٥

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ } [ ٥ ] أي نخضع ونذلّ ونعترف بربويتك ونوحّدك ونخدمك ، ومنه اشتق اسم العبد .

{ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ } [ ٥ ] أي على ما كلفتنا بما هو لك ، وإليك المشيئة والإرادة فيه ، والعلم والإخلاص لك ، ولن نقدر على ذلك إلاَّ بالمعونة والتسديد لنا منك ، إذ لا حول لنا ولا قوة إلاَّ من عندك . فقيل له : أليس قد هدانا اللّه إلى الصراط المستقيم؟ قال : بلى ، ولكن طلب الزيادة منه كما قال : { وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } [ ق : ٣٥ ] فكان معنى قوله : ( اهدنا ) : أمددنا منك بالمعونة والتمكين . وقال مرة أخرى ( اهدنا ) معناه أرشدنا إلى دين الإسلام الذي هو الطريق إليك بمعونة منك ، وهي البصيرة ، فإنها لا نهتدي إلاَّ بك ، كما قال : { عسى ربي أَن يَهْدِيَنِي سَوَآءَ السبيل } [ القصص : ٢٢ ] أي يرشدني قصد الطريق إليه .

قال : وسمعت سهلاً يحكي عن محمد بن سوار عن سفيان عن سالم عن أبي الجعد عن ثوبان قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( يقول اللّه عزَّ وجلَّ : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، فنصفها لي ونصفها لعبدي ، ولعبدي ما سأل . قال : فإذا قال العبد : { الحمد للّه رَبِّ العالمين } قال تعالى : حمدني عبدي ، فإذا قال : { الرحمن الرحيم } قال اللّه تعالى : أثنى عَليّ عبدي ، وإذا قال : { مالك يَوْمِ الدين } يقول اللّه : فهذه الآيات لي ولعبدي بعدها ما سأل ، وإذا قال : { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين اهدنا الصراط المستقيم } إلى آخره يقول اللّه عزَّ وجلَّ : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) .

قال سهل : معنى قوله : ( مجدني عبدي ) أي وصفني بكثرة الإحسان والإنعام ، وقال سهل : وروي عن مجاهد أنه قال : آمين اسم من أسماء اللّه تعالى ، وقال ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما : ما حسدتكم النصارى على شيء كما حسدتكم على قولكم آمين .

وحكى محمد بن سوار عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبداللّه رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( استقيموا ولن تحصوا ، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة ، ولا يحافظ على الوضوء إلاَّ مؤمن ، فإذا قال الإمام : ولا الضالين ، فقولوا : آمين ، فإن اللّه يرضى على قائلها ، ويقبل صلاته ، ويجيب دعاءه )

وحكى الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ( إذا قال الإمام : ) ولا الضالين ( قولوا : آمين ، فإن الملائكة يقولون آمين ، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه ) .

﴿ ٥