٢٧٣ وسئل عن قوله : { لِلْفُقَرَآءِ الذين أُحصِرُوا فِي سَبِيلِ اللّه } [ ٢٧٣ ] وعن الفرق بينهم وبين المساكين . فقال : اللّه تعالى وصف الفقير بصفة العدم من حال سؤال الافتقار واللجأ إليه ، ووصفهم بالرضا والقنوع ، فقال تعالى : { لاَ يَسْأَلُونَ الناس إِلْحَافاً } [ ٢٧٣ ] وهم أصحاب صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهم نحو من أربعين رجلاً ، ليست لهم في المدينة مساكن ولا عشائر ، فهذه أحوال أقوام مدحهم اللّه تعالى لشدة الافتقار إليه ، لا استطاعة لهم ولا قوة إلا به ومنه ، هو حولهم وقوتهم ، نزع عنهم قوة سكون قلوبهم إلى غيره ، وهو وسوسة النفس إلى شيء دون اللّه تعالى ، فهم بهذا الوصف أعلى حالاً ، فمن ردّه اللّه تعالى إلى مساكنة نفسه فقال : { لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي البحر } [ الكهف : ٧٩ ] فردهم إلى حالتهم التي قد سكنوا إليها . وأما الفقير الذي سلمه الفقر إلى اللّه تعالى إن حركته في موت نفسه فهو أحسن حالاً من الذي سكن إلى حال له لمتابعة نفسه . قال عمر بن واصل : وإذا كان الفقير إلى اللّه عزَّ وجلَّ الراضي لا يسكن إلا بالرضا والتسليم ، فقد كمل له الاسمان جميعاً الفقر والمسكنة . قال أبو بكر سمعت سهلاً يقول الفقير الفقير العاجز ، وهو الفقر بلبلبة القلب إلى اللّه عزَّ وجلَّ ، والسكون إِليه بالطاعة والمسكنة ذل ، وهي المعصية للّه . قال : وحكى الحسن عن أنس رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال لما أنزلت هذه الآية : ( صانعوا الفقراء ليوم ملكهم . فقيل : يا رسول اللّه ومتى ملكهم؟ قال : يوم القيامة ) |
﴿ ٢٧٣ ﴾