه } من خوف اللّه

{ وتلك } هذه

{ الأمثال نضربها } نبينها

{ للناس } فى القرآن

{ لعلهم يتفكرون } لكى يتفكروا فى أمثال القرآن

٢٢

{ هو اللّه الذي لا إله إلا هو عالم الغيب } ما غاب عن العباد وما يكون

{ والشهادة } ما علمه العباد وما كان

{ هو الرحمن } العاطف على العباد البر والفاجر بالرزق لهم

{ الرحيم } خاصة على المؤمنين بالمغفرة ودخول الجنة

٢٣

{ هو اللّه الذي لا إله إلا هو الملك } الدائم الذى لا يزول ملكه

{ القدوس } الطاهر بلا ولد ولا شريك

{ السلام } سلم خلقه من زيادة عذابه على ما يجب عليهم بفعلهم

{ المؤمن } يقول أمن خلقه من ظلم نفسه ويقال السلام سلم أولياءه من عذابه المؤمن يقول هو آمن على أعمال العباد وآمن على مقدوره أى مقدور اللّه فى خلقه

{ المهيمن } الشهيد

{ العزيز } بالنقمة لمن لا يؤمن

{ الجبار } الغالب على عباده

{ المتكبر } على أعدائه يقال المتبرىء عما تخيلوه

{ سبحان اللّه } نزه نفسه

{ عما يشركون } به من الأوثان

٢٤

{ هو اللّه الخالق } للنطف فى أصلاب الآباء

{ البارئ } المحول من حال إلى حال

{ المصور } ما فى الأرحام ذكرا أو أنثى شقيا أو سعيدا ويقال البارىء الجاعل الروح فى النسمة

{ له الأسماء الحسنى } الصفات العلى العلم والقدرة والسمع والبصر وغير ذلك فادعوه بها

{ يسبح له } يصلى له ويقال يذكره

{ ما في السماوات } من الخلق

{ والأرض } من كل شىء حى

{ وهو العزيز } المنيع بالنقمة لمن لا يؤمن به

{ الحكيم } فى أمره وقضائه أمر أن لا يعبد غيره 

ومن السورة التى يذكر فيها الممتحنة 

﴿ ٠