١٩٧ قوله : { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزاد التقوى } [ ١٩٧ ] قال : هو الرفيق إلى ذكر اللّه تعالى خوفاً ، إذ لا زاد للمحب سوى محبوبه ، وللعارف سوى معروفه . وقال في قوله : { مَنِ استطاع إِلَيْهِ سَبِيلاً } [ آل عمران : ٩٧ ] قال : الزاد والراحلة ، ثم قال : أتدرون ما الزاد والراحلة؟ فقالوا : لا . فقال : الزاد الذكر ، والراحلة الصبر . قال : وقد صحبه رجل في طريق مكة فلم يجد يومين شيئاً فقال : يا أستاذ أحتاج إلى قوت . فقال : القوت هو اللّه . فقال : لا بد من قوت يقوم به الجسد . فقال : الأجساد كلها باللّه عزَّ وجلَّ وأنشد : [ من البسيط ] يا حِبُّ زِدْنِي سَقَاكَ الشَّوْقُ من دِيَمٍ ... يَزِيدُنِي صَوْبُها الأحزانَ والكربا ودامَ لي لوعةٌ في القَلْبِ تَحْرِقُنِي ... إِنِّي متى أَزدادُ حُبّاً زادني طربا ثم قال : الدنيا هي التي قطعت المنقطعين إلى اللّه عن اللّه عزَّ وجلَّ . وقال : عيش الملائكة في الطاعة ، وعيش الأنبياء بالعلم وانتظار الفرج ، وعيش الصديقين بالاقتداء ، وعيش سائر الناس [ عالماً كان أو جاهلاً ، زاهداً كان أو عابداً ] في الأكل والشرب . قوله : { واتقون ياأولي الألباب } [ ١٩٧ ] أي يا أهل الفهم عني بالعقول السليمة . وقال : إن اللّه تعالى أمرهم أن يتقوه على مقدار طاقات عقولهم بما خصهم به من نور الهداية بذاته ، والقبول منه ، وإفرادهم بالمعنى الذي ركبه فيهم ، وعلمه بهم قبل خلقهم ، فذكرهم تلك النعمة عليهم ، ودعاهم بتلك النعمة التي سبقت لهم إلى الاعتراف بنعمة ثانية بعد الموهبة الأزلية ، وهي حقيقة المعرفة ، وقبول العلم بالعمل خالصاً له . قيل : فما معنى التقوى وحقيقته؟ قال : الحقيقة للّه عزَّ وجلَّ أن تعاجل لدى العمل القليل بالموت ، وكذا الخطايا بالعقوبة ، فيعرف ذلك فيتقيه ، فلا يتكل على شيء سواه . قيل له : قد اختلفت أسباب تقوى الخلق؟ قال : نعم ، كما اختلف أفعالهم . قال أبو بكر : فقلت : لقد ثبت في القرآن أن تقوى كل امرئ على حسب طاقته . فقال : نعم ، قد قال اللّه تعالى : { فاتقوا اللّه مَا استطعتم واسمعوا وَأَطِيعُوا } [ التغابن : ١٦ ] فردهم إلى ما في طاقتهم . فقلت له : لقد قال اللّه تعالى : { اتقوا اللّه حَقَّ تُقَاتِهِ } [ آل عمران : ١٠٢ ] قال سهل : أما أصحابنا فيقولون إن هذا الخطاب لقوم مخصوصين بأعيانهم ، لأنهم طولبوا بما لم يطالب به الأنبياء عليهم السلام ، وكما قال إبراهيم ويعقوب لأولادهما . |
﴿ ١٩٧ ﴾